Monthly Archives: مارس 2020

Notes on Health Insurance in Iraq

حيدر جاسم العجيلي*

 ملاحظات حول التأمين الصحي في العراق

رابط المقال: http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2020/03/التأمين-الصحي-في-العراق-محررة-IEN-2.pdf

 

تداولت بعض وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية مؤخراً أخباراً حول عقد التأمين الصحي لوزارة التربية مع شركة التأمين العراقية العامة، وعقد التامين الصحي المبرم مع إحدى شركات التأمين الأهلية والهيئة العامة للتقاعد لكافة متقاعدين العراق، فقد ذكرت هذه الأخبار ان هذين العقدين هما سرقة لأموال الموظف.

 

إن تفاصيل العقدين ليست معروفة لأنها ليست في التداول العام كما أن الترتيبات التنظيمية والإجرائية ليست معروفة، وأعني بذلك تنظيم العلاقة بين المؤمن عليهم والأطباء والمستشفيات والشركة التي تقوم بتوفير خدمات إدارة المطالبات، وكذلك هوية شركات إعادة التأمين التي تقف وراء شركة التأمين التي تكتتب بالتأمين الصحي.[1]  ما يهمنا هو محاولة إبراز بعض الآثار التي تلحق بقطاع التأمين العراقي تتلخص بالنقاط التالية:

 

١. إن أغلب شركات التأمين الأهلية التي تأسست بعد ٢٠٠٣ بموجب أمر بريمر (الأمر رقم 10، قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005) هي عبارة عن دكاكين لممارسة التأمين، واستثني منها بعض الشركات الرصينة التي تمتلك كوادر فنية مناسبة، كما أن أغلب مدراء شركات التأمين الاهلية كانوا يعملون في الشركات الحكومية واكتسبوا خبراتهم في أوقات سابقة.  إن أغلب شركات التأمين الخاصة ليست مؤهلة لإدارة التأمين الصحي لأعداد كبيرة من المؤمن عليهم.

 

٢. لقد أثرت المنافسة غير الشريفة في سوق التأمين سلباً على قطاع التأمين الحكومي نظراً لالتزامها بالقواعد الاكتتابية المعهودة وليس مجرد الركض وراء تحقيق حصة أكبر من الأعمال أو مجرد تحقيق الأرباح..

 

٣. إن ضعف الوعي التأميني لدى المواطن ارتباطاً بعقود التأمين المشبوهة ستؤثر سلباً ليس فقط على سمعة التأمين الصحي في العراق، وهو من انواع التأمين الجديدة، بل فروع التأمين الأخرى لذلك فإن أي طرف يساهم بالتفريط بقواعد العمل السليم والشفافية والإجراءات الأصولية في استدراج عروض التأمين يعمل على تقويض مكانة مؤسسة التأمين في حياتنا الاجتماعية والاقتصادية.

 

إن العراق مقبل على اعتماد أكبر تجربة تأمين وهو التأمين الصحي على مستوى الأفراد والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية ومنها الوزارات.  ومن المتوقع أن يكون التنافس على هذا التأمين شرساً لأن جميع الشركات تريد أن يكون لها حصة في الاكتتاب بها.

 

بعض الحلول المقترحة لتدارك آثار الوضع الحالي للتأمين الصحي

 

١. تدخل ديوان التأمين للتحقيق في عقود التامين الصحي ((التي يدور الحديث عليها في وسائل الإعلام المختلفة)) والتأكد عن مدى قانونيتها من عدمه وهل ان شركة التأمين لديها الامكانية القانونية والمادية للتعاقد وإدارة مثل هكذا عقود.

 

٢. على الشركات الحكومية اعداد عرض تأمين صحي يشمل كافة موظفي العراق وتقديمه أمام أنظار الرأي العام، وعمل دراسة لإيصال رؤى الشركات الحكومية لتطوير التأمين في العراق برئاسة شركة التأمين الوطنية باعتبارها هي الشركة الأم والراعي “الرسمي” غير المباشر لسوق التأمين العراقي.  وأرى أيضاً أن تقوم جمعية التأمين العراقية بإصدار الكراسات المناسبة حول الموضوع، وتنظيم ندوات لأعضائها وكل طرف يستفيد من ضمانة التأمين الصحي.

 

  1. تأسيس شركة إدارة مطالبات تعويضات التأمين الصحي ((شركة مساهمة مختلطة)) تقوم على أحدث الطرق العالمية واستخدام البرامج الالكترونية الحديثة بهذا الخصوص. نعرف بأن مثل هذه الشركات تخصصية وليسن لنا في العراق تجربة محلية بهذا الشأن لكن هذا ليس عائقاً بحد ذاته لتطويرها.

 

  1. إعداد برامج جدية لتدريب الموظفين في مجال إصدار وتسعير مثل هكذا نوع التامين. وهذه مهمة تقع على عاتق شركات التأمين التي تكتتب بالتأمين الصحي تستطيع تنظيمها بالتعاون مع شركات إعادة التأمين أو شركة إدارة مطالبات تعويضات التأمين الصحي.

 

||||||||||||||||||

 

يشكر الكاتب الدكتور بارق شبر، منسق شبكة الاقتصاديين العراقيين، على ملاحظاته القيّمة على مسودة المقال، والسيد مصباح كمال لمساعدته في التحرير.

 

25 آذار 2020

 

(*) موظف في شركة التأمين الوطنية، فرع السفن والطيران وإعادة التأمين

[1] أنظر على سبيل المثل، حلقة خاصة بالموضوع في برنامج القرار لكم، قناة دجلة الفضائية، 23 آذار 2020:

https://www.youtube.com/watch?v=_tWPqDxQa3g

من المؤسف أن المشاركين في هذا البرنامج لم يضم ممثلاً عن جمعية التأمين العراقية، أو شركة التأمين العراقية، أو شركة التأمين الوطنية التي جاء ذكر اسم مديرها العام السابق التي أحيلت على التقاعد ولكن دون إكمال للمعلومات الخاصة بها أو الشركة أو مشروعها للتأمين الصحي باعتبار أنها الشركة المسؤولة حصرياً عن توفير الأغطية التأمينية للمؤسسات والدوائر الحكومية بموجب المادة (7) من قانون تأسيس شركة التامين الوطنية رقم 56 لسنة 1950 النافذ حتى الوقت الحاضر.

Iraq Insurance Co New Director-General and Old-New Tasks

شركة التأمين العراقية ومديرها العام الجديد وبعض المهمات الجديدة-القديمة

 

 

مصباح كمال

 

 

نشرت هذه المقالة أصلاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2020/03/Misbah-Kamal-IIC-New-DG-New-Old-Tasks.pdf

 

 

عرض سريع لتعيين مدير عام لشركة التأمين العراقية العامة

 

نقل لي أحد الزملاء في بغداد أن منتسبي شركة التأمين العراقية في بغداد استقبلوا يوم 16 آذار 2020 خبر تعيين د. أحمد جواد الدهلكي مديراً عاماً للشركة بدرجات متفاوتة من الارتياح والرضا والسرور خاصة وأن له معرفة بالتأمين وإدارة الخطر إذ أنه كان يُدرّس مادة إدارة الخطر والتأمين، المرحلة الثالثة، قسم إدارة الأعمال، جامعة المستنصرية (كان تدريسياً في الجامعة منذ 2014).[1]

 

إن مبعث هذا الرضا والسرور يأتي بعد رفض منتسبي الشركة لتعيين د. رشاد خضير وحيد الدايني مديراً عاماً للشركة إذ أنهم منعوه من دخول مقر الشركة لاستلام مهام عمله يوم 4 شباط 2020. [2]

 

منذ أن انتهت ولاية السيد صادق عبد الرحمن حسن الذي أدار الشركة من كانون الثاني 2007 لغاية آب 2015، تناوب على إدارتها وكالة:

 

  • عباس شهيد (آب 2015-حزيران 2016، أحيل على التقاعد. كان مديراً للإنتاج في شركة التأمين العراقية).
  • هيفاء شمعون عيسى (حزيران 2016-تشرين الأول 2019، كانت أيضاً المدير العام وكالة لشركة التأمين الوطنية، آذار 2017-تشرين الأول 2019. كانت لسنوات طويلة مديراً للحسابات في شركة التأمين الوطنية).
  • فائزة سلمان (تشرين الأول 2019-شباط 2020. كانت تشغل منصب مدير القسم المالي في شركة التأمين العراقية)
  • رشاد خضير وحيد الدايني (شباط 2020، رفضه منتسبو الشركة).
  • سحر هادي حميد (آذار 2020، قيل بأنها لم تشغل منصبها لأسباب غير معروفة. عند تعيينها في شركة التأمين العراقية الذي لم يتحقق كانت مديراً عاماً لدائرة الموازنة في وزارة المالية).

 

أردت من هذا العرض لأسماء المدراء تأكيد حقيقة أن من كان يشغل موقع المدير العام كان عاملاً في قطاع التأمين لحين إقحام تعيين رشاد الدايني.  ويأتي تعيين أحمد الدهلكي ليؤكد التوجه للتعيين من خارج القطاع أيضاً.  ولا ضير في ذلك إن كان من يشغل موقع القيادة في الشركة يحمل خبرة إدارية ومؤهلاً أكاديمياً يستطيع توظيفها للإدارة الكفؤة للشركة وتطويرها.  هذا ما ستثبته الأيام بالنسبة للدكتور الدهلكي.

 

حتى كتابة هذه الورقة لم أطلع على الأمر الرسمي لتعيين الدكتور الدهلكي، ولا خلفيته، وفي ما إذا كان هناك بعداً محاصصياً وراء التعيين.  لكنني أعلق إبداء رأي الآن منتظراً ما سيسفر من إدارته للشركة.  بودب هنا تقديم بعض المقترحات/المهمات التي تستحق التفكير بها وتقييمها والنظر في إمكانية تحقيقها.

 

بعض المهمات المطروحة على المدير العام الجديد للشركة

 

نفترض أن المدير العام الجديد وفريق الإدارة العامل معه سيقوم بوضع برنامج عمل للشركة للسنة القادمة أو مراجعة البرنامج القائم إن كان مثل هذا البرنامج موضوعاً، وهذا مطلوب للاستفادة من الخبرة الموجودة والتراكم المعرفي لدى منتسبي الشركة لرسم السياسات في مجالات الإنتاج، والعلاقات مع جمهور المؤمن لهم الحاليين والمرتقبين، والاستثمار، والتدريب المهني وغيرها.

 

لقد تزامن تعيين المدير العام الجديد مع التدهور غير المسبوق في أسعار النفط والانخفاض الشديد في العوائد، وتوقع التقشف في موازنة سنة 2020 وما يعنيه ذلك من هبوط متوقع في الطلب على الحماية التأمينية بسبب توقف وفي أحسن الحالات تقلص الانفاق على المشاريع وتوسيع الإنتاج والتأثيرات الناجمة من تفشي وباء/جائحة فيروس كورونا.

 

مع ذلك أتمنى عليه وفريقه الإداري الاهتمام ببعض المهام والعمل على تحقيقها في الأمد المنظور، أعرضها باختصار.

 

الموقف من فيروس كورونا المستجد

قامت شركات الوساطة والتأمين وإعادة التأمين والجمعيات التأمينية في مختلف أنحاء العالم ببيان مواقفها وسبل التعامل مع فيروس كورونا المستجد.  حتى كتابة هذه الورقة[3] لم تصدر أي من شركات التأمين العراقية أو جمعيتها بياناً بهذا الشأن (العمل داخل مقرات الشركات، العمل من البيت عن طريق وسائل الاتصال الإلكترونية الحديثة، التعامل مع جمهور المؤمن لهم، احتمال قيام مطالبات بالتعويض وكيفية التعامل معها وغيرها).

 

هذه فرصة لشركة التأمين العراقية لبيان موقفها، لطمأنة منتسبيها وحاملي وثائق التأمين الصادرة منها واتخاذ الإجراءات المناسبة.  وبذلك تكون الأول بين شركات التأمين العراقية في التعامل مع آثار هذا الفيروس.  عليها أن تطمئن المستفيدين من وثائق التأمين على الحياة الحاليين أن وفاة المؤمن عليه بسبب فيروس كورونا (الفيروس التاجي) سيحصلون على مبلغ التأمين كتعويض عن الوفاة.[4]

 

تطوير منتجات التأمين

منذ عقود طويلة تتعامل الشركة مع منتجات تأمين تقليدية وخاصة في مجال التأمين على الحياة، وتعتمد قنوات تقليدية أيضاً في مجال توزيع هذه المنتجات.  في العادة، يمكن للشركة التي تزاول أعمال التأمين على الحياة الاكتتاب بمختلف عقود التأمين على الحياة بضمنها الحوادث الشخصية، وعقود السناهيات (المعاشات التقاعدية)، والتأمينات الصحية.

 

لم تتغير عقود المنتجات التي تكتتب بها الشركة إلا قليلاً، ولم تعتمد صياغة حديثة لوثائق التأمين، ولم يجرِ التفكير باستحداث منتجات جديدة جاذبة لفئات اجتماعية معينة هي الآن خارج التغطية التأمينية.

 

التدريب المهني

لقد صار التدريب المهني المتواصل مطلباً تؤكد عليه الهيئات الرقابية على النشاط التأميني، ذلك لأن الكوادر المدربة هي التكنولوجيا الحقيقية في صناعة التأمين.  إن التدريب المهني المستمر ضروري لامتلاك المعارف والمهارات المستجدة عالمياً في مجال التأمين.  وهو ضروري أيضاً للمساهمة في تطوير منتجات تأمينية جديدة وضمان بيعها وإدارتها على قاعدة معرفية احترافية.[5]

 

الاكتواري

إن لم تكن معلوماتي خاطئة فإن شركة التأمين العراقية، وهي الأكبر من حيث حجم الاكتتاب بأعمال التأمين على الحياة، لا تضم بين منتسبيها خبيراً اكتوارياً متخصصاً في رياضيات التأمين على الحياة، يساهم في التقدير “العلمي” للاحتفاظات والاحتياطيات المختلفة والاستثمارات التي تقوم بها الشركة، وكذلك رفع مستوى الاكتتاب الفني.  إن وجود مثل هذا الخبير من أصحاب المعرفة العلمية والتدريب العالي يمكن أن يُشكّل نقلة نوعية في عمل الشركة.[6]

 

في ظني أن مثل هذا الخبير موجود بين خريجي الجامعات العراقية في فروع العلوم الرياضية، وإن لم يكن موجوداً يمكن ابتعاث من تراه إدارة الشركة للدراسة والتدريب خارج العراق (بعد انحسار جائحة فيروس كورونا).

 

من المناسب هنا التذكير بأن وجود الخبير الاكتواري هو مطلب رقابي، كما جاء في المادة 78 من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005:

 

المادة-78-   ثانياً-

على المؤمن المجاز بممارسة أعمال التأمين على الحياة أو أعمال التأمينات العامة التي تمتد التزاماتها تجاه حملة وثائق التأمين لأكثر من سنة أن يعين أو يعتمد خبير برياضيات التأمين مرخص خلال ستين يوماً من تاريخ منحه الاجازة، على أن يشعر الديوان خلال شهر من تاريخ تعيينه أو اعتماده مع بيان اسمه وعنوان عمله ومؤهلاته المهنية.

 

حسب المعلومات المتوفرة فإن الشركة وديوان التأمين لم يلتزما بتطبيق أحكام هذه المادة.

 

وضع جداول الوفيات

يمكن للاكتواري المساهمة في وضع جداول الوفيات (جداول الحياة).  لقد آن الأوان أن تقوم إدارة الشركة بتجديد جداول الوفيات التي تعتمدها فهذه قديمة، وهي أصلاً لم تكن قائمة على واقع معدلات المواليد والوفيات في العراق.  لقد كانت هذه الجداول هبة من إحدى شركات إعادة التأمين الأوروبية في خمسينيات القرن الماضي.  قبل أكثر من نصف قرن، كتب د. مصطفى رجب، تحت باب “المشاكل الآنية لقطاع التأمين”، عن عدم وجود جداول حياة مستقاة من خبرة السوق العراقية:

 

إذ أن جداول الحياة المستخدمة في العراق مستندة إلى خبرة الشركات الإنكليزية والفرنسية التي تطبق جداول مستعملة في بلدان المنطقة مع بعض التغييرات لذلك فلابد من إعداد جداول عراقية بعد وضع الأسس الفنية التي تستخدم في حساب معدلات الوفاة.[7]

 

إن تنظيم جداول الوفيات العراقية يمكن أن يكون مشروعاً مشتركاً بين الشركة وأصحاب الاختصاص في بعض مؤسسات الدولة وكذلك الجامعات العراقية.

 

التصنيف الائتماني للشركة

إن موضوع التصنيف الائتماني للشركة لم يكن غائباً عن تفكير إدارة الشركة، إذ أنها، وكذلك شركة التأمين الوطنية وشركة إعادة التأمين العراقية، بادرت إلى الحصول على تصنيف ائتماني من إحدى وكالات التصنيف الدولية.  وقد كتبت وقتها عن أهمية التصنيف:

 

إن شروع شركات التأمين العامة الثلاث في الحصول على تصنيف لها من شركة/شركات متخصصة أمر محمود ومطلوب، ومتى ما حصلت على التصنيف، إن كانت درجة التصنيف جيدة، فإن ذلك سيعزز من مكانتها في سوق التأمين العراقي وفي ذات الوقت يقوي من قيمتها ومن مركزها التفاوضي مع شركات إعادة التأمين الدولية.  ومن الآثار الأخرى للتصنيف هو دفع شركات التأمين الخاصة نحو التفكير بالحصول على تصنيف لها، ذلك لأن التصنيف الجيد هو أحد أدوات التسويق، كما أن درجة التصنيف الجيدة تبعث على اطمئنان المؤمن لهم الحاليين على المكانة المالية لشركات التأمين وقدرتها على تسديد المطالبات بالتعويض وتشجع طالبي التأمين المرتقبين لإجراء تأميناتهم معها.[8]

 

لكن مشروع التصنيف لم يتحقق حتى الآن.  وأرى أنه من المناسب وضعه على جدول أعمال إدارة الشركة للعمل على تحقيقه بعد انفراج أزمة فيروس كورونا المستجد.

 

دمج شركة التأمين العراقية بشركة التأمين الوطنية

بتاريخ 22 آذار 2017 صدر قرار وزاري من وزارة المالية بدمج الشركتين، وقد انتقدت هذا القرار لتجاوزه الإجراءات السليمة ومتطلبات القانون.[9]  وقبل ذلك عرضت لموضوع هيكلة الشركات العامة للدولة الذي جاء ضمن إطلاق استراتيجية تطوير القطاع الخاص في العراق 2014-2030 تحت شعار (التحول نحو القطاع الخاص ركيزة أساسية لدعم الاقتصاد العراقي)، وناقشت مشروع الدمج ومآلاته بالنسبة لشركتي التأمين.[10]  ورجعت إلا مناقشة موضوع الدمج، بعد الإعلان عنه من قبل ديوان التأمين، مرة أخرى، وذكرت في ورقتي

 

أن لشركة التأمين العراقية موقفاً قانونياً رصيناً مناقضاً لما أعلنه ديوان التأمين بشأن البدء بإجراءات الدمج، وأن للتأمين العراقية مشروعها الخاص باستعادة تخصصها السابق في التأمين على الحياة (الذي توقف بقوة القانون عام 1988) و… أن مجلس إدارة التأمين العراقية قد تبنّى قراراً بشأن التخصص … وأنه وجَّه كتاباً إلى وزارة المالية يفند فيه إعلان الدمج.[11]

 

أدعو الإدارة الجديدة للعمل على وقف دمج الشركة بشركة التأمين الوطنية، والتركيز على استعادة التخصص في أعمال التأمين على الحياة الذي ألغي سنة 1988، والشروع بإجراء الدراسات التي تدفع باتجاه التخصص وتحقيقه خلال إطار زمني مناسب.

 

ضمان تمثيل المرأة في مجلس إدارة الشركة

لقد احتلت المرأة العراقية مواقع متقدمة في الشركة، ومن المهم الاستمرار بهذا النهج وضمان تمثيلها في مجلس إدارة الشركة خاصة بعد أن كان حضورها قائماً لبعض الوقت.  ويتماشى هذا النهج مع الاتجاه العالمي للتمكين والشمول.[12]

 

دور نافع للسوق التنافسية في العراق

عندما تستعيد الشركة تخصصها في أعمال التأمين على الحياة يمكن لها أن تلعب دوراً نافعاً لصالح السوق التنافسي للتأمين في العراق، إذ يمكن لها أن تكون المُحكّم أو المرجع الفني في أعمال التأمين على الحياة.[13]  ويتأسس هذا الدور المرتقب على حقيقة أن الشركة هي الأكبر في فرع التأمين على الحياة؛ والأهم من ذلك هو امتلاكها لمعرفة وخبرة اكتتابية متراكمة في هذا الفرع يفوق ما هو موجود لدى شركات التأمين الأخرى.  لنتذكر أنها، وهي التي كانت أصلاً متخصصة في التأمين على الحياة، ساهمت في بناء فرع التأمين على الحياة في شركة التأمين الوطنية عندما ألغي تخصصها في التأمينات العامة سنة 1988 وشرعت التأمين الوطنية بمزاولة التأمين على الحياة.

 

إن هذا الدور لا يعني أن أسعار التأمين المعتمدة لدى الشركة ستفرض على شركات التأمين الأخرى، أو أن شروط التأمين التي تعتمدها ستكون مُلزمة لهذه الشركات.

 

آمل أن لا تهمل هذه الورقة كما حصل بالنسبة لورقتي التي كتبتها إبان تعيين مدير عام جديد لشركة إعادة التأمين العراقية (آب 2015).[14]    كما آمل مناقشة ما ورد فيها من أهل الاختصاص في قطاع التأمين العراقي.

 

23 آذار 2020

 

[1] يرد في سيرته الذاتية أنه من مواليد 1988، وأن اختصاصه الدقيق هو الإدارة المالية والمصرفية.  راجع:

https://uomustansiriyah.edu.iq/e-learn/cv/1674_2017_12_17!01_17_22_AM.pdf

استطعنا التعرف على عنوان اطروحته للماجستير: “أثر التصنيف الائتماني للديون السيادية في أسعار الصرف: دراسة تحليلية مقارنة” (جامعة المستنصرية، 2012).  قبل تعيينه لإدارة شركة التأمين العراقية كان يشغل موقع مدير عام دائرة المحاسبة، وزارة المالية.

[2] راجع مصباح كمال، “هل أن شركة التأمين العراقية بحاجة إلى مدير عام من خارج قطاع التأمين؟”، موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2020/02/Misbah-Kamal-IIC-New-DG-final.pdf

 

[3] ربما صدرت بيانات لم نتطلع عليها لأنها لم تخضع للنشر والتداول العام.

[4] من بين وثائق التأمين الأخرى التي يمكن أن تكون موضوعاً للتعويض بسبب فيروس كورونا وثيقة تأمين خسارة الأرباح، لكن هذه الوثيقة ليست شائعة في العراق والمطالبة بالتعويض بموجبها قضية إشكالية.

[5] للتعرف على بعض جوانب موضوع التدريب راجع: مصباح كمال، “التدريب المهني بين الجمعية والديوان: ملاحظات أولية”، مرصد التأمين العراقي: https://iraqinsurance.wordpress.com/2011/12/03/training-professional-development/

[6] للتعرف على بعض الجوانب ذات العلاقة، راجع: مصباح كمال، “الدراسة التخصصية الأكاديمية للتأمين في العراق”، موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين: Actuarial and Insurance Studies in Iraq وكذلك في موقع:

https://www.academia.edu/34686636/Academic_Study_of_Insurance_in_Iraq

 

[7] الدكتور مصطفى رجب، التأمين في العراق: تطوره ومستقبله (بغداد: منشورات المؤسسة العامة للتأمين، 1967)، ص22.

[8] مصباح كمال، “هل هناك مشروع حقيقي لتصنيف شركات التأمين العامة في العراق؟”، موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2016/11/01/

أنظر أيضا: جريدة الصباح، 28 أيار 2018 تصنيف شركات التأمين يعزز مكانتها في السوق

[9] مصباح كمال، “قرار وزارة المالية بدمج شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية: تجاوز الإجراءات السليمة ومتطلبات القانون”، موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

مصباح كمال: قرار وزارة المالية بدمج شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية: تجاوز الإجراءات السليمة ومتطلبات القانون

 

[10] مصباح كمال، “مشروع دمج شركات التأمين العامة”، مجلة التأمين العراقي

http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2016/02/proposed-merger-of-state-owned.html

وكذلك موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

http://iraqieconomists.net/ar/2016/02/21/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d9%85%d8%b4%d8%b1%d9%88%d8%b9-%d8%af%d9%85%d8%ac-%d8%b4%d8%b1%d9%83%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a3%d9%85%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b9/

 

[11] مصباح كمال، “عودة إلى مشروع دمج شركات التأمين العامة“، موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين و مجلة التأمين العراقي

http://iraqieconomists.net/ar/2016/11/19/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d8%b9%d9%88%d8%af%d8%a9-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d9%85%d8%b4%d8%b1%d9%88%d8%b9-%d8%af%d9%85%d8%ac-%d8%b4%d8%b1%d9%83%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84/

 

http://misbahkamal.blogspot.co.uk/

 

[12] للتعرف على بعض التفاصيل أنظر: مصباح كمال، احتفاء بالقيمة: تيسير التريكي يحاور مصباح كمال (بيروت: منتدى المعارف، 2018)، ص 145-158.

[13] هذه الفكرة مقتبسة من سياق آخر لا علاقة له بالتأمين على الحياة ورد في كتاب:

Julius Neave, Speaking of Reinsurance (London: Kluwer Publishing, 1980), p 163.

إذ يقول ما ترجمته: “ومع ذلك، لا ينبغي إغفال أن بعض احتكارات إعادة التأمين يمكن أن تمارس سلطاتها لصالح السوق.  فبصفتها نوعًا من المحكم الفني، يجوز لها، من خلال مراقبة الشروط والأحكام الأصلية التي تقدمها شركات التأمين المباشرة ومن خلال الإصرار على التطبيق الصارم لتعرفات الأسعار، التحكم بشكل فعّال بالمنافسة المفرطة وذلك برفض تغطيتها.”

[14] مصباح كمال، “مهام جديدة-قديمة أمام شركة إعادة التأمين العراقية”، مجلة التأمين العراقي

http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2015/12/new-tasks-before-iraq-reinsurance-co.html

 

A Glance at Solvency Margin and the Provisions of the Insurance Business Regulation Act 2005

 

نظرة سريعة على هامش الملاءة

والأحكام الخاصة بها في قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005

نشر هذا المقال أصلاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

http://iraqieconomists.net/ar/2020/03/26/محمد-القره-غولي-نظرة-سريعة-على-هامش-الم/

 

من المعروف ان بضاعة التأمين غير مرئية او ملموسة، ويمكن تعريف التأمين بأنه وعد بتعويض المؤمن له في حالة حدوث ضرر او خسارة مقابل تسديد القسط المتفق علية.  إن الضرر قد يحدث في المستقبل او قد لا يحدث.  وعلية يمكن التأكد من قدرة الشركة على الايفاء بالتزاماتها من خلال الملاءة المالية وقدرتها على الاستمرار بالحفاظ على هامش الملاءة.

 

واحدة من المخاطر التي تواجه شركات التأمين هي عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه المؤمن لهم الامر الذي يؤدي الى إفلاسها وخروجها من سوق التأمين.

 

إن هيئة او سلطة التأمين (جهاز الإشراف والرقابة على النشاط التأميني) تمارس دورا فعالاً في حماية حملة وثائق التأمين وحماية شركة التأمين من خلال وضع ضوابط وقواعد مالية تتمكن من خلالها مراقبة وتقيم الوضع المالي للشركة وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها.  من تلك القواعد الاحتفاظ بهامش الملاءة Solvency Margin الذي تحدده هيئه التأمين.

 

تعتبر الملاءة المالية Solvency Margin لشركات التأمين وإعادة التأمين من المعايير التي تستند اليها الهيئات والسلطات الرقابية المسؤولة عن قطاع التأمين في مختلف دول العالم.  وبرزت اهميتها في ظل التقلبات الاقتصادية والازمات المالية العالمية.

 

تعريف الملاءة المالية

 

وتُعرّف الملاءة المالية بأنها:

 

قدرة المؤسسة على الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بالديون.  وتشير نسبة الملاءة المالية إلى ما إذا كان التدفق النقدي للشركة كافياً للوفاء بالتزاماتها قصيرة وطويلة الأجل.

 

وفي قطاع التأمين، تشير الملاءة المالية لشركة التأمين إلى قدرتها على دفع المطالبات.  تكون شركة التأمين مُعسرة إذا كانت أُصولها غير كافية أو لا يمكن استخدامها في الوقت المناسب لدفع المطالبات الناشئة.

 

إن هامش الملاءة هو نسبة زيادة أصول شركة التأمين على التزاماتها والتي تحددها الجهات التنظيمية.  ويمكن اعتبارها مماثلة لمتطلبات كفاية رأس المال للبنوك.

 

لقد بيَّنت الجمعية الدولية لمشرفي التأمينThe International Association of Insurance Supervisors (IAIS) ان شركة التأمين يجب أن تعمل فوق الحد الأدنى من متطلبات الملاءة المالية للتعامل مع التقلبات في الأسواق والظروف الاقتصادية والابتكارات في قطاع التأمين والتطورات الدولية (International Association of Insurance Supervisors. Solvency, Solvency Assessments and Actuarial Issues Subcommittee Draft Guidance Paper, page 3)

 

تتجلى الملاءة المالية من خلال إظهار أن الأصول تفوق المسؤوليات/المطلوبات.  وإلى حد كبير يتم اختيار القواعد والاسس من قبل الشركة.  ولكن لأغراض الإشراف والرقابة، فإن المسألة ليست مجرد الأصول التي تتجاوز المطلوبات.  ولكن يجب أن تتجاوز الأصول عادة الالتزامات بهامش محدد. (C. D. Daykin Workshop, The Solvency of a General Insurance Company in Terms of Emerging Costs, page 1)

 

أهمية الملاءة المالية

 

يمكن تلخيص أهمية الملاءة المالية كما يلي:

 

  • تلعب الملاءة المالية دوراً مهماً في نشاط شركة التأمين لحماية مصالح حملة وثائق التأمين وذلك بتنفيذ التزاماتها بتسديد التعويضات وفي الفترة المحددة وبموجب عقود التأمين المُبرمة.

 

  • المراجعة الدورية لنسب الملاءة يمكن أن تساعد في ضمان قياس الكفاءة المالية الخاصة بالشركة وضمان الربحية في المستقبل، بالإضافة إلى مساعدة الشركة على تقييم هياكل رأس المال. وقد تساعد نسب الملاءة في تحديد ما إذا كان يجب إعادة توزيع الاستثمارات والأسهم الداخلية والخارجية.

 

  • قياس نسب الملاءة يؤثر على قرار الشركة للحصول على المزيد من الديون.

 

  • تقدم اطمئناناً للدائنين والمساهمين بقدره الشركة على الايفاء بالتزاماتها.

 

احتساب هامش الملاءة

 

إن معايير الملاءة في شركات التأمين تكون محددة بحد أدنى، وهي نسبة صافي الموجودات الى صافي الاقساط.

 

ويتم تحديد الملاءة بضرورة توفر حد أدنى لرأس مال شركة التأمين كممثل لهامش الملاءة.  وشهدت معايير الملاءة تطورات في كيفية احتسابها وانتقلت من استخدام الاسس المحاسبية الى استخدام قياس رأس المال المستند الى المخاطر risk-based capital لمعرفة حجم المخاطر التي تتعرض لها شركة التأمين.

 

ففي حالة تمكن شركة التأمين من تحقيق الحد الادنى للملاءة فإن ذلك لا يتطلب من الشركة اتخاذ اجراءات خاصة.  وفي حالة عدم تحقيق الحد الادنى للملاءة فيجب على شركة التأمين العمل على اتخاذ مواقف واجراءات تصحيحية لاستعادة الحد الادنى للملاءة وتقديم خطة عمل الى الهيئة الرقابية توضح خطة العمل لاستمرار الشركة في نشاطها وتأدية التزاماتها.  ان انخفاض نسبة الحد الادنى الى حد كبير يعرّض الشركة الى التصفية او انتقال ادارتها الى الهيئة الرقابية.

 

المعايير الأوروبية للملاءة

 

في عام 2009 تبنى الاتحاد الاوربي تعليمات الملاءة المالية الثاني (2009/138 / EC) Solvency II وهي توجيهات تقنن وتنسق لوائح التأمين في الاتحاد الأوروبي.  وقد جاءت توجيهات 2009 لتحدد مبلغ رأس المال الذي يجب أن تحتفظ به شركات التأمين في الاتحاد الأوروبي لتجنيبها من مخاطر الإفلاس، وهذا المعيار يهدف إلى توفير مستوى ضمان كافٍ للمؤمن لهم لضمان توافق الأموال الذاتية لشركات التأمين مع الأخطار التي تواجهها، إذ أن توجيهات عام 2002 Solvency I لم تأخذ بعين الاعتبار كل المخاطر التي تواجهها شركات التأمين.

 

لقد ضمَّت معايير Solvency II ما يلي:

 

  • الشروط الكمية عبر توفير الحدود الدنيا لرأس المال Minimum Capital Requirement (MCR) ورأس المال المستوجب لضمان الملاءة Solvency Capital Requirement (SCR)ويهدف إلى امتصاص الهزات والحد من خطر الإفلاس.

 

  • الشروط النوعية وتستهدف ترسيخ قواعد الرقابة الداخلية والحوكمة وقدرة مؤسسة التأمين على تقييم واحتساب الأخطار التي تواجهها، وكذلك تدعيم وظائف سلطة الإشراف والرقابة، فضلا عن تحديد المعلومات اللازمة لهيئات الرقابة حتى تتمكّن من القيام بمهامها، بالإضافة إلى المعلومات الموجهة للعملاء والجمهور العام.

 

ديوان التأمين العراقي وهامش الملاءة

 

هناك أحكام عديدة في قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 بخصوص الملاءة المالية، ومنها تعريف هامش الملاءة:

 

المادة 2

عشرون- هامش الملاءة- الزيادة في قيمة موجودات المؤمن الفعلية على مطلوباته بما يمكنه من الوفاء بالتزاماته كاملة ودفع مبالغ التعويضات المطلوبة منه عند استحقاقها دون أن يؤدي ذلك الى تعثر أعماله أو اضعاف مركزه المالي.

 

وكذلك المادة 6 للرقابة على الملاءة المالية لشركات التأمين:

 

أولاً- حماية حقوق المؤمن لهم والمستفيدين من أعمال التأمين ومراقبة الملاءة المالية للمؤمنين لتوفير غطاء تأميني كاف لحماية هذه الحقوق.

 

وأيضاً المادة 47:

 

د- منع المؤمن من ممارسة أياً من أنشطته الاستثمارية المتعلقة بضمان هامش الملاءة، أو إلزامه بتصفية استثماراته في أي من هذه الانشطة تحقيقا لتلك الغاية.

 

وبالإضافة إلى ذلك فقد أصدر الديوان التعليمات رقم 4 لسنة 2006-تعليمات المبلغ الأدنى للضمان.

 

إن هذه الأحكام والتعليمات تعكس القواعد التقليدية للإشراف والرقابة على النشاط التأميني إلا أن القواعد الرقابية قد تطورت في العالم.  لذلك أرى إعادة النظر بالأحكام والتعليمات الصادرة من ديوان التأمين.

 

من الضروري أن يقوم ديوان التأمين في العراق بتني المعايير الأوروبية حيث أنها تمنح دوراً أكبر لسلطات الرقابة للتأكد من قيام شركات التأمين بحسن تقييم المخاطر والأصول والخصوم وتحديد الملاءة المالية اللازمة، ومراقبة التزام شركات التأمين بقواعد الحوكمة، واستخدام أكبر لكفاءات متخصصة خاصة في المجال الإكتواري ونظم المعلومات.

 

 

21 آذار 2020

 

 

(*) محمد القره غولي

خبير في شؤون التأمين

وسيط لويدز

عضو المعهد القانوني للتأمين في لندن

Review of Munem al-Khafaji’s Business Interruption Insurance

قراءة سريعة في كتاب

 

منعم الخفاجي، تأمين خسارة الأرباح (بغداد: شركة التأمين الوطنية، 2020)، 127 صفحة.

 

نشرت في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2020/03/قراءة-في-كتاب-منعم-الخفاجي-تأمين-خسارة-الأرباح-مصباح-كمال.pdf

 

 

لم يُكتب الكثير حول تأمين خسارة الأرباح، وليس هناك كتاب مكرّس لهذا النوع من التأمين في العراق.  هناك، على سبيل المثل، بعض الكتابات التعريفية المتناثرة لبهاء بهيج شكري وبديع أحمد السيفي[1] مثلما هناك مقالات منشورة في مجلة رسالة التأمين.[2]  ويأتي نشر هذا الكتاب ليسد فراغاً في مكتبة التأمين العراقي.

 

يرجع اهتمام منعم الخفاجي بموضوع خسارة الأرباح إلى عدة سنوات خلت، فقد حاضر في الموضوع، وكرّس له فصلاً كاملاً في كتابه مدخل لدراسة التأمين.[3]  ويأتي نشر الكتاب الحالي استكمالاً لما بدأه مع التوسع فيه.

 

يضم الكتاب مقدمة وسبعة فصول: نبذة تاريخية، غطاء وثيقة تأمين خسارة الأرباح، تسعير الوثيقة، تفاصيل وثيقة التأمين من خسارة الأرباح الناتجة عن الحريق، تأمين خسارة الأرباح المتقدمة، التعويضات، إعادة التأمين.  ويضم أيضاً ثماني ملاحق وجميعها تتعلق بنصوص وثيقة تأمين خسارة الأرباح وتوسيع نطاق التغطيات الخاصة بها، ومراجع الكتاب، ومسرد ألفبائي بالمصطلحات باللغتين العربية والإنجليزية.

 

لقد اقتفى المؤلف في عرضه لمادة الكتاب منهجاً تعريفياً على شاكلة الكتب المدرسية textbook لتقريب الموضوع من الأذهان.  وقد نجح في ذلك وجعل كتابه مرجعاً أولياً لدراسة تأمين خسارة الأرباح.

 

يقول المؤلف في مقدمة الكتاب

 

لا شك أن تأمين خسارة الأرباح يعتبر من أنواع التأمين المهمة والضرورية للمشاريع الصناعية والأنشطة التجارية والخدمية، فالأضرار التي تنشأ عن حريق قد تؤدي إلى توقف أو اضطراب العمل وتكون خسائره في أحيان كثيرة أعلى من الاضرار المادية لحادث الحريق نفسه. (ص 9)

 

وليس هذا فحسب ذلك لأن تزايد ترابط الاقتصاد العالمي قد خلق وضعاً بحيث أن حادث حريق أو فيضان لا يؤدي فقط إلى توقف عمل المصانع داخل البلد الواحد بل يتسبب في توقف الأعمال في بلدان أخرى (كما في فيضانات تايلند، 2011، التي أثرت سلباً على العديد من المصانع في اليابان) نظراً لقطع سلسلة إنتاج المنتجات وتوريدها إلى بلدان أخرى supply chain، وهو ما يعرف بلغة التأمين بالتوقف الطارئ للإنتاج Contingent Business Interruption (CBI).

 

لم يتناول الخفاجي عرض هذا الموضوع بسبب طبيعة كتابه الذي “يتضمن تقديم الخطوط العامة والمفاهيم الأساسية التي يقوم عليها تأمين خسارة الارباح وأهم التطبيقات العملية.” (ص 11).  كما أن الكتاب “يبتعد عن عرض التعقيدات بما فيها التوسعات الممكنة لغطاء التأمين، كتوسيع الغطاء ليشمل توقف العمل الناتج عن حريق أو حادث آخر في مواقع مجهزي المؤمن له أو مستهلكيه Suppliers and Customers Extension.أو انقطاع سلسلة التجهيزات بسبب الكوارث الطبيعية Supply Chain Disruption أو تأثير الأخطار السبرانية Cyber Risk.”

 

نتمنى على المؤلف التوسع في محتوى الكتاب في حال إعادة نشره من باب استكمال تغطية الجوانب المختلفة لتأمين خسارة الأرباح، كتأثير الأخطار السيبرانية cyber risks على شرط الضرر المادي material damage proviso وقيام ظاهرة الضرر غير المادي non-physical damage الذي يشبه ما يرد في الغطاء التقليدي لهذا التأمين في توفير الحماية للشركات من آثار عدم استطاعة الدخول إلى موقع العمل بسبب مرض معدي أو عمل إرهابي خارج الموقع، مثلاً، وهو ما يقع تحت عنوان منع وصول المؤمن له والعاملين إلى موقع العمل denial of access إذ تلجأ السلطات المعنية إلى تطويق المنطقة للتحقيق في أسباب وملابسات الحادث.

 

إن المؤلف على معرفة بهذه الجوانب، فهو “يعرض بشكل تعريفي مختصر لتأمين خسارة الأرباح الناتجة عن التأخير في بدء تشغيل المشروع، وهو ما يسمى بتأمين خسارة الأرباح المتقدمة ((Advance Loss of Profit الذي يلحق بوثيقتي التأمين الهندسي الخاصة بإنشاء ونصب المشاريع (Contractors All Risks & Erection All Risks Policies)” (ص 11).  كان بالإمكان إضافة تأمين خسارة الأرباح في فرع التأمين البحري، ونعني بذلك تعويض أصحاب المشروع بخسارة الأرباح المترتبة على التأخير في بدء تشغيل المشروع Delay in Start-up (DSU) بسبب حادث بحري يعرقل وصول المواد والمكائن والمعدات في الوقت المحدد ويؤدي إلى تأخير في إنجاز المشروع في أوانه المتعاقد عليه.

 

لقد غطى المؤلف موضوعه بحرفية ومعرفة معمقة بتأمين خسارة الأرباح.  وسيظل كتابه مرجعاً أساسياً لممارسي التأمين وكذلك لأصحاب الشركات، رغم أنهم، جميعاً، بعيدين في الوقت الحاضر عن هذا الموضوع.  لكننا نعتقد بأن ضغط الأوضاع الاقتصادية وترسخ مفهوم مسؤولية المدراء على بقاء الشركات التي يعملون على إداراتها كمؤسسات عاملة مستمرة في العمل وإدخال مفاهيم إدارة الخطر سيدفع باتجاه إدخال وإشاعة هذا النمط من التأمين.  ونعرف أن المؤسسات المالية الدولية التي تقدم القروض لتمويل المشاريع تشترط على المستفيدين من القروض الالتزام بشراء حزمة من أغطية التأمين من بينها تأمين خسارة الأرباح المتقدمة والتأخير في بدء تشغيل المشروع.  فهذه المؤسسات معنية بإكمال المشروع في الوقت المحدد لبدء التشغيل وتحقيق الإيرادات المتوقعة التي يستفاد منها في إطفاء القرض.  إن كتاب منعم الخفاجي سيكون دليلاً أولياً للشركات العراقية.

 

إن نشر هذا الكتاب من قبل شركة التأمين الوطنية يستحق كل التقدير، ويشهد لها رعايتها لنشر الكتب التأمينية، وهي بذلك تحتل موقعاً فريداً بين شركات التأمين العراقية.  ويتمنى المرء أن تقوم الشركة بتوسيع نشرها لكتب التأمين وتشجيع ممارسي التأمين والأكاديميين للبحث في تاريخ النشاط التأميني في العراق وقضاياه المعاصرة.  ونأمل أن تحذو شركات التأمين الأخرى حذو شركة التأمين الوطنية.

 

 

15 آذار 2020

[1] بهاء بهيج شكري، النظرية العامة للتأمين (بغداد: مطبعة المعارف، 1960)، ص 377-378.

 

بديع أحمد السيفي، الوسيع في التأمين وإعادة التأمين، 2ج، الجزء الثاني، ص 603-610 (التأمين من خسارة الأرباح بسبب الحريق)؛ ص 826-827 (وثيقة تأمين خسارة الأرباح الناتجة عن عطب المكائن)

 

[2]  بثينة حمدي حسين، “التأمين ضد خسارة الأرباح،” رسالة التأمين، العدد الرابع، مايس 1967.

 

[3] منعم الخفاجي، مدخل لدراسة التأمين (بيروت: منتدى المعارف، 2018)، ص 139-172.