تعقيب على رسالة منذر عباس الأسود:
مناقشة لمقالة “هوامش حول ثقافة التأمين وجمعية التأمين العراقية وما آلت اليه”
مصباح كمال
نشر موقع مرصد التأمين العراقي بتاريخ 19/5/2019 رسالة للزميل منذر الأسود موجهة لي تحت عنوان (مناقشة لمقالة “هوامش حول ثقافة التأمين وجمعية التأمين العراقية وما آلت اليه”). وقد ضمت رسالته/مقالته العديد من التعليقات دفاعاً عن جمعية التأمين العراقية دون مناقشة الأفكار الأخرى التي تنتظم مقالتي، وتقريعاً لي على ما كتبت. فيما يلي أعقب على هذه الرسالة وأعرضها على القراء بهدف إثارة نقاش فكري تمس قضايا عقدية في قطاع التأمين العراقي وليس جمعية التأمين العراقية فقط. سأقتبس مقاطع مما كتبه الزميل منذر وأبرزها بحروف غامقة وأعلق عليها تباعاً.
بالاشارة لرسالتكم في 14-5-2019 والمتضمنة ارفاق روابط مقاليين جديدين وبعد اطلاعي عل مقالة (هوامش حول ثقافة التامين وجمعية التامين العراقية وما آلت اليه ) ارجو المعذرة مقدما انا استغربت جداجدا والذي لم اتوقعه( لانني اعرفكم جيدا)بانكم استندتم في مقالتكم على رسالة وهمية سلمت لكم غير موقعة وغير مؤرخة منسوبة الى شركة التامين الوطنية التي كتبت على خلفية تعليق مقتضب نشر في جريدة الصباح بتاريخ 3-4-2019 انا اعرف انك لم تتعامل في يوم ما على رسائل غير مؤرخة وغير موقعة ما لم تكن موثقة ان ما نشر في المفالة بحق جمعية التامين العراقية هو تجني كبير عليها وكان المفروض وهذا عهدي بكم توخي الدقة في نشر اية مقالة والاجدر كان ان تقوم بالاتصال بشركة التامين الوطنية وجمعية التامين للتعرف حقيقة ما اشير اليه في الرسالة وما صحة ذلك ؟ الا انكم لم تقومو بذلك
أشكر زميلي على رسالته التي تعكس اهتماماً بمضمون مقالتي “هوامش حول ثقافة التأمين وجمعية التامين العراقية وما آلت اليه” وتطوعه لتفنيد ما جاء في مقالتي.
لا أرى ضرورة لتقديمه الاعتذار، وهو كرمٌ منه، عندما يتعلق الأمر بمناقشة قضايا عامة تحتمل آراءً متباينة. وأنا أرحب بالنقد، وهو ما كنت أؤكد عليه في كل رسالة تحمل مرفقاً لمقالة.
لقد تعاملتُ في الماضي مع رسائل وردتني من العراق غير موقعة وغير مؤرخة[1] مثلما تعاملت مع أحاديث وحكايا نُقلت إليَّ شفاهاً بشكل غير مباشر دون أن يكشف أصحابها عن هويتهم من باب التقية أو خوفاً من التعرض للتنكيل الأدبي وغيره من “العقوبات” من أصحاب الشأن في العراق فما زالت القيود غير المكتوبة على الحريات قائمة في العراق رغم ما ينص عليه الدستور المُلتبس. هناك مُناخ زرع رقيباً باطنياً يعمل على كبح حرية التعبير لدى الأفراد له تاريخ عريق في العراق.
بحكم الضرورة فأنا أستفيد مما يصلني من معلومات في الكتابة لندرة ما يكتب علناً عن الشأن التأميني في العراق، وأنشر ما أكتب بأمل أن يصبح موضوعاً للتعليق والمناقشة. رسالة شركة التأمين، غير المؤرخة وغير الموقعة، التي استلمتها ليست وهمية ولا يبدو أنها مزورة. وكما يعرف زميلي منذر الأسود فأنا أكتب وأنشر منذ سنوات عديدة إلا أنني لا أحظى باهتمام حقيقي، وهنا ما عليكم إلّا مراجعة خانة التعليق في مجلة التأمين العراقي ومرصد التأمين العراقي، لتكتشفوا أنها خالية من أي تعليق. السؤال الكبير هنا هو: لماذا؟ ويبدو لي الآن أن نشر مقالتي “هوامش حول ثقافة التأمين وجمعية التامين العراقية وما آلت اليه” قد مسَّ وتراً حساساً ربما له علاقة قريبة بالوضع القائم بين شركات التأمين الخاصة والعامة وما يعمل كل طرف لصالحه في غياب تصور واضح مشترك لمصائر قطاع التأمين العراقي. (استلمت رسالتين من زميلين لم يخضعا للنشر بعد، تشتركان في الموقف مع ما عرضه الزميل منذر.
ربما كان علىَّ الاتصال بجمعية التأمين العراقية للتعرّف منها مباشرة على صحة ما استلمته. وكان هذا، بعد وزن الأمور الآن، قصوراً مني، خاصة وأن علاقاتي بمديرها المفوض جيدة وربما كنت سأحصل منه بعض المعلومات الأساسية ذات الصلة بموضوع مقالتي.
أنا كاتب مستقل في قضايا التأمين، متقاعد عن العمل، لا أعمل لدى أي مؤسسة، ولا استلم مكافأة أو أجراً على ما أكتب. وليس لي مصالح مع أية شركة تأمين عراقية. لا أتحامل على أي منها لكن لي موقفاً نقدياً مُعلناً من النشاط التأميني العراقي، ماضياً وحاضراً، وبالتالي تنسحب تقييماتي على بعض الشركات.
لو كانت مقالتي “هوامش حول ثقافة التأمين وجمعية التامين العراقية وما آلت اليه” تضم إساءة أو قذفاً لأي فرد لكان منسق الموقع الذي نشرت فيه المقالة (موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين) قد حجب نشرها لأنها لا تتماشى مع قواعده المعتمدة للنشر.
لقد ضمّت مقالتي تقييمات عديدة لواقع قطاع التأمين وجمعية التأمين العراقية حسب المعلومات المتاحة لي، لكن رد الزميل منذر على المقالة جاء انتقائياً. من رأيي أن القيمة الأساسية لمقالتي قد تاهت ضمن الاستغراق بالدفاع عن النفس، أعني الدفاع عن جمعية التأمين العراقية. وليس أضرّ على أية مؤسسة من أن تكون راضية دائماً عن نفسها وتشيد بإنجازاتها.
اولا : ان قيام شركة التامين الوطنية بكتابيها المرقمين 116 و1698 والمؤرخين 24-3 و7-4-2019 الاول كان معنون الى الجمعية والثاني معنون الى ديوان التامين واللذين يتضمنان انسحاب الوطنية والعراقية والموقعين من قبل هيفاء شمعون المير العام للشركتين بالوكالة فان ما ورد بهما مخالف لاحكام المادة 84 من قانون التامين رقم 10 لسنة2005( كان المفروض على الست هيفاء اخذ رأي الدائرة القانونية في الشركتين في ذلك) يظهر انها لم تتطلع على احكام قانون التامين والنظام الداخلي للجمعية ان احكام المادة 84 لا تسمح الانسحاب من الجمعية لكون جميع شركات التامين واعادة التامين وفروع شركات التامين واعادة التامين غير العراقية والمجازة من ديوان التامينع ضوة بحكم القانون
ليس لي علم بكتابي شركة التأمين الوطنية المرقمين 116 و 1698 المؤرخين 24 آذار 2019 و 7 نيسان 2019. لا أدري إن كان بالإمكان توفير صورة من هذين الكتابين كي أستطيع التعليق على ما ورد فيهما.
يقول الزميل منذر إن انسحاب شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية من عضوية الجمعية مخالف لأحكام المادة 84 من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005. لكي يكون القراء على بينة بهذه الأحكام اقتبس منها ما يلي:
المادة-84
أولاً- تؤسس بمقتضى أحكام هذا القانون جمعية مهنية تسمى (جمعية المؤمنين ومعيدي التأمين العراقية) تكون المسؤولية فيها تضامنية، ويعد جميع المؤمنين ومعيدو التأمين المجازون في العراق أعضاء فيها حين نفاذ هذا القانون، وتتمتع بالشخصية المعنوية. [التأكيد من عندي]
سادساً- تحدد مهام الجمعية ومسؤوليتها وعلاقتها بالديوان والأحكام والإجراءات الخاصة بإدارتها وتشكيلها والعضوية فيها واجتماعاتها ورسوم الانتساب إليها والاشتراك السنوي والإجراءات الانضباطية وغير ذلك بموجب نظام داخلي يصدره رئيس الديوان. [التأكيد من عندي]
سأتناول موضوع إلزامية/انسحاب شركات التأمين من الجمعية فيما بعد وقبل اختتام ورقتي.
ثانيا : ان مهام جمعية التامين بموجب النظام الداخلي وفي المادة 7 قد اشارت وبوضوح ما تقوم به الجمعية من مهام في سبيل تحقيق اهداق الجمعية المشار اليها في المادة 6 من نفس النظام علما بان النظام مصادق عليه من ديوان التامين بكتابه المرقم 31 في 26-12-2005وسيقوم السيد فلاح حسن المدير المفوض للجمعية بالرد على مل ما جاء بمقالتكم وسوف بشير بالرد وبوضوح ما قامت به الجمعية وللعلم ان الجمعية لم تكن مقصرة بالمهام والواجبات الموكلة لها ولكافة شركات التامين العامة والخاصة كما لوحظ من مقالتكم ان هناك خلط واضح بين مهام الجمعية و مهام ديوان التامين
يقول الزميل منذر إن نظام الجمعية مصادق عليه من ديوان التأمين بكتابه المرقم 31 في 26-12-2005. لم أكن أعرف بهذا الأمر. كان بالأحرى ذكر هذه المصادقة في نص نظام الجمعية (نسخة النظام المتوفرة عندي لا تحمل تاريخاً ولا تذكر مصادقة ديوان التأمين عليه).
إشارته إلى أن السيد فلاح حسن، المدير المفوض لجمعية التأمين العراقية، سيقوم بالرد على ما جاء بمقالتي وانه “سوف بشير [يشير] بالرد وبوضوح ما قامت به الجمعية” يوحي لي بأنه قد نسق رسالته معه.
يقول أيضاً بأن “هناك خلط واضح بين مهام الجمعية ومهام ديوان التامين.” سأكون شاكراً لو أوضح لي وللقراء مواقع الخلط بين مهام الجمعية ومهام الديوان.
ثالثا : فيما يخص عدم نشر الوعي التاميني فان الجمعية قامت ما قامت به في عقد الندوات والمحاضرات وفي جميع انواع التامين ولكافة منتسبي الشركات العامة والخاصة وان الدور الاساسي فهو على شركات التامين كافة في نشر الوعي التاميني بالتعاون مع الجمعية وفي كافة المجالات المتاحة وان السبب الرئيس في عدم نشر الوعي التاميني فانه خارج عن قدرة الجمعية هذا ما اكدته واشرت اليه في ص 3 من مقالتكم (ان شركات التامين المحلية تسعى لاشاعة ثقافة التامين من خلال التسويق لتغطيات مختلفة تمس حياة المواطنين – هذا السعي سواء لقي قبولا او قوبل باللامبالات او الرفض من جمهورهم )
كأن الزميل منذر في هذه الفقرة أراد أن يقول “من فمك أدينك” دون تقديم رؤية لمسألة الوعي بالتأمين والثقافة التأمينية. إن عقد الندوات والمحاضرات [من قبل الجمعية] وفي جميع انواع التامين ولكافة منتسبي الشركات العامة والخاصة” ليس كافياً لوحده لتأسيس ثقافة للتأمين على مستوى المجتمع – كما حاولت أن أعرضه في ورقتي (الفقرة [2]).
ان ما نشر في رسالة شركة التامين الوطنية والتي لم نطلع عليها بان الجمعية بعيدة كال البعد عن واقع حال الشركات والمواطنين لا يعرض في الجمعية سوى مشاكل الشركات مع بعضها البعض ومصالحها الخاصة هذا غير صحيح واين هي مصالحها الشخصية ؟
لقد نشرت مقاطع أساسية من رسالة شركة التأمين الوطنية، واستفدت منها في كتابة ورقتي وتقديم رؤيتي لثقافة التأمين الناقصة في العراق. لنقرأ معاً ما نقلته من رسالة شركة التأمين الوطنية:
“جمعية التأمين بعيدة كل البعد عن واقع حال الشركات والمواطنين. لا يعرض في جمعية التأمين سوى مشاكل إدارات الشركات مع بعضها ومصالحها الخاصة ومدى قدرتها على تحدى القطاع العام في السوق.”
هذا موقف يحتمل التأييد أو النقد أو الرفض من قبل الزميل منذر ومن قبل جمعية التأمين العراقية. كان تعليقي على هذا الاقتباس من رسالة التأمين الوطنية هو الآتي:
لم يُعرف عن جمعية التأمين العراقية أنها قامت بنشاطات مستمرة تفيد في توطيد مكانة التأمين في الاقتصاد والمجتمع كالتي تقوم بها جمعيات مماثلة في أسواق التأمين العربية والأجنبية؛ وربما يرجع سبب ذلك إلى النقص في كوادرها الفنية وافتقارها للباحثين بالشأن التأميني. وقد كانت لي وقفة قبل سنوات تجاه رسم برنامج لعمل مجلس إدارة الجمعية. لا يعني هذا الانتقاص من قيمة ما قامت به الجمعية بل التنبيه بأن هناك فضاء مفتوح لعملها.
أنا أتحدث هنا، وباختصار، عن توطيد مكانة التأمين في الاقتصاد والمجتمع وبالمقارنة مع جمعيات مماثلة في أسواق أخرى، وليس منتجات تأمينية أو التحرك في إطار شركات التأمين. وحاولت أن أجد تفسيراً لقصور الجمعية في هذا المجال. لم أطلع على ما يفيد تواصل الجمعية مع المجتمع العراقي، ولم أطلع على ورقة موقف منها تجاه قضايا ذات علاقة بالتأمين (على سبيل المثل، الفيضانات، الأعمال الإرهابية، غرق العبارة في الموصل، حوادث الحريق المستمرة)، عدد المرات التي يظهر فيها اسم الجمعية في الصحافة ووسائل الأعلام الأخرى، عدد المرات التي يصرح فيها مسؤول من الجمعية بحديث حول قضية متعلقة بالتأمين (شارك رئيس الجمعية في برنامج تلفزيوني أثناء انعقاد مؤتمر التأمين العراقي “الأول”، آذار 2018). كيف تتطور ثقافة التأمين والجمعية غائبة عن المجتمع والحياة العامة؟
كما اشرتم ( بان جمعية التامين كانت خاضعة لشركات التامين العامة من حيث انتخاب رئيس الجمعية ثم جاءت خاضعة لشركات التامين الخاصة ويبدو ان وضع الجمعية ثقد تأثر سلبا في الاونة الاخيرة اذ ان لكل شركة تريد ان تعرض قناعات اداراتها الخاصة دون النظر الى مستوى الخدمة ومستوى رقي هذا القطاع )وهذا ايضا غير صحيح وكان يجب تقديم ما يثبت ذلك من البينة ان كل ماجاء بالمقالة كان بالاعتماد على مضمون رسالة شركة التامين الوطنية دون ذكر الوقائع والادلة
صحيح ما يقوله الزميل منذر باعتمادي على مضمون رسالة شركة التأمين الوطنية، وصحيح أنني لم أذكر الوقائع والأدلة، ولسبب بسيط وهو أنني لست مشاركاً في انتخابات الجمعية وليس لي علم بما نشر عنها. وهنا أعتمد عليه وعلى زملائه في جمعية التأمين العراقية لعرض تاريخ تأسيس الجمعية وانتخابات إداراتها وجدول أعمال اجتماعاتها ومحاضر اجتماعاتها وأسماء المشاركين فيها وتقاريرها السنوية، وعندها أستطيع تكوين رأي مدعم بالوقائع والأدلة من مستندات الجمعية ذاتها. وحتى ذلك الوقت أود عرض الآتي.
نصَّت المادة 2-أ من نظام الجمعية بأن مؤسسيها هم:
شركة التأمين الوطنية/شركة عامة
شركة إعادة التأمين العراقية العامة
شركة التأمين العراقية العامة
شركة دار السلام للتأمين
شركة الأمين للتأمين
الشركة الأهلية للتأمين
شركة الحمراء للتأمين
وقد تشكل أول مجلس لإدارة الجمعية كالآتي:
الرئيس ميرزا مجيد خان [شركة دار السلام للتأمين][2]
نائب الرئيس محمد الكبيسي [الشركة الأهلية للتأمين]
الأمين العام فؤاد شمقار[3]
الأعضاء ممثل شركة التأمين الوطنية
ممثل شركة إعادة التأمين العراقية
شركة الخليج للتأمين (عضو احتياط)[4]
ليس معروفاً إن جرى “انتخاب” أول مجلس لإدارة الجمعية من قبل الهيئة العامة بالاقتراع السري، كما تقضي بذلك المادة 10-و والمادة 16-أ من نظام الجمعية. وأغلب الظن، وهو قابل للنقض أو التأييد، هو “تعيين” الرئيس والأعضاء بالتوافق، وهو نفس مبدأ المحاصصة الطائفية والإثنية، غير المكتوب وغير الدستوري، في تشكيل الحكومة وتعيين رؤساء ومدراء الدوائر والمؤسسات العامة.
استمر هذا النهج في الدورات اللاحقة لتشكيل المجلس حيث كان لشركة التأمين الوطنية/شركة عامة اليد الطولى في ترؤس الجمعية لعدة سنوات (المرحوم صادق الخفاجي ومن بعده الزميل صادق عبد الرحمن) قبل أن تتحول الرئاسة إلى ممثل لشركة تأمين خاصة.
إن ما كتبته في ورقتي كان حذراً باستخدامي لكلمة “يبدو،” ففيها درجة من عدم اليقين وهي تحمل الشك، فيما نقلته عن شركة التأمين الوطنية:
يبدو أن وضع الجمعية قد تأثر سلباً في الآونة الأخيرة إذ أن “كل شركة تريد أن تفرض قناعات إداراتها الخاصة دون النظر إلى مستوى الخدمة ومستوى رقي هذا القطاع” كما يرد في رسالة شركة التأمين الوطنية.
إن الزميل منذر يحاكمني على رأيي الحذر والمطلوب محاكمة موقف شركة التأمين الوطنية.
يتم اتهام الجمعية جزافا وتجني وايضا كل ما نشر في المقالة هو تشهير للجمعية من جهة ما وهذا غير مقبول
ترى هل أن النقد أصبح معادلاً للتشهير لأكون في موقع المتهم ومن ثم المثول أمام القضاء عما كتبته إن رغبت الجمعية بإقامة دعوى تشهير ضدي؟ وهل من المناسب وضع قيد على حرية الشك دونكم حرية التعبير؟ إن موقفي من الجمعية هو مزيج من النقد والتأييد، كما يظهر في مقالتي وكما عرضته في مقالات سابقة، وهو ما فات على الزميل منذر وغيره ممن كتب لي بشأن مقالتي.
أين التشهير؟ هل لجأتُ إلى الاستخفاف بالجمعية، وهل شجعتُ القراء على احتقارها، وهل أن ما كتبته سبَّب أو سيسبب خسارة مادية للجمعية؟ وكيف أصبحت كتابتي جناية تستحق العقوبة من وجهة نظر القانون؟ كيف ينظر من يُسمون بأصحاب الرأي السليم إلى ما كتبته، أهو تشهير أم نقد؟ أترك للقراء الحكم.
رابعا : يرجى العلم ان لا يوجد صراع داخل الجمعية ان الجمعية قانونية وشرعية بحكم القانون وتقوم بمهامها حسب احكام النظام الداخلي المصادق عليه من ديوان التامين ان الجمعية تقف على مسافة واحدة من جميع اعضائها مع القطاع العام والقطاع والخاص لكونها تراعي مصالح جميع اعضائها وفقا للقانون
يبدو لي اننا، الزميل منذر وأنا، نسكن في عالمين فكريين مختلفين فيما يخص الموقف من “صراع داخل الجمعية.” له الحق أن يرسم صورة ملائكية للجمعية لكن رأيي هو أن هناك “صراع” من نوع ما بين شركات التأمين الخاصة والعامة على ما أسميه بـ “كعكة التأمين” (تأمين عقود الدولة ومشاريعها ودوائرها). من يحق له الاستحواذ على الكعكة قانوناً أو من خلال المنافسة؟ شركات التأمين الخاصة أم شركة التأمين الوطنية التي ينص قانون تأسيسها في المادة 7 أن “على دوائر الحكومة والمؤسسات الرسمية أن تعهد حصراً إلى الشركة بمعاملات التأمين التي تجريها.”
ربما تحمل كلمة الصراع نبرة قوية لوصف ما يجري من نقاش حول هذا الموضوع داخل وخارج الجمعية. هناك في أحسن الأحوال خلافٌ أو قل إشكالية برزت بفضل المادة 7 وتعارضها مع المادة 81 من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 – وهو ما أشرت إليها في مقالتي. وقد نشأ هذا التعارض لأن المحتل الأمريكي عندما قام بصياغة مسودة قانون تنظيم أعمال التأمين لم يلغي قوانين التأمين القائمة التي تتعارض مع هذا القانون، وهو ما لم ينتبه إليه من قرأ مسودة هذا القانون مترجماً إلى اللغة العربية في وزارة المالية أو في شركات التأمين العامة والخاصة أو من راجعه قبل أن يوقع عليه رئيس الوزراء بتاريخ 9 شباط 2005 مباشرة بعد عودته من الولايات المتحدة الأمريكية.
كذلك اشرتم في المقالة ( بان القائمين على ادارة شؤون الجمعية منغلقون على انفسهم ضمن دائرة تمثل المصالح الجزئية للشركات التابعين لها بدلا من المصالح الجماعية)هذه تهمه اخرى باطلة ويجب على من يدعي ذلك ان يقدم الدليل والبرهان والا يجب محاسبته
لكيلا تضيع قيمة ما كتبته أنقل النص الكامل للفقرة التي اقتبست منها:
يبدو لي إن القائمين على إدارة شؤون الجمعية منغلقون على أنفسهم ضمن دائرة تمثيل المصالح الجزئية للشركات التابعين لها بدلاً من “المصالح الجماعية”، وابتعادهم عن رؤية تكوين وتطوير قطاع تأميني وطني اتحادي، وحل الإشكاليات ضمن هذه الرؤية.
ما أردته من هذا النص هو أن منطلقات ممثلي شركات التأمين الخاصة والعامة، تعكس مصالحها (كما برز في التعامل مع المادة 7 من قانون تأسيس شركة التأمين الوطنية والمادة 81 من قانون تنظيم أعمال التأمين)؛ كل واحد منهم منغلق ضمن هذ المصالح. إن ممثلي شركات التأمين الخاصة والعامة ليسوا من صنف الملائكة والقديسين وكأنهم لا يحملون أفكاراً وقناعات مسبقة ومواقف محددة تجاه ما يجب وما لا يجب وتجاه القضايا المعروضة عليهم. إن ما هو غائب، في تقديري، هو “رؤية تكوين وتطوير قطاع تأميني وطني اتحادي، وحل الإشكاليات ضمن هذه الرؤية.” أنا لم أقرأ عن هذه الرؤية فيما يصدر من كلام أو أوراق من شركات التأمين أو الجمعية دونكم فقر الإنتاج الفكري التأميني في العراق.
سأتغاضى عن التعليق على المحاسبة القانونية لكل من يكتب نقداً لشركة أو مؤسسة أو جمعية خاصة أو عامة، ويكفي أن أقول بأنه ليس مناسباً إثارة المحاسبة ضمن دائرة النقاش والنقد، وأضيف بأن بعض مواد الدستور العراقي توفر حماية لي ولحرية التعبير.
لذا اطلب منكم في المستقبل ان لا يحصل ما حصل في هذه المقالة حيث يجب معرفة حقيقة الامور دون التحامل عل جهة ما بدون الاستناد على الدلائل والبراهين والقرائن ولا يتم الاعتماد على رسالة واردة بدون تاريخ ولا توقيع ويظهر ان الرسالة المستلمة منكم كانت من اشخاص يريدون التشهير بالجمعية واعضائها
سأتغاضى أيضاً عن اللغة التي كتبت بها هذه الفقرة واكتفي بالتساؤل: كيف أكون متحاملاً على الجمعية وأنا أقول بأن اهتمام الجمعية بمصالح أعضائها من الشركات يقع في صلب أهدافها، كما جاء في المادة 84-ثانياً من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005:
ثانياً- تهدف الجمعية لرعاية مصالح أعضائها والعمل على تطبيق القانون وأخلاقيات التأمين وتمثيل المصالح الجماعية للمؤمنين ومعيدي التأمين أمام الديوان وغيرها من الأمور المتعلقة بأعمال التأمين.
والتقطُ منها ما يصبُّ في موضوع ورقتي، أي “الأمور الأخرى المتعلقة بأعمال التأمين”، وأكتب بأن هذه العبارة “نص مفتوح لتوسيع نشاط الجمعية ليشمل نشر ثقافة التأمين، واتخاذ مواقف تجاه قضايا عامة ذات بعد تأميني في المجتمع وفي الاقتصاد وفي الإدارة الحكومية. وهذا هو الذي كنت أثيره في العديد من المناسبات بدءاً من الانتخابات البرلمانية والصوم في شهر رمضان وانتهاء بحادث غرق العبّارة في الموصل. لم تتحرك الجمعية في هذا الفضاء الواسع لتسجل حضور مؤسسة التأمين في الحياة العامة.”
واخيرا ان الجمعية قائمة وتعمل يصورة رسمية بموجب احكام النظام الداخلي المصادق عليه من ديوان التامن
يسرني أن أقرأ بأن الجمعية قائمة وتمارس أعمالها، وليس كما جاء في رسالة شركة التأمين الوطنية: “إيقاف عمل الجمعية لعدم قانونيتها حيث لم يتم نشر نظامها الداخلي في الجريدة الرسمية في حينه.”
في محاولة لفهم ما جاء في رسالة شركة التأمين الوطنية أود عرض ما يلي.
لقد كتب نص الأمر رقم 10 من قبل المحتل الأمريكي للعراق، ولم تخضع مسودته لمناقشة حقيقية مفتوحة من قبل شركات التأمين، وقد بيّنت ذلك في كتابي قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: تقييم ودراسات نقدية (بغداد: منشورات شركة التأمين الوطنية، 2014)، كما بينت تعارضه مع اتفاقيات جنيف التي لا تجيز للقوة المحتلة صلاحية تغيير ما هو قائم، ومن بينها قوانين التأمين، ما لم يكن هناك تهديد مباشر لأمن القوة المحتلة أو أن هناك ضرورة تستوجب التغيير (ص 174-175). وكذا الأمر بالنسبة للنظام الداخلي لجمعية التأمين العراقية، فهو الآخر من إفرازات الاحتلال، وكان تمويل الجمعية عند التأسيس يأتي من الوكالة الأمريكية للمساعدات الدولية. ومن المؤسف أنه لم يجري حتى الآن أي تعديل للقانون من خلال دراسات معمقة وعمل متواصل وصولاً إلى صياغة لائحة تعديل تشريعية.
نقرأ في ديباجة (نظام رقم (….) لسنة 2005، نظام جمعية شركات التأمين وإعادة التأمين في العراق) ما يلي:
استناداً إلى أحكام المادة 84-أولاً من الباب السابع-الأحكام المتفرقة-الفصل الأول-أحكام عامة من أمر رقم (10) لسنة 2005 “قانون تنظيم أعمال التأمين” فقد صدر هذا النظام.
من هي الجهة التي قامت بإصدار النظام؟ أهو ديوان التأمين التابع لوزارة المالية؟ أم هو كيان آخر؟ إن كان الديوان هي الجهة التي أصدرت نظام الجمعية، وهو ما جاء الزميل منذر على ذكره، لماذا لم يُذكر ذلك في النظام؟ هل يا ترى كان من المناسب إصدار النظام من قبل الديوان كتعليمات ملزمة لشركات التأمين وإعادة التأمين؟
إن نسخة نظام الجمعية المتوفرة لديَّ لا تحمل رقماً، لكنها تضم قوسين لإدراج الرقم مستقبلاً. هل أن غياب الرقم داخل القوسين كان تقصيراً من القائمين على صياغة النظام، أم أن عدم ذكر الرقم يؤشر على انتظار نشر النظام في الوقائع العراقية؟
تنص المادة 2-ب من نظام الجمعية على الآتي:
تعد جميع شركات التأمين وإعادة التأمين وفروع شركات التأمين وإعادة التأمين غير العراقية التي تجاز في العراق عضوة في الجمعية إلزاماً بحكم القانون.
إن عبارة “بحكم القانون” توصيف عام، ومن الأحرى أن يُخصص القانون المُلزم لشركات التأمين بعضوية الجمعية، كالإشارة إلى المادة 84-أولاً من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005.
وترد عبارات مماثلة لعبارة “بحكم القانون” في المادة 8 من نظام الجمعية:
تتألف الهيئة العامة للجمعية من جميع أعضاءها المنتمين إليها حكماً وبصورة إلزامية بموجب القانون.
وكل هذه العبارات يمكن أن تُقرأ على أنها تعني ضمناً قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005. لكننا نتوقع في من الصياغات القانونية أن تكون دقيقة وواضحة.
إذا كان رئيس مجلس الدولة يعتبر الجمعية من منظمات المجتمع المدني (كما ورد في رسالة موجهة لي من الزميل فلاح حسن، المدير المفوض لجمعية التأمين العراقية)، فكيف يستقيم الإلزام بعضوية شركات التأمين في الجمعية مع طبيعة منظمات المجتمع المدني “الطوعية،” بشكل عام، (حرية اختيار الانضمام أو عدم الانضمام). وإذا سلّمنا بفكرة أن المجتمع المدني يُشكّل قطاعاً ثالثاً، تمييزاً له ولمنظماته عن قطاع الحكومة وأجهزتها وقطاع الشركات/الأعمال، كيف تكون الجمعية جزءاً من المجتمع المدني وهي تنظيم تمثل مصالح شركات التأمين التجارية الباحثة عن الربح.
هناك رأي بإن إلزام شركات التأمين وإعادة التأمين بعضوية جمعية التأمين العراقية لا يستقيم مع أحكام المادة 39 من الدستور العراقي التي تنص على الآتي:
لا يجوز إجبار أحد على الانضمام إلى أي حزب أو جمعية أو جهة سياسية أو إجباره على الاستمرار في العضوية فيها.[5] [التأكيد من عندي]
ترد هذه المادة في الفصل الثاني [الحريات] من الدستور، والخط العام لها يتعلق بالحريات والاختيارات الفردية. هل أن هذا الرأي يقوم على إمكانية تطويع المادة 39 لتخدم قضية شركات التأمين التي لا ترغب بالاستمرار في عضوية الجمعية؛ أي شمول هذه المادة للشخص المعنوي كشركة التأمين؟ ليس لي جواب جاهز ولست فقيهاً دستورياً لكنه سؤال بحاجة إلى رأي وتفسير دستوري وهو مطروح للمناقشة.
أشكر الزميل منذر عباس الأسود على رسالته، وأرجو منه مواصلة الكتابة والنشر عن الشأن التأميني في العراق، خاصة وأن هناك قضايا إشكالية تستوجب التفكير والبحث لتقريب وجهات النظر بين ممثلي شركات التأمين العامة والخاصة، ووضع سياسة لقطاع التأمين العراقي، وتدارس ضعف القطاع من حيث الإنتاج والمهارات، وتعزيز السوق الوطني الاتحادي وغيرها. إن الكيانات التأمينية، ومنها جمعية التأمين العراقية، بحاجة إلى تقييم وإعادة تقييم، وإن إعمال مبضع النقد مسألة أساسية للنهوض بصناعة التأمين العراقية.
20 أيار/مايو 2019
[1] مصباح كمال، “حين يتحول الاختلاف حول قضايا فنية إلى مادة للتشهير والإساءة لزملاء العمل: حالة شركة إعادة التأمين العراقية،” موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين: Misbah Kamal-Defamation of Iraq Re Personnel
مصباح كمال:* حين يتحول الاختلاف حول قضايا فنية إلى مادة للتشهير والإساءة لزملاء العمل: حالة شركة إعادة التأمين العراقية”
[2] ضم أول مجلس إدارة للجمعية رئيساً (ممثل شركة إعادة التأمين العراقية، فؤاد عبد الله عزيز، وبعد توليه إدارة ديوان التأمين العراقي وكالة حل محله ممثل شركة دار السلام للتأمين).
[3] كان وقتها قد تقاعد من شركة التأمين الوطنية لكنه عمل معها بعقد كمستشار قانوني.
[4] لا يرد اسم شركة الخليج للتأمين ضمن مؤسسي الجمعية.
[5] الدستور العراقي (بغداد: مجلس النواب، الدائرة الإعلامية، الطبعة السابعة، 2013)، ص 32.