Monthly Archives: ماي 2012

A Debate on Iraqi Insurance

حوار حول التأمين العراقي

تـعـقـيــب على حوار (البينة) مع خبير التامين عبد السادة الساعدي

 

 

المحامي منذر عباس الأسود

 

تعقيب[1] على اللقاء الصحفي مع السيد عبد السادة الساعدي، المدير الأقدم لشركة التامين العراقية العامة، الذي حاوره الأخ (باسم عبد العباس الجنابي) والذي نشر في جريدة البينة في العدد 1567 بتاريخ 29/4/2012.  ومن باب الرد على ما ينشر في الجريدة أبين الآتي:

أولا : أ – أن ما ينشر عن التامين أو غيره من لقاءات ومقالات في الصحافة العراقية محدود ومعظم ما ينشر يفتقر إلى الدقة.

إننا نحاول خلال ردنا هذا تقديم ما يشبه المراجعة النقدية البناءة لكل ما يكتب، وهدفنا هو ليس إملاء ما يجب أن يقال بل الإشارة والتأكيد معا على قضايا وحقائق نراها أساسية في واقع النشاط التأميني في العراق، ونأمل أن يتسع صدر السيد الساعدي لمراجعتنا لتأكيد الاقتناع المشترك بروح النقد البناء والرأي الآخر المغاير فقد جاءت المعلومات التي قدمها بشكل يقترب من نمط المعلومات الدعائية ولا ضير في ذلك فجميع الشركات تلجا إلى مثل هذا التوصيف الترويجي.

ب- أشير في اللقاء أن السيد عبد السادة الساعدي هو (خبير تامين) ومع احترامي وتقديري له (ولا صغرا به) فهو لا يحمل هذه الصفة كما تبين بعد قيامنا بالتحري والاستفسار بتاريخ 29/4/2012 من الجهة ذات الاختصاص وهي (ديوان التامين) بسؤالنا هل أن السيد عبد السادة الساعدي مسجل في سجل الخبراء حسب ما اقره القانون والتعليمات، وكان الجواب عدم ورود اسمه ضمن سجل الخبراء.

أود أن أشير أن أحكام المادة 77 من قانون تنظيم أعمال التامين رقم 10 لسنة 2005 لا تجيز ممارسة أعمال الخبير إلا ممن يسجل في سجل الخبراء لدى ديوان التامين وكذلك التعليمات المرقمة 12 لسنة 2008 الصادرة عن رئيس ديوان التامين وكالة والمنشورة في جريدة الوقائع العراقية تحت رقم 4103 في 30/12/2008  انه لا يحق لأي خبير أن يمارس أعمال الخبير إلا بعد تسجيله في سجل الخبراء والحصول على إجازة الخبرة بذلك من رئيس ديوان التامين.

ومع احترامي مرة أخرى للسيد عبد السادة أرجو أن لا ينسب نفسه (خبيراً في التامين) ما لم يكيف وصفه وفق أحكام القانون والتعليمات المذكورة.

ثانيا : أشار السيد عبد السادة أن شركات التامين الأهلية لا تخضع للرقابة، وليس هناك تدقيق على حساباتها، ولا توجد أية جهة تراقب أعمالها وتصحح مسيرتها.  هذا الكلام غير دقيق وغير صحيح.  الصحيح أن ديوان التامين يمارس الفعاليات الرقابية والإشراف على شركات التامين كافة وليس على شركات التامين الأهلية فقط.  ان ما ينطبق على الشركات الأهلية ينطبق على الشركات الحكومية حيث أشارت المادة (6) من قانون تنظيم أعمال التامين لسنة 2005 انه يهدف إلى تنظيم قطاع التامين والإشراف عليه ولم يشير إلى تنظيم قطاع التامين الخاص.

إلا انه مع الآسف فإن ديوان التامين لم يمارس دوره بصورة كاملة وكذلك جمعية التامين العراقية، مع احترامي وتقديري لهما، ولأسباب تستحق البحث.

كما انه لا يخفى بان هناك جهة أخرى هي (البنك المركزي العراقي) يمارس الأعمال الرقابية سنويا ومرارا على شركات التامين ويقوم بتدقيق حسابات شركات التامين وتنبيه الشركات إن كان هناك بعض السلبيات إن وجدت إلى تصحيح مسيرتها ويطلب تقويمها.

ثالثا : نلاحظ ان السيد الساعدي قد تهجم كثيرا وبأسلوب قاس على شركات التامين بالأخص العراقية منها والشركات الموجودة في الخليج بأنها (ليست علمية وغير موضوعية وغير شريفة).  لا ندري ما هي الأسس التي اعتمد عليها لإطلاق مثل هذا الاتهام الخطير جدا؟  كيف يقبل السيد عبد السادة لنفسه أن يتفوه هكذا وهو احد العاملين في شركات التامين العراقية الحكومية (سابقاً في شركة التأمين الوطنية ومدير أقدم في شركة التامين العراقية العامة حالياً) في حين ان المكانة التي تحتلها شركات التامين العراقية والعاملين فيها وفي شركات التامين العربية وحتى خارج العالم العربي تشهد وتشيد بكفاءة معظم هذه الشركات وكذلك الذين يمارسون التامين في العراق وفي مجال اختصاصاتهم.

ان السيد عبد السادة يناقض نفسه حين يشير في اللقاء الصحفي (فمن المعروف عن سوق التامين العراقية أنها من أفضل أسواق التامين في العالم أو في الشرق الأوسط أو المنطقة العربية حيث تتمتع بسمعة ممتازة لدى شركات الإعادة العالمية وأسواق التامين العالمية كونها سوقا نظيفة، وتضم كفاءات وخبراء ممتازين وعملها بصورة شفافة ويعد العراق مدرسة تأمينية قائمة بذاتها، ونشير هنا إلى ان العراق قدم خدمته التأمينية في اليمن ومنطقة الخليج وليبيا والسودان، فقد ذهبت كوادر عراقية إلى تلك الدول وأسست شركات تامين لصالح تلك الدول ولصالح القطاع الخاص فيها وما تزال الكفاءات العراقية تقود قطاع التامين في اليمن وبعض شركات الخليج).

باعتقادي إن ما أشار إليه السيد الساعدي يعتبر إساءة إلى جميع شركات التامين العراقية والعاملين فيها وإساءة إلى قطاع التامين، وارى ضرورة في الرد على الإساءات من قبل الجميع دون تمييز لان هذا طعن واتهام خطير لقطاع التامين والعاملين فيه.

رابعا : أشار انه تأسست شركات التامين على الحياة وشركة التامين الوطنية التي دمجت فيما بعد وهي تعرف اليوم بشركة التامين العراقية العامة.  هذا الكلام غير دقيق لان شركة التامين على الحياة كانت تمارس نوع واحد من أنواع التامين إلا وهو (التامين على الحياة) وقد صدر قرار في حينه بإلغاء هذه الشركة وتأسيس شركة جديدة تحت مسمى (شركة التامين العراقية العامة)[2] لتمارس جميع أنواع التامين بضمنها التامين على الحياة وتنقل جميع موظفيها إلى الشركة الجديدة كما تم نقل بعض موظفي شركة التامين الوطنية إليها وأصبحت فيما بعد الشركتين الحكوميتين (شركة التامين الوطنية وشركة التامين العراقية العامة) تمارسان كافة أنواع التامين بضمنها التامين على الحياة.

خامسا :  أشار ان تأسيس الشركات الأهلية تم بعد عام 2003 مع تغير النظام الاقتصادي من النظام الحكومي المركزي إلى الاقتصاد الحر.

نود أن نوضح إن التغيير في بنية سوق التامين حصل بعد صدور قانون الشركات رقم 21 لسنة 1997، وبفضل هذا القانون تأسست ولأول مرة شركة تامين أهلية (شركة دار السلام للتامين) عام 2000 وليس بعد عام 2003 بعد أن كانت محتكرة على الشركات الحكومية فقط.  ثم أشار أيضا أن الشركات الأهلية توسعت ووصلت تقريبا إلى 25 شركة تامين أهلية.  وهذا أيضا غير صحيح وغير دقيق حيث كان عليه الرجوع إلى ديوان التامين لمعرفة عدد الشركات الأهلية.  وهذا أيضا يناقض كلامه الذي أورده في مقالته التي نشرت في جريدة البينة بالعدد 808 (الجزء الأول) في 26/1/2009 ونص الكلام: (مما ساعد على ظهور ما يناهز ثلاثين شركة أهلية عدا تلك التي كانت قيد التأسيس والتي يتوقع أن يصل عدد الشركات الأهلية بنهاية العام الحالي إلى مئة).

إن السيد الساعدي لم يكن صائبا وغير دقيق في المعلومات في حين ان كتاب ديوان التامين الأخير تحت رقم 21 في 18/1/2012 يشير بان عدد شركات التامين العاملة في العراق هي 28 شركة وموزعة جغرافيا وبضمنها فروع الشركات الأجنبية والحكومية وهناك شركات قيد التأسيس.

سادسا : نؤيد انه هناك تضارب كبير وغير فني ومسؤول في الأسعار وتكتتب شركات التامين بأوطأ الأسعار التي لا توازي حدة الخطر.  والسبب هو عدم التزام أكثر شركات التامين الأهلية والحكومية بالأسعار التي تُحدد من الجهات المختصة.  وعلى سبيل المثال، التعميم الأخير تحت رقم 46 في 7/2/2012 الصادر عن ديوان التامين بخصوص أسعار التامين الهندسي فقد نص التعميم على التالي: (نؤكد كتابنا المرقم 149 في 21/11/2011 راجين التقيد بأسعار التامين الهندسي التي سبق وان أقرت من قبل جمعية التامين العراقية وتم تعميمها عليكم بموجب كتابنا المرقم 64 في 13/11/2011 وبعكسه سيتم تعليق عمل الشركة التي تخالف ذلك).  والتعميم موجه إلى (28) شركة بضمنها الشركات الحكومية إلا إن شركات التامين لم تلتزم به لغاية تاريخه ولدينا ما يثبت ذلك.  ومع الأسف الشديد لم يحرك ساكنا ديوان التامين أو جمعية التامين العراقية لمحاسبة شركات التامين بالرغم من إبلاغها بذلك من عدة جهات.

وهذا دليل على ان ديوان التامين لم يمارس دوره بصورة كاملة، فهو لم يترجم مهامه في ارض الواقع إلا قليلا لكونه يفتقر الى الكادر القادر والكافي للإشراف والمحاسبة على هكذا عدد من شركات التامين.  وهذا ينطبق أيضا على جمعية التامين العراقية، فهما لم يبرهنا حتى الآن على فعالية أداء مهامهما.

سابعا : أشار السيد الساعدي ان قانون رقم 10 لسنة 2005 هو حاليا مجمد وهذا القانون يحتاج إلى إعادة صياغة كي يلائم طبيعة المجتمع العراقي.  إن هذا القول غير صحيح.  ما هو دليله على ذلك؟  القانون نافذ وغير مجمد وتطبق أحكامه ضمن الإمكانيات المتاحة لديوان التأمين العراقي.

وأحب أن أشير إلى قول الأخ مصباح كمال في إحدى مقالته المنشورة برده على مقالة السيد الساعدي في عام 2009 (نسي أو تناسى قضايا أساسية تمس الوضع الحالي لشركات التامين العراقية العامة والخاصة ومستقبلها في ظل قانون تنظيم أعمال التامين لسنة 2005، فهو ليس معنيا بتسريب أقساط التامين المباشر إلى شركات التامين الأجنبية بفضل هذا القانون الذي لم ينص على تامين الأصول والمسؤوليات مع شركات تامين مسجلة في العراق ومجازة لمزاولة العمل من قبل ديوان التامين).

نحن نعي إن هناك قصورا في أداء المؤسسات التأمينية في العراق إلا إن هذا القصور ليس كله لأسباب داخلية فهناك مثبطات وقوانين تلغي دورا فعالا لشركات التامين العراقية ومنها قانون تنظيم أعمال التامين لسنة 2005 وكذلك تغاضي المؤسسات الرسمية العامة عن ايلاء أهمية لوجود شركات التامين العاملة في العراق.

إننا نشد أيدينا مع السيد عبد السادة بمناشدة الجهات المختصة ومجلس النواب ومجلس الوزراء أن يلتفتوا إلى ذلك من اجل إيجاد تشريع أو نصوص أو تعليمات تلزم كافة الشركات والقطاع الحكومي بإلزام الشركات ورجال الأعمال والمستثمرين وغيرهم بإجراء التامين لدى شركات التامين في العراق والى ضرورة إعادة صياغة قانون رقم 10 لسنة 2005 وبإشراك شركات التامين لكونها الجهة المتخصصة والتي تمتلك الكفاءة والخبرة في مجال عملها.

إن استمرار تسرب أقساط التأمين خارج العراق يؤدي إلى التسبب في خسائر فادحة لشركات التامين (أقساط التأمين ) وخزينة الدولة (الرسوم والضرائب المفروضة على النشاط التأميني) تقدر بملايين الدولارات بسبب عدم وجود نص في العقود الحكومية وغيرها يلزم الشركات بالتامين لدى شركات التامين المسجلة العاملة في العراق. 

 

المحامي / منذر عباس الأسود

مستشار / شركة الحمراء للتامين

 


[1] نشر هذا التعقيب في جريدة البينة، العدد 1576 بتاريخ 13/5/2012 تحت باب مقالات وآراء بعنوان “ديوان التأمين لم يمارس دوره بصورة كاملة وكذلك جمعية التأمين العراقية”.

http://www.al-bayyna.com/modules.php?name=News&file=article&sid=52926

http://www.al-bayyna.com

[2] قمنا بتصحيح هذه المعلومة في رسالة مؤرخة في 13/5/2012 إلى رئيس مجلس إدارة جريدة البينة وقد نشرتها الجريدة في العدد 1577، 14/5/2012 وهذا هو نص التصحيح: 

أتقدم لكم بجزيل الشكر والتقدير على نشر تعقيبنا على حوار (اللقاء الصحفي مع السيد عبد السادة الساعدي) في العدد 1576 بتاريخ 13-5-2012 في صفحة ردود رقم 13. 

اود أن أصحح معلومة وردت في الفقرة (رابعا ) من تعقيبنا ( لان شركة التامين على الحياة … وقد صدر قرار في حينه بإلغاء هذه الشركة …..) والصحيح هو أن الشركة العراقية للتأمين على الحياة هي شركة حكومية أصلها شركة مساهمة خاصة تأسست في أواخر عام 1959 وأصبحت بعد التأميم في عام 1964 ودمج شركات التامين والتخصص عام 1965 الشركة العراقية للتامين على الحياة – شركة متخصصة لوحدها في ممارسة أعمال التامين على الحياة . 

ومنذ عام 1966 صار رأسمالها الاسمي، بعد أن أصبحت شركة حكومية، 700 ألف دينار.  وعادت الشركة لممارسة أعمال التامين العام إضافة إلى أعمال التامين على الحياة بعد إلغاء التخصص في سنة 1988 بموجب تعديل النظام الداخلي للشركة المنشور بالوقائع العراقية العدد 3214 والمؤرخ 8-8-1988 وعاد اسمها (شركة التامين العراقية –العامة). 

أرجو التفضل بنشر هذا التصحيح في جريدتكم مع التقدير.

Insurance Agencies in Iraq in 1936

وكالات التأمين في العراق عام 1936

محاولة في التوثيق

مصباح كمال

تقديم

بتاريخ 19 شباط 2012 نشر موقع إمارة وتجارة الإلكتروني الدليل التجاري العراقي عام 1936 وقدمه بهذه العبارات:

“هذا جزء من دليل المملكة العراقية الذي صدر باللغتين العربية والانكليزية عام 1936 (مجموع 883 صفحة مع فهارس)، وهو الجزء الذي يتضمن الدليل التجاري العراقي في ذلك الوقت. وكان اول دليل قد صدر عام 1934، حسب ما تواتر لدينا، وكان باللغة الانكليزية في 291 صفحة متوسطة الحجم، تلاه دليل باللغة العربية عام 1935 ويعرف بإسم “دليل دنگور” نسبة الى مطبعة دنگور ببغداد.

تعليق الموقع: ديروا بالكم، ترة يوّجع الگلب. لا يوجد مثال اوضح، برأيي، على الخراب الشامل الذي حل ببلدنا اذا ما قسنا قطاعنا الخاص قبل 76 سنة بحاله اليوم. في الثلاثينات، كان العراق منفتحا على شركات عالمية حتى في فنلندا وليثوانيا. وتجاره وصناعيوه يعرفون كيف يقدمون نفسهم الى العالم بنديّة وبثقة. ولكن في اول الامر، خسرنا اليهود في الخمسينات وخسرنا معهم خبراتهم الادارية والتجارية التراكمية، وثم خسرنا الفيلية والتبعية في السبعينات والثمانينات الذي ملئوا شيئا من الفراغ الذي احدثه نزوح اليهود. وها هم الارمن والمسيحيون عموما يغادرونا.[1] والعوائل التجارية القديمة، والتي بقيت في العراق، نجدها منكفئة على نفسها، لأنها لا تستطيع ان تزاحم من ظهر “تجاريا” جراء افرازات الفساد البعثي، او فساد عدي صدام حسين، او فساد المرحلة الحالية. اطالع هذه الصفحات وكأنني انظر الى كوكب آخر، لا يشبهنا بشيء، وان كانت العنوانين مألوفة…خان دلة الكبير، سوگ الاسترابادي، سوگ حنون.”

نبراس حكمت الكاظمي”[2]

قمت بتصفح هذا الدليل الضخم على شاشة الكومبيوتر للتعرف على محتوياته ومن باب التخصيص محاولة اكتشاف معلومات عن نشاط التأمين في العراق.  وقد أثمر التصفح السريع عن معلومات أراها مهمة في سياق تاريخ التأمين في العراق، لأن المعلومات تؤكد ملاحظة أوردتها في مقالتي “مقاربة لتاريخ التأمين في العراق: ملاحظات أولية”[3] ومما قلته ان النشاط التأميني في “الفترة السابقة للاستقلال، عندما كان العراق تحت الاحتلال الإنجليزي” كان “مقصوراً على فروع ووكالات شركات التأمين الأجنبية، وربما كان هذا امتداداً لما كان قائماً قبل الاحتلال حيث كانت الشركات الأجنبية تعمل بموجب الامتيازات الممنوحة لها في العهد العثماني.  وقتها لم يكن الطلب الوطني على الحماية التأمينية في العراق فعّالاً بسبب غياب الصناعة الحديثة (وسيادة الانتاج الحرفي) والاعتماد الأساسي على الانتاج الزراعي … وقد تغير الوضع التأميني قليلاً مع صدور قانون شركات التأمين رقم 74 لسنة 1936، إبان وزارة ياسين الهاشمي الثانية، من خلال وضع ضوابط معينة على عمل الشركات مما يؤشر على تطور في التجارة وفي الصناعة والتكوينات الطبقية الجديدة في العاصمة بغداد والمدن الرئيسية الأخرى التي شهدت نمواً سكانياً وعمرانياً.”

وقبل عرض معلومات الدليل عن نشاط التأمين أود الإشارة إلى ما ذكره المؤرخ عبد الرزاق الحسني حول المنهاج الوزاري لحكومة حكمت سليمان (تشكّلت في 29 تشرين الأول 1936).  ضم المنهاج عرضاً للشؤون الخارجية، والداخلية، والمالية وغيرها.  ونقرأ الآتي في فقرة الشؤون المالية:[4]

“مراقبة أعمال المصارف، والشركات، والمؤسسات الاقتصادية الأخرى، ووضع تشريع يضمن استثمار أموال العراقيين من مبالغ التأمين في العراق.”

يبدو أن النص على تشريع “يضمن استثمار أموال العراقيين من مبالغ التأمين[5] في العراق” يعكس نمواً، لا نعرف حجمه، في أقساط التأمين، عدا أنه استمرار للنهج الذي بدأ مع تشريع عراقي مهم ونعني به قانون شركات التأمين رقم 74 لسنة 1936 الذي نشر في الوقائع العراقية في 11/6/1936.[6]  وهذا النهج، كما نرى، يقوم على التأكيد آنذاك على الوطنية العراقية، أي النزعة نحو تأكيد الاستقلال في مختلف المجالات ومنها استثمار أرصدة التأمين في العراق.  هذا الجانب من الموضوع يستلزم البحث المستقل للسياسة المالية للحكومات العراقية في تلك الفترة.


 

وكالات التأمين في الدليل التجاري العراقي عام 1936

تضم الصفحات الأولى من الدليل، والصفحات القريبة من التصنيف الألفبائي للوكالات، إعلانات موسعة عن بعض وكالات التأمين، ننقل منها ما يبرز صفة هذه الوكالات وما يفيد موضوع هذه المقالة، وهي:

The Mesopotamia Persia Corporation, Ltd

 

Managing Agents for:

The Euphrates and Tigris Steam Navigation Co, Ltd

Agents for: [seven companies are listed]

Lloyd’s Agents:

Marine, Fire, Accident and Fidelity Insurance

Transacted at attractive Rates of Premium

General Importers and Exporters and Engineering Specialists

Head Office: Basrah

 

I & C Ades

 

Head Office: Baghdad

Agents for [over 40 companies including]

L’Union Insurance Co Ltd – Life, Fire, Accident, etc.

Branches: Basrah, Mosul, Kirkuk

 

African & Eastern (Near East) Ltd

 

Basrah, Baghdad, Mohammerah

Head Office: London

Agents for The Atlas Insurance Co Ltd, Northern Assurance Co Ltd, London (Fire, Marine, Motor, Accident Insurance, etc.

 

Edward M Fram

 

Importers of: Glassware, Bedsteads [and other goods]

Insurance, Securities and Shares Agent

Basrah

 

The Iraq Insurance Ltd

(Incorporated in Iraq)

 

Insurance Brokers

Agents for:

The Guardian Assurance Co, Ltd

Lloyd’s and French Underwriters

 

Khedouri E. Ani

 

Ashar, Basrah

Import, Export and Commission Agent

Agent for:

Insurance of All Kinds

وهناك إعلان كبير لـ

Victoria of Berlin

 

General Insurance Co Lt, EST 1853

Capital and Reserve: £32,000,000

Amount Assured: £77,000,000

Most favourable terms for life insurance/with participation of the company’s profit

Head Office for Iraq:

C. Liebenthal & E Soffer

Baghdad, 230/1 Rashid Street

 

Andrew Weir & Co

 

Baghdad & Basrah

Established in Iraq since 1905

Shipowners, Import & Export Agent, General Merchants, Insurance Agents, etc.

 

Asfar & Co

 

Basrah, Iraq

Date Growers, Merchants and Exporters

Agents for:

The Northern Assurance Co Ltd

Fire, Marine and all Risks

وكالات التأمين في بغداد

Ades, I & C, Naman Street

African & Eastern (Neat East) Co Ltd, Mustansir Street

Antoin & E, Aris, Khan Khedairi, Mustansir Street

Antrassian, Rashid Street

Awanis Malkonian, Khan Dalla

 

Bashir Kazandji, Rashid Street

 

Dwyer & Co Ltd, Rashid Street

 

Edward Aboodi & Co, Khan Shashona, Samawal Street

 

Faik Obeyda, Rashid Street

Fowler & Co, Rashid Street

 

Ghani, Sayid, Rashid Street

 

Hakkak, E M & Sons Ltd, Rashid Street

 

India Life Insurance Co, Rashid Street

Iraq Insurance Office (The), Rashid Street

 

Khedhoori, A Zilkha, Rewaq Street

 

Liebenthal, (C & E Soffer), Khan Abdul Hadi Chalabi, Rewaq Street

 

Meir Tueg & Y Moshi, Mustansir Street

Mesopotamia Persia Corporation (The), Mustansir Street

 

Pedroni, P O Box No. 98

 

Saatchi, S & D N, Mustansir Street

Strick, Frank C & Co (Busrah) Ltd, Mustansir Street

 

Weir, Andrew & Co, Rewaq Street

الوكالات في البصرة

Alliance Insurance Co, Pharmacists Street

Asfar & Co, Strand Road, Ashar

 

Fowler & Co, Ltd, Church Street

 

Iraq Insurance Co (The), A. Rufail (Agent), P O Box 24

 

Shark Insurance Co, E M Fram, Agent, P O Box 24[7]

 

الوكالات في الموصل

Jabrail Zebouni, Ghazi Street

Muhammad Najib al-Jadir, [8]Nineveh Street

 

ملاحظات على وكالات التأمين

اختفت هذه الوكالات من سوق التأمين ولم يبق منها بعد الحرب العالمية الثانية سوى القليل واستمرت اثنتان منها، وكالة أنطوان عريس وملكونيان، حتى سبعينيات القرن الماضي.  (هذا القول يحتاج إلى فحص ممن لهم معرفة أفضل بالموضوع).

الرصد السريع لقائمة الوكالات يبين ان ما يقارب نصف عدد الوكالات عراقية وهذا مؤشر على ان التجار وأصحاب المال العراقيين، يهود ومسيحين ومسلمين، كانوا آنذاك مهتمين بالنشاط التأميني كمتمم للنشاطات الأخرى التي كانوا يقومون بها.  من ذلك أن اشتغالهم في تجارة الاستيراد لحسابهم أو لحساب أطراف أخرى (كوكلاء بالعمولة) ولّدَّ الاهتمام بإجراء التأمين المناسب كالتأمين البحري على البضائع.

ونلاحظ ان بعض الوكالات كانت تعلن عن توفير وثائق التأمين على الحياة والسيارات مما يعكس درجة من الثراء للبعض تتيح لهم شراء وثيقة تأمين على الحياة أو وثيقة تأمين على السيارات (وقتها لم يكن التأمين على الحوادث الناشئة عن السيارات إلزامياً).  وعلى العموم فإن الوكالات كانت تتعاطى أساساً بالتأمين البحري والحريق، والبعض منها يوفر التأمين على الحوادث، وضمان الأمانة وتأمين السيارات.

لاحظ التوزيع الجغرافي للوكالات فالتركز هو في العاصمة بغداد (21 وكالة)، ثم البصرة (5 وكالات) ووكالتين في الموصل.  ولبعض الوكالات فروع في البصرة والموصل وكركوك.  كما ان مكاتب الوكالات في بغداد تقع في دائرة صغيرة تشمل شارع الرشيد، وشارع الرواق وشارع السموأل وهي الدائرة التي ضمت فيما بعد بناية مصرف الرافدين والبنك المركزي.  وبذلك تُشكل هذه المنطقة المركز المالي للعاصمة بغداد وتذكرنا بمنطقة السيتي في لندن، الأكثر تطوراً وتعقيداً وعراقةً، حيث تتركز شركات التأمين والوسطاء ولويدز والبنوك والمؤسسات المالية الأخرى.

ونلاحظ أيضاً أن الوكالات كانت تمثل شركات تأمين أجنبية وبعضها كانت تمثل سوق لويدز في لندن.  وهذا يشير إلى عدم وجود شركة تأمين عراقية آنذاك ولن تتأسس ما يماثل هذه الشركة إلا بعد عشر سنوات وهي شركة الرافدين للتأمين وبرأسمال عراقي 40% وأجنبي 60%.  أما الشركة العراقية الحقة فلم تتأسس إلا سنة 1958 وهي شركة بغداد للتأمين وكان مديرها العام جون نودي John Naudi البريطاني الجنسية.

يكشف لنا سجل وكالات التأمين أن معظم الإنتاج في هذه الفترة كان تنافسياً ومن خلال الوكلاء وليس البيع المباشر من قبل شركات التأمين على قلتها.  ونرى أن هذه الوكالات كانت تمتلك تفويضاً اكتتابياً بحدود معينة لإصدار وثائق للتأمين نيابة عن الشركات الأجنبية خارج العراق الموكلة لها مع صلاحيات معينة لتسوية مطالبات التعويض.  وهذه هي الطريقة التقليدية المتبعة في العديد من أسواق التأمين.

معظم هذه الوكالات لم تكن متخصصة بالتأمين بل كانت وكالات عامة تمارس نشاطات اقتصادية مختلفة باستثناء شركة العراق للتأمين المحدودة The Iraq Insurance Co Ltd التي تُعلن عن نفسها كوسيط للتأمين ووكيل:

The Guardian Assurance Co Ltd

The International Saving Society

وأنها تجري التأمين مع لويدز ومكتتبين فرنسيين.  ولا ندري مدى صحة استخدام صفة وسيط التأمين من قبل هذه الشركة، وحتى اسمها كشركة للتأمين لا يتسق مع العمل كوسيط وكوكيل.

ونلاحظ في الدليل ذكر اسم ثلاث شركات تأمين مجردة من أي ربط بوكالة تأمين هي:

India Life Insurance Co, Shark Insurance Co, Alliance Insurance Co

ونرى ان هذه الشركات كانت فروعاً للشركات الأم، ونفترض أنها كانت تقوم بالبيع المباشر لوثائق التأمين وربما من خلال الوكلاء أيضاً.

من المعروف أن الإعلانات تميل عموماً إلى المبالغة ولذلك لا يمكننا الاطمئنان بالكامل على جميع المعلومات الواردة في إعلانات الوكالات كما مر معنا بالنسبة للوكالة التي تصف نفسها بوكالة للتأمين ووسيط للتأمين.  كما ان هذه المعلومات لا تكفينا للحكم على القيمة الاقتصادية لهذه الوكالات من حيث رأسمالها، وحجم أقساط التأمين التي كانت تنتجها أو مبالغ التأمين، وعدد الموظفين الذين كانوا يعملون فيها ونسبة العراقيين بينهم.  ربما لو توفرت مصادر إضافية مناسبة لكان بالإمكان التحقق من بعض هذه العناصر، ونسبة الأقساط إلى الدخل القومي، أو التعرف على عدد وأنواع وثائق التأمين التي كانت تصدرها، ومن كان يشتريها، والتوزيع الجغرافي لحملة وثائق التأمين، ومكانة التأمين على الحياة.

وجود هذا العدد الكبير نسبياً من وكالات التأمين يؤشر على وجود طلب فعّال للحماية التأمينية على مستوى الأفراد والشركات التجارية والصناعية وشركات الملاحة البحرية.  وربما لعبت الوكالات دوراً مهماً في الترويج لأهمية الحماية التأمينية في مجتمع آخذ بالتطور.

بحث وتوثيق تاريخ التأمين

ان البحث في دليل الأعوام السابقة وتلك التي تلت إصدار دليل عام 1936 سيساهم في الكشف عن معلومات إضافية تتعلق بالنشاط التأميني فالدليل وغيره من الوثائق يشكل مصدرا للبحث في التاريخ الاقتصادي للعراق رغم محدودية المعلومات فيه.  ربما يستطيع المؤرخ المحترف اكتشاف المزيد من العلاقات بين معلومات كهذه وواقع الحياة الاقتصادية.  ما يشجعني على هذا القول هو الدراسات التي يقوم بها الأكاديميون في الغرب.  وبهذا الخصوص كنت قد ترجمت عرضاً لكتاب أسس روح المبادرة النسائية: المشاريع الاقتصادية والبيت والأسرة في لندن، 1800 – 1870 جاء فيه:[9]

يقدم هذا الكتاب أفضل البيانات حتى الآن عن سيدات الأعمال في لندن. المصادر الرئيسية للكتاب، وهذه تمثل الإسهام الرئيسي في حقل دراسات المرأة من منظور تاريخي، هي عينات من أصحاب الأعمال من الذكور والإناث مستلة من سجلات شركة صن فاير للتأمين Sun Fire Insurance Co. سجلات التأمين على الحريق أقل عرضة للانحراف بسبب التوقعات الاجتماعية مقارنة مع غيرها من السجلات الأخرى. كما أن سجلات التأمين تشمل شركات الأعمال التي لا تدخل في الأدلة التجارية. وأصحاب الأعمال، ذكورا وإناثا، لديهم الحاجة والفرصة لتأمين ممتلكاتهم التجارية. وحيث أن هذه السجلات هي عقود للتأمين، وليست إعلانات، فإن المعلومات التي تضمها تتميز بالدقة.  فالنساء صاحبات الأعمال، وكما تلاحظ كاي، غير قادرات على الاختفاء خلف الأقارب الذكور لأن “تحريف الملكية يمكن أن ينظر إليه باعتباره غشاً” (ص 50).

عينة الإناث تشمل جميع وثائق التأمين التي تغطي الأصول التجارية التي صدرت للنساء في السنوات 1747، 1761، 1851، وعام 1861. فهناك 634 وثيقة من مثل هذه الوثائق.

هذا النمط من البحث والكتابة يكاد أن يكون مفقوداً في الدراسات التاريخية في العراق.  وهذا ما دفعني إلى مخاطبة زملاء المهنة بشأن مشروع وضع ارشيف للتأمين في العراق، ففي رسالة إلكترونية مؤرخة في 2 حزيران 2010 للزميل سعدون الربيعي، مع نسخة منها لكل من الزميلين منذر الأسود ومحمد الكبيسي، طلبت منه الآتي للبدء بالمشروع:

هل لديك مستندات ذات طابع تاريخي عن التأمين في العراق: أول وثيقة تأمين (حريق، بحري، حياة، هندسي وغيرها) صدرت في العراق، تظهيرة (ملحق) تأمين، شهادة تسجيل أول شركة تأمين وأول وكالة تأمين، وصل مخالصة، استمارة طلب تأمين، صور عن حرائق كبيرة لمحلات مهمة في بغداد وغيرها من مدن العراق، صور عن سيارات الإطفاء، صور مؤسسي شركات التأمين الفردية أو الجماعية، أول كتاب عن التأمين صدر في العراق، مواد دعائية لشركات التأمين .. الخ.  عندي مشروع لك ولغيرك من الزملاء في العراق لتكوين أرشيف يمكن أن يكون فيما بعد موضوعاً لمعرض متخصص عن التأمين في العراق، وكذلك مدخلاً لتشجيع البحث والكتابة عن تاريخ التأمين في العراق.

ربما سأقوم بكتابة دعوة بهذا الشأن في المدونة، إن سمح الوقت، ولكني في الوقت الحاضر أترك الموضوع لك ولمن تود أن تستعين به من الزملاء لتطوير هذه المشروع.  لعل الزملاء منذر عباس الأسود ومحمد الكبيسي وغيرهما يستطيعون المساهمة في هذا المشروع.  وبالطبع فإن أستاذنا بديع أحمد السيفي وعبد الباقي هادي رضا يملكان، في رأي، ثروة من المعلومات عن الجيل الذي سبقهم وقد يتوفران على مستندات مهمة مفيدة لهذا المشروع.

أرسل نسخة من هذه الرسالة للزميلين منذر ومحمد وأتوقع أن أقرأ رأيهما بالمشروع.

أرجو أن أقرأ رأيك بهذا الشأن.

مشروع ارشيف التأمين ما زال معلقاً رغم أن الزميل منذر الأسود أخبرني بأنه بدأ بجمع بعض الصور والإعلانات وغيرها.  وقد طلبتُ من بعض الزملاء في شركة التأمين الوطنية توفير قائمة بأسماء المدراء العامين للشركة منذ تأسيسها عام 1950 وفترات ولايتهم.  إلا أن هذا الطلب ما زال معلقاً أيضاً.  ربما تأخذ جمعية التأمين العراقية على عاتقها تأسيس مركز وثائقي للتأمين.

لندن 6 آذار 2012


[1] وفيما يخص قطاع التأمين العراقي فقد خسر العشرات من كوادره بسبب سياسات النظام الدكتاتوري السابق والحروب الداخلية والخارجية وسنوات العقوبات الدولية.  لم يجر حتى الآن توثيق هذه الخسارة.

[3] نشرت هذه المقالة في مجلة الثقافة الجديدة، العدد 328، 2008 ونشرت أيضاً في مجلة التأمين العراقي الإلكترونية http://misbahkamal.blogspot.com/2009/04/328-2008-67-76.html

[4] عبد الرزاق الحسني، تاريخ العراق السياسي الحديث (بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة، الطبعة الثالثة، 1989)، ثلاثة أجزاء، ج 3، ص 161.

كان الحاج محمد جعفر أبو التمن وزيراً للمالية في حكومة حكمت سليمان.

[5] المراد بهذه المبالغ هو أقساط التأمين إذ أن الاستثمار يقوم على تجميع أقساط التأمين وليس مبالغ التأمين.

[6] للتعريف بهذا القانون راجع مصباح كمال، “إطلالة على بواكير التأمين والرقابة على النشاط التأميني في العراق”، مجلة التأمين العراقي: http://misbahkamal.blogspot.com/2009/09/331-2009-44-52.html

[7] لا نعرف إن كانت هذه الشركة هي شركة الشرق للتأمين، وهي شركة مصرية تأسست سنة 1931.

[8] الاسم محمد نجيب الجادر أثار عندي الفضول فسألت الصديق سعد الجادر عنه وأفادني في رسالة بتاريخ 5 آذار 2012 بأن محمد نجيب الجادر خاله، وكان رئيس غرفة تجارة الموصل عام 1926.  أنشأ مصنعا للنسيج فضلا عن واحدة من أقدم مصانع الصوف والقطن.  وكان عضواً مؤسساً في مجلس إدارة البنك العربي.  وفي الأربعينيات قدم اقتراحا لمجلس إدارة البنك العربي لتأسيس فرع للبنك في القاهرة متخصصة في تقديم القروض الطويلة الأمد للفلسطينيين لمساعدتهم في الوقوف تجاه إغراء بيع الأراضي لليهود.

وقد توقف العمل في مصانع الغزل والنسيج والقطن والصوف.  وكان وعائلته يعيشون في مجمع ضخم في الموصل يضم أربعة قصور ما زالت قائمة لكنها مهملة.  وتملك العائلة أملاك كبيرة في الموصل بضمنها عدة أسواق وما كان يعرف بالحي الاشوري.  وكانت له أملاك كبيرة في المنطقة التي صارت تعرف باسم الجادرية في بغداد.  وقد توفي محمد نجيب الجادر عام 1956.

كما دلني الصديق الجادر على مقالة أ. د. إبراهيم خليل العلاف، أستاذ التاريخ الحديث، جامعة الموصل عن “محمد نجيب الجادر والوطنية الاقتصادية”:  http://www.mosul-network.org/index.php?do=article&id=17477

[9] مصباح كمال (ترجمة): “روح المبادرة النسائية: دراسة في التاريخ الاقتصادي” مجلة التأمين العراقي

http://misbahkamal.blogspot.com/2010/07/1800-1870-eh.html

Regulation of Insurance Activity in Kurdistan-Iraq

النظام رقم 9 لسنة 2011: تنظيم اعمال التامين في اقليم كوردستان العراق

ملاحظات أولية

 

محمد الكبيسي

 

في البدء أود الاشارة الى ان النظام اعلاه، الخاص بشروط ترخيص شركات التأمين الراغبة بالعمل في اقليم كوردستان المتضمن عدة شروط وضوابط، تمت مناقشتها في ورشة عمل اعدتها وزارة المالية والاقتصاد يوم الثلاثاء الموافق 24/4/2012 بحضور الذوات وزير المالية والاقتصاد ووزير التخطيط واللجنة المختصة، كما حضرها جمع من ممثلي شركات التامين واساتذة الجامعات ورؤساء غرف التجارة والصناعة والشركات والهيئات الاخرى.

لقد لقيت الضوابط الموضوعة في النظام اعلاه اعتراضات وانتقادات واسعة من الحاضرين من ذوي الاختصاص والخبرة الذين اسهموا في مناقشات ضافية لتلك الضوابط ولانعكاساتها السلبية على صناعة التأمين في الاقليم.  كما ابرزوا تأثيرها السلبي على المستهلك.

واذا كانت تلك الضوابط بحاجة الى اعادة نظر وتعديل (شكلا ومضمونا) ووفقا لمبدأ منع الاحتكار ودفع شركات التامين على التسابق والابتكار لتقديم افضل خدمة للمستهلك بحيث تصب كل هذه الضوابط في مصلحته في نهاية الامر فإنني أود ان أترك ذلك للجنة المكلفة به ولكني فقط أريد ان أعرج وأعلق على فقرتين من شروط منح الترخيص هما الفقرة (3) والفقرة (5).  وأبدأ بالأخيرة التي قضت “بان يكون رأسمال شركة التامين طالبة الترخيص مبلغا لا يقل عن خمسة وعشرون مليار دينار ويدفع بقسطين متساويين خلال سنتين لكافة انواع التامين”.

ان الشركة التي تأسست قبل صدور النظام، وباشرت عملها واصبح لديها التزامات مع الشركات والافراد المؤمنين لديها واخطارا غير منتهية مع استحقاقاتها القانونية، من غير المعقول، من وجهة نظرنا، ان يكون عليها بهذه الصورة المفاجئة ان ترفع راس المال الى الحد الادنى المطلوب في الشروط المشار اليها دون ان يتم ذلك وفق وتائر تدريجيه وفي مراحل زمنية معقولة نقدرها على الاقل بخمس سنوات.  هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى، أود التركيز على حقيقة ان النظام المشار قد أكد في محتواه وفقراته على ان الهدف من اصداره هو منع احتكار اعمال التامين في الاقليم وترسيخ مفهوم التنافس لخدمة المستهلك في نهاية الامر، اي ان روح التشريع جاء لتحقيق هذه الغاية التي هي وحدها الكفيلة بتطوير وانماء هذه الصناعة الحيوية اليوم واي نشاط آخر في جميع انحاء العالم بينما نجد ان التطبيق جاء مخالفا لروح النص عندما اتاح المجال للشركات التي تستطيع جمع راس المال الكبير المطلوب واستبعاد الاخريات مما يعني عمليا ترسيخا للاحتكار وعودة بسوق التامين في الاقليم الى سابق عهد احتكار اعمال التامين فيه الى ما قبل 1991 عندما كانت هناك شركتان فقط مملوكتان للدولة تحتكران جميع الاعمال.  ولا أجد حاجة لاستعراض الضرر وتأخير نمو القطاع الذي اصاب الصناعة (نتيجة لذلك ولأسباب اخرى مصاحبة ليس هنا مجالها) مما دفع الى اصدار تعديل على قانون الشركات سنة 2000 اتيح بموجبه للقطاع الخاص تأسيس شركات مساهمة خاصة، ثم بعد ذلك صدر الامر الرقم 10 قانون  تنظيم اعمال التامين الاتحادي لسنة (2005) الذي، رغم نواقصه وثغراته، يفترض انه اتاح للشركات الخاصة والعامة التنافس وفقا لنظام السوق المفتوح ومنع احتكار الاعمال الحكومية والخاصة خدمة للمستهلك، بل اود فقط ان أبين أن تطور رؤوس اموال شركات الـتأمين ينمو سنويا مع نمو احتياطياتها المالية والفنية وارباحها المتحققة وتوسع اعمالها.  ويمكن زيادة رؤوس اموالها بناء على حاجتها وحاجة التشريعات وفقا لسياقات قانون الشركات رقم (27) لسنة (1997) وتعديلاته المعتمد في الاقليم.

وبهذه المناسبة فان الحد الادنى لرأس مال شركة التامين بموجب قانون تنظيم اعمال التامين الاتحادي في العراق لا يزيد على (مليار ونصف دينار) مما سمح بتأسيس اكثر من ثلاثين شركة تأمين تتنافس اليوم فيما بينها لخدمة المستهلك واصبح الاحتكار من الماضي، علما بان في الولايات المتحدة الاميركية ومعظم الاسواق العالمية شركات تأمين عملاقة والى جانبها تعمل شركات تأمين صغيرة وكل يتنافس في مجاله وسوقه.

ان الحد الادنى لرأس المال المطلوب في دول الجوار، والذي ينمو وفق سياقات تدريجية وليست فجائية او فورية، لا يزيد في بعض البلدان على خمسة ملايين دولار، اذ ان دور راس المال في بداية ممارسة الشركات لنشاطها، باعتقادي، هو دور ثانوي حيث تعتمد شركة التأمين على مبدأ توزيع المخاطر على شركات اعادة التأمين بموجب اتفاقيات خاصة تنظم لذلك.  والسبب هو ان الشركة حتى وان كان رأسمالها كبيرا (مائة مليون دولار مثلا) فنمو اعمالها سرعان ما ينتج عنه التزامها بمسؤوليات مالية تفوق رأسمالها بعدة اضعاف الامر الذي يجعل من دور راس المال ثانويا في تسوية المطالبات.  وما يعول عليه هنا هو “توزيع المخاطر” على اكبر عدد من الشركات كي لا يتسبب الضرر، ان وقع، في أعباء مالية لا تستطيع الشركة برأسمالها فقط ان تنوء به.

اما الفقرة (3) التي قضت ان يدفع المرخص (20%) من مجموع الارباح الكلية الى وزارة المالية والاقتصاد بموجب الميزانية المصدقة للشركة نهاية كل سنة مالية وذلك كحد ادنى الى المديرية العامة للتأمين لغرض اعمالها، فنود ان نبدي ان شركة التامين كشركة مساهمة خاصه تخضع اعمالها لضريبة الدخل وعادة ما تستوفي دوائر الضريبة ما نسبته 15% من الارباح.  وهكذا بجمع النسبتين يصبح على شركة التأمين ان تدفع للدولة 35% من ارباحها ولا ندري تحت اي باب او مبرر قانوني او عرفي يمكن ادراج هذا الاجراء وهو باعتقادي امر مستغرب وغير مسبوق وربما كان معيبا بحق اقليم كوردستان، فما حاجة الاقليم الى ذلك، وهل تحصل الشركة على حق حصري لأعمال تأمينية معينة يؤهلها لتحقيق ايرادات كبيرة بيسر وسهولة ومن دون مخاطر حتى تدفع لوزارة المالية هذه النسبة من الارباح؟

 

 

اربيل 2/5/2012