Monthly Archives: فيفري 2017

Bahaa Baheej Shukri on Atta Abdul Wahab

من رسائل بهاء بهيج شكري:

رسالة عن الأستاذ عطا عبد الوهاب

 

 

عمان في ٢١ شباط ٢٠١٧

 

الأخ العزيز مصباح المحترم

 

بعد التحية

 

كما وعدتك اثبت أدناه ترجمة حياة عطا عبد الوهاب.

 

يعتبر عطا عبد الوهاب واحداً من أعمدة سوق التأمين العراقي في بداية تطوره، وهو ينتمي إلى عائلة بغدادية عريقة، ولد سنة ١٩٢٣. وهو الشقيق الأصغر للسياسي البارز في العهد الملكي المرحوم جميل عبد الوهاب وللاقتصادي المرحوم زكي عبد الوهاب المدير العام لمصرف الرافدين ورئيس مجلس إدارة شركة التأمين الوطنية من بداية العهد الجمهوري ولحين انقلاب ٨ شباط (١٤ رمضان) ١٩٦٣.

 

تخرج عطا من كلية الحقوق سنة ١٩٤٤ وعين في السلك القضائي وكان آخر منصب شغله هو القاضي الأول في محكمة بداية بغداد، نقل على أثره إلى السلك الدبلوماسي. وكان آخر منصب شغله في هذا السلك هو عضو في الوفد العراقي في الأمم المتحدة، وعند زيارة الأمير عبد الاله إلى الولايات المتحدة بدعوة من الحكومة الأمريكية، عين عطا مرافقاً للأمير، فأعجب الأمير بقوة شخصيته وسعة معلوماته، فنقله إلى البلاط الملكي وعين سكرتيراً للأمير وللملك فيصل الثاني، وبقي في هذا المنصب طيلة فترة العهد الملكي، حيث اعتقل في بداية العهد الجمهوري وفرضت عليه الإقامة الجبرية. وعند رفع الإقامة الجبرية عنه كان نوري الخضيري قد أسس أول شركة تأمين عراقية في القطاع الخاص هي شركة بغداد للتأمين وعين مديراً عاماً إنجليزياً لها هو مستر [جون] نودي [John Naudi]،[1] واختار عطا عبد الوهاب ليكون معاوناً للمدير العام. وكي يتمكن عطا من إنجاح الشركة عمد إلى سحب بعض الكفاءات من شركة التأمين الوطنية وبعض وكالات التأمين الأجنبية بعرض رواتب مغرية عليهم. وكان من أبرز الأشخاص الذين سحبهم من شركة التأمين الوطنية هو السيد بيرسي سكويرا فعينه مديراً للتأمين البحري.[2]

 

لقد كان عطا يتميز بدرجة عالية من الذكاء وسعة الاطلاع فضلاً عما اكتسبه من خبرة من عمله في السلكين القضائي والدبلوماسي، وقد ساعده ذلك بمعاونة كل من مستر نودي وبيرسي سكويرا ان يلم الماما عاما بالضوابط الفنية لنظام التأمين، كما أدت علاقاته الاجتماعية الواسعة وثقة الوسط التجاري به إلى ان تحقق الشركة نجاحاً في التسويق، كما كان قوة شخصيته وطلاقته في التحدث باللغة الإنجليزية عاملاً مهماً في احترام العاملين في شركات الإعادة له وتقديرهم لكفاءته. وبعد انتهاء عقد عمل مستر نودي عين عطا مديراً عاماً للشركة وبقي في منصبه هذا لحين تأميم شركات التأمين في ١٤ تموز ١٩٦٤ حيث عين مديراً عاماً لشركة التأمين الوطنية ثم استقال منها وافتتح مكتبا للمحاماة.

 

وعند عودة حزب البعث إلى السلطة بانقلاب ١٧-٣٠ تموز ١٩٦٨ اتهم هو وشقيقه المرحوم زكي عبد الوهاب بالتجسس لصالح دولة كبرى ظلما وعدوانا، فألقي القبض على زكي وحوكم وأعدم واستطاع عطا ان يفرَّ إلى الكويت، غير ان المخابرات العراقية تمكنت من اختطافه من هناك والعودة به إلى العراق حيث تمت محاكمته والحكم عليه بالإعدام شنقاً. وقد قضى خمسة عشر عاما في سجن ابي غريب منها خمس أعوام في زنزانة الإعدام، ثم عفا عنه صدام حسين فأطلق سراحه وغادر إلى بيروت، وبقي مقيماً هناك إلى الاحتلال الأمريكي للعراق، فعاد بصحبة السياسي العراقي المخضرم عدنان الباججي على أمل ان يؤلفوا حكومة تكنوا قراط مدنية بعيدة عن المحاصصة ولكن الرفيق بول بريمر أفشل مشروعهم. وقد التقيت به في دار عدنان الباججي وكانت الانسة ميسون الدملوجي بصحبتهم فوجدته ما يزال محتفظاً بشخصيته القوية وثقته العالية بنفسه. وبعد فشل مشروع حكومة التكنوقراط غادر الباججي إلى مقر أقامته في ابي ظبي، والتحقت ميسون الدملوجي بكتلة أياد علاوي، وعين عطا سفيراً للعراق في المملكة الأردنية الهاشمية. وبعد فترة طلب إحالته على التقاعد، وما زال حتى هذا اليوم مقيماً في الأردن.

 

وبالرغم من انه يبلغ الآن الرابعة والتسعين من العمر، الا انه ما زال محتفظاً بقدراته العقلية، وانه ما زال يعقد في داره كل يوم ثلاثاء ندوة فكرية يحضرها العديد من الكفاءات العراقية المقيمة في الأردن ويتم فيها بحث مختلف المواضيع السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

 

لقد كان عطا عبد الوهاب منفتحا على شركة التأمين الوطنية وعلى المرحوم عبد الوهاب الدباغ،[3] وقد نشأت بيني وبينه علاقة صداقة وثيقة جدا، وكان من نتائج هذا الانفتاح، وباقتراح من الآنسة سعاد برنوطي،[4] ان أنشأتُ بين التأمين الوطنية وشركة بغداد للتأمين محفظة إعادة تأمين متبادل.

 

والعجيب في الامر ان عطا كان أيضاَ شاعرا وأديبا وهو في مرحلة الدراسة الثانوية واستمر كذلك حتى بعد الحكم عليه بالإعدام، فنظم وهو في زنزانة الإعدام قصائد يصف حالته في ذلك الوضع.

 

هؤلاء هم رجال التأمين في النصف الثاني من القرن الماضي، فما هو حال المحسوبين على نظام التأمين في القرن الحادي والعشرين؟

[1] بعض العاملين في قطاع التأمين العراقي يعرفون ابنه بوب نودي Bob Naudi الذي عمل لسنوات عديدة في شركة مينيت Minet لوساطة التأمين البريطانية (تم الاستحواذ عليها من قبل شركة أيون Aon سنة 1997)، وبعد تقاعده من الأخيرة، بعد أربعين سنة من العمل، عمل مستشاراً في شركة وساطة التأمين RFIB وتقاعد منها ليؤسس شركة استشارية مستقلة في جبل طارق لتقديم الخدمات التأمينية. احتفل بعيد ميلاده الثمانين سنة 2016. (المحرر)

 

[2] عمل بيرسي سكويرا بعد ذلك كمعاون للمدير العام لشركة إعادة التأمين العراقية، وساهم كجزء من وظيفته في وضع أسس وعمل الشركة الصومالية للتأمين. أكمل أطروحة ماجستير في جامعة تركية حول العلاقة بين التأمين والدين. عمل لعدة سنوات، وفي مواقع رئيسية، في شركة اتحاد الخليج للتأمين التعاوني في فترة ما من حياته العملية كان يملك ويدير وكالة بيرسي سكويرا للتأمين، وكان موقعها في عمارة ميناس، الباب الشرقي، بغداد. (المحرر)

 

[3] عبد الوهاب الدباغ، مدير عام شركة التأمين الوطنية (8 أيلول 1958-10 آب 1963). (المحرر)

 

[4] كانت مديرة قسم إعادة التأمين في شركة التأمين الوطنية في أوائل ستينيات القرن الماضي. تركت العمل في الشركة لإكمال دراسة الدكتوراه في الولايات المتحدة. لها عدة مؤلفات في العلوم الإدارية: إدارة الموارد البشرية – إدارة الأفراد، الإدارة: أساسيات إدارة الأعمال، الأعمال (الخصائص والوظائف الإدارية). كتب عنها الأستاذ بهاء بهيج شكري في هامش كتابه بحوث في التأمين (دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2010)، ص 37 ما يلي:

 

“الدكتورة الآنسة سعاد نايف برنوطي:

 

كانت إحدى الموظفات الثلاث في مكتب السكرتارية [في شركة التأمين الوطنية]، وهي خريجة كلية الآداب في جامعة بغداد فرع الأدب الإنجليزي. تجيد اللغة الإنجليزية إجادة تامة، وتتمتع بأخلاق عالية وشخصية قوية نافذة تفرض احترامها على كل من يتعامل معها. وبعد انقلاب 8 شباط 1963 استقالت من الشركة وسافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية فحصلت على شهادة الدكتوراه. وهي الآن أستاذة في قسم الدراسات العليا في إحدى الجامعات الأردنية في عمان. وقد كانت الدكتورة برنوطي ساعدي الأيمن، إذ أصبحت مديرة القسم الفني والقائمة بأعمال قسم إعادة التأمين بعد أن تم تجزئة مكتب السكرتارية إلى قسمين. وقد كنت أتشاور معها في كل أمر أريد القيام به قبل أن أقدم مذكرة به إلى المدير العام.” (المحرر)

 

Bahaa Baheej Shukri: Letter to Abdulbaki Redha

من رسائل بهاء بهيج شكري:

رسالة إلى الأستاذ عبد الباقي رضا

 

 

تقديم

 

كتب الأستاذ بهاء بهيج شكري هذه الرسالة إلى الأستاذ عبد الباقي رضا بتاريخ 7 كانون الثاني 2017 على خلفية قراءته لمقالة الانسة هيفاء شمعون عيسى “عبد الباقي رضا: الشخصية الموسوعية” المنشورة في مرصد التأمين العراقي.[1] وكان من رأي أن هذه الرسالة تنطوي على قيمة شخصية وتاريخية، وقد يكون نشرها، ربما، مدعاة للتأمل من قبل بعض العاملين في قطاع التأمين العراقي في تاريخ صناعتهم وأركانها وما آلت إليه في العقود الأخيرة. لذلك اقترحت على الأستاذ بهيج نشرها في مرصد التأمين العراقي بعد موافقته وموافقة الأستاذ عبد الباقي والآنسة هيفاء. وقد وافقا على النشر.

 

كانت الرسالة موجهة بالاسم للأستاذ عبد الباقي رضا ونسخة منها للسيد محمد جواد المظفر[2] ومصباح كمال.

 

كتب لي الأستاذ بهيج رسائل أخرى تتناول أحداثاً في قطاع التأمين العراقي وشخصيات عملت فيه، وهي بمثابة إضافات لما كتبه سابقا[3]. ربما يحين الوقت المناسب لنشرها بمعرفته.

 

مصباح كمال

21 شباط 2017

 

 

نص رسالة الأستاذ بهاء بهيج شكري

 

عمّان في ٧ يناير ٢٠١٧

 

الأخ العريق عبد الباقي المحترم

 

تحية طيبة

 

قرأت ما كتبته السيدة هيفاء شمعون عيسى حول فترة عملها معكم في شركة التأمين الوطنية وفي مجلس إدارتها، وفي تعليقي على ذلك أبدأ بأن أعلن شديد أسفي لأَنِّني لم تتح لي فرصة لقاء هذه السيدة الفاضلة التي حباها الله بصفة الوفاء الفطري لمن ترتبط بهم بزمالة عمل، فهي بالرغم من تعيينها مديرة عامة لشركة التأمين العراقية في نفس فترة إعفاءكم من آخر ارتباط لكم بالتأمين الرسمي، لم تغفل عن التصدي لما كان يتمتع به رئيسها السابق عبد الباقي رضا من كفاءة عالية ومعرفة واسعة في الشؤون الحسابية والمالية والتفاصيل الفنية للتأمين، فضلا عن قدراته الإدارية.

 

إن ما لفت نظري قولها إنك كنت تصحح ما تقع به هي وبقية الموظفين من أخطاء نحوية، إذ يبدو أنها كانت تجهل أن رئيسها السابق عبد الباقي رضا كان شاعراً وأديباً قبل أن يصبح رجل تأمين وأن الشاعر والأديب ينبغي أن يكون ملماً بجميع مفاصل اللغة، من نحوٍ وصرفٍ وإعرابٍ وبلاغةٍ وبيان، وأن عبد الباقي كان ينبغي أن يُلام لو لاحظ خطأً نحوياً في بيانٍ مقدم له ولم يبادر إلى تصحيحه وإلفات نظر الموظف الذي ارتكبه.

 

إني أشبّه السيدة هيفاء بالآنسة سعاد نايف برنوطي (الدكتورة سعاد برنوطي[4] حالياً الأستاذ في قسم الدراسات العليا في إحدى الجامعات الاردنية) والتي كانت مساعدتي ويدي اليمنى عندما كنت نائباً للمدير العام لشركة التأمين الوطنية ١٩٦٠- ١٩٦٣ مع فارق بسيط، فهي وإن كانت كالسيدة هيفاء ذات وفاء فطري إلا انها كانت هي التي تناقشني وتصحح أخطائي وليس العكس.

 

وإذا سمح لي أخي العزيز عبد الباقي، فإني أودّ ان أضيف إلى ما ذكرته السيدة الفاضلة هيفاء، ما لمسته أنا شخصياً من سلوكية عبد الباقي رضا مديراً عاماً لشركة التأمين الوطنية، فقد كانت إدارته للشركة تتميز بالحكمة في معالجة الأمور، وعدم الانجرار وراء الانفعالات العاطفية، ودون النظر إلى طبيعة العلاقة التي تربطه بالشخص الذي يتعامل معه. ومن الأمثلة على ذلك، انني كنت في زمن إدارته للشركة، من أشد الأشخاص في خصومته القضائية لشركة التأمين الوطنية سواء في الدعاوى المقامة عليها من قبل المؤمن لهم أم في دعاوى الرجوع على شركات النقل المقامة من قبلها. وقد أدت خصومتي القضائية هذه ببعض المسؤولين في الشركة من أصدقائي، وممن لي فضل عليهم، إلى إثارة حملة ضدي بأني أتعمد في كسر قواعد التأمين، أما عبد الباقي، المدير العام، فقد كان موقفه مغايراً تماماً، إذ كان يمتدحني ويثني على كفاءتي، بشهادة الأخ مصباح كمال الذي كان موظفاً في شركة التأمين الوطنية حينذاك.

 

وفي نفس هذه الفترة كنت قد سافرت أنا وعائلتي إلى أوروبا بسيارتي المرسيدس الجديدة، بعد أن مددت وثيقة التأمين لتغطية توسيع النطاق الجغرافي، ويشاء سوء الطالع أن تنقلب بِنَا السيارة في طريق العودة في المنطقة بين مدينتي كولون وفرانكفورت، ولم نُصَبْ لا أنا ولا زوجتي ولا بناتي الثلاث بأي أذى، ولكن السيارة تحطمت تماما. وبعد أن تم نقلنا ونقل حطام السيارة إلى أقرب فندق في المنطقة أرسلت برقية إلى عبد الباقي المدير العام للشركة أخبره بالحادث وانه لم تبقَ لدي نقود لأدفعها من أجل تصليح السيارة، وفي الوقت نفسه اتصلت هاتفياً بشركة ميونخ ري بوصفها من معيدي التأمين لشركة التأمين الوطنية، لأخبرهم بالحادث، وهم يعرفونني جيداً لأَنِّي أنا الذي أنشأت العلاقة بينهم وبين شركة التأمين الوطنية في بداية النصف الأول من القرن الماضي. ويبدو أن تنسيقاً قد حصل بشكل فوري بين شركة التأمين الوطنية والشركة الألمانية حول الموضوع، فقد زارني في صباح اليوم التالي في الفندق ممثلٌ عن الشركة الألمانية مع مهندس متخصص بتصليح سيارات المرسيدس وبعد إجراء الكشف على السيارة أكد المهندس سلامة الماكنة والشاصي وأن جسم السيارة ينبغي أن يستبدل بالكامل، فطلب مني ممثل الشركة الألمانية ترك السيارة بعهدتهم وسوف تشحن لي إلى بغداد بعد إكمال تصليحها. وهذا ما حدث. هكذا كان عبد الباقي يتصرف في إدارته للشركة، دون النظر لطبيعة العلاقة بين الشركة والطرف الثالث.

 

والغريب في الأمر أن تتشابه فواصل حياتنا مُنذ الولادة وحتى التقاعد، فكلانا ولد في شهر تموز مع فارق بسيط في السن، وكلانا ولد في منطقة الفرات الأوسط، هو في كربلاء وأنا في الحلة، وكلانا بدأ بنظم الشعر ونحن في الصف الثاني متوسط فأصبحنا أديبين وشاعرين ونحن لا زلنا في مرحلة الدراسة الثانوية، وكلانا حصد جوائز المباريات الشعرية، وكلانا مارس العمل الصحفي هو في الملصقة الجدارية لمدرسته وأنا في مجلة الوعي التي كانت تصدرها ثانوية الحلة، وكلانا يعشق القراءة والمتابعة، وكلانا درس التأمين خارج العراق: هو في الولايات المتحدة وأنا في المملكة المتحدة، وكلانا ساهم في إدارة شركة التأمين الوطنية أنا في بداية الستينات من القرن الماضي بوصفي نائباً للمدير العام، وهو خلال السبعينات ممن القرن المذكور، وكلانا ترك أثراً معيناً في الوسط التأميني سنة ٢٠١٦. ولم يقتصر الأمر على هذا الترابط، بل أن كلينا نشترك في صداقة شخص واحد مخلص لكلينا هو الأخ العزيز محمد جواد المظفر.

 

هذا هو عبد الباقي كما عرفته خلال علاقتي الطويلة به التي بدأت في بداية الستينات من القرن الماضي، وإذا كان هناك من أبعده عن ممارسة التأمين الرسمي، فسوف لن يُخلق الشخص الذي يفكر مجرد تفكير بمحاولة محو البصمات التي تركها في سوق التأمين.

 

هذا كل ما لدي من تعليق وتقبل من أخيك ورفيق مسيرتك أسمى آيات الحب والتقدير.

 

بهاء بهيج شكري

 

كان بودّي أن أرسل صورة هذا التعليق للسيدة الفاضلة هيفاء عيسى ولكني مع الأسف لا أعرف عنوان بريدها الإلكتروني.[5]

[1] مرصد التأمين العراقي:

https://iraqinsurance.wordpress.com/2016/12/27/abdulbaki-redha-a-towering-insurance-man/

نشرت أيضاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2016/12/27/%d9%87%d9%8a%d9%81%d8%a7%d8%a1-%d8%b4%d9%85%d8%b9%d9%88%d9%86-%d8%b9%d9%8a%d8%b3%d9%89-%d8%b9%d8%a8%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%a7%d9%82%d9%8a-%d8%b1%d8%b6%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%ae%d8%b5%d9%8a/

 

[2] عمل مديراً لفرع السعدون في شركة التأمين الوطنية، وكان عضواً في لجنة التعيينات في الشركة. أشرف على تأسيس شركة العراق الدولية للتأمين، شركة خاصة (2007)، وهو أحد المساهمين فيها. (وردتني هذه المعلومات من الزميل منعم الخفاجي بتاريخ 6 شباط 2017. ووثق الأستاذ عبد الباقي رضا إدارته لفرع السعدون في رسالة مؤرخة في 13 شباط 2017. المحرر)

 

[3] راجع بهذا الشأن الفصل التمهيدي بعنوان “تجربتي مع التأمين” في كتابه بحوث في التأمين (عمّان: دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2012)، ص 15-82. (المحرر)

[4] كانت مديرة قسم إعادة التأمين في شركة التأمين الوطنية في أوائل ستينيات القرن الماضي. تركت العمل في الشركة لإكمال دراسة الدكتوراه في الولايات المتحدة. لها عدة مؤلفات في العلوم الإدارية: إدارة الموارد البشرية – إدارة الأفراد، الإدارة: أساسيات إدارة الأعمال، الأعمال (الخصائص والوظائف الإدارية). كتب عنها الأستاذ بهاء بهيج شكري في هامش كتابه بحوث في التأمين (دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2010)، ص 37 ما يلي:

 

“الدكتورة الآنسة سعاد نايف برنوطي:

كانت إحدى الموظفات الثلاث في مكتب السكرتارية [في شركة التأمين الوطنية]، وهي خريجة كلية الآداب في جامعة بغداد فرع الأدب الإنجليزي. تجيد اللغة الإنجليزية إجادة تامة، وتتمتع بأخلاق عالية وشخصية قوية نافذة تفرض احترامها على كل من يتعامل معها. وبعد انقلاب 8 شباط 1963 استقالت من الشركة وسافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية فحصلت على شهادة الدكتوراه. وهي الآن أستاذة في قسم الدراسات العليا في إحدى الجامعات الأردنية في عمان. وقد كانت الدكتورة برنوطي ساعدي الأيمن، إذ أصبحت مديرة القسم الفني والقائمة بأعمال قسم إعادة التأمين بعد أن تم تجزئة مكتب السكرتارية إلى قسمين. وقد كنت أتشاور معها في كل أمر أريد القيام به قبل أن أقدم مذكرة به إلى المدير العام.”

 

وقد أفادني الزميل أسامة الغرباوي بالمعلومات التالية بتاريخ 6 شباط 2017:

 

“عندما التحقت بالتأمين الوطنية في ديسمبر/٦٣ كان المدير العام هو الدكتور هاشم الدباغ، وكنت أعمل في قسم إعادة التأمين ومديرته سعاد برنوطي ولا أعرف بالضبط متى عُيّنت، وكان أنطوان سليم معاون ملاحظ في القسم نفسه. وبعد عدة أشهر، أي في منتصف عام ١٩٦٤، نقلها الدكتور الدباغ الى قسم الحياة وكلف أنطوان سليم بأعمال معاون مدير قسم إعادة التأمين. (وحسب معلوماتي فإن أنطوان التحق بالشركة عام ١٩٦٢). لم تستمر سعاد برنوطي بالعمل في قسم الحياة سوى عدة أشهر ومن ثم استقالت من الشركة، وأعتقد بأنها رتَّبت أمورها لتكملة الدراسات العليا. وبالمناسبة، خلال عام ٦٣ تم استبعاد كل من بهاء بهيج، سعاد برنوطي، فاروق جورج، إليزابيث بدروس من التأمين الوطنية، في اعتقادي لأسباب سياسية بحتة، وهم من خيرة كفاءات الوطنية.” “(المحرر)

[5] تم إرسال التعليق إلى الآنسة هيفاء شمعون. (المحرر).

Dr Kadhim Habib and Insurance Issues in Iraq

 

د. كاظم حبيب وبعض قضايا التأمين بالعراق

 

 

 

 

 

مصباح كمال

 

 

 

 

 

نشرت لأول مرة في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

 

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2017/02/Kadhim-Habib-further-discussion-on-insurance-issues.pdf

 

 

 

 

 

نشر د. كاظم حبيب مقالة بعنوان “نقاش مفتوح حول التأمين وإعادة التأمين بالعراق مع الاستاذ مصباح كمال” في بعض المواقع الإلكترونية،[1] أثنى فيها على اهتمامي بموضوع التأمين في العراق، وكتب، بتواضع علمي، بأنه ليس متخصصاً بشؤون التأمين وإعادة التأمين، ولكن

 

 

 

كاقتصادي وباحث في قضايا المجتمع المدني وحقوق الإنسان، أدرك أهميته لعميلة إعادة الإنتاج الموسعة في الاقتصاد والمجتمع، وبالنسبة للأفراد، في آن واحد، إنه القطاع الاقتصادي الذي يوفر الحماية التي يقدمها للجميع من جهة، وهو التعويض عن الخسائر المحتملة ومواجهة المخاطر غير المتوقعة في حالة حصولها من جهة ثانية، وهو الذي يوفر التوظيفات أو الاستثمارات المالية للتوسع في النشاط الاقتصادي والاجتماعي وتنمية ثروة المجتمع، وهو الذي يمكن أن يحمي الشركات والأفراد من الإفلاس أيضاً في حالات التعرض لمخاطر محتملة.

 

 

 

وهو بذلك قد لخصَّ الوظيفة الاقتصادية للتأمين.

 

ونظراً لأهمية الأفكار والتعليقات التي يقدمها د. كاظم أود تقديم بعض الإضافات السريعة لما جاء في ورقته طالما أن النقاش مفتوح وأن الاستغراق فيه يفيد في توضيح الأفكار.  آمل أن يشجع هذا النقاش على مساهمة المهتمين بموضوعه من العاملين في قطاع التأمين أو خارجه.  فيما يلي سأتناول ما أراه أهم الأفكار التي أثارها تحت العناوين التالية:

 

 

 

§      أهمية التأمين لعملية إعادة الإنتاج الموسعة في الاقتصاد والمجتمع

 

§      قرارات التأميم لعام 1964

 

§      السياسة الاقتصادية والسياسة العامة والفساد في قطاع التأمين

 

§  وضع رؤية علمية حديثة ومتقدمة، شاملة وموضوعية، لنشاط التأمين بالعراق

 

§  بول بريمر ودوره السيئ في الاقتصاد العراقي وبضمنه التأمين وإعادة التأمين

 

§  ثقافة التأمين ما بين الإنسان العراقي وأصحاب القرار في دولة المحاصصة

 

 

 

أهمية التأمين لعميلة إعادة الإنتاج الموسعة في الاقتصاد والمجتمع

 

 

 

إعادة الإنتاج البسيط في أبسط صوره هو تكرار عملية الإنتاج في مستواها السابق دو تغيير في كمية ونوعية العناصر الداخلة في الإنتاج.  أما إعادة الإنتاج الموسع فهو تكرار لعملية الإنتاج بمستوى أعلى مما كان عليه في فترة سابقة من خلال استخدام قيمة الفائض المتحقق، كلاً أو بعضاً، لتوسيع عملية الإنتاج (تحقيق التراكم).

 

لا أعرف إن جرى تطبيق هذين المفهومين على التأمين، نظرياً أو عملياً.  نعرف بأن التأمين، بشكل عام وفي أبسط صوره، هو آلية للتعويض عن الأضرار والخسائر المادية التي يتعرض لها الأفراد والشركات.  ويتم ذلك من خلال تجميع أقساط التأمين التي يسددها الأفراد والشركات لصندوق التأمين (لدى شركات التأمين أو الهيئات التي تماثلها).  تمويل الخسائر (المؤمن عليها) مصدره هذا الصندوق.  ولأن شركات التأمين هي الحارس للأموال المتجمعة في الصندوق فإنها تقوم بالتعويض عن الآثار المالية للخسائر وإرجاع وضع المؤمن لهم (الأفراد والشركات) إلى الوضع الذي كانوا عليه قبل وقوع الخسائر (وعدم التعويض عن الربح، ما لم يكن متفقاً عليه، أو التعويض عن خسائر غير مؤمن عليها أو خسائر قائمة على الغش).

 

 

 

ضمن هذا الإطار المبسط فإن آلية التأمين تلعب دوراً مهماً في إدامة الإنتاج البسيط والموسع، بتعويض الأفراد (العمال، كأفراد وأرباب أسر) بما يصيبهم من أضرار والشركات (بأنواعها المختلفة) للتعويض عن المخزون من السلع الجاهزة للسوق، وعن أدوات الإنتاج (رأس المال الثابت) التي تتعرض للأضرار بفعل العامل البشري أو ديناميكية العملية الإنتاجية أو عوارض الطبيعة المدمرة.  (التأمين لا يعوض الخسائر الناتجة عن المضاربة في سوق الأوراق المالية أو الخسائر المرتبطة بتقلبات السوق كانخفاض الطلب على السلع).  وقد كتبت في مكان آخر في عرض أفكار ماركس عن التأمين ما يلي:[2]

 

 

 

يقول ماركس إن رأس المال الثابت هذا، منظوراً إليه من وجهة نظر موضوعية، يتعرض لحوادث معينة، ومخاطر في عملية إعادة الإنتاج.”  رأس المال الثابت يتعرض “لحوادث معينة” في عملية الإنتاج الأساسية، أثناء تكوين رأس المال العيني الثابت، وليس فقط في عملية إعادة الإنتاج.  في الواقع إن الحوادث يمكن أن تقع في مختلف المراحل الإنتاجية بضمنها النقل والخزن والمناولة.  هذه المقولة هي ذاتها التي ذكرها ماركس في نقد برنامج غوتا.  لكن ماركس هنا ليس معنياً بذلك بل بما تتركه الحوادث من آثار سلبية على عملية التراكم الرأسمالي، عملية إعادة الإنتاج.  والحماية التأمينية، كما هو الحال في الاقتصاد الرأسمالي القائم، تدخل كعنصر غير مباشر في الإنتاج من خلال توفير أرصدة نقدية، بمثابة تعويض، للخسائر المادية والمالية التي تتعرض لها وسائل الإنتاج.

 

 

 

التأمين ليس هبة إذ ارتبط دائماً، حتى في أشكاله الأولية، بمساهمة من نوع ما من المستفيدين من صندوق التأمين.  لذلك فإن إدامة الإنتاج يقتضي تخصيص مبلغ معين (قسط التأمين) لشراء الحماية التأمينية أو خلق صندوق للتأمين داخل المؤسسة الرأسمالية، كما ذكرنا في عرضنا لأفكار ماركس في كتابه نقد برنامج غوتا “لتوفير التعويض لرأس المال الثابت الذي يتعرض للحوادث ويستوجب التصليح أو الاستبدال؛ أو يستخدم مخصصات هذا الصندوق لشراء الحماية التأمينية من شركة تأمين مستقلة.  صندوق التأمين الذي يذكره ماركس هو المعادل لآلية التأمين الذاتي، أو في صورته العصرية هو شركة التأمين المقبوضة.  تأسيس شركات التأمين المقبوضة لها أسباب عديدة منها تدوير الأرباح داخل المؤسسة وهي تشكل أحد عناصر التكامل العامودي للمؤسسة الرأسمالية.[3]

 

 

 

هذه مقاربة أولية لأهمية التأمين في إعادة الإنتاج، قابلة للتعديل والإضافة ممن لهم علم أفضل بالاقتصاد السياسي الماركسي.

 

 

 

ذكر د. كاظم أيضاً أن التأمين “يوفر التوظيفات أو الاستثمارات المالية للتوسع في النشاط الاقتصادي والاجتماعي وتنمية ثروة المجتمع.”  وقد تناولنا بعض جوانب هذا الموضوع في دراسة سابقة.[4]  وبالنسبة للعراق فإن مساهمة قطاع التأمين في تكوين رأس المال الثابت لم يخضع للدراسة.  ونزعم بأن المساهمة ضعيفة وزادت ضعفاً بعد تدهور القطاع منذ الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، إذ أن حجم أقساط التأمين المتجمعة لشركات التأمين لا يتجاوز بضعة ملايين دولار، أقل مما هو في الأردن أو لبنان مثلاً.

 

 

 

قرارات التأميم لعام 1964

 

 

 

أفرد د. كاظم فقرات من مقالته الحوارية لقرارات التأميم، خلفيتها واستنساخها لقرارات التأميم في مصر خلال الفترة 1961-1964 وأنها

 

 

 

ساهمت في توسيع قاعدة قطاع الدولة وزيادة نشاطه ودوره في الإنتاج الصناعي وفي السياسة المصرفية والتأمين والتجارة عموما، ولكنها لم تغير من طبيعة قطاع الدولة الرأسمالي ولا من عدالة توزيع الدخل القومي أو منع تركز الثروة وإساءة كبيرة للقطاع الخاص العراقي والاقتصاد الوطني ولجم عملية الاستثمار الخاص في الاقتصاد الوطني، علماً بأن أغلب المشاريع الصناعية المؤممة كانت صغيرة أو متوسطة الحجم وملكيتها تعود للبرجوازية المتوسطة، كما إنها أضافت تبعات أخرى على قطاع الإدارة الاقتصادية الضعيف حينذاك للدولة العراقية.  وتأميم شركات التأمين كان بدوره لا معنى له، إذ كان في مقدور الحكومة العراقية تأسيس شركات خاصة بها، إن كانت راغبة بذلك، أو أن تدخل شريكاً مساهماً معها ومعززاً لنشاطها، علماً بأن شركات التأمين الخاصة كانت ناجحة فعلاً وفعالة وكسبت ثقة الناس بها.

 

 

 

ليس هناك اختلاف على التقييم العام لقرارات التأميم، ما خص منه تغول القطاع العام، وأضراره بالقطاع الخاص وتطوره اللاحق، وتوفر بدائل غير التأميم لتوجيه وبناء الاقتصاد الوطني.  لكن التحليل الدقيق لآثار تأميم شركات التأمين ربما يكشف عن جوانب أخرى، وهذا ما ذكرته في مقالة بعنوان “مقاربة لتاريخ التأمين في العراق: ملاحظات أولية”[5] وقلت فيها:

 

 

 

وجاءت قوانين التأميم في تموز 1964، التي شملت شركات التأمين، لتجهز على القاعدة الاقتصادية الضعيفة للرأسمالية الوطنية إذ لم تكن هناك ضرورة اقتصادية أو سياسية للتأميم وإنما جاء التأميم تقليداً لما جرى في مصر وهرولة نحو تطبيق مواقف إيديولوجية شعاراتية.  ما ترتب على تأميم شركات التأمين من نتائج على بنية سوق التأمين وتطوره اللاحق، سلبياً أو إيجابياً، يستحق الدراسة الموضوعية المتأنية قبل الاستغراق في إطلاق الأحكام، ونكتفي هنا بالقول إن السوق في هذه المرحلة أصبح حكراً على ثلاث شركات متخصصة هي شركة التأمين العراقية (تأمينات الحياة)، شركة التأمين الوطنية (التأمينات العامة) وشركة إعادة التأمين العراقية (إعادة التأمين).

 

 

 

 

 

 

 

وقد توسعت في دراسة آثار التأميم في مقالة لي بعنوان “تأميم قطاع التأمين في العراق 1964: مقدمة نقدية.”[6]  ومن بين ما استنتجته في ختام الدراسة (ص 136) أنه “كان بالإمكان التفكير بخيارات أخرى غير التأميم الذي كرّس سيطرة الدولة على ملكية مرافق اقتصادية كان الأفضل أن تترك تحت ملكية وإدارة القطاع الخاص.  هناك دور للدولة وهناك دور للقطاع الخاص وبينهما نماذج أخرى للملكية لم تجرِ الاستفادة منها، وهي التي لم تلقَ الاهتمام المطلوب من الاقتصاديين ومن أصحاب القرار في الماضي أو الحاضر لإصلاح النظام الاقتصادي وتداخله مع السياسي والاجتماعي.”

 

 

 

السياسة الاقتصادية والسياسة العامة والفساد: هل كان الفساد غائباً في قطاع التأمين قبل 2003؟

 

 

 

يتناول د. كاظم حبيب الفساد من خلال ربط السياسة الاقتصادية بالسياسة العامة، ونظراً لأهمية الموضوع ووضعه في إطاره الصحيح سأقتبس مطولاً مما كتبه، فهو يقول في البدء:

 

 

 

أدرك تماماً ومقتنع جداً بأن السياسة الاقتصادية في بلد ما تشكل الوجه الثاني للسياسة العامة للبلد ذاته، فهما وجهان لعملة واحدة، وحين يكون النظام السياسي فاسداً ومستبداً وفاقداً للشرعية الدستورية، فلا يمن أن يكون الاقتصاد نظيفاً وديمقراطياً ومنفذاً لإرادة مصالح الشعب. ومن عاش الاقتصاد في فترة البعث الطويلة الأمد، يدرك كيف كان الاستبداد والظلم والفساد منتشراً في قضايا العقود والنشاط التجاري

 

 

 

وبعد ذلك يناقش حضور الفساد من عدمه في قطاع التأمين كما يلي:

 

 

 

أعرف جيداً بأن الأستاذ الفاضل والخبير المهني الكبير، في مجال التأمين ورئيس الشركة الوطنية للتأمين الأخ عبد الباقي رضا، الذي أكن له كل الاحترام والتقدير، نظيف جداً وحريص على عمله ونزيه في عمله، وكذا الكثير من العاملين في جهاز التأمين التابع للدولة، ومنهم شخصكم الكريم، مصباح كمال. ولكن هذا لا يعني أن كل جهاز التأمين وإعادة التأمين والشركات العاملة في هذا القطاع كانت كلها نظيفةً ونزيهةً وحريصةً على أموال الدولة والمجتمع.

 

 

 

وحين تحدثت عن سيطرة الدولة على القطاعات الاقتصادية، بما فيها قطاع التأمين وإعادة التأمين، فاعتمادي يستند إلى طبيعة الدولة ومجمل السياسة الاقتصادية والاجتماعية ووجهتها في التنمية الانفجارية التي أقرتها حكومة البعث في المؤتمر القطري الثامن في العام 1974.

 

 

 

في مثل هذا النظام الدموي المستبد والفاسد والأهوج لا يمكن أن أتصور أن قطاع التأمين قد سلم من الفساد في أجزاء منه، إن لم يكن كله، وليس بالضرورة بمعرفة رئيس الشركة الوطنية للتأمين أو بعض العاملين فيه. واتفق تماماً مع ضرورة دراسة هذه الفترة والتمعن والتدقيق في الاتهامات الموجهة لقطاع التأمين ايضاً.

 

 

 

ليس من السهل مناقشة مقترب د. كاظم لموضوع الفساد في قطاع التأمين في فترة ما قبل 2003.  وقد يكون من المفيد هنا الإشارة إلى مصادر الفساد المالي والإداري المحتملة.  ويمكن إيجاز بعضها فيما يخص الفساد المالي بالآتي:

 

 

 

§  التلاعب بأقساط التأمين (تخفيضها دون وجه حق، على سبيل المثل) لصالح أشخاص معينين مقربين من مكتتب التأمين في شركة التأمين أو لهم علاقات مباشرة أو غير مباشرة بالسلطة الحاكمة.

 

 

 

§  التساهل في تسوية المطالبات بالتعويض، المشكوك بشمولها بغطاء وثيقة التأمين أو التي تنطوي على مبالغات في تقدير حجم الأضرار وتكاليف التصليح والاستبدال حسب مقتضى الحال، لخدمة وترضية أصحاب السلطة والمقربين منهم.

 

 

 

§  التواطؤ على تسوية مطالبات التعويض بأكثر من قيمتها الحقيقية ومن ثم اقتسام القيمة الفائضة عن القيمة الحقيقية بين مسوّي التعويض في شركة التأمين والمؤمن له.

 

 

 

§  حصر أعمال إعادة التأمين الاختياري، دون مبرر حقيقي، من قبل إدارة إعادة التأمين في شركة التأمين مع وسيط دولي لإعادة التأمين أو شركة إعادة تأمين دولية مقابل الرشى.

 

 

 

حسب تجربتنا في أواخر ستينيات ومعظم سنوات سبعينيات القرن الماضي لم نلحظ وجود مثل هذه الظواهر في شركة التأمين الوطنية.  كما أن نظام الاكتتاب وتسوية مطالبات التعويض كان مقيداً بحيث أن القرار لا يكون فردياً، محصوراً بشخص واحد.  ولعله من المفيد قراءة ما كتبناه عن أحد مكتتبي شركة التأمين الوطنية للتعرف على جوانب من العملية الاكتتابية ومنهج تسوية التعويضات.[7]

 

 

 

وقد يتخذ الفساد الإداري في شركات التأمين، على سبيل المثل، بعض الأشكال التالية.

 

 

 

§  تدخل الوزراء وغيرهم في تعيين أشخاص مرتبطين بهم عائلياً أو طائفياً أو قومياً في شركات التأمين العامة أو في مؤسسات تأمينية أخرى.

 

 

 

§      تعيين أفراد العائلة دون وجه حق وفي مواقع ليسوا مؤهلين لها.

 

 

 

§  ضم أفراد غير فنيين لا يتمتعون بمعرفة اللغة الإنكليزية، وسيلة التخاطب المعتمدة، إلى الوفود المرسلة للخارج للتباحث مع وسطاء إعادة التأمين أو شركات إعادة التأمين أو حضور دورات مهنية في التأمين.

 

 

 

§  منح قروض عقارية دون القيام بدراسات وتحقيقات عن شخص المقترض: موثوقيته كرجل أعمال، إمكانياته المالية، جدوى المشروع الذي يقوم به، تجربته السابقة في العمل الاستثماري   الخ.

 

 

 

§  التغاضي عن العقوبات المالية وغيرها المفروضة على البعض لا بل مكافأتهم بتعيينهم في مواقع وظيفية لا يستحقونها.

 

 

 

وكل هذه الأشكال من الفساد الإداري وغيرها قائمة الآن بفضل نظام المحاصصة الطائفية والاثنية التي تأسست مع الاحتلال الأمريكي عام 2003.

 

 

 

قد يرى البعض ان عقد مقارنة مع ما كان قائماً في عهد البعث ليس مناسباً من وجهة نظر سياسية وبالتالي يجب عدم الخوض فيه.  نعرف بأن هذا العهد، وكما يصفه د. كاظم، كان دموياً مستبداً وفاسداً وأهوجاً، ولا خلاف في هذا التقييم لكن البحث التاريخي يستدعي الوقوف أمام بعض التفاصيل، وما يخصنا منها ينصبُّ على قطاع التأمين الذي كان حكراً على القطاع العام بشركاته الثلاث منذ 1964 وحتى 1997.  وقد كان د. كاظم حبيب أميناً لحسه التاريخي بقوله “واتفق تماماً مع ضرورة دراسة هذه الفترة والتمعن والتدقيق في الاتهامات الموجهة لقطاع التأمين.”

 

 

 

نكتفي هنا بذكر تجربتنا في التعين في شركة التأمين الوطنية (1968) في عهد الأستاذ عبد الباقي رضا.[8]  وكذلك التمعن في حقيقة أن الأستاذ عبد الباقي رضا، مدير عام شركة التأمين الوطنية (1978-1966)، والدكتور مصطفى رجب، مدير عام شركة إعادة التأمين العراقية (1980-1960)، احتفظا بمنصبيهما دون أن تكون لهما أية علاقة بحزب البعث   ومن رأينا أن الصورة ليست دائماً بهذا الصفاء فربما هناك ما ينتقص منها، ولن نعرف ذلك إلا من خلال البحث الذي لا يخاف من نتائجه.

 

 

 

وضع رؤية علمية حديثة ومتقدمة، شاملة وموضوعية، لنشاط التأمين بالعراق

 

 

 

كتب د. كاظم حبيب ما يلي:

 

 

 

حين أتحدث عن التأمين وإعادة التأمين أقصد به مجالات التأمين كافة، ولهذا أطالب بوضع رؤية علمية حديثة ومتقدمة، شاملة وموضوعية، لنشاط التأمين بالعراق وفي جميع جوانبه وفي علاقته العضوية مع جميع فروع الاقتصاد الوطني وقطاعاته والمجتمع والرعاية الاجتماعية، إذ أن الوعي بأهمية ودور وفوائد التأمين ليس مغيباً عند الناس البسطاء حسب، بل وعند جميع الأوساط الحاكمة بالعراق. ومن المؤسف حقاً أن تفتقد مسودة برنامج الحزب الشيوعي العراقي لفقرة خاصة تشير إلى دور التأمين وأهميته للاقتصاد والمجتمع بالعراق، وأعتقد أن مؤتمره العاشر سيضيفها إلى البرنامج.

 

 

 

لقد قام العديد من مستشاري حكومات ما بعد 2003 بجهود غير معلنة لتطوير قطاع التأمين، وحشر البعض الآخر نفسه، من داخل قطاع التأمين وخارجه، وبنية حسنة، في تناول هذا الموضوع.  لكنه من المؤسف أن تشاور هؤلاء مع “أركان” التأمين، في الداخل أو الخارج (هناك عدد كبير من ممارسي التأمين العراقيين في الخارج يحتلون مواقع مهمة ولديهم معارف وخبرات واسعة) إما كان ضيقاً أو مفقوداً.  إضافة إلى ذلك فإن الدراسات التي قاموا بإعدادها لم تنشر وبذلك فقد ضاعت الفرصة لمناقشة أطروحات تطوير القطاع.

 

 

 

وكما بيّنتُ في أكثر من مقالة منشورة في مجلة التأمين العراقي وموقع شبكة الاقتصاديين العراقيين، حول برامج الحكومات وبيانتها التي تضم إشارات غير مكتملة للتأمين وغير مقترنة بدراسات معمقة، فإن الأوساط الحاكمة، على المستوى الاتحادي ومستوى إقليم كوردستان، ليست لها رؤية تجاه النشاط التأميني الوطني.  وقل مثل ذلك بالنسبة للبرلمان.

 

 

 

التأمين هو يتيم القطاع المالي رغم أهميته الكامنة في إدامة الإنتاج المادي في القطاعات الأخرى، والمساهمة في الخروج من أسر القيم العشائرية في التعامل مع ما يقع بين الناس من اختلاف عند وقوع الأضرار والإصابات، وتجميع الأرصدة القابلة للاستثمار.

 

 

 

أما الأحزاب فإن موضوع التأمين غائب عن تفكيرها حسب المعلومات المتوفرة لدينا باستثناء الحزب الشيوعي العراق الذي أبدى اهتماماً متقطعاً بالنشاط التأميني.[9]

 

بول بريمر ودوره السيئ في الاقتصاد العراقي، وبضمنه التأمين وإعادة التأمين

 

 

 

يقول د. كاظم:

 

 

 

لقد لعب بريمر دوراً سيئاً في الاقتصاد العراقي، وبضمنه التأمين وإعادة التأمين، وترك آثاره السلبية والسيئة على الوضع كله.

 

 

 

لقد حاولت في أكثر من مقالة تتبع الإجراءات التي أقدم عليها بول بريمر لإعادة هيكلة قطاع التأمين العراقي، وكان في باله ومستشاريه، أساساً، الشركات العامة الثلاث (شركة إعادة التأمين العراقية، شركة التأمين الوطنية، شركة التأمين العراقية).

 

 

 

ففي المسودة الأولى لقانون تنظيم أعمال التأمين، المكتوبة باللغة الإنكليزية، أعد الخبير الأمريكي المعتمد نصاً أميناً لليبرالية الجديدة في مجال التأمين.  وقد تم التخفيف من آثارها عند إعداد النص العربي.  وقد تتبعت ذلك في عدد من الدراسات جمعتها في كتاب.[10]  وقبل ذلك قام بمحاولة “العلاج من خلال الصدمة” وفي غضون بضعة أشهر من خلال إعادة هيكلة سوق التأمين العراقي.  وفي دراستي للموضوع في 2004 ذكرت الآتي:

 

 

 

إن تفكيك الشركات العامة الثلاث وتحويلها إلى شركات متخصصة يعكس السياسة العامة لسلطة الأتلاف المؤقتة لخصخصة الاقتصاد.  ومن هنا منشأ خطة خصخصة شركتي التأمين العامتين على مرحلتين وإلغاء شركة إعادة التأمين ضمن الإطار العام لإعادة هيكلة الاقتصاد العراقي المنوط بالشركة الاستشارية بيرنغ بوينت.  وهكذا سيجري الاكتتاب العام بـ 49% من أسهم الشركات الأربع الجديدة عند تأسيسها وإبقاء 51% من الأسهم للدولة مؤقتاً كي تُعرض للاكتتاب العام في نهاية 2004.  ليست هناك وثائق معلنة تصفُ هذه التغييرات الجذرية المقترحة، أو تُفصّل الحجج الاقتصادية لإصلاح قطاع التامين والأسباب التي تستدعي ضرورة تفكيك شركتي التأمين المباشر لخصخصتها وإلغاء شركة إعادة التأمين.[11]

 

 

 

حقاً كان دور بريمر سيئاً كما يشهد عليه مراحل إعداد قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005، فقد وضع هذا القانون، رغم إيجابياته في مجالات معينة، الأساس لتجاوز شركات التأمين العراقية، مثلما ساهم دعاة الليبرالية الجديدة في حكومات المحاصصة في تأكيد هذا التجاوز بصيغ مختلفة: الحرية في التأمين خارج العراق، كما هو الحال في تأمين الاستثمارات، عدم نص عقود الدولة على فقرة التأمين (بعض العقود خالية تماماً من إي إشارة للتأمين)، صياغة عقود الاستيراد على أساس سيف (CIF)، إهمال موضوع التأمين في مشاريع القوانين (كمشروع قانون صندوق الإعمار والتنمية العراقي، ومشروع قانون شركة النفط الوطنية العراقية).  وما زال قطاع التأمين العراقي يعاني من آثار هذا القانون.

 

 

 

ثقافة التأمين ما بين الإنسان العراقي وأصحاب القرار في دولة المحاصصة

 

 

 

يدعو د. كاظم حبيب إلى

 

 

 

كتابة مقالات مبسطة تصل إلى الإنسان العراقي في مجال التأمين، وأملي أن يقوم الأستاذ الفاضل مصباح كمال، وخبراء تأمين أخرين بهذه المهمة، لأن المسؤولين الحاليين لا أمل فيهم في تطوير قطاع التأمين، باعتباره جزءاً حيوياً وأساسياً وضرورياً من الاقتصاد العراقي ولا يجوز التعويل عليهم.

 

 

 

تضم هذه الدعوة عدة أفكار يمكن معالجتها تحت عنوانين:[12]

 

 

 

أولاً، تكثيف الوعي بالتأمين وإشاعة الثقافة التأمينية في المجتمع من خلال مقالات مبسطة.

 

 

 

هناك مقالات مبسطة عن التأمين يمكن قراءة البعض منها في المواقع الإلكترونية مثلما يمكن متابعتها في بعض الكتب التأمينية المنهجية.  ومن رأي أن الثقافة التأمينية مسألة تتجاوز كتابة المقالات المبسطة أو الأكاديمية.  فهناك فقر في وعي دور المؤسسات في تنظيم وإدامة الإنتاج وتقديم الخدمات.  نجد ذلك في نقص الوعي بالتأمين مثلما نجده في نقص الوعي بالوظيفة الضريبية للدولة.

 

 

 

يرُجِع البعض تدني الوعي التأميني إلى الحرب العراقية الإيرانية (1988-1980) والغزو العراقي للكويت (1990) وما تبعه من تحرير الكويت، والغزو الأمريكي للعراق (2003).  ويمكن أن نضيف إليها سنوات العقوبات الدولية (2003-1990) التي ساهمت بشكل مباشر في تآكل دخل المواطنين وإفقارهم بحيث صار شراء الحماية التأمينية ترفاً لا يقدر عليه إلا قلة منهم.  لكن هذه الإحالة لم تقترن بدراسة موثقة تجمع بين السبب والنتيجة إذ أنها وردت في سياق مقابلات صحفية سريعة، وغالباً ما يتركز التعليل على مقارنة بين الوضع القائم وما كان عليه في سبعينيات القرن الماضي.  لا تتوفر لدينا الإحصائيات لقياس مستوى الوعي التأميني في تطوره التاريخي فهذه مهمة بحثية تقع خارج إمكانياتنا الحالية.

 

 

 

يتعين علينا أن نتذكر بأن التأمين سلعة غير منظورة، هو وعدٌ بتعويض المؤمن له في المستقبل إن تعرَّض هو أو أسرته أو أمواله إلى ضرر.  معظم الناس لا يستشعرون الحاجة لمثل هذا الوعد دونكم توفر القدرة المالية لديهم على شراء هذا الوعد.  هم أكثر قناعة، بفعل الموروث الديني، وبقراءة سلبية له، بالقبول بالقضاء والقدر: “قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ.” (سورة التوبة، الآية 51)

 

 

 

ديوان التأمين مُلزم بقوة القانون للقيام بدوره في مجال زيادة الوعي التأميني.  فقد جاء في المادة 6-البند 4 من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 أن الديوان يهدف إلى:

 

 

 

تنظيم قطاع التامين والاشراف عليه بما يكفل تطويره وتامين سوق مفتوح وشفاف وامن ماليا، وتعزيز دور صناعة التامين في ضمان الاشخاص والممتلكات ضد المخاطر لحماية الاقتصاد الوطني ولتجميع المدخرات الوطنية وتنميتها واستثمارها لدعم التنمية الاقتصادية، وله في سبيل ذلك القيام بالمهام الاتية:

 

 

 

زيادة الوعي التأميني وإجراء الدراسات والبحوث التأمينية وطباعتها.

 

 

 

المعلومات المتوفرة لا تدل على أن الديوان قد قام بتنفيذ مهمة زيادة الوعي، أو إجراء الدراسات والبحوث التأمينية، وهذه من شأنها أن توسع دائرة الاهتمام بالتأمين خارج نطاق شركات التأمين.

 

 

 

ومن رأي أن ديوان التأمين وجمعية التأمين العراقية، التي تمثل شركات التأمين، ليس لديها برنامج خاص بنشر ثقافة التأمين.  صحيح أن بعض الشركات تلجأ إلى الإعلان التجاري أو الاتصال ببعض الشركات والمنظمات بهدف بيع وثائق التأمين لها أو التعاون معها بهذا الشأن فيما يخص أعضاء هذه التنظيمات، إلا أن هذا الجهد ينصبُّ على التعريف بشركة التأمين وبمنتجاتها من وثائق التأمين.  وهذا الجهد يقابله ما تقوم به جمعية التأمين من خلال الندوات والمحاضرات التي تنحصر فائدتها بمنظميها وبعض المشاركين فيها.

 

 

 

فقر ثقافة التأمين يعكس نفسه في ضعف وربما أحياناً غياب الحملات الإعلانية المركزة، والمتخصصين الاستشاريين في شؤون التأمين، أو المحامين المتخصصين في تفسير عقود التأمين، ومقيّمي الأصول لأغراض التأمين، والكاشفين على الأخطار المعروضة للتأمين (ومعظم هؤلاء لا يرقون في مهاراتهم الفنية إلى ما هو متوقع منهم مهنياً وبالمقارنة مع ما هو متوفر عالمياً)، والصحفيين الذين يتمتعون بمعرفة تأمينية رفيعة.

 

 

 

ويجد هذا الفقر انعكاساً له في غياب مجلة تأمينية إلكترونية أو ورقية بعد توقف مجلة (رسالة التأمين) أواخر ثمانينيات القرن الماضي.  مثلما ينعكس في غياب حملات أسبوعية أو شهرية، حسب الحاجة، لترويج منتجات تأمينية محددة.  (لم تقم أية شركة للتأمين بنشر المعرفة عن تأمينات الحياة من خلال حملات خاصة للتوعية.  مثال ذلك شريط فيديو للتوعية بتأمينات الحياة).  وكذلك إجراء مسح ميداني حول الموقف من الخطر (الخطر الطبيعي، الخطر في المسكن وفي موقع العمل)، والوسائل التي يلجأ لها الناس للتدبر ضد آثار الخطر، ومكانة التأمين ضمن هذه الوسائل … الخ.

 

 

 

ونجده أيضاً بالحضور الضعيف أو الغائب عند وقوع حوادث كبيرة، قد تكون لها تداعيات تأمينية، كاحتلال داعش للموصل، وحادث التفجير الإرهابي في الكرادة، أو حوادث تفجير/انفجار عدد من آبار النفط.  كما نجده في الصمت المطبق من قطاع التأمين عند وضع مشاريع لقوانين لها آثار تأمينية على سبيل المثل، مشروع قانون شركة النفط الوطنية العراقية ومشروع قانون صندوق الإعمار والتنمية العراقي.  كما أن قطاع التأمين غائب عند إعداد موازنة الحكومة.  ثم أن علاقة شركات الـتأمين والجمعية والديوان بوكالات الأنباء والصحف ضعيفة ويباشرها الصحفيون.  وأكاد أن أجزم أن شركات التأمين والجمعية والديوان ليس له موظف مختص لإصدار البيانات الصحفية عن شؤون عامة ذات علاقة بالتأمين، أو إطلاق منتج تأميني، أو تنظيم فعالية معينة.  بعبارة أخرى، فإنها تفتقر إلى التواصل مع الجمهور، ومع الشركات الصناعية والتجارية، والدوائر الحكومية وغير الحكومية.

 

 

 

وباختصار، فإن التأمين يكاد أن يكون غائباً في الحياة العامة إلا من خلال شراء نسبة صغيرة من السكان لوثائق التأمين، وهو موضوع يستحق من يبحث فيه.  ولعله من المفيد الإشارة إلى أن الوعي بمؤسسات أخرى للدولة الحديثة لا تقتصر على التأمين بل تشمل أيضاً ما يمكن تسميته بالوعي الضريبي.  وقد حاولت في بعض دراساتي المنشورة الإشارة إلى هذا الغياب لدى الأحزاب السياسية العراقية.

 

 

 

ثانياً، المسؤولين الحاليين لقطاع التأمين لا أمل فيهم في تطوير القطاع، لأن رؤيتهم قاصرة ولا ترى مؤسسة التأمين كجزء حيوي وأساسي وضروري من الاقتصاد العراقي.

 

 

 

لم يحدد لنا د. كاظم من هم المسؤولون عن قطاع التأمين، وهو موقف مفهوم بفضل طبيعة مقالته.  وأرى أن هؤلاء ممثلون بالآتي: ديوان التأمين العراقي، شركات التأمين وإعادة التأمين العامة (ثلاث شركات)، وشركات التأمين الخاصة (حوالي 30 شركة).  ويمكن أن نختصر الفئتين الأخيرتين بجمعية التأمين العراقية التي تضم في عضويتها جميع شركات التأمين.  وليست هناك مؤسسات تأمينية في العراق غير هذه.

 

 

 

ديوان التأمين، الجهاز الرقابي، ولد هزيلاً سنة 2005، وكغيره من مؤسسات ما بعد الاحتلال الأمريكي لم يتطور إذ اقتصر دوره على إصدار التعليمات وبعض الرسائل التنظيمية، وظل موقع رئيس الديوان قائماً بالوكالة حتى اليوم، وعلى أساس يزعم بأنه طائفي.  ووصل الأمر إلى أن من يحتل موقع رئيس الديوان وكالة هو في نفس الوقت مدير عام أصالة لشركة تأمين عامة، وهو ما يتناقض مع ما لا يجوز لأن الجمع بين هذين الموقعين فيه تضارب في المصالح.  الديوان هو في أسفل هيئات الرقابة في العالم العربي دونكم الهيئات العالمية، من حيث فعاليته في الإشراف على النشاط التأميني.  لم يصدر الديوان منذ تأسيسه ورقة موقف تجاه أية قضية تأمينية أو مسألة لها علاقة بالتأمين.  موقعه الإلكتروني توقف عن العمل.  ويؤدي مهامه المحددة في قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 كأي جهاز بيروقراطي.

 

 

 

جمعية التأمين العراقية ليست بأحسن حال من الديوان فهي الأخرى لم تطور عملها إلا في حدود ضيقة كتنظيم دورات تدريبية وعقد بعض اللقاءات، إلا أن حضورها في المجتمع، كالديوان، غائب أيضاً.  وهي كالديوان لا تعير اهتماماً حقيقياً بما له علاقة بالنشاط التأميني إذ أن دائرة اهتمامها محصورة بمصالح أعضائها وليس مكانة التأمين في الاقتصاد الوطني.  وهي ومنذ تأسيسها سنة 2005 لم تقم بإصدار مجلة تأمينية ورقية أو إلكترونية يمكن أن تساهم في إشاعة وعي تأميني خارج دائرتها الضيقة.

 

 

 

أما شركات التأمين فهي مهتمة بتحقيق الأرباح والحفاظ على حصتها من أعمال التأمين في السوق.  ليس لمعظمها خطط عمل سنوية واستراتيجية، وكوادرها دون المستوى المطلوب فنياً.  يكتشف المرء ذلك من قراءة ما يصدر منها من رسائل وتقارير بالعربية أو الإنكليزية.

 

 

 

نعرف بأن التخطيط المركزي صار موضوعاً للإدانة، وحتى التخطيط التأشيري لا يجد له حضوراً.  وهكذا لم يشهد قطاع التأمين تخطيطاً أو سياسة معينة تروج لها الحكومة.  ويتخبط مستشارو الحكومة بتقديم أفكار لإدخال هذا المنتج التأميني أو ذاك ودعم شركات القطاع الخاص ثم لا نسمع شيئاً عنها.

 

 

 

حكومات ما بعد 2003 مهووسة بالاقتصاد الحر وبمفاهيم الليبرالية الجديدة لكنها وبرغم هذا الهوس لم تقدم على ما يساعد في النهوض بقطاع التأمين وتوطين النشاط التأميني.  هي لم تعمل على تعديل المواد الضارة بالقطاع في قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005.  وهي لم تُعر اهتماماً حقيقياً بإجراء التأمين من قبل المستثمرين مع شركات تأمين عراقية إذ تركت لهم حرية التأمين في العراق أو خارجه (الموقف ذاته ينطبق على قانون الاستثمار في إقليم كوردستان).  وحتى أحكام التأمين في عقود جولات التراخيص صيغت بشكل بحيث صار دور شركات التأمين العراقية مهمشاً.  وهكذا فشلت هذه الحكومات في خلق البيئة القانونية لعمل شركات التأمين وحرمتها من فرصة تطوير أعمالها.

 

 

 

هناك أزمة في إدارة الدولة ومؤسساتها مثلما هناك أزمة في إدارة الاقتصاد “الوطني” ولذلك فإن وضع قطاع التأمين يشكل صورة مصغرة لمثل هذه الأزمة.

 

 

 

4 كانون الثاني/يناير 2016

 


[1] على سبيل المثل، موقع مركز الدراسات والأبحاث العلمانية في العالم العربي:

http://www.ssrcaw.org/ar/show.art.asp?t=2&aid=539853

[2] مصباح كمال، مؤسسة التأمين: دراسات تاريخية ونقدية (بيروت: منتدى المعارف، 2015)، ص 171-172.

[3] مصدر سابق، ص 172-173.

[4] مصباح كمال، التأمين في كوردستان العراق: دراسات نقدية (مكتبة التأمين العراقي، 2014)، ص 12-32.

[5]           نشرت هذه المقالة في مجلة الثقافة الجديدة، بغداد، العدد 328، 2008، ص 67-76 وهذا هو الرابط:

http://www.althakafaaljadeda.com/328/15.htm

ونشرت كذلك في مجلة التأمين العراقي الإلكترونية:

http://misbahkamal.blogspot.com/2009/04/328-2008-67-76.html

 

[6] مصباح كمال، أوراق في تاريخ التأمين في العراق: نظرات انتقائية (بغداد: منشورات شركة التأمين الوطنية، 2011)، 136-109.  النسخة الإلكترونية من الكتاب متوفرة في المكتبة الاقتصادية، شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2015/03/History-of-Insurance-in-Iraq-selected-perspectives-electronic-edition.pdf

 

[7] مصباح كمال، “مؤيد الصفار: مكتتب ومدير في شركة تأمين عامة،” الثقافة الجديدة، العدد 380، كانون الثاني 2016، ص 57-66.  نشرت المقالة أيضاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين ويمكن قراءة النص باستخدام هذا الرابط:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2016/04/Misbah-Kamal-Mouayyad-Al-Saffar-manager-and-undewriter-in-a-state-owned-insurance-com-final.pdf

أو

https://www.academia.edu/24641469/Mouayyad_Al-Saffar_Manager_and_Underwriter_in_a_State-Owned_Insurance_Company

 

ولي مقالة تلقي بعض الضوء على أحد مظاهر الفساد في قطاع التأمين في فترة ما بعد 2003: مصباح كمال، “وصل القبض بديلاً عن التأمين،” مجلة التأمين العراقي

http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2013/02/receipt-voucher-or-insurance-policy.html

[8] أنظر: عبد الباقي رضا، فاروق يونس ومصباح كمال، “شذرات من التاريخ المروي والذكريات الشخصية حول التأمين في العراق،” شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2015/08/Authors-team-Fragments-from-the-History-of-Insurance-in-Iraq-final-editing.pdf

لدي مجموعة من رسائل الأستاذ عبد الباقي رضا، مجموعة كمسودة لكتاب بعنوان رسائل في السيرة الذاتية والتأمين لم ينشر بعد، تضم وقائع مهمة في إدارته لشركة التأمين الوطنية في عهد البعث.

[9] مصباح كمال، الاحزاب العراقية والتأمين: قراءة أولية في موضوعة حضور وغياب التأمين – الحزب الشيوعي العراقي نموذجاً (مكتبة التأمين العراقي، 2016).  الكتاب متوفر في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2016/09/Iraqi-Political-Parties-and-Insurance-The-Communist-Party-as-a-Model.pdf

 

[10] مصباح كمال، قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: تقييم ودراسات نقدية (بغداد: منشورات شركة التأمين الوطنية، 2014).  نشرت النسخة الإلكترونية في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين.

 

[11] MEES (Middle East Economic Survey) Vol. 47. No. 19 (10 May 2004) pp D1-D5

نشرت الدراسة أيضاً تحت عنوان “ملاحظات نقدية حول إعادة هيكلة سوق التأمين العراقي،” الثقافة الجديدة، العدد 314، 2005، ص 48-58.

 

[12] كتبت الفقرات التالية أصلاً كجزء من مقابلة أجراها السيد مصطفى الهاشمي، المحرر الاقتصادي لجريدة الصباح، معي في كانون الأول 2016.

 

May Muzaffar: My Experience at the Iraq Reinsurance Company

 

شهادتي عن

 

تجربتي في شركة إعادة التأمين العراقية

 

 

 

 

 

مي مظفر

 

 

 

 

 

نشرت لأول مرة في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

 

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2017/02/مي-مظفر-شهادتي-عن-تجربتي-في-شركة-إعادة-التأمين-العراقية.pdf

 

 

 

 

 

أجمل تحية وألف شكر على تحويل ما كتبه أستاذنا الفاضل الدكتور مصطفى رجب حول تأسيس شركة إعادة التأمين العراقية،[1] ويسعدني، وأنا أسمع صوت الماضي قادماً من بعيد، أن أقدم شهادتي المتواضعة عن تجربتي في شركة إعادة التأمين العراقية ومواكبتي لتطورها الكبير بإدارة هذا الشخص الفذ. بل أعتقد أن من الواجب أيضا بيان وجه من وجوه مرحلة زمنية كان العراق فيها زاخرا بعلمائه ومبدعيه على كل صعيد، زمن تحلى نساؤه ورجاله بالروح الوطنية والتطلع إلى بناء مستقبل باهر. يومها كان للعراق أفق مستقبلي، يؤسفني القول أنه اختفى اليوم، أو يكاد، تحت ظلام الفوضى والدمار.

 

 

 

التحقت بالعمل في شركة إعادة التأمين في الأول من تشرين الأول 1961، عندما كانت مؤسسة فتية، ومشروعا رائداً في العراق، كانت مدخلي إلى الحياة العملية، محاطة بعدد قليل من الموظفين سرعان ما أصبحنا أسرة واحدة.

 

 

 

كنت قد تخرجت حديثا من كلية الآداب حاصلة على بكالوريوس الأدب الإنجليزي، مليئة بالطموح إلى الدخول إلى عالم الأدب. لكن الظروف المتاحة آنذاك وضعتني داخل هذا المسار الغريب عني اسما وطابعا. فقد كانت الشركة بحاجة إلى من يحسن الإنجليزية، وكنت بحاجة إلى عمل. قبل التوجه إلى لقاء مديرها العام، أخبروني بأنني سأعمل مع قامة علمية عالي الكفاءة، نبيل الخلق من أهل البصرة.

 

 

 

في أول مقابلة معه، أحسست أنه لم يكن مقتنعاً بي، وأعتقد أن الحاجة الماسة جعلته يمنحني فرصة للعمل. فكان ذلك عامل تحدٍ دفعني إلى أن أثبت له جدارتي، أو إخفاقي. كنت ورقة بيضاء، مثل الكثيرين الذين جاءوا بعدي وربما قبلي. فكان الدكتور مصطفى أول من وجهني، ووضع لي منهجا أسير عليه من الجانبين العملي والنظري.

 

 

 

في تلك المرحلة المبكرة كنا نتدرب مع خبيرة تأتينا من شركة التأمين الوطنية وهي الآنسة سعاد برنوطي، التي حصلت فيما بعد على بعثة حكومية ونالت الدكتوراه في مجال التأمين من أمريكا. ثم جاءنا خبير من الشركة السويسرية لإعادة التأمين يدعى ألبرت كونز، تولى التدريب العملي كما عقد دورة نظرية، ضمت الموظفين الفنيين غير أن الدورة لم تستمر بسبب تفاوت قدراتهم اللغوية. فرأى الدكتور مصطفى أن من الأفضل إيفاد الموظفين للتدرب في الشركة السويسرية لإعادة التأمين. في الوقت نفسه، ولاهتمامه بالجوانب العلمية، كان يوجه الموظفين للدراسة عن طريق المراسلة من أجل الحصول على شهادة مهنية Chartered Insurance Certificate بإشراف المعهد الثقافي البريطاني في بغداد. فقد كان الطموح العلمي واحداً من معايير الترقية في سياسة الشركة تحت إدارته، بل أصبح من الواضح أن من لا تتسم به شروط اللحاق بالمستوى المطلوب يظل على الهامش.

 

 

 

حين راهن الدكتور مصطفى على إقامة مؤسسة تضاهي الشركة السويسرية لإعادة التأمين، ربح الرهان خلال زمن قياسي. وظلت الشركة تنمو وتتوسع محافظة بشدة، في ظل إدارته، على الدقة في العمل والأمانة والحرفية العالية. فهو لم يكن مجرد رئيس عمل، بل كان مُعلماً حريصاً على إيصال المعرفة إلى العاملين معه، كما كان أحيانا أبا موجهاً لهم من أصغر شيء إلى أكبره بما في ذلك السلوك والهندام. معاييره في الاختيار كانت صارمة، وبذكائه الفذ وذهنه المتقد يدرك مكامن طاقات العاملين معه ويعرف كيف يستثمرها ويطورها. بل كان يراجع كل صغيرة وكبيرة ينتجها العاملون، وسبحان الله سرعان ما كان يلتقط الخطأ ولو كان بين مئات السطور وعشرات الجداول.

 

 

 

أتحدث عن خبرة شخصية من خلال عملي القريب معه على مدى ثمانية عشر عاماً. كان قد نسّبني لمتابعة شؤون قسم الأبحاث الذي كان شديد الاهتمام به كونه مركز وثائق الشركة برمتها، ويحتوي على المكتبة وعلى الدوريات المتخصصة والصحف الأجنبية، وتوزيعها على الأقسام حسب ما يرد فيها من دراسات كل حسب تخصصه. وكنت أوثق كل شيء ضمن بطاقات خاصة.

 

 

 

في منتصف الستينيات قرر إصدار مجلة شهرية، وبطبيعة الحال كان هو رئيس تحريرها، وكنت أقوم بالمهام التي يقوم بها عادة سكرتير التحرير في المتابعة والمراسلة مع المتخصصين العراقيين والعرب، وتحرير الجزء الخاص بالأخبار المهمة على الصعيدين العربي والعالمي، كما تردنا في دوريات التأمين، فضلا عن ترجمة المقالات المنتقاة، ودائما تحت إشرافه وتوجيهاته. كانت المجلة التي عرفت بنشرة التأمين متواضعة في إخراجها، تطبع بطريقة الرونيو، ويجري جمعها وتصحيفها في قسم الأبحاث بعدد لا يتجاوز 500 نسخة، ثم ترسل بالبريد إلى جهات كثيرة منها الجامعات. وسرعان ما نالت رواجاً كبيراً وأصبحت رافداً ومرجعاً للباحثين والطلاب. حين يكتمل العدد، ويرتب، يأتي الدكتور مصطفى للتحقق من سلامة العمل. كان يسحب نسخة من بين كومة النسخ بلا تحديد، وقلوبنا، أنا وزملائي في القسم، واجفة راجفة، وإذا به يجد في تلك النسخة خطأ في التصحيف أو في اسم ما مثلا، إن لم يجد أخطاء أخرى. وكان الله في العون.

 

 

 

أنا مدينة لهذه المؤسسة بالكثير، وللدكتور مصطفى رجب شخصياً في توجيهي نحو كيفية القيام بالبحث والعمل الدؤوب والتزام الدقة (أُسميه ساعة سويسرية)، الأمر الذي ساعدني على صياغة حياتي والتحكم بالوقت. وهذه حقيقة أكررها دائماً حين أسأل عن طبيعة حياتي المنظمة. لم أتعلم منه النظام فقط، وإنما الكمال في الأداء، حتى أدمنته.

 

 

 

حين حتّمت عليَّ ظروفي الشخصية أن أترك العمل للتفرغ للأدب، وكان ذلك في تشرين الأول 1979، كانت شركة إعادة التأمين قد حققت ذروة نجاحها، وأصبحت شركة عالمية بامتياز، وأرقى مؤسسة عربية بلا منازع.

 

 

 

ألف تحية له، وبارك الله بعمره وجهوده.

 

 

 

مي عباس مظفر

 

عمّان 15 شباط 2017

 

 


[1] بعد نشري لرسالة الدكتور مصطفى رجب حول أصول شركة إعادة التأمين العراقية  (أنظر الروابط أدناه)

http://iraqieconomists.net/ar/2017/02/12/%d8%af-%d9%85%d8%b5%d8%b7%d9%81%d9%89-%d8%b1%d8%ac%d8%a8-%d8%a3%d8%b5%d9%88%d9%84-%d8%b4%d8%b1%d9%83%d8%a9-%d8%a5%d8%b9%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a3%d9%85%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84/

 

https://iraqinsurance.wordpress.com/2017/02/12/dr-mustafa-rajab-on-the-origins-of-iraq-reinsurance-company/

 

كتبت السيدة مي مظفر شهادتها عن تجربتها في الإعادة العراقية رفقة هذه الرسالة بتاريخ 15 شباط 2017:

 

“عزيزي مصباح

 

كل الشكر والامتنان على هذه الفرصة التي أتحتها لي للتحدث عن جانب من تجربتي في شركة إعادة التأمين العراقية.

 

ويشرفني أن أرفق هنا هذه الشهادة المتواضعة بحق أستاذنا الدكتور مصطفى رجب، عالم من علماء العراق الأفذاذ، ونموذج للتفاني في العمل الدؤوب من أجل إعلاء شأن البلاد.

 

وبارك الله بجهودك ومسعاك لتوثيق تاريخ هذا الرافد الاقتصادي الحيوي.

 

تقبل مني أجمل تحياتي

 

مي مظفر”

 

وجواباً على سؤالي فيما إذا كان زوجها المرحوم رافع الناصري قد كلف من قبل إدارة شركة إعادة التأمين العراقية برسم لوحات لتزيين بناية الشركة في ساحة الخلاني كتب التالي:

 

اسعد الله أوقاتك عزيزي مصباح

 

يشرفني ان تنشر شهادتي فقد كتبتُ من اجل تنبيه الأجيال وإعلامهم عن الجوانب المضيئة للعراق ولا سيما الأجيال التي لم تَر غير الوجه المظلم منه.

 

اما عن سؤالك حول الاعمال الفنية في الشركة فالجواب هو نعم ولكن لم يكن رافع وحده.

 

كانت مناقصة تشيد مبنى للشركة قد رست على مكتب المعماري المعروف هشام منير، وكان من ضمن التصميم ادخال أعمال فنية لتكون جزءا من التصميم الداخلي للمبنى، واقترح تكليف كل من الرسامين ضياء العزاوي ورافع الناصري والنحاتين إسماعيل فتاح الترك ومحمد غني حكمت، وجميعهم من الفنانين المحدثين الذين ذاع صيتهم منذ منتصف ستينيات القرن الماضي، وكانت بادرة غير مسبوقة حسب علمي. كما حدد لهم استيحاء موضوعهم من فكرة التأمين والأمان.

احتل تمثال اسماعيل، الذي يعد واحدا من اهم واجمل ما أنتج على واجهة المبنى، وهو من البرونز ويتألف من قطعتين متكاملتين احداهما نحت مدور معلق وخلفه لوحة برموز مسمارية ثبتت على الحائط، وقدم محمد غني جدارية من البرونز بنحت بارز عليها أشكال رمزية ايضا احتلت الجدار الداخلي لمدخل العمارة، كما وضعت لوحة رافع الناصري التي امتدت على عرض الجدار في الطابق السادس، وكان لسعة حجمها قد نفذها في الموقع نفسه، ووضعت لوحة العزاوي على جدار في الطابق الثامن، حيث يقع مكتب المدير العام، وسرعان ما رفعت بسبب غموض تكوينها. وبعد بضعة أعوام رفعت لوحة رافع ايضا ولم يعد يعرف مصيرهما.

 

لقد ثبت هذه المعلومات في كتابي الذي صدر في ٢٠١٦ عن الفن الحديث في العراق، حين تحدثت عن التعاون الذي نشا بين المعماريين والفنانين.

 

كل الشكر باهتماماتك الدقيقة، مع تحياتي واحترامي.

 

مي مظفر”

 

للتعرف على الفن المعماري لمكتب هشام منير راجع: د. خالد السلطاني “عمارة مكتب هشام منير: مهنية المنجز… وحداثته (2-2)” المنشور في موقع إيلاف حيث يشير إلى مبنى شركة إعادة التأمين العراقية مع صورة له.

http://elaph.com/Web/Culture/2011/5/656803.html

 

 

Dr Mustafa Rajab: On the Origins of Iraq Reinsurance Company

د. مصطفى رجب:

أصول شركة إعادة التأمين العراقية

 

 

نشرت هذه الورقة لأول مرة في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

د. مصطفى رجب*: أصول شركة إعادة التأمين العراقية

 

 

تقديم لرسالة الدكتور مصطفى رجب

 

كتبتُ أكثر من مرة بأن تاريخ التأمين في العراق لم يُبحث، والمحاولات القليلة التي قمتُ بها بهذا الشأن لا ترقى إلى مستوى البحث التاريخي الأكاديمي. وكان من بين هذه المحاولات مشروع للتحقق من جذور شركة إعادة التأمين العراقية الذي بقي معلقاً بانتظار الوصول إلى بعض المعلومات رغم تأكدي من الدور الأساس للدكتور مصطفى رجب بهذا الشأن. فقد ذكرتُ في الجدول رقم 2 في مقالتي “ممارسو التأمين العراقيين في المهجر” المنشور في مجلة التأمين العراقي (نشرت آخر نسخة منقحة منه بتاريخ 18 آب 2014)

http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2014/08/iraqi-insurance-practitioners-in_18.html

أن مصطفى رجب هو “من مؤسسي شركة إعادة التأمين العراقية وكان مديراً عاماً لها لعدة سنوات. ترك العراق وعمل في إدارة شركة تأمين إماراتية وطنية، وبعد تقاعده عن العمل صار يعمل استشارياً في مجال التأمين في دولة الإمارات العربية حيث يقيم.”

 

إن المعلومات المتوفرة عن شركة إعادة التأمين العراقية لا تتجاوز سنة التأسيس والقانون الخاص بالشركة والأطراف المساهمة في رأسمالها. مع بدء 2017 تبادلت بعض الرسائل مع زميلي جون ملكون وسمير عبد الأحد (نعمل معاً كهيئة طوعية غير ربحية باسم التجمع التأميني العراقي) عن اسم/أسماء الشخص الذي فكَّر بتأسيس شركة إعادة التأمين العراقية. كان رأي جون ملكون أن سؤال التعرُّف على صاحب فكرة تأسيس الإعادة العراقية يجب أن يوجَّه للدكتور مصطفى رجب، مضيفاً أنه “كان للمرحوم واركيس بوغوص دوراً في قيادة الشركة على الصعيد الدولي.” وكان رأي سمير عبد الأحد أنه لم يكن للمرحوم واركيس أي دور في الفكرة أو التأسيس، وأن الفكرة، في اعتقاده، “بدأت أولاً لدى الوزارة حيث اختير الدكتور مصطفى لإدارتها ووضع أساليب العمل واختيار الموظفين ومن ضمنهم المرحوم واركيس. مع ذلك أرجو التأكد من الدكتور مصطفى توخياً للأمانة.”

 

في تعليقي على ما ذكره سمير كتبت التالي: “اتفق معك بأن الفكرة بدأت لدى وزارة الاقتصاد ولكن دون أن نعرف من كان صاحب الفكرة. ليست هناك معلومات منشورة بهذا الشأن. ما يؤيد أن الفكرة بدأت لدى الوزارة ما قرأته مؤخراً في كتاب د. حافظ شكر التكمجي، مذكرات إنسان وتحديات الحياة والزمان (دون ناشر، 2016)، ورد فيه أن حكومة ثورة تموز 1958 عينته معاوناً لمدير الاقتصاد العام في وزارة الاقتصاد، وأن الوزارة حققت إنجازات كبيرة ومنها “ربط شركة التأمين بالوزارة [اعتقد أن الشركة المعنية هي شركة التأمين الوطنية]، وإنشاء شركة إعادة التأمين وأصبح مديرها العام الدكتور مصطفى رجب.” (ص 126-127). وبالطبع، فإن هذا الاقتباس لا يضم تشخيصاً أو معلومات تفصيلية يمكن الاستفادة منها لأغراض البحث التاريخي.

 

وهكذا توجهت إلى الدكتور مصطفى رجب مباشرة للتحقق من الموضوع. ومن بين ما كتبته في رسالتي له بتاريخ 30 كانون الثاني 2017 الآتي:

 

“… وجودك حاضر معي دائماً كلما جاء ذكرٌ لشركة إعادة التأمين العراقية أو عندما يُشار إلى من أسماهم أحد أصحابي بعمالقة التأمين في العراق وهو القائل بأننا نهلنا المعرفة التأمينية والمهارات العملية المرتبطة بها بفضلهم ولأننا كنا نعمل في ظلهم، وأنت من هؤلاء العمالقة إضافة إلى آخرين، مع حفظ الألقاب، كبهاء بهيج شكري وعبد الباقي رضا.

 

بودي أن أتابع التحقيق في موضوع تأسيس الإعادة العراقية معك، إن كنت لا تمانع في ذلك. ربما يسهل عليك الأمر لو أنني قمت بتوجيه مجموعة من الأسئلة لك بهذا الشأن. وعدا ذلك سأكون ممتناً لك لو كتبت شيئاً عن تأسيس الإعادة العراقية التي ارتبط وجودها وتطورها وتعزيز مكانتها داخل وخارج العراق بك لعقدين. آمل ذلك.”

 

وقد كان الدكتور كريماً معي فكتب رسالته أدناه. هي بمثابة الوثيقة التاريخية المكتوبة بتجرد وتواضع في عرض شديد الاختصار لخلفية تأسيس شركة إعادة التأمين العراقية ودوره الأساس فيها منذ لحظة ولادتها كفكرة. وفي ظني أن لديه الكثير الذي يمكن أن يقوله عن الإعادة العراقية، فهو صانعٌ ماهر لتاريخ هذه الشركة لحين ابتعاده عنها عام 1980 ولأنه شاهدٌ على قضايا التأمين في العراق. ومن رأي أن الدكتور مصطفى رجب ليس هو فقط المؤسس الفعلي لإعادة التأمين كنشاط اقتصادي متميز وإنما الرائد لمؤسسة إعادة التأمين العراقية. من المؤسف والمحزن أنه أسس وبنى ليأتي غيره، من داخل وخارج العراق، ليضعضع البنيان الناجح الذي اسمه شركة إعادة التأمين العراقية – “مدرسة” تخرج منها مجموعة خيرة من ممارسي إعادة التأمين انتشروا، كرائدهم الدكتور رجب، خارج العراق.

 

ويسرني أن أنقل رسالة الدكتور مصطفى رجب للقراء بعد الحصول على موافقته. آمل أن تلقى ما تستحقه من تعليقات نقدية وإضافات في سياق تحديد جوانب من التاريخ الاقتصادي لقطاع التأمين في العراق. فعندما قام بتأسيس الإعادة العراقية عام 1960 لم تكن هناك شركات متخصصة بأعمال إعادة التأمين في دول “العالم الثالث.” كانت هناك مللي ري التركية (1929)، وبالنسبة للعالم العربي، الشركة المصرية لإعادة التأمين (1957، باشرت العمل سنة 1958)، والشركة التونسية للتأمين وإعادة التأمين (1959). كان ذلك قبل تأسيس الأونكتاد (1964) التي أخذت وقتها تشجع على تأسيس الشركات الوطنية والمجمعات الإقليمية لتطوير صناعة التأمين وإعادة التأمين في هذه الدول.

 

مصباح كمال

9 شباط 2017

 

 

نص رسالة الدكتور مصطفى رجب

 

أبو ظبي في 4/2/2017

 

الأخ الأستاذ / مصباح كمال المحترم

 

تحية طيبة وبعد،

 

أشكركم لما حوته رسالتكم من مشاعر أخوية أثارت في نفسي ذكريات دفينة، وكما تعلم فإن كبار السن يعيشون على الذكريات حلوها ومُرَّها.

 

في أواسط سنة 1959 (وكنت حينها أشغل وظيفة مسجل الشركات في وزارة الاقتصاد بعد فترة قصيرة قضيتها مستشاراً قانونياً لمجلس الإعمار في بغداد) اتصل بي وزير الاقتصاد وسألني السؤال الآتي: يُقال ان بعض الشركات تسمي نفسها شركات إعادة التأمين، ما هي هذه الشركات؟ أجبته أنني سأبحث الموضوع وأعود إليه. وبعد عدة إيام من البحث والتقصي جمعت المعلومات المطلوبة وقدمتها إليه في اجتماع في الوزارة. فبادرني بالقول: لماذا لا نؤسس شركة إعادة تأمين في بغداد؟ وكلفني باتخاذ الإجراءات المقتضية.

 

وقمت خلال ثلاثة أشهر بإعداد الدراسات وتنظيم عقد التأسيس والنظام الأساسي على أساس أنها ستكون شركة ذات رأسمال مختلط (قطاع عام وقطاع خاص)، تُؤسس بقانون خاص يُلزم شركات التأمين العاملة في الدولة بإسناد حصة إلزامية في إعادة التأمين من القعر، أي حصة من وثائق التأمين وليس من اتفاقيات إعادة التأمين الصادرة.

وبالنظر لعدم وجود أية خبرة في أعمال إعادة التأمين في العراق في حينه فقد اتصلت بالشركة السويسرية لإعادة التأمين لتقديم المساعدة الفنية وقيادة اتفاقيات إعادة التأمين (Retrocession) الخاصة بالشركة حيث بادرت الشركة السويسرية بإرسال أحد موظفيها المختصين وأعتقد أنه كان (Mr Kunz) حيث أمضى معنا فترة ثلاثة أشهر في بغداد وكان مثالاً للسويسري الجدّي والدقيق في عمله والحميم في علاقاته الشخصية.

 

وأذكر أن وزير الاقتصاد كلفني، بعد تأسيس الشركة، بالبحث عمن يمكن أن يتولى إدارة الشركة حيث أجريت الاتصالات بالعديد من المختصين العاملين في سوق التأمين العراقية فلم يقبل أحد منهم هذه المهمة. كما أجريت الاتصالات بسوق التأمين المصرية (بسبب أنهم سبق وأن أسسوا الشركة المصرية لإعادة التأمين في سنة 1958 م) فلم يقبل أحد منهم.

 

وحينما اقترب موعد بدء الشركة بأعمالها الرسمية ولم يكن قد تم تعيين من يديرها، كلفني وزير الاقتصاد بإدارة الشركة وكالة. لقد ترددت في حينه إذ أنني وإن كنت أعمل في وزارة اقتصاد إلا أنني كنت أتطلع (منذ عودتي من الدراسة في سويسرا) إلى التدريس في كلية الحقوق (هكذا كان اسمها). وقبلت المهمة بشرط أن تكون المدة ستة أشهر، وانقضت الأشهر الستة ولم نُفلح في العثور على المدير المنشود فكلفني وزير الاقتصاد بالانتقال إلى إدارة الشركة بشكل نهائي، وهكذا كان لكي يستمر عملي في ميدان التأمين وإعادة التأمين 55 سنة!

 

وكانت المهمة الدقيقة هي البحث عن مجموعة من الشباب العراقيين ممن أتوسم فيهم الكفاءة والإخلاص (أو الإخلاص والكفاءة) وممن يتقنون اللغة الإنجليزية لأنها لغة إعادة التأمين. اتصلت بإدارة (جامعة الحكمة) لترشيح مجموعة من الشباب ممن كانوا في الصف المنتهي حيث تمَّ ذلك، واتصلت بالمرشحين وأقنعتهم بالالتحاق بالشركة، ثم التحق بالشركة عدد آخر من الشباب الأكفاء من خريجي الجامعة في بغداد حيث جرت عملية تدريب مكثفة داخل العراق وفي سوق التأمين في لندن.

 

وبدون ذكر أية أسماء خوفاً من نسيان أحدهم أقول:

 

لقد كانت مجموعة الشباب الذين عملوا معي في شركة إعادة التأمين العراقية مجموعة متميزة: خُلقاً وكفاءة، عملوا بكل تفان ونكران ذات، بذلوا جهوداً مضنية وكرَّسوا كل وقتهم من أجل اكتساب الخبرة في ميدان جديد، وقد اكتسبوها عن جدارة. وكان يقال في حينها: هناك جهتان تبقى مكاتبها مُضاءة في بغداد حتى الساعة العاشرة والحادية عشر ليلاً: البنك المركزي وشركة إعادة التأمين العراقية.

 

وفي سنة 1963 (إن لم أكن ممن تخونهم الذاكرة) كانت شركة إعادة التأمين العراقية أول شركة إعادة تأمين من الدول النامية تفتح لها مكتب اتصال (Contact Office) في لندن. وكانت الفكرة من وراء تأسيس المكتب ليس فقط الوجود الفعلي في سوق عالمية هي سوق لندن وإنما لإرسال مجموعة من الشباب للعمل في مكتب وسوق لندن ثم العودة بعد عدة سنوات لاحتلال مراكز متقدمة في الشركة.

 

ولقد كان واضحاً لديَّ منذ البداية أن أعمال إعادة التأمين لا تتلاءم مع القيود المفروضة في العديد من الدول على تحويل النقد الأجنبي التي يفرضها البنك المركزي فأجريت الاتصالات مع المسؤولين في البنك المركزي وبإسناد من وزارة الاقتصاد تم إعفاء الشركة من القيود على تحويل النقد إلى الخارج.

 

وأذكر أن ممثلاً لإحدى شركات إعادة التأمين العالمية والمسؤول عن المنطقة قال لي يومها: حينما يتقرر أن أزور المنطقة للاجتماع مع شركة إعادة التأمين العراقية فإنني أقوم بتحضير معلوماتي وأوراقي بشكل دقيق لأنني أعلم أنني سألتقي بأشخاص مختصين.

 

لقد كان هدف جميع العاملين في الشركة إثبات أن ممارسة أعمال إعادة التأمين ليست حكراً على الدول المتقدمة.

 

أرجو أن أكون قد أعطيت معلومات موضوعية عن تجربة تستحق الذكر.

 

مع خالص تقديري ومودتي.

 

الدكتور مصطفى رجب