Monthly Archives: ماي 2013

Pool Conditions – Association Circular

شروط مجمعات التأمين في العراق ومدى الالتزام بها

 

 

مصباح كمال

 

 

قامت جمعية التأمين العراقية بتاريخ 20/5/2013 بتوزيع تعميمٍ قصيرٍ موجه إلى أعضاء الجمعية ونسخة إلى ديوان التأمين، موضوعه “شروط المجمعات” وقد نصَّ على التالي:

 

نرجو الالتزام الكامل بشروط منح التغطية لمجمعات التأمين التي تم تأسيسها من قبل الجمعية حفاظاً على حقوق المشاركين في تلك المجمعات، وفي حالة حصول مخالفة لتلك الشروط فإن الشركة المخالفة لهذه الشروط تتحمل لوحدها المسؤوليات المترتبة على هذه المخالفة.  آملين أن يكون الالتزام بالشروط التي تم الاتفاق عليها موضع التنفيذ عند منح التغطية.

توقيع، صادق فاضل عليوي، رئيس الجمعية (14/5/2013)

 

فيما يلي سنقدم بعض الملاحظات التي عنَّتْ لنا أثناء قراءة التعميم بأمل فتحِ نقاشٍ عن المجمعات والضوابط التنظيمية للعملية الاكتتابية ودور الجمعية.[1]  ليست لنا معرفة كافية بآليات إدارة المجمعات ونسب توزيع الأخطار بين الأعضاء وغيرها من الأمور العملياتية، ولذلك فإن هذه الأمور مستبعدة من ملاحظاتنا.  في ظننا أن مضمون هذا التعميم سيجدُ له ترحيباً من العديد من الشركات الأعضاء لأنه يستهدف حماية المصالح المشتركة، ويجنب تعريض نتائج المجمعات إلى التذبذب بسبب عدم التزام بعض الأعضاء بشروط الاكتتاب التي تنظم عمل المجمعات.

 

المجمعات القائمة

 

لقد تأسست المجمعات استجابة لحاجة ماسة لتوفير الحماية على أساس تبادلي لمجموعة من الأخطار المستبعدة من اتفاقيات إعادة التأمين التي نظمتها شركة إعادة التأمين العراقية لصالح جميع شركات التأمين العاملة في العراق.  وهذه المجمعات تضم في الوقت الحاضر:

 

مجمع التأمين على المخازن

مجمع التأمين على النقد أثناء النقل

مجمع التامين على النقد اثناء الحفظ

 

وهناك دعوات لتنظيم مجمع للتأمين على أخطار الإرهاب.[2]  مثلما هناك تفكير لتكوين صندوق وطني للتعويض عن آثار الكوارث الطبيعية ربما سيكون للجمعية دور في تشكيله.

 

شروط المجمعات

 

لم نتعرَّف على نصوص شروط جميع المجمعات سوى شروط مجمع تأمين المخازن.  لا تضم شروط هذا المجمع فقرات رادعة أو عقابية عند الإخلال بالشروط من قبل أحد الأعضاء.[3]  وهي تركز على شروط اكتتابية معينة ومنها ما يخص حجم الخسارة المهدرة (10% (عشرة بالمائة) عن كل حادث تعويضي للمخازن التي تزيد مبالغ تأمينها عن واحد مليار دينار) وأسعار مقترحة تتماشى مع نوع المخازن المطلوب التأمين عليها.  “الردع” الوحيد الذي نقرأه في التعميم، وليس في شروط هذا المجمع، هو أن “الشركة المخالفة لهذه الشروط تتحمل لوحدها المسؤوليات المترتبة على هذه المخالفة.”  [التأكيد من عندنا].  إنْ كانت الشروط، وكما يبدو، غير مُلزمة للأعضاء أو قُلْ إن الاعضاء لا يتقيدون بها، فلا ندري مدى إلزامية هذا الردع في التعميم.

صياغة شروط مجمع المخازن، كمثال، تفتقر لعنصر الإلزام؛ ففيما يخص الأسعار، فإن الشرط الحادي عشر يحمل عنوان “الأسعار المقترحة” – أي هي أسعار إرشادية وليست إلزامية.  وبهذا التوصيف فإن الشركات الأعضاء لها الحرية في تطبيق السعر الذي تراه مناسباً للخطر.

لو كانت هناك مدونة لقواعد السلوك code of conduct، ذات طابع إلزامي للأعضاء، لكان تحويل عبء مخالفة الشروط على الأعضاء المخالفين ذا أثر.

إذا كانت شروط المجمعات تخلو حقاً من أية عقوبات أو غرامات مالية أليس من المناسب العمل على إعادة النظر بالشروط لإضفاء صفة إلزامية عليها خاضعة لعقوبات وغرامات محددة عند مخالفتها بدلاً من الاكتفاء بالدعوة إلى الالتزام بالشروط؟  نقول هذا وفي بالنا أهمية التأكيد على المصالح الجماعية المشتركة التي يتعّيُن على الأعضاء الحفاظَ عليها بحيث لا ينتهي الأمر بتحميل العضو الجيد، الملتزم بشروط المجمع، عبء تمويل خسارة للمجمع سببها سوءُ تصرّف عضوٍ آخر غير ملتزم بشروط المجمع.

 

القواعد الاكتتابية للمجمعات

 

تضم شروط المجمعات قواعد للاكتتاب وربما أسعار تمثل الحد الأدنى أو أسعار مقترحة – كما هو الحال في شروط مجمع تأمين المخازن.  بعض الأعضاء يُعرِّضون المصالح العامة للمجمعات إلى الخطر من خلال الاكتتاب بأسعار هي دون الحدود الدنيا المقترحة أو المتفق عليها (وحتى دون الأسعار الفنية التي تعتبر كافية لتمويل عبء الخطر).  وعندما تتحقق الخسائر عند هؤلاء فإن تمويلها يتوزع عليهم (وهم الأقل مساهمة في صندوق أقساط المجمع) وعلى الأعضاء الملتزمين بشروط المجمع (وهم الأكثر مساهمة في صندوق أقساط المجمع).

سلوك الشركات الأعضاء غير الملتزمة بشروط المجمعات (الاكتتابية والسعرية) ينبع من التنافس للإبقاء على مكانة الشركة في السوق وحصتها من مجموع أعمال التأمين أو التوسع فيها من خلال التخلي عن القواعد الاكتتابية المعهودة أو تلك التي ترد في شروط المجمعات، والتأكيد على التنافس السعري كوسيلة وحيدة لتحقيق الأرباح حتى لو كان ذلك على حساب الأعضاء الآخرين في المجمع، والاستهتار بقواعد المهنة.

لنتذكر أن السلوك غير المنضبط وغير الملتزم بالقواعد الاكتتابية والأسعار الدنيا المنصوص عليها في شروط المجمعات قد يؤدي بالشركة غير الملتزمة إلى التلكؤ في تسوية المطالبة أو قد يدفع نحو خلق مصاعب أمام المؤمن له، وبالتالي فإن الأثر السلبي لهذا السلوك لا يقتصر على المؤمن له أو ينحصر بموقف الشركة المعنية وإنما يمتد ليطالَ مؤسسة التأمين ذاتها والانتقاص من قيمتها كوسيلة اقتصادية فعّالة للتعويض من الأضرار الاحتمالية.

ولما كانت هناك أسعار دنيا “مُلزمة” لجميع الأعضاء، أو يجب أن تكون مُلزمة، فإن التنافس يجب أن يَنصَبَّ على عناصر أخرى، ومنها التميُّز في تقديم الخدمات (كالسرعة في إصدار وثيقة التأمين، والسرعة في تسوية المطالبة وغيرها) وكذلك الاستفادة من أدوات معينة (كمكافأة عدم المطالبة بالتعويض no claim bonus، أو توفير مكافأة بنسبة معينة ارتباطاً بخبرة الخسارة low claim bonus، تخفيض قسط التأمين من خلال خسارة مهدرة عالية discount for higher deductible، تقديم حافز سعري عند إكمال المؤمن له للتوصيات الهندسية لتحسين نوعية الخطر engineering incentive bonus  الخ).

 

دور الجمعية وإعادة النظر بشروط المجمعات

 

هذا التعميم، بحد ذاته، يُشكّلُ بداية لإعادة النظر بشروط المجمعات فهو يعكس اعترافاً مُضمراً بوجودِ مشكلةِ عدم التقيد بالشروط بضمنها، وربما هذه هو الأهم، الأسعار المقترحة.  عليه يجب رصد خبرة الاكتتاب والخسارة لإعادة النظر في شروط المجمعات.  والتعميم، في صيغته الحالية، يضم ما يمكن تحويله إلى اشتراط، ونعني بهذا جعل “الشركة المخالفة لهذه الشروط تتحمل لوحدها المسؤوليات المترتبة على هذه المخالفة.”

صحيح أن للجمعية كيانها المعنوي ونظامها الداخلي الذي يحدد عملها لكن فعالية المجمعات والالتزام بشروطها تظل رهينة بموقف الشركات المنضوية في عضوية المجمعات.  وما رسالة الرجاء الصادرة من رئيس الجمعية إلا تصديقاً لهذا التقييم إذ أن الإجراءات العقابية المتوفرة للجمعية معدومة.  وإذا كان أعضاء الجمعية والشركات الأعضاء في المجمعات ميالون إلى تعزيز مكانة الجمعية في قطاع التأمين العراقي وتطوير أداء المجمعات فما عليهم، وهذا أقلّ ما هو مطلوب، إلا العمل مع الجمعية ومع القواعد الاكتتابية التي رسمتها للمجمعات.

 

لندن 28 أيار 2013


[1] حسب المعلومات المتوفرة لدينا فإن الكتابات عن مجمعات التأمين العراقية قليلة ومنها:

مصباح كمال، “مُجمع تأمين النقد أثناء النقل تداعيات مطالبة بالتعويض،” مجلة التأمين العراقي، 15/9/2009.

http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2009/10/blog-post.html

ضياء هاشم، “تعقيب على مقالة السيد مصباح كمال حول “مُجمع تأمين النقد أثناء النقل: تداعيات مطالبة بالتعويض،” مجلة التأمين العراقي، 3/11/2009.

http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2009/11/blog-post.html

 

[2] المحامي منذر عباس الأسود، “دعوة لتشكيل مجمع لتأمين خطر الإرهاب،” مرصد التأمين العراقي، 1 شباط 2012.

Pool for Terrorism

 

[3] من الضروري دراسة شروط كل مجمع لوحدها  للتعرف على معطياتها واكتشاف مدى توفر صفة الإلزامية فيها بشأن القواعد الاكتتابية وتطبيق الأسعار.

Floods in Iraq in 2013

2013 عام الفيضانات في العراق

عبد القادر عبدالرزاق فاضل

المدير المفوض

شركة كردستان الدولية للتأمين، بغداد

تعرّض العراق الى ثلاث فيضانات مدمره ضربت الوسط والشمال والجنوب ولم تحصل مثل هذه الفيضانات منذ اربعين عاما، وهي كما يلي:

1-     فيضان مدينه بغداد

2-    فيضان مدينه صلاح الدين

3-    فيضان في محافظات ميسان وواسط وذي قار والمثنى

1- فيضان مدينه بغداد

تعرضت مدينه بغداد، العاصمة العراقية، الى هطول امطار غزيرة في شهر كانون الثاني الماضي  واستبشر الناس خيرا اول الامر ولكن الامطار استمرت في الهطول لفترة طويلة تزيد عن يومين مُحوله مناطق واسعة من بغداد الى شبه بحيره.  ولم يسلم منها شارع او متنزه او منزل.  وامتلئت الانفاق تحت الجسور محدثة حالة من الفوضى، ومعطله الحياة اليومية حتى اصبح من الصعب على المرء العبور من رصيف الى رصيف آخر في نفس الشارع، واصبح من المستحيل حتى السير على الأرصفة، إن وجدت، لان المياه تجاوزت الأرصفة ودخلت المنازل وخاصه الواطئة منها مما اضطر معها اصحاب هذه المنازل الى الصعود الى السطوح او الغرف العلوية.  واستمر هذا الحال لبعض العوائل لمده اربعه ايام او اكثر وكان الجو بارداً لا يحتمل.

كشفت هذه الامطار الغزيرة، والتي تحولت الى فيضان حقيقي، عجز السلطات في امانه العاصمة على مواجهة حالات كهذه، وبقي الماء دون تصريف لعدم قدره المجاري على التصريف علما بأن هذه المجاري اكثرها متقادم وبدون صيانه.  لقد تحول الامر حقاً الى كارثه طبيعية، اذ اصبح العديد من السكان دون منازل كونها تهدمت نتيجة المياه.

لقد تم على اثرها استنفار جميع الأجهزة حتى العسكرية لتدارك الامر، وتم العمل على سحب المياه من الشوارع والمنازل بالمضخات لفتره تزيد عن اسبوعين كانت الحالة يرثى لها وبغداد العاصمة مركز الحضارة.

من المؤسف ان تمر كارثه كهذه دون قيام السلطات المعنية بإعطاء إحصائية عن الخسائر في الارواح والممتلكات، ولم نستطع معرفة فيما اذا كان هناك خسائر مؤمنه لدى شركات التامين.  وانا اشك في ذلك لأنه لم يردنا اية مطالبة بالتعويض بخصوص هذا الموضوع.[1]

مما سبق اعلاه نستنتج ان على الدولة، وخاصة امانة العاصمة، وضع الخطط لصيانة وإعادة تأهيل المجاري القائمة فضلاً عن بناء المجاري الجديدة في مدينه بغداد لمواجهه الحالات المستقبلية وعدم التهاون في امور كهذه لأنها تؤثر على حياة الناس وممتلكاتهم.

2- فيضان مدينه صلاح الدين

تعرضت هذه المدينة الى فيضانات مدمره في شهر اذار السابق حيث هطلت عليها الامطار الشديدة تسببت في هدم مساكن للفلاحين واغرقت الحقول والمواشي.  ولولا تدخل السمتيات العسكرية لحصل ما لا يحمد عقباه إذ تم نقل الفلاحين الى اماكن اكثر امنا وقدمت لهم الخيم والطعام.

وهذه الكارثة هي الاخرى مرّتْ دون معرفة حجم الخسائر وخاصه في المزارع والمواشي والمساكن الطينية للفلاحين.

3- فيضانات الجنوب

تعرضت مدينه واسط وميسان وذي قار والمثنى في أوائل شهر أيار الى امطار غزيره صاحبها انهيار السدود والسواتر الترابية على طول الحدود الإيرانية مخلفة سيلاَ لا يقف امامه شيء وجارفه معها المزارع والمواشي والمساكن.

كانت الحالة خطيره على طول الحدود مع ايران كون المياه تصب في الاراضي العراقية ولا احد يستطيع ايقافها او صدها، ولولا التفكير في عمل فتحات على نهر دجله وتصريف هذه السيول لزادت نسبه الخسارة.

تركزت الخسائر في محافظتي واسط وميسان في تلف محاصيل الجنوب (الحنطة والشعير) وقدرت الخسائر بـ 200 مليون دولار (مائتان مليون دولار) اضافه الى رحيل حوالي 353 عائلة عن منازلها وتدمير 35 قرية وتهدم 1280 منزل بسبب السيول في محافظة ميسان.

كان يمكن انقاذ محاصيل الحنطة والشعير لو ان السايلوات في المحافظات سارعت لاستلام هذه المحاصيل وخزنها ولكنها، وبسبب الاهمال والتأخير، ساهمت في هذه الخسارة الكبيرة.  علماً بان الخسائر الكلية غير معروفه سوى أن الفلاحين خسروا مزارعهم ومواشيهم ومساكنهم الطينية.

الدروس المستخلصة من الفيضانات المدمرة

1-                هناك عجز وضعف شديد في نظام تصريف المياه في مجاري بغداد، والسواتر الترابية على طول الحدود الإيرانية، وعدم وجود جهات جاده بالاهتمام بحاله المواطن والفلاح، ومتابعه وتفقد الأنظمة القديمة والمتقادمة والتالفة ومحاولة اصلاحها او تجديد التالف منها.

2-               ترك الموضوع بعد كل كارثه الى تشكيل لجان لتعويض المتضررين وعادة ما تكون التعويضات قليله وهي سد رمق فقط.

3-               على مجالس المحافظات مسؤوليه الاهتمام بالمواطنين في حياتهم ومساكنهم والتفكير بجديه في وضع وتنفيذ انظمه المجاري الحديثة ووسائل صد المياه في حالات السيول وذلك ببناء السواتر التي تحمي المدن.  وكان على مجالس المحافظات التسريع في انقاذ محاصيل الحنطة والشعير وذلك بالعمل على مساعده الفلاحين والمزارعين في نقلها الى السايلوات.

4-               لوحظ في الفيضانات المدمرة اعلاه غياب دور شركات التامين ويعني ذلك ضعف الوعي التأميني لدى المواطنين حيث لا توجد تأمينات تغطي هذه الاخطار الكبيرة في المدن، وتأمينات محاصيل الحقول (تامين زراعي).[2]  ونرى ان شركات التامين يجب ان تأخذ الامر مأخذ الجد وتبادر الى دراسة ووضع الخطط لترويج وثائق التامين الزراعي والمواشي وتوسيع وثائق الحريق لتغطي الاخطار الطبيعية كالفيضانات وغيرها.

5-               ضعف الكوادر الفنية والمسؤولة عن مشاريع المجاري وعدم وجود جهات مسؤوله لتفقد السواتر   والسدود الترابية ومعرفه مدى صلاحيتها في حالات الامطار الغزيرة والفيضانات .

6-              عدم وجود جهات رسميه في الدولة تهتم بحصر الخسائر ومعرفه حجم الدمار نتيجة هذه الكوارث لأنه على ضوء ذلك يتم وضع الخطط والدراسات المستقبلية ووضع الموازنة الخاصة بها.

7-               ان هذه الفيضانات كان لها، على خطورتها، جانب ايجابي حيث عززت القدرة المائية في نهر دجله، وارسلت الفائض من المياه الى الاهوار، وساهمت في إزالة الملوحة مما يبشر بمواسم قادمه غنيه بالأسماك وتربيه المواشي والابقار.

ان قطاع التامين معني بهذه الكوارث اكثر من اي جهة اخرى، وارى ان القيام بالدراسات والابحاث وترويج الوثائق الخاصة بهذه المخاطر وتوفير الحماية للمواطنين سواء في المدن او الارياف خدمة للاقتصاد الوطني.

بغداد 16 أيار 2013


[1] لعل شركات التأمين الأخرى تكشف عن ورود طلبات تعويض لها عن أضرار الفيضانات.  من المؤسف حقاً أن لا تكون هناك إحصائيات عن الخسائر المادية المترتبة على الكوارث الطبيعية (الجفاف، الفيضان، الحالوب، الزلازل) المؤمن عليها أو غير المؤمن عليها ناهيكم عن الخسائر المالية التبعية (خسارة الدخل لتوقف الإنتاج).  وحتى قطاع التأمين لم يأخذ على عاتقه بعد رصد الكوارث الطبيعية المعلن عنها في أجهزة الإعلام وغيرها من المصادر.

وكنتُ قد اقترحت على السيد صادق الخفاجي، رئيس جمعية شركات التأمين العراقية، والسيد فلاح حسن، المدير المفوض للجمعية، أوائل أيار 2013 دراسة موضوع تكوين صندوق من قبل شركات التأمين وبعض المؤسسات الرسمية لتعويض المتضررين من الكوارث الطبيعية.  وقد كتب لي السيد صادق الخفاجي بأن مشروع الصندوق يلقى العناية وربما يستفاد من تجربة الصندوق العربي لتأمين أخطار الحرب (أوارس) في تشكيله وإدارته.

كما كتب لي السيد فلاح حسن بأنه سعى إلى تأسيس مجمع يغطي الكوارث الطبيعية، وعمم طلباً بهذا الشأن على كافة اعضاء الجمعية (شركات التأمين العاملة في العراق) إلا انه لم يحصل على موافقة الاعضاء على تأسيس هذا المجمع سوى موافقة شركتين.  وأعلمني أيضاً بأنه طلب في وقت سابق من هذا العام من وزارة الموارد المائية تزويد الجمعية بخارطة  تبين أو تحدد المناطق الأكثر تعرضاً للسيول والفيضانات في العراق، لكنه لم يستلم أي رد من الوزارة!

وأضاف انه رغم ذلك سيستمر في بحث موضوع تأسيس مجمع يغطي الكوارث الطبيعية واستحصال موافقة الشركات على تأسيسه.  وفي حالة موافقة الاعضاء سيقوم بمخاطبة الجهات المعنية، من الوزارات ومجالس المحافظات، للتنسيق بشأن تمويل مثل هذا الصندوق وكيفية تشغيله.

فيما يخص دور الدولة فإن قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنة المالية / 2013 أفرد مبلغ (500) مليار دينار كتخصيصات اضافية لاحتياطي الطوارئ ولمتضرري الفيضانات والكوارث الطبيعية وخوّل مجلس الوزراء صرفها عند الحاجة دون تقديمها في موازنة تكميلية لمجلس النواب.  وليست لدي معلومات عن آلية التوزيع على المتضررين من الكوارث.  (مصباح كمال)

[2] شركة التأمين الوطنية، حسب علمنا، هي شركة التأمين الوحيدة في العراق التي توفر وثائق للتأمين الزراعي، ولها قسم متخصص لهذه النوع من التأمين تم استحداثه في أوائل ثمانينيات القرن الماضي.  (مصباح كمال)

Development of Social Insurance in Europe & North America

 

تطور التأمين الاجتماعي

الرعاية الاجتماعية والشيخوخة في أوروبا وأمريكا الشمالية

 

عرض كتاب

 

عرض

خافيير سيلفستر، قسم التاريخ الاقتصادي، جامعة سرقسطة، إسبانيا

 

ترجمة

مصباح كمال

 

هذه الترجمة امتداد لترجمة مقالات أخرى، منشورة في مجلة التأمين العراقي ومرصد التأمين العراقي، تتناول جوانب من نشاط التأمين أو مؤسسات لها علاقة بالتأمين ومن منظور تاريخي اقتصادي.  ولم نعهد في العراق دراسات من هذا النوع، ونأمل أن تشجع هذه الترجمات الباحثين على الانتباه إلى تطبيق المقترب التاريخي الاقتصادي في دراسة تطور النشاط التأميني في العراق وما له علاقة بهذا النشاط.

 

Bernard Harris, editor, Welfare and Old Age in Europe and North America: The Development of Social Insurance.  London: Pickering and Chatto, 2012. xvii + 270 pp. £60/$99 (hardcover), ISBN: 978-184893-189-3.

 

Reviewed for EH.Net by Javier Silvestre, Department of Economic History, University of Zaragoza.

 

Published by EH.Net (April 2013) http://www.eh.net/BookReview

 

 

كما يبين المحرر برنارد هاريس (جامعة ساوثهامبتون) في مقدمة هذا الكتاب، فقد شهدت الآونة الأخيرة اهتماما كبيرا بتاريخ النظام التبادلي (التبادلية mutualism) في مجموعة متنوعة من البلدان.  وهذا الكتاب النفّاذ في النظر يجمع العديد من المساهمات في موضوعه، نشأت كلها تقريبا بوصفها أوراق قدمت في مؤتمرات متخصصة أو جلسات في المؤتمرات.  واحدة من الفضائل الرئيسية للكتاب هي أنه يقدم أدلة من عدد من البلدان عن هذا النظام.  والأكثر أهمية هو عرض معلومات عن مجموعة واسعة من جمعيات المنفعة المتبادلة mutual benefit societies، تختلف بشأن قضايا مثل الانتماء الطوعي أو الإجباري لها، ومدى الخدمات، وعلاقاتها بمختلف الفئات الاجتماعية.  ومع ذلك، فإن الموضوع الهام، الخيط المشترك الذي يمر عبر ما يقرب من جميع فصول الكتاب، هو الارتباط بين منظمات المعونة المتبادلة mutual aid organizations وجذور السياسات الصحية والرعاية الاجتماعية وتوحيدها.

 

تختلف وجهات النظر والمقاربات المنهجية في كل فصل من فصول الكتاب.  على سبيل المثال، يتم تناول التبادلية على مستويات جغرافية مختلفة وفترات زمنية متباينة.  وبعض الفصول يركز على المسائل الاقتصادية أو الاكتوارية، في حين أن البعض الآخر يركز على الاهتمامات السياسية والاجتماعية والثقافية.

 

يعالج الفصلين الأولين التعدين في مناجم الفحم.  ففي (الفصل 1) يتحرى جون بينسون John Benson الجواب عن سؤال لماذا كان عمال مناجم الفحم في إنجلترا في أواخر القرن التاسع عشر يؤمنون ضد خطر حوادث العمل.  من خلال مقارنة اثنين من حقول الفحم، يقول بينسون إن الاختلافات في كثافة عضوية صناديق أموال الإغاثة الدائمة لعمال المناجم permanent relief funds لا يمكن تفسيرها فقط من خلال أوجه الاختلاف في المخاطر المهنية، والدخول، والحصول على مصادر تكميلية للمساعدة.  كما انه يناقش، وبشكل مقنع، إن التوصل إلى فهم أفضل لمحددات العضوية في جمعيات المعونة التبادلية friendly society يأتي من اكتشاف المجتمعات التي كانت تتمتع بتقاليد تعاون cooperation قوية.

 

وفي (الفصل 2) تناول تيموثي دبليو غوانين، توبياس أ. جوپ، جوشن ستريب Timothy W. Guinnane, Tobias A. Jopp and Jochen Streb ، مشكلتين اكتواريتين بارزتين قد تؤثران على أداء صناديق الإغاثة relief funds.  يركز الكُتّاب على التأمين الاجتماعي التبادلي لعمال المناجم الألمانية، أو Knappschaft، من منتصف القرن التاسع عشر إلى عشرينيات القرن الماضي.  كانت هذه الصناديق توفر التأمين الصحي sickness insurance، ومعاشات العجز invalidity pensions أو معاشات الشيخوخة old-age pensions.  وكانت الصناديق الصغيرة، من جهة، حسبما يدّعى، أكثر فعالية من الصناديق الكبيرة في إدارة المطالبات قصيرة الأجل (المرض) والخطر المعنوي moral hazard المرتبط بعمال المناجم.  من جانب أخر، اقترح أيضا أن الصناديق بحاجة إلى أن تكون كبيرة بما يكفي لتوليد الموارد اللازمة لتمويل مطالبات طويلة الأجل.  إلا أن النتائج التجريبية لا توفر دعما واضحا للمناقشات المعاصرة أن مراقبة الخطر المعنوي هي أفضل لدى الجمعيات الصغيرة إذ تؤكد هذه النتائج أن الجمعيات الأكبر حجماً تميل، إلى حد ما، لإدارة أفضل لخطر الزيادات غير المتوقعة في تكاليف المطالبات للأمراض المزمنة والإعاقة chronic illness and disability.

 

في (الفصل 3) يعاين ﭘاولو تيديشي Paolo Tedeschi منظمات المعونة التبادلية في شرق لومباردي، واحدة من المناطق الإيطالية الأكثر تصنيعا قبل الحرب العالمية الأولى، ويشرح كيف توحدت جمعيات المعونة التبادلية، في المقام الأول، استجابة لعدم وجود دعم من الدولة.  ويصف أيضا الأنواع المختلفة من منظمات المعونة التبادلية الإيطالية والمنافع التي كانت تقدمها.  ويشير مقطع مثير للاهتمام بشكل خاص من هذا الفصل إلى العلاقة الصعبة بين المنظمات والدولة، خصوصا في ظل الفاشية – وهو نظام، على كل حال، لم يتردد من الاستفادة من البنية التحتية التي تم إنشاؤها.

 

الخلاف بين الجمعيات ونظام فرانكو الدكتاتوري هو أيضا واحد من المفاتيح لفهم تراجع الجمعيات في إسبانيا ابتداء من أوائل أربعينيات القرن الماضي وما بعدها، كما هو مبين في التاريخ المفصل للتبادلية للكاتبتين مارغريتا ﭭيلار رودريجيز Margarita Vilar Rodríguez و هيرونيا ﭙونس Jerònia Pons (الفصل 4).  يستكشف هذا الفصل أيضا أسباب لماذا لم تتدخل الدولة في التأمين الصحي إلا بعد تدخلها في مجالات عمل الجمعيات الأخرى.  وتعتمد الكاتبتان ﭭيلار وﭙونس منظوراً وطنياً، تستكمله مساهمة ﭙيلار ليون سانز Pilar León-Sanz (الفصل 8) التي تركز على منظمة معونة تبادلية مهمة، مؤكدة على المشاكل التي تواجهها منظمات المعونة التبادلية (حتى الكاثوليكية منها) في البقاء على قيد الحياة داخل الإطار المؤسسي الجديد الذي تم فرضه بعد الحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939).  وأوضحت الكاتبة أيضا صعوبات اقتصادية إضافية [كانت تواجهها هذه المنظمات].

 

جمعيات المعونة التبادلية في بريطانيا هي موضوع تحليل في فصلين.  ففي (الفصل 5) يناقش برنارد هاريس Bernard Harris، مارتن گورسكي، Martin Gorsky، آرافندا غونتاﭙالي Aravinda Guntupalli وأندرو هايند Andrew Hinde في البداية مسألة الزيادة الواضحة في معدلات المرض في نهاية القرن التاسع عشر، ومن ثم إظهار كيف أن تصور التدهور الصحي، على الرغم من أنه لم يكن المُحدد الوحيد، أدى إلى تغييرات في مواقف الجمعيات تجاه إدخال معاشات الشيخوخة والتأمين الصحي الوطني.  في الفصل التالي (الفصل 6)، يبحث نيكولاس بروتن Nicholas Broten أسباب التغيرات في مواقف الجمعيات تجاه إدخال معاشات الشيخوخة.  ويستخدم المؤلف البيانات الخاصة بأحد الجمعيات المهمة، جنبا إلى جنب مع التحليل التجريبي، للقول انه، على عكس ما كانت تؤكده البحوث السابقة، فإن جمعيات المعونة التبادلية في مطلع القرن [العشرين] كانت تميل إلى الملاءة المالية.  ولذلك فهو يقترح أن الأبحاث يجب أن ننظر إلى ما وراء الجوانب المالية للكشف عن المحددات الأخرى للتغيرات في المواقف تجاه التأمين من قبل الدولة.

 

(الفصل 7) يتناول الوضع في الولايات المتحدة مقارنة مع الدول الأوروبية.  ج. س. هربرت ايمري J. C. Herbert Emery يناقش أولا لماذا لم تقم الولايات المتحدة بإدخال التأمين الصحي الإجباري.  ويستعرض بصورة شاملة النقاش الحاد بهذا الشأن، ثم يوضح أنه بفضل القدرة على الادخار، فإن الغالبية العظمى من العمال حوالي عام 1910 كانوا بإمكانهم القيام بالتأمين الذاتي، أو خلاف ذلك الحصول على التأمين الصحي.  بعدها وسّع وعزز حججه باستخدام البيانات عن قدرات الادخار الأسري بالنسبة للبلدان الأوروبية.

 

يركز الفصلين الاخيرين على هولندا وبلجيكا، على التوالي.  ففي (الفصل 9) يبين روبرت ﭭونك Robert A. A. Vonk تطور المنظمات التي لا تستهدف الربح، التي وفرت فرص الحصول على الرعاية الصحية لكل من العمال والطبقة الوسطى، طوال القرن العشرين وحتى الوقت الحاضر.  وكما يين المؤلف، فإن هذه المنظمات – وترابطها مع شركات التأمين التجارية – لعبت دوراً حاسماً في تشكيل وتطوير التأمين الصحي في هولندا.  وبالنسبة لبلجيكا يقدم دانييلي رگتر Danièle Rigter (الفصل 10)، دليلاً على أهمية منظمات المعونة التبادلية، وبنيتها التحتية المتينة، في تشكيل نظام التأمين الصحي الإلزامي الذي صدر في عام 1945.  ويتوسع المؤلف في الكشف أيضا عن المشاكل اللاحقة في تشغيل نظام التأمين الصحي الاجتماعي.

 

خافيير سيلفستر هو أستاذ مشارك في التاريخ الاقتصادي في جامعة سرقسطة.  تشمل مؤلفاته مقالات عن الهجرة الداخلية للسكان الأصليين والمهاجرين، والسلامة في أماكن العمل.  وهو أيضا محرر مشارك، مع Jerònia Pons، لكتاب عن أصول دولة الرفاه في اسبانيا

Javier Silvestre & Jerònia Pons, editors, Los orígenes del Estado del Bienestar en España, 1900-1945. Los seguros de accidentes, vejez, desempleo y enfermedad (2010). javisil@unizar.es

 

حقوق الطبع والنشر (ح) 2013 لـ EH.Net.  جميع الحقوق محفوظة.

 

مصباح كمال

لندن 12 أيار 2013

Terrorist Risks: National Solutions for the Problem of Underwriting Capacity

الحلول الوطنية لمشاكل الطاقة الاكتتابية في تأمين أخطار الإرهاب

[1]

د. مصطفى رجب

مقدمة:

حلول تأمينية وطنية وليست إقليمية أو دولية والسبب في ذلك أن هذه الحلول غالباً ما تتطلب ضمانة حكومية (في حدودها العليا كما سنرى فيما بعد) ومن ثم فلا تجد الحكومة (اية حكومة) مبرراً لتحميل دافعي الضرائب الوطنيين الآثار المادية لأعمال إرهابية تقع في بلد آخر حتى وإن كان هذا البلد الآخر عضواً في نفس المجموعة الإقليمية.  فلقد جرت محاولة في إطار الاتحاد الأوروبي من أجل إيجاد تنظيم من شأنه معالجة المشاكل التأمينية لخطر الإرهاب إلا إنه يبدو أن هذه المحاولة لم يكتب لها النجاح.

والنظرة إلى الإرهاب، في هذا البحث التأميني، نظرة موضوعية وليست شخصية، وبعبارة أخرى فإنه حيث تتوفر العناصر التأمينية الموضوعية في الخطر، فإنه سيوصف بأنه عمل من أعمال الإرهاب بصرف النظر عن المعايير الشخصية.

ثم إننا نعالج الإرهاب كخطر تأميني على اليابسة دون الخوض فيه كخطر تأميني في البحر أو الجو، فأعمال الإرهاب البحرية أو الجوية تعالج (من الناحية التأمينية) مع أخطار الحرب واحياناً بشكل مستقل.

وبالرغم من أن خطر الإرهاب يعالج ضمن حزمة من الأخطار التأمينية ذات الطبيعة الخاصة كالحرب الأهلية والتمرد والعصيان والثورة (War, Civil War, Insurrection and Revolution) أو الاضرابات والشغب والاضطرابات الأهلية SRCC، فإننا سنعالجه، بالرغم من اختلاطه احياناً ببعض تلك الأعمال، كخطر تأميني مستقل.

مقدمة تاريخية:

كلمة Terrorism مأخوذة من كلمة Terror المأخوذة بمعناها السياسي عن كلمة Terreur الفرنسية ذات الخلفية السياسية وبشكل خاص خلال فترة الرعب العظيم الذى ساد الفترة الأولى للثورة الفرنسية وبالذات خلال الفترة من نيسان 1793 حتى تموز 1794 حينما اقتيد روبسبير Robespierre أحد الزعماء الرئيسيين للثورة الفرنسية والعديد من انصاره إلى المقصلة.  لقد كان الهدف من فترة الرعب تلك هو القضاء على الخصوم السياسيين (1).

الإرهاب ليس بالظاهرة الجديدة، إنما الجديد في الأمر يتمثل بالوسائل المستخدمة والآثار التدميرية المترتبة عليها.  فأعمال الأمس الإرهابية تتمثل بإطلاق النار على هذا الخصم السياسي أو ذاك أو وضع متفجرات في بناية أو دائرة حكومية، أما أعمال اليوم الإرهابية فإنها تستخدم وسائل لم يكن من الممكن تصورها حتى أمس القريب، بل الأخطر من ذلك الوسائل الحديثة التي قد تؤدى إلى تلوث منطقة بأكملها نتيجة استخدام مواد كيماوية أو بيولوجية أو إشعاعية وحتى نووية (CBRN) Chemical, Biological, Radiological or Nuclear فحينما كانت توضع بالأمس متفجرة في بناية فإنه يمكن معرفة ما تضرر وما لم يتضرر، أما الآن فأنه لابد من تشخيص هل أن هذا المكان قد أصابه أو هذه المنطقة قد أصابها التلوث.

وبالرغم من استعمال وسائل التنظيف العلمية المتاحة الآن، فقد يتردد سكان البناية أو المنطقة من العودة إليها خوفاً من أن يكون قد تبقى شئ مما أصابها من تلوث.

بل إن الأمر يتطلب إعداد أشخاص مختصين (تأمينياً وفنياً) لدى هيئات تقدير وتسوية الخسائر قادرين على التعامل مع الاضرار الناتجة عن استعمال المواد المذكورة بالإضافة إلى استخدام أجهزة حديثة متطورة قادرة على اكتشاف التلوث (2).

اولاً: محطات أثرت في المفهوم التأميني لخطر الإرهاب:

تشير أدبيات تأمين أخطار الإرهاب إلى وجود محطات تأمينية رئيسية أدت بحكم الوسائل المستخدمة والآثار المترتبة عليها، إما إلى إحداث تغيير في تعريف الإرهاب أو تعديل شروط التغطية أو تقلص الطاقة الاكتتابية أو إلى الثلاثة معاً (3).

المحطة الأولى:

كانت بتاريخ 19 تموز (يوليو) 1946 حينما تم تفجير فندق الملك داود في القدس حيث تحول الفندق إلى انقاض وأدى الأمر إلى قتل وجرح 200 شخص.  لقد كان الفندق مقراً للسلطات البريطانية المنتدبة على فلسطين آنذاك.  وقد أدى هذا الحادث إلى تغيير في توجهات سوق التأمين في لندن وظهر في أدبيات التأمين تعبير (العمل الإرهابي) الذى يؤدى إلى كارثة (وليس عملاً فردياً محدوداً).

المحطة الثانية:

كانت في 10 نيسان (ابريل) 1992 حينما تم تفجير سيارة محملة بالمتفجرات في قلب مدينة لندن City of London حيث قتل ثلاثة أشخاص وجرح 91 شخصاً وقدرت الخسائر التأمينية بـ 800 مليون جنيه إسترليني.  وقد أدت هذه الكارثة إلى توقف معيدي التأمين عن الاكتتاب بأخطار الإرهاب في سوق لندن مما حدى بالحكومة البريطانية إلى القيام بدور رئيسي في تكوين ما يسمى Pool Re.

المحطة الثالثة:

كانت في 11 ايلول (سبتمبر) 2001 حيث أدى الأمر إلى تدمير مركز التجارة العالمي WTC في نيويورك ومقتل ما يقارب 3000 شخص.  وتعتبر الحادثة المذكورة نقطة تحول رئيسية بالنسبة للنظرة التأمينية إلى خطر الإرهاب بسبب الموقف الذى اتخذته شركات إعادة التأمين ومن ثم شركات التأمين تجاه هذا الخطر وتدخل الدولة من أجل توفير الطاقة الاكتتابية التي تحتاجها الاقتصادات الوطنية.

ومن الناحية التأمينية الصرفة، فقد أدت الحادثة المذكورة إلى تفعيل أغطية تأمينية متعددة لم يكن من المتصور أن تتأثر جميعها في حادثة واحدة.  فبالإضافة إلى أغطية الممتلكات استدعيت للدفع الاغطية التي تغطى الخسائر الناتجة عن التوقف عن العمل وتأمين الطيران وتأمين المسؤوليات والتأمين على الحياة (الذى قدرت خسائره بمليار دولار) والتأمين الصحي وتأمين الحوادث الشخصية (اللذين قدرت خسائرهما بمليار دولار) وحتى تعويضات العمال.

وأثارت تلك الحادثة، كما سنرى فيما بعد، جدلاً أمام القضاء عما إذا كان ما حصل يعتبر حادثة واحدة أم حادثتين بسبب تدمير برجين بطائرتين تفصل بين كل طائرة وأخرى فترة زمنية وإن كانت قصيرة جداً والجدل المذكور، كان يعنى من الناحية التأمينية مليارات الدولارات يستحقها في حالة اعتبارهما حادثة واحدة بسبب نوعية الاغطية التأمينية التي كانت تغطى البرجين.

وقد شهدت الفترة التي اعقبت 11 ايلول 2001 اهتماما غير مسبوق من قبل الدول في مشاكل تأمين أخطار الإرهاب بعد أن تقلصت الطاقة الاكتتابية المتاحة في أسواق التأمين وإعادة التأمين الدولية.

ففي الدول التي كان يوجد فيها تنظيم معين، تمت إعادة النظر في هذا التنظيم في ضوء الاحداث الاخيرة، كما حدث في اسبانيا والمملكة المتحدة وجنوب افريقيا، وفى دول أخرى تم استحداث تنظيمات جديدة من اجل معالجة المشاكل المستجدة كما حصل في فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة وهولندا وسويسره والنمسا والهند.

ثانياً: تدخل الدولة وحماية مصالح الاطراف ذات العلاقة:

الكوارث الطبيعية (الزلازل والفيضانات والأعاصير والتسونامي .. الخ) والكوارث التي هي من صنع البشر (الحرب والحرب الاهلية والإرهاب .. الخ) اصبحت بحكم الآثار المدمرة والشاملة التي تخلفها، تتجاوز قدره شركات التأمين وإعادة التأمين المحلية والعالمية، فاذا اضيف إلى ذلك صعوبة استخدام المعايير الفنية السليمة في تقويم الخطر وحساب التكلفة التأمينية من اجل التسعير، وهى صعوبة ناشئة من عدم الانتظام في الوتيرة وعدم التناسق في حجم الاضرار كل ذلك جعل تدخل الحكومات في الدول المختلفة أمراً ضرورياً من أجل توفير الاغطية التأمينية الملائمة بكلفة مناسبة بعد أن اصبحت السوق المحلية والدولية عاجزة عن توفير مثل هذه الاغطية الأمر الذى يؤثر على مختلف القطاعات والنشاطات الاقتصادية.

وتدخل الدولة يأخذ، كما سنرى فيما بعد، أشكالاً مختلفة سواء على شكل تجميع للطاقات المتاحة في القطاع الخاص إلى قيام الحكومات بدور معيد التأمين أو معيد إعادة التأمين Retrocession أو بدور المقرض بقروض واجبة الاسترداد خلال فترات طويلة.

هذا التدخل من قبل الدول، يجب أن يأخذ بنظر الاعتبار مصالح جميع الأطراف ذات العلاقة: المؤمن لهم، المؤمنين، معيدي التأمين، الحكومة.

فمصلحة المؤمن لهم هي في تمكينهم من الحصول على الغطاء الملائم بكلفة مناسبة.  كما أن مصلحتهم تقتضى استمرارية التغطية حتى وإن تغيرت الظروف ومصلحة شركات التأمين تقتضى عدم تحميلهم مسئوليات تفوق طاقاتهم الاحتفاظية مما يعرضهم لمشاكل مالية خطيرة، ومصلحة معيدي التأمين هي في الحصول على المقابل المناسب لما يقدمونه من ضمانات.  أما الحكومة فإن من أول واجباتها يتمثل في تمكين سوق التأمين من توفير الاغطية الضرورية لممارسة النشاط الاقتصادي.  كما أن مصلحتها تتجسد في أن مشاركتها مبرره حينما تكون هناك أسباب قاهرة تستدعى تحميل دافعي الضرائب بعض الأعباء.  ومن ناحية أخرى، فإن مشاركة الحكومة يجب أن لا تؤدى إلى تراخى سوق التأمين عن القيام بدورها حسب الإمكانيات المتاحه.

وهكذا يتبين أن التدخل الحكومي يجب أن يحقق التوازن بين مصالح جميع الأطراف ذات العلاقة أي:

– أن يقوم التدخل على أساس تحميل المؤمن لهم كلفة تتناسب إلى حد ما مع درجة التعرض.

– عدم تحميل شركات التأمين بأكثر من طاقتها.

– عدم تحميل خزينة الدولة وحدها الخسائر في حين تحقق الجهات الأخرى المنافع.

– إن التدخل يخضع لإعادة النظر خلال فترات معينة تبعاً للتطورات سواء على مستوى السوق أو على مستوى الأخطار (4).

ثالثاً: الشكل القانوني للتنظيم:

المقارنة بين الأسس والقواعد التي تم بموجبها إيجاد بعض التكوينات المحلية، تشير إلى وجود جوانب مشتركة وأخرى متباينة.  وبالنظر لاختلاف المسميات (هيئة، شركة، مجمع، صندوق، .. الخ)، فإننا سنطلق عليها جميعاً تسمية (التنظيم) تفادياً لتكرار الأسماء (وهى أحياناً طويلة) وبالتالي فإن التسميات ستكون (التنظيم الفرنسي….التنظيم الألماني….وهكذا).

التنظيمات الوطنية التي تتعامل بتأمين أخطار الإرهاب في الدول المختلفة تتخذ الأشكال القانونية الآتية:

– هيئة مملوكة بالكامل من قبل الدولة كما هو الحال في إسبانيا.

– مجمع خاص مع ضمانة حكومية كما هو الحال في فرنسا وأستراليا.

– مجمع خاص يقوم بالتأمين المباشر كما هو الحال في ألمانيا.

– تكوين تعاوني Mutual كما هو الحال في بريطانيا.

جميع هذه التنظيمات تقوم على أساس اقتسام الخطر بين الجهات ذات العلاقة، فالتنظيم يقوم عادة على أساس وجود طبقات حماية (Layers) حيث تساهم شركات التأمين في الطبقات الدنيا وأحياناً في بعض الطبقات العليا، ففي التنظيمين الفرنسي والألماني، تشترك شركات التأمين في الطبقات الأولى مع وجود طبقات أخرى مغطاة في السوق الدولية لإعادة التأمين، ثم تأتى ضمانة الحكومة فوق تلك الطبقات، أما في بريطانيا فإن التنظيم لا يشير إلى طاقة إعادة التأمين العالمية وإن أي دفع يتم من قبل الحكومة قابل للاسترداد في المستقبل.

وتطبيقاً لمفهوم أساسي من مفاهيم التأمين، فإن سلامة مسيرة التنظيم تعتمد من بين ما تعتمد عليه، على اتساع قاعدة الاخطار التي يتعامل بها التنظيم، فبعض التنظيمات تجعل تغطية خطر الإرهاب الزامية أو تلقائية ضمن الغطاء الاعتيادي كما هو الحال في التنظيم الإسباني.

كما أن بعض القوانين تلزم شركات التأمين بالاشتراك في التنظيم كما هو الحال بالنسبة للتنظيم الفرنسي الذى يجعل مشاركة شركات التأمين في التنظيم إلزامية بالنسبة للأخطار الكبيرة وغير إلزامية بالنسبة للأخطار الجماهيرية، أما التنظيم البريطاني والألماني فإنهما يعتمدان مبدأ حرية مشاركة الشركات في التنظيم.  وكما أشرنا سابقاً، فإنه من الصعوبة بمكان تطبيق قواعد التسعير المعتمدة في تسعير أغطية الاخطار الأخرى.  هذه الحقيقة يجب أن تؤخذ بنظر الاعتبار حينما يتم وضع الهيكل الخاص بالتنظيم، وينفرد التنظيم البريطاني بصفات معينة منها أن الغطاء الذى توفره الحكومة البريطانية يستدعى للدفع حينما تستنفد الأموال المتاحه لدى التنظيم بسبب تراكم الخسائر، وأن أي مبلغ يدفع من قبل الحكومة بسبب الخسائر، يتم استرجاعه من فائض العمليات المستقبلية.  هكذا كان التنظيم حينما بدأ أعماله.

رابعاً: تعريف الإرهاب:

أحد الاركان الأساسية لأى تنظيم لمعالجة مشاكل الطاقة الاكتتابية في تغطية أخطار الإرهاب هو تعريف العمل الذى يمكن أن يوصف بأنه عمل من أعمال الإرهاب؛ لكى يكون بالإمكان تفعيل التغطية التي يمنحها التنظيم.  هذا التعريف قد يرد في التشريع الخاص بالتنظيم أو بموجب القانون الجنائي للدولة.

وفى حال ما إذا كان التنظيم عبارة عن مجمع لإعادة التأمين (وليس مجمع تأمين مباشر)، فإن بإمكان شركات التأمين تسويق أغطية لأعمال تقع خارج نطاق التعريف الذى يعتمده التنظيم حيث قد تكون لدى الشركات تسهيلات أخرى تسمح لها بذلك أو أن تلك التغطية مما تحتفظ بها لحسابها الخاص.

وللتدليل على الأهمية القصوى لتحديد مفهوم العمل الإرهابي، نشير الى أن الوثيقتين اللتين كانتا تغطيان برجي المركز التجاري الدولي WTC كانتا مختلفتين من حيث الاشارة إلى خطر الإرهاب.  فإحدى التغطيتين كانت تشير إلى الحادثة الواحدة Per Occurrence بشكل محدد ودقيق وبالتالي فإن شركات التأمين ربحت الدعوى أمام القضاء من حيث اعتبار ما جرى، بالنسبة إليهم حادثتين، فالتنظيم البريطاني الذى يحيل إلى قانون إعادة التأمين أخطار الإرهاب لسنة 1993، يعرف الأعمال الإرهابية (وليس الإرهاب) بأنها أفعال أشخاص يقومون بذلك لحساب أو بالتنسيق مع أي منظمة هدفها قلب حكومة المملكة المتحدة (أو أي حكومة شرعية أو بالفعل de Jure or de facto) أو التأثير عليها بالقوة أو العنف، ويلاحظ على هذا التعريف أنه لا يشير إلى بث الخوف أو الرعب في نفوس الناس ولا توجد أية قيود بالنسبة للأهداف سواء كانت سياسية أو دينية أو ايديولوجية، ويلاحظ أن قرار الحكومة بوصف عمل من الأعمال بأنه من قبيل الأعمال الإرهابية وإعطاء شهادة بذلك يؤدى إلى تفعيل التغطية ضمن التنظيم، أما إذا رفضت الحكومة اعتبار عمل من الأعمال بأنه من قبيل الأعمال الإرهابية، فإن الأمر يصبح من اختصاص القضاء.

وفى قانون الإرهاب لسنة 2000 الصادر في المملكة المتحدة والذى يشير إلى التعريف الوارد في القانون الجنائي، تمت إضافة حالة أخرى غير حالة التأثير على الحكومة وهى حالة إدخال الرعب في نفوس الناس أو أية فئة منهم، كما تم إيضاح الأهداف كأن تكون سياسية أو دينية أو ايديولوجية، وقد اعتبر إيجاد خطر جدى للصحة والسلامة العامة للجمهور من أعمال الإرهاب وكذلك الهجوم بالفايروسات على الأنظمة الالكترونية من قبيل تلك الأعمال.

وقد صدرت بعد 2001/9/11 ملاحق عديدة عن جمعية شركات التأمين (غير البحري) في سوق لندن حيث ورد التعريف في T3[2] كالآتي:

عمل يرتكب، بما في ذلك وليس على سبيل الحصر، باستعمال القوة أو العنف أو التهديد بهما في مواجهة أي شخص أو مجموعة أشخاص سواء كان مرتكب العمل يقوم بذلك منفرداً أو بعلاقة مع أي منظمة أو حكومة بهدف سيأسى أو ديني أو إيديولوجي أو اية فئة منهم في حالة خوف أو ذعر.  من ذلك، يظهر أن استعمال وسائل لا تتصف بالعنف، كالهجوم بالفايروسات على الأنظمة الالكترونية أو تسميم الغذاء، يعتبر كذلك من قبيل أعمال الإرهاب.  ومن جهة أخرى، يلاحظ وجود إشارة إلى العمل الذى يتم لحساب حكومة وهو تجديد لمواجهة الأعمال الإرهابية المرتكبة من قبل بعض الحكومات، ولا حاجة بالعمل أن يكون قد نفذ بل يكفى التهديد أو الشروع به، والتهديد لا يشمل ذلك الموجه للحكومة فقط بل للجمهور كذلك.

أما التنظيم الأمريكي، فإنه يشترط صدور شهادة من وزير الخزانة بالتعاون مع وزارة الخارجية والنائب العام بأن عملاً ما هو إرهابي، كما أن العمل الإرهابي بمفهوم التنظيم الأمريكي الأولى هو ذلك العمل الذى يرتكب من قبل أجانب أو لمصلحة أجانب وهذا يعنى أن الإرهاب المحلى غير مشمول بالتنظيم كما حدث في اوكلاهوما.  كما يلاحظ أن الهدف الأولى في التنظيم هو حماية المدنيين الامريكيين أو المصالح الامريكية وحيث أن التنظيم يمول من قبل دافعي الضرائب، فإنه لا يشمل المصالح الاجنبية في الوقت الذى يمكن أن تستهدف مصالح غير أمريكية في أمريكا.

ويبدو أن التمييز بين الفاعلين أو الجهات والمصالح المستهدفة سواء كانوا من الوطنيين أو الاجانب قد تم الغاؤه في 2007.

أما التنظيم الألماني فإنه يعرّف الأعمال الإرهابية بأنها الأعمال المرتكبة لأهداف سياسية أو دينية أو اثنية أو ايديولوجية والتي من شأنها أن تبعث الخوف في نفوس الناس ومن ثم التأثير على الحكومة أو الهيئات العامة.

أما التنظيم الفرنسي، فإنه يأخذ بالمفهوم الوارد في القانون الجنائي للعمل الإرهابي بأنه عمل ذو علاقة بشخص أو مجموعة أشخاص الهدف منه زعزعة النظام العام عن طريق نشر الرعب والخوف بين الناس.

نخلص مما تقدم، إن مفهوم الإرهاب قد يختلف من تنظيم لآخر:

– فالبعض يوضح الباعث الدافع على القيام بالعمل ببواعث سياسية أو دينية أو أثنية أو ايديولوجية.

– والبعض يشير إلى أن العمل يستهدف التأثير على الحكومة أو أي هيئة عامة.

– والبعض الآخر يضيف إشاعة الرعب والخوف في نفوس الناس أو أية فئة منهم.

– والبعض يشترط أن يعمل مرتكبي الحادث لحساب أو بالتنسيق مع منظمة.

– البعض الآخر يقرر شمول بعض الأعمال المرتكبة لحساب حكومة.

– والبعض يجعل الأعمال التي لا تتصف بالعنف أو القوة ولكن تتوفر فيها الشروط الأخرى مشمولة بتعريف الإرهاب.

خامساً: المجال الجغرافي:

غالبية التنظيمات تقصر التنظيم على الأعمال المرتكبة داخل الحدود الجغرافية للدولة، ومع ذلك فإن التنظيم الأمريكي يشمل المصالح الأمريكية ضمن حدود الولايات المتحدة أو خارجها كخطوط الطيران أو الخطوط الملاحية ومقرات البعثات الأمريكية في الخارج.

سادساً: أنواع التأمين المشمولة والأخطار المغطاة:

يختلف الأمر بالنسبة لأنواع التأمين المشمولة من تنظيم لآخر، ففي الولايات المتحدة الأمريكية يتعامل التنظيم بمجموعة كبيرة من تأمين الممتلكات وتأمين الحوادث (أي تأمينات غير الحياة فيما عدا تأمين الحريق والبحري والضمانات)، في حين يركز التنظيم الفرنسي والألماني والبريطاني على الممتلكات والخسائر الناشئة عن توقف العمل.  أما الأسترالي والنمساوي، فإنهما يتعاملان مع أنواع أخرى من التأمين كتأمين المسؤولية والحياة.

أما بالنسبة للأخطار المغطاة، فالتنظيم الفرنسي يضمن الخسائر عن استعمال مواد كيماوية أو بايولوجية أو نووية، في حين يستثنى التنظيم الألماني الأخطار الناتجة عن استعمال مواد نووية ما لم تكن مخزنة قبل الحادث في مكان موقع الحادث.

وغالباً ما تكون الممتلكات التي تتجاوز قيمتها مبلغاً معيناً هي الخاضعة لتنظيم، أما الممتلكات التي لا تتجاوز قيمتها ذلك المبلغ، فإنها تبقى من مسئولية شركات التأمين.

أما تسعير الأخطار، فإنه يتحدد عادة في علاقة التنظيم بشركات التأمين وليس بالنسبة لعلاقة شركة التأمين بالمؤمن لهم حيث أن التسعير ضمن هذه العلاقة متروك للطرفين.

سابعاً: حدود التغطية المتاحه للسوق من قبل التنظيم:

تختلف التنظيمات من ناحية الطاقة الاكتتابية التي توفرها للسوق، فاغلب التنظيمات تسعى إلى تقديم غطاء كامل بالقيمة الكاملة لمحل التأمين، إلا أن بعضها يحدد المبالغ التي يلتزم التنظيم بدفعها في حالة وجود ظروف معينة خصوصاً إذا كانت ضمانة الدولة محددة بسقف معين.

ففي التنظيم الأسترالي والهولندي حيث توجد حدود لمسئولية الدولة، فإن قاعدة التقسيم النسبي تطبق في حالة عدم كفاية أموال.  التنظيم الأمريكي يعالج الأمر بشكل قريب مما جاء أعلاه.

أما التنظيم الفرنسي والإسباني والبريطاني، فحيث لا يوجد سقف لمسئولية الدولة، فإنه لا توجد حدود للتغطية التي يتعامل بها التنظيم.

ثامناً: تغطية أعمال التنظيم:

في أغلب التنظيمات الوطنية، تساهم الحكومات في دعم التنظيم عن طريق المشاركة في عملية تغطية أعمال التنظيم، وتتم تغطية هذه الأعمال على شكل طبقات Layers تشترك الشركات في بعضها وبنسب مختلفة.

تتم أولاً عملية تحديد احتفاظ كل شركة حسب حصتها من السوق، كما أنه توجد حدود لمجموع ما تتحمله شركة التأمين من خسائر نتيجة حوادث متعددة خلال السنة (aggregate)، وفى ذلك ضمانه لعدم تعرض كل شركة لمسئوليات تزيد عن طاقتها.

ثم تتم أعمال التنظيم بأغطية إعادة التأمين في الأسواق الدولية ثم تأتى بعد ذلك ضمانة الحكومة في الطبقة العليا على أساس فائض الخسارة (XL) أي معيد تأمين كمرجع وملجأ أخير reinsurer of the last resort.

وفيما يلى أمثلة على حدود التغطية التي تتمتع بها بعض التنظيمات:

التنظيم الفرنسي: الغطاء الحكومي يعمل في حالة زيادة الخسائر عن 2 مليار يورو وبدون حدود لضمانة الحكومة.

التنظيم الأمريكي: الغطاء الحكومي محدود بـ 100 مليار دولار.

التنظيم الألماني: الغطاء الحكومي يعمل في حالة زيادة الخسائر عن 2 مليار يورو لكل حادث وبالإجمالي، وتوفر الحكومة الالمانية غطاء بحدود 8 مليارات.

التنظيم الإسباني: ضمانة حكومية غير محدودة تستدعى للدفع في حالة تجاوز الخسائر ما هو متوفر لدى الهيئة الحكومية من أموال.

تاسعاً: الطاقة المتوفرة لدى الصندوق العربي لتأمين أخطار الحرب AWRIS:

استطاع الصندوق العربي أن يوفر طاقة اكتتابية بحدود 40 مليون دولار لدول الخليج العربية و 20 مليون دولار للدول العربية الأخرى وذلك بالنسبة لأخطار الإرهاب والتخريب Sabotage and Terrorism ويتعامل الصندوق بالأخطار التي قد تتعرض لها المباني والمنشآت التجارية وتشمل التغطية الحريق والانفجار الناشئين عن أعمال إرهابية ويستعمل الصندوق نموذج (T3) لتغطية أخطار الإرهاب للممتلكات ونموذج (T3a) بالنسبة للخسائر الناشئة عن التوقف عن العمل.

خاتمة:

هذه الجولة في الحلول الوطنية لمشاكل الطاقة الاكتتابية في تأمين أخطار الإرهاب هدفها إعطاء صورة لما قامت به الدول المختلفة في ميدان تبدو فيه أسواق التأمين المحلية وأحياناً الدولية غير قادرة على مواجهة المسئوليات المستجدة المترتبة على آثار الأعمال الإرهابية، وتدخّل الدول يصبح أمراً ضرورياً من أجل توفير الأغطية التأمينية بكلفة مناسبة، ومما لاشك فيه إن ما يهم الحكومات هو توفير المناخ الملائم للنشاطات الاقتصادية لممارسة أعمالها.

وبالرغم من أن لكل سوق تأمينية محلية ظروفها وقواعدها ولكل حكومة سياستها واستعداداتها، فإن عوامل مشتركة برزت من خلال المقارنات التي عقدناها بين التنظيمات المختلفة، ويأتي في مقدمة تلك العوامل السعي إلى خلق حالة من التوازن بين مصالح جميع الأطراف ذات العلاقة بالموضوع: مؤمن لهم وشركات تأمين وشركات إعادة التأمين والحكومات، وحيث أن هذه التنظيمات هي كيانات متطورة، فإنه لابد للمتتبع من الاطلاع على آخر التطورات المستجدة.

وقد ترى بعض الدول العربية التي تعتقد حكوماتها إن من واجبها التدخل لتوفير الحماية اللازمة تكوين تنظيمات خاصة بها حيث ستجد في هذه الورقة تجارب يمكن الاستفادة منها.

الهوامش:

 

1- Prof. Shama cite par Michael D. Miller, Marine War Risks (London: Lloyd’s of London Press, 1990.  3rd revised edition 2005).

2- Insurance Institute of London, War Risks and Terrorism: Report of Research Study Group 258, IIL, 2007).

3- The IIL: War Risks and Terrorism.

4- Ibid.

States Having Certain Arrangements for Risks of Terrorism

 

The state                Name

 

UK:                            POOL RE-Reinsurance (Reinsurance (Acts of Terrorism) Act 1993)

Pool Reinsurance Company Ltd

Germany:                Etremus Versicherungs 2002

USA:                         TRIA-Terrorism Risk Insurance Act 2002

France:                    Gareat gestion de L assurance et de la Reassurances de Risques attentats et actes de Terrorism 2002

Spain:                       Consorcio de compensacion de seguros 1941-1954

Australia:                ARPC-The Australian Reinsurance Pool Corporation 2003

Holland:                  Dutch Terrorism Risk Reinsurance Company 2003

Switzerland:          Terror-Versicherung 2003

India:                        Terrorism Pool 2002

South Africa:         1979


[1] نشرت هذه الدراسة في مجلة التأمين العربي، العدد 99، 2008، وقد حصلنا على موافقة الاتحاد العام العربي للتأمين لنشرها في مرصد التأمين العراقي.  وما يدفعنا لنشرها هو توسيع عدد قرائها في العراق نظراً للاهتمام الذي يحظى به موضوع تأمين خطر الإرهاب وغياب برنامج وطني لتغطيته.  وبهذا الشأن يمكن الرجوع إلى بعض المقالات المنشورة عن الموضوع في مرصد التأمين العراقي التي تؤكد هذا الاهتمام:

المحامي منذر عباس الأسود: دعوة لتشكيل مجمع لتأمين خطر الإرهاب

Pool for Terrorism

عبدالكريم حسن شافي: “التـأمين وخطر الأعـمال الإرهابية: تجربة شركة التأمين الوطنية انموذجاً”

Insurance & Terrorist Acts in Iraq

عبد القادر عبدالرزاق فاضل: “مقترح توفير غطاء تأميني ضد خطر الارهاب”

https://iraqinsurance.wordpress.com/2013/03/

مصباح كمال

[2]  وثيقة تأمين نموذجية لتأمين خطر الإرهاب مستخدمة في سوق لندن وتوسع استخدامها خارج لندن (م. كمال).