Monthly Archives: أفريل 2013

Note on the Warehouse Pool

ملاحظات على مجمع تامين المخازن من خطر الحريق والسرقة

  

عبد القادر عبدالرزاق فاضل

المدير المفوض

شركة كردستان الدولية للتأمين، بغداد

 

تأسيس المجمع والشركات المشاركة

 

تم تأسيس مجمع المشاركة / تامين المخازن وبدأ بمزواله عمله اعتبارا من 1/1/2011.  ويخص تامين المخازن المعزولة نظرا لوجود استثناء صريح ومُعّرف في اتفاقيه الحريق والحوادث العامة لسنه 2011.  كانت الطاقة الاستيعابية للمجمع (5) مليار دينار، ارتفعت لتصبح (6) مليار دينار اعتبارا من 1/4/2013 لتلبي طلبات جمهور عريض من المؤمن لهم، ومساعدتهم في توسيع النشاط الاقتصادي، وعدم التأثير على تعطيل اي مرفق من مرافق الحياة اليومية.

 

عدد الشركات المشاركة في المجمع بلغ (25) خمسه وعشرون شركه.  بلغت نسبه مشاركة الشركات الحكومية الثلاث 34.58% والباقي 65.42% موزع على الشركات الأهلية المحلية.

 

جدول بالأقساط والتعويضات 2011-2012

 

السنه      الاقساط / دينار           التعويضات       نسبه الخسارة

2011    1.565.560.936     1.405.594.693     89.78%

2012    1.364.000.000    505.969.335        37.09%

2013    تظهر في نهاية العام.

 

من اهم الخسائر المتحققة في مجمع المخازن المحلي الاول حادث حريق بتاريخ 28/8/2011 شامل لوثيقتين صادرتين من شركه التامين الوطنية وتغطيان مخزنين، الاول للأثاث المنزلي والثاني للأجهزة الكهربائية.  وكانت نسبه الاضرار في المخزن الاول 97.5% من مبلغ التامين البالغ (1) مليار دينار والثاني بنسبه 83.8% من مبلغ التامين البالغ (500) مليون دينار.

 

من الجدول اعلاه يلاحظ ان نسبه الخسارة لعام 2011 كانت مرتفعة جدا قياسا بعام 2012.

 

الاكتتاب بخطر المخازن

 

لتقييم السياسة الاكتتابية لشركات التأمين يجب أن نأخذ بعين الاعتبار بعض أحكام قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005.  فقد سمحت هذه الأحكام بإجراء المناقصات على التامين، وبذلك افرغت الاسس الفنية في الاكتتاب، وتضاربت مصالح المؤمن لهم مع المعايير الفنية في التسعير، واصبحت الاسعار التنافسية (مُحرقه) لجميع الاسس بعد ان هيمنت هذه السياسة على السوق وطالت فروع التامين كافه، وبالتالي اخذت تهوي الاسعار واحتلت المعايير الاكتتابية مكاناً ثانوياً لم يعد معها قسط التامين يعكس حجم المخاطر المتوقعة.[1]

 

وتزداد درجه الخطورة اكثر حينما نجد ان نسب الاضرار ترتفع الى النسب التي اشرنا اليها انفا كون ان غالبيه المخازن مُعرضة للاستجابة السريعة للنار، وقدرتها على الاحتفاظ بالحرارة الكامنة العالية المتولدة من التراكم العالي بسبب طبيعة خزن البضائع (التكديس الكثيف للبضائع) مما يعطي ديمومة واستمراراً لإطالة تفاعل فتره الاحتراق.

 

ان التجربة الرائدة لإنشاء مجمع المشاركة / تامين المخازن، وبتظافر الجهود الجماعية، تتوفر لها فرص النجاح شريطة الالتزام بالشروط والاسعار التي تضمنتها قسيمة التغطية التي أُعدت بمهنيه عالية.  نحن على قناعة بأن هذا المجمع يلبي في الوقت الحاضر الطلب على تأمين أخطار المخازن، وهو قابل للتطوير من خلال الالتزام بالقواعد الفنية في الاكتتاب، وتقييم التجربة بشكل دوري.  ولا نبالغ أن تأسيس المجمع يسجل لصالح سوق التامين العراقية في توفير الحماية المحلية عند غياب الحماية الاتفاقية.

 

بغداد 24 نيسان 2013

 

ملاحظات الى جمعيه التامين العراقية

 

ادناه الملاحظات التي ارسلتها الى جمعيه التامين العراقية بخصوص مجمع المشاركة / تامين المخازن

 

لقد كانت النتائج التي توصلت اليها شركات التامين الحكومية والأهلية وذلك برفع سقف تغطيه مجمع المشاركة / تامين المخازن من 5 مليار دينار ليصبح 6 مليار دينار انجازاً وُجد اصلاً لتوفير الحماية لجمهور المؤمن لهم ومساعدتهم في توسيع نشاطهم الاقتصادي.

 

ومن القاء نظره على التعويضات لعام 2011 تم تسديد ثلاث تعويضات بمبلغ 1.405.750.000 دينار منها تعويضين نسبه الضرر فيهما 97.5% و 83.8% من مبلغ التامين.  وسدد تعويضين عام 2012 بمبلغ 195.969.335 دينار.  ولا تزال لدينا ثلاث تعويضات موقوفه لعام 2012 بمبلغ 310.000.000 دينار، تعويضين يعود للتامين الوطنية وواحد للعراقية.

 

ولكن الملاحظ ان قسماً من هذه المخازن يفتقر الى الشروط والمعايير المطلوب منها:[2]

1- عدم وجود مصادر حمايه من الحريق، لا ماء ولا اجهزة اطفاء.

2- ضعف الجدران والسقوف اذ هي من الصفيح الجينكو.

3- طبيعة الخزن اذ يلاحظ التكديس الكثيف للبضائع.

 

ونحن نقترب من فصل الصيف نرجو من إدارات شركات التامين الحكومية والأهلية اخذ هذه الملاحظات بنظر الاعتبار لأهميتها في المحافظة على سلامه البضائع المؤمنة، وعدم تعريض شركات التامين الى الخسائر [التي يمكن تفاديها].  وعلى شركات التامين تقع مسؤوليه توجيه جمهور المؤمن لهم الى ضرورة توفير شروط الحماية والسلامة.

 

مع خالص الشكر والتقدير.

 

عبد القادر عبدالرزاق فاضل

المدير المفوض

شركة كردستان الدولية للتأمين


[1] ورد في (دراسة) بموجب كتاب شركه اعاده التامين العراقية، القسم الفني غير البحري، س.ك 1616 في 6/6/2012.

 [2] راجع المصدر السابق.

Compulsory Motor Insurance Law 1980 – application and claims procedure

قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات:

تعريف ببعض التطبيقات وإجراءات التعويض في حالات الوفاة والإصابات الناتجة عن حوادث السيارات

 

 

وليد جاسم القيسي

المدير المفوض لشركة الاقتصاد للتأمين العام الدولي

حقوقي ومدير أقدم لفرع التأمين الإلزامي في شركة التأمين الوطنية سابقاً

waleed.alqaissi@yaho.com

iktisadinsurance@yahoo.com

 

 

مقدمة

 

كتب زملائي مقالات عن جوانب من قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات رقم 52 لسنة 1980 ومن منطلقات معينة تستحق المتابعة،[1] واكتفي بالقول، باختصار، أن من غرائب التطور الاجتماعي في العراق في السنوات الأخيرة انتعاش إجراءات الفصل العشائري في قضايا حوادث السيارات رغم وجود قانون متقدم في مفاهيمه منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود.  ولجهل المواطنين المتعرضين لحوادث السيارات نلاحظ ان 90% من المتضررين بالحوادث يلجؤون الى الفصل العشائري وما يتبعه من مشاكل عائلية عشائرية ومشاكل في التعويض، فكل طرف يتعنت في موقفه ويستعين بتبعتيه العشائرية لتحقيق ما يرغب به من تعويض.  ويغفل هؤلاء المتضررين ان لهم حق قانوني في مطالبة شركة التأمين الوطنية بالتعويض بسبب حوادث السيارات – وهي الجهة المخولة حصرياً بموجب القانون بالنظر في مطالبات التعويض من هذه الحوادث.  فهناك صندوق تعويضات لهذه الحوادث لدى شركة التأمين الوطنية يُعزز رصيده من مبيعات المنتجات النفطية، سنوياً وعلى المواطنين المتضررين من حوادث السيارات مراجعة شركة التأمين الوطنية لغرض التعويض.  وهناك لجنة قضائية في الشركة تحسم التعويض في فترة قصيرة جداً.

هذا الجهل بالقانون ناتج عن ضعف التوعية والمتابعة رغم قِدَم هذا القانون.  لذا أهدف في هذه المقالة القصيرة إلى التعريف ببعض الجوانب التطبيقية للقانون، والمساهمة في التخفيف من الجهل لدى الكثير من المتضررين من حوادث السيارات بكيفية تقديم مطالباتهم بالتعويض.

يغطي القانون المذكور تعويض حالات الاصابات والوفاة الناجمتين عن حوادث السيارات، وتتحمل بموجبه شركة التأمين الوطنية مسؤولية السائق المسبب للحادث بغض النظر عن عبء اثبات الخطأ فالمسؤولية تقوم بقوة القانون تجاه السائق والمواطنين.

 

القسم الاول

جوهر القانون وإلزام شركة التأمين الوطنية بالتعويض

 

كان قانون التأمين الالزامي رقم 205 لسنة 1964 القديم يغطي المسؤولية المدنية للسائق المسبب للحادث على اساس المسؤولية التقصيرية او التعاقدية.  ولغرض التوضيح، في حالة حصول اصابه او وفاة احد المواطنين او الراكبين في المركبة، ولأجل الحصول على تعويض، ينبغي على المتضرر اقامة الدعوى في المحاكم وإثبات أن السائق قد ارتكب خطأ، وكذلك الإثبات بأن السيارة مؤمنه لدى شركة التأمين الوطنية.  مثل هذه الدعوى يشكل عبئاً كبيراً على المواطن للحصول على التعويض حيث ان عدداً كبيراً من السيارات كانت لا تؤمن، واجراءات المحاكم مطولة وتقتضي مصاريف، اضافه الى عبء اثبات أن السائق قد ارتكب الخطأ وانه مقصر في قيادته ومسبباً للحادث.  لهذه الأسباب كان عدد قليل جداً من المتضررين بحوادث السيارات يشملهم التعويض.

وبعد عشرين عاماً من تنفيذ هذا القانون ونتيجة حصول تطورات كبيره في القطر اصبح القانون المذكور لا يستوعب تطورات المرحلة وصار لزاماً اعادة النظر في اسسه ومحتواه ليحقق ضمانات اوسع للمواطنين.  ولذلك صدر قانون التأمين الالزامي من حوادث السيارات رقم 52 لسنة 1980 الذي اسس لقيام علاقة قانونية بدلاً من العلاقة العقدية، فأصبحت جميع السيارات مؤمنة تلقائياً في العراق دون الحاجة لإصدار وثيقة تأمين.  وتستقطع أقساط التأمين من مبيعات البنزين وزيت الغاز حسب صرفيات كل سيارة استناداً لنص المادة (1) من القانون رقم 52.

اعتمد القانون نظريه تحمل التبعة غير قابله لأثبات العكس، بمعنى انه يتم تعويض المصاب او ورثة المتوفي جراء حادث سيارة بمجرد مراجعته/هم لشركة التأمين الوطنية وابلاغ الشركة تحريرياً واملاء استمارة تعويض ضمن فترة سنة، دون اللجوء الى المحاكم، ودون الحاجة الى اثبات أن السائق قد ارتكب خطأً، وانما يتم اعتماد الاوراق التحقيقية عن الحادث التي تطلبها شركة التأمين الوطنية من مركز الشرطة المسجل به الحادث بموجب كتاب رسمي.  (وهناك مستندات ينبغي توفرها عن الاصابة ومستندات اخرى عن الوفاة سنأتي على ذكرها لاحقاً).

وهذا ما نصت عليه المادة الثانية اولاً من القانون (يُلزَم المؤمِن – شركة التأمين الوطنية – بالتعويض عن الوفاة او الإصابة البدنية التي تلحق اي شخص جراء استعمال السيارة في الاراضي العراقية بصرف النظر عن توفر ركن الخطأ).  وقد عُرّفت السيارة لأغراض تطبيق القانون كما يلي: (كل مركبه ذات محرك آلي يعمل بالوقود وقادره على السير في الطرق البريه – عدا ما تسير منها على السكك الحديد – وتكون بحجم السيارة المقطورة الملحقة بها).  ويتم التعويض الى صاحب الحق بعد اكمال المستندات واحالة الملف الى لجنة تقدير التعويض القضائية التي يرأسها قاضي بداءة من الدرجة الثانية وعضويه حقوقي من شركة التأمين الوطنية ومدير من الرعاية الاجتماعية.  ويصدر القرار بالتعويض ويسدد دفعة واحدة.  وكذلك يشمل التعويض الاضرار التي تلحق بأموال المواطن التي تسببها السيارة غير العراقية الداخلة في الاراضي العراقية ما عدا الاضرار التي يسببها صاحب الاموال عمداً فقره (3) من المادة الثانية.

 

القسم الثاني

التزامات شركة التأمين الوطنية وإجراءات التعويض

 

ان التزام شركة التأمين الوطنية بتعويض المصاب او ورثة المتوفي جراء حادث سيارة لا يقيده اي اجراء قد يتخذه سائق السيارة او مالكها مع المتضرر ما لم تستحصل موافقة شركة التأمين الوطنية مسبقاً.  وهذا ما نصت عليه المادة (6) من القانون.  وعلى هذا الاساس، تلتزم شركة التأمين الوطنية تعويض المصاب او ورثة المتوفي من الدرجة الاولى.

وكذلك لا تلتزم شركة التأمين الوطنية بالتعويض اذا تنازل المصاب صراحة عن حقة في مطالبة شركة التأمين الوطنية امام قاضي التحقيق استناداً الى المادة (9) من قانون اصول المحاكمات الجزائية وقرارات محكمة التمييز بهذا الشأن.

والقانون الجديد شمل السائق المصاب وافراد عائلته بالتعويض اذا كانت الاصابة ناتجة عن اصطدام السيارة او انقلابها عدا الفعل العمدي الا اذا كان هذا الفعل العمدي ناشئاً عن مرض عقلي افقد المصاب ارادته.  ويصرف التعويض، في هذه الحالة، بموجب حكم قضائي مكتسب درجة البتات.  وهذا ما جاءت به المادة السابعة من القانون المذكور.

ولشركة التأمين الوطنية الحق في تعليق التعويض او حبس التعويض عن السائق المصاب اذا تحققت عليه حالة من حالات الرجوع المنصوص عليها في المادة (8) التي سيرد تفصيلها لاحقاً ما لم يقدم السائق المصاب ما يلي:

1-    كفاله قانونية تقبلها المحكمة المختصة (أي اللجنة القضائية في شركة التأمين الوطنية).

2-   على شركة التأمين الوطنية اقامة دعوى الرجوع على السائق المصاب المتحققة عليه حاله الرجوع خلال (60) يوم من تاريخ اكتساب قرار اللجنة القضائية بتقدير التعويض درجة البتات.

3-   يتم صرف التعويض للسائق المصاب المذكور اذا لم تقم شركة التأمين الدعوى خلال المدة المذكورة في الفقرة (2) اعلاه واذا صدر حكم بأن شركة التأمين الوطنية غير محقة في الرجوع على السائق المصاب.

 

اما بالنسبة لإجراءات التعويض والمستندات المطلوبة فقد وضعت آليه للعمل على ضوء القرار رقم 815 لسنة 82 الذي تضمن ما يلي:

 

1-    تشكيل لجان قضائية لتقدير التعويض مقرها في شركة التأمين الوطنية، يرأسها قاضي من الدرجة الثانية وعضويه حقوقي من الشركة ومدير من الرعاية الاجتماعية.

2-   منع المحاكم العراقية من سماع الدعاوي بهذا الشأن وكذلك النظر بطلبات التعويض.

3-   الحق لكل الاطراف (شركة التأمين او المصاب او ورثة المتوفي) الطعن بقرارات هذه اللجنة القضائية تميزاً خلال (60) يوم من تاريخ قرار اللجنة.

4-  عدم تجزئة التعويض الا بعذر، اي توحيد طلبات التعويض عند تعددها.

5-   حصر التعويض الادبي في زوج المتوفي وأقاربه من الدرجة الاولى الذين اصيبوا بآلام حقيقية.

6-  حصر التعويض المادي في حالة الوفاة لمن حُرم من الاعالة وإن لم يكن وارثاً شرط ثبوت الإعالة بمستند رسمي من المجلس البلدي وشمول المعالين شرعاً زوجة المتوفي واولاده القاصرين بالتعويض المادي.

 

وهناك مستندات يجب توفرها في حالة الوفاة وهـــــــــــــي:

 

1-    ابلاغ بالحادث وملئ استمارة نموذج رقم (1).

2-   اوراق تحقيقية (مخطط بالحادث – محضر كشف – مطالعة مرفوعة للقاضي – افادات طالبي التعويض – هويات طالبي التعويض – قسام شرعي – شهادة الوفاة – حجة وصاية).

 

اما المستندات المطلوبة في حالة الاصابة وهـــــــــــي:

 

1-    ابلاغ تحريري بالحادث خلال سنة وملئ استمارة نموذج رقم (2) اوراق تحقيقية – تقرير طبي اولي – تقرير دخول وخروج من المستشفى – اكتساب الشفاء التام – درجة العجز.

وبالنسبة للمستندات الخاصة بحادث السيارة المجهولة وهي:

 

1-    تأييد رسمي يؤيد وقوع الحادث عن سيارة مجهولة.

2-   تأييد رسمي يؤيد تبليغ مركز الشرطة بالحادث خلال سبعة ايام وشركة التأمين الوطنية خلال (ثلاثين يوماً) وفي كل الاحوال لا يتجاوز السنة.

وبالنسبة للتعويضات عن حوادث سيارات وزارة الدفاع فقد توقف العمل باللجنة منذ عام 2003 والشركة بصدد متابعة تفعيلها بالتنسيق مع وزارة الدفاع.

 

القسم الثالث

الرجوع على المالك والسائق في تعويضات التأمين الإلزامي

 

حالات الرجوع على المالك والسائق في تعويضات التامين الإلزامي.  نصت المادة الثامنة من قانون التامين الإلزامي رقم 52 لسنة 1980 (يجوز للمؤمن/شركة التأمين الوطنية أن ترجع، بما قد أدته من تعويض الى المتضرر، على السائق والمالك في الحالات التالية)، أي المطالبة الودية أو القضائية بإعادة المبلغ من السائق المالك أذا توفرت أحدى هذه الحالات أدنــــاه:

 

1-    إذا أثبت أن الوفاة أو الإصابة البدنية أو أضرار الأموال التي لحقت بالغير قد نشأت عن عمل أرتكبه سائق السيارة عن عمد فيكون الرجوع عليه.

2-   إذا نشأت الوفاة أو الإصابة البدنية أو أضرار الأموال بالغير عن حادث ناشئ عن استعمال سيارة مسروقة أو مغتصبة ويكون الرجوع على السائق أو الغاصب.

3-   إذا كان سائق السيارة غير حائز على إجازة سوق لنوع السيارة أو كانت إجازته مسحوبة ويكون الرجوع الى المالك والسائق بالتضامن.

4-  إذا تبين عند وقوع الحادث أن سائق السيارة كان قد فقد أحد الشروط اللازمة لمنحه اجازة السَوق ويكون الرَجوع على المالك والسائق بالتضامن.

5-   إذا ثَبت أن سائق السيارة أرتَكبَ الحادث وهو في غير حالتهِ الطبيعية بِسبب سُكر أو تَنـــاول مُخدرات ويكون الرجوع على المالك والسائق بالتضامن.

6-  إذا ثبت عند وقوع الحادث أن السيارة دَخلت العِراق بِشكل غير مشروع ويكون الرجوع على المالك وسائِقها بالتضامن الا إذا ثَبُتَ عدم عِلم السائق فيكون الرجوع على مـــــالك السيارة.

7-   استعمال السيارة في غير الغرض المخصص في شهادة تَسجِيلها ويكون الرجوع على المالك وسائق السيارة بالتضامن.

8-  أ- قبول ركاب أو وضع حمولة على السيارة أكثر مما مقرر لها أو استعمالها في السباق أو اختبارات السرعة ويكون الرجوع على المالك أو سائق السيارة بالتضامن.

ب- قيادة السيارة وهي في حالة غير صالحة للاستعمال خِلافاً لشــروط المَتــانة والأمــان ويكون الرجوع على المالك والسائق بالتضامن.

ج- يشترط لتحقق الرجوع في الفقرتين أعلاه توفر العلاقة السببية بين المخالفة والحادث.

9-  إذا ثَبُتَ أنَ الوفاة أو الإصابة أو أَضرار الأموال قد نشأت بسبب خطأ جسيم أرتكبه سائق السيارة ويكون الرجوع على المالك والسائق بالتضامن.

 

إجراءات الرجوع تتم بمطالبتهم ودياً ومن ثم قضائياً.

 

إن ما ذكر عن ألية صرف التعويض هو لغرض رفد المواطن بالتعليمات التي من شأنها تسهيل عملية استكمال معاملته واستحصال حقوقه بأسرع وقت بالتعاون مع منتسبي فرع التأمين الإلزامي في الشركة وجهود اللجنة القضائية وإشراف المدير العام في ضرورة تقديم أفضل الخدمات للمواطنين الذين تعرّضوا الى حوادث السيارات، من دون معاناة ولا صرف أتعاب ولا نفقات.

ونأمُل السلامة للجميع، وان يتجنب السائق السرعة والالتزام بشروط الامان واستحصال اجازة السوق كي لا يسترد منه التعويض الذي سدد من قبل الشركة للمواطن والمصاب او ورثة المتوفي بحادث السيارة التي كانت بعهدة السائق المسبب للحادث.

 

بغداد، 14 نيسان 2013


[1] أنظر: فؤاد شمقار، “وقفة مع النظام رقم 9 لسنة 2011 “نظام التامين الالزامي للمركبات” الصادر عن مجلس الوزراء في إقليم كوردستان/العراق: آراء وملاحظات – مقترحات وتوصيات،” مرصد التأمين العراقي:

https://iraqinsurance.wordpress.com/2012/04/

مصباح كمال، “بدل شركات التأمين غير الموجودة هناك العشيرة،” مرصد التأمين العراقي:

The Tribe in Lieu of Insurance

مصباح كمال، “التأمين في الصحافة العراقية وتضليل الفرد العادي: حالة التأمين الإلزامي من حوادث السيارات،” مرصد التأمين العراقي:

https://iraqinsurance.wordpress.com/2013/02/

 

Badi Al-Saifi: a personal appreciation

الاستاذ بديع السيفي:

شهادة شخصية

 

 

سحر الحمداني

 

 

من منا لم ينهل من مؤلفه التأمين علماً وعملاً (1972) واستمتع بشرحه المسهب وغير الممل لمفاهيم التأمين ووثائق التأمين المختلفة.  انه، بالنسبة لي، “الكتاب المقدس” للتأمين ولابد لكل مستجد ينتمي لهذا القطاع ان يبدأ حياته التأمينية بقراءته، ويبقيه مرجعاً للاستشارة.  هذا الكتاب، وكتابه اللاحق في جزئين الوسيع في التأمين إعادة التأمين علماً وعملاً وقانوناً (2006) الذي عرفت عنه ولم أحصل بعد على نسخة منه، إضافة إلى مطبوعاته الأخرى، سيبقي الأستاذ بديع السيفي علما مرفرفا دائما في قطاع التأمين لأجيال قادمة.

 

أنا التي كنت موظفه في بداية حياتي الوظيفية (بدأت العمل في 31-12-1977) لم يكن لي تماسا مباشرا مع الادارات العليا عندما اصبح السيفي مديرا عاما لشركة التامين الوطنية، خلفاً للأستاذ عبدالباقي رضا، لعدة اشهر فقط، لكنني أتذكر محاضرته لنا في اول حياتنا الوظيفية والتي كانت عن السلوك الوظيفي والتي اختتمها بأن طلب منا ان نكون رجال ونساء تأمين مخلصين وجادين في عملنا وان يكون عملنا هو سندنا في حياتنا الوظيفية، وهو ما يعرف بالحرفية professionalism.  بقيت هذه النصيحة في ذهني المتعب لليوم بل كانت دائما تنير طريقي في الوظيفة.

 

كما لمست الجانب الإنساني في شخصيته وقربه من موظفيه بوضوح، اضافة الى الجانب الاداري.

 

صدف ان التقيت الاستاذ بديع السيفي بعد عدة سنوات وكنت حاملا بطفلي الاول فسألني عن الاسم الذي اخترته فقلت حسن او سما لأبنتي فقال انتم لا تستخدمون اللغة العربية بشكل صحيح، كيف تطلقون صيغة الفعل على اسماء ابناءكم فسما ويسمو هو فعل ولا يمكن وضعه مكان الاسم.  وفعلا صرفت النظر عن الاسم واخترت اسما اخرا، والحقيقة أن زوجي هو الذي اصر على الاسم الذي اختاره وهو مي من اسماء النساء القديمة.

 

كل من عمل مع السيفي يؤكد على الجانب الإنساني في علاقته مع مرؤوسيه ولكن ليس هناك اتفاق على قدراته القيادية، مبررين ذلك بقصر فترة إدارته لشركة التأمين الوطنية.  وهو موقف يمكن مناقشته لولا أن قصر فترة إدارته ربما تجد لها أسباباً خارج صفاته الشخصية وقدراته الإدارية.  أقول هذا وفي بالي إدارته للشركة العراقية للتأمين على الحياة.  لعل هناك من يستطيع أن يقوم بتحليل موضوعي لإدارته القصيرة للتأمين الوطنية.[1]

 

من وجهة نظري، ان بروز الجانب الانساني في المدير العام لا ينال من قابليته الادارية.  وحسب علمي فإن المدراء الذين كانوا على تماس بالأستاذ بديع السيفي احبوا الطريقة التي تعامل بها معهم، وهذا ما سمعته من المرحوم امين الزهاوي فقد ذكر ان التأمين الوطنية عقدت في فترة ادارته ندوة انتاجية في مدينة الموصل وكان الاستاذ بديع حاضراً ومشاركاً فيها ومتبسطا مع المشاركين في الندوة، يتصرّف معهم بألفة في إطار الزمالة التي تجمع بين الموظفين.  الخلاصة، كل مدير عام له طريقته الخاصة في التعامل مع موظفيه، وكانت إدارات التأمين الوطنية كلها محببة للموظفين، وهذا هو الذي جعل الموظف يبذل جهودا اكثر وباندفاع ذاتي.

 

كنت اتمنى ان تسعفني الذاكرة بمواقف اكثر مرت مع الاستاذ بديع السيفي.  اود هنا ان اقدم احترامي وتقديري لأستاذنا بديع السيفي، امتعه الله بالصحة والعافية.  وأنتهز هذه الفرصة لأقترح على أركان قطاع التامين في العراق التفكير بإصدار كتاب عن الادارات العليا التي ساهمت بفعالية واخلاص في بناء هذا القطاع الحيوي الذي كان له مكانه عالمية بفضلهم، وان يوزع هذا الكتاب على كل موظفة وموظف يدخل القطاع ليتعرف على شاغلي هذه الإدارات وكذلك بعضاً من تاريخ التأمين العراقي.

 

كندا، 14-15 نيسان 2013


[1] أول محاولة نقدية للتعريف بالأستاذ بديع السيفي هي الورقة التي كتبها مصباح كمال بمشاركة منذر الأسود وفؤاد شمقار: “بديع أحمد السيفي: محاولة في التعريف والاحتفاء” مرصد التأمين العراقي

https://iraqinsurance.wordpress.com/2013/02/18/badi-al-saifi/

 

Iraqi Economists Network Comment on Misbah Kamal’s Paper on the Place of Insurance in the IEN Memorandum on the Central Bank of Iraq

تعليق هيئة تحرير موقع شبكة الإقتصاديين العراقيين على مسوّدة مقال مصباح كمال الموسوم

 “ملاحظة حول مكانة التأمين في مذكرة شبكة الاقتصاديين العراقيين بشأن البنك المركزي العراقي”

 

نشر هذا التعليق في مجلة الثقافة الجديدة، العدد356، آذار 2013، ص 47-48.

 

الكلام عن اللبرالية الجديدة غير وارد في نطاق تقييم المذكرة لانجازات وبعض نواقص السياسة النقدية كما في حال تفضيل المذكرة لخفض تدرجي بسعر الصرف لمقابلة آثار تخفيضات عملات سوريا وتركيا وايران.

 

ضمن السياق المطروح، لم تتطرق المذكرة  إلا بشكل هامشي للحديث عن استقلالية البنك المركزي بل تحدثت في الوجيز التنفيذي عن ان قانونه لا يجيز الإقراض للحكومة وللمؤسسات الحكومية وبالتالي فهناك تنبيه للحكومة بعدم تجاوز القانون وهو اساس  الحملة الضارية على البنك لأنهم كما يعرف من يريد ان يعرف يرومون التصرف بالاحتياطي.

 

ثانيا، خلافا لما تفضل به الاخ مصباح ، فقد تطرقت المذكرة ووجيزها التنفيذي الى الكثير من مثالب السياسة الاقتصادية العراقية واهمها فتح باب الاستيراد على مصراعيه الذي انتقدناه بشدة كما انتقدنا الفساد والاسراف في الانفاق والفشل بتوسيع انتاج الطاقة الكهربائية وغيرها من الامور. وانني ادعو الاخ مصباح الى إعادة قراءة المذكرة ليرى هذه الامور بشكل اوضح.

 

ثالثا، لم تر المذكرة مبررا ضمن سياقها  للحديث عن الاحتياطي الامثل، إن كان هناك معيار واضح ومحدد لتعيين وصول الاحتياطي الى الامثلية هذه. رغم ذلك النقص في المعايير اللازمة لتحديد الامثلية، اود تذكير الاخ مصباح بالاشارة الى مقال سابق لي في موقع شبكتنا كنت قد تحدثت فيه عن ١٥ شهر من قيمة المستوردات كتقريب لحجم الاحتياطي المرغوب كحد أدنى في ظروف العراق ولعله يريد الرجوع اليه. بالمقابل هناك رأي آخر بين اقتصاديي الشبكة يعتقد بان استخدام الاحتياطي من قبل الدولة سيؤدي الى التضخم ويمكن الرجوع في ذلك الى احدى مقالات الدكتور علي مرزا على موقعنا.

 

 رابعا، ان حديث المذكرة عن الاثر السلبي لاطلاق الاستيراد هو انتقاد لسياسة بريمر التي تستمر الى يومنا هذا في مجال التجارة الخارجية. وانني ادعو السيد مصباح الى قراءة تعقيبي على مقال الدكتور الصوري والمنشور في موقعنا اضافة الى مقالات عديدة في جريدة الحياة ومقابلة مع جريدة نيويورك تايمز عام 2003 انتقدت فيها هذه السياسة المدمرة للانتاج الوطني العراقي.

 

 ان تركيز المذكرة، ولا بد لاية مذكرة وجيزة من التركيز على محور ما، هو في ايضاح خطل الحملات على البنك وتبيان ما أنجزته سياساته في استقرار العملة وفي الحد من وتائر التضخم وهذه مهمات البنك المركزي الاساسية بموجب قانونه

 

حديث السيد مصباح عن تخصيص العملة الصعبة للقطاعات وارد في الاقتصادات المخططة وحين تكون هناك خطط اقتصادية جادة ولكن طرح هذا الامر لا ينسجم ووضع الاقتصاد العراقي حاليا حيث تطلق الدولة حرية الاستيراد بل تؤجل تطبيق قانون التعرفة الجمركية لسنتين متتاليتين وقد كتبنا عن هذا الموضوع اكثر من مرة منتقدين الخضوع لأجندة المصالح التجارية وبالتالي لم يكن مبررا التكرار في المذكرة التي وقعها 18 عضوا من الشبكة وكان هدفها الاساس تبيان ما تحقق بشكل موضوعي وموثق رقميا بغية الحد من حملات مدعمة من قبل اطراف مستفيدة من اضعاف البنك للسيطرة على احتياطي العراقيين جميعا الذي اسهم باستقرار نسبي للدينار بعد سنوات انهياره الامر الذي خفض من معدلات التضخم. وكما هو معروف لدينا كاقتصاديين فان جموح معدلات التضخم  سيؤدي الى المزيد من الفقر كما شهدنا ذلك في التسعينيات.

 

الزميل مصباح لديه الكثير مما يستطيع قوله حول التامين وإعادة التامين فهو ضليع بهذا الفرع الذي لا يدعي الكثير من الاقتصاديين معارف كثيرة فيه وسيفيد الشبكة والاقتصاد بشكل واضح ان زاد من كتاباته القيمة حول الموضوع التاميني وعلاقته بتراكم راس المال في الاقتصاد العراقي فدون شك نحن نحتاج الى اعادة بناء شركات التامين العراقية التي بدا بأضعافها اول من بدأ قرار تأميمها في العام ١٩٦٤ 

كذلك سيكون مفيدا للعراق واقتصاده لو تكرم الاخ مصباح بالتوسع في دراساته من نطاق التأمين التجاري واعادة التأمين الى موضوع التأمين الاجتماعي كأن يعد لنا دراسة عن كيفية ومتطلبات انشاء صندوق ونظام للضمان الاجتماعي والذي سيسهم وجوده في تقليل الميل للتوظف الهادر لثروات العراق من خلال البطالة المقنعة باجهزة الدولة سعيا وراء امتيازاتها من تقاعد وغيره

مع تقديري واحترامي لك وللاخ الكريم مصباح

 

عن هيئة التحرير

 

د. فاضل عباس مهدي              د. بارق شبر

 

A Note on the Place of Insurance in the Memo of the Iraqi Economists Network on the CBI

ملاحظة حول مكانة التأمين في

مذكرة شبكة الاقتصاديين العراقيين بشأن البنك المركزي العراقي

 

 

مصباح كمال

 

نشرت هذه المقالة في مجلة الثقافة الجديدة، العدد 356، آذار 2013، ص 36-46.

 

 

تقديم وتقييم عام

 

تقدمتْ مؤخراً شبكة الاقتصاديين العراقيين، وهي شبكة إلكترونية، بمذكرة فنية من 14 صفحة بشأن البنك المركزي العراقي إلى رئاسة وأعضاء مجلس النواب.[1]  وتأتي هذه المذكرة بعد “رسالة مفتوحة الى موقع صوت العراق والى الاعلام العراقي: لصالح من يتم التشهير بالكفاءات العراقية؟” موقعة في 29 آب 2012 من قبل د. فاضل عباس مهدي د. كاظم حبيب د. بارق شبر من شبكة الاقتصاديين العراقيين [2]

 

جاء في الوجيز التنفيذي للمذكرة الفنية: “يتعرّضُ البنك المركزي، ومحافظه الدكتور سنان الشبيبي والبعض من طاقم عمله من المهنيين المتمرسين، الى حملات غير مُنصفة للعمل المهني ولأدائهم والذي يريدون ان تؤثر سلباً على نجاح البنك في انجاز وظيفته القانونية الأساسية التي نص عليها قانون البنك المركزي الصادر عام 2004.”

 

التحامل على الدكتور الشبيبي والهجوم الشخصي عليه وعلى زملائه في البنك أمر مرفوض، ويدل على الضحالة الفكرية لمن يقوم بالهجوم، فمثل هؤلاء ليسوا معنيين بتطوير الاقتصاد العراقي ونظامه المالي والنقدي رغم غياب رؤية استراتيجية لدى حكومات ما بعد 2003 وضعف القرارات التنموية والتدهور الاجتماعي وفوضى قرارات الحكومة الذي يترجم نفسه بالانشغال في أمور لا تخدم قضية التطور الاقتصادي والاجتماعي كالهجوم على المنتديات وشارع المتنبي والحد من حرية الناس في محاولة عقيمة لأسلمة المجتمع العراقي.

 

ويبدو أن توجه الحكومة للهيمنة على البنك المركزي يأتي ضمن نهج عام ومتبع منذ سنوات ويهدف للسيطرة على الهيئات المستقلة مثل هيئة النزاهة والمفوضية العليا للانتخابات وشبكة الإعلام والتي دأبت الحكومة على إفراغها من العناصر “غير المريحة” والتي تتجرأ على شق عصا الطاعة.  وفي ظل هذه الظروف لا يستبعد تلفيق تهمة لمحافظ البنك المركزي سنان الشبيبي تمهيدا لإقالته كما حصل مع رئيس المفوضية العليا للانتخابات الذي أعتقل مؤقتا على خلفية اتهامات بالفساد المالي أثارها نواب من دولة القانون وتندرج ضمن تصفية حسابات قديمة.[3]

 

وإذا كان هناك في السياسات النقدية والمالية، وغيرها، ما يستحق النقد فمن الأفضل التفريق بين شخص المحافظ، المعروف بكفاءته العلمية ونزاهته، ومثل هذه السياسات.  نعم يتمتع البنك المركزي العراقي بدرجة عالية من الاستقلال لكن المحافظ ليس رئيس الوزراء الحالي، وليس له مكتباً معززاً بقوة عسكرية وأمنية، ولا يستحق الإيذاء الشخصي.

 

لا يرد في المذكرة ما يفيد في تفسير محنة الاقتصاد العراقي ومن مظاهرها فشل السياسة المالية والنقدية في التنمية الاقتصادية إذ أن مراكمة الأرقام بحد ذاتها ليست دليلاً على حصول نقلة نوعية في الاقتصاد العراقي مثلما ان زيادة معدلات الدخول الفردية لا يمكن لها أن تخفي سوء توزيع الثروة الوطنية والتفاوت الطبقي، وتعطيل الاستثمار.[4]  كما ان المذكرة لا تشير إلى أوامر “المستبد بأمره” بول بريمر، كما يصفه د. كاظم حبيب، والتي فاقمت من محنة الاقتصاد العراقي.

 

الأطروحة الأساسية التي تنتظم المذكرة تقوم على قبول مبادئ الليبرالية الجديدة، وهي ذات المبادئ التي تُسيّر سياسات البنك المركزي وهي التأكيد على استقلالية البنك، مكافحة التضخم، واستخدام أدوات نقدية غير مباشرة (التحكم بسعر الفائدة في المدى القصير بدلاً من وضع حدود عليا للائتمان أو توجيه الائتمان نحو المشاريع التنموية).[5]  ليست لنا قضية مع استقلال البنك طالما ان الاستقلال يعني عدم تسخير البنك لخدمة ما سماه الدكتور محمد علي زيني “الحكومة الريعية” وما يترتب عليها من مساوئ سياسية كما شهدناها في دكتاتورية صدام إذ كان الريع النفطي يشكل ركيزة نظامه.  إبعاد البنك لأن يلعب دوراً في التنمية الاقتصادية هو ما يستحق الوقوف عنده من قبل أصحاب الاختصاص، ولستُ واحداً منهم.  كما ان التأكيد على التضخم كسياسة قائمة بحد ذاتها في ظل مراوحة الاقتصاد في مكانه، أي دون تحوله نحو اقتصاد متنوع قائم على الاعتماد على الذات، قابل للمناقشة.  وهكذا مع المبادئ الأخرى.

 

وفي نفس السياق، فإن الانجازات التي توردها المذكرة (زيادة ارصدة البنك وتخفيض المديونية الخارجية للعراق)، مع كل التقدير للدور الفني للمحافظ، قابلة للمناقشة في ضوء الارصدة المتراكمة من برنامج النفط مقابل الغذاء، ودور الدول الغربية المشاركة في غزو العراق وصندوق النقد الدولي على تخفيض ديون العراق، والدور المركزي للموارد النفطية في تحقيق الفائض في العملة الأجنبية.  لم يتحقق فائض البنك من خلال عمليات السوق أو النشاط الاقتصادي خارج استخراج النفط.  دور البنك هو إدارة الفوائض المتجمعة في صندوق تنمية العراق (تأسس بموجب قرار مجلس الامن 1483 فـي أيار 2003).

 

 

 

 

 

التأمين وإعادة التأمين في المذكرة الفنية

 

ما يهمنا من المذكرة الفنية الفقرة التي ورد فيها ذكر التأمين وإعادة التأمين ضمن استيراد الخدمات:[6]

 

من ناحية اخرى، ادى التوسع السريع في الانفاق الى توسع سريع آخر بالاستيراد من الخدمات، ومنها خدمات الشحن والتأمين واعادة التأمين إضافة الى نفقات السياحة والسفر والنقل الى الخارج والاتصالات والبعثات العلمية والنفقات الدبلوماسية والإيفادات والتطبيب في الخارج، الخ.  وهذه النفقات تتم بالعملات الاجنبية الامر الذي زاد من طلبات شراء الدولار في السوق وبالتالي الطلب على الدولار بمزاد العملة للبنك المركزي.

 

هناك عدة عناصر في هذه الفقرة تستحق بعض التعليق قبل التركيز على استيراد خدمات التأمين واعادة التأمين.

 

غياب الإشارة إلى البدائل

في حين يكرس كُتّاب المذكرة اكثر من فقرة لسعر الريال الإيراني وسبب تدهوره إلا أن تفسير الفشل الذريع في تحقيق تقدم في اقتصاد السوق وفي تحقيق التنمية الاقتصادية وحتى الفشل في استقدام الاستثمار الأجنبي المباشر لا يجد له سوى إشارات عابرة في المذكرة مثلما لا نكتشف تركيزاً على دور الريع النفطي في تمويل تخمة الوظائف الحكومية بما فيها التوسع في الانفاق على الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية المختلفة.[7]  صحيح أن المذكرة الفنية معنية بتوفير الحُجج في الدفاع عن محافظ البنك المركزي وإدارته للسياسة النقدية إلا أن هذا لا يعني عدم الاستفادة من الفرصة لتقديم بديل لما هو قائم.  لا يكفي التأكيد على الاستقلالية السياسية للبنك عن الحكومة واقتباس المادة رقم 26 من قانون البنك المركزي لسنة 2004 بعدم تقديم اعتمادات مباشرة أو غير مباشرة للحكومة أو الهيئات العامة أو الجهات المملوكة للدولة وكأن قضية الاقتصاد العراقي مرهونة بهذه الاستقلالية.  النموذج الليبرالي الجديد يحصر تقديم الاعتمادات إلى المصارف كما هو الحال في البنوك المركزية في الدول الغربية ومنها البنك المركزي الأوروبي.  هذه الاعتمادات للمصارف لم تتحول إلى استثمارات عينية أو إلى وسائل لخلق فرص جديدة في العمل.  وهذا هو حال البنك المركزي العراقي الذي يُمّول المصارف لتقوم هذه بدورها بتمويل الاستهلاك غير المنتج.  فمزاد العملة، كأحد أدوات السيطرة على سعر الصرف هو، كما يبدو، مكرّس لتمويل الاستهلاك (الاستيراد من الخارج) وليس المساهمة في التنمية الاقتصادية.

 

المحصلة النهائية هو إبعاد البنك المركزي عن قضايا التنمية الاقتصادية والانغلاق في دائرة السياسة النقدوية للاقتصاد الكلي (monetarist macroeconomics)[8]  اليس يحق لنا أن نسأل الاقتصاديين العراقيين التمعن بهذا الموضوع وتقديم البدائل؟  وكما يقول د. ناجح العبيدي

 

ان الإقرار بمنح البنك المركزي وحده حق التصرف بالاحتياطيات الأجنبية لا يمنع من النقاش والتساؤل حول تحديد الحجم الأمثل اللازم منها وطرق التصرف فيها واستثمارها بما يعود بالنفع على البنك المركزي والاقتصاد الوطني.[9]

 

الانفاق االمحاصصي

وتشير المذكرة الى التوسع في نفقات السياحة والسفر والنقل الى الخارج والاتصالات والبعثات العلمية والنفقات الدبلوماسية والإيفادات والتطبيب في الخارج، الخ.  يقيناً أن بعض وجوه الانفاق تتطلبها إدارة الدولة الحديثة، بشرط خضوعها للتدقيق.  كان بإمكان كُتاب المذكرة الإشارة إلى الهدر في هذ النفقات والتعريف بالمستفيدين من هذه الخدمات للكشف عن الاقتصاد السياسي للمحاصصة، وبالتالي الكشف عن تصرف النخبة الحاكمة في توزيع المغانم على أفرادها ومريديها.  وهم بذلك كانوا سيكشفون لنا كيف ان الهجوم على شخص المحافظ هو جزء من نظام المحاصصة الطائفية والإثنية، وكيف ان هذا النظام صار متغلغلاً في نسيج الحياة العامة، على مستوى الاتحاد والإقليم، وحتى التشريعات أصبحت موضوعاً للصفقات بين المتحاصصين (كما برز أخيراً في مشروعي قانوني العفو العام والبنية التحتية).  فما يهم النخبة هو مصالحها والدوائر وليس الارتقاء بنوعية الحياة او الاعتماد على الذات وتعظيم الاستفادة من الموارد المحلية المتاحة.

 

خدمات التأمين وخسارة قطاع التأمين

حسب المعلومات التي تردنا من بعض أركان التأمين في العراق فإن العديد من العقود تتم على أساس CIF (كلفة البضاعة والتأمين والشحن) مما يعني حرمان شركات التأمين العراقية من التأمين على البضائع المستوردة إذ أن أمر التأمين يتولاه المجهز/البائع خارج العراق.  خسارة قطاع التأمين العراقي لم تخضع لدراسة وقد حاولنا في مقالة لنا الاقتراب من الموضوع عند التعليق على التبادل التجاري بين العراق والأردن والكويت.

 

ليس معروفاً حجم أقساط التأمين في الملياري دولار مع الأردن والـ 250 مليون دولار مع الكويت.[10]  وزيادة حجم التبادل التجاري، الذي تعمل له الحكومة العراقية كما يقول الخبر، ربما لن يستفيد منه قطاع التأمين العراقي ما لم يقترن بسياسة للتبادل التجاري واضحة تأخذ التأمين بعين الاعتبار من منظور مصالح الاقتصاد العراقي الآنية والمستقبلية كي لا يخسر قطاع التأمين العراقي حقوقه بالمشاركة في ضمان التجارة البينية، بدلاً من الاستسلام لإيديولوجية التبادل التجاري الحر دونما أي اعتبار لنتائجه السلبية، والاستمرار في الحط من شأن نظام الحماية[11] كما فعل بول بريمر الحاكم المدني الأمريكي للعراق عندما رفع الحواجز الجمركية.

 

ربما يكون ضبط التحويل الخارجي، لأغراض مكافحة غسيل الأموال بموجب قانون سنة 2004، أحد الوسائل المهمة للتعرف على حجم أقساط التأمين المصدرة خارج العراق للمبالغ التي تتجاوز قيمتها عشرة آلاف دولار.  ولعل مثل هذه البيانات متوفرة لدى البنك المركزي العراقي.[12]

 

لا يرد في هذه الأخبار ذكر للتبادل التأميني بين العراق وجيرانه، ويبدو أن السبب يعود إلى عدم إيلاء النشاط التأميني ما يستحقه من اهتمام المسؤولين، ويترك الاهتمام إلى أركان التأمين في العراق ودول الجوار، ومع هذا فهؤلاء أيضاً لا ينشرون بيانات عن حجم أعمال التأمين المتداولة ربما لأن النشاط التأميني غير موجود أو أن البيانات بشأنها غير موجودة أصلاً وهو ما نميل إليه.  لنأخذ مثلاً تجارة الاستيراد العراقية فهذه تكاد أن لا تخضع للتأمين لدى شركات تأمين عراقية وذلك لأن توجيهات وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي لم تنص على التأمين بموجب عقد البيع على أساس الكلفة والشحن Cost & Freight (C&F) وهكذا صار عقد البيع ينظم على أساس الكلفة والشحن والتأمين CIF أي أن المشتري يترك أمر التأمين للمجهز.[13]

 

لا تستفيد شركات التأمين العراقية من عقود النقل البري للنفط الخام العراقي إلى الأردن إذ أن مسؤولية المجهز العراقي، الشركة العامة لتسويق النفط، تنتهي عند التسليم للشاحنة البرية.  وحسب علمنا، لم يطلب الطرف العراقي تأمين النقل داخل الأراضي العراقية وحتى الحدود الأردنية لدى شركات تأمين مسجلة في العراق.  وهذه مسألة تستحق المزيد من الدراسة لضمان حقوق الأطراف الثالثة داخل العراق التي قد تتضرر من عمليات التحميل والنقل، ولتوفير الفرصة لشركات التأمين العراقية الانتفاع من تأمين حركة النقل داخل الأراضي العراقية.  والحديث هنا ينصب على المسؤولية المدنية خارج البطاقة البرتقالية،[14] أو ما يعرف في سوق التأمين العراقي بالترانزيت، وكذلك تأمين الشحنات النفطية ذاتها.[15]

 

في الحالة الأردنية يبيع العراق النفط الخام إلى الأردن ولكن بأقل من أسعارها في الأسواق العالمية.  وعدا ذلك ربما لا يبيع العراق سلع أخرى أو خدمات معينة في الأردن.  التبادل التجاري في هذه الحالة ذو اتجاه واحد، من الأردن إلى العراق، والمستفيد الأعظم هي الدولة المصدرة [الأردن].[16]

 

وحاولنا أيضاً تصور حجم خسارة قطاع التأمين بربطها مع حجم الاستثمار الأجنبي المباشر:[17]

 

لتقدير حجم خسارة شركات التأمين في العراق ما علينا إلا أن نذكر حجم الاستثمار الأجنبي المباشر، فحسب معطيات البنك الدولي فإن صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر كان كالتالي:

 

2007 2008 2009 2010
971,800,000 1,855,700,000 1,451,500,000 1,426,400,000

http://data.worldbank.org/indicator/BX.KLT.DINV.CD.WD

 

وبالنسبة لإقليم كوردستان فإن حجم الاستثمارات فيه للفترة من 2006 وحتى النصف الأول من 2012 بلغ 21,897.7 بليون دولار كما جاء في نشرة ميد MEED الاقتصادية بتاريخ 2 أيلول 2012

http://www.meed.com/sectors/economy/kurdistan-investment-levels-soar-/3149039.article

من الذي استفاد من تأمين بعض هذه الاستثمارات؟  وما هو حجم أقساط التأمين المكتتبة؟  ليس لدينا جواب وربما لن نحصل عليه، ونتمنى أن يقوم أحد الزملاء بدراسة هذا الموضوع بالبحث في تفاصيل الاستثمارات العينية [في القطاع النفطي والقطاعات الأخرى] والتقدير الكمي لأقساط التأمين لها.

 

تقدير حجم أقساط التأمين المكتتبة

وذكرنا أيضاً في مقالة سابقة أن

 

حجمُ أقساط التأمين السنوية لكامل قطاع التأمين لا يتجاوز بضعة ملايين من الدولارات.  وحسب ما جاء في دراسة للبنك الدولي:

 

لا يمكن تقييم حجم سوق التأمين بصورة مناسبة من جراء قلة البيانات المتوفرة.  يعتقد بعض المشاركين في السوق أن قيمة الإجمالي السنوي الكلي لأقساط التأمين المسجلة لكل شركات التأمين تتراوح بين 60-80 مليون دولار أمريكي بالنسبة لشركات التأمين غير المملوكة للدولة، وحوالي أربع أو خمس أضعاف هذه القيمة لشركات التأمين المملوكة للدولة.  إعادة التأمين غير منتشرة بصورة كبيرة، ويُعتقد أن أقساط إعادة التأمين تساوي 16-25% من إجمالي أقساط التأمين المسجلة.[18]

 

ميزانية الدولة لعام 2012 كانت 102 مليار دولار تقريباً (يختلف الرقم حسب سعر الصرف) في حين بلغ مجموع أقساط التأمين المكتتبة لأعمال التأمين المباشر (لخمسة عشر شركة عامة وخاصة) سنة 2010 ما يقرب من 80 مليون دولار.  هذا المجموع يمثل نسبة ضئيلة من الميزانية.[19]

 

كان يمكن لحجم أقساط التأمين أن يكون أكبر مما هو عليه بعدة أضعاف لولا أن قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 (الأمر رقم 10)، الذي حرره نقلاً عن قانون التأمين الأردني لسنة 1999 خبير أمريكي استقدم من ولاية أركنساس، أفرط، حسب المادة 81 من الأمر، في رفع الضوابط بحيث صار

 

أولاً- لأي شخص طبيعي أو معنوي عام أو خاص الحق في الاختيار بشراء منتجات التأمين أو خدماته من أي مؤمن أو معيد تأمين ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.

 

ثانياً- لا يجوز اجبار شخص طبيعي أو معنوي عام أو خاص على شراء منتجات خدمات التأمين من مؤمن أو معيد تأمين أو وكيل أو وسيط أو مقدم خدمات تأمين محدد، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.

 

تبين القراءة المتأنية للفقرة أولاً انها لا تشير إلى مؤمِنين (شركات تأمين) مجازين في العراق، وكذا الأمر بالنسبة للفقرة ثانياً.  لم تأتِ هذه الصيغة في إغفال ذكر العراق عفواً وفي لحظة غفلة بل من باب التصميم وضمن رؤية لتوجيه الاقتصاد العراقي.

 

كما ان المادة 81 ناقصة لأنها تخلو من إشارة إلى محل إقامة المؤمن أو معيد الـتأمين أو تسجيله في العراق أو ترخيصه من قبل ديوان التأمين العراقي (جهاز الإشراف والرقابة على قطاع التأمين) والقانون الذي تشير إليه هذا المادة، حسب علمنا، غير موجود.  ويلاحظ أيضاً أن هذه الفقرة تُقرُّ حق الشخص الطبيعي في الاختيار بشراء منتجات التأمين أو خدماته من أي مؤمن أو معيد تأمين دون النص على عراقية المؤمِن أو معيد التأمين (بمعنى تسجيله لدى مسجل الشركات وترخيصه من قبل الديوان).

 

وفّرت المادة 81 الأرضية القانونية لتسريب أقساط التأمين العراقية إلى الخارج من خلال القبول الضمني بالتأمين خارج النظام الرقابي non-admitted insurance وهو ما لا نجد نظيراً له في معظم الانظمة الرقابية على النشاط التأميني في العالم.  وقد كتبتُ في مكان آخر ان “مايك بيكنز، مفوض التأمين في ولاية أركنساس، الذي أعدّ نص القانون باللغة الإنجليزية، يعرفُ تماماً القيود المفروضة على حرية شراء التأمين في ولايته وفي الولايات الأخرى للولايات المتحدة.  ومع ذلك أقحمَ هذه المادة تعبيراً عن العقيدة الليبرالية الجديدة في رفع الضوابط الرقابية.”[20]

 

وهكذا تخسر شركات التأمين أقساطاً للتأمين، هي من حقها المُستلب، بسبب الأمر رقم 10 الذي شرّعَ لحرية تجاوز وجود شركات التأمين العراقية، ووفر الغطاء القانوني للتأمين خارج العراق وحرمان شركات التأمين العراقية من توفير الحماية التأمينية محلياً.  وهذا من خلال عدم تحديد الهوية العراقية لشركة التأمين، أي الشركة المُسجلة في العراق والمرخّصة لمزاولة أعمال التأمين من قبل ديوان التأمين العراقي، والدافعة للضرائب والرسوم.[21]

 

وبفضل هذه المادة فان الخسارة تتجاوز شركات التأمين لتطال خسارة الخزينة الاتحادية وخزينة إقليم كوردستان لرسم الطابع (الذي يصل إلى 3.1% في بعض فروع التأمين) ونسبة من ضريبة الدخل.  كما أن الخسارة تصيب شركة إعادة التأمين العراقية التي تقوم ومنذ سنة 2004 بإدارة اتفاقيات إعادة التأمين لصالح شركات التأمين العامة ومعظم الشركات الخاصة.  لو كانت أقساط التأمين المستلبة بفضل المادة 81 داخلة في محفظة شركة إعادة التأمين العراقية لكان ذلك تعزيزاً لموقعها المالي، وقدرتها التفاوضية مع معيدي التأمين، وتطوير مواردها الفنية.  وعلاوة على ذلك، مساعدتها في استعادة جزء من وظيفتها في الاكتتاب بأعمال إعادة التأمين الواردة من خارج العراق كما كانت تقوم به في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.

 

النتائج الاقتصادية لتجاهل دور شركات التأمين العراقية واضحة فأقساط التأمين المنفقة على شراء الحماية التأمينية للأصول الموجودة داخل العراق تُحوّل إلى الخارج إما جهلاً أو قصداً بدلاً من إنفاقها داخل العراق.  وهو ما يُحرِمُ هذه الشركات من فرصة النمو والنهوض للتعامل مع متطلبات تأمين المشاريع في مختلف مراحلها وما يفرضه عليها تطور الاقتصاد من تحديات فنية ومالية.  وللأسف فإن هذا الوضع يعكس حالة عامة تتمثل بتصدير المنافع الاقتصادية خارج العراق بدلاً من الاستفادة منها في تعزيز التراكم الاقتصادي الوطني.  ويكفي هنا أن نتذكر مصير الأرصدة في صندوق تنمية العراق والمنح والقروض والمعونات العينية التي أقرها مؤتمر المانحين في مدريد في تشرين الأول 2003 فقد أُنفقت نسبة كبيرة منها خارج العراق بالتعكز على سوء الأوضاع الأمنية.[22]  أي أنها لم تصب مباشرة في حركة الاقتصاد العراقي إضافة إلى التبذير والسرقة التي تعرضت لها.[23]

 

الأموال العراقية العامة، المنقولة وغير المنقولة، تخضع لأشكال متعددة من التسرب وسوء الاستعمال والسرقة وكلها تؤثر على حركة الاقتصاد العراقي وعلى قطاع التأمين.  على سبيل المثال، وكما ذكرنا، فإن الإنفاق على شراء الحماية التأمينية من الخارج، دون المرور بشركات التأمين العراقية، هو أحد أشكال تسريب الأموال وهو في ذات الوقت خسارة للدخل بالنسبة لهذه الشركات مثلما هو خسارة لمصدر ضريبي (ضريبة الدخل على شركات التأمين).

 

استيراد إعادة التأمين والطلب على الدولار

وبناء على ما تقدم فإن استيراد خدمات إعادة التأمين شحيحة ولا تشكل عبئاً على الطلب على الدولار، كما يرد في المذكرة.  وهي لا تتجاوز عشرة مليون دولار.  ولفائدة القارئة والقارئ فإن إعادة التأمين على نوعين: إعادة التأمين الاتفاقي (تتعهد شركة التأمين بموجبها بإسناد وثائق التأمين التي تكتتب بها لشركة إعادة التأمين وتتعهد الأخيرة القبول بها وبحدود وشروط معينة يتم الاتفاق عليها مسبقاً بين الشركتين) وإعادة التأمين الاختياري (وبموجبها تقوم شركة التأمين بعرض وثائق معينة للتأمين، تتجاوز أقيامها قدرتها الاحتفاظية، على معيد التأمين الذي له خيار قبول أو رفض ما يعرض عليه).

 

ليست هناك بيانات عن حجم الطلب على إعادة التأمين الاختياري إلا أننا نميل إلى اعتباره صغيراً ولأسباب يطول شرحها ويكفي أن نذكر أن ترتيبات الواجهة fronting arrangements التي تقوم بها، أو تُشترط على شركات التأمين العراقية، من قبل الشركات العالمية العاملة في العراق، ومنها الشركات النفطية، تُلغي الدور الاكتتابي لشركات التأمين العراقية وتحولها إلى واجهة لإصدار وثيقة التأمين مقابل أجور طفيفة في معظم الحالات.  وهكذا فإن الطلب على الدولار من قبل شركات التأمين العراقية لتسديد أقساط إعادة التأمين الاختياري يكاد أن لا يذكر.

 

اعمال التأمين غير المكتتبة لدى شركات تأمين عراقية، أي المكتتبة خارج العراق بفضل المادة 81 من الأمر رقم 10، وهو ما يعرف بالتأمين خارج النظام الرقابي non-admitted insurance لا تشكل مصدراً للطلب على الدولار لأن طالب التأمين من الشركات الأجنبية يسدد أقساط التأمين خارج العراق ولشركات تأمين وإعادة تأمين أجنبية.

 

مما يؤسف له أن هذا الوضع يعرقل قيام وتعزيز سوق تأمين وطني فدرالي، وليس له وجود حقيقي في الوقت الحاضر.  ويعني هذا، في جانب منه، تعزيز القدرات على خلق سوق وطنية لإعادة التأمين للاحتفاظ بنسبة عالية من الأخطار المكتتبة (فشركات التأمين في إقليم كوردستان لا علاقة لها بشركة إعادة التأمين العراقية ولأسباب ليس هذا بالمكان المناسب لعرضها).  فاحتفاظ الشركة هو الآن في حدوده الدنيا مقارنة بفترة ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، والاكتتاب بأعمال إعادة التأمين الوارد من خارج العراق هو الآخر ضئيل جداً (لضعف القاعدة المالية والموارد الاكتتابية للشركة ولعدم امتلاكها تصنيفاً ائتمانياً).

 

وكما ذكرنا غير مرة فإن النشاط التأميني لا يشغل حيزاً مهماً في تفكير الاقتصاديين العراقيين أو الحكومات أو البرلمان، ولا يَردُ ذكره إلا عابراً.  وقد يعود سبب الإهمال إلى ضآلة إنتاج شركات التأمين، وبالتالي ضعف مساهمتها في التنمية الاقتصادية، وربما خلوها من الفساد المالي.

 

 

لندن 30 أيلول 2012


[1] المذكرة لا تحمل تاريخا وقد وصلتنا بتاريخ 20 أيلول 2012.  نأمل أن يقوم رئيس وأعضاء مجلس النواب بقراءة فاحصة للمذكرة الفنية، واستيعاب أفكارها والاستفادة منها.  لا ندري إن استلمت شبكة الاقتصاديين العراقيين ما يفيد استلام مذكرتها من قبل الأطراف التي أرسلتها لهم.

 

[2] نشرت الرسالة المفتوحة في الحوار المتمدن و صوت العراق: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=322012

http://www.sotaliraq.com/mobile-item.php?id=116279#axzz26fX7Axma

 

[3] د. ناجح العبيدي، “استقلالية البنك”: http://www.alaalem.com/index.php?aa=news&id22=45861

 

[4] راجع الدراسة المهمة للدكتور محمد علي زيني “العقلية الريعية للحكومة العراقية،” الحوار المتمدن، 21 أيلول 2012:

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=325156

[5] Epstein, Gerald (2006): Central Banks as Agents of Economic Development, Research Paper, UNU-WIDER, United Nations University (UNU), No. 2006/54.

http://www.wider.unu.edu/stc/repec/pdfs/rp2006/rp2006-54.pdf

 

[6] اعتمدنا في كتابة هذه الورقة على مقالات سابقة لنا منشورة وأخرى بانتظار النشر، وقد أشرنا إلى ذلك قدر المستطاع.

[7] راجع محمد علي زيني، مصدر سابق.

[8] Ha-Joon Chang, Bad Samaritans (London: Random House Business Books, 2007), p 148, 154.

[9] د. ناجح العبيدي، “مليارات البنك المركزي: احتياطيات ضرورية أم أموال مجمدة؟”

http://www.alaalem.com/index.php?aa=news&id22=44590

[10] الأرقام هي ما صرح بها المستشار الاقتصادي في الحكومة العراقية سلام القريشي لوكالة كردستان للأنباء، بغداد، 23 كانون الأول/ديسمبر (آكانيوز).  http://www.aknews.com/ar/aknews/2/279969

 

[11] ها-جون تشانغ، “من نظام الحماية الى التبادل التجاري الحر،” لوموند ديبلوماتيك، النشرة العربيّة، يونيو/حزيران 2003.

http://www.mondiploar.com/article1673.html?PHPSESSID=438eb9524449baf519c8dad457f1e776

 

[12] يضع البنك المركزي العراقي قيوداً على التحويل الخارجي:

 

“1- يجب أن يقدم إلى البنك سبب تحويل المبلغ وبصورة رسمية بشكل كتاب أو إشعار مدين بالمبلغ المراد تحويله.

2- إذا كان المبلغ أكثر من 10000$ تخضع لتعليمات غسيل الأموال

تخضع الفقرتين أعلاه إلى تعليمات البنك المركزي العراقي وتعرض عليه.

3- ممنوع تحويل أي مبلغ مهما كان إلى إيران وسوريا أو منهما إلى العراق حيث تعتبر هذه المبالغ دعما للعمليات الإرهابية.

والقيود أعلاه تطبق كذلك فيما يخص تحويل أقساط التامين وإعادة التامين.”

المصدر: رسالة مؤرخة في 12/12/2011 من الزميل المحامي منذر عباس الأسود.

 

تغيرت هذه الإجراءات مؤخراً إذ “أعلن البنك المركزي العراقي، الاثنين، عن سماحه للمصارف ببيع 5000 دولار للمواطنين بدون شروط، فيما أشار إلى إلغاءه تحديد سقوف التحويل للعملة الأجنبية للخارج من قبل المصارف.” السومرية نيوز، 1 تشرين الأول 2010:

http://www.alsumarianews.com/ar/3/48869/news-details-html

قد يؤدي هذا التغيير إلى قيام المضاربة على الدولار وتعظيم دوره في عمليات البيع والشراء والتهريب.  لكن هذا الحكم سابق لأوانه وسينكشف تأثير هذا التغيير بعد وضعه قيد التطبيق.

 

[13] هناك مؤشرات على حصول تغيير منها إبراز شهادة أو وثيقة تأمين نقل البضائع لدى شركة تأمين عراقية مرخصة في منافذ دخول العراق، مما يعني دفع المستوردين، عراقيين وأجانب، إلى التأمين مع شركات تأمين عراقية مرخصة من قبل ديوان التأمين العراقي.

 

[14] البطاقة البرتقالية هي بطاقة التأمين الموحدة عن سير السيارات عبر البلاد العربية بموجب اتفاقية عربية تم توقيعها في تونس بتاريخ 26/4/1975.  وتغطي هذه البطاقة مسؤولية المركبة أو سائقها عن الأضرار الجسدية والمادية التي قد تلحقها هذه المركبة بالغير خلال فترة وجودها في البلد المزار والمنتسب للاتفاقية.  ويقوم المكتب الموحد المتواجد في البلد المزار بتسوية هذه المطالبة والرجوع بكامل ما دفعه من تعويض على المكتب الموحد الصادرة منه البطاقة البرتقالية.  وتقوم شركة التأمين الوطنية حالياً بإدارة المكتب الموحد في العراق.

 

للمزيد من المعلومات أنظر: موقع الاتحاد العام العربي للتأمين:

 http://www.gaif-1.org/page.php?Page=achives&Sublink=1

 

ويكون تعويض الحوادث الناجمة عن السيارات المؤمنة بموجب البطاقة البرتقالية طبقاً للشروط والاوضاع التي يقررها قانون التأمين الاجباري (الالزامي) في الدول التي يقع فيها الحادث.  اي ان القانون النافذ يحدد نوع التعويض.  (من رسالة إلكترونية بتاريخ 27 كانون الأول 2011 للزميل محمد فؤاد شمقار.

 

[15] لا نستسهل مسألة تأمين الشحنات النفطية من قبل الطرف العراقي لأن عقد البيع يجنبه تحمل متابعة مسؤولية ما يلحق الشحنات من خسائر.  نحن نثير الموضوع للإشارة إلى عدم اهتمام مؤسسات الدولة بدور غيرها من المؤسسات العراقية العامة والخاصة.

 

[16] مصباح كمال، “أين أختفى التأمين في التبادل التجاري بين العراق وجيرانه،” مرصد التأمين العراقي

https://iraqinsurance.wordpress.com/2012/02/14/insurance-in-trading-between-iraq-its-neighbour/

 

[17] مصباح كمال، “محاولة في بحث بعض الخسائر الافتراضية لقطاع التأمين العراقي، (ورقة كتبت في أيلول 2012 لم تنشر بعد)

 

[18] أنظر: مصباح كمال، “قطاع التأمين العراقي: مناقشة لتقرير البنك الدولي ورأي الدكتور مهدي حافظ“، مرصد التأمين العراقي

https://iraqinsurance.wordpress.com/2012/02/14/world-bank-iraq-insurance/

حيث ناقشنا عدم دقة المعلومات التي أوردها البنك الدولي.

[19] توصلنا إلى هذا الرقم التقريبي اعتماداً على جدول النشاط التجاري لشركات التأمين في العراق في دراسة جمعية التأمين العراقية، إحصائية نشاط شركات التأمين العاملة بالعراق (2005-2010)، بغداد، [حزيران] 2010، ص2-ص7.

 

يتكون قطاع التأمين في الوقت الحاضر من 31 شركة ويضم شركة واحدة متخصصة بأعمال إعادة التأمين (شركة إعادة التأمين العراقية العامة، تاسست سنة 1960)، فرع لشركة تأمين إيرانية، خمس شركات في إقليم كوردستان، 24 شركة تأمين أغلبها متركزة في بغداد.  توصف بعض هذه الشركات بالدكاكين لصغر حجمها، ولذلك فإن إضافة أقساطها إلى إحصائية جمعية التأمين العراقية لن يغير كثيراً من الأرقام المعلنة.

[20] مصباح كمال، “نحو مشروع لصياغة سياسة لقطاع التأمين في العراق“، مرصد التأمين العراقي:

A Policy for Iraq’s Insurance Sector

 

[21] بحثنا هذه المادة في مقالة بعنوان” المادة 81 من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 (الأمر رقم 10): المدخل لتغيير القانون” المؤمل نشرها قبل انتهاء سنة 2012.

[22] يذكر د. سنان الشبيبي، محافظ البنك المركزي العراقي، في مقابلة قصيرة (MEED Gulf Economic Review, January 2006, pp 36-37) دور المصارف الأجنبية التجارية في تدريب بعض المصرفيين العراقيين في الخارج، ويؤكد على ضرورة التدريب أثناء تأدية المصرفيين لعملهم اليومي داخل العراق، ويحاجج بهذا الشأن، فيما يخص الأوضاع الأمنية، أن المؤسسات الأجنبية التي تستطيع العمل في دول تنتشر فيها الجريمة، مثل كولومبيا ونيجيريا، فإن بإمكانها التغلب على المصاعب الأمنية في العراق وتعديل الكلفة بموازاة ذلك.

 

ظاهرة التدريب والندوات والمؤتمرات في الخارج لا يزال مستمراً، ويشكل الانفاق عليها أحد مظاهر هدر المال العام والطلب على الدولار.

 

[23] James Glanz, “Audit Describes Misuse of Funds in Iraq Projects,” The New York Times, 25 January 2006.

Ed Harriman, “Cronyism and Kickbacks,” London Review of Books, 26 January 2006.

سرقة المال العام وهدر الموارد والفساد المالي والإداري لا يزال قائماً في العراق.