Monthly Archives: ماي 2019

Legislating Compulsory Insurance in Iraq

واقع التأمين في العراق

ومشروع تشريع قانون للتأمين الالزامي

 

 

آلاء سعيد عبد الحميد

 

 

يعاني قطاع التأمين العراقي العديد من المشاكل، بعضها ذات طابع تاريخي متوارث وبعضها الآخر نشأت في العقود الثلاثة الماضية.  وقد كتب بعض الزملاء مقالات ودراسات عن هذه المشاكل.  أود في هذه المقالة القصيرة تسليط الضوء على بعض المعوقات التي أدت الى ضعف قطاع التأمين في العراق، وعرض سريع لخطى الاصلاح.

 

إن من الصعب جداً تغيير فكر مجتمع (الأغلبية) نشأ على غياب عدة ثقافات من ضمنها ثقافة التأمين، اضافة الى صعوبة كسب ثقة هذه الأغلبية بشركات التأمين العراقية واقناعها أن التأمين أفضل وسيلة لحماية ممتلكاتها، وأن هناك جهة ضامنة قادرة على تحمل مجموعة كبيرة من الخسائر التي قد يتعرضون لها.  أما إذا كان لابد من التغيير فسوف يحتاج ذلك الى جهود كبيرة وسنوات عدة تظهر نتائجها في الأجيال القادمة

 

في الوقت الحالي، أرى ان الحل لضعف هذا القطاع هو تشريع قانون للتأمين الالزامي.  على سبيل المثال، ان محفظة الحريق تظهر مؤشراً سلبياً في أغلب ميزانيات شركات التأمين بسبب قلة أقساط التأمين التي تكون رمزية جداً مقابل حجم التعويضات المتحققة، مما أدى الى عزوف أغلب شركات التأمين عن اصدار وثيقة الحريق.  عليه فإن الحل للتغلب على هذا الوضع (قلة أقساط التأمين من الحريق مقارنة بحجم التعويضات المتحققة في هذا الفرع) هو جعل تأمين الحريق الزامياً لأصحاب المحال التجارية والمخازن (المصدر الأكبر لخسائر الحريق) ليتم خلق صندوق رصين قادر على تحمل صرف جميع التعويضات دون تعرّض شركات التأمين الى الخسارة التي قد تتعدى الى أقساط محافظ التأمين الاخرى.

 

إضافة إلى ذلك، من الممكن تشريع قانون الزامية التأمين لأصحاب السيارات (خارج قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات لسنة 1980 الذي يقتصر على تأمين المسؤولية عن الإصابات البدنية بما فيها الوفاة) أو البضائع المستوردة (إلزام المستوردين من الشركات الخاصة والعامة بالنص في عقد الاستيراد أن يكون على أساس سي أند إف – الكلفة والشحن فقط – لضمان إجراء التأمين أثناء النقل لدى شركات تأمين عراقية).

 

إن الأساس الاقتصادي لهذين المثلين للتأمين الإلزامي يقوم على تحقيق صندوق رصين لأقساط التأمين لتمويل تعويض الخسائر المادية.

 

إن جمعية التأمين العراقية تعمل دائماً على تحفيز وتوجيه شركات التأمين بالسعي لترويج وثائقها التأمينية مع إعداد نماذج وثائق التأمين من شروط واستثناءات وكيفية التسعير لكن هذا العمل لوحده لا يعتبر كافياً كون الجمعية لا تمتلك سلطة قانونية وهي ذات طابع خدمي فقط.  إزاء هذا الوضع فلابد من دعم ديوان التأمين للتنسيق مع الجهات ذات الصلاحية للنهوض بهذا القطاع.  ونرى لذلك أن يقوم الديوان، بالتنسيق مع الجمعية، إلى المبادرة بدراسة مشروع التأمين الإلزامي على بعض الأخطار، وصياغة اللوائح المناسبة تمهيداً للتشريع.

 

آلاء سعيد عبد الحميد

شركة الخليج للتأمين/المدير المفوض

 

28 أيار 2019

Insurance in Elizabethan England – The London Code

مراجعة كتاب

 

 التأمين في العصر الإليزابيثي في إنجلترا

 

المؤلف: غويدو روسّي*

المراجع: كريس ليوان**

الترجمة: مصباح كمال

 

نشرت هذه المراجعة في مجلة الاكتواري، مجلة معهد وكلية الاكتواريين البريطانية تحت عنوان:

Book review: Insurance in Elizabethan England[1]

Insurance in Elizabethan England – The London Code

10 August 2017 | Chris Lewin

Author: Guido Rossi

Publisher: Cambridge University Press, 2016

Review: Chris Lewin

 

The Actuary

The Institute and Faculty of Actuaries

https://www.theactuary.com/features/2017/08/book-review-insurance-in-elizabethan-england/

 

نشرت الترجمة العربية في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

 

 

مقدمة

 

 

يشكل هذا الكتاب إضافة مهمة لتاريخ التأمين في إنجلترا كما كان يمارس في لندن، مقر لويدز، سوق التأمين الشهير، ومركز التجارة البحرية.  إن معظم ما نقرأه في كتب التأمين العربية العامة، والتي تأتي على ذكر التأمين البحري، يشير إلى تشريع إنجليزي يعالج موضوع التأمين البحري في صيغته التي باتت معروفة في العصر الحديث.  وهذا التشريع هو قانون إليزابيث لعام [2]1601 كما يصفه جمال الحكيم، ونقتبس ترجمته لمقدمة هذا القانون لما تحمله من أفكار تأمينية مهمة:

 

… أي يفهم من عقد (بوليصة) التأمين البحري، أن فقد أو هلاك السفينة لا يتسبب عنه شقاء أي فرد، بل يكون عبء الخسارة بسيطاً بتوزيعه على عدد كبير من الأفراد أفضل مما لو لحقت خسارة جسيمة بنفر قليل منهم.  والعبء يكون موزعاً عليهم وبذلك لا تكون هناك مخاطرة.  وهذا أضمن مما لو كان هناك مخاطرة.  وبهذا فإن جميع التجار – صغار الدخل منهم على الأخص – يمكنهم المخاطرة برغبة وجرأة.[3]

 

تكمن أهمية هذا التشريع، فيما يخص التفكير التأميني، في توضيح القيمة الأساسية لمؤسسة التأمين: توزيع عبء خسارة الفرد على عدد أكبر من الأفراد.

 

في تعليقه على تطور صياغة نص وثيقة التأمين البحري يقول غويدو روسّي ان هذا التطور بدأ في سبعينيات القرن السادس عشر.  ففي ذلك الوقت كان النموذج القياسي للوثيقة قد تكامل ولم يخضع إلى أي تغيير خلال العقود التالية ما خلا أربع إضافات كما ظهرت في وثيقة لويدز النموذجية (12.1.1779) التي كانت نسخة مطابقة لوثيقة القرن السادس عشر.  ولخّص الإضافات في هامش طويل ننقلها هنا لأهميتها في تطور صياغة وثيقة التأمين البحري.  وهذه الإضافات هي:[4]

 

  • “هلكَ أم لم يَهلكْ” lost or not lost وقد كانت هذه الإضافة قيد الاستعمال في أواخر القرن السادس عشر. [يعني هذا الشرط سريان عقد التأمين البحري حتى لو كان محل التأمين هالكاً أو متضرراً عند إبرام العقد، شريطة ألاّ يكون المؤمن له عالماً بالهلاك].

 

  • إيراد ذكر “هيكل السفينة والبضائع” hull and cargo، إذ أن محلا التأمين هذين لم يكونا موضوعاً للتأمين بموجب وثيقة تأمين واحدة في أواخر القرن السادس عشر.

 

  • شرط “الاقتراب والتوقف” touch and stay [الذي يسمح للسفينة أن تبحر وتقترب وتتوقف في أي ميناء في مسار السفينة المنصوص عليه في وثيقة التأمين]. وقد كانت هذه التغطية محرّمة في عقود النصف الثاني من القرن السادس عشر، ولكنه ليس واضحاً إلى أي حد كان هذا التحريم مطبقاً في الممارسة.

 

  • “المذكرة” أو “الملحوظة” Memorandum التي تظهر في ذيل وثيقة التأمين البحري مع قاعدة الأشياء الصغيرة [قاعدة الحد الأدنى] de minimis (إمكانية التعويض عن الأضرار إن كانت قيمتها تتجاوز نسبة مئوية معينة من قيمة التأمين على بعض البضائع).[5] وفي حين أن الملحوظة أضيفت إلى وثيقة لويدز عام 1749 (Harold Raynes, A History of British Insurance, 1964, p 65) فإنه من المحتمل أن قاعدة مماثلة كانت تطبق عادة أواخر القرن السادس عشر في لندن.

 

يستنتج روسّي أنه ما خلا الابتهال بالله، الذي حُذف في منتصف القرن التاسع عشر، فقد تم الاحتفاظ بوثيقة لويدز للتأمين البحري على البضائع الخاصة (وكذلك الوثيقة من زمن إليزابيث) في صورتها الحرفية في قانون التأمين البحري لعام 1906.  ومن رأيه أن هذه الاستمرارية لا مثيل لها.

 

لقد أقدمت على كتابة هذه المقدمة القصيرة للتنبيه على عمق البحث التاريخي في تطور مؤسسة التأمين، وأن هناك الكثير الذي يمكن البحث فيه في تاريخ التأمين في العالم العربي رغم العمر القصير نسبياً لهذا التاريخ.

 

مصباح كمال

13 أيار 2010

 

ترجمة المراجعة

 

هذا كتاب كبير يحتوي على حوالي 900 صفحة.  يكرّس ما يزيد قليلاً عن نصفه لمناقشة مفصّلة لشروط التأمين البحري والتأمين على الحياة التي كانت قائمة في لندن في زمن الملكة إليزابيث.  ويقدم باقي الكتاب وبشكل مريح النسخ الكاملة لمدونة لندن – القواعد التي تغطي التأمينات البحرية والتأمين على الحياة حوالي عام 1580 – ونسخ 46 وثيقة تأمين بحري محفوظة منذ ذلك الوقت، صدرت في الفترة من 1523 إلى 1604.  وتشمل هذه الوثائق وثيقة تأمين على الحياة صادرة عام 1583 قام بشرائها ريتشارد مارتن للتأمين على حياة ويليام غيبونز لمدة 12 شهراً.

 

إن الكتاب مكتوب من وجهة نظر قانونية، ويتتبع كيف تم اشتقاق مدونة لندن جزئياً من مختلف المدونات التأمينية المشابهة في المدن الأوروبية مثل أنتويرب Antwerp [هولندا] وبرشلونة Barcelona [إسبانيا] وبروج Bruges [بلجيكا] وجنوة Genoa [إيطاليا] وروان Rouen [فرنسا]، ويوضح الأحكام التي كانت أصولها تعود إلى لندن.  ويحدد الكتاب ما يعتبره المؤلف صراعاً مستمراً للولاية القضائية على مسائل التأمين بين نظام المحاكم البريطاني الرسمي وغرفة ضمان لندن Assurance Chamber of London، حيث كان مفوضو الغرفة عادة تجاراً يعينهم رئيس بلدية المدينة.

 

ويرد في الكتاب تحليل لوثائق التأمين الأربعين المعروفة في لندن للأعوام 1573-1591.  كان متوسط المبلغ المؤمن عليه 506 جنيه إسترليني، في حين كان المبلغ المؤمن عليه في 62% من الوثائق أقل من 400 جنيه إسترليني و 5% منها كان مبلغ تأمينها 1,400 جنيه إسترليني أو أكثر.  كانت هناك مجموعة صغيرة من حوالي 40 مكتتب للتأمين ظهرت أسماؤهم خمس مرات على الأقل والذين ربما لذلك كان لهم التأثير الأكبر في السوق، لكن كان هناك حوالي 200 مكتتب لم تظهر اسماؤهم بشكل متكرر وغالباً ما كانت تظهر مرة واحدة فقط.  وقد تباين عدد المكتتبين المشاركين في وثيقة التأمين بشكل كبير، من 3 إلى 47 مكتتب.  ويحدد الجدول 3.2 الأقساط المطبقة على 24 رحلة خلال الفترة من 1579 إلى 1593.  وكان أدنى معدل للأقساط 3%، أو في حالة واحدة 2% لرحلة قصيرة من هاريتش Harwich إلى لندن، بينما في الحالات الأربع من شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1586 فصاعداً كان سعر التأمين 10% أو 11%، مما يعكس زيادة التوتر الدولي.

 

لأي شخص يرغب في الحصول على فكرة جيدة عن قواعد سوق التأمين في لندن في عهد إليزابيث لتغطية الحوادث المختلفة التي قد تلحق بسفينة أو بضاعة مشحونة، فإن هذا الكتاب سيكون ذا قيمة كبيرة.  ومع ذلك، فإنه لا يلقي ضوءاً إضافياً على التأمين على الحياة في ذلك الوقت، والتي أصبحت قواعدها معروفة جيداً بالفعل.

 

(*)     محاضر في التاريخ القانوني الأوروبي، جامعة أدنبره

(**)   مدير تقاعد متقاعد، أدار صناديق معاشات لعدد من كبريات الشركات البريطانية

 

[1] يمكن قراءة بعض صفحات الكتاب باستخدام هذا الرابط:

https://books.google.co.uk/books?id=fC-YDQAAQBAJ&pg=PA147&lpg=PA147&dq=Assurance+Chamber+of+London&source=bl&ots=uQok-lRDzf&sig=ACfU3U3tAGvp1bwWa1PL358-qY6rN4TFBA&hl=en&sa=X&ved=2ahUKEwj7v-iBhZfiAhX-UhUIHeTRB5U4ChDoATAEegQICBAB#v=onepage&q=Assurance%20Chamber%20of%20London&f=false

 

كما يمكن قراءة ملخص لأهم الأفكار الواردة في هذا الكتاب في دراسة منشورة لمؤلف الكاتب:

https://www.academia.edu/39186216/The_London_Booke_of_Orders_a_sixteenth_Century_Civil_Law_Code_in_England?auto=bookmark

 

[2] أقرَّ البرلمان البريطاني هذا القانون تحت عنوان:

An Act Concerning Matters of Assurances Used Among Merchants

وكان الهدف منه وضع نظام لحل المنازعات بين التجار عن طريق التحكيم، إلا أن هيئة التحكيم الخاصة لم تنجح في الفصل في الخلافات، كما يقول جمال الحكيم.  راجع:

Frederik Martin, The History of Lloyd’s and of Marine Insurance in Great Britain (London: Macmillan and Co, 1876), p 34-35.

 

[3] جمال الحكيم، التأمين البحري (القاهرة: مطبعة القاهرة الجديدة، 1979.  الطبعة الأولى، 1955)، ص 11.

 

[4] Guido Rossi, Insurance in Elizabethan England – The London Code (Cambridge University Press, 2016), p 27.

 

[5]ملحوظة: من المتفق عليه أن الغلال والحبوب والأسماك، والملح، والفواكه، والدقيق، والبذور، لا تكون مضمونة إلا إذا كانت العوارية عمومية أو جنحت السفينة.  ومن المتفق عليه أيضاً أن السكر، والتبغ، والقنب، والكتان، والجلود الخام بأنواعها لا تكون مضمونة إلا إذا بلغت العوارية 5%، أما البضائع الأخرى فلا تكون مضمونة إلا إذا بلغت العوارية 3% ما لم تكن العوارية عمومية أو جنحت السفينة.”

 

نص الملحوظة في وثيقة لويدز التقليدية كما ورد في ترجمة جمال الحكيم، مصدر سابق، ص 63.

Clarification & Reply to Misbah Kamal’s Paper on Insurance Culture & the Iraqi Insurance Association

توضيح ورد على مقالة مصباح كمال “هوامش حول ثقافة التأمين وجمعية التأمين العراقية وما آلت إليه”

 

 

وليد جاسم القيسي

 

تقديم

نشرت قبل أيام رد الزميلين منذر عباس الأسود، المدير المفوض لشركة الحمراء للتأمين، وفلاح حسن، المدير المفوض لجمعية التأمين العراقية على مقالتي “هوامش حول ثقافة التأمين وجمعية التأمين العراقية وما آلت إليه”، ويسرني الآن أن أنشر النص الحرفي لرسالة الزميل وليد جاسم القيسي، المدير المفوض لشركة التضامن للتأمين ورئيس جمعية التأمين العراقية بعد أن حصلت على موافقته على النشر بتاريخ 21 أيار/مايو 2019.

وكتب التالي في رسالة الموافقة على النشر: “شكرا لجوابك على ردود افعال عدد من اعضاء الجمعية المخالفه لرأيك فيما نشرت من امور تمس بسمعة الجمعية من خلال اعتمادك على ( رساله مجهولة الهوية والعنوان ) رغم ذلك لم نلمس من جوابك اعادة النظر او تراجع حضرتك عما كتبت ونحن نعرف حيادك ونزاهتك المميزتين ويبدو الذي يهمك فقط نشر الردود لفتح المناقشة لا مانع من نشر رسالتنا ونأمل ان تعيد النظر بما كتبت واعلامنا مع التقدير.”

إن القضايا المعروضة في المقالة والردود الثلاثة عليها، وكذلك تعقيبي على رد الزميل منذر الأسود، هي الآن مطروحة للمناقشة من قبل القراء ومن المعنيين في شركة التأمين الوطنية وغيرها ومن أصحاب الرأي المهتمين بالشأن التأميني.

مصباح كمال

21 أيار/مايو 2019

 

 

السلام عليكم ..

 

أطلعنا للأسف على مقالتكم ونستغرب من الملاحظات التي وردت فيها والتي تستهدف (ربما دون قصد) التشهير بالجمعية بعيداً عن المهنية من خلال أعتمادك على رسالة مدسوسة مجهولة التاريخ والعنوان والهوية منسوبة الى شركة التأمين الوطنية أود أن أوضح لحضرتك مايلي:

 

  1. أن إدارة شركة التأمين الوطنية ومنتسبيها أسمى مما ينسب لها من هذه الأتهامات الباطلة وكان يفترض عدم أعتماد هذه الرسالة لمجهوليتها والتأكد من الجمعية ومن شخصيات تأمينية.

 

  1. أن أنسحاب الوطنية والعراقية لعدم تسديد بعض الشركات حصتها من تعويضات مجمع المخازن وأن الجمعية والديوان تدخلا بالموضوع وتم تسديد الديون التي بذمتها ومنها سددت على شكل أقساط.

 

والسبب الآخر هو تنافس الشركات فيما بينها على التسويق والأسعار ودخول المناقصات وهذه تتوقف على جهود ونشاط المنتجين فيما بين الشركات.

 

بنفس الوقت أن الوطنية تتمسك بالمادة السابعة في عملها من قانون تأسيس شركة التأمين الوطنية في الخمسينات والتي من شأنها حصر كل أعمال التأمين الحكومي لدى الوطنية فقط وهذا مخالف للمادة (81) من قانون رقم (10) لسنة 2005 وقد طلبت الجمعية رأي مجلس شورى الدولة ولم ترد على الإجابة رغم التأكيدات وبقى الموضوع ساري وفق القانون رقم (10) لسنة 2005 النافذ وهناك قاعدة قانونية وفقهية (أن القانون الخاص يقيد العام) وهذا الموضوع فوق طاقة الجمعية وبالتأكيد سوف تعود الوطنية والعراقية أن شاء الله.

 

  1. أن الجمعية تؤدي واجبها وفق المادة (84) من القانون والمادتين (6,7) من النظام الداخلي بالتعاون مع ديوان التأمين وهو المرجع الأعلى الرسمي الذي له السلطة والأشراف على الشركات.

 

وأن دور الجمعية معروف لدى حضرتك في أعداد الدراسات والندوات والمحاضرات وحضرتك على علم بكل نشاطات الجمعية منذ تأسيسها ولحد الآن وللعلم أن الجمعية عضو في اللجنة الوطينة لمنطقة الأسكوا لتسهيل التجارة والنقل المرتبطة بمجلس الوزراء ولها دور في ذلك وأن السيد رئيس الجمعية عضو في هذه اللجنة وهناك عضو آخر في اللجنة الفنية للأسكوا وهاتين اللجنتين مسؤولتين عن كافة نشاطات البلد والقطاعات كافة برئاسة السيد وزير النقل وعضوية بعض وكلاء الوزارات وعدد كبير من المدراء العاميين والمستشارين في الدولة وللقطاعين العام والخاص.

 

  1. لا يوجد صراع أو مشاكل بين شركات التأمين الخاصة والعامة ثم على ماذا الصراع وأي غنائم تقصدها وأنت تعلم أن الجمعية ذات طابع خدمي وليس أنتاجي تعتمد على أشتراكات الأعضاء فقط وتودع في المصرف ويصرف منها رواتب الموظفين وتخضع للحسابات الختامية ورقابة الديوان وديوان الرقابة المالية.

 

  1. حضرتك تنتقد دور الجمعية في الميدان السياحي بسبب غرق العبارة وبنفس الوقت تعود وتوعز أن سبب ضعف التسويق في هذا المجال (التخلف الأجتماعي , الأمية , الفقر , أنخفاض مستوى المعيشة , التجهيز , النظام التعليمي , العادات العشائرية , دور الأسلام السياسي (ص3) من تقريركم).

 

  1. هناك عمل جماعي بين شركات التأمين للقطاعين بإشراف الجمعية والإعادة ومراقبة الديوان وذلك عن طريق جمعيات التأمين وليس هناك فرض إرادة شركة على أخرى وأن الجمعية تتعامل مع الجميع على مسافة واحدة. ولا صحة في وجود ماسمي برابطة تنمية القطاع التأميني بالعراقي ولا يسمح القانون بذلك.

 

  1. الجمعية مستمرة بعملها وهناك موافقات أصولية بتأسيسها أطلع عليها السيد مديرالديوان وهو رجل دقيق ومتابع لكل الأمور. ونأمل مستقبلاً التأكد قبل النشر وشكراً.

 

أخوكم

وليد جاسم القيسي

رئيس الجمعية / مدير مفوض شركة التضامن للتأمين

19/5/2019

Response to Misbah Kamal’s Paper “Notes On Insurance Culture and the Iraqi Insurance Association

رد على مقالة مصباح كمال “هوامش حول ثقافة التأمين وجمعية التأمين العراقية وما آلت إليه”

 

 

فلاح حسن

تقديم

نشرت قبل أيام رد الزميل منذر عباس الأسود على مقالتي، ويسرني الآن أن أنشر النص الحرفي لمقالة الزميل فلاح حسن، المدير المفوض لجمعية التأمين العراقية بع أن حصلت على موافقته على النشر بتاريخ 20 أيار/مايو 2019.  وكتب التالي في رسالة الموافقة على النشر: “لا مانع لدينا من نشر ردنا على مقالتكم المؤرخة في 14/5/2019 ايمانا منا من يعمل في ضوء الشمس لا يتوجس خيفة الظلمة.”

مصباح كمال

 

عزيزي مصباح

 تحيـة طيبـة

 

يؤسفني جداً على نشر مواضيع عن  الجمعية مستنداً الى رسالة غير مؤرخة وغير موقعة وكان الاجدر توخي الدقة قبل نشرها والوقوف على حقيقتها وصحتها والاستفسار عنها من قبلنا وقبل كل ذلك مضمون رسالتكم او مقالتكم فيها خلط واضح بين مهام ديوان التأمين ومهام جمعية التأمين العراقية.

 

وارجو الرجوع الى المادة 6 والمادة 84 من قانون تنظيم اعمال التأمين رقم 10 لسنة 2005 وبين مهام الجمعية بموجب النظام الداخلي المادة ( 7 ) ونشاط الجمعية لتحقق الاهداف الموسومة لها بموجب النظام الداخلي قامت بما يلي :

 

1 ــ قيام الجمعية بتأهيل وتدريب موظفي شركات التأمين العاملة في العراق بعقد دورات تدريبية مستمرة مجانية وتزويدهم بالملزمات المحاضرة مجاناً .

2 ــ أسست مجمعات تأمينية متنوعة للأخطار المستثناة من الاتفاقية مع المعيد او التي جاءت حدود المسؤوليات لها لا تلبي حاجة السوق المحلي ووضع الشروط والأحكام والأسعار لها وتوزيع قسيمة التغطية .

3 ــ عقد اتفاقيات تأمين محلية بين الاعضاء وإعــداد بنود شروطها وأحكامها وأسعارها . 

4 ــ نشر الثقافة التأمينية من خلال توزيع نشرات على شركات التأمين بشكل دوري .

5 ــ اعداد بنك معلومات وإحصائية لنشاط شركات التأمين سنوياً .

6 ــ تم إعداد وثائق تأمين حديثة وتوزيعها على شركات التأمين ومن ضمنها لشركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية .

والوثائق هي :

أ ــ وثيقة خسارة ارباح .

ب ــ وثيقة المسؤولية المدنية العامة .

ج ــ وثيقة مسؤولية رجال الاعمال .

د ــ وثيقة المصرفية الشاملة .

هــ ـــ وثيقة التأمين الصحي .

و ــ وثيقة المسؤولية المهنية .

ع ــ وثيقة تأمين المسافرين عبر الدول العربية .

ط ــ وثيقة تأمين المسؤولية عن إزالة حطام السفينة .

7 ــ اعداد وتوزيع تعرفة فروع التامين وشملت :

أ ــ تعريفة الحريق والسرقة .                   ب ــ تعريفة التأمين الهندسي .

ج ــ تعريفة تأمين البحري .                     د ــ تعريفة السيارات والحوادث الشخصية.

8 ــ اعداد دراسات ومخاطبات متنوعة الى الجهات الرسمية وديوان التأمين في اصدار تشريعات تخدم قطاع التأمين وقد بلغت مجموع تلك المخاطبات بواقع  61 كتاباً تخص وتخدم وتدعم قطاع التأمين خلال ثلاث سنوات السابقة .

9 ــ مداخلة الجمعية في الامور المهمة التي تهم اعضائها فيما بينهم .

10 ــ عقد اجتماعات للأعضاء في مقر الجمعية للتباحث في شؤون القطاع .

11 ــ اعداد دراسات متنوعة في مواضيع التأمين بلغت مجموعه بالعشرات المواضيع .

12 ــ مفاتحة الجمعية للاتحادات والمصارف والغرف التجارية بعقد ندوات لتعريف وتوضيح اهمية التأمين .

13 ـــ اعداد وتوزيع على شركات التأمين للمواد الخطرة في التأمين من الحريق والتعريف بها .

والجمعية تعمل بعيداً عن ضجيج الاعلام الفارغ .

 

حيث ان الجمعية لها دور فعال وحضور في اهم لجنة وهي / الامانة التنفيذية للجنة الوطنية لتسهيل النقل والتجارة في منطقة الاسكوا , حيث كافة الوزارات والهيئات والاتحادات والجمعيات العراقية لها ممثلون في هذا اللجنة وتوصياتها ترفع في مجلس الوزراء مباشرة .  

الوعي التأميني حاضراً في هذا الوسط الاقتصادي المهم والفعال.

 

كما ان مقالتكم تشير الى العلة الاساسية في عدم نشر الوعي التأميني في العراق وهذه العلة خارجة عن قدرة الجمعية لكون كما تفضلتم بأن الوعي الاجتماعي متخلفاً ومتقدماً عن الوعي التأميني بموجب المسببات التي ذكرتموها .

 

اما فيما يخص بأن الجمعية في تحدي للقطاع العام في السوق ما هي البينة على ذلك حيث لم يصدر من الجمعية اي موقف منحاز الى شركات القطاع الخاص او الى شركات القطاع العام والنظرة الى الاعضاء نظرة متساوية .

 

كما انها ليست الجهة ذات الصلاحيات التنفيذية او التشريعية وإنما هي ترعى مصالح الاعضاء وهذا الامر واضح من خلال المهام التي قامت بها الجمعية للأعضاء المذكورة سلفاً .

 كما ان المقالة إشارة على عموميات إنشائية بدون ذكر الوقائع وللأدلة على طرح التوجيهات المذكورة في المقالة .

 

اما الرابطة التأمين المشار اليها في مقالتكم كانت فكرة بين رجال الاعمال وبعض شركات التأمين الخاصة ولم تفعل او تظهر للوجود.

 

اجنماعات اعضاء الجمعية يتم طرح كافة المواضيع بكل حرية وشفافية وهذا حق مشروع والخلاف الذي يدور بين قطاع العام والخاص حول المادة (81) من قانون تنظيم اعمال التأمين رقم (10) لعام 2005 وبين قانون تأسيس شركة التأمين الوطنية المادة (7) .

 

وقد بادرت جمعية التأمين العراقية بعرض النزاع الناشئ بين القانونين على رئيس مجلس الدولة بموجب كتابنا المرقم 130 في 7/2/2018 واعتذر مجلس الدولة عن الإجابة لكون الجمعية هي من المنظمات المجتمع المدني وأخيراً حسب علمي بادر ديوان التأمين بعرض الموضوع على مجلس الدولة لإبداء الرأي القانوني بشأن ذلك النزاع .

 

اما ان الجمعية منغلقة وتمثل المصالح الجزئية للشركات معينة يعني ذكر ذلك يوجد دليل مادي ملموس على هذا السلوك ماهو هذا الدليل في ذلك وإنما فقط توجه اتهام جزافاً بدون برهان عليه يكون ذلك عنصر لتشهير ليس الا .

 

وما هي الغنيمة التي سوف تعود للجمعية من هذا الامر علماً بأن موارد الجمعية محدودة جداً ومعلومة المقدار مسبقاً وتحت اشراف وتدقيق محاسب قانوني مجاز .

علماً بان الجمعية لهذا العام بادرت بخفض رواتب منتسبيها كافة لكون الموارد لهذا العام سوف تقل بسبب تعليق (8) شركات عن العمل و(6) شركات ليس لديها موارد في اقساط التأمين .

 

انسحاب شركة التأمين الوطنية والعراقية جاءت بإرادة منفردة غير قانونية استناداً الى احكام المادة (84) من قانون تنظيم اعمال التأمين وللأسباب غير موضوعية وموجبة .

 

الجمعية ومجلس إدارتها وموظفيها لا زالت تمارس عملها وإنما ما أشر اليه في مقالتكم غير صحيح ووضعها القانوني سليم لكون النظام الداخلي للجمعية مصادق عليه من قبل رئيس الديوان بموجب كتاب الديوان رقم 31 في 26/12/2005 استناداً الى احكام المادة (84) من قانون تنظيم اعمال التأمين .

 

ولكون الجمعية هي من المنظمات المجتمع المدني (منظمة غير حكومية) الوقائع العراقية تنشر فقط ما يخص الحكومة وليس لمنظمة غير حكومية .

 

غياب معرفتكم بحقيقة الامور الداخلية ذهبتم بعيداً في التحامل بدون الاستناد الى البراهين والدلائل والقرائن او معرفة حقيقة امور الموضوع , حيث الانشاء العمومي والتعميم بدون القرائن وبدون المعرفة التامة يفقد الشفافية والمصداقية ويصب في خانة التشهير .

 

حيث ان الخلاف بين شركة التأمين الوطنية وبين شركات القطاع الخاص حول موضوع تعويض حادث حريق مخزن المسند الى مجمع تأمين المخازن المحلي حيث رفضت بعض الشركات المشاركة في هذا المجمع من دفع حصتهم المترتبة عليهم الى شركة التأمين الوطنية , وقد تدخلت الجمعية في هذا الموضوع ولكون الجمعية ليس لها سلطة القانون حيث احيل الموضوع الى ديوان التأمين في الزامهم بدفع حصتهم من هذا التعويض.

إضافة الى خلاف اخر بين الوطنية واحدى شركات التأمين الخاصة حول منافسة الوطنية بالعروض لتأمين بعض المشاريع النفطية , علماً بأنه توجد اتفاقية محلية لتأمين التراخيص النفطية والطاقة تقود هذه الاتفاقية شركة التأمين الوطنية , لكن الشركة التي كانت منضوية في هذه الاتفاقية خالفت شروط هذه الاتفاقية واحيلت عليها هذا التأمين مما حدا بشركة التأمين الوطنية الانسحاب من كافة مشاركتها في المجمعات والاتفاقيات المحلية هذا كل ما في الموضوع .

 

ارجو ان يكون توضيحي وافياً .. مـع خالص التقـــديـــر ..

 

فـــلاح  بغداد 16 مايو

Rejoinder to Munther Al-Aswad’s Letter

تعقيب على رسالة منذر عباس الأسود:

مناقشة لمقالة “هوامش حول ثقافة التأمين وجمعية التأمين العراقية وما آلت اليه”

 

مصباح كمال

 

 

نشر موقع مرصد التأمين العراقي بتاريخ 19/5/2019 رسالة للزميل منذر الأسود موجهة لي تحت عنوان (مناقشة لمقالة “هوامش حول ثقافة التأمين وجمعية التأمين العراقية وما آلت اليه”).  وقد ضمت رسالته/مقالته العديد من التعليقات دفاعاً عن جمعية التأمين العراقية دون مناقشة الأفكار الأخرى التي تنتظم مقالتي، وتقريعاً لي على ما كتبت.  فيما يلي أعقب على هذه الرسالة وأعرضها على القراء بهدف إثارة نقاش فكري تمس قضايا عقدية في قطاع التأمين العراقي وليس جمعية التأمين العراقية فقط.   سأقتبس مقاطع مما كتبه الزميل منذر وأبرزها بحروف غامقة وأعلق عليها تباعاً.

 

بالاشارة لرسالتكم في 14-5-2019 والمتضمنة ارفاق روابط مقاليين جديدين وبعد اطلاعي عل مقالة (هوامش حول ثقافة التامين وجمعية التامين العراقية وما آلت اليه ) ارجو المعذرة مقدما انا استغربت جداجدا والذي لم اتوقعه( لانني اعرفكم جيدا)بانكم استندتم في مقالتكم على رسالة وهمية سلمت لكم غير موقعة وغير مؤرخة منسوبة الى شركة التامين الوطنية التي كتبت على خلفية تعليق مقتضب نشر في جريدة الصباح بتاريخ 3-4-2019 انا اعرف انك لم تتعامل في يوم ما على رسائل غير مؤرخة وغير موقعة ما لم تكن موثقة ان ما نشر في المفالة بحق جمعية التامين العراقية هو تجني كبير عليها وكان المفروض وهذا عهدي بكم توخي الدقة في نشر اية مقالة والاجدر كان ان تقوم بالاتصال  بشركة التامين الوطنية وجمعية التامين للتعرف حقيقة ما اشير اليه في الرسالة وما صحة ذلك ؟ الا انكم لم تقومو بذلك

 

أشكر زميلي على رسالته التي تعكس اهتماماً بمضمون مقالتي “هوامش حول ثقافة التأمين وجمعية التامين العراقية وما آلت اليه” وتطوعه لتفنيد ما جاء في مقالتي.

 

لا أرى ضرورة لتقديمه الاعتذار، وهو كرمٌ منه، عندما يتعلق الأمر بمناقشة قضايا عامة تحتمل آراءً متباينة.  وأنا أرحب بالنقد، وهو ما كنت أؤكد عليه في كل رسالة تحمل مرفقاً لمقالة.

 

لقد تعاملتُ في الماضي مع رسائل وردتني من العراق غير موقعة وغير مؤرخة[1] مثلما تعاملت مع أحاديث وحكايا نُقلت إليَّ شفاهاً بشكل غير مباشر دون أن يكشف أصحابها عن هويتهم من باب التقية أو خوفاً من التعرض للتنكيل الأدبي وغيره من “العقوبات” من أصحاب الشأن في العراق فما زالت القيود غير المكتوبة على الحريات قائمة في العراق رغم ما ينص عليه الدستور المُلتبس.  هناك مُناخ زرع رقيباً باطنياً يعمل على كبح حرية التعبير لدى الأفراد له تاريخ عريق في العراق.

 

بحكم الضرورة فأنا أستفيد مما يصلني من معلومات في الكتابة لندرة ما يكتب علناً عن الشأن التأميني في العراق، وأنشر ما أكتب بأمل أن يصبح موضوعاً للتعليق والمناقشة.  رسالة شركة التأمين، غير المؤرخة وغير الموقعة، التي استلمتها ليست وهمية ولا يبدو أنها مزورة.  وكما يعرف زميلي منذر الأسود فأنا أكتب وأنشر منذ سنوات عديدة إلا أنني لا أحظى باهتمام حقيقي، وهنا ما عليكم إلّا مراجعة خانة التعليق في مجلة التأمين العراقي ومرصد التأمين العراقي، لتكتشفوا أنها خالية من أي تعليق.  السؤال الكبير هنا هو: لماذا؟  ويبدو لي الآن أن نشر مقالتي “هوامش حول ثقافة التأمين وجمعية التامين العراقية وما آلت اليه” قد مسَّ وتراً حساساً ربما له علاقة قريبة بالوضع القائم بين شركات التأمين الخاصة والعامة وما يعمل كل طرف لصالحه في غياب تصور واضح مشترك لمصائر قطاع التأمين العراقي.  (استلمت رسالتين من زميلين لم يخضعا للنشر بعد، تشتركان في الموقف مع ما عرضه الزميل منذر.

 

ربما كان علىَّ الاتصال بجمعية التأمين العراقية للتعرّف منها مباشرة على صحة ما استلمته.  وكان هذا، بعد وزن الأمور الآن، قصوراً مني، خاصة وأن علاقاتي بمديرها المفوض جيدة وربما كنت سأحصل منه بعض المعلومات الأساسية ذات الصلة بموضوع مقالتي.

 

أنا كاتب مستقل في قضايا التأمين، متقاعد عن العمل، لا أعمل لدى أي مؤسسة، ولا استلم مكافأة أو أجراً على ما أكتب.  وليس لي مصالح مع أية شركة تأمين عراقية.  لا أتحامل على أي منها لكن لي موقفاً نقدياً مُعلناً من النشاط التأميني العراقي، ماضياً وحاضراً، وبالتالي تنسحب تقييماتي على بعض الشركات.

 

لو كانت مقالتي “هوامش حول ثقافة التأمين وجمعية التامين العراقية وما آلت اليه” تضم إساءة أو قذفاً لأي فرد لكان منسق الموقع الذي نشرت فيه المقالة (موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين) قد حجب نشرها لأنها لا تتماشى مع قواعده المعتمدة للنشر.

 

لقد ضمّت مقالتي تقييمات عديدة لواقع قطاع التأمين وجمعية التأمين العراقية حسب المعلومات المتاحة لي، لكن رد الزميل منذر على المقالة جاء انتقائياً.  من رأيي أن القيمة الأساسية لمقالتي قد تاهت ضمن الاستغراق بالدفاع عن النفس، أعني الدفاع عن جمعية التأمين العراقية.  وليس أضرّ على أية مؤسسة من أن تكون راضية دائماً عن نفسها وتشيد بإنجازاتها.

 

اولا : ان قيام شركة التامين الوطنية بكتابيها المرقمين 116 و1698 والمؤرخين 24-3 و7-4-2019 الاول كان معنون الى الجمعية والثاني معنون الى ديوان التامين واللذين يتضمنان انسحاب الوطنية والعراقية والموقعين من قبل هيفاء شمعون المير العام للشركتين بالوكالة فان ما ورد بهما مخالف لاحكام المادة 84 من قانون التامين رقم 10 لسنة2005( كان المفروض على الست هيفاء اخذ رأي الدائرة القانونية في الشركتين في ذلك) يظهر انها لم تتطلع على احكام قانون التامين والنظام الداخلي للجمعية ان احكام المادة 84 لا تسمح الانسحاب من الجمعية لكون جميع شركات التامين واعادة التامين وفروع شركات التامين واعادة التامين غير العراقية والمجازة من ديوان التامينع ضوة بحكم القانون

 

ليس لي علم بكتابي شركة التأمين الوطنية المرقمين 116 و 1698 المؤرخين 24 آذار 2019 و 7 نيسان 2019.  لا أدري إن كان بالإمكان توفير صورة من هذين الكتابين كي أستطيع التعليق على ما ورد فيهما.

 

يقول الزميل منذر إن انسحاب شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية من عضوية الجمعية مخالف لأحكام المادة 84 من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005.  لكي يكون القراء على بينة بهذه الأحكام اقتبس منها ما يلي:

 

المادة-84

 

أولاً- تؤسس بمقتضى أحكام هذا القانون جمعية مهنية تسمى (جمعية المؤمنين ومعيدي التأمين العراقية) تكون المسؤولية فيها تضامنية، ويعد جميع المؤمنين ومعيدو التأمين المجازون في العراق أعضاء فيها حين نفاذ هذا القانون، وتتمتع بالشخصية المعنوية. [التأكيد من عندي]

 

سادساً- تحدد مهام الجمعية ومسؤوليتها وعلاقتها بالديوان والأحكام والإجراءات الخاصة بإدارتها وتشكيلها والعضوية فيها واجتماعاتها ورسوم الانتساب إليها والاشتراك السنوي والإجراءات الانضباطية وغير ذلك بموجب نظام داخلي يصدره رئيس الديوان. [التأكيد من عندي]

 

سأتناول موضوع إلزامية/انسحاب شركات التأمين من الجمعية فيما بعد وقبل اختتام ورقتي.

 

ثانيا : ان مهام جمعية التامين بموجب النظام الداخلي وفي المادة 7 قد اشارت وبوضوح ما تقوم به الجمعية من مهام في سبيل تحقيق اهداق الجمعية المشار اليها في المادة 6 من نفس النظام علما بان النظام مصادق عليه من ديوان التامين بكتابه المرقم 31 في 26-12-2005وسيقوم السيد فلاح حسن المدير المفوض للجمعية بالرد على مل ما جاء بمقالتكم وسوف بشير بالرد وبوضوح ما قامت به الجمعية وللعلم ان الجمعية لم تكن مقصرة بالمهام والواجبات الموكلة لها ولكافة شركات التامين العامة والخاصة كما لوحظ من مقالتكم ان هناك خلط واضح بين مهام الجمعية و مهام ديوان التامين

 

يقول الزميل منذر إن نظام الجمعية مصادق عليه من ديوان التأمين بكتابه المرقم 31 في 26-12-2005.  لم أكن أعرف بهذا الأمر.  كان بالأحرى ذكر هذه المصادقة في نص نظام الجمعية (نسخة النظام المتوفرة عندي لا تحمل تاريخاً ولا تذكر مصادقة ديوان التأمين عليه).

 

إشارته إلى أن السيد فلاح حسن، المدير المفوض لجمعية التأمين العراقية، سيقوم بالرد على ما جاء بمقالتي وانه “سوف بشير [يشير] بالرد وبوضوح ما قامت به الجمعية” يوحي لي بأنه قد نسق رسالته معه.

 

يقول أيضاً بأن “هناك خلط واضح بين مهام الجمعية ومهام ديوان التامين.”  سأكون شاكراً لو أوضح لي وللقراء مواقع الخلط بين مهام الجمعية ومهام الديوان.

 

ثالثا : فيما يخص عدم نشر الوعي التاميني فان الجمعية قامت ما قامت به في عقد الندوات والمحاضرات وفي جميع انواع التامين ولكافة منتسبي الشركات العامة والخاصة وان الدور الاساسي فهو على شركات التامين كافة في نشر الوعي التاميني بالتعاون مع الجمعية وفي كافة المجالات المتاحة وان السبب الرئيس في عدم نشر الوعي التاميني فانه خارج عن قدرة الجمعية  هذا ما اكدته واشرت  اليه في ص 3 من  مقالتكم (ان شركات التامين المحلية تسعى لاشاعة ثقافة التامين من خلال التسويق لتغطيات مختلفة تمس حياة المواطنين – هذا السعي سواء لقي قبولا او قوبل باللامبالات او الرفض من جمهورهم )

 

كأن الزميل منذر في هذه الفقرة أراد أن يقول “من فمك أدينك” دون تقديم رؤية لمسألة الوعي بالتأمين والثقافة التأمينية.  إن عقد الندوات والمحاضرات [من قبل الجمعية] وفي جميع انواع التامين ولكافة منتسبي الشركات العامة والخاصة” ليس كافياً لوحده لتأسيس ثقافة للتأمين على مستوى المجتمع – كما حاولت أن أعرضه في ورقتي (الفقرة [2]).

 

ان ما نشر في رسالة شركة التامين الوطنية والتي لم نطلع عليها بان الجمعية بعيدة كال البعد عن واقع حال الشركات والمواطنين لا يعرض في الجمعية سوى مشاكل الشركات مع بعضها البعض ومصالحها الخاصة هذا غير صحيح واين هي مصالحها الشخصية ؟

 

لقد نشرت مقاطع أساسية من رسالة شركة التأمين الوطنية، واستفدت منها في كتابة ورقتي وتقديم رؤيتي لثقافة التأمين الناقصة في العراق.  لنقرأ معاً ما نقلته من رسالة شركة التأمين الوطنية:

 

“جمعية التأمين بعيدة كل البعد عن واقع حال الشركات والمواطنين.  لا يعرض في جمعية التأمين سوى مشاكل إدارات الشركات مع بعضها ومصالحها الخاصة ومدى قدرتها على تحدى القطاع العام في السوق.”

 

هذا موقف يحتمل التأييد أو النقد أو الرفض من قبل الزميل منذر ومن قبل جمعية التأمين العراقية.  كان تعليقي على هذا الاقتباس من رسالة التأمين الوطنية هو الآتي:

 

لم يُعرف عن جمعية التأمين العراقية أنها قامت بنشاطات مستمرة تفيد في توطيد مكانة التأمين في الاقتصاد والمجتمع كالتي تقوم بها جمعيات مماثلة في أسواق التأمين العربية والأجنبية؛ وربما يرجع سبب ذلك إلى النقص في كوادرها الفنية وافتقارها للباحثين بالشأن التأميني.  وقد كانت لي وقفة قبل سنوات تجاه رسم برنامج لعمل مجلس إدارة الجمعية.  لا يعني هذا الانتقاص من قيمة ما قامت به الجمعية بل التنبيه بأن هناك فضاء مفتوح لعملها.

 

أنا أتحدث هنا، وباختصار، عن توطيد مكانة التأمين في الاقتصاد والمجتمع وبالمقارنة مع جمعيات مماثلة في أسواق أخرى، وليس منتجات تأمينية أو التحرك في إطار شركات التأمين.  وحاولت أن أجد تفسيراً لقصور الجمعية في هذا المجال.  لم أطلع على ما يفيد تواصل الجمعية مع المجتمع العراقي، ولم أطلع على ورقة موقف منها تجاه قضايا ذات علاقة بالتأمين (على سبيل المثل، الفيضانات، الأعمال الإرهابية، غرق العبارة في الموصل، حوادث الحريق المستمرة)، عدد المرات التي يظهر فيها اسم الجمعية في الصحافة ووسائل الأعلام الأخرى، عدد المرات التي يصرح فيها مسؤول من الجمعية بحديث حول قضية متعلقة بالتأمين (شارك رئيس الجمعية في برنامج تلفزيوني أثناء انعقاد مؤتمر التأمين العراقي “الأول”، آذار 2018).  كيف تتطور ثقافة التأمين والجمعية غائبة عن المجتمع والحياة العامة؟

 

كما اشرتم ( بان جمعية التامين كانت خاضعة لشركات التامين العامة من حيث انتخاب رئيس الجمعية ثم جاءت خاضعة لشركات التامين الخاصة ويبدو ان وضع الجمعية ثقد تأثر سلبا في الاونة الاخيرة اذ ان لكل شركة تريد ان تعرض قناعات اداراتها  الخاصة دون النظر الى مستوى الخدمة ومستوى رقي هذا القطاع )وهذا ايضا غير صحيح وكان يجب تقديم ما يثبت ذلك من البينة ان كل ماجاء بالمقالة كان بالاعتماد على مضمون رسالة شركة التامين الوطنية دون ذكر الوقائع والادلة

 

صحيح ما يقوله الزميل منذر باعتمادي على مضمون رسالة شركة التأمين الوطنية، وصحيح أنني لم أذكر الوقائع والأدلة، ولسبب بسيط وهو أنني لست مشاركاً في انتخابات الجمعية وليس لي علم بما نشر عنها.  وهنا أعتمد عليه وعلى زملائه في جمعية التأمين العراقية لعرض تاريخ تأسيس الجمعية وانتخابات إداراتها وجدول أعمال اجتماعاتها ومحاضر اجتماعاتها وأسماء المشاركين فيها وتقاريرها السنوية، وعندها أستطيع تكوين رأي مدعم بالوقائع والأدلة من مستندات الجمعية ذاتها.  وحتى ذلك الوقت أود عرض الآتي.

 

نصَّت المادة 2-أ من نظام الجمعية بأن مؤسسيها هم:

 

شركة التأمين الوطنية/شركة عامة

شركة إعادة التأمين العراقية العامة

شركة التأمين العراقية العامة

 

شركة دار السلام للتأمين

شركة الأمين للتأمين

الشركة الأهلية للتأمين

شركة الحمراء للتأمين

 

وقد تشكل أول مجلس لإدارة الجمعية كالآتي:

 

الرئيس        ميرزا مجيد خان [شركة دار السلام للتأمين][2]

نائب الرئيس  محمد الكبيسي [الشركة الأهلية للتأمين]

الأمين العام   فؤاد شمقار[3]

الأعضاء       ممثل شركة التأمين الوطنية

ممثل شركة إعادة التأمين العراقية

شركة الخليج للتأمين (عضو احتياط)[4]

 

ليس معروفاً إن جرى “انتخاب” أول مجلس لإدارة الجمعية من قبل الهيئة العامة بالاقتراع السري، كما تقضي بذلك المادة 10-و والمادة 16-أ من نظام الجمعية.  وأغلب الظن، وهو قابل للنقض أو التأييد، هو “تعيين” الرئيس والأعضاء بالتوافق، وهو نفس مبدأ المحاصصة الطائفية والإثنية، غير المكتوب وغير الدستوري، في تشكيل الحكومة وتعيين رؤساء ومدراء الدوائر والمؤسسات العامة.

 

استمر هذا النهج في الدورات اللاحقة لتشكيل المجلس حيث كان لشركة التأمين الوطنية/شركة عامة اليد الطولى في ترؤس الجمعية لعدة سنوات (المرحوم صادق الخفاجي ومن بعده الزميل صادق عبد الرحمن) قبل أن تتحول الرئاسة إلى ممثل لشركة تأمين خاصة.

 

إن ما كتبته في ورقتي كان حذراً باستخدامي لكلمة “يبدو،” ففيها درجة من عدم اليقين وهي تحمل الشك، فيما نقلته عن شركة التأمين الوطنية:

 

يبدو أن وضع الجمعية قد تأثر سلباً في الآونة الأخيرة إذ أن “كل شركة تريد أن تفرض قناعات إداراتها الخاصة دون النظر إلى مستوى الخدمة ومستوى رقي هذا القطاع” كما يرد في رسالة شركة التأمين الوطنية.

 

إن الزميل منذر يحاكمني على رأيي الحذر والمطلوب محاكمة موقف شركة التأمين الوطنية.

 

يتم اتهام الجمعية جزافا وتجني وايضا كل ما نشر في المقالة هو تشهير للجمعية من جهة ما وهذا غير مقبول

 

ترى هل أن النقد أصبح معادلاً للتشهير لأكون في موقع المتهم ومن ثم المثول أمام القضاء عما كتبته إن رغبت الجمعية بإقامة دعوى تشهير ضدي؟  وهل من المناسب وضع قيد على حرية الشك دونكم حرية التعبير؟  إن موقفي من الجمعية هو مزيج من النقد والتأييد، كما يظهر في مقالتي وكما عرضته في مقالات سابقة، وهو ما فات على الزميل منذر وغيره ممن كتب لي بشأن مقالتي.

 

أين التشهير؟  هل لجأتُ إلى الاستخفاف بالجمعية، وهل شجعتُ القراء على احتقارها، وهل أن ما كتبته سبَّب أو سيسبب خسارة مادية للجمعية؟  وكيف أصبحت كتابتي جناية تستحق العقوبة من وجهة نظر القانون؟  كيف ينظر من يُسمون بأصحاب الرأي السليم إلى ما كتبته، أهو تشهير أم نقد؟  أترك للقراء الحكم.

 

رابعا : يرجى العلم ان لا يوجد صراع داخل الجمعية ان الجمعية قانونية وشرعية بحكم القانون وتقوم بمهامها حسب احكام النظام الداخلي المصادق عليه من ديوان التامين ان الجمعية تقف على مسافة واحدة من جميع اعضائها مع القطاع العام والقطاع  والخاص لكونها تراعي مصالح جميع اعضائها وفقا للقانون

 

يبدو لي اننا، الزميل منذر وأنا، نسكن في عالمين فكريين مختلفين فيما يخص الموقف من “صراع داخل الجمعية.”  له الحق أن يرسم صورة ملائكية للجمعية لكن رأيي هو أن هناك “صراع” من نوع ما بين شركات التأمين الخاصة والعامة على ما أسميه بـ “كعكة التأمين” (تأمين عقود الدولة ومشاريعها ودوائرها).  من يحق له الاستحواذ على الكعكة قانوناً أو من خلال المنافسة؟  شركات التأمين الخاصة أم شركة التأمين الوطنية التي ينص قانون تأسيسها في المادة 7 أن “على دوائر الحكومة والمؤسسات الرسمية أن تعهد حصراً إلى الشركة بمعاملات التأمين التي تجريها.”

 

ربما تحمل كلمة الصراع نبرة قوية لوصف ما يجري من نقاش حول هذا الموضوع داخل وخارج الجمعية.  هناك في أحسن الأحوال خلافٌ أو قل إشكالية برزت بفضل المادة 7 وتعارضها مع المادة 81 من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 – وهو ما أشرت إليها في مقالتي.  وقد نشأ هذا التعارض لأن المحتل الأمريكي عندما قام بصياغة مسودة قانون تنظيم أعمال التأمين لم يلغي قوانين التأمين القائمة التي تتعارض مع هذا القانون، وهو ما لم ينتبه إليه من قرأ مسودة هذا القانون مترجماً إلى اللغة العربية في وزارة المالية أو في شركات التأمين العامة والخاصة أو من راجعه قبل أن يوقع عليه رئيس الوزراء بتاريخ 9 شباط 2005 مباشرة بعد عودته من الولايات المتحدة الأمريكية.

 

كذلك اشرتم في المقالة ( بان القائمين على ادارة شؤون الجمعية منغلقون على انفسهم ضمن دائرة تمثل المصالح الجزئية للشركات التابعين لها بدلا من المصالح الجماعية)هذه تهمه اخرى باطلة  ويجب على من يدعي ذلك ان يقدم الدليل والبرهان والا يجب محاسبته

 

لكيلا تضيع قيمة ما كتبته أنقل النص الكامل للفقرة التي اقتبست منها:

 

يبدو لي إن القائمين على إدارة شؤون الجمعية منغلقون على أنفسهم ضمن دائرة تمثيل المصالح الجزئية للشركات التابعين لها بدلاً من “المصالح الجماعية”، وابتعادهم عن رؤية تكوين وتطوير قطاع تأميني وطني اتحادي، وحل الإشكاليات ضمن هذه الرؤية.

 

ما أردته من هذا النص هو أن منطلقات ممثلي شركات التأمين الخاصة والعامة، تعكس مصالحها (كما برز في التعامل مع المادة 7 من قانون تأسيس شركة التأمين الوطنية والمادة 81 من قانون تنظيم أعمال التأمين)؛ كل واحد منهم منغلق ضمن هذ المصالح.  إن ممثلي شركات التأمين الخاصة والعامة ليسوا من صنف الملائكة والقديسين وكأنهم لا يحملون أفكاراً وقناعات مسبقة ومواقف محددة تجاه ما يجب وما لا يجب وتجاه القضايا المعروضة عليهم.  إن ما هو غائب، في تقديري، هو “رؤية تكوين وتطوير قطاع تأميني وطني اتحادي، وحل الإشكاليات ضمن هذه الرؤية.”  أنا لم أقرأ عن هذه الرؤية فيما يصدر من كلام أو أوراق من شركات التأمين أو الجمعية دونكم فقر الإنتاج الفكري التأميني في العراق.

 

سأتغاضى عن التعليق على المحاسبة القانونية لكل من يكتب نقداً لشركة أو مؤسسة أو جمعية خاصة أو عامة، ويكفي أن أقول بأنه ليس مناسباً إثارة المحاسبة ضمن دائرة النقاش والنقد، وأضيف بأن بعض مواد الدستور العراقي توفر حماية لي ولحرية التعبير.

 

لذا  اطلب منكم في المستقبل ان لا يحصل ما حصل في هذه المقالة حيث يجب معرفة حقيقة الامور دون التحامل عل جهة ما بدون الاستناد على الدلائل والبراهين والقرائن ولا يتم الاعتماد على رسالة واردة بدون تاريخ ولا توقيع ويظهر ان الرسالة المستلمة منكم كانت من اشخاص يريدون التشهير بالجمعية واعضائها

 

سأتغاضى أيضاً عن اللغة التي كتبت بها هذه الفقرة واكتفي بالتساؤل: كيف أكون متحاملاً على الجمعية وأنا أقول بأن اهتمام الجمعية بمصالح أعضائها من الشركات يقع في صلب أهدافها، كما جاء في المادة 84-ثانياً من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005:

 

ثانياً- تهدف الجمعية لرعاية مصالح أعضائها والعمل على تطبيق القانون وأخلاقيات التأمين وتمثيل المصالح الجماعية للمؤمنين ومعيدي التأمين أمام الديوان وغيرها من الأمور المتعلقة بأعمال التأمين.

 

والتقطُ منها ما يصبُّ في موضوع ورقتي، أي “الأمور الأخرى المتعلقة بأعمال التأمين”، وأكتب بأن هذه العبارة “نص مفتوح لتوسيع نشاط الجمعية ليشمل نشر ثقافة التأمين، واتخاذ مواقف تجاه قضايا عامة ذات بعد تأميني في المجتمع وفي الاقتصاد وفي الإدارة الحكومية.  وهذا هو الذي كنت أثيره في العديد من المناسبات بدءاً من الانتخابات البرلمانية والصوم في شهر رمضان وانتهاء بحادث غرق العبّارة في الموصل.  لم تتحرك الجمعية في هذا الفضاء الواسع لتسجل حضور مؤسسة التأمين في الحياة العامة.”

 

واخيرا ان الجمعية قائمة وتعمل يصورة رسمية بموجب احكام النظام الداخلي المصادق عليه من ديوان التامن

 

يسرني أن أقرأ بأن الجمعية قائمة وتمارس أعمالها، وليس كما جاء في رسالة شركة التأمين الوطنية: “إيقاف عمل الجمعية لعدم قانونيتها حيث لم يتم نشر نظامها الداخلي في الجريدة الرسمية في حينه.”

 

في محاولة لفهم ما جاء في رسالة شركة التأمين الوطنية أود عرض ما يلي.

 

لقد كتب نص الأمر رقم 10 من قبل المحتل الأمريكي للعراق، ولم تخضع مسودته لمناقشة حقيقية مفتوحة من قبل شركات التأمين، وقد بيّنت ذلك في كتابي قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: تقييم ودراسات نقدية (بغداد: منشورات شركة التأمين الوطنية، 2014)، كما بينت تعارضه مع اتفاقيات جنيف التي لا تجيز للقوة المحتلة صلاحية تغيير ما هو قائم، ومن بينها قوانين التأمين، ما لم يكن هناك تهديد مباشر لأمن القوة المحتلة أو أن هناك ضرورة تستوجب التغيير (ص 174-175).  وكذا الأمر بالنسبة للنظام الداخلي لجمعية التأمين العراقية، فهو الآخر من إفرازات الاحتلال، وكان تمويل الجمعية عند التأسيس يأتي من الوكالة الأمريكية للمساعدات الدولية.  ومن المؤسف أنه لم يجري حتى الآن أي تعديل للقانون من خلال دراسات معمقة وعمل متواصل وصولاً إلى صياغة لائحة تعديل تشريعية.

 

نقرأ في ديباجة (نظام رقم (….) لسنة 2005، نظام جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين في العراق) ما يلي:

 

استناداً إلى أحكام المادة 84-أولاً من الباب السابع-الأحكام المتفرقة-الفصل الأول-أحكام عامة من أمر رقم (10) لسنة 2005 “قانون تنظيم أعمال التأمين” فقد صدر هذا النظام.

 

من هي الجهة التي قامت بإصدار النظام؟  أهو ديوان التأمين التابع لوزارة المالية؟  أم هو كيان آخر؟  إن كان الديوان هي الجهة التي أصدرت نظام الجمعية، وهو ما جاء الزميل منذر على ذكره، لماذا لم يُذكر ذلك في النظام؟  هل يا ترى كان من المناسب إصدار النظام من قبل الديوان كتعليمات ملزمة لشركات التأمين وإعادة التأمين؟

 

إن نسخة نظام الجمعية المتوفرة لديَّ لا تحمل رقماً، لكنها تضم قوسين لإدراج الرقم مستقبلاً.  هل أن غياب الرقم داخل القوسين كان تقصيراً من القائمين على صياغة النظام، أم أن عدم ذكر الرقم يؤشر على انتظار نشر النظام في الوقائع العراقية؟

 

تنص المادة 2-ب من نظام الجمعية على الآتي:

 

تعد جميع شركات التأمين وإعادة التأمين وفروع شركات التأمين وإعادة التأمين غير العراقية التي تجاز في العراق عضوة في الجمعية إلزاماً بحكم القانون.

 

إن عبارة “بحكم القانون” توصيف عام، ومن الأحرى أن يُخصص القانون المُلزم لشركات التأمين بعضوية الجمعية، كالإشارة إلى المادة 84-أولاً من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005.

 

وترد عبارات مماثلة لعبارة “بحكم القانون” في المادة 8 من نظام الجمعية:

 

تتألف الهيئة العامة للجمعية من جميع أعضاءها المنتمين إليها حكماً وبصورة إلزامية بموجب القانون.

 

وكل هذه العبارات يمكن أن تُقرأ على أنها تعني ضمناً قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005.  لكننا نتوقع في من الصياغات القانونية أن تكون دقيقة وواضحة.

 

إذا كان رئيس مجلس الدولة يعتبر الجمعية من منظمات المجتمع المدني (كما ورد في رسالة موجهة لي من الزميل فلاح حسن، المدير المفوض لجمعية التأمين العراقية)، فكيف يستقيم الإلزام بعضوية شركات التأمين في الجمعية مع طبيعة منظمات المجتمع المدني “الطوعية،” بشكل عام، (حرية اختيار الانضمام أو عدم الانضمام).  وإذا سلّمنا بفكرة أن المجتمع المدني يُشكّل قطاعاً ثالثاً، تمييزاً له ولمنظماته عن قطاع الحكومة وأجهزتها وقطاع الشركات/الأعمال، كيف تكون الجمعية جزءاً من المجتمع المدني وهي تنظيم تمثل مصالح شركات التأمين التجارية الباحثة عن الربح.

 

هناك رأي بإن إلزام شركات التأمين وإعادة التأمين بعضوية جمعية التأمين العراقية لا يستقيم مع أحكام المادة 39 من الدستور العراقي التي تنص على الآتي:

 

لا يجوز إجبار أحد على الانضمام إلى أي حزب أو جمعية أو جهة سياسية أو إجباره على الاستمرار في العضوية فيها.[5] [التأكيد من عندي]

 

ترد هذه المادة في الفصل الثاني [الحريات] من الدستور، والخط العام لها يتعلق بالحريات والاختيارات الفردية.  هل أن هذا الرأي يقوم على إمكانية تطويع المادة 39 لتخدم قضية شركات التأمين التي لا ترغب بالاستمرار في عضوية الجمعية؛ أي شمول هذه المادة للشخص المعنوي كشركة التأمين؟  ليس لي جواب جاهز ولست فقيهاً دستورياً لكنه سؤال بحاجة إلى رأي وتفسير دستوري وهو مطروح للمناقشة.

 

أشكر الزميل منذر عباس الأسود على رسالته، وأرجو منه مواصلة الكتابة والنشر عن الشأن التأميني في العراق، خاصة وأن هناك قضايا إشكالية تستوجب التفكير والبحث لتقريب وجهات النظر بين ممثلي شركات التأمين العامة والخاصة، ووضع سياسة لقطاع التأمين العراقي، وتدارس ضعف القطاع من حيث الإنتاج والمهارات، وتعزيز السوق الوطني الاتحادي وغيرها.  إن الكيانات التأمينية، ومنها جمعية التأمين العراقية، بحاجة إلى تقييم وإعادة تقييم، وإن إعمال مبضع النقد مسألة أساسية للنهوض بصناعة التأمين العراقية.

 

20 أيار/مايو 2019

[1] مصباح كمال، “حين يتحول الاختلاف حول قضايا فنية إلى مادة للتشهير والإساءة لزملاء العمل: حالة شركة إعادة التأمين العراقية،” موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين: Misbah Kamal-Defamation of Iraq Re Personnel

مصباح كمال:* حين يتحول الاختلاف حول قضايا فنية إلى مادة للتشهير والإساءة لزملاء العمل: حالة شركة إعادة التأمين العراقية”

 

[2] ضم أول مجلس إدارة للجمعية رئيساً (ممثل شركة إعادة التأمين العراقية، فؤاد عبد الله عزيز، وبعد توليه إدارة ديوان التأمين العراقي وكالة حل محله ممثل شركة دار السلام للتأمين).

[3] كان وقتها قد تقاعد من شركة التأمين الوطنية لكنه عمل معها بعقد كمستشار قانوني.

[4] لا يرد اسم شركة الخليج للتأمين ضمن مؤسسي الجمعية.

[5] الدستور العراقي (بغداد: مجلس النواب، الدائرة الإعلامية، الطبعة السابعة، 2013)، ص 32.

Review of Paper on Insurance Culture and the Iraqi Insurance Association

مناقشة لمقالة “هوامش حول ثقافة التأمين وجمعية التأمين العراقية وما آلت اليه”

 

تقديم

وردتني الرسالة أدناه من الزميل منذر عباس الأسود بتاريخ 17 أيار 2019، وبعد إقراري باستلامها اقترحت عليه أن أقوم بنشرها وقد وافق على ذلك.

أنشر النص الحرفي للرسالة بهدف فتح مجال للمناقشة.  هذه هي المرة الأولى التي ينبري فيها أحد أركان التأمين في العراق للتعليق المُطوّل على مقالتي “هوامش حول ثقافة التأمين وجمعية التأمين العراقية وما آلت اليه” وهو مدعاة ترحيب بسبب عدم مناقشة العاملين والعاملات في قطاع التأمين لما ينشر في المرصد.  أتمنى على من يرغب بالمناقشة الاستفادة من خانة التعليق.

مصباح كمال

19 أيار 2019

 

 

الاخ العزيز مصباح المحترم

تحية طيبة

بالاشارة لرسالتكم في 14-5-2019 والمتضمنة ارفاق روابط مقاليين جديدين وبعد اطلاعي عل مقالة (هوامش حول ثقافة التامين وجمعية التامين العراقية وما آلت اليه ) ارجو المعذرة مقدما انا استغربت جداجدا والذي لم اتوقعه( لانني اعرفكم جيدا)بانكم استندتم في مقالتكم على رسالة وهمية سلمت لكم غير موقعة وغير مؤرخة منسوبة الى شركة التامين الوطنية التي كتبت على خلفية تعليق مقتضب نشر في جريدة الصباح بتاريخ 3-4-2019 انا اعرف انك لم تتعامل في يوم ما على رسائل غير مؤرخة وغير موقعة ما لم تكن موثقة ان ما نشر في المفالة بحق جمعية التامين العراقية هو تجني كبير عليها وكان المفروض وهذا عهدي بكم توخي الدقة في نشر اية مقالة والاجدر كان ان تقوم بالاتصال  بشركة التامين الوطنية وجمعية التامين للتعرف حقيقة ما اشير اليه في الرسالة وما صحة ذلك ؟ الا انكم لم تقومو بذلك

ادناه بعض الملاحضظات على ما نشر في المقالة :

اولا : ان قيام شركة التامين الوطنية بكتابيها المرقمين 116 و1698 والمؤرخين 24-3 و7-4-2019 الاول كان معنون الى الجمعية والثاني معنون الى ديوان التامين واللذين يتضمنان انسحاب الوطنية والعراقية والموقعين من قبل هيفاء شمعون المير العام للشركتين بالوكالة فان ما ورد بهما مخالف لاحكام المادة 84 من قانون التامين رقم 10 لسنة2005( كان المفروض على الست هيفاء اخذ رأي الدائرة القانونية في الشركتين في ذلك) يظهر انها لم تتطلع على احكام قانون التامين والنظام الداخلي للجمعية ان احكام المادة 84 لا تسمح الانسحاب من الجمعية لكون جميع شركات التامين واعادة التامين وفروع شركات التامين واعادة التامين غير العراقية والمجازة من ديوان التامينع ضوة بحكم القانون

ثانيا : ان مهام جمعية التامين بموجب النظام الداخلي وفي المادة 7 قد اشارت وبوضوح ما تقوم به الجمعية من مهام في سبيل تحقيق اهداق الجمعية المشار اليها في المادة 6 من نفس النظام علما بان النظام مصادق عليه من ديوان التامين بكتابه المرقم 31 في 26-12-2005وسيقوم السيد فلاح حسن المدير المفوض للجمعية بالرد على مل ما جاء بمقالتكم وسوف بشير بالرد وبوضوح ما قامت به الجمعية وللعلم ان الجمعية لم تكن مقصرة بالمهام والواجبات الموكلة لها ولكافة شركات التامين العامة والخاصة كما لوحظ من مقالتكم ان هناك خلط واضح بين مهام الجمعية و مهام ديوان التامين

ثالثا : فيما يخص عدم نشر الوعي التاميني فان الجمعية قامت ما قامت به في عقد الندوات والمحاضرات وفي جميع انواع التامين ولكافة منتسبي الشركات العامة والخاصة وان الدور الاساسي فهو على شركات التامين كافة في نشر الوعي التاميني بالتعاون مع الجمعية وفي كافة المجالات المتاحة وان السبب الرئيس في عدم نشر الوعي التاميني فانه خارج عن قدرة الجمعية  هذا ما اكدته واشرت  اليه في ص 3 من  مقالتكم (ان شركات التامين المحلية تسعى لاشاعة ثقافة التامين من خلال التسويق لتغطيات مختلفة تمس حياة المواطنين – هذا السعي سواء لقي قبولا او قوبل باللامبالات او الرفض من جمهورهم )

ان ما نشر في رسالة شركة التامين الوطنية والتي لم نطلع عليها بان الجمعية بعيدة كال البعد عن واقع حال الشركات والمواطنين لا يعرض في الجمعية سوى مشاكل الشركات مع بعضها البعض ومصالحها الخاصة هذا غير صحيح واين هي مصالحها الشخصية ؟

كما اشرتم ( بان جمعية التامين كانت خاضعة لشركات التامين العامة من حيث انتخاب رئيس الجمعية ثم جاءت خاضعة لشركات التامين الخاصة ويبدو ان وضع الجمعية ثقد تأثر سلبا في الاونة الاخيرة اذ ان لكل شركة تريد ان تعرض قناعات اداراتها  الخاصة دون النظر الى مستوى الخدمة ومستوى رقي هذا القطاع )وهذا ايضا غير صحيح وكان يجب تقديم ما يثبت ذلك من البينة ان كل ماجاء بالمقالة كان بالاعتماد على مضمون رسالة شركة التامين الوطنية دون ذكر الوقائع والادلة

يتم اتهام الجمعية جزافا وتجني وايضا كل ما نشر في المقالة هو تشهير للجمعية من جهة ما وهذا غير مقبول

رابعا : يرجى العلم ان لا يوجد صراع داخل الجمعية ان الجمعية قانونية وشرعية بحكم القانون وتقوم بمهامها حسب احكام النظام الداخلي المصادق عليه من ديوان التامين ان الجمعية تقف على مسافة واحدة من جميع اعضائها مع القطاع العام والقطاع  والخاص لكونها تراعي مصالح جميع اعضائها وفقا للقانون

كذلك اشرتم في المقالة ( بان القائمين على ادارة شؤون الجمعية منغلقون على انفسهم ضمن دائرة تمثل المصالح الجزئية للشركات التابعين لها بدلا من المصالح الجماعية)هذه تهمه اخرى باطلة  ويجب على من يدعي ذلك ان يقدم الدليل والبرهان والا يجب محاسبته

لذا  اطلب منكم في المستقبل ان لا يحصل ما حصل في هذه المقالة حيث يجب معرفة حقيقة الامور دون التحامل عل جهة ما بدون الاستناد على الدلائل والبراهين والقرائن ولا يتم الاعتماد على رسالة واردة بدون تاريخ ولا توقيع ويظهر ان الرسالة المستلمة منكم كانت من اشخاص يريدون التشهير بالجمعية واعضائها

واخيرا ان الجمعية قائمة وتعمل يصورة رسمية بموجب احكام النظام الداخلي المصادق عليه من ديوان التامن

ارجو ان تقبل عذري وامل ان يكون ما ورد وافيا للغرض

مع التقدير

 منذر عباس ارلاسود

المدير المفوض لشركة الحمراء للتامين

18-5-2019

Insurance in Babylonian Law

التأمين في التشريع البابلي

 

 

زهير العطية

 

 

نشر هذا البحث مؤخراً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2019/05/زهير-العطية-التأمين-في-التشريع-البابلي.pdf

 

 

الفرق شاسع بين طفل حديث النشأة طري العود ورجل كامل النمو قوي البنيان.  هكذا يبدو الأمر للوهلة الأولى إلا أن الصلة متينة والشبه كبير بين الحالتين وما الحال الثانية إلا وليدة الأولى وكذلك الأمر بالنسبة للحضارات الحديثة والقديمة – فما نراه اليوم هو تطور واكتمال لما كان بالأمس وما قبله.

 

ومسألة التعاون والضمان في المجتمع قامت منذ بدء الحضارات الأولى.  ولن تقوم قائمة لمجتمع اليوم وغداً إلا ويكون محورها توفير الضمان لأفراده في الحياة الآمنة الهانئة.  ولا شك أن التأمين يعتبر من أهم وسائل الضمان التي تكفل تحقيق ما تصبو إليه المجتمعات الحديثة من راحة وأمان.

 

وإذ تتغير المصطلحات من عصر إلى آخر فإن الجوهر يبقى نفسه وكذا الحال في التأمين فهو كمفهوم حديث له أحكامه الواسعة المتطورة إلا أنه كان وما يزال ذو محتوى أساسي واحد وهو تعاون أفراد المجتمع في تحمل الضرر الذي يصيب أحدهم عن طريق توزيع هذا الخطر على مجموع أفراد ذلك المجتمع.

 

وإذا كانت الكتب والمؤلفات قد اتفقت على أن البذرة الأولى للتأمين الحديث وجدت في أوروبا في العصور الوسطى أو ما بعدها فإننا في هذا البحث نحاول التدليل على أن التأمين في أصالته يرجع إلى تاريخ أقدم ألا وهو التاريخ البابلي.  وسنعتمد في ذلك بصورة خاصة على شريعة حمورابي والشروح التي وردت بشأنها، كما سنتطرق إلى البنود الأساسية التي وردت بخصوص التأمين في القانون المدني العراقي وفي بعض المراجع القانونية الحديثة على سبيل المقارنة.

 

 

الاقتصاد البابلي

 

اتسم الاقتصاد البابلي بوفرة الحاصلات الزراعية التي كانت الأساس في تكوين مجتمع مستقر متحضر يستهلك ما يحتاج من هذه الحاصلات ويوجه القسم المتبقي منه الأوجه التي تلبي احتياجاته الأخرى عن طريق البيع والمبادلة وهذا ما دعاه إلى اعتماد التجارة ركناً أساسياً في اقتصاده.  وقد ساعد على نمو الحركة التجارية وانتشارها:

 

  • وجود وسائط للمواصلات تتمثل بالعربات البسيطة التركيب والسفن الشراعية والحيوانات المختلفة.

 

  • توفر الحماية لخطوط المواصلات والطرق التجارية التي كان يحرص على تحقيقها ملوك بابل.

 

  • صدور تشريعات تنظم شؤون التجارة والتعارف على استخدام الألواح الطينية كأسلوب للمراسلة.

 

  • استخدام وسائل الائتمان والتسليف ووجود العديد من المؤسسات التي تقوم بأعمال الصيرفة كمعبد آنو ومعبد أوروك ومصرف ايجيبي وموراشو.[1]

 

ومع ازدهار الحركة التجارية كانت الحاجة إلى التأمين ضرورة لازمة لاستمرارها وتطورها.

 

أسس التأمين

 

أ – التأمين كعقد

 

يُعرّف القانون المدني العراقي التأمين (المادة 983 الفقرة 1) كما يلي:

 

“التأمين عقد به يلتزم المؤمن أن يؤدي إلى المؤمن له أو إلى المستفيد مبلغاً أو إيراداً مرتباً أو أي عوض مالي آخر في حالة وقوع الحادث المؤمن ضده وذلك في مقابل أقساط أو أية دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن له للمؤمن.”

 

وقد وردت في شريعة حمورابي بعض الجوانب التي نرى من المفيد أن توضح الصلة بينها وبين التعريف المذكور.

 

فقد جاء في المادة 50 من الشريعة ما معناه:

 

“إذا سلّف تاجرٌ مبلغاً إلى صاحب أرض زراعية فإن صاحب الأرض هو الذي يجني الحاصل ويُعيد إلى التاجر المبلغ مُضافاً إليه الفائدة المترتبة على المبلغ.”

 

فالأصل إذن في التشريع البابلي أن إعطاء الشخص مبلغاً لآخر ليستغله في عمل مربح يرتب للمُقرض حقاً في الحصول على قسط أو مبلغ إضافي عن المبلغ الأصلي.

 

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فقد جاءت المادة رقم 102 من الشريعة لتقول بالنص:

 

“إذا أعطى التاجر الممول فضة إلى وسيط (Agent) لغرض المنفعة المشتركة وواجه الوسيط خسارة في مسعاه فإن عليه أن يدفع إلى التاجر الممول له ما يعادل القيمة الكلية للفضة.”[2]

 

وعند الربط بين هذين النصين يتضح الأساس التأميني في النص الأخير منهما.  فهناك طرفان: التاجر الممول الذي هو بمثابة طالب التأمين (المؤمن له) الذي يرغب بضمان ماله مقابل تنازله إلى الوسيط الضامن (المؤمن) الذي يُعيد للتاجر ماله مع المشاركة في الربح عند تحقق الربح.  أما في حالة الخسارة فإن الوسيط يضمن للتاجر إعادة ماله كاملاً على شرط أن يتخلى له عن حقه في طلب الفائدة المقررة.  وهكذا فإن الفائدة التي تنازل عن استلامها التاجر هي بمثابة قسط التأمين أو المبلغ الذي يدفعه المؤمن له إلى المؤمن (شركة التأمين) لضمان رأسماله.

 

ب – أركان عقد التأمين

 

إن التأمين ومدى تحققه في مجتمع ما يُلمس من خلال العناصر الأساسية الثلاثة التالية:

 

1-     وجود خطر          2-وجود قسط         3-وجود مبلغ التأمين

 

ويمكن التعرُّف على هذه العناصر بشكل أوفى، عند البحث عنها، فيما يلي، بتناول أركان عقد التأمين في العصر الحديث ومقارنتها بمظاهرها الرئيسية التي توفرت بالتشريع القديم.

 

إن عقد التأمين كسائر العقود أركانه التراضي والمحل والسبب.  ويمكن ملاحظة هذه الأركان متحققة في المثال التأميني الذي أُشير له ضمن المادة 102 من التشريع البابلي الآنفة الذكر وذلك كما يلي:

 

  • التراضي: هناك تراضٍ بين طرفي العقد (التاجر الممول والوسيط) لتحديد مسؤولية والتزام كل منهما يُثبَّت بموجب صيغ قانونية مرسومة ويتمُّ ذلك بحضور شهود. وقد حتَّمت المادة رقم 9 من شريعة حمورابي أن يدون عقد أو يحضر شهود عند القيام بأي عمل تجاري، بدون ذلك يعاقب الشخص الذي يستلم المال أو الملك ويعتبر سارقاً له.[3]

 

  • المحل: يذكر السنهوري[4] بأن الخطر هو المحل الرئيسي في عقد التأمين، وبما أن العناصر الأساسية للتأمين هي الخطر والقسط ومبلغ التأمين، فإن القسط يعتبر محل التزام المؤمن له (ويقابل القسط في التشريع البابلي الفائدة المتنازل عنها من قبل التاجر الممول)، كما يعتبر مبلغ التأمين هو محل التزام المؤمن (ويقابل مبلغ التأمين مبلغ السلفة التي استلمها الوسيط في العهد البابلي وهو محل التزام الوسيط). أما الخطر، وهو أهم هذه العناصر، فهو محل التزام كل من المؤمن والمؤمن له.  فالمؤمن له يلتزم بدفع أقساط التأمين ليؤمن نفسه من الخطر، والمؤمن يلتزم بدفع مبلغ التأمين لتأمين المؤمن له من الخطر.

 

لذا نجد في التشريع البابلي بأن الخطر متوفر بشكل احتمال وقوع الخسارة المشار إليها في المادة 102 وقد التزم التاجر الممول (وهو المؤمن له) بعدم المطالبة بالفائدة من الوسيط (وبذلك يكون كما لو كان التاجر الممول قد دفع قسطاً للوسيط) ليؤمن ويضمن استعادة قيمة بضاعته كاملة (وهي مبلغ التأمين) عند فشل الوسيط وتعرضه للخسارة.  وقد التزم الوسيط (وهو المؤمن) بدفع مبلغ السلفة كاملة إلى التاجر الممول بالرغم من احتمال تعرض الوسيط للخسارة في مسعاه.

 

3- السبب: إن ركن السبب في العقد يتمثل في أن التزام أحد المتعاقدين هو سبب التزام الآخر.  فالمؤمن له (التاجر الممول) ملزم بدفع القسط لأن المؤمن (الوسيط) ملزم بدفع مبلغ التعويض عند وقوع الخطر، والعكس بالعكس.

 

وبعد هذه النظرة السريعة على مدى توفر الأسس التأمينية في التشريع البابلي سنعمل على الدخول بتفاصيل تشير إلى وجود تشريعات تقابل بعض أنواع التأمين المعمول بها حالياً، ونخص بالذكر التأمين البحري (أي تأمين النقل) وتأمين السرقة والتأمين على الحياة.

 

التأمين البحري (أو تأمين النقل)

 

تتركز مفاهيم التأمين البحري أو تأمين النقل في المادتين 102 و 103 من الشريعة.  وقد وُجد بأن هناك تشابهاً كبيراً بين مضمونها وبين القواعد اللاحقة التي عمل بموجبها في القرون الوسطى حيث جرت العادة على اعتبار عقد الاستقراض البحري من أول النشاطات التأمينية.  وبموجبه يقوم الممول بدفع مبلغ إلى التجار المقبلين على الرحلة البحرية للتجارة بالبضائع مقابل فائدة عالية، وفي حالة غرق السفينة وبضاعتها يصبح هذا المبلغ مع فائدته ملكاً للمستدين، وبهذه الصورة يعوض عما خسر من مال.  أما في حالة مضي الرحلة البحرية بسلام فإن المدين يسدد المبلغ مع الفائدة المتفق عليها إلى الممول.

 

أما المادتان 102 و 103 من شريعة حمورابي فتنصان على ما يلي:

 

المادة رقم 102

(إذا أعطى التاجر الممول فضة إلى وسيط لغرض المنفعة المشتركة وواجه الوسيط خسارة في مسعاه فإن عليه أن يدفع إلى التاجر الممول ما يعادل القيمة الكلية للفضة).

 

If the merchant gives the silver to the agent for mutual advantage and he perceives a loss where he has gone, he shall repay total amount of silver to the merchant.

 

المادة رقم 103

(إذا التقى الوسيط خلال رحلته بعدو اضطره إلى إلقاء ما كان يحمله فإن الوسيط مُكلَّف بأن يحلف اليمين بحياة الإله على ذلك، فإن فعل برئت ذمته).

 

والنص الإنكليزي للمادة هو:

 

If an enemy causes him to jettison any thing he is carrying whilst he is going on the journey, the agent may take an oath by the life of a god and he then goes free

 

ويمكن القول بأن هناك تشابهاً بين محتوى المادة 103 ومضمون عقد الاستقراض البحري في القرون الوسطى حيث أن القرض قد أعطي في كلا الحالين وقد اعترف المقترض اعترافاً مسبقاً بقبول النتائج التي ستنتج عنها الرحلة البحرية أو قد يكون من آثارها أن يفقد المبلغ كاملاً دون أية مطالبة وذلك لأسباب تعود إلى مخاطر الرحلة في حالة عقد الاستقراض البحري وإلى العدو في حالة التشريع البابلي.

 

وتجدر الإشارة هنا إلى أن المادة 103 من التشريع البابلي قد أباحت للوسيط الأخذ بمبدأ إلقاء البضاعة عند تعرضه لأخطار العدو، وهو ما يقابل مبدأ إلقاء البضاعة في البحر في المفهوم الحديث والمصطلح عليه بـ (Jettison) والذي يبيح لربان السفينة إلقاء قسم من البضاعة في البحر إذا اعتقد أن ذلك يؤدي إلى سلامة البقية.

 

ويمكن القول بأن معظم خصائص عقد التأمين البحري الحديث متوفرة في مضمون الاتفاق المشار إليه في المادتين 102 و 103 من التشريع البابلي.  وهذه الخصائص هي كون العقد رضائي ومن عقود حسن النية التي اعتمدت بين الطرفين وكونه عقداً احتمالياً تحققُ الضرر فيه غير أكيد وأنه عقد تجاري يتضمن التعويض.

 

تأمين السرقة

 

حدد التشريع البابلي العقوبات المترتبة على الجرائم ومنها جريمة السرقة إذ قضت المادة 22 من شريعة حمو رابي بقتل الشخص الذي يقوم بسرقة شخص آخر.  وهناك قوانين عديدة أخرى تفرض غرامات أو تعويضات على مرتكب الجريمة إلا أنها جميعاً لا تشير إلى مبادئ التأمين الحديثة بشكل صريح سوى المادة 23 من الشريعة والتي تنص على ما يلي:[5]

 

“إذا لم يُقبض على السارق فإن على الشخص الذي سُرق ماله أن يعلن رسمياً عما سُرق منه أمام الإله، وحينئذ على (المدينة والحاكم) الذي بأرضه أو بمنطقته اُرتكبت السرقة أن يعوض الشخص المسروق عن كل ما سرق منه.”

 

يمثل هذا القانون منتهى السمو في إدراك مضمون التأمين والضمان في المجتمع.  فقد طبق هنا مبدأ التعاون في تحمل الضرر على كافة أفراد المجتمع عند حدوث ضرر لأحد أفراده وذلك بشكل مباشر وسريع.

 

ومما يوضح ذلك هو أن أفراد المجتمع قد ساهموا مسبقاً بتجميع مبلغ التعويض عن طريق الضرائب التي كانت تُفرض على كل منهم ويتم إيداعه إما لدى الحاكم أو لدى هيئة مختصة في المدينة التي أصبحت بمثابة شركة التأمين أو المؤمن الذي يعوض المتضرر (أو المؤمن له) مبلغ التعويض، أي ما فقده نتيجة السرقة.

 

لقد نصّت المادة 989 من القانون المدني العراقي على ما يلي:

 

“يلتزم المؤمن بتعويض المستفيد عن الضرر الناشئ من وقوع الخطر المؤمن ضده، على ألاّ يتجاوز ذلك قيمة التأمين.”

 

وإننا نلاحظ أن المادة 22 من القانون البابلي قد قضت بأن يكون تعويض المدينة للمتضرر بقدر ما أعلن أمام الإله انه سُرق منه، أي ليس بأكثر من ذلك.

 

التأمين على الحياة

 

تسترسل الشريعة في موادها بعد المادة 23 آنفة الذكر فنرى في المادة رقم 24 ما يلي:

 

“إذا كان ما فقده صاحب الدار هو حياته، فإن على المدينة أو الحاكم أن يعوضه مقدار مئة [مينة] واحدة من الفضة لأهله.”

 

وهنا ثانية نجابه نموذجاً آخر لتعاون مجتمع المدينة في تعويض أهل الشخص الذي يعيل عائلة علماً بأن التشريع بالإضافة إلى تحديده طرفي التأمين فإنه قد قرر مسبقاً مبلغ التعويض، كما اشترط أن يكون المتوفي رب عائلة وليس أحد أفرادها وهو أمر ينسجم كل الانسجام مع المبادئ العامة التي تقضي بوجود مستفيدين ذوي مصلحة تأمينية متعلقة بحياة الشخص المؤمن على حياته.

 

وقد قضت الشريعة بأن تكون هناك مراعاة لقابلية الجهة التي تدفع التعويض، فعندما تفضي أحكامها بأن تكون المدينة هي التي تدفع التعويض يكون مبلغ التعويض ضعف ما يكون عليه عندما تقضي أحكام أخرى أن يدفع التعويض شخص واحد، وهذا دليل على مراعاة فكرة توزيع الضرر عموماً.

 

وقد جاء في المادتين 251، 252 من الشريعة ما يلي:[6]

 

“إذا كان عجل شخص نطاحاً وأُعلم من قبل منطقته بأنه نطاح ولم يقص قرنيه أو يربط ذلك العجل فإذا نطح ابن رجل حر وأماته، فعلى الشخص أن يدفع نصف مائة من الفضة، وإذا كان الضحية عبداً لرجل حر فعليه أن يدفع ثلث مائة من الفضة.”

 

تلك كانت محاولة لإلقاء ضوء على مدى توفر الأسس التأمينية في التشريعات البابلية بالإضافة إلى تقديم أمثلة واقعية مارسها المجتمع القديم لبعضٍ من أهم أنواع التأمين التي يمارسها المجتمع الحديث وفق مفهوم أكثر تطوراً بطبيعة الحال، وعسى أن تكون هذه الحال حافزاً إلى المزيد من الدراسة والتعمق في هذا المجال الأصيل.

 

المراجع[7]

 

د. محمد علي رضا الجاسم، الائتمان والصيرفة في العراق القديم (بغداد: دار التضامن، 1964)

 

جمال الحكيم، التأمين البحري (القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، 1955)

 

عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء السابع، المجلد الثاني (القاهرة: دار النهضة العربية، 1964)

 

رسالة التأمين، العدد الثاني، السنة الأولى، بغداد: المؤسسة العامة للتأمين، 1967.

 

Godfrey Rolles Driver, Sir John Charles Miles, The Babylonian Laws (Oxford: The Clarendon Press, 1952), Vol I, II.

 

 

حاشية

 

هذا النص هو نسخة طبق الأصل من البحث المنشور في مجلة رسالة التأمين، مجلة فصلية كانت تصدرها دائرة العلاقات العامة والاستثمار المالي في المؤسسة العامة للتأمين، بغداد، قمت بطبعها بهدف إحيائها وإعادة نشرها لفائدة المهتمين بتاريخ التأمين في العالم عموماً وفي العراق على وجه التخصيص.

 

ترجع خلفية اهتمامي بهذا البحث إلى قراءتي له بعد فترة قصيرة من بدء عملي في شركة التأمين الوطنية في بغداد أواخر سنة 1968.  وعندما كنت أقوم بكتابة مقالتي “موقع شريعة حمورابي في تاريخ التأمين”[8] (تموز/يوليو 2008) تذكرت هذا البحث، لكنني لم أتوفر على نسخة منه ولم أتذكر وقتها مضمونه.  وقمت مؤخراً (نيسان-أيار 2019) بالبحث مجدداً في مدى حضور أشكال أولية للتأمين في العراق القديم وتذكرت بحث زهير العطية، فكتبت إلى زميلي وصديقي منعم الخفاجي في بغداد مستفسراً عن إمكانية الحصول على نسخة من هذا البحث.  وقد كان كريماً معي وأرسل لي بسرعة نسخة مصورة من بحث العطية.

 

النسخة المصورة لم تذكر بيانات النشر وقد شرح زميلي أن عدد مجلة رسالة التأمين الذي يضم بحث زهير العطية كان خالياً من هذه البيانات، وفي تقديره أن هذا العدد من المجلة هو الأول والثاني (حزيران 1968 – تموز أو آب 1968).

 

زهير العطية (1936-2015) درس علم الاجتماع في الجامعة الأمريكية في بيروت (1959)، عمل لبعض الوقت في شركة التأمين الوطنية، وبعدها في المؤسسة العامة للتأمين، وشغل أيضاً موقع رئيس تحرير مجلة رسالة التأمين.  ترك العمل في قطاع التأمين وتفرغ لمتابعة اهتمامه الأساس بالتراث الشعبي العراقي.  ومن عرفه يذكر بأن بيته كان أشبه ما يكون بمتحف لاحتوائه على عدد كبير من المقتنيات الفولكلورية وصور فوتوغرافية عن جوانب مختلفة من التراث الشعبي العراقي.

 

لقد ترك لنا زهير العطية بحثاً رائداً في تاريخ التأمين، وفي ظني أنه كان سيترك لنا غيره لو بقي عاملاً في قطاع التأمين.  ومن المؤسف أن زملاؤه المعاصرين له أو من جاءوا بعده لم يكملوا هذا البحث، ولم تكرّس أطروحة جامعية لدراسة الأصول الأولى لنشاط التأمين في العراق القديم.

 

لقد أبقيت على النص الأصلي وأدخلت عليه بعض التعديلات البسيطة والشكلية، كما قمت بإضافة بعض الهوامش.

 

مصباح كمال

10 أيار/مايس 2019

[1] الدكتور محمد علي رضا الجاسم، الائتمان والصيرفة في العراق القديم (بغداد: دار التضامن، 1964)، الصفحة 82.

[للتعريف ببعض محتويات هذا الكتاب راجع: “كتاب د. محمد رضا علي آل جاسم: الائتمان والصيرفة في العراق القديم، تقديم فاروق يونس.” موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2017/11/%D9%85%D9%82%D8%AA%D8%B7%D9%81%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D9%86-%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A6%D8%AA%D9%85%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D8%B1%D9%81%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D9%8A%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%AF%D9%83%D8%AA%D9%88%D8%B1-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%B9%D9%84%D9%8A-%D8%B1%D8%B6%D8%A7-%D8%A2%D9%84-%D8%AC%D8%A7%D8%B3%D9%85-%D9%85%D8%AD%D8%B1%D8%B1%D8%A9.pdf

أشار د. محمد علي رضا جاسم إلى مصرف “ايجيبي” ومصرف “موراشو”.  حاولت التعرف عليهما ولم أجد سوى معلومات عن موراشيو في كتاب:

William M. Goetzman, Money Changes Everything: How Finance Made Civilization Possible (Princeton, New Jersey: Princeton University Press, 2016), p 65, 67-68.

يقول المؤلف إن موراشو (Muraŝu) ولد حوالي سنة 500 قبل الميلاد وكان نشطاً في إجراء الصفقات المالية، وقد ظل أولاده الثلاثة وأحفاده الثلاثة نشطين في مجال العقارات، وإدارة المزارع، والتسليف لأصحاب الأراضي في نيبور، واستمرت نشاطات العائلة إلى حوالي سنة 417 قبل الميلاد.  ويشير المؤلف إلى مجموعة كبيرة من المدونات التي تعود لثلاثة أجيال لعائلته اكتشفت سنة 1889 من قبل علماء آثار أمريكان، وقام عالم الآشوريات ماثيو ستولبر Matthew Stolper بتجميع وتصنيف المدونات المكتشفة لسرد قصتها وتعاملاتها المالية وحساباتها والقضايا القانونية التي كانت طرفاً فيها، وجمعها لثروات كبيرة، وكذلك دورها في مالية وسياسة المجتمع الرافديني في الفترة البابلية المتأخرة].

[2] Driver and Miles, The Babylonian Laws (Oxford: The Clarendon Press, 1952), Vol II, page 43.

[يستخدم زهير العطية مفردة الوسيط كمقابل لـ (Agent) التي ترد في النص الإنجليزي لشريعة حمورابي.  فهي ترد في إحدى الترجمات الإنجليزية كما يلي:

  1. If a merchant entrust money to an agent (broker) for some investment, and the broker suffer a loss in the place to which he goes, he shall make good the capital to the merchant.

http://avalon.law.yale.edu/ancient/hamframe.asp

 

وأرى أن مفردة “الوسيط” ربما ليست مناسبة هنا، وربما كان استخدام مفردة “وكيل” أفضل منها.  وجاء في تعريب هذه المادة من شريعة حمورابي عن الأصل السومري والأكادي لها ما يلي:

 

“المادة مائة واثنتان

إذا أعطى تاجر فضة إلى بائع متجول كسلفة للتجارة بدون فائدة، وتعرض حيثما ذهب للخسارة، فيجب عليه أن يعيد رأس المال (فقط) إلى التاجر.”

 

“البائع المتجول”، كما يشرح د. عيد مرعي، “ترجمة للكلمة السومري[ة] SAMAN LA والأكادية شماّلوم التي لها معاني متعددة: حامل كيس، مساعد، تاجر، مساعد تجاري، سمسار، تاجر صغير.  أنظر: Von Soden, W, Akkadishes Handwörterbuch III, S. 1153. Ff”

د. عيد مرعي، قوانين بلاد ما بين النهرين (دمشق: دار الينابيع، 1995)، ص 68.]

 

[3] Driver and Miles، نفس المصدر السابق، ص 17.

 

[4] عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني (القاهرة: دار النهضة العربية، 1964)، الجزء السابع، المجلد الثاني، الصفحة 1217.

[5] Driver and Miles, Vol II, page 21.

[6] Driver and Miles, Vol II, op cit, page 87.

[7] لم يذكر الباحث كتاب:

C F Trenerry, The Origin and Early History of Insurance (London: P S King and Son, 1926)

وكان كتاباً رائداً في إرجاع أصول التأمين الأولية إلى الحضارة البابلية وحضور بعض المفاهيم الأساسية ذات العلاقة بالتأمين البحري.  ويبدو أنه لم يكن مطلعاً عليها أو لم يكن متوفراً له وقت كتابته لبحثه.

[8] مصباح كمال، مؤسسة التأمين: دراسات تاريخية ونقدية (بيروت: منتدى المعارف، 2015)، ص 41 وما بعدها.

Insurance Culture, the Iraqi Insurance Association and its Prospects

هوامش حول ثقافة التأمين وجمعية التأمين العراقية وما آلت إليه

 

 

مصباح كمال

 

 

نشرت هذه الورقة أصلاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

http://iraqieconomists.net/ar/2019/05/07/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d9%87%d9%88%d8%a7%d9%85%d8%b4-%d8%ad%d9%88%d9%84-%d8%ab%d9%82%d8%a7%d9%81%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a3%d9%85%d9%8a%d9%86-%d9%88%d8%ac%d9%85/

 

 

[1]

 

استلمت رسالة غير مؤرخة وغير موقعة من شركة التأمين الوطنية كُتبت على خلفية تعليق مقتضب نشر في جريدة الصباح بتاريخ 3 نيسان 2019 وتحت عنوان “تغطية أخطار الحياة العامة تنشر ثقافة التأمين”:

 

قال المختص بشؤون التأمين مصباح كمال إن “ربط قطاع التأمين بما يدور في الحياة العامة، يجعل هذا القطاع يسهم في إشاعة ثقافة التأمين في المجتمع.”

 

أضاف كمال لـ “الصباح” ان “الإعلان عن حضور التأمين كآلية من آليات إدارة الخطر بإمكانه أن يوفر شكلاً من أشكال الحماية المادية لأصحاب المنشآت والمشاريع والورش وغيرها، الى جانب حماية العاملين فيها والمستفيدين من خدماتها أو منتجاتها”.

 

وبيّنَ كمال ان “الحوادث والاخطار الطبيعية، بصورة عامة، تطال تأثيراتها العامة على المجتمع ككل”، مؤكدا ان “توفير الوثائق الخاصة بتغطية اخطارها يوفر فرصة لمؤسسة التأمين كي تعلن عن قدراتها في ادارة اخطار مثل هذه الحواد”.

 

وتابع “ربما يصبح التأمين، بمرور الوقت، متجذراً في التفكير الجمعي كآلية من آليات التعامل مع الخطر وآثاره المادية والمالية وهو ما يسعى المختصون بشؤون التأمين الى القيام به، داعيا جمعية التأمين الى أخذ زمام المبادرة، كونها الجهة الممثلة الرسمية لشركات التأمين العراقية، فإن لم تفعل فلتقم شركات التأمين، منفردة، بهذه المهمة.”

 

وقد اعتمدت الجريدة على ما كتبته في رسالة لي وزعتها على قائمة بريدي بتاريخ 29 آذار 2019 مرفقاً بها رابط[1] مقالتي “نظرة على بعض الآثار الاقتصادية والتأمينية لـ”فاجعة” غرق العبّارة في الموصل”، وذكرت الآتي في رسالتي:

 

عندما كتبتُ بأنني لم أقرأ رأياً أو موقفاً من أية شركة تأمين أو من جمعية التأمين العراقية، لم يكن ذهني منصرفاً إلى العمل اليومي الإنتاجي لشركات التأمين بل موقف مؤسسة التأمين العراقية من حادث غرق العبّارة.  لقد كان غرضي من إثارة السؤال عن الموقف هو أن حوادث من هذا النوع الذي يطال تأثيره العام المجتمع ككل، كما أثبتت التقارير الصحفية والتغطية المرئية في القنوات الفضائية العراقية والعربية، توفّر فرصةً لمؤسسة التأمين كي تعلن عن نفسها، وما تستطيع أو كانت تستطيع أن تقدمه عند وقوع مثل هذه الحوادث.  بمعنى آخر، هو ربط مؤسسة التأمين بما يدور في الحياة العامة، وبذلك تساهم المؤسسة في إشاعة ثقافة التأمين في المجتمع.  لذلك، لم يكن الغرض هو انتهاز الفرصة لبيع وثيقة تأمين معينة بل الإعلان عن حضور التأمين كآلية من آليات إدارة الخطر تستطيع أن توفر شكلاً من أشكال الحماية المادية لأصحاب المنشآت، السياحية وغيرها، والعاملين فيها والمستخدمين لخدماتها أو منتجاتها.  وهكذا، ربما، يصبح التأمين، بمرور الوقت، متجذراً في التفكير الجمعي كآلية من آليات التعامل مع الخطر وآثاره المادية والمالية.  وهذا هو ما حاولت أن أقوم به، وأتمنى أن تقوم الجمعية به وهي الممثلة الرسمية لشركات التأمين العراقية.  فإن لم تفعل فلتقم شركات التأمين، منفردة، بهذه المهمة.

 

وقد أثنيتُ على كاتب التعليق في جريدة الصباح واستفادته مما كتبتُ، وأكدت على “أملي أن يلتقط العاملون والعاملات في قطاع التأمين الفكرة التي دأبتُ على عرضها وهي أن ثقافة التأمين لا تأتي من خلال مجرد الإعلان التجاري عن المُنتج التأميني بل حضور مؤسسة التأمين في الحياة العامة.”

 

[2]

 

منطلق رسالة شركة التأمين اعتمدَ على هذه الخلفية في تقديم جملة من الإيضاحات أعرضها فيما يلي.

 

“إن شركات التأمين المحلية تسعى لإشاعة ثقافة التأمين من خلال التسويق لتغطيات مختلفة تمس حياة المواطنين.”

 

هذا السعي، سواء لقي قبولاً أو قوبل باللامبالاة أو الرفض من جمهور المؤمن لهم المرتقبين، يساهم في نشر ثقافة التأمين: إشاعة الوعي بوجود منتجات تأمينية معينة، وإدراك الأخطار التي تحيط بالناس وموجوداتهم.  وهنا، وباختصار، تواجه شركات التأمين مشكلة اقتصادية ذلك أن عرض منتجات التأمين لا يخلق الطلب الفعّال على الحماية التأمينية، فالطلب يعتمد على وجود فائض نسبي في دخل الأفراد يمكن أن يوظف لشراء منتج تأميني.  ومن جانب آخر، تواجه شركات التأمين، وكما ذكرتُ في مناسبات سابقة، مشكلة الضعف في وعي هذه الثقافة واستيعابها.  ويمكن التنظير لهذا الموضوع في إطار اعتبار الوعي التأميني انعكاساً للوعي الاجتماعي.  وإذا كان هذا صحيحاً فإنه لا يمكن أن نتوقع أن يكون الوعي التأميني متقدماً عندما يكون الوعي الاجتماعي متخلفاً، متشظياً ومحكوماً وموزعاً بين القيم الدينية والتقليدية القبلية مع ضعف القيم العلمية غير المتجذرة بعد في كل الأذهان.  وهناك عوامل تساهم في تجذير تخلف الوعي الاجتماعي ومنها: بروز الأمية في المدينة والريف بفعل الفقر، تراجع مستوى المعيشة، التهجير، ضعف كفاءة النظام التعليمي، تفاقم العادات والتقاليد البالية وإحياء العشائرية (توظيف قيم العشيرة وأعرافها البالية بالتزامن مع دور مُكمّل لقوى الإسلام السياسي في توظيف هذه القيم لصالح مشروعها، وكإحدى آليات السيطرة السياسية).

 

[3]

 

ويرد في رسالة شركة التأمين الوطنية

 

إن “جمعية التأمين بعيدة كل البعد عن واقع حال الشركات والمواطنين.  لا يعرض في جمعية التأمين سوى مشاكل إدارات الشركات مع بعضها ومصالحها الخاصة ومدى قدرتها على تحدى القطاع العام في السوق.”

 

لم يُعرف عن جمعية التأمين العراقية[2] أنها قامت بنشاطات مستمرة تفيد في توطيد مكانة التأمين في الاقتصاد والمجتمع كالتي تقوم بها جمعيات مماثلة في أسواق التأمين العربية والأجنبية؛[3] وربما يرجع سبب ذلك إلى النقص في كوادرها الفنية وافتقارها للباحثين بالشأن التأميني.  وقد كانت لي وقفة قبل سنوات تجاه رسم برنامج لعمل مجلس إدارة الجمعية.[4]  لا يعني هذا الانتقاص من قيمة ما قامت به الجمعية بل التنبيه بأن هناك فضاء مفتوح لعملها.[5]

 

لقد كانت الجمعية في السنوات الأولى بعد تأسيسها خاضعة لتأثير شركات التأمين العامة من حيث انتخاب رئيس الجمعية، ثم صارت خاضعة لشركات التأمين الخاصة.[6]

 

يبدو أن وضع الجمعية قد تأثر سلباً في الآونة الأخيرة إذ أن “كل شركة تريد أن تفرض قناعات إداراتها الخاصة دون النظر إلى مستوى الخدمة ومستوى رقي هذا القطاع” كما يرد في رسالة شركة التأمين الوطنية.  ويبدو أيضاً أن هذا الوضع ليس بالجديد تماماً، ففي عام 2016 قام جمع من رجال الأعمال، بضمنهم مدراء لشركات تأمين خاصة، بتأسيس “رابطة تنمية قطاع التأمين في العراق” تُعنى بتنمية وتطوير قطاع التأمين في العراق.  إن الدافع/الدوافع وراء تأسيس الرابطة ليس معروفاً لكن نظامها يقول بأنها “تهدف الى اقامة علاقات بين شركات التأمين مع بعضها البعض وبينها وبين الشركات الاخرى ورجال الاعمال والاقتصاديين والمواطنين وتوعية المواطن على الفائدة من التأمين للمال والنفس.”  لكنني لا أمتلك معلومات عن نشاطها ووضعها الحالي.

 

إن اهتمام الجمعية بمصالح أعضائها من الشركات يقع في صلب أهدافها، كما جاء في المادة 84-ثانياً من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005:

 

ثانياً- تهدف الجمعية لرعاية مصالح أعضائها والعمل على تطبيق القانون وأخلاقيات التأمين وتمثيل المصالح الجماعية للمؤمنين ومعيدي التأمين أمام الديوان وغيرها من الأمور المتعلقة بأعمال التأمين.

 

المهم فيما يخص موضوع هذه الورقة هو “الأمور الأخرى المتعلقة بأعمال التأمين” فهو نص مفتوح لتوسيع نشاط الجمعية ليشمل نشر ثقافة التأمين، واتخاذ مواقف تجاه قضايا عامة ذات بعد تأميني في المجتمع وفي الاقتصاد وفي الإدارة الحكومية.  وهذا هو الذي كنت أثيره في العديد من المناسبات بدءاً من الانتخابات البرلمانية والصوم في شهر رمضان وانتهاء بحادث غرق العبّارة في الموصل.  لم تتحرك الجمعية في هذا الفضاء الواسع لتسجل حضور مؤسسة التأمين في الحياة العامة.

 

تشير رسالة شركة التأمين الوطنية أيضاً إلى وجود ما يمكن وصفه بصراع داخل الجمعية إذ “لا يعرض في جمعية التأمين سوى مشاكل إدارات الشركات مع بعضها ومصالحها الخاصة ومدى قدرتها على تحدى القطاع [التأميني] العام في السوق.”  هناك إشكالية قانونية واقتصادية في العلاقة بين شركات التأمين العامة وشركات التأمين الخاصة.

 

ترجع الإشكالية القانونية إلى أحكام الأمر رقم 10 الذي وضعته سلطة الاحتلال الأمريكية إذ نصت المادة 81 على الآتي:

 

أولاً- لأي شخص طبيعي أو معنوي عام أو خاص الحق في الاختيار بشراء منتجات التأمين أو خدماته من أي مؤمن أو معيد تأمين ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.

 

ثانياً- لا يجوز اجبار شخص طبيعي أو معنوي عام أو خاص على شراء منتجات خدمات التأمين من مؤمن أو معيد تأمين أو وكيل أو وسيط أو مقدم خدمات تأمين محدد، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.

 

ثالثاً- يجري التأمين على الأموال العامة والاخطار التي ترغب الوزارات أو دوائر الدولة في التأمين ضدها بالمناقصة العلنية وفقاً لأحكام القانون، ولجميع المؤمنين المجازين في العراق حق الاشتراك فيها.

 

وهذا يتعارض مع قانون تأسيس شركة التأمين الوطنية الذي ينص في المادة 7 على ما يلي:

 

“على دوائر الحكومة والمؤسسات الرسمية أن تعهد حصراً إلى الشركة بمعاملات التأمين التي تجريها.”

 

وهذا القانون لا يزال نافذاً إذ أن الأمر 10 لم يقضي بإلغاء قوانين التأمين السابقة، وهكذا فإنه أطلق حرية شراء التأمين وخلق بذلك تناقضاً قانونياً.[7]

 

أما الجانب الاقتصادي في الإشكالية فإنه يتمثل، باختصار، بقوة الموارد المالية، والقدرات الفنية العالية نسبياً لشركات التأمين العامة، وقدرتها الاحتفاظية مقابل التطور البطيء وضعف موارد شركات التأمين الخاصة.  نحن هنا أمام قوتان غير متكافئتان.

 

ومع هذا فإنه من المفترض أن تقف جمعية التأمين العراقية على مسافة واحدة من جميع أعضائها، الكبيرة والصغيرة، العامة والخاصة، كما جاء في المادة 84-ثانياً من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005، وكما أكده نظام الجمعية في المادة 6:

 

تهدف الجمعية لرعاية مصالح أعضاءها، وتعمل على تطبيق القانون، وأخلاقيات مهنة التأمين، وتمثيل المصالح الجماعية لشركات التأمين وإعادة التأمين …

 

يبدو لي إن القائمين على إدارة شؤون الجمعية منغلقون على أنفسهم ضمن دائرة تمثيل المصالح الجزئية للشركات التابعين لها بدلاً من “المصالح الجماعية”، وابتعادهم عن رؤية تكوين وتطوير قطاع تأميني وطني اتحادي، وحل الإشكاليات ضمن هذه الرؤية.

 

إن حال ومآل الجمعية حالة خاصة للوضع والفكر السياسي والاقتصادي القائم على المحاصصة بألوانها المختلفة؛ فالكل يبحث عن غنيمة.  وكما قلت في سياق آخر “يظل الاهتمام بحضور العام في الخاص مطلباً ضرورياً لتوسيع دائرة فهم ما يحصل حولنا من حوادث وظواهر.”[8]

 

[4]

 

لقد ساء وضع الجمعية إلى الحد الذي دفع شركة التأمين الوطنية العامة وشركة التأمين العراقية العامة إلى إعلان الانسحاب من جمعية التأمين العراقية لفشلها في “تقريب وجهات النظر بالاختلافات الحاصلة بين الشركات.”  ووصل الأمر إلى “إيقاف عمل الجمعية لعدم قانونيتها حيث لم يتم نشر نظامها الداخلي في الجريدة الرسمية في حينه.”  كما أن رئيس الجمعية، استقال أو اعتزل منصبه ولسبب غير معلن.

 

من المعروف أن الاختلاف في المواقف الفكرية وتضارب المصالح الشخصية داخل المؤسسات تؤثر على عملها، وتضم الكتب المتخصصة بمناهج الإدارة ما يفيد احتواء الاختلاف والتضارب وإيجاد الحلول لها لضمان انتظام عمل المؤسسة وتحقيق الهدف المرسوم لها.  أن تنسحب شركتين مهمتين في قطاع التأمين من الجمعية يؤشر على وجود خلل كبير ربما لم يستطع مجلس إدارة الجمعية إيجاد حلٍ له.

 

ترى ما هي الإجراءات المتوقعة بعد إيقاف عمل الجمعية؟  هل سيُصار إلى إعادة تأسيس الجمعية وتسجيلها لدى الأمانة العامة لمجلس الوزراء/دائرة المنظمات غير الحكومية، أو جهة أخرى، لضمان وضعها القانوني؟  وهل ستتوقف شركات التأمين خلال فترة التوقف من تسديد الرسوم للجمعية؟[9]  للجمعية دور في إدارة مجمعات التأمين المختلفة نيابة عن شركات التأميم.  من سيتولى إدارة هذه المجمعات؟

 

ما لم نتعرف على وجهات النظر والاختلافات بين إدارات شركات التأمين الخاصة والعامة لا يمكن إبداء رأي أو تحديد موقف منها.  قد ينجح العمل الهادئ بين المعنيين على إيجاد حل مناسب يرضي الجميع.  وقد يكون من المفيد عرض بعض الإشكاليات للنقاش العام بين ممارسي التأمين، فالتفكير الجماعي قد يساهم في تقديم مقترحات للوصول إلى الحل الأمثل.

 

أن يظلَّ قطاع التأمين العراقي بدون جمعية ليس في صالح القطاع وأعضائه من الشركات، فهذا الوضع يؤدي إلى خلق صورة سلبية لدى الناس والشركات عن مؤسسة التأمين العراقية.  هذه المؤسسة هي أصلاً في وضع ضعيف ويجب العمل على وقف تدهوره.  لعلَّ المعنيين بمصير الجمعية وآفاق تطور قطاع التأمين يسترشدون بما جاء في المادة 7-و من نظام الجمعية:

 

تعزيز الثقة بقطاع التأمين في العراق وتحقيق التعاون والتنسيق مع الجهات ذات الصلة محلياً وعربياً ودولياً ونقل تجارب الأسواق العالمية إلى العراق.

 

[5]

 

أشكر من كان وراء رسالة شركة التأمين الوطنية لأنها تدل على اهتمام بما ينشر عن النشاط التأميني في العراق، ولأنها تناقش ما هو منشور وتقدم أفكارها.  ليت شركات التأمين الأخرى تحذو حذو شركة التأمين الوطنية لإغناء النقاش ورفع مستواه والعمل على تجاوز معضلات قطاع التأمين.

 

 

10 نيسان 2019

 

[1] موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2019/03/Misbah-Kamal-Ferry-Disaster-Implications.pdf

 

[2] تأسست الجمعية سنة 2005 وكان اسمها وقتذاك جمعية المؤمنين ومعيدي التأمين العراقية، كما ورد في قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 (المادة 84).

 

[3] على سبيل المثل فإن جمعية شركات التأمين البريطانية تقول بأن دورها هو جمع أشخاص مناسبين للمساعدة في إثراء مناقشة السياسات العامة، والتواصل مع السياسيين، وصانعي السياسات والمنظمين داخل وخارج المملكة المتحدة؛ وأن تكون الجمعية الصوت العام لقطاع التأمين، وتعزيز قيمة منتجاتها وتسليط الضوء على أهميتها للاقتصاد؛ والمساعدة في تشجيع فهم المستهلك لمنتجات وممارسات القطاع؛ ودعم التنافس في صناعة التأمين في المملكة المتحدة وخارجها. https://www.abi.org.uk/

 

[4] مصباح كمال، “جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين في العراق: ملاحظات عن الخلفية والمهمات القادمة،” مجلة التأمين العراقي:http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2008/10/blog-post.html

 

[5] راجع، على سبيل المثال مقالة فلاح حسن، “نشاط جمعية التأمين العراقية 2016،” مرصد التأمين العراقي:

https://iraqinsurance.wordpress.com/2016/12/27/iraqi-insurance-association-2016-activity/?iframe=true&theme_preview=true

 

[6] أنظر: مصباح كمال، “ملاحظة حول انتخاب مجلس إدارة جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين في العراق 2008،” مجلة التأمين العراقي:http://misbahkamal.blogspot.com/2008/08/2008-16.html

 

[7] للتعرف على هذه الإشكالية وبعض الحلول المقترحة راجع: مصباح كمال “قراءة أولية لمشروع حصر تأمينات الدولة بشركة التأمين الوطنية،” موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2018/02/21/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d8%a3%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%85%d8%b4%d8%b1%d9%88%d8%b9-%d8%ad%d8%b5%d8%b1-%d8%aa%d8%a3%d9%85%d9%8a/

 

[8] خانة التعليقات على مقال “العيد الحزين وغياب ادارة الخطر والتأمين عن حادث غرق عبارة في جزيرة ام الربيعين السياحية،” موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2019/03/22/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%8a%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b2%d9%8a%d9%86-%d9%88%d8%ba%d9%8a%d8%a7%d8%a8-%d8%a5%d8%af%d8%a7%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84/#comments

 

[9] تسدد شركة التأمين الوطنية العامة مبلغ 20,000,000 (عشرون مليون) دينار لقاء الانتماء السنوي لجمعية التأمين العراقية.