Monthly Archives: جوان 2019

Perspectives on Insurance Business Regulation Law 2005

نظرات في قانون تنظيم أعمال التأمين رقم 10 لسنة 2005

 

إسراء صالح داؤد

نشرت هذه المقالة أصلاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2019/06/اسراء-صالح-داؤد-نظرات-على-قانون-تنظيم-أعمال-التأمين-محررة-2.pdf

 

 

مقدمة

 

يشكّل قطاع التأمين رافداً من روافد الاقتصاد الوطني لأي بلد، وقد أخذ الاهتمام الذي يستحقه من خلال تنظيم أحكامه بقانون، لذا فإن العديد من الدول نظمت أحكامه بتشريع مستقل كفرنسا والمغرب والجزائر، على سبيل المثل، وإن كان المشرع العراقي لم يعط له اهتماماً “كافيا” بيد أنه كان قد نظَّم أحكامه العامة وبعض عقود التأمين ضمن القانون المدني العراقي المرقم 40 لسنة 1951، فضلاً عن قانون التأمين الالزامي من المسؤولية المدنية من حوادث السيارات رقم 52 لسنة 1980 وقانون تأمين المسؤولية رقم 47 لسنة 1991 وقانون تنظيم أعمال التأمين رقم 10 لسنة 2005.

 

لا شك أن صدور القانون الأخير يعد الأول من نوعه في تنظيم أعمال التأمين ونشاطه، ويعتبر خطوة إيجابية بالاتجاه السليم دون الولوج بأحكام عقود التأمين وشروطها.  وقد جاء القانون أعلاه بنصوص جديرة بالاهتمام وأحكام جديدة قد تسهم في تطوير والنهوض بقطاع التأمين في العراق وإصلاحه بعد فترة ركود طويلة بسبب الظروف التي عاشها العراق خلال العقود الماضية التي أثرت بشكل أو بآخر على هذا القطاع.

 

ولتوخي القصد المنشود، سنلقي نظرة سريعة وبإيجاز بما تضمنه من أحكام جديدة ومزايا وما يؤخذ عليه من عيوب من الناحية الشكلية والموضوعية.

 

تقييم ونقد القانون

 

للوهلة الأولى، يلاحظ أن القانون أعلاه صدر بموجب “أمر ديواني” صادر من سلطة الانتداب وليس السلطة التشريعية المتمثلة بالبرلمان([1])، ويعود ذلك إلى عدم وجود سلطة تشريعية آنذاك إذ كان العراق لايزال تحت سيطرة الاحتلال الأمريكي الذي أناط أمور البلاد إلى الحاكم المدني الأمريكي.

 

وقبل الدخول في أهم ما جاء به القانون أعلاه، ينبغي تناوله من الناحية الشكلية من حيث صياغته اللغوية واسلوبه.  فيبدو جلياً من النظرة الأولى أن القانون أعلاه يتميز بسوء الصياغة التشريعية، إذا عرفنا أن أصل التشريع ـ المسمى أمر ـ بينما هو بمثابة قانون مكتوب باللغة الإنكليزية، حيث كتب بأيدي غير عراقية ولا نستشف ثمة روح عراقية في إعداده، فمن الواضح جداً أن القانون المنشور ما هو إلا نص مترجم من اللغة الانكليزية إلى العربية، والمؤسف أن ترجمته حرفية ليست قانونية أو اصطلاحية، حيث تم طرح مسودته من قبل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ضمن إطار إعادة هيكلة الاقتصاد العراقي بعد الاحتلال.([2])

 

ويبدو جلياً أن القانون مستمد من بيان الحاكم الاداري لسلطة الائتلاف المؤقتة بول بريمر الأمريكي آنذاك الذي سبق أن اصدرت السلطة أعلاه البيان رقم (1) في 23/5/2003 ([3])، مبيناً صلاحيات الحاكم المدني وبيان سلطته التشريعية والتنفيذية والقضائية، فضلا عن صلاحية الحاكم الاداري أعلاه في تفسير وتطبيق القوانين واجراء التعديل عليها. وهنا نرى أن المحتل الأمريكي قد نصب نفسه مشرعاً، وهذا ما يتنافى بما جاءت به اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 إذ أن من واجب المحتل المحافظة على امن وممتلكات الدولة المحتلة دون المساس بقوانينها وتشريعاتها.

 

وعليه سادت البصمة غير العراقية في نصوصه إذ جاءت ركيكة غير متجانسة افقدت النص القانوني لروحه نتيجة لضعف الصياغة العربية من حيث البناء اللغوي أو الاصطلاحي، فالمفروض عرضه بعد ترجمته على لغويين يجيدون صياغة النصوص القانونية والتشريعية. وسنسرد بعض الامثلة، إذ نصت المادة (2) ــ سابعا: “الوكيل ــ الشخص المجاز من الديوان والذي تعتمده إحدى شركات التأمين العاملة في العراق. ثامنا ـ وسيط إعادة التأمين ــ الشخص المجاز من الديوان ليمارس الوساطة بين شركة التأمين وشركة إعادة التأمين.” نلاحظ أن الوكيل أو الوسيط في شركة إعادة التأمين هو كل شخص دون أن يوصف بأنه كل شخص طبيعي أو معنوي كالشركة ليكتمل مفهوم النص. والحال يسري أيضاً بخصوص الخبير والمدقق… الخ.

 

كما ورد في الفقرة / رابع عشر من المادة أعلاها مصطلح “المؤمن المفترض” الذي عرفه على أنه: “الجهة التي تتولى اعادة التأمين الملزمة بتعويض المؤمن عن المطالبات المتحققة عليه على وفق شروط عقد إعادة التأمين.”.  وهذا المصطلح غير مألوف لدينا وإن كان يشير إلى معيد التأمين وفق ما ورد في مفهوم الفقرة أعلاه، إذ أن المعيد هو أحد أطراف عقد إعادة التأمين إذ بموجبه يتعهد معيد التأمين أن يعوض المؤمن كل أو جزء من الخسارة التي تحملها بموجب عقد التأمين مقابل قسط يسدده المؤمن له.

 

وكذلك ماورد بالمادة (21) منه: “للديوان أن يرفضون طلب التعديل ….” والاصح “للديوان أن يرفض طلب التعديل …” ولم يقف الأمر عند ضعف صياغته اللغوية بل تضمنت قصورا وعدم دقة في ترجمة النصوص نفسها من اللغة الانكليزية إلى اللغة العربية التي اعطت مفهوماً مبهماً بما قصده المشرع خصوصا باستخدام مفردات غير مألوفة في المصطلحات القانونية العراقية، وهذا ما ادى إلى اختلاف في مفهوم النص الانكليزي عما جاء بالنسخة العربية.([4])

 

كما يلاحظ أيضاً ما نصت عليه المادة (81 ـ أولا) على أن: “لأي شخص طبيعي أو معنوي عام أو خاص الحق في الاختيار بشراء منتجات التأمين أو خدماته من أي مؤمن أو معيد مالم ينص القانون على خلاف ذلك” فكلمة “القانون” جاءت مطلقة، وحسب القاعدة الفقهية “المطلق يجري على اطلاقه مالم يقم دليل التقييد نصا” أو دلالةً”، بمعنى اي قانون والمفروض أن يكون النص ” … مالم ينص هذا القانون على خلاف ذلك.”

 

وبما أن القانون قد كتب بلغة اجنبية فليس من المستغرب له ما جاء بالمادة (82) منه: “إذا نظمت وثيقة التأمين بلغات متعددة، فالعبرة عند الاختلاف في تفسيرها يعتد بنص الوثيقة التي كتبت بلغة المؤمن له.” من المعلوم أن وثيقة التأمين تعد الوعاء الذي ينصب به عقد التأمين، وبما أن عقد التأمين من عقود الاذعان فإنه يتوجب أن تعتمد لغة المؤمن وليس المؤمن له، كما أن الاعتداد بلغة اجنبية وتغليبها على لغة الام “العربية ” سيؤدي بالمحكمة عند وجود نزاع قضائي إلى اللجوء في تفسير النص القانوني المكتوب باللغة الانكليزية أو وثيقة التأمين باللغة التي كتبت فيها.  ويلاحظ أن هذه المادة تمس سيادة البلد اذ يفترض أن الاحتكام إلى النص العربي أو الكردي إن وجد باعتبارهما اللغتين الرسميتين في البلاد حسب أحكام الدستور العراقي النافذ.

 

والشرح يطول، لذا سنكتفي بهذه الملاحظات بخصوص الصياغة الشكلية لقانون تنظيم أعمال التأمين رقم (10) لسنة 2005 حتى لا نهمل الجانب الموضوعي له، وما جاء به من أحكام جديدة تسهم في النهوض بصناعة التأمين.

 

إن اهم ما جاء به القانون أعلاه استحداث هيئة مستقلة للإشراف والرقابة على أعمال التأمين وذلك بتأسيس ديوان التأمين.([5])  ويتمتع ديوان التأمين بالشخصية المعنوية الاعتبارية ومركزه في بغداد وبالإمكان فتح فروع له بالمحافظات إذا اقتضت الضرورة، وله استقلال مالي وإن كان المشرع العراقي لم يشير صراحةً على أنه يقوم على التمويل الذاتي، الا أننا نستشف من النصوص القانونية التي نظمت أحكامه أنه يعتمد في موارده لتغطية نفقاته واعداد ميزانيته من مبالغ الرسوم المستوفاة الخاصة بمنح اجازات التأمين وبدل الخدمات التي يقدمها والمنح والمساعدات وما يستوفيه من رسوم اخرى، وكان من المستحسن للمشرع العراقي تضمين ذلك صراحةً.

 

يلاحظ أن المادة (7 ــ ثانيا / أ) من القانون أعلاه قد تناول الشروط التي ينبغي توفرها فيمن يتولى رئاسة الديوان، ربما من الممكن تجاوزها وعدم النص على شرط العمر، كما اشترطت المادة ذاتها (ثانيا”ــ ج) أن يكون لرئيس الديوان ممارسة في ميدان التأمين أو حقل مرتبط به مدة لا تقل عن (5) سنوات، وارى أن تكون له خبرة فعلية في مجال التأمين فقط لا تقل عن (15) سنة ([6]).

 

إن من اهم مهامه القيام بتنظيم قطاع التأمين وتطويره وحماية حقوق المؤمن له والمستفيد من التأمين، ومراقبة شركات التأمين من اجل رفع أداءها والزامها بقواعد السلوك المهني في ممارسة نشاطها، اضافة إلى وضع الخطط والبرامج وإيجاد الحلول للمشكلات التي يعانيها قطاع التأمين من اجل خلق سوق تنافسي يقوم على مبدأ الشفافية ومكافحة غسيل الاموال، وبالمقابل فإن شركات التأمين العاملة في العراق ملزمة بتزويد ديوان التأمين بنماذج من وثائق التأمين وملحقاتها مع بيان الاسس الفنية العامة مع بيان معدلات الأقساط، وكذلك توفير الحماية للمؤمنين (شركات التأمين) من الافلاس بمنعها من الاكتتاب بمبالغ كبيرة تفوق قدرتها المالية. ([7])

 

كما منح قانون تنظيم أعمال التأمين رقم (10) لسنة 2005 لرئيس الديوان صلاحية قاضي جنح في فرض الغرامات بسبب المخالفات بعدم الالتزام بأحكام القانون، الا ان قرارته تخضع للطعن امام محكمة الاستئناف بصفتها التمييزية. ([8])

 

وبالرغم من أن القانون أعلاه اعطى الحق لطالب الإجازة بممارسة نشاط التأمين بالاعتراض على قرار الديوان عند رفض منح الإجازة امام القضاء الاداري الا أنه لم يحدد مدة الاعتراض، ولا آلية الاعتراض كأن يكون تظلماً امام المحكمة الادارية.([9])

 

أعطى القانون أعلاه للمؤمن المجاز بممارسة أعمال التأمين خارج حدود جمهورية العراق بمعنى أن له الحق بتوسيع النطاق الجغرافي لنشاطه، وهذا يسري على المؤمن الوطني أو الاجنبي على حد السواء. ([10])

 

لم يوضح القانون فيما إذا كان قرار رئيس الديوان قطعياً أو قابلا للطعن امام المحكمة الادارية فيما يخص تعليق إجازة المؤمن ومنعه من مزاولة نشاطه للأسباب الواردة في المادة (23) من القانون أعلاه. ([11])

 

اهم ما استحدثه القانون أعلاه “جمعية المؤمنين ومعيدي التأمين العراقية” ([12])، وتعد خطوة جيدة من اجل الارتقاء بالسلوك المهني والاخلاقي لشركات التأمين. ويتكون اعضاءها من جميع المؤمنين ومعيدي التأمين المجازون بممارسة التأمين في العراق، وتتمتع بالشخصية القانونية الاعتبارية، وتكون المسؤولية فيها تضامنية، وهي خاضعة لإشراف ورقابة ديوان التأمين.

 

لقد أعطى هذا القانون بموجب المادة (13 ـ خامسا) صلاحية لرئيس الديوان إجازة لشركات التأمين او إعادة التأمين ممارسة نشاطها. ([13]) ويؤخذ على الفقرة خامساً من المادة أعلاه انصراف الذهن إلى اعطاء صلاحية لرئيس الديوان لشركات التأمين غير المقيمة أيضاً ممارسة نشاطها، ويعد امتياز لها على حساب شركات التأمين أو إعادة التأمين العراقية بإعفائها ضمنيا من أية التزامات أو أعباء مالية كالضرائب مثلا.  في حين أوجب على المؤمن الاجنبي ضمن الفقرة ثالثا في نفس المادة أعلاه شركات التأمين غير العراقية في العراق المسجلة، فلا يمكن لأي شركة اجنبية أو فرعية ممارسة نشاطها ما لم يكن لها مقر في العراق حسب القوانين والأنظمة العراقية المرعية ([14])، اذ لابأس من تطوير أداء شركات التأمين العراقية من خلال ولوج شركات التأمين غير العراقية في سوق التأمين التي ستعطي للمومن له الخيار في انتقاء شركة التأمين التي يرغب في التأمين لديها، وبالتالي خلق منافسة مشروعة فيما يخص أسعار التأمين والخدمات على أن ينصب هذا الأمر في مصلحة ودعم الاقتصاد العراقي.

 

كما تضمن هذا القانون لأول مرة موضوع مكافحة غسيل الاموال في قطاع التأمين، إذ جاء في المادة 35ـ أولا على أنه: “يقصد بغسيل الاموال في أنشطة التأمين لأغراض هذه المادة تحويل أي اموال متأتية من عمل غير مشروع أو استبدالها أو استخدامها أو توظيفها بأي وسيلة لجعلها اموالاً مشروعة دون تحديد المصدر الحقيقي لها أو تحديد مالكها أو في حالة اعطاء معلومات غير صحيحة عنها.”  فغسل الأموال هو عبارة عن شرعنة الأموال غير المشروعة.

 

إن المشرع العراقي عالج مكافحة غسيل الاموال، بيد أنه ربطها بتمويل الارهاب بموجب القانون 39 لسنة 2015، إذ أن جريمة غسيل الاموال تعد جريمة لاحقة لنشاط اجرامي سابق حقق عوائد مالية غير مشروعة لغرض اسباغ الصفة الشرعية له، وغالبا ما تكون هذه الجريمة متصلة بجرائم أخرى كالإرهاب وتجارة المخدرات.  ويبدو أن غاية المشرع العراقي في مكافحة غسيل الاموال في نطاق التأمين يكمن في اصفاء مزيد من الشفافية والنزاهة في أعمال التأمين.

 

جاء في الفصل الثاني من قانون تنظيم أعمال التأمين رقم (10) لسنة 2005 الحلول البديلة لمنازعات التأمين باللجوء إلى التحكيم باعتباره وسيلة لحل النزاعات الناشئة عن تنفيذ عقد التأمين ودياً بدلا من اللجوء إلى القضاء، حيث أن إجراءات التقاضي تستغرق وقتاَ وجهداً، فضلا عن المصاريف مما يؤدي تأخير حسمها.  ولغرض تلافي التأخير في حسم النزاعات، فقد خول قانون تنظيم أعمال التأمين رئيس الديوان بوضع قواعد تنظيمية لحل المنازعات الناشئة بين حملة وثائق التأمين وغيرها، بضمنها التوسط والتحكيم على أن لا يتعارض مع أحكام هذا القانون، وأن تكون اجراءات التحكيم سرية ولا يجوز كشفها لأية جهة غير رئيس الديوان، دون موافقة خطية مسبقة عند الاحتجاج بها من الطرف الآخر.([15] )

 

كما تناول قانون تنظيم أعمال التأمين رقم (10) لسنة 2005 فصلاً كاملاً حول تصفية شركات التأمين وآلية التصفية واجراءاتها.([16])  ويلاحظ أن المشرع العراقي قد عالج مسألة تصفية الشركات التجارية وانقضاءها ودمجها بأنواعها، بغض النظر عن النشاط التي تزاوله، بقانون الشركات الخاصة رقم 21 لسنة 1997 ([17]) وقانون الشركات العامة رقم 1997([18])، وهذه الأحكام الواردة في القانونين المشار اليهما لازالت نافذة، فكان من الاجدر أن يتضمن قانون تنظيم أعمال التأمين رقم (10) 2005 نصاً يشير بعدم الأخذ بأي نص أو قانون يعارض أحكامه فيما يخص شركات التأمين، لأن شركات التأمين العامة وشركات التأمين الخاصة كليهما تخضع للقانونين أعلاه وحسب نوعها لكونها تمارس نشاطاً تجارياً إذ ان التأمين يعد من الأعمال التجارية استناداً لأحكام القانون التجاري رقم 30 لسنة 1984 المعدل إذ نصت المادة (5) منه على أن: “تعتبر الأعمال التالية أعمالا تجارية إذا كانت بقصد الربح، ويفترض فيها هذا القصد ما لم يثبت العكس: رابع عشر ــ التأمين ”

 

خاتمة

وخلاصة مما تقدم يلاحظ ان القانون يكتنفه الضعف والعجالة وعدم الدقة في الصياغة اللغوية والاسلوب القانوني، وهذا ناشئ عن الترجمة الحرفية له، مما سببت ارباكاً للعاملين في قطاع التأمين بسبب عدم وضوح نصوصه وغموضها.  كما لاحظ المهتمون بقطاع التأمين أنه جاء متأثراً إلى حد ما بقانون تنظيم أعمال التأمين وتعديلاته الأردني رقم 33 لسنة 1999. ([19])

 

ومن اجل الارتقاء بصناعة التأمين في ظل توجه الدولة من الاقتصاد المركزي إلى اقصاد السوق الحر، فإن من الضروري بمكان وجوب الاهتمام بهذا القطاع الذي يعد من اساسيات هذا الاقتصاد من خلال إعادة النظر بقانون تنظيم أعمال التأمين رقم (10) لسنة 2005، وبقية القوانين والنصوص التي تنظم عقود التأمين وتوحيدها بقانون مستقل على غرار قانون التأمين الفرنسي يتناول في طياته كل ما يتعلق بعقود التأمين وانواعه واجراءاته والرقابة على نشاطه وتنظيم أعماله.

 

23 حزيران 2019

 

اســـــراء صالح داؤد

المستشار القانوني المساعد

شركة التأمين الوطنية – فرع نينوى

 

[1]) منشور بالنسخة الانكليزية والعربية بالوقائع العراقية السنة السادسة والاربعون، العدد 3995 في 3 /3 / 2005. وتجدر الإشارة إلى أن مجلة الوقائع العراقية كانت تصدر باللغتين العربية والانكليزية ابان الاحتلال الأمريكي.

2) للمزيد، انظر مصباح كمال، قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 (بغداد: منشورات شركة التأمين الوطنية، 2014)، ص 49 وما يليها.

[3]) انظر الجريدة الرسمية (الوقائع العراقية) العدد 3966 في 17 /6 /2003

[4]( لاحظ نص المادة (91):

“All ministers, governmental department, or public  corporations and companies in which the Iraqi government holds shares or a business interest that derives  benefit from the insurance business shell submit all data, records or other documentation relating to the insurance arrangements in which they have an interest or affiliation, as requested by the director general for any specified period of time he may determine to be relevant by the deadline he sets.”

في حين جاء النص باللغة العربية لها ناقصاً وغامضاً: “على جميع الوزارات ودوائر الدولة التي تستفيد من أعمال التأمين تقديم أي بيانات او معلومات بترتيبات التأمين الحاصلة عليها”

[5]( راجع المواد (5-12) من قانون تنظيم أعمال التأمين رقم 10 لسنة 2005.

[6]) نصت المادة 7 ـ ثانياً: يشترط في من يعين رئيساً للديوان: أ /ان لا يقل عمره عن (29) تسع وعشرون سنة كاملة، ج/ ان يكون له ممارسة في ميدان التأمين او حقل مرتبط به مدة ان لا تقل عن (5) خمس سنوات ”

[7]) راجع المواد من (8 ـ إلى 12) من قانون تنظيم أعمال التأمين رقم 10 لسنة 2005.

[8]) راجع المادة (101) من قانون تنظيم أعمال التأمين رقم 10 لسنة 2005.

[9]) نصت المادة 19 ــ رابعا على ان: “لطالب منح الإجازة عند رفض طلبه ان يطعن بقرار الرفض امام محكمة القضاء الاداريوفق القانون.”

[10]) انظر المادة 22ـ اولا من قانون تنظيم أعمال التأمين رقم 10 لسنة 2005.

[11]) المادة 23 ـ اولا ـ: “لرئيس الديوان تعليق إجازة المؤمن لمدة لا تتجاوز سنة لفرع او أكثر من فروع التأمين التي يمارسها في أي من الحالات التالية: …..”

[12]) المادة (84) من قانون تنظيم أعمال التأمين رقم 10 لسنة 2005.

[13]) نصت المادة 13 على ان: “لا يجوز مزاولة أعمال التأمين في العراق الا من قبل: خامسا ـ مؤمن او معيد تامين اخر يعتبره الديوان مؤهلا وذو قدرة مالية شرط التزامه بأحكام هذا القانون ”

[14]) راجع نظام فروع الشركات الاجنبية رقم (2) اسنة 2017، إذ نصت المادة 14 / اولا: “يحضر على الشركة الاجنبية ممارسة أي نشاط تجاري او فتح مقر لها في العراق إذا لم تمنح إجازة تسجيل وفقا” لأحكا م هذا النظام.”

[15]) راجع المادة (79) من قانون تنظيم أعمال التأمين رقم (10) لسنة 2005.

[16]) راجع المواد (57ــ74) من قانون تنظيم أعمال التأمين (10) لسنة 2005.

[17]) راجع المواد (148ــ180) من قانون الشركات الخاصة رقم 21 لسنة 1997.

[18]) راجع المواد (31 ــ39) من قانون الشركات العامة رقم 22 لسنة 1997 المعدل.

[19]) المنشور على الصفحة 4271 من عدد الجريدة الرسمية رقم 4389 تاريخ 1/11/1999، المعدل بموجب قانون مراقبة أعمال التأمين المؤقت المعدل رقم 67 لسنة 2002، المنشور على الصفحة 5482 من عدد الجريدة الرسمية رقم 4572 تاريخ 17/11/2002.

Appeal of Insurance

جاذبية التأمين

 

 

محررو الكتاب:

جيفري كلارك، أستاذ التاريخ، جامعة ولاية نيويورك، بوتسدام

غريغوري أندرسون، مساعد عميد مدرسة الأعمال (سابقاً)، جامعة سالفورد

كريستيان ثومان، زميل أقدم، مركز دراسات الخطر والتأمين، جامعة لايبنتز، هانوفر

ج-ماتياس غراف فون دير شولنبرغ، أستاذ إدارة الأعمال ومدير مركز دراسات الخطر والتأمين، جامعة لايبنتز، هانوفر

 

المراجعة:

شارون آن ميرفي*[1]

أستاذة، قسم التاريخ، كلية بروفيدانس

 

الترجمة:

مصباح كمال**

 

نشرت هذه الترجمة أصلاً في شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2019/06/The-Appeal-of-Insurance.pdf

 

 

برز مؤخراً اهتمام علمي بتأريخ التأمين يعكس، ربما، المخاوف في القرن الحادي والعشرين من التخفيف من أهمية الأخطار.  ويأتي كتاب جاذبية التأمين، ومقالاته العشرة المُحفّزة على التفكير، وهو ثمرة لمؤتمر كبير حول صناعة التأمين، تأكيداً على هذا الاتجاه.

 

وفي حين يؤكد المحرران جيفري كلارك Geoffrey Clark (جامعة ولاية نيويورك في بوتسدام) وجريجوري أندرسون Gregory Anderson (جامعة سالفورد) بشكل عام في مقدمة الكتاب بأن التأمين أثَّر على المؤسسات الاقتصادية المعاصرة، وتقنيات الحكومة، وآليات الرعاية الاجتماعية، وأنماط التفكير، فإنه من المفترض أن جميع المقالات في الكتاب تدور حول المفهوم الضيق للجاذبية والازدواجية الكامنة في معناه: الجاذبية والالتماس/النداء (ص 3).

 

ولكن في حين أن هذا الخيط المُوحّد للكتاب يظهر بوضوح في العديد من المقالات، فإن وجود البعض منها بين دفتي الكتاب يبدو غير مناسباً.  بالإضافة إلى ذلك، فإن نطاق المواضيع الرئيسية والجغرافية والزمنية للمقالات غير متساوٍ.  فأكثر من نصفها يركّز على صناعة التأمين في بريطانيا، وأكثر من نصفها يركّز بشكل رئيسي على التأمين على الحياة، وثلاثة أرباع منها تتناول التأمين في القرن الثامن عشر أو التاسع عشر.

 

وفي حين أن عدم التوازن هذا لا ينتقص من جودة المقالات الفردية، إلا أنه كان بإمكان الكتاب تقديم سرد شامل أكثر تماسكاً لو أن المحررين (الذين يضمون أيضاً كريستيان ثومان و ج-ماتياس جراف فون دير شولنبرج، وكلاهما من جامعة لايبنتز في هانوفر) حاولوا التركيز على فروع تأمين محددة قبل الحرب العالمية الأولى، وفي الأثناء يلقون بشبكتهم الجغرافية على نطاق أوسع (على الأقل داخل أوروبا).  ومع ذلك، أظن أن عدم التوازن هذا يعكس إلى حد كبير حقائق التأريخ الحالي للتأمين.

 

إن المقالات التي تتلاءم مع بعضها بشكل أفضل هي المقالات التي تتناول التجربة المعيشية للأفراد الذين توسَّلوا بحماية التأمين استجابة لبيئة الأخطار المتسمة بسرعة التغير.  وتركّز هذه المقالات على توقيت الطلب [على التأمين]، واللغة المستخدمة لفهم بيئة الأخطار، وسلوك الأفراد المؤَّمَنين، والتصدي لأولئك المفكرين الذين يُحاجّون بأن التأمين استراتيجية عقلانية بحتة للتخفيف من الأخطار.  ففي المقالة التي تحمل عنوان “كيفية ترويض المصادفة: تطور لغة الخطر، والثقة، والخبرة في شركات التأمين الألمانية الأولى في القرن الثامن عشر” تبحث إيف روزنهافت Eve Rosenhaft (جامعة ليفربول) حال المشاركين في اثنين من صناديق [تأمين] الأرامل الألمانية في القرن الثامن عشر، لإثبات أن السلوكيات التي تميل إلى تجنب الخطر risk-averse (كالانضمام إلى جمعية لتوفير معاش لزوجتك وأطفالك عند وفاتك) لم تكن متعارضة بشكل متبادل مع السلوكيات التي تميل إلى المجازفة (مثل الوثوق في أن هذا النوع من الجمعيات غير المُجرَّبة لن تفشل قبل أن تستفيد عائلتك من الحماية التي تقدمها).  وبما أن العلاقة القائمة على الثقة قد تحولت من العناية الربانية إلى المديرين الخبراء على مدار القرن الثامن عشر، فإن روزنهافت تقدم حُجَّة مثيرة للاهتمام وهي أنه على الرغم من تطور فهم المشاركين [في صناديق التأمين] وتوقعاتهم للخطر، فإن اقتناء هذا التأمين البدائي لا يمثّل تحولاً واعياً نحو تجنب المخاطر مقابل الإقدام على المجازفة.

 

ويتوصل روبن بيرسون Robin Pearson (جامعة هال Hull) إلى استنتاج مماثل في مقالته “الحريق والتأمين على الممتلكات وتصورات الخطر في بريطانيا في القرن الثامن عشر.”  ويؤكد بيرسون، في تنظيره للفكرة القائلة إن التأمين ضد الحريق كان استجابة عقلانية لازدياد خطر الحريق في المدن، أن هذه الصناعة تُدين بنموها إلى عوامل غير امبيريقية مثلما تُدين لظهور معرفة إحصائية محددة تشير إلى أن الناس كانوا مهتمين بالأخطار القابلة للقياس وبعدم اليقين غير القابل للقياس، والحظ والمصير، والخوف والاحتراز والعاطفة والعقل.  (ص 85).  والأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أنه يخلص إلى أن استراتيجية الحدّ من الأخطار، المتمثلة في شراء التأمين ضد الحريق، لم تكن مصحوبة بتدابير بديلة أخرى قائمة على الفطرة السليمة للوقاية من الحريق: “لم يكن الاحتراز نتيجة للتأمين أكثر مما كان نتاجاً لعلم التنبؤ.” (ص 98).

 

تستمر دراسة هذه الأسئلة المتعلقة باللغة وتصور مفهوم الخطر في مقالتي جيفري كلارك وتيموثي ألبورن Geoffrey Clark and Timothy Alborn، في تعاملهما مع المأزق المعنوي المتمثل في وضع قيمة نقدية على حياة الإنسان.  ففي مقالة “جاذبية العبيد: التأمين وصعود الممتلكات التجارية” يقوم كلارك بالتحقيق في المشاكل القانونية المحيطة بتأمين العبيد (الذين كانوا في وقت من الأوقات يُصنَّفون كحيوانات وممتلكات)،[2] وكيف أن معضلات مماثلة برزت في وقت لاحق مع وثائق التأمين على الحياة القائمة على المضاربة والتأمين من قبل الزوجات على أزواجهن.  فمن خلال “تشبيك الفاعلين الاقتصاديين economic actors معاً بطرق مبتكرة … فإن هذه العقود التجارية المهينة اجتماعياً كانت تُهدد ليس فقط بقلب التسلسل الهرمي الاجتماعي الراسخ، ولكن أيضاً تعمل على الحد من الحرية الاقتصادية للذات بسبب due to الأزواج والآباء والأسياد.” (ص 67-68).  إن الطبيعة المتناقضة للتأمين كسلعة أخلاقية وأداة للمضاربة تجد سنداً لها من قبل ألبورن (كلية ليمان، جامعة سيتي في نيويورك) في مقالته “ترخيص الرهان: التأمين على الحياة وقانون المقامرة في المحاكم البريطانية.”  إن الطبيعة المشكوك فيها بشدّة لقانون المقامرة لعام 1774، الذي كان يهدف إلى القضاء على وثائق التأمين على الحياة القائمة على المضاربة من خلال “تقرير الحدود الفاصلة بين التأمين الشرعي وغير الشرعي” كشفت أن “سوق التأمين … كانت جاذبة لجميع الطبقات الاجتماعية بسبب وليس على الرغم من حقيقة أنها [سوق التأمين] في كثير من الأحيان تتدرج بشكل غير محسوس نحو القمار. (الصفحة 109).

 

وفي حين أن هذه المساهمات الأربعة تتلاقى في منهجها بشكل جيد للغاية، فإن المجموعة الثانية من المقالات تبتعد عن التجربة الحياتية لتأمين الأفراد وتركّز بدلاً من ذلك على العلاقة المتبادلة بين صناعة التأمين والدولة.  فمقالة ليز ماكفال McFall Liz (الجامعة المفتوحة) “قواعد الاحتراز: الليبرالية السياسية والتأمين على الحياة في القرن التاسع عشر” هي بمثابة دراسة انتقالية بين هذين النهجين.  وفي حين أنها تركز أيضاً على قضايا اللغة، فإن تركيزها على “الاحتراز” لا يهتم بكيفية فهم الجمهور المؤَّمَن لهذا المفهوم.  بدلاً من ذلك، فإنها مهتمة بترويج شركات التأمين لهذا المفهوم، وكيف أن مؤسسات التأمين على الحياة في القرن التاسع عشر كانت تبيع منتجاتها بطريقة تعكس بشكل واضح التيار السائد داخل الليبرالية الفيكتورية. (ص 145).

 

بالنسبة لمعظم المقالات الباقية، فإن فكرة أن التأمين على الحياة كان واحداً من تلك التقنيات التي بَدَتْ وكأنها نشأت لسد الفجوة بين النظرية الحكومية الليبرالية المجرّدة وإدارة المشاكل الاجتماعية الملموسة (ص. 145-146) تبدو الفكرة الموحدة الأكثر مطابقة لتجربة الفرد مع التأمين.  على سبيل المثال، فإن مقالة شولنبورغ وثومان Schulenburg and Thomann “غوتفرد فيلهلم لايبنتز والعمل التأميني” تهتم بالدرجة الأولى بتأكيد هذا العالِم والفيلسوف من القرن السابع عشر على أنه “يتعين على الحكومة تأسيس شركات تأمين عامة لأن رفاهية الناس ستزداد إذا كانت مخاطر معينة مغطاة بشكل آمن من خلال مشروع عام؟ (ص 44).

 

مثل ماكفال، يبذل غريغوري اندرسون Gregory Anderson جهداً كبيراً في مقالته المثيرة للاهتمام “الصدق، الأمانة، والتأمين في إنجلترا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر” لتعزيز فكرة محددة من خلال التأمين، وهذه المرَّة من خلال مفهوم الأمانة وعلاقته بالمبادئ الحاكمة.  فمع بدء النظام القانوني لمعالجة مشكلة جرائم ذوي الياقات البيضاء الناشئة، استجابت صناعة التأمين بإيجاد ضمان تأميني “لتوفير الحماية ضد أعمال خيانة الأمانة من قبل موظفين موثوق بهم في الشركات العامة والخاصة ومن قبل موظفي الدولة” (ص 151).  إن مطالب أصحاب العمل، وعلى وجه الخصوص، الدولة نفسها التي باتت تشعر بالقلق من العواقب المالية الحقيقية (وبالتالي السياسية) لجرائم الطبقة الوسطى ضمن الرتب البيروقراطية المتنامية، ساهمت في تشكيل فرع ضمان الأمانة.  ومع ذلك، وكما يكشف أندرسون، كان من غير الواضح دائماً ما إذا كان هذا المُنتج التأميني الجديد قد ساهم بالفعل في تعزيز الاستقرار والأمن التجاريين (ص 160).  أو بالأحرى، ساهم في تقويض الأخلاق الشخصية (ص 161).

 

هذه العلاقة المتشابكة بين شركات التأمين والجهات الحكومية الفاعلة واضحة كذلك في المقالات التي كتبها مارتن لينغوايلر Martin Lengwiler وجيرونيا بونس بونس Jeronnia Pons Pons.  فعلى نفس النمط المماثل لأندرسون، تجد بونس بونس (جامعة إشبيلية) في تأمين أرباب العمل وتأمين الحوادث الصناعية في إسبانيا، في الفترة 1900-1963، أن كلا من البيئة القانونية المتغيرة باستمرار ومتطلبات العملاء من الشركات ساهمتا بشكل كبير في التأثير على تطوير صناعة التأمين ضد الحوادث في إسبانيا.  فقد قام أرباب العمل في القطاع الخاص، بشكل ما، بدور الوسيط بين الشروط التي تفرضها الدولة والمنتجات التي تقدمها شركات التأمين: على الرغم من صحة القول إن أرباب العمل قاموا بإجراء التأمين بفضل المسؤوليات التي ألزمهم القانون الجديد بها في الآونة الأخيرة، إلا أنهم سرعان ما وجدوا مزايا في ممارسة التأمين، وقبل كل شيء، في السيطرة على عملية التأمين، (ص 202).  لقد كان الخوف الأكبر لهذين الطرفين (أرباب العمل والشركات الخاصة) هو أن تحاول الدولة بشكل استباقي بالتأثير على تركيبة ومسار سوق التأمين.  ربما كانوا يخافون من نمط النظام الصناعي الذي وجده لينغوايلر Lengwiler (جامعة بازل) كامناً في مقالته “الجاذبيات المنافسة: صعود اقتصادات الرفاه المختلطة في أوروبا، 1850-1945.”  تنصبُّ دراسة لينغوايلر على مشاريع التأمين العامة على نمو صناعة التأمين الصناعي في إنجلترا وألمانيا، وصناعة التأمين الصحي في ألمانيا وسويسرا.  واعتماداً على اهتمامه باتخاذ القرارات المؤسسية أكثر من اهتمامه باستجابة جمهور المؤمن لهم لهذه المشاريع المتنافسة، يستنتج لينغوايلر برؤية صائبة إلى أن “الجاذبية المتزايدة للتأمين بعد أواخر القرن التاسع عشر قد قامت … من خلال المنافسة والتفاعل بين الأطراف الفاعلة العامة والخاصة داخل سوق التأمين.” (ص. 173).

 

تبدو المقالة الأخيرة في الكتاب “خمس مفارقات في التأمين” لآرون دويل Aaron Doyle (جامعة كارلتون والمدرسة النرويجية للإدارة) والراحل ريتشارد إيريكسون Richard Ericson (جامعة تورنتو)، للوهلة الأولى، على أنها النشاز بين المقالات، لكن هذه المقالة في الواقع هي الفرصة الأكبر التي ضاعت على محرري الكتاب.  إن دويل وإريكسون ينظران بعمق لصناعة التأمين ككل من منظور حديث، ويشيران إلى مفارقات أو توترات أساسية في مؤسسة التأمين نفسها، (ص 227)، مثل: كيف أن الصناعة التي ظهرت في بادئ الأمر كوسيلة لتفتيت الأخطار spreading risks أخذت الآن بتجميع الناس في مجمعات للأخطار risk pools أصغر من ذي قبل، مع جداول للتسعير مختلفة بشكل كبير، وكذلك العواقب غير المتوقعة وغير المقصودة (ص 233) لمُنتج يُراد منه ظاهرياً تقليل الأخطار يشجع في الواقع سلوكيات تحمُّل الأخطار risk-taking [المجازفة].

 

بدلاً من أن تكون خاتمةً للكتاب، كان بالإمكان جعل مقالة دويل وإريكسون الرائعة إطاراً مثالياً للكتاب بأكمله، مما كان سيُبيّن بفعالية أن تناقضات صناعة التأمين الحديثة لها جذورها في حقائق التاريخ.  وفي حين أن مفهوم “الجاذبية” ينطبق بشكل جيد فقط على بعض فصول الكتاب، فإن “المفارقة” تنتظم جوهر الأغلبية.  وعلى الرغم من أن كتاب جاذبية التأمين يعاني من نقاط الضعف الملازم لمعظم ملخصات أوراق المؤتمرات، إلا أن نقاط قوته تكمن في جودة الأجزاء الفردية، إذ يعكس كل جزء منها دراسة ناضجة لكتابة التأريخ تحمل معها قدرة التصدي للفروق الدقيقة في هذه الصناعة الأساسية.

[1] نشرت هذه المراجعة في موقع EH.NET (أيار/مايو 2011)

http://eh.net/book_reviews/the-appeal-of-insurance/

 

Geoffrey Clark, Gregory Anderson, Christian Thomann, and J.-Matthias Graf von der Schulenburg, editors, The Appeal of Insurance. Toronto: University of Toronto Press, 2010. x + 247 pp. $50 (cloth), ISBN: 978-1-4426-4065-8.

 

Reviewed for EH.Net by Sharon Ann Murphy, Department of History, Providence College.

 

حقوق الطبع والنشر (c) لعام 2011 محفوظة لـ EH.Net.

 

شارون آن ميرفي Sharon Ann Murphy هي مؤلفة كتاب “الاستثمار في الحياة: التأمين في الولايات المتحدة الأمريكية” (مطبعة جامعة جونز هوبكنز، 2010).

[2] للمزيد من المعلومات أنظر: مصباح كمال، “التأمين والعبودية: فصل بغيض في تاريخ التأمين الرأسمالي،” الثقافة الجديدة، العدد 398-399، تموز 2018.  نشرت أيضاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2018/08/Misbah-Kamal-Sordid-Chapter-in-the-History-of-Capitalist-Insurance.pdf

 

Role of Iraq’s Insurance Sector in Establishing Arab Insurance Companies

دور قطاع التأمين العراقي بتأسيس شركات تأمين عربية

 

 

عبد الباقي رضا

 

نشرت هذه المقالة أصلاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2019/06/مساهمة-قطاع-التأمين-العراقي-بتأسيس-شركات-تأمين-عربية-عبد-الباقي-رضا.pdf

 

 

تقديم

 

كتب الأستاذ عبد الباقي رضا رسالته عقب تسلّمه لمقالة قديمة لي حول مساهمة قطاع التأمين العراقي في تأسيس شركات تأمين عربية.  وقد اتفقت معه على إعدادها للنشر لأنها تشكل، في رأيي، شهادة شخصية على مرحلة ونشاط متميز لقطاع التأمين العراقي.

 

تسدُّ رسالة الأستاذ عبد الباقي رضا، ومن موقف شخصي، فراغاً في تاريخ التأمين العراقي تستحق كل التقدير.  نلاحظ في رسالته أن الاستثمار العراقي في تأسيس شركات التأمين خارج العراق كان يقوم به القطاع الخاص (كما في حالة تأسيس شركة ليبيا للتأمين سنة 1964 وشركة النيل الأزرق للتأمين سنة 1965) والقطاع العام (كما في حالة تأسيس شركة البحرين للتأمين سنة 1970 وشركة سبأ للتأمين سنة 1990).  إلا أن الدوافع وراء هذه الاستثمارات ليست واضحة: هل كانت اقتصادية صرْفه أم كان فيها بُعدٌ سياسي.  ومن الغريب أن التعريفات المختصرة بهذه الشركات المنشورة في الإنترنيت لا تذكر المساهمة العراقية في تأسيسها!

 

نلاحظ في هذه الرسالة أيضاً الدور الناشط للأستاذ عبد الباقي في هذه الاستثمارات الخاصة والعامة.  وهو يكتب عنها بحيادية تامة ودون إبداء موقف فكري منها.  إن مكانة الأستاذ عبد الباقي، وغيره من رجالات التأمين العراقي، لم تستأثر حتى الآن اهتمامات الباحثين الأكاديميين.  ربما سيأتي اليوم عندما يقوم الباحثون في الكشف عن أدوارهم.

 

يرد في الرسالة ذكر للطفي العبيدي، وهي شخصية ملتبسة، ومن يقرأ ما هو منشور عنه في الإنترنت يكتشف ارتباطاته السياسية المتعددة، العراقية والعربية والأجنبية، وهو ما لا يعنينا في هذا التقديم القصير لكننا نتمنى أن نقرأ تقييماً أكاديمياً لدوره في مجال التأمين.  فنحن لا نعرف، مثلاً، مصادر ثروة العبيدي التي استفاد منها في تأسيس “مشاريع متعددة” ومنها شركات التأمين، كما يقول بهاء بهيج شكري.  هل كانت ميراثاً من عائلته، أم جاءت نتيجة لصفقات تجارية ناجحة، أم من مصادر أخرى؟   إن المعلومات بهذا الشأن يمكن أن تلقي بعض الضوء على تكوين وسلوك أصحاب رأس المال في العراق.  يذكر المحامي بهاء بهيج شكري في تعريفه بلطفي العبيدي بأنه

 

محامي عراقي، ترك العمل بالمحاماة وانصرف للأعمال التجارية.  وقد أسس مشاريع متعددة منها شركة التأمين العراقية.  وكان جميع رجال التأمين والمصارف والاقتصاديين على اختلاف مناصبهم ومراكزهم، يعتبرونه من أنجح رجال الأعمال في العراق، ويتوددون له بغية إشراكهم معه في مشاريعه، أو الاستفادة من نفوذه الذي أخذ يتصاعد لدى السلطات الحاكمة على اختلاف اتجاهاتها.[1]

 

إن تاريخ التأمين العراقي لم يكتب بعد، ويتمنى الواحد منا أن يقرأ المزيد من الشهادات الشخصية حول هذا التاريخ، وأن يجري نشر الوثائق الخاصة به والمحفوظة في السجلات المختلفة الرسمية وغير الرسمية.

 

مصباح كمال

أيار/مايو 2019

 

ملاحظة

جميع الهوامش من وضع مصباح كمال.

 

نص رسالة الأستاذ عبد الباقي رضا

 

زودني الأخ الأستاذ عبد الخالق رؤوف[2] بلمحتك الأولية عن مساهمة قطاع التأمين العراقي بتأسيس شركات تأمين عربية[3] فاستغربت أنها لم تأتني منك مباشرة.

 

لمحتك الأولية أثارت لدي ذكريات نادرة وعزيزة لم تُتح مناسبة لتثبيتها على الورق وإن كان معظمها موثقاً في سجلات شركة التأمين الوطنية.  ورغم مرور أكثر من خمسين سنة على أغلبها فلا زالت مستقرة في زوايا ذاكرتي التي بدأ الكبر والتعب ينال منها!  مع ذلك وجدت لمحتك الأولية سبيلاً لتنشيط وحفز بعض المتراكمات ذات العلاقة بها فوجدت من المفيد أن أرويها لك بإيجاز.

 

في سنة 1963 كنت المدير المالي لشركة التأمين العراقية الخاصة التي التحقت بها مديراً للحسابات في 1/10/1959 وهي في مراحل تأسيسها فكنت أول من تعيّن فيها.  كان من ضمن مهامي كمدير مالي متابعة استثماراتها في الأسهم والإشراف على (شركة الاستثمارات العراقية المحدودة) التابعة لها.

 

بهذه الصفة اصطحبني رئيس مجلس إدارة التأمين العراقية المرحوم المحامي لطفي العبيدي معه إلى ليبيا عن طريق القاهرة بهدف السعي لتأسيس شركة تأمين فيها.  في القاهرة أقمنا عدة أيام في فندق هلتون النيل.  هنا ورد إلى ذهني أن أجرة الغرفة على النيل كانت 6 جنيهات والمطلة على ساحة التحرير خمس جنيهات مصرية!  أجرى العبيدي اتصالات مع بعض رجال التأمين الذين كانت له معرفة بهم.

 

من القاهرة توجهنا إلى ليبيا التي كانت في عهدها الملكي السنوسي.  أجرى العبيدي وأنا معه اتصالات مع عدد من رجال الأعمال البارزين وعرض عليهم فكرة أول شركة تأمين وطنية تؤسس في المملكة فقوبل بالترحاب.  كان المرحوم الدكتور نور الدين العنيزي، محافظ البنك المركزي السابق، يعمل مستشاراً أو مديراً لأعمال أحد أبرز رجال الأعمال.  تمَّ التوصل إلى اتفاق مبدئي على تأسيس أول شركة تأمين سُميت فيما بعد (شركة ليبيا للتأمين).

 

في مطلع سنة 1964 أوفدت إلى طرابلس لإكمال إجراءات تأسيس الشركة، واستغرقت إقامتي فيها أياماً أنجزت فيها توقيع عقد التأسيس في مكتب المحامي المرحوم عامر الدغيس الذي بلغني أنه أعدم في عهد القذافي.

 

أعلمني المحامي أنه كان صديقاً للمرحوم الدكتور سعدون حمادي يوم كان يعمل في البنك المركزي في ليبيا.  كانت إجراءات تسجيل عقود الشركات تتم في مكاتب محامين مجازين.

 

لم أذهب بعد ذلك إلى ليبيا، وتولى الليبيون إكمال إجراءات التأسيس، وانتخب الدكتور العنيزي رئيساً لمجلس إدارتها، وبترشيح من العبيدي عُيّن المرحوم أحمد عنان، أحد أعمدة التأمين في مصر، مديراً عاماً للشركة، وأصبح العبيدي عضواً في مجلس إدارتها.

 

بعد وقت قصير من تأسس الشركة وبالتحديد في 14/7/1964 أُممت شركات التأمين العراقية، وما أن بلغ هذا النبأ الدكتور العنيزي حتى قرر عدم التعامل مع شركة حكومية وأصرَّ على تخلّي شركة التأمين العراقية عن مساهمتها في رأسمال شركة ليبيا للتأمين.  ولم يتردد رئيس المؤسسة العامة للتأمين (المرحوم طالب جميل) يومذاك في تلبية رغبة الليبيين.  فتخلّت (العراقية) عن مساهمتها في شركة ليبيا للتأمين.

 

كان وفاءً جميلاً من القائمين على شؤون شركة ليبيا للتأمين دعوتي للمشاركة في احتفالهم بمرور 25 سنة على تأسيسها سنة 1989،[4] فلبيت الدعوة شاكراً لهم طيبتهم.  وقد كُرّمتُ خلال الاحتفال وصورت مع بعض العاملين فيها مما كان له أثر طيب في نفسي أتذكره باعتزاز وتقدير.

 

 

بعد إجراءات التأميم في العراق غادره المرحوم العبيدي ليمارس نشاطه خارج العراق، وكان منه أن عمل على تأسيس (شركة النيل الأزرق للتأمين)[5] في الخرطوم، واختار مديراً عاماً لها الزميل فاروق الهويدي، الذي كان آخر مدير عام لشركة الـتأمين العراقية قبل تأميمها.  كما التحق بالشركة أيضاً الزميل السيد طارق سعيد تاركاً العمل في (العراقية) المؤممة.  لا بد أن تكون لديه معلومات أكثر عن نشاط هذه الشركة.

 

وضمن نشاط العبيدي خارج العراق سعى لتأسيس شركة تأمين في الكويت فانتدب لذلك المرحوم عطا عبد الوهاب الذي ذهب إلى الكويت لهذه المهمة فاختطف فيها ونقل إلى العراق، كما هو معروف.[6]

 

 

في سنة 1968، وبعد مرور سنتين على بدء عملي في شركة التأمين الوطنية وتحديداً في 1/2/1966 أوفدت وزميلي المرحوم عزيز مراد إلى أقطار الخليج العربي: الكويت، البحرين، قطر، الإمارات العربية المتحدة (أبو ظبي ودبي) بمهمة دراسة الظروف الملائمة لتأسيس شركات تأمين وطنية فيها بمساهمات عراقية.  لا أتذكر الجهة التي صدرت منها هذه الفكرة والمبادرة.  قمنا بزيارة الأقطار المذكورة وأجرينا الاتصالات المقتضية واطلعنا على ظروف العمل في كل منها، وانتهينا إلى اختيار البحرين لتكون الهدف الأول، إذ لم تكن فيها غير وكالات لشركات تأمين أجنبية تمارس التأمين ويمثلها رجال أعمال بارزون ذوو أنشطة متعددة.  قدمنا التوصية معززة بالمبررات فحصلت المصادقة عليها من قبل وزير الاقتصاد وكُلّفتُ بالمباشرة بالتنفيذ.  رافقني في هذه الزيارة التالية للبحرين الزميل الراحل عزيز مراد.

 

قمت برحلات متعددة إلى البحرين برفقة واحد من زملائي في شركة التأمين الوطنية، أجريت خلالها زيارات لسمو أمير البحرين المرحوم الشيخ عيسى بن سلمان وشقيقه رئيس الوزراء سمو الشيخ خليفة بن سلمان، أطال الله عمره، ومسؤولين آخرين والعديد من رجال الأعمال البارزين.  كان الدعم الحكومي لمشروعنا، تأسيس أول شركة تأمين وطنية، كبيراً وجاداً ساعد في تجاوز المواقف المترددة من بعض رجال الأعمال لأسباب مختلفة.

 

في إحدى الزيارات كان الوفد برئاسة رئيس المؤسسة العامة للتأمين آنذاك المرحوم أديب جلميران، وتشرفنا بمقابلة سمو الأمير الذي تفضل بتكريمنا بهدايا ثمينة.  كما قابلنا العديد من رجال الأعمال المرشحين للمشاركة في التأسيس.

 

أُبيّنُ فيما يلي بعض اللمحات والخواطر في مسيرة تأسيس شركة البحرين للتأمين[7] كأول شركة تأمين وطنية في البحرين:

 

–       في زيارتي الأولى برفقة الزميل الراحل عزيز مراد تشرَّفنا بتلبية دعوة عشاء من سمو الأمير الراحل الذي بارك مشروعنا منذ البداية.

 

–       ساعدنا في التعرّف على بعض رجال الأعمال صحفي عراقي مقيم في البحرين منذ زمن طويل اسمه الأول (علاء)، كان يتمتع بعلاقات طيبة مع سمو الأمير وغيره من المسؤولين ورجال الأعمال.

 

–       كان لدعم سمو رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان أثر كبير في نجاح مشروعنا، يشكر عليه.  وهنا أتذكر: في إحدى زياراتي له أخبرني أن الحاج خليل كانو، أحد كبار رجال الأعمال والوجهاء، كان في زيارته ليسترشد برأي سمّوه في المشاركة في تأسيس الشركة فقال (إنه يخشى أن يؤممهم العراقيون!) فأجابه سموه بأننا نحن من سيؤمم العراقيين وليس هم!  وأكد له دعم الحكومة لمشروع تأسيس لشركة.

 

–       كانت هناك معارضة وتردد من بعض رجال الأعمال لأسباب مختلفة غير أن الدعم الحكومي كان كفيلاً بكسب مشاركتهم في التأسيس.

 

–       حضرت اجتماعاً مسائياً لمجلس إدارة غرفة صناعة وتجارة البحرين برئاسة المرحوم عبد الرحمن الوزّان لبحث الموضوع وتحديد حجم مساهمة كل طرف.  كان الاجتماع مُتعباً، وكان الرأي السائد تحديد مشاركة الجانب العراقي بـ 25% وكنت طلبت 40% فلم أوفق.  كان معي في هذه الرحلة المرحوم بصري محمد صالح.  عدت في اليوم التالي إلى بغداد وعرضت الحالة على وزير الاقتصاد المرحوم الدكتور فخري قدوري فأكد ضرورة العودة إلى البحرين والاتفاق مع الجانب البحريني على أية نسبة.  عدت فعلاً وتوصلت مع الجانب البحريني على أن تكون مساهمتنا بثلث رأس المال وتمثيلنا في مجلس الإدارة بذات النسبة.  لذلك تكوَّن المجلس من عدد زوجي هو ستة أعضاء وليس عدداً فردياً كما هي العادة في تشكيل المجالس.

 

–       لم يكن في البحرين يومذاك قانون للشركات بل كانت تَصدرُ بتأسيس كل شركة (براءة) يُعدّها محامي لقاء أتعاب وتسجل لدى وزارة التجارة ويوقعها الأمير.  حصلت على نموذج براءة تأسيس إحدى الشركات وعدت به إلى بغداد وأجريت عليه التعديلات المناسبة لنشاط التأمين وهيأت العدد الكافي من النموذج وعدت به إلى البحرين فحصلت المصادقة عليه دون أي تعديل، وكان أول نموذج لبراءة تأسيس شركة تأمين مساهمة.

 

–       بعد تأسيس الشركة انتخبت الهيئة العامة أربعة أعضاء لتمثيل الجانب البحريني في مجلس الإدارة، أتذكر منهم المرحوم الحاج خليل كانو الذي انتخب رئيساً لأول مجلس إدارة، والحاج صادق البحارنة (أطال الله في عمره).  أما الجانب العراقي فمثَّلتُ فيه شركة التأمين الوطنية، ومثَّل الدكتور مصطفى رجب شركة إعادة التأمين العراقية، وامتدت عضويتي حتى انتهاء إدارتي في التأمين الوطنية سنة 1978.  كان حضورنا اجتماعات مجلس الإدارة على نفقة شركتينا: التأمين الوطنية وإعادة التأمين العراقية بالكامل.

 

–       رغب الجانب البحريني أن أكون أول مدير عام للشركة فلم تحصل طبعاً المصادقة على ذلك، وانتدبنا من التأمين الوطنية السيد منيب خسرو كأول مدير عام لها.  وأعقبه هشام بابان ومنعم الخفاجي من التأمين الوطنية حتى سنة 1991.

 

–       في 1989 احتفلت الشركة بمرور عشرين سنة على تأسيسها فدُعيت والمرحوم أديب جلميران للمشاركة في الاحتفال وكُرّمنا بهدية ثمينة، وتشرفت بمقابلة سمو الأمير الراحل للمرة الأخيرة، حيث كنت أتشرف بزيارته في جميع رحلاتي إلى البحرين.  وأتذكر بأني تشرفت بزيارة سمو ولي العهد (الملك حالياً) حين كان قادماً من لندن ليقوم مقام والده الذي كان متمتعاً بإجازة صيفية.  لا أدري إذا كانت الشركة احتفلت بذكرى مرور 50 سنة (العيد الذهبي) على تأسيس الشركة أم انها ستحتفل بها ويخطر للقائمين عليها أن يتذكرونا بهذه المناسبة لنشارك فيها، هذا طبعاً إذا كانت الشركة فاعلة.

 

 

في سنة 1990 وكنت وقتها مستشاراً في وزارة المالية ذهبت إلى اليمن مع الزميل الأستاذ قيس المدرس، مدير عام شركة إعادة التأمين العراقية يومذاك، مرتين، أثمرتا عن تأسيس شركة سبأ للتأمين،[8] ولا بد أن الزميل المدرس لديه أكثر مما لدي عن تأسيس هذه الشركة.

 

بغداد

30/5/2019

[1] بهاء بهيج شكري، بحوث في التأمين، (عمان: دار الثقافة، 2012)، ص 60.

 

[2] عبد الخالق رؤوف، مدير عام أسبق للشركة العراقية للتأمين على الحياة، الأمين العام للاتحاد العام العربي للتأمين (1999-2019).

 

[3] مصباح كمال، “مساهمة قطاع التأمين العراقي في تأسيس شركات تأمين عربية: لمحة أولية،” مجلة التأمين العراقي، 18 آب 2008.  http://misbahkamal.blogspot.com/2008/08/30-1964-40-60-1969-30-70-1990.html

 

[4] اقترن هذا الاحتفال بعقد مؤتمر التأمين العربي الأول، طرابلس، 9-11 أيلول/سبتمبر 1989 الذي نظمته شركة ليبيا للتأمين.  وقد كان الأستاذ عبد الباقي رضا من بين الأعضاء العشرة للجنة صياغة البيان الختامي والتوصيات.  وكان وقتها يشغل منصب مستشار في وزارة المالية العراقية.

 

[5] تأسست شركة النيل الأزرق سنة 1965.

 

[6] أفرد المحامي بهاء بهيج شكري هامشاً مطولاً عن لطفي العبيدي ونشاطاته التأمينية وغير التأمينية وكذلك تورط عطا عبد الوهاب في العمل معه.  راجع: بحوث في التأمين (عمان: دار الثقافة، 2012، ص 60-61).

[7] تأسست شركة البحرين للتأمين سنة 1970.

[8] تأسست شركة سبأ للتأمين، صنعاء، سنة 1990 بمساهمة عراقية في رأسمالها، وباشرت أعمالها سنة 1991.