Tag Archives: Regulation

رئاسة ديوان التأمين العراقي: نظرة على تضارب المصالح

مصباح كمال

نشرت في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2021/09/Misbah-Kamal-Diwan-conflict-of-interest-final-IEN.pdf

(1)

نشرتُ في كانون الأول 2012 مقالًا نقديًا بعنوان في “’استقلالية‘ ديوان التأمين العراقي ورئاسته،” في مجلة التأمين العراقي[1] ضم العناوين الفرعية التالية:

من المفيد للقراء المهتمين الرجوع إلى هذا المقال لعلاقته بالمقال الحالي إذ أنني سأكتفي هنا ببعض الاقتباسات منه.

لا يهدف هذا المقال إثارة الشكوك حول سلامة تصرف من يـ/تقوم بإدارة شؤون الديوان وشركة التأمين التي يـ/تعمل فيه، بل إثارة السؤال حول سلامة قرار وزارة المالية في تعيين رئيس للديوان وكالة يـ/تشغل منصبًا آخرًا بالوكالة أو الأصالة.

(2)

منذ تأسيسه سنة 2005 لم يشهد الديوان تعيين رئيس أصيل له.  فيما يلي عرض سريع لأسماء من شغل موقع رئاسة الديوان وكالة مع حفظ الألقاب وتعريف بسيط بهم.[2]

1      فؤاد عبد الله عزيز، 2005-2006

شغل مواقع متقدمة في شركة التأمين الوطنية لغاية 1996، ثم صار مديرًا عامًا لشركة إعادة التأمين العراقية لحين تعيينه لرئاسة الديوان وكالةً عندما كان عادل عبد المهدي وزير المالية.

2      فيصل منهل تايه الكلابي، 2006

قبل تعيينه رئيسًا للديوان كان مدير عام الدائرة الإدارية بوزارة المالية، وقبلها كان مديرًا لقسم الحسابات في شركة التأمين الوطنية.  صار رئيسًا للديوان وكالة عندما كان باقر الزبيدي وزير المالية.

3      ضياء حبيب الخيون، 2006-2007

كان مديراً لمصرف الرافدين قبل 2003، واحتفظ بمنصبه في بداية الاحتلال الأمريكي بصفته محافظاً لمصرف الرافدين، ثم عُيّن مستشاراً مالياً في عهد الاحتلال ثم وكيلاً لوزارة المالية.  شغل رئاسة ديوان التأمين بالوكالة عندما كان باقر الزبيدي وزير المالية إضافة إلى موقعه في وزارة المالية.  (لاحظ الازدواجية في إشغال المنصب).

4      فيصل منهل تايه الكلابي، 2007-2009

كان مديرًا لقسم الحسابات في شركة التأمين الوطنية ثم صار مديرًا عامًا لشركة إعادة التأمين العراقية.  عُيّن ثانية لرئاسة الديوان عندما كان باقر الزبيدي وزير المالية.

5      ضياء حبيب الخيون، 2009-2010

أعيد تعيينه لرئاسة الديون عندما كان باقر الزبيدي وزير المالية.

6      فيصل منهل تايه الكلابي، 2010-2015

أعيد تعيينه لرئاسة الديوان عندما كان رافع العيساوي وزير المالية.

7      صادق عبد الرحمن الخالدي، 2016-2018

كان المدير العام لشركة التأمين العراقية، ثم المدير العام لشركة التأمين الوطنية (2015-2017).  (لاحظ الازدواجية في إشغال منصبين في شركة التأمين الوطنية وديوان التأمين في نفس الوقت).  ليس واضحًا إن كان تعيينه لرئاسة الديوان عندما كان هوشيار الزيباري وزير المالية (2014-2016) أو عندما كان عبد الرزاق العيسى وزير المالية (2016-2018).

8      أحمد عبد الجليل الساعدي، 2018-2019

شغل في وقت واحد أربعة مناصب: مدير عام هيئة التقاعد ورئيس ديوان التأمين والضمان الاجتماعي وشركة الدواجن والعلف الحيواني، وكلها بالوكالة.  اعتقل في أيلول 2020 من قبل القوات الأمنية لصـدور أوامر قضائية بحقه من قبل هيئة النزاهة لضلوعه بعمليات فساد مالي في هيئة التقاعد.  ليس واضحًا إن كان تعيينه لرئاسة الديوان عندما كان عبد الراق العيسى وزير المالية أو عندما كان فؤاد حسين وزير المالية (2018-2020).

9      ناجحة عباس علي، 2019-2020

كانت تشغل موقع مدير عام في هيئة الضرائب.  شغلت موقع معاون مدير عام ديوان التأمين نقلت بعدها إلى الدائرة الاقتصادية في وزارة المالية.  عُينت لرئاسة الديوان عندما كان فؤاد حسين وزير المالية.

10     إسراء صالح داؤد، أيلول 2020

مدير عام شركة التأمين الوطنية وكالة (اعتبارًا من 1 كانون الثاني 2020)، كُلفت بتمشية أعمال الديوان إضافة إلى وظيفتها.  كانت قبل ذلك مديرًا لفرع نينوى للشركة.  (لاحظ الازدواجية في إشغال منصبين في نفس الوقت).  عينت لرئاسة الديوان مع تسنم علي علاوي لمنصب وزير المالية سنة 2020.

سيلاحظ القراء أن رئاسة الديوان وكالة تناوب عليها عشرة أشخاص خلال خمسة عشر سنة.  كيف يمكن لهذا النهج في إدارة الديوان تطوير أداء الديوان وتعزيز مكانته في قطاع التأمين العراقي وفي حضوره في الحياة العامة؟  تغيير المسؤولين إجراء معروف في العديد من المؤسسات والشركات للحيلولة دون تكلس الوظيفة الإدارية أو قيام فرصة لظهور الفساد، أو تطوير كفاءات إدارية تحمل تجارب عملية متنوعة تسهم في التطوير والابتكار.  ولكن ما الحكمة في سرعة تبديل وزارة المالية لشاغل رئاسة الديوان؟  أهو تحيّز وزير المالية لتنصيب من يرغب به لأسباب شخصية أو سياسية طائفية؟

علّقتُ في مقال نقدي كتبته عن شركة إعادة التأمين العراقية على إشكالية إشغال أحمد عبد الجليل الساعدي لعدة مناصب في نفس الوقت كما يلي:

أن يحتل شخص واحد أربعة مواقع إدارية يعكس خللاً في النظام السياسي الاقتصادي المحاصصي الذي أنشئ بعد 2003.  إن كان ما كتبه الشابندر صحيحًا كان على أحمد عبد الجليل الساعدي، من رأيي، أن لا يقبل بهذه المناصب، مهما كانت قدراته الإدارية كبيرة، ولسبب بسيط وهو أن الوقت المتوفر له خلال يوم العمل لا يكفيه للاهتمام بشؤون جميع الإدارات التي يقودها.  إضافة إلى ذلك فإن كلاً من هذه الإدارات تتطلب اختصاصاً معرفياً ومهنياً قد لا تتوفر لديه وإن توفرتا فستكونان هزيلة.  إزاء هذا الوضع فإن المتضرر هي الشركات التي يرأسها.[3]

ومما له علاقة بموضوع هذه المقالة اقتبس التالي من مقالي المنشور في مجلة التأمين العراقي:

وقد استعلمتُ من فؤاد عبد الله عزيز، باعتباره أول رئيس بالوكالة، عن تاريخ إشغاله للموقع وما آل إليه وضعه فأفادني بالتالي في رسالة إلكترونية بتاريخ 29 تشرين الأول 2012:

استلمت رئاسة الديوان بالوكالة منذ تأسيسه ولغاية تقاعدي في 31/12/2005.  وقد كتب وزير المالية قبل التقاعد بثلاثة اشهر تقريبا لغرض تثبيتي بما يعني التعاقد لخمسة سنوات أو ثلاثة وفق القانون ولم يصل رد بالموافقة او الرفض لحين مغادرتي الوظيفة.

كما تعلم فاني عملت في الوطنية منذ 14/9/1966 وقد اصبحت مديرها العام بداية عام 1992 وفي 18/11/1996 نقلت الى وزارة المالية كمدير عام فيها بعدها نقلت الى مدير عام المركز التدريبي المالي والمحاسبي ثم الى مدير عام شركة اعادة التامين العراقية منذ عام 1998.  نقلت بعد التغيير، عند استيزار عادل عبد المهدي للمالية، الى مستشار فني للوزير وبقائي مشرفا على الاعادة العراقية وعند تأسيس الديوان عينت رئيسا له بالوكالة ثم وكيلا لوزارة المالية عندما اصبح علي عبد الامير علاوي وزيرا للمالية وعندها تركت ادارة الاعادة العراقية لتعارض ذلك مع رئاستي للديوان.  (التأكيد من عندي)

هناك نقطتان مهمتان في إفادة فؤاد عبد الله عزيز.  الأول، هو مشروع تثبيته رئيسًا أصيلًا للديوان بعقد عندما كان عادل عبد المهدي وزيرًا للمالية.  الثاني، تصرّفه المهني السليم بتركه لإدارة شركة إعادة التأمين العراقية لقناعته بتعارض الجمع بين أدارتين.

(3)

لدينا حالتان لتضارب المصالح يتمثلان بإشغال مدير عام شركة التأمين الوطنية لرئاسة ديوان التأمين: صادق عبد الرحمن الخالدي وإسراء صالح داؤد.

في حالة صادق عبد الرحمن الخالدي نشأ تضارب حقيقي فيما يخص تبنّيه مشروع دمج شركة التأمين العراقية بشركة التأمين الوطنية فقد كان الخالدي وقتها (2016) مديرًا عامًا لشركة التأمين الوطنية (وقبلها مديرًا عامًا لشركة التأمين العراقية) ورئيسًا لديوان التأمين وكالة.  وقد كان المشروع مشوبًا بفقر الالتزام بالقواعد الإجرائية الصحيحة[4] إضافة إلى التضارب بين ممارسة صلاحيات رئيس الديوان وإدارة شركة تأمين عامة من قبل نفس الشخص.

في حالة إسراء صالح داؤد لم يظهر حتى الآن، حسب علمي، ما يؤشر على قيام تضارب في ممارسة الصلاحيات ولو أن التضارب قائم بالقوة.  ما وصلني من معلومات تفيد أن داؤد تدرك وضعها الحالي الذي ينطوي على تضارب في المصالح، ويبدو أنها تمارس صلاحيتها في رئاسة الديوان بحيادية كون الديوان مُشرفًا على شركات التأمين كافة.  مع ذلك ليس هناك معلومات عن تطبيقها للأدوات المستخدمة في الرقابة regulation على شركات التأمين.  ويرد ببالنا تطبيق الأدوات التالية:

-الرقابة على الأسعار (أقساط التأمين) لضمان تحقيق محفظة آمنة لمقابلة مطالبات التعويض دون تعريض الملاءة المالية للشركة إلى خطر الإعسار.

-الرقابة على المُنتج التأميني (صياغة وثيقة التأمين لتكون مختلفة عن وثيقة تأمين شركة منافسة، وهي ما تلجأ إليه شركات التأمين في حال عدم قدرتها على التنافس على الأسعار)

-الرقابة على الاستثمار الرأسمالي (التأكد أن الاستثمارات لا تؤثر سلبًا على ملاءة شركة التأمين، فبعض الاستثمارات ذات الربحية العالية قد تنطوي على أخطار وتتدخل الرقابة لضبطها، ومن هنا منشأ التأكيد على الاستثمارات الآمنة كالسندات الحكومية)

ترى هل أن ديوان التأمين يُطبّق هذه الأدوات في ممارسة رقابته على شركة التأمين الوطنية وشركات التأمين الأخرى؟

(4)

من باب التبسيط، ينشأ تضارب المصالح conflict of interest عندما يكون للشخص، الطبيعي أو المعنوي، علاقتان/موقعان تتنافسان مع بعضهما البعض على ولاء الشخص تؤثر على تصرفه أو حكمه أو قراراته.  ولذلك تلجأ الهيئات الرقابية إلى وضع القواعد لتجنب التعارض والحيلولة دون وقوعها لدى الشركات التي تقوم بالرقابة على نشاطها. على سبيل المثل، فإن هيئة الرقابة على القطاع المالي، ومنه التأمين، في بريطانيا تفرد فصلًا كاملًا من كتاب قواعد الرقابة لهذا الموضوع.  كما أن شركات التأمين في أسواق التأمين المتقدمة لها قواعدها التنظيمية لتشخيص حالات تضارب المصالح وسبل التعامل معها.[5]

هناك مشكلة قد تنشأ من جمع الشخص بين موقعين توصف بالإنجليزية بالـ regulatory capture، ويمكن ترجمته بالانحياز أو الولاء المعاكس أو الاستيلاء التنظيمي.  ويعني هذا خضوع هيئة الإشراف والرقابة (ديوان التأمين) لتأثير أو هيمنة الجهة التي تخضع لرقابتها (شركة التأمين الوطنية).  وهذا احتمال قائم رغم أننا لم نرصد من تصرفات تشير إليه.

هذا الانحياز التنظيمي الذي ينشأ من تضارب المصالح غائب في قرارات وزارة المالية عند تعيينها لشخص واحد لإشغال موقعين في نفس الوقت.  ويستغرب البعض غياب المعرفة بموضوع التضارب لدى وزير المالية الحالي على علاوي خاصة وأنه مُطّلع على إدارة المؤسسات في العالم الغربي حيث تلقى معظم تعليمه الجامعي.

إن هيئات الإشراف والرقابة على النشاط التنظيمي في الاتحاد الأوروبي، على سبيل المثل، تهتم بموضوع تضارب المصالح وتضع الضوابط لمنع قيامه.  فقد أصدرت الهيئة الأوروبية للتأمين والمعاشات المهنية European Insurance and Occupational Pensions Authority (EIOPA) مجموعة من المعايير لضمان استقلالية هيئات الإشراف تحت عنوان معايير استقلال السلطات الإشرافية[6] Criteria For The Independence Of Supervisory Authorities.

وقد تناولت الهيئة الموضوع تحت العنوان الفرعي “تضارب المصالح”، ص 13-14.  ومما جاء في معايير الهيئة أن السلطة الإشرافية يجب أن تلزم الموظفين وأعضاء مجلس إدارتها بالإبلاغ عن تضارب المصالح.  كما يجب على موظفي وأعضاء الهيئة الإدارية للسلطة الإشرافية النأي بأنفسهم من القرارات التي يكون لديهم فيها تضارب في المصالح.

نأمل أن يثير هذا المقال اهتمامًا لعله يؤدي إلى تصحيح خطأ تعيين نفس الشخص لإدارة كيانين يوفر فرصة قيام التضارب في المصالح.

5 أيلول 2021


[1] مصباح كمال، “’استقلالية‘ ديوان التأمين العراقي ورئاسته،” مجلة التأمين العراقي:

http://misbahkamal.blogspot.com/2012/12/on-independence-of-diwan-and-its.html

[2] سأكون شاكرًا لمن ينبهني إلى أي خطأ في المعلومات المدرجة هنا.

[3] مصباح كمال، “عزت الشابندر يتهم مدراء شركة التأمين الوطنية ورئيس ديوان التأمين بالفساد،” موقع شبكة الاقتصاديين العراقي:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2019/07/عزت-الشابندر-يتهم-ديوان-التأمين-وشركة-التأمين-الوطنية-بالفساد-1.pdf

[4] مصباح كمال، “مشروع دمج شركات التأمين العامة،” موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

http://iraqieconomists.net/ar/2016/02/21/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d9%85%d8%b4%d8%b1%d9%88%d8%b9-%d8%af%d9%85%d8%ac-%d8%b4%d8%b1%d9%83%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a3%d9%85%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b9/

مصباح كمال، “عودة إلى مشروع دمج شركات التأمين العامة،” موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2016/11/19/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d8%b9%d9%88%d8%af%d8%a9-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d9%85%d8%b4%d8%b1%d9%88%d8%b9-%d8%af%d9%85%d8%ac-%d8%b4%d8%b1%d9%83%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84/

[5] على سبيل المثل: https://www.zurich.co.uk/en/services/uk-conflict-of-interest-policy-summary

[6] European Insurance and Occupational Pensions Authority, Criteria For The Independence Of Supervisory Authorities. Luxembourg: Publications Office of the European Union, 2021.

Insurance Business Regulation Law 2005 & Reinsurance: comment on an academic paper

إعادة التأمين وقانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005

تعليق موجز على بحث أكاديمي

 

 

مصباح كمال

 

 

مقدمة

 

نبهني الزميل فاروق يونس إلى بحث للسيد ياسين كاظم حسن بعنوان “إعادة التأمين” يتناول فيه التعريف بإعادة التأمين والوظيفة التي تقوم بها وعقد إعادة التأمين.  وذكر بأن الكاتب يرى أن القانون العراقي “لم ينظم إعادة التأمين كما ينبغي فلم يكن هذا القانون في صالح عملية اعادة التامين بل لم يكن في صالح قطاع التامين برمته” ويقترح جملة من التوصيات لتعديل قانون تنظيم أعمال التأمين.[1]

 

هذه هي المرة الأولى التي تجري فيها الإشارة إلى موضوع إعادة التأمين في قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005.  فللسيد ياسين كاظم حسن فضل الريادة بهذا الشأن إلا أن معالجته لإعادة التأمين في القانون تبدو وكأنها جاءت عرضاً في خاتمة البحث رغم أنه عند تقديمه لأهمية البحث يثير سؤال: “هل ساهم القانون العراقي الجديد بمعالجة إعادة التأمين؟”[2]  لكن السؤال لا يجد له مكاناً في مشكلة البحث وخطة البحث.  وعلى أي حال فإن البحث ليس معنياً بالدرجة الأولى بمكانة إعادة التأمين في قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005، ومعالجته للقانون عرضية ولا تشكل إلا جزءاً صغيراً من البحث، وهي خالية من عرض وتحليل ونقد موسع للقانون ولا تشغل سوى صفحة واحدة من البحث.

 

إن البحث مكتوب كمدخل أولي للتعريف بإعادة التأمين، أقول أولي لأن الكاتب يتناول موضوعه من موقف تعليمي، وحتى أنه لا يشير إلى أن إعادة التأمين نشاط عالمي واسع وحتى معقد في بعض صوره إذ صارت بعض عقود إعادة التأمين مرتبطة بأسواق رأس المال – أي خارج العلاقة التقليدية بين شركات التأمين المباشر وشركات إعادة التأمين وكذلك العلاقة بين شركات إعادة التأمين ذاتها.

 

هذا بعض ما خطر ببالي بعد قراءة البحث.  وفيما يلي سأركز على موقف الباحث من إعادة التأمين في قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005، كما جاء في ختام البحث.

مناقشة لموقف الباحث من إعادة التأمين في قانون سنة 2005

 

لتعريف القارئ بموقف الكاتب اقتبس خاتمة بحثه بالكامل، التي تضم استنتاجاً وجملة من التوصيات،[3] وأقدم تعليقات قصيرة على ما ورد فيها.

 

“الخاتمة

 

أولا: النتائج.

 

١.تتمثل عملية إعادة التأمين بقيام المؤمن المباشر بتغطية الأخطار التي تفوق قدرته الاستيعابية من خلال إعادة تأمينها لدى شركات هي شركات إعادة التأمين.

 

لكي تُقرأ هذه النتيجة/الاستنتاج بشكل صحيح كان من المناسب التفريق بين الأخطار المعاد تأمينها بعقد اختياري أو بعقد اتفاقي في متن البحث إذ أن المؤمن المباشر يلجأ إلى إعادة التأمين بشكليه الاختياري أو الاتفاقي ليس فقط لأن الأخطار التي اكتتب بها تفوق قدرته الاستيعابية.  هناك اعتبارات أخرى ذات بعد اقتصادي للجوء إلى إعادة التأمين.  فبالنسبة لشركات التأمين الصغيرة فإن توفر إعادة التأمين الاتفاقي يوسع من قدرتها الاكتتابية بأخطار تفوق أقيام رأسمالها.  وقد تلجأ شركات التأمين المباشر إلى إعادة التأمين الاختياري بسبب وجود استثناء لأموال معينة في الاتفاقية (الأخطار النفطية والبتروكيماوية، على سبيل المثل)، أو تجاوز مبالغ بعض الأخطار سقف/حدود الاتفاقية، وغيرها من الاعتبارات مما يجعل إعادة التأمين الاتفاقي لحماية هذه الشركات ضرورياً.  معنى هذا أن إعادة التأمين الاتفاقي ليس كافياً دائماً لحماية شركة التأمين المباشر.

 

كان من المناسب أيضاً الإشارة في متن البحث إلى الخدمات الفنية التي تقدمها شركات إعادة التأمين للشركات المسندة، وخاصة في دول الأطراف، في مجال منع الخسارة، وتسعير الأخطار الكبيرة، وتسوية المطالبات، والتدريب المهني، وحتى الحماية من المطالبات غير المبررة.  ويشهد تاريخ قطاع التأمين العراقي في ستينيات وحتى أوائل ثمانينيات القرن الماضي على ثراء هذه الخدمات.[4]

 

٢.لم ينظم القانون العراقي إعادة التأمين كما ينبغي، فلم يكن هذا القانون في صالح عملية إعادة التأمين بل لم يكن في صالح قطاع التأمين العراقي برمته.

 

إن هذا الاستنتاج هو مصادرة على المطلوب فالباحث لم يشرح للقارئ كيف لم يكن “هذا القانون في صالح عملية اعادة التامين بل لم يكن في صالح قطاع التامين برمته.”  وإذا كانت التوصيات بمثابة حجة على قصور قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 فإنها ليست كافية، وفيها بعض الخلل، كما سنبين في التعليق على التوصيات.

 

إن “عملية إعادة التأمين” لا تتم في فراغ فهي تضم علاقة بين شركات التأمين العراقية وشركة إعادة التأمين العراقية وكذلك شركات إعادة التأمين الأجنبية.  والقول إن قانون سنة 2005 لم يكن في صالح هذه العملية فرضية بانتظار الدراسة والإثبات.  وقل مثل ذلك بالنسبة لأثر القانون على قطاع التأمين برمته.  إن المضمر في إطلاق هذا القول، كما أرى، هو أن القانون أتاح لقيام ممارسات غير صحيحة، وساهم في إضعاف نمو وتطور شركات التأمين العراقية.  وإذا كان هذا هو الموقف العام للباحث نتمنى عليه أن يقوم بتقديم بحث جديد مكرس لدراسة الآثار السلبية والضارة لقانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005.

 

ثانياً: التوصيات.

 

إعادة النظر بقانون تنظيم أعمال التأمين العراقي رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٥[5] بتضمينه الآتي:

 

١.تضمين المادة ٢ من قانون تنظيم أعمال التأمين العراقي رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٥ (مادة التعريف بالمصطلحات) تعريف ما يأتي:

 

أ. إعادة التأمين: هو عملية تأمين المؤمن المباشر جزء من التزاماته والتي تفوق طاقته الاستيعابية لدى جهة أخرى تعرف ب (معيد التأمين) بشروط تحدد بموجب الاتفاق.

 

إن موضوع قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005، كما يدل عليه عنوانه، هو تنظيم النشاط التأميني في العراق، ولهذا لا يرد تعريف للتأمين أو تعريف لإعادة التأمين في القانون، فهو ليس قانون للتأمين وإعادة التأمين.

 

يلاحظ القارئ أن هذا القانون لا يضمُّ تعريفاً للتأمين لأنه ليس قانوناً للتأمين.  ويتكفل القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 تعريف التأمين في المادة 983:

 

“التأمین، عقد به يلتزم المؤمن ان يؤدي الى المؤمن له او الى المستفید مبلغاً من المال او ايراداً مرتباً او أي عوض مالي آخر، في حالة وقوع الحادث المؤمن ضده، وذلك في مقابل اقساط او اية دفعة مالیة اخرى يؤديھا المؤمن له للمؤمن.”

 

ولذلك فإن تعريف إعادة التأمين في قانون سنة 2005 ليس ضرورياً.

 

ب. معيد التأمين: الهيئة التي تمارس نشاط أعمال إعادة التأمين إلى جانب أعمالها التأمينية.

 

إن تعريف “معيد التأمين” موجود أصلاً في القانون، المادة 2-رابع عشر، تحت مسمى “المؤمِن المُفترض”: “الجهة التي تتولى إعادة التأمين، الملزمة بتعويض المؤمن عن المطالبات المتحققة عليه على وفق شروط عقد إعادة التأمين.”

 

“المؤمن المفترض” هو ترجمة حرفية للنص الإنجليزي للقانون الذي وضعه مايك بيكنز، مفوض التأمين في ولاية أركنساس، بتكليف من المحتل الأمريكي للعراق، سلطة التحالف المؤقتة.  النص الإنجليزي للمؤمن المفترض هو assuming insurer وهو تعبير غير مألوف في لغة التأمين المستخدمة في العراق والبلدان العربية، والشائع هو معيد التأمين/شركة إعادة التأمين.[6]

 

٢.تضمينه فصلاً خاصاً بإعادة التأمين توضح مفهومه وأحكامه ضمن الباب الثالث من القانون أعلاه.

 

إن الباب الثالث معني بأمور تنظيمية.  وعدا ذلك، فإن الموضوع الأساس لقانون 2005 هو “تنظيم أعمال التأمين،” أي أنه ليس قانوناً للتأمين، فكيف يتساوق وجود فصل خاص بإعادة التأمين “توضح مفهومه وأحكامه” في هذا القانون؟  ليس لدينا في العراق قانون للتأمين.  لقد عرض المحامي بهاء بهيج شكري “مشروع قانون التأمين” في كتابه بحوث في التأمين (عمان: دار الثقافة، 2012)، ص 827-886.  لكن حكومات العراق ومستشاريها من القانونين وغيرهم ومجلس النواب كذلك، لم يعيروا الموضوع انتباهاً.  وقل مثل ذلك عن جمعية التأمين العراقية وديوان التأمين.  ويبدو أن هناك عدم فهم وخلط بين قوانين التأمين وقوانين تنظيم النشاط التأميني وحتى بين العاملين، من غير القانونيين، في قطاع التأمين.

 

٣.إضافة مادة للفصل الأول من الباب الثالث من هذا القانون تلزم المؤمن المباشر بإعطاء الحرية الكاملة لمعيد التأمين بالاطلاع على نسبة الخسارة المحتملة للعمليات المعاد تأمينها واختيار ما يتناسب وطاقته الاستيعابية لتحمل الأخطار وذلك لردع المؤمن المباشر من التلاعب وعدم السماح له بإعادة التأمين على العمليات غير المربحة فقط.

 

ليس هناك ضرورة لمثل هذه المادة إذ أن القواعد المعتمدة في إعادة التأمين الاختياري والاتفاقي تنظم العلاقة بين طرفي العقد: المؤمِن ومعيد التأمين.  في إعادة التأمين الاختياري يُشترط على المؤمن المباشر (الشركة المسندة) الالتزام بمبدأ منتهى حسن النية فيما يخص التصريح بالظروف المادية المتعلقة بالخطر المراد إعادة التأمين عليه والتي من شأنها أن تؤثر على قرار معيد التأمين بقبول تغطية الخطر أو رفضه.  إن معيد التأمين الاختياري له الحرية المطلقة بالاكتتاب بالخطر المعروض عليه أو رفضه.  إذا تبين عند المطالبة بتعويض أن الشركة المسندة لم تلتزم بهذا المبدأ عندها يستطيع معيد التأمين الاختياري رفض المطالبة ما لم يكن هناك خطأ غير مقصود من جانب الشركة المسندة، وهنا يمكن التوصل إلى تسوية رضائية بين طرفي العقد.  وهذه الأمور والتنازع عليها يمكن أن تكون موضوعاً للتقاضي أمام المحاكم.

 

أما في إعادة التأمين الاتفاقي فإن اتفاقية إعادة التأمين تتضمن شرطاً يُلزم المؤمن المباشر (الشركة المسندة) بتوفير المعلومات المتعلقة بالأخطار المعاد تأمينها التي يطلبها معيد التأمين.  وقد يُوسّع هذا الشرط reinsurer’s right to information ليضم حرية معيد التأمين بالاطلاع على المستندات والوثائق المتعلقة بالأخطار المؤمن عليها وخاصة في حالة تسوية مطالبات التعويض.

 

كتبت في مقال بعنوان “ملاحظة حول شركة إعادة التأمين العراقية والعلاقة مع شركات التأمين الخاصة” (تشرين الأول، 2016) في معرض ما ورد إلى علمي في نقد شركات التأمين الخاصة إن البعض من هذه الشركات

 

لا تتوفر لديها الإمكانيات الفنية لتقديم الإحصائيات عن نشاطاتها للإعادة العراقية.  كما أن البعض الآخر يُسئ استخدام الحماية الإعادية التي توفرها لها الإعادة العراقية، ويتخذ هذا الأمر شكل انتقاء إسناد الأخطار فالأخطار الجيدة لا تسند إلى الاتفاقية ولكن إذا ما قامت مطالبة بالتعويض هرعت إلى إسنادها.  أي أن هذه الشركات الخاصة تستفيد من الاتفاقية حسب الحاجة، وهو ما يتنافى مع المبادئ المقبولة في تنظيم العلاقة بين شركة الـتأمين وشركة إعادة التأمين بموجب عقود إعادة التأمين الاتفاقي من حيث إلزامية إسناد الجزء المتفق عليه من جميع الأخطار التي تكتتب بها شركة التأمين خلال فترة سريان عقد إعادة التأمين في حين يكون “معيد التأمين من جانبه مُلزَماً جَبْراً بقبول جميع ما يسند له من هذه الأخطار، وليس له أن يناقش أو يتحفظ على شروط عقود التأمين الأصلية …”[7]

 

لم أستطع التعرف على الإجراء الذي اتخذته الإعادة العراقية تجاه مثل هذه الشركات.  ترى هل أن ممارسات من هذا النوع التي أطلع عليها الباحث كانت وراء تقديمه لتوصيته؟

 

٤.إفراد مواد تشكل في مضمونها رقيباً قانونياً فعلياً لردع الشركات المسندة من اللجوء لتصوير حادثة وهمية متفق عليها تسهم في خسارة شركات إعادة التأمين ووضع عقوبة جزائية وغرامات مالية تفرض على المؤمن المباشر إذا ثبت تقديمه حوادث وهمية وتحميل معيد التأمين عبء خسارتها.”

 

مثل هذه المواد قد تكون مناسبة لتنظيم العلاقة بين المؤمن له والمؤمن في محاولة للحد من الاحتيال داخل ولاية قضائية معينة، ولكن الاحتيال والغش والتزوير تصرفاتٌ يتكفل بها قانون العقوبات، مثلاً.[8]

 

أظن إن التوصية الذي تقدم بها الباحث تنحصر بإعادة التأمين الاختياري.  وإذا كان هذا صحيحاً فإن عقود إعادة التأمين الاختياري، كما ذكرنا، تخضع لمبدأ منتهى حسن النية، وإن عدم الالتزام به قد يؤدي إلى بطلان قيام مسؤولية معيد التأمين.

 

لو قبلنا جدلاً بهذه التوصية، فأي قانون سيتولى العقوبات الجزائية والغرامات المالية في حال كون الشركة المسندة عراقية ومعيد التأمين بريطانياً؟  السائد في عقود إعادة التأمين الاختياري هو تطبيق القانون العراقي على وثيقة التأمين الأصلية وتطبيق القانون الإنجليزي على وثيقة إعادة التأمين لأغراض التحكيم أو التقاضي أمام المحاكم.

 

إن الكاتب يقدم هذه التوصية وكأن إعادة التأمين نشاط محلي وليس نشاطاً عالمياً.

 

ملحق

 

مواد متعلقة بإعادة التأمين في قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005.

 

فيما يلي نصوص بعض المواد المتعلقة بإعادة التأمين، وهناك نصوص أخرى ترد تحت مسمى معيدي التأمين لم اقتبسها لأنها لا تغني الموضوع كثيراً.

 

ويلاحظ القارئ من قراءة هذه النصوص أنها ذات طابع تنظيمي.  لقد كان من المناسب أن يقوم الباحث بدراسة ما ورد من نصوص حول إعادة التأمين في قانون سنة 2005 قبل أن يقفز إلى تقديم التوصيات.

 

كان بإمكانه، مثلاً، أن يُسائل ديوان الديوان لماذا لم تقم بصياغة التعليمات الخاصة بمعايير إعادة التأمين، كما ترد في المادة 12.  أو يناقش حرية المؤمِن بإجراء إعادة التأمين داخل العراق أو خارجه، كما يرد في المادة 27- أولاً.  وهو ما يعني تجاوز شركة إعادة التأمين العراقية (تأسست سنة 1960)، ويحمل معه آثاراً اقتصادية على ميزان المدفوعات.

 

مثلما كان بإمكانه مناقشة مضمون المادة 47-أولاً-ج بشأن “عدم اتخاذ المؤمن الاجراءات اللازمة لإعادة التأمين على المخاطر التي يتحملها او عدم كفايتها.”  وهذه مسألة مهمة لم تنل حقها من إشراف ورقابة ديوان التأمين على شركات التأمين المنضوية تحت مظلة اتفاقيات شركة إعادة التأمين العراقية.  فبعض هذه الشركات تنتقي ما ترغب بإعادة تأمينه من أخطار تكتتب بها لإسنادها للإعادة العراقية، إذ تلجأ إلى الاحتفاظ بالأخطار الجيدة – أي أن هناك خطر معنوي ينطوي على الانتقاء في غير صالح الإعادة العراقية وفي غير صالح شركات التأمين الأخرى المنضوية تحت اتفاقيات الإعادة العراقية.

 

نصوص مختارة من قانون 2005 بشأن إعادة التأمين.

 

المادة 1-     تسري أحكام هذا القانون على المؤمنين ومعيدي التأمين سواء أكانوا شركات عامة أم خاصة عراقية أم اجنبية التي تزاول في العراق كل أو بعض أعمال التأمين أو أعمال اعادة التأمين المنصوص عليها في هذا القانون وكذلك تسري على وكلاء ووسطاء التأمين الذين يزاولون تلك الاعمال في العراق.

المادة 2-

ثامناً- وسيط اعادة التامين- الشخص المجاز من الديوان ليمارس الوساطة بين شركة التأمين وشركة اعادة التأمين.

 

المادة 2-

رابع عشر- المؤمن المفترض– الجهة التي تتولى اعادة التأمين، الملزمة بتعويض المؤمن عن المطالبات المتحققة عليه على وفق شروط عقد اعادة التأمين.

 

المادة 2-

سابع عشر- المؤمن- القائم بالتأمين أو اعادة التأمين الذي تسري عليه أحكام هذا القانون، وهو قد يكون شركة تأمين عراقية، أو فرع شركة تأمين أجنبية، أو اي كيان أو جهة مخولة ممارسة أعمال التأمين في العراق.

 

المادة 4-

رابعاً- تشمل أعمال التأمين كل نشاط متعلق بنوعي التأمين المنصوص عليهما في البند (أولاً) من هذه المادة والتعليمات الصادرة بمقتضى البند (ثانيا) من المادة ذاتها كما تشمل اعادة التأمين وأعمال الخبراء ووكلاء التأمين ووسطائه واجتذاب عقد التأمين وقبوله وتحويله وتقدير المطالبات المتعلقة به وتخمينه وتسويته وايه خدمات تأمينية ذات علاقة بالعقد.

 

المادة 12–     يصدر رئيس الديوان خلال (90) تسعين يوما من تاريخ تعيينه تعليمات تنظم:

 

أولا– هامش الملاءة والمبلغ الأدنى للضمان.

ثانيا– أسس احتساب المخصصات الفنية.

ثالثا– معايير إعادة التأمين.

 

المادة 27-   أولا- يجوز للمؤمن إعادة التأمين داخل العراق أو خارجه.

 

ثانيا- لا يجوز للمؤمن إعادة تأمين عقود التأمين لأي فرع من فروع التأمين التي يمارسها لدى مؤمن آخر إلا إذا كان معيد التأمين مجاز لممارسة ذلك الفرع.

 

المادة 47-   أولا- لرئيس الديوان اتخاذ أي من الاجراءات المنصوص عليها في البند (ثانيا) من هذه المادة في الحالات الاتية:

 

  • تخلف المؤمن او عجزه عن الوفاء بالتزاماته أو احتمال تخلفه او عجزه عن ذلك او عدم قدرته على الاستمرار بأعماله.
  • ارتكاب المؤمن مخالفة لأحكام هذا القانون أو الانظمة أو التعليمات الصادرة بموجبه.

ج-  عدم اتخاذ المؤمن الاجراءات اللازمة لإعادة التأمين على المخاطر التي يتحملها او عدم كفايتها.

 

المادة 71-     أولاً- لا يجوز الاعتراض على تفعيل شرط الاختراق من قبل المؤمن له أو المستفيد من وثيقة التأمين.

 

ثانياً- يقصد بشرط الاختراق لأغراض هذه المادة الشرط الذي تتضمنه عقود إعادة التأمين بأن تنهض مسؤولية معيد التأمين عن حصته من الخسارة المعاد تأمينها لديه في حالة تصفية المؤمن أمام المؤمن له وليس المصفي، فتنشأ علاقة مباشرة بين المؤمن له أو المستفيد من وثيقة التأمين ومعيد التأمين، بخلاف الأصل في القاعدة العامة الذي تنصرف فيه العلاقة بين المؤمن ومعيد التأمين.

 

المادة 76-    لا يجوز لأي شخص أن يمارس أعمال وسيط تأمين أو وسيط إعادة التأمين إلا بعد حصوله على ترخيص من الديوان وفق الشروط التي يحددها رئيسه بتعليمات يصدرها لهذه الغاية تتضمن تنظيم أعماله وتحديد مسؤوليته وإجراءات ومتطلبات ترخيصه والمؤهلات المطلوبة.

 

المادة 87-    يلتزم كافة وكلاء التأمين أو وكلاء إعادة التأمين والوسطاء وخبراء التأمين وكافة مقدمي خدمات التأمين وفقاً لأحكام هذا القانون بتقديم أية بيانات أو معلومات أو وثائق يطلبها الديوان خلال المدة التي يحددها.

 

المادة 104-  يصدر رئيس الديوان أنظمة داخلية لتنظيم مؤسسات التكافل وإعادة التكافل وترتيبات التأمين وإعادة التأمين الاسلاميين.

 

 

15 تشرين الثاني 2019

[1] ياسين كاظم حسن، “اعادة التامين،” مجلة جامعة بابل/العلوم الانسانية/المجلد 24، العدد 4، 2016:

http://www.uobjournal.com/papers/uobj_paper_2017_1932266.pdf

 

[2] ياسين كاظم حسن، ص 1838.

[3] ياسين كاظم حسن، ص 1851.

[4][4] كمثال في مجال التأمين الهندسي أنظر: احتفاء بالقيمة، تيسير التريكي يحاور مصباح كمال (بيروت: منتدى المعارف، 2018)، ص 42.

 

مصباح كمال، “مؤيد الصفار: مكتتب ومدير في شركة تأمين عامة،” الثقافة الجديدة، العدد 380، كانون الثاني 2016، ص 57-66.  نشرت أيضاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2016/04/21/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d9%85%d8%a4%d9%8a%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%81%d8%a7%d8%b1-%d9%85%d9%83%d8%aa%d8%aa%d8%a8-%d9%88%d9%85%d8%af%d9%8a%d8%b1-%d9%81%d9%8a/

 

[5] حول موضوع إعادة النظر بقانون سنة 2005 أنظر: جبار عبد الخالق الخزرجي، سعدون الربيعي، فؤاد شمقار، محمد الكبيسي، مصباح كمال، منعم الخفاجي، مساهمة في نقد ومراجعة قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005، تحرير: مصباح كمال (مكتبة التأمين العراقي، 2013).

 

مصباح كمال، قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: تقييم ودراسات نقدية (بغداد: منشورات شركة التأمين الوطنية، 2014)

 

[6] للتعريف بخلفية القانون والعيوب في صياغته أنظر: مصباح كمال، قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: تقييم ودراسات نقدية (بغداد: منشورات شركة التأمين الوطنية، 2014)، ص 57-76.

[7] بهاء بهيج شكري، إعادة التأمين بين النظرية والتطبيق (عمّان: دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2008)، ص 22-23.

 

[8] إسراء صالح داؤد، “نطاق الاحتيال في التأمين،” موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

http://iraqieconomists.net/ar/2019/10/13/%d8%a5%d8%b3%d8%b1%d8%a7%d8%a1-%d8%b5%d8%a7%d9%84%d8%ad-%d8%af%d8%a7%d8%a4%d8%af-%d9%86%d8%b7%d8%a7%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%ad%d8%aa%d9%8a%d8%a7%d9%84-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a3%d9%85/

وكذلك مرصد التأمين العراقي:

https://iraqinsurance.wordpress.com/2019/10/13/insurance-fraud/

 

Letter from Abdulbaki Redha on Abolition of Insurance Agencies in the 1960

من رسائل الأستاذ عبد الباقي رضا

 

تطورات موضوع إلغاء وكالات التأمين واستبدالها بنظام المنتجين

 

 

تقديم

 

يسرني أن أنشر نص رسالتين من الأستاذ عبد الباقي رضا والأستاذ بهاء بهيج شكري، بعد الحصول على موافقتهما، يخص موضوع إلغاء نظام وكالات التأمين واستبداله بنظام المنتجين بعد صدور قرار تأميم شركات ووكالات التأمين في 14 تموز 1964. وقد كان هذا الموضوع مثار نقاش، وربما سوء فهم، بين أركان التأمين العراقي آنذاك لوظيفة توزيع المنتجات التأمينية والقنوات المناسبة لها. النصين المنشورين هنا يوفران خلفية أولية لمناقشة الموضوع. وأظن بأن د. مصطفى رجب سيدلو بدلوه أيضاً خاصة وأن الأستاذ عطا عبد الوهاب تعرَّض لموقف الدكتور من الوكالات ونظام المنتجين في كتابه سلالة الطين.[1]

 

آمل استلام المزيد من المعلومات عن هذا الموضوع تمهيداً لمناقشته في سياقه التاريخي. وقد ذكر لي الأستاذ بهيج في رسالة قصيرة له مؤخراً “ان الموضوع يحتاج إلى بحث أكثر تفصيلاً من النواحي القانونية والفنية والإدارية، وربما أجد الوقت لإعداد بحث كهذا في المستقبل القريب.”

 

مصباح كمال

27 آذار 2017

 

 

رسالة الأستاذ عبد الباقي رضا

 

1 آذار 2017

 

عزيزي الأخ الوفي الأستاذ مصباح

 

صباح الخير

 

توضيحاً لتطورات موضوع الوكالات[2] أروي لك الاحداث كما أتذكر. مع قرارات التأميم في 14/7/1964 تولى الأستاذ عطا عبد الوهاب إدارة التأمين الوطنية، وكان يشغل قبلها إدارة شركة بغداد للتأمين. حين صدر قرار تعيينه ضمن التعيينات الجديدة كان خارج العراق والتحق بإدارة التأمين الوطنية فور عودته واستمرت حتى 31/1/1966. واستمر الدكتور مصطفى رجب في إدارة شركة اعادة التأمين العراقية. كان لهما دور أنشط وأعلى في شؤون المؤسسة العامة للتأمين في عهد رئاسة المرحوم طالب جميل للمؤسسة لقدمهما في الخدمة وعلاقتهما الشخصية برئيس المؤسسة حيث كان بقية المدراء العامين، من أمثالي، مستجدين في مراكزهم الجديدة ويفتقرون إلى ميزة العلاقات الشخصية وتأثيرها.

 

تقرر إلغاء الوكالات بناء على دراسة مقدمة من الأستاذ عطا والدكتور مصطفى لا أتذكر اني اطلعت عليها أو عرفت مضمونها.

 

استقال المرحوم طالب جميل من رئاسة المؤسسة وبعد فترة قصيرة تولى رئاستها وكالةً الدكتور خالد الشاوي لفترة وجيزة ثم عين المرحوم كليمان شماس رئيساً أصيلاً.

 

كان تغيير وزاري قد حصل بتعيين المرحوم عبد الرحمن البزاز رئيساً للوزارة التي جاءت بسياسات مختلفة في الجانب الاقتصادي، وكان اختيار الشماس من القطاع الخاص أحد مؤشراتها فقد كان الشماس يعمل في وكالة شركة يونيون الفرنسية للتأمين[3] منذ أمد غير قصير. في اجتماع مجلس إدارة المؤسسة مساء يوم 31/1/1966، وكنت أحضره باعتباري مدير عام المؤسسة وسكرتير مجلس إدارتها، فوجئنا بطلب رئيس المؤسسة إعادة دراسة موضوع وكالات التأمين بهدف العودة إليها. خلال مناقشة الموضوع ظهر موقف الدكتور مصطفى مؤيداً لرئيس المؤسسة مما أثار غضب الأستاذ عطا. وبعد بعض الأخذ والرد تناول الأستاذ عطا ورقة وكتب استقالته وترك الاجتماع غاضباً ولم تنفع محاولات اقناعه بعدم الانسحاب. بناءً عليه قرر المجلس نقلي من المؤسسة إلى ادارة التأمين الوطنية فامتثلت للقرار وباشرت عملي الجديد في اليوم التالي مباشرة والذي امتد إلى 4/3/1978.

 

بلغني أن الدكتور مصطفى قام بزيارة إلى دار الأستاذ عطا بعد الاجتماع مباشرة لإقناعه بالعدول عن الاستقالة إلا أنه لم يفلح وأصر الأستاذ عطا على موقفه وابتعد عن أي عمل حكومي.

 

لا أتذكر الآن أية تفاصيل عن أسلوب عمل الوكالات أو المنتجين والضوابط التي تنظمه مع الأسف.

 

عوداً إلى قول الأستاذ بهاء (ان عبد الباقي هو الذي وضع القانون العراقي [قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005] بالتعاون مع الخبير الامريكي لشؤون التأمين [Mike Pekins] بالاسترشاد بالقانون الأردني)[4] أود أن أبين الآتي:

 

لم أجتمع بأي خبير أمريكي في شؤون التأمين اطلاقاً ولكني اجتمعت بمن كان متابعاً لشؤون المصارف ثم بالشخص الذي كُلّف بإعادة إحياء سوق الاوراق المالية الذي كان لي دور في إعداد قانونه ثم في تأسيسه وأشغلت عضوية مجلس إدارته كخبير منذ تشكيله في 1992 حتى إيقاف أعماله من قبل الأمريكان سنة 2003. وقد عرض عليَّ منصب (مساعد رئيس الهيئة – Assistant-Commissioner) في هيئة الأوراق المالية التي تأسست بالأمر الموقت رقم 74 لسنة 2004 فسألت عمن سيكون الـ Commissioner الذي أكون أنا مساعده فلم يعجبهم السؤال! ولم أندم على سؤالي.

 

أما قانون التأمين[5] فأتذكر أن مشروعاً عرض عليَّ يوم كان السيد عادل عبد المهدي وزيراً للمالية فكتبت عنه مذكرة طويلة، مع الأسف لم أحتفظ بالمشروع ولا بمذكرتي، وحيث تسنى لي فيما بعد الاطلاع على القانون الأردني الذي وجدته أفضل من المشروع تكلمت مع الصديق السيد عدنان الجنابي الذي كان يشغل منصب وزير دولة – على ما أتذكر- في وزارة الدكتور أياد علاوي – وهو نائب حالياً – وبيَّنتُ له أفضلية اعتماد القانون الأردني وتعريقه بما ينسجم مع متطلباتنا وصياغاتنا القانونية. نُقل هذا الرأي إلى الدكتور علاوي فقبل به وكلفني العمل عليه مع الدكتور فاضل محمد جواد الذي كان قد عين تواً مستشاراً قانونياً في مجلس الوزراء (يعمل حالياً في الأمانة العامة لجامعة الدول العربية). في هذا الوقت حان موعد سفري إلى الولايات المتحدة فسلمت ما عندي إلى الدكتور فاضل ليقوم هو بالمهمة. إلى هنا انتهى دوري بالنسبة لقانون التأمين العراقي.

 

أكرر مع الاعتذار اني لا أتذكر أية تفاصيل عن نظام المنتجين فقد مضى عهد طويل على تركي إدارة الشركة.

 

أتمنى لك التوفيق في جهدك الفريد في (نبش) تاريخ قطاع التأمين واستخراج ما غاب منه من الذاكرة، ولك أطيب تحياتي.

 

عبد الباقي

 


 

ملحق 1

رسالة مصباح كمال إلى الأستاذ عبد الباقي رضا

 

أستاذي العزيز عبد الباقي

 

تحية طيبة

 

كما تلاحظ أدناه فقد تخاطبتُ مع الأستاذ بهاء بهيج شكري بشأن نظام الوكالات التأمينية ونظام المنتجين، على أثر رسالة استلمتها منه حول أسباب استقالة الأستاذ عطا عبد الوهاب من شركة التأمين الوطنية وموقف الأخير من هذين النظامين ومن د. مصطفى رجب.

 

أنا مهتم بالجانب التاريخي للموضوع والحجج الاقتصادية والفنية التي كانت وراء إلغاء نظام الوكالات واستبداله بنظام المنتجين.  وبما أن هذا الأخير ارتبط بإداراتك أرى أن تكتب ما يفيد في توضيح خلفيات الموضوع ووضعه في نصابه، كما يقال، وبذلك تملأ فراغاً في تاريخ تطور قطاع التأمين في عهدك.

 

فيما يخص موضوع وكلاء التأمين ووسطاء التأمين ووسطاء إعادة التأمين، كما يرد في قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 (الأمر رقم 10)، الذي أتى الأستاذ بهاء على ذكره في آخر رسالته، فإن التعليق عليه رهن باختيارك.

 

بانتظار الرد، أتمنى لك أطيب الأوقات.

 

مصباح

27 شباط 2017

 


 

ملحق 2

رسالة الأستاذ بهاء بهيج شكري لمصباح كمال

 

عمان 27 شباط 2017

 

الأخ مصباح المحترم

 

بعد التحية

 

إذا جزء الموضوع حسب اقتراحك فإن المتبقي منه يتعلق بصحة اعتماد نظام المنتجين أو عدم صحته، وهذا موضوع مستقل لا علاقة له بعطا عبد الوهاب فقط وإنما طبقه عبد الباقي رضا أيضاً، لذا يجب أن يكون هذا البحث بحثاً مستقلاً.

 

ولا أخفى عليك فإني اعتقد أن هذا النظام يتعارض مع أحكام قانون تنظيم أعمال التأمين الذي يفهم من عموم نصوصه أنه لا يجوز لأي شخص طبيعي أو شخصية اعتبارية ممارسة أي نشاط تأميني دون الحصول على ترخيص من السلط المعينة بموجب القانون، علماً بأن المقصود بالوكلاء هم ليسوا وكلاء الشركات الأجنبية بل هم الوكلاء الذين أجيزوا من قبل الديوان بالتعامل مع الشركات العراقية، كوكالة مجيد الياسين مثلاً وغيرها من الوكالات.

 

لهذا فأنا اقترح أن توجه سؤالاً إلى السيد عبد الباقي رضا باعتباره كان مديراً عاماً لشركة التأمين الوطنية، التي تبنت في زمانه نظام المنتجين، عن ماهية هذا النظام والعلاقة الوظيفية والمالية بين المنتج والشركة، وهل يخضع المنتج لشرط الحصول على رخصة ممارسة عمل الوساطة، وهل أن تبني هذا النظام يتفق مع أحكام قانون تنظيم أعمال التأمين الذي حدد الوسطاء بالوكلاء (Agents) والسماسرة (Brokers) (علما بأن عبد الباقي هو الذي وضع القانون العراقي بالتعاون مع الخبير الأمريكي لشؤون التأمين بالاستشراد بالقانون الأردني). إن إجابة عبد الباقي ستكون باباً للمناقشة والبحث في كلا النظامين، الوكلاء والمنتجين، من الناحيتين القانونية والمالية.

 

هذا هو رأي، مع التقدير.

 

بهاء شكري

[1] كتب د. مصطفى رجب مؤخراً مقالاً بعنوان “حيثيات إلغاء نظام وكالات التأمين وقضايا أخرى – تعليق على ما كتبه الأستاذ عطا عبد الوهاب في كتابه (سلالة الطين) عن فترة عمله في ميدان التأمين” وهذا هو رابط مقالته في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2017/03/31/%d8%af-%d9%85%d8%b5%d8%b7%d9%81%d9%89-%d8%b1%d8%ac%d8%a8-%d8%ad%d9%8a%d8%ab%d9%8a%d8%a7%d8%aa-%d8%a5%d9%84%d8%ba%d8%a7%d8%a1-%d9%86%d8%b8%d8%a7%d9%85-%d9%88%d9%83%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%aa-%d8%a7/

 

[2] أنظر رسالتي إلى الأستاذ عبد الباقي رضا حول موضوع إلغاء وكالات التأمين في الملحق 1 في نهاية هذه الورقة.

[3] كان وكيل شركة يونيون الفرنسية للتأمين L’Union de Paris (أصبحت فيما بعد جزءاً من مجموعة أكسا AXA) هو السيد إدوار فرام الذي يمتد تاريخ وكالته إلى ثلاثينيات القرن العشرين. أنظر: مصباح كمال “وكالات التأمين في العراق عام 1936: محاولة في التوثيق”، مجلة التأمين العراقي: http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2012/05/1936-19-2012-1936-1936-883.html

[4] أنظر رسالة الأستاذ بهاء بهيج شكري لمصباح كمال بتاريخ 27 شباط 2017 في الملحق 2 في نهاية هذه الورقة.

[5] للتعرف على المزيد من التفاصيل أنظر: مصباح كمال، قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: تقييم ودراسات نقدية (بغداد: منشورات شركة التأمين الوطنية، 2014).

Baha’a Baheej Shukri: Letter on the Merger of NIC & IIC

من رسائل الأستاذ بهاء بهيج شكري:

رسالة حول دمج شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية

 

 تقديم

 

كنت قد نشرت ثلاث مقالات[1] في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين حول مشروع دمج شركة التأمين الوطنية العامة وشركة التأمين العراقية العامة، لقيت إحداها بعض التعليقات المهمة من زميلات وزملاء من قطاع التأمين العراقي. وقد كتبتُ هذه المقالات قبل قراءتي للأمر الوزاري الصادر من وزارة المالية برقم 3 بتاريخ 20 آذار 2017. تضمن الأمر الوزاري القصير فقرتين: (1) تكليف السيد صادق عبد الرحمن حسين الخالدي، مدير عام شركة التأمين الوطنية، بمهام رئيس ديوان التأمين وكالة. (2) تكليف السيدة [الآنسة] هيفاء شمعون عيسى، مدير عام شركة التأمين العراقية وكالةً بمهام مدير عام شركة التأمين الوطنية وكالة إضافة لوظيفتها “ولحين دمج الشركتين وفق القانون.” [التأكيد من عندي].

 

وتأتي رسالة الأستاذ بهاء بهيج شكري لتعالج الجانب القانوني لدمج الشركتين وبمقارنة لأحكام دمج شركات التأمين في قانون تنظيم أعمال التأمين الأردني والعراقي. أما لماذا المقارنة بين هذين القانونين فإن الجواب، وكما ذكره الأستاذ بهاء، فهو اقتباس نصوص القانون الأردني وتضمينها في قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 المعروف بالأمر رقم 10.[2]

 

مصباح كمال

2 أيار 2017

 

نص رسالة الأستاذ بهاء بهيج شكري

 

عمان في الأول من مايس ٢٠١٧

 

الأخ العزيز مصباح المحترم

 

بعد التحية

 

كان بودّي بعد الانتهاء من موضوع عطا عبد الوهاب والدكتور مصطفى رجب أن أعود لأكمل الحديث في موضوع دمج الشركتين الوطنية والعراقية، ولكن لعن الله الانفلونزا التي تحشر نفسها في حياة الإنسان في وقت غير مناسب فتقعده عن العمل.

 

وبعودتي لذات الموضوع أقول: إن المُشرّع الأردني قد عالج اندماج شركات التأمين معالجة مفصلة ودقيقة في قانون تنظيم أعمال التأمين رقم ٣٣ لسنة ١٩٩٩ المعدَّل بموجب القانون رقم ٦٧ لسنة ٢٠٠٢، وإن المشرع العراقي قد اقتبس نصوص القانون الأردني وضمَّنها في قانون تنظيم أعمال التأمين العراقي الصادر بموجب الأمر رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٥، مع بعض الاختلاف في الصياغة ولكن دون إخلال بالمضمون.

 

وبالرجوع إلى المادة الأولى من القانون العراقي نجد انها قد نصَّت على خضوع جميع شركات التأمين الخاصة والعامة لأحكامه، ومعنى هذا ان ما ينطبق على الشركات الخاصة من إجراءات وضوابط عملية اندماجها مع بعضها ينطبق أيضاً على شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية.

 

ووفقا لأحكام القانون الأردني والعراقي فإن الاندماج إما أن يكون اتفاقياً بين شركتي تأمين، على أن يقترن ذلك بموافقة السلطة المشرفة على تنظيم أعمال التأمين، أو أن يُفرض بقرار من قبل تلك السلطة إذا تبيَّن لها أن ذلك سيودي إلى ضمان حقوق حملة وثائق التأمين، فقد جاء في المادة (٤١) من القانون الأردني والمادة (٤٧) من القانون العراقي بأنه (إذا توفرت لدى المدير العام (أي رئيس الديوان) معلومات وافية على أن الشركة لم تَفِ بالتزاماتها أو يُحتملُ تخلفها عن ذلك، أو عدم قدرة الشركة على الاستمرار بأعمالها، أو أن مجموع خسائر الشركة زادت على خمسين بالمائة من رأسمالها المدفوع، فعليه أن يحيل الأمر إلى المجلس لاتخاذ الإجراءات اللازمة لاندماج الشركة في شركة أخرى بموافقة الشركة التي ستدمج فيها). وفي جميع الأحوال، وفقاً لأحكام القانون الأردني والعراقي (لا يجور اندماج شركة تأمين إلا بشركة أخرى تُمارس نوع التأمين ذاته).

 

ولم يُعطِ القانون العراقي لوزير المالية أي دور في موضوع الاندماج سواء أكان اتفاقياً أم إجرائياً، أي أن الاندماج لا يتحقق قانوناً بأمر وزاري.

 

ونخرج مما تقدم إلى القول بأن اندماج شركة التأمين العراقية بشركة التأمين الوطنية إن لم يكن اندماجاً توافقياً بموافقة مجلس إدارة كلا الشركتين، فلا يجوز لرئيس الديوان أن يفرضه بقرار صادر عنه، إلا إذا ثَبُتَ أن شركة التأمين العراقية تعاني من خللٍ مالي يهدد مصالح حملة وثائقها.

 

وفي رأينا، انه طالما أن الشركتين العراقية والوطنية تخضعان لأحكام قانون سنة ٢٠٠٥، شأنهما في ذلك شأن الشركات الخاصة، فإن دمجهما إن لم يكن اتفاقياً لا يمكن أن يتمَّ إلا بموجب تشريع قانون خاص تُعدّل بموجبه المادة الأولى من قانون سنة ٢٠٠٥ بأن تستثنى الشركات العامة من أحكامه، ويتقرر اندماج الشركتين المذكورتين بموجب هذا القانون الخاص.

 

مع التقدير.

 

بهاء شكري

 

[1] المقالات الثلاثة هي:

مشروع دمج شركات التأمين العامة، عودة إلى مشروع دمج شركات التأمين العامة، قرار وزارة المالية بدمج شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية: تجاوز الإجراءات ومتطلبات القانون. يمكن قراءة المقالات باستخدام هذه الروابط:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2016/02/Misbah-Kamal-Merging-of-insurance-companies-project.pdf

 

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2016/11/Merger-of-State-Owned-Insurance-Companies-Further-Comment.pdf

 

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2017/04/Merger-of-NIC-IIC-lack-of-proper-procedures.pdf

 

[2] للتعرف على خلفية صياغة الأمر رقم 10 يمكن الرجوع إلى كتابي قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: تقييم ودراسات نقدية (بغداد: منشورات شركة التأمين الوطنية، 2014). يمكن قراءة النص الإلكتروني للكتاب في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين باستخدام هذا الرابط:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2015/02/2005-Insurance-Law-critique-NIC-edition.pdf

في الصفحة 11-12 من الكتاب يجد القارئ توثيقاً للأستاذ عبد الباقي رضا حول اعتماد القانون العراقي على القانون الأردني. وهناك إشارات أخرى لهذا الموضوع في الصفحات 54، 61-62 وبعض الإشارات القصيرة في أماكن متفرقة من الكتاب.

Merger of NIC & IIC-lack of proper procedure and adherence to law

قرار وزارة المالية بدمج شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية: تجاوز الإجراءات السليمة ومتطلبات القانون

 

 

مصباح كمال

 

 

نشر أيضاً في المواقع التالية:

 

https://www.academia.edu/32184847/Merger_of_NIC_IIC_-_lack_of_proper_procedures_and_adherence_to_law

http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2017/04/merger-of-national-insurance-co-iraq.html

 

 

مقدمة

 

ورد إلى علمنا مؤخراً أن قراراً وزارياً صدر بتاريخ 22 آذار 2017 من وزارة المالية (لم نستطع الحصول على نص القرار وهو ليس منشوراً في موقع الوزارة أو مواقع شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية) بدمج الشركتين، وتعيين الآنسة هيفاء شمعون عيسى، مدير عاماً وكالةً للشركتين (كانت تشغل موقع مدير عام وكالةً لشركة التأمين العراقية)، وتعيّين السيد صادق عبد الحمن الخالدي رئيساً وكالةً لديوان التأمين العراقي (وكان يشغل موقع مدير عام شركة التأمين الوطنية).

 

لم نتعرف حتى الآن على أسباب دمج هاتين الشركتين العامتين، وهما شركتان ناجحتان بالمقاييس العراقية السائدة إذ أنهما تحققان أرباحاً يوزع قسماً منها على الموظفين ويغذي القسم الآخر منها خزينة الدولة بالضرائب والرسوم التي تدفعها الشركتان. ربما يضمُّ القرار الوزاري الأسباب الموجبة للدمج، وهو ما سنتعرف عليه متى ما توفر نص القرار، وعندها يمكن إبداء الرأي بالقيمة الاقتصادية للدمج.

 

لا نهدف من هذه الورقة الموجزة مناقشة مبررات الدمج، وضرورتها من عدمها، فقد كان لنا موقف من موضوع الدمج كشفنا عنه في مقالتين سابقتين.[1] ما يعنينا هنا هو ما يبدو عدم الاهتمام بالإجراءات السليمة لإدارة عملية الدمج، وما يبدو أنه عدم التزام بالأحكام القانونية.

 

أهمية الإجراءات السليمة

 

قرار الدمج يذكّرنا بقرار تأمين شركات ووكالات التأمين سنة 1964 الذي لم يتأسس على دراسة موضوعية لواقع قطاع التأمين في العراق، واكتفى باستلهام أفكار عامة (“الاشتراكية الرشيدة”) لإدارة الاقتصاد من منظور ناقص وتقليد لتجربة مصر في هذا المجال. مثلما يذكرنا بالقرارات التي كان يتخذها مجلس قيادة الثورة وتلك التي كان يتخذها “المستبد بأمره” بول بريمر الثالث.

 

العقلية لم تتغير منذ ذلك الوقت فهي ذاتها التي استخدمت في قرار الدمج هذه السنة. وهي عقلية غير ديمقراطية لا تعتمد النقاش المفتوح وتكتفي بالعمل خلف الكواليس. ليس أصعب على الناس تجاهل أفكارهم بدعوى الاختصاص وامتلاك أصحاب القرار للحقيقة فهو استهانة بعقول الغير وما يمكن أن يقدموه من أجل الصالح العام.

 

حسب علمنا، لم تنشر أياً من الشركتين مقالات ودراسات عن موضوع دمج الشركات.

 

إن قراراً خطيراً كهذا، يمسُّ مصالح العاملات والعاملين في الشركتين ويؤثر على بنية سوق التأمين العراقي، كان يجب أن يُطرح للنقاش على الأقل داخل شركتي التأمين. وكان من المناسب تقديم ورقة موقف position paper تجاهه من قبل الداعين للدمج ليكون موضوعاً لتبادل الآراء قبل الإقدام على اتخاذ القرار، هذا إن كان متعذراً عليهم تقديم ورقة تشاور consultation paper كما هو معهود في الممارسات الديمقراطية. إن كانت الإجراءات الديمقراطية بعيدة عن تفكير أصحاب القرار كان الأولى، على الأقل، الالتزام بأحكام قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 (الأمر رقم 10). وهو ما اقتبسناه في مقالة سابقة ومن المفيد استعادتها لأغراض المقالة الحالية:

 

الضوابط القانونية لاندماج شركات التأمين

 

ترد القواعد الضابطة لاندماج شركات التأمين في قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 تحت الباب الخامس، تحويل الوثائق وتملك واندماج وتصفية المؤمنين، في الفصل الثالث: اندماج المؤمنين. تتناول المادة 50 اندماج المؤمنين كما يلي:

 

“أولا- يجوز اندماج مؤمن أو معيد تأمين في مؤمن أو معيد تأمين اخر بما في ذلك المؤمنين او معيدي التأمين المملوكين للدولة.

 

ثانيا-  على المؤمنين الراغبين بالاندماج تقديم طلب للديوان مرفق به كافة التقارير والبيانات اللازمة التي يحددها رئيس الديوان بتعليمات يصدرها لهذا الغرض.

 

ثالثا-  يدقق رئيس الديوان التقارير والبيانات والوثائق المقدمة، وله الموافقة على الاندماج أو رفضه بقرار مسبب.

 

رابعا- إذا وافق رئيس الديوان على طلب الاندماج فينشر أعلانا على نفقات طالبي الاندماج في صحيفة يومية واسعة الانتشار في العراق لمدة (5) خمسة أيام متتالية، ولكل ذي مصلحة التظلم من القرار خلال (30) ثلاثين يوما من تاريخ اخر نشر لإعلان الموافقة على الاندماج.

 

خامسا-       يبت رئيس الديوان في التظلمات المقدمة وفقا لأحكام البند (رابعا) من هذه المادة خلال (30) ثلاثين يوما من تاريخ انتهاء مدة تقديمها، ولكل ذي مصلحة الاعتراض على القرار الصادر نتيجة التظلم أمام محكمة البداءة المختصة خلال (7) سبعة أيام من تاريخ التبلغ به.”

 

البند الأول يُشرّع جواز اندماج مؤمن أو معيد تأمين في مؤمن أو معيد تأمين اخر بما في ذلك المؤمنين او معيدي التأمين المملوكين للدولة (التأكيد من عندي). أي أن الأساس القانوني لمشروع الوزارة جاهز، لكن هذا لا يعفي الوزارة من عرض الدافع أو الدوافع لمشروعها المستمدة، ربما، من مجلس أدارة شركتي التأمين الوطنية والتأمين العراقية.

 

ترى هل تمَّ الالتزام بهذه الأحكام؟ هل أن شركتي التأمين قامتا بـ “تقديم طلب للديوان مرفق به كافة التقارير والبيانات اللازمة التي يحددها رئيس الديوان بتعليمات يصدرها لهذا الغرض.” للسير بعملية الدمج؟

 

المصادرة على المطلوب

 

لقد كانت موافقة رئيس الديوان وكالةً على الدمج، قبل صدور قرار وزارة المالية بدمج الشركتين، مصادرة على المطلوب، فقد أعلن عن إجراءات الدمج في تشرين الأول 2016، كما جاء في مقال في الصفحة الاقتصادية لجريدة الصباح (العدد 3787 بتاريخ 4/10/2016)،[2] ذُكر فيه، اعتماداً على مصدرٍ في ديوان التأمين، البدء بالإجراءات القانونية للاندماج.

 

إضافة إلى ذلك فإن موقف شركة التأمين العراقية، عند صدور الإعلان في جريدة الصباح كان يقوم على تفنيد ورفض الدمج والتظلم لدى وزارة المالية بهذا الشأن، وتوصية مجلس إدارتها بتقديم مشروعها الخاص باستعادة تخصصها السابق في التأمين على الحياة (الذي توقف بقوة القانون عام 1988).

هناك كما يبدو عيب أساسي في القرار الوزاري لأنه يفتقر إلى مسوّغ قانوني واضح خاصة وأن مجلس إدارة الشركتين، حسب علمنا، لم يُقْدِما على اتخاذ قرار للبدء بالدمج – وهو ما ينصُّ عليه قانون تنظيم أعمال التأمين. وكما كتبتُ في مقالتي السابقة “مشروع دمج شركات التأمين العامة” فإن “تحقيق الاندماج يتطلب قراراً من مجلس إدارة كل شركة بحل الشركة للتمهيد لتأسيس الشركة الجديدة. وفي الوقت الحاضر ليس معروفاً إن كانت الوزارة [وزارة المالية] (أو الشركة الراغبة في الاندماج) ستقوم بتكليف جهة مهنية مستقلة للتقييم المالي للشركات موضوع الدمج، أو أن ديوان التأمين سيشترط على الشركات الراغبة بالاندماج تقديم مثل هذا التقييم المستقل.

 

كلمة أخيرة

 

من المعروف إن عدم الالتزام بالإجراءات القانونية الصحيحة يعتبر عيباً، ويوفر الفرصة للمحاكم لرد الدعاوى. ونحن هنا لسنا في مواجهة قضية قانونية صرفة معروضة على المحاكم بقدر ما نودُّ أن نشير إلى ما يبدو حتى الآن، في غياب المعلومات الدقيقة والكاملة والوثائق ذات العلاقة، أنه عدم التزامٍ بأحكام قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 دونكم الإجراءات السليمة المعهودة في أسواق التأمين المتقدمة.

 

1 آذار 2017

[1] مصباح كمال، “عودة إلى مشروع دمج شركات التأمين العامة،” موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2016/11/19/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d8%b9%d9%88%d8%af%d8%a9-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d9%85%d8%b4%d8%b1%d9%88%d8%b9-%d8%af%d9%85%d8%ac-%d8%b4%d8%b1%d9%83%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84/

مصباح كمال، “مشروع دمج شركات التأمين العامة،” مجلة التأمين العراقي:

http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2016/02/proposed-merger-of-state-owned.html

نشرت أيضاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2016/02/21/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d9%85%d8%b4%d8%b1%d9%88%d8%b9-%d8%af%d9%85%d8%ac-%d8%b4%d8%b1%d9%83%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a3%d9%85%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b9/

[2] وقبل ذلك وبتاريخ 18 أيلول 2016 نشرت جريدة الصباح الإعلان التالي: “وزارة المالية/ديوان التأمين، إعلان. استناداً إلى المادة (50) من قانون تنظيم أعمال التأمين رقم (10) لسنة 2005 وبناء على قرار السيد رئيس ديوان التأمين بالموافقة على طلب اندماج شركة التأمين العراقية العامة بشركة التأمين الوطنية ولكل ذي مصلحة التظلم من القرار خلال (30) يوماً من تاريخ آخر نشر في الصحيفة بالموافقة على الاندماج.” وقتها لم تكن الشركة العراقية للتأمين قد تقدمت بأي طلب للاندماج مع شركة التأمين الوطنية!

Proposed Merger of State-Owned Insurance Companies in Iraq

مشروع دمج شركات التأمين العامة

 

 

مصباح كمال

 

 

نشرت هذه المقالة في مجلة التأمين العراقي

http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2016/02/proposed-merger-of-state-owned.html

وكذلك في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

http://iraqieconomists.net/ar/2016/02/21/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d9%85%d8%b4%d8%b1%d9%88%d8%b9-%d8%af%d9%85%d8%ac-%d8%b4%d8%b1%d9%83%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a3%d9%85%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b9/

 

 

تمهيد وإشارات

 

ليست لدينا معلومات بوجود مشروع ملموس واضح التفاصيل لدمج شركات التأمين وإعادة التأمين العامة، لكننا نستشف وجود نية لإدخال تغيير (أو ما يسمى اصطلاحاً هيكلة) هذه الشركات. فقد نُقل عن رئيس الوزراء حيدر العبادي تأكيده، في مؤتمر إطلاق استراتيجية تطوير القطاع الخاص في العراق 2014-2030 تحت شعار (التحول نحو القطاع الخاص ركيزة أساسية لدعم الاقتصاد العراقي)، على أن “إحدى القضايا المهمة للنهوض بالقطاع الخاص هي إعادة هيكلة الشركات العامة للدولة لتكون فعالة أكثر في القطاع الاقتصادي”، لافتاً إلى أن “مجلس الوزراء أقر خلال الاجتماع الأخير للمجلس هيكلة الشركات العامة للدولة.” ونفى العبادي “وجود نية للاستغناء عن العاملين في الشركات العامة للدولة”، مُحذراً من “انهيار هذه الشركات وخسارة البلد اقتصادياً إذا ما بقيت على هذا الحال.”[1] وربما يمتد هذا التأكيد ليشمل شركات التأمين العامة، ذات التمويل الذاتي، رغم أنها ليست من الشركات الآيلة للانهيار، وحالها لا علاقة له بحال الشركات العامة الأخرى المهملة، عن قصد، من قبل حكومات ما بعد 2003.

 

وقد قرأنا عن موافقة مجلس الوزراء في تشرين الأول 2015 على دمج شركات وتقليص عدد شركات وزارة الصناعة والمعادن، من 76 إلى 32 شركة. وحسب التقارير الصحفية فقد انتهت الوزارة من عملية الدمج في أوائل شباط 2016. يشير هذا إلى أن عملية إعادة الهيكلة (بناء اقتصاد رأسمالي) قد بدأت.

 

وقد ورد لعلمي في الأيام القليلة الماضية أن وزير المالية وجه خطاباً إلى شركات التأمين العامة يطلب فيه إبداء وجهة نظر مجالس إدارات الشركات بمشروع الدمج. وذكر لي أن بعض رؤساء هذه المجالس هم من دعاة ومؤيدي الدمج. لكن المعلومات ليست متكاملة ودقيقة، ولذلك لن أعلق عليها قبل معرفة التفاصيل، واكتفي ببعض الملاحظات العامة عن الدمج بين الشركات لفتح باب للمناقشة.

 

ومن المناسب هنا التأكيد على أن خطاب الوزير إلى الشركات هو تصرف قانوني صحيح متبع في مختلف الاختصاصات القضائية في العالم، إذ أن تحقيق الاندماج يتطلب قراراً من مجلس إدارة كل شركة بحل الشركة للتمهيد لتأسيس الشركة الجديدة. وفي الوقت الحاضر ليس معروفاً إن كانت الوزارة (أو الشركة الراغبة في الاندماج) ستقوم بتكليف جهة مهنية مستقلة للتقييم المالي للشركات موضوع الدمج، أو أن ديوان التأمين سيشترط على الشركات الراغبة بالاندماج تقديم مثل هذا التقييم المستقل (البند ثانياً من المادة 50 من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 يكتفي بالقول إن “على المؤمنين الراغبين بالاندماج تقديم طلب للديوان مرفق به كافة التقارير والبيانات اللازمة التي يحددها رئيس الديوان بتعليمات يصدرها لهذا الغرض.” ربما تشمل “التقارير والبيانات اللازمة” كل ما يتعلق بذمم الشركات موضوع الدمج وغيرها من قضايا قد تكون مستترة؛ لكن الديوان، حتى كتابة هذه الورقة، لم يصدر تعليمات خاصة بدمج الشركات.

 

عدا خطاب وزارة المالية لشركات التأمين العامة (لم نطلع على نصه) فليس معروفاً إن كان لمستشاري الوزارة أو مستشاري مجلس الوزراء هدفاً محدداً وراء مشروع الدمج ضمن استراتيجية حكومة العبادي لهيكلة الشركات العامة للدولة. ولم يقع في أيدينا أي نص صادر منهم للتعرف على مواقفهم، وهل أن ما يدور في بالهم يجد سنداً له في تاريخ تطوير قطاع التأمين العراقي بغض النظر عن اختلاف الاتجاهات الفكرية بين الماضي والحاضر.[2]

 

كنت من المشجعين على الدمج بين شركات التأمين الخاصة،[3] الضعيفة في رأسمالها واحتياطياتها المالية وكوادرها (بعضها أقرب ما تكون إلى شركات عائلية ومصادر رأسمالها مثار تساؤل)، لخلق شركات متينة مالياً تعمل على تكوين كوادر متقدمة مؤهلة كي تكون في وضع تستطيع معه التنافس مع شركتي التأمين العامتين على أعمال التأمين، الحكومية والخاصة، وتمهد الطريق لبناء مواردها المالية، من رأس المال والاحتياطيات، كي تقوم بترتيب اتفاقيات لإعادة التأمين خاصة بها بشكل مستقل.[4] وفي الوقت ذاته كنت أثير الشكوك حول مدى ضرورة إعادة هيكلة (خصخصة) شركات التأمين العامة.[5]

 

يمكن تبرير الاندماج بين شركات التأمين الخاصة (هناك 30 حوالي شركة تأمين خاصة مرخصة بمزاولة أعمال التأمين) كوسيلة للتغلب على معضلات ضعف القدرة التنافسية (سوى التنافس الذي يعرف بتكسير الأسعار: الاكتتاب على أساس غير فني يهدد وجود الشركة في المستقبل)، والقدرة على التوسع في الإنتاج، وتعظيم الاحتياطيات المالية، وإعادة تدوير الأرباح لتمويل رأس المال المطلوب من قبل الجهاز الرقابي.

 

ولكن هل هناك ضرورة لدمج الشركات العامة؟ بالمقاييس العراقية السائدة في الوقت الحاضر فإن هذه الشركات ناجحة، فهي، كشركات تمويل ذاتي، لا تعتمد على خزينة الدولة، وتحقق ارباحاً سنوية، وتوزع جزءاً منها على العاملين كحوافز بعد تسديد حصتها من ضريبة الدخل والرسوم. لذلك ينهض السؤال: لم التفكير بدمجها الآن وهي المساهمة في حالة التنافس القائمة بينها وبين شركات التأمين الخاص؟ أهو بداية لخصخصتها؟[6] “المستبد بأمره” بول بريمر الثالث لم يجرؤ، لسبب ما، على خصخصة شركات التأمين العامة رغم أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID قد تقدمت بعد الاحتلال بفترة قصيرة بمشروع متكامل ظاهرياً أعدته شركة بيرنغ بوينت إنك BearingPoint Inc لإعادة هيكلتها، كأربع شركات متخصصة في التالي: التأمين على السيارات، التأمين غير البحري، التأمين البحري والطيران، والتأمين على الحياة والتقاعد.[7] لا بل أنه استثنى في أحد أوامره (الأمر رقم 39، أيلول 2003، القسم السادس، مجالات الاستثمار الأجنبي) قطاع التأمين من الاستثمار الأجنبي.

 

يلاحظ في الأسواق العالمية، التي تشهد منافسة قوية بين الشركات، أن الدافع وراء الاندماج قد يكون الحد من المنافسة وربما إخراج المنافسين وخاصة المنافسين الصغار، أو تحقيق تكامل في عرض المنتجات، أو الحفاظ على حصة الأعمال في السوق وإبقاء هامش الربح عالياً لصالح رأس المال، أو غيرها من الأسباب. لكننا لم نعثر على الدافع وراء توجه وزارة المالية وتدخلها في تقرير مصير شركات التأمين العامة ذاتية التمويل من خلال الدمج. ترى هل أن مشروع الدمج هو الآلية التي تعمل وزارة المالية على تحقيقه تماشياً مع مروجي سياسة التجارة الحرة في الداخل والخارج، وإزالة العوائق التجارية والقانونية أمام الشركات المتعددة الجنسيات لدخول سوق التأمين العراقي، والتمهيد لانضمام العراق إلى منظمة التجارة الدولية مع النمو (المرتقب) للاقتصاد العراقي؟ هل صارت الوزارة تخطط للمستقبل؟

 

من المعروف انه رغم تدخل الأجهزة الرقابية فإن الميل نحو تأسيس شركات قوية قادرة على التصدي لتقلبات النظام الرأسمالي، داخل البلد الواحد وعلى المستوى العالمي، يظل قائماً من خلال الاستفادة من آليات الاندماج والاستحواذ. وقد ارتبطت موجات الاندماج في الغرب مع ازدياد حرية التجارة في الخدمات والانفتاح الاقتصادي عموماً مما شكل تحدياً للعديد من شركات التأمين.[8]

 

لفائدة القراء فإن شركات التأمين العامة تضم شركة التأمين الوطنية (تأسست سنة 1950 كشركة حكومية)، شركة إعادة التأمين العراقية (تأسست سنة 1960 كشركة مختلطة) وشركة التأمين العراقية (تأسست سنة 1959 كشركة خاصة وخضعت للتأميم سنة 1964). ولكل شركة نظامها الداخلي.

 

 

 

 

الضوابط القانونية لاندماج شركات التأمين

 

ترد القواعد الضابطة لاندماج شركات التأمين في قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 تحت الباب الخامس، تحويل الوثائق وتملك واندماج وتصفية المؤمنين، في الفصل الثالث: اندماج المؤمنين. تتناول المادة 50 اندماج المؤمنين كما يلي:

 

أولا-    يجوز اندماج مؤمن أو معيد تأمين في مؤمن أو معيد تأمين اخر بما في ذلك المؤمنين او معيدي التأمين المملوكين للدولة.

ثانيا-   على المؤمنين الراغبين بالاندماج تقديم طلب للديوان مرفق به كافة التقارير والبيانات اللازمة التي يحددها رئيس الديوان بتعليمات يصدرها لهذا الغرض.

ثالثا-   يدقق رئيس الديوان التقارير والبيانات والوثائق المقدمة، وله الموافقة على الاندماج أو رفضه بقرار مسبب.

رابعا-  اذا وافق رئيس الديوان على طلب الاندماج فينشر أعلانا على نفقات طالبي الاندماج في صحيفة يومية واسعة الانتشار في العراق لمدة (5) خمسة أيام متتالية، ولكل ذي مصلحة التظلم من القرار خلال (30) ثلاثين يوما من تاريخ اخر نشر لإعلان الموافقة على الاندماج.

خامسا-   يبت رئيس الديوان في التظلمات المقدمة وفقا لأحكام البند (رابعا) من هذه المادة خلال (30) ثلاثين يوما من تاريخ انتهاء مدة تقديمها، ولكل ذي مصلحة الاعتراض على القرار الصادر نتيجة التظلم أمام محكمة البداءة المختصة خلال (7) سبعة أيام من تاريخ التبلغ به.

 

ويرد في الباب الرابع، رقابة رئيس الديوان على المؤمنين، في المادة- 47- الإجراءات التي يستطيع رئيس الديوان اتخاذها في حالات محددة وهي:

 

  1. تخلف المؤمن او عجزه عن الوفاء بالتزاماته أو احتمال تخلفه او عجزه عن ذلك او عدم قدرته على الاستمرار بأعماله.
  2. ارتكاب المؤمن مخالفة لأحكام هذا القانون أو الانظمة أو التعليمات الصادرة بموجبه.د-     اذا خالف المؤمن برنامج العمل الذي قدمه للديوان وحصل على الاجازة بموجبه.و-    توقف المؤمن عن أعماله مدة لا تقل عن سنة دون سبب مبرر أو مشروع.عندها يستطيع رئيس الديوان أتخاذ ما يلزم من إجراءات بحق المؤمن المخالف ومنها البند ثانياً-ح: “دمج المؤمن في مؤمن اخر بموافقة المؤمن الذي سيدمج معه.”البند الأول يشرع جواز اندماج مؤمن أو معيد تأمين في مؤمن أو معيد تأمين اخر بما في ذلك المؤمنين او معيدي التأمين المملوكين للدولة (التأكيد من عندي). اي أن الأساس القانوني لمشروع الوزارة جاهز، لكن هذا لا يعفي الوزارة من عرض الدافع أو الدوافع لمشروعها.إذا ما تحقق مشروع الدمج بين شركات التأمين العامة فإنه سيعتمد على أحكام هذا القانون. وقد اقتبستها بالكامل لفائدة القراء. سينتظر المرء بكثير من الاهتمام التعرف على موقف ديوان التامين من هذا المشروع للتثبت إن كان جهازاً تابعاً وخاضعاً لوزارة المالية أم إنه يتمتع بالاستقلالية (كما هو معرّف في الموقع الإلكتروني لوزارة المالية) في اتخاذ قرارته.بعض تداعيات الاندماجعلى المستوى النظري يمكن الإشارة إلى بعض أوجه التآزر synergies الاستراتيجية المترتبة على الاندماج. وهذ تتمثل بالوفورات الاقتصادية التي يمكن أن تتحقق بفضل الاندماج. فيما يلي سنستعرض ما نراه مفيداً لأغراض هذه الورقة.خلق شركة تأمين “عملاقة.” مع دمج شركتي التأمين العامتين ستتشكل شركة تأمين، تعتبر في السياق العراقي الحالي، شركة عملاقة من حيث حجم رأس المال والاستثمارات ودخل أقساط التأمين المكتتبة وعدد الموظفين العاملين فيها، تجعلها في وضع تنافسي قوي في مواجهة شركات التأمين الخاصة.بفضل القوة المالية للشركة الجديدة فإنها تستطيع أن تستغني عن شراء إعادة التأمين الاتفاقي من شركة إعادة التأمين العراقية، إذ أن حجم أعمالها سيكون مصدر جذب لاهتمام معيدي التأمين في العالم. إحدى النتائج السلبية لهذا الوضع هو خسارة الإعادة العراقية لأعمال الشركتين (إن قررت الشركة الجديدة إهمالها)، أي ان حجم الاعمال المتبقية لدى الإعادة العراقية سينحصر بأعمال شركات التأمين الخاصة، وهو حجم صغير لا يجذب اهتماماً من معيدي التأمين المحترفين. وبالتالي سيضعف مكانة الإعادة العراقية وعندها سيتمهد السبيل لتصفيتها أو دمجها مع الشركتين.الإشكالية هنا هي أن الشركة المدمجة تستطيع، نظرياً، توفير حماية إعادة التأمين الاتفاقي والاختياري لشركات التأمين الخاصة إلا أن تضارباً في المصالح سينشأ من خلال تنافس الشركة المدمجة وشركات التأمين الخاصة على أعمال التأمين المباشر. هذه قضية تحتاج إلى عناية خاصة. وما مراجعة تجربة الدمج في مصر من قبل أصحابها، بعد عقد، إلا دليلاً على أهمية التفكير بما سينشأ عن دمج يتأسس لاعتبارات إيديولوجية غير قائمة على أسس اقتصادية لها علاقة بتطوير السوق الوطني المتكامل للتأمين.ميزة أخرى للاندماج هي تعظيم القوة الشرائية تجاه المجهزين، ونعني بهذا تعزيز القدرة التفاوضية للشركة الجديدة مع مجهزي إعادة التأمين الاتفاقي والاختياري. وسيكون هذا تطوراً مهماً لأنه يوفر الفرصة ليس فقط للاستغناء عن خدمات شركة إعادة التأمين العراقية بل التخلص مما يراه البعض العبء الذي تمثله محافظ معظم شركات التأمين الخاصة على الاتفاقيات الحالية التي تديرها الإعادة العراقية (الشك بأن شركات التأمين الخاصة تنتقي ما تسنده من أعمال للإعادة العراقية).تعظيم الإيرادات (دخل أقساط التأمين). توسيع محفظة تأمين فروع معينة، فربما يكون لدى شركة التأمين الوطنية استراتيجية لتعظيم محفظة التأمين على الحياة (بدأت تمارسها أواخر ثمانينيات القرن الماضي)، وهي المحفظة الرائدة في أعمال شركة التأمين العراقية ولأسباب تاريخية تعود إلى تخصصها الأساسي في مجال التأمين على الحياة (1964-1988).باندماجها (استحواذها) على شركة التأمين العراقية تصبح شركة الـتأمين الوطنية (وهي الشركة الأكبر) قادرة على توسيع قنوات توزيع منتجات التأمين، والتوجه نحو السيطرة على سوق التأمين، وبالتالي المحافظة على حجم الأرباح والتوسع فيه. وقد يكون أحد نتائج هذا الوضع إضعاف مكانة شركات التأمين الخاصة وشلّ قدرتها على التنافس.الاقتصاد في التكاليف. ويتحقق هذا كنتيجة لوفورات الحجم، من خلال تقليص عدد العاملين والتخلص من الازدواجية في إشغال الوظائف. المشكلة هنا هي أن الموظف الحكومي العامل في شركات التأمين العامة لا يخضع للفصل او الاستغناء عن الخدمات، إلا في حالات يحددها القانون. ربما تستطيع إدارة الشركة الجديدة المنبثقة عن الدمج تشجيع التقاعد المبكر، أو تشجيع على استقالة موظفيها للتحول إلى العمل في الشركات الخاصة، وهو توجه ضعيف لأن موظف الشركة العامة، بفضل نظام الحوافز، يتمتع بمكافآت ليست متوفرة في الشركات الخاصة.[9] لكننا نلاحظ أن المتقاعدين عن العمل في شركات التأمين العامة يميلون إلى الاستمرار في العمل لدى شركات التأمين الخاصة.ويمكن أن يتخذ الاقتصاد في التكلفة شكل التخلص من التسهيلات الفائضة من خلال الاستخدام المشترك للمدخلات، كاستخدام الخبرات الفنية والإدارية، والتقنيات وقوائم المستهلكين (طالبي التأمين المرتقبين أو المؤمن لهم). وكذلك توزيع المصاريف التشغيلية الثابتة (تكاليف الإنتاج) على قاعدة أكبر من المستهلكين (طالبي التأمين وحملة وثائق التأمين)ويفترض أن الاقتصاد في التكاليف وتعزيز الوضع التنافسي، في الظاهر، سيقترن، كما ينبغي، بتحسين جودة المنتج التأمين والخدمات المرافقة له سواء بتحسين مستوى الأداء وكفاءة ومؤهلات العاملين الفنية واللغوية أو إدخال وسائل التكنولوجيا الحديثة.هل هناك ضرورة للاندماج في الوقت الحاضرفي غياب الشفافية وعدم معرفة الدافع/الدوافع وراء مشروع وزارة المالية، من رأينا ان الاندماج بين شركات التأمين العامة ليس مطلوباً في الوقت الحاضر. فهذه الشركات لا تعاني من مصاعب مالية وإدارية وفنية وقدرة على التنافس مع بعضها ومع شركات التأمين الخاصة. لنتذكر ان اللجوء إلى آلية الاندماج قد يفرضه المشكلات المالية وغيرها التي تواجهها الشركات وهي مما لا تعاني منها الشركات العامة.لو كان واضحاً وبما لا يقبل الشك أن مشروع الدمج يراد منه خلق كيان تأميني وطني قوي لمواجهة منافسة أجنبية يراد إدخالها إلى سوق التأمين العراقي، مع انفراج الوضع الأمني وبدء الانتعاش الاقتصادي، فإنه في هذه الحالة يستحق التأمل. لكننا نعرف بأن مستشاري الحكومة، في الداخل والخارج، يؤكدون باستمرار على تقليص دور القطاع العام في الاقتصاد.ومن رأينا ان مشروع الدمج الذي يجري الإعداد له قد يؤدي، في ظل البنية الحالية لسوق التأمين العراقي، إلى تقويض التنافس القائم وربما إلى تحكُّم الشركة الجديدة في فرض الأسعار والشروط، وهو ليس في صالح طالبي التأمين. وإزاء هذا الوضع قد تلجأ شركات التأمين الصغيرة إلى منافسة سعرية غير مقيدة، للحفاظ على حجم أعمالها. وهذا من شأنه أن يخلق فوضى في الأسعار قد يؤدي في النهاية، بالنسبة لبعض شركات التأمين الخاصة التي تمارس مثل هذه المنافسة، إلى إفلاسها عندما ترد عليها المطالبات الكبيرة بالتعويض دون أن تكون لديها القدرة المالية، الخاصة بها وتلك التي قد توفرها حماية إعادة التأمين (وقد تكون غير موجودة أصلاً)، لتسديد أقيامها.نأمل أن تكون وزارة المالية وديوان التأمين العراقي وشركات التأمين العامة مدركة للمعايير/الأهداف الموضوعية لعملية الاندماج بعيداً عن أية دعاوى إيديولوجية. ونرى أن بعض هذه المعايير/الأهداف، وضمن شروط سوق التأمين العراقي في الوقت الحاضر، هي:المحافظة على الوضع التنافسي، وتجنب الآثار السلبية على شركات التأمين الخاصة (وهي شركات عراقية وطنية)، واستنباط وسائل حمايتها من المنافسة القوية المحتملة للشركة المؤسسة نتيجة للدمج.تحقيق نقلة نوعية لرفع مستوى الأداء من خلال تحسين جودة المنتج التأميني، تحسين مستوى الخدمات التأمينية، رفع كفاءة العاملين في شركات التأمين، بناء الكوادر، زيادة الإنتاج، إدخال التكنولوجيا المتقدمة في أداء العمل وفي الإنتاج.الكشف عن مبررات الدمج، واتساقه مع معطيات سوق التأمين العراقي، ومدى مساهمته في تعزيز سوق وطني اتحادي متكامل.في تاريخها الذي يمتد لما يزيد عن نصف قرن عملت شركات التأمين العامة على خدمة الاقتصاد العراقي، وبدرجات متفاوتة، ضمن الإطار العام للتحولات الاقتصادية والسياسية التي كانت خارج إرادتها. لم تشكل هذه الشركات في يومٍ ما عبئاً على خزينة الدولة بل على العكس كانت توفر إيراداً للخزينة من خلال الضرائب والرسوم.أملي أن تساهم هذه الورقة في إثارة نقاش عام مفتوح، بين ممارسي التأمين والمهتمين بقطاع التأمين، بشأن مصائر شركات التأمين العامة، والكشف عن ما يخطط لها.
  3. 21 شباط/فبراير 2016
  4. هـ-   اذا زادت مجموع خسائر المؤمن على خمسين بالمئة من رأسماله المدفوع.
  5. ج-    عدم اتخاذ المؤمن الاجراءات اللازمة لإعادة التأمين على المخاطر التي يتحملها او عدم كفايتها.

[1] جريدة المدى، 13 شباط 2015:

http://www.almadapaper.net/ar/news/481605/%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B2%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D8%A9-%D8%A3%D9%82%D8%B1%D8%AA-%D9%87%D9%8A%D9%83%D9%84%D8%A9-%D8%B4%D8%B1%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84#.VN6W5RVoh28

[2] ذكرت في مقالة لي أن إعادة الهيكلة كانت معروفة في الماضي ولكن ليس بهذا الاسم. “هي حقاً ليست بالأمر الجديد بالنسبة لشركات التامين العراقية، فقد عرفتها أولاً في ستينيات القرن الماضي (عمليات الدمج والتأميم)؛ وفي الثمانينيات (إلغاء المؤسسة العامة للتأمين وإطلاق حرية العمل لشركتي التأمين العامتين لمزاولة أعمال التأمين على الحياة وغير الحياة، وإلغاء إسناد حصص إلزامية لشركة إعادة التأمين العراقية)؛ وفي التسعينيات (فتح السوق أمام تأسيس شركات تأمين خاصة وتحويل شركات التأمين العامة إلى شركات ذات تمويل ذاتي). وبعد سقوط الدكتاتورية صدر قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 وتأسس بموجبه ديوان التأمين العراقي وجمعية التأمين العراقية. وهذه كلها محطات مهمة في تاريخ هيكلة قطاع التأمين العراقي تستحق الدراسة المستقلة.” أنظر: مصباح كمال، “هل هناك مشروع لإعادة هيكلة شركات التأمين العامة؟”، في مجلة الثقافة الجديدة، العدد 346، 2011؛ وكذلك مجلة التأمين العراقي:

http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2012/01/restructuring-state-owned-insurance.html

 

وقد شهدت الفترة التي أعقبت تأميم شركات التأمين (تموز 1964) دمج الشركات في أربعة كيانات هي: شركة التأمين الوطنية، شركة التأمين العراقية (وكانت تضم شركة الاعتماد للتأمين، وشركة الرشيد للتأمين)، شركة بغداد للتأمين (وكانت تضم شركة التأمين التجاري العراقي)، وشركة الرافدين للتأمين (وكانت تضم شركة دجلة للتأمين).

 

ليس عيباً أن نراجع تاريخ تطور قطاع التأمين العراقي، وليس مفيداً لأغراض البحث والتوثيق أن نتقصد إحداث قطيعة معه لأسباب إيديولوجية.

 

[3] حول تشجيع الاندماج بين شركات التأمين، كجزء من مشروع وضع سياسات للتأمين، أنظر: مصباح كمال، قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: تقييم ودراسات نقدية (بغداد: منشورات شركة التأمين الوطنية، 2014)، ص 26. ويمكن قراءتها أيضاً في “السياسات الاقتصادية في العراق والخيارات البديلة: قطاع التأمين نموذجاً،” الثقافة الجديدة، العدد 333-334، 2009 وكذلك مدونة مجلة التأمين العراقي

http:misbahkamal.blogspot.com/2009/12/2009.html

 

[4] في الوقت الحاضر تقوم شركة إعادة التأمين العراقية بترتيب اتفاقيات إعادة التأمين باسمها لصالح جميع شركات التأمين، العامة والخاصة. وبفضل دخل أقساط التأمين التي تكتب بها الشركتين العامتين تستفيد معظم شركات التأمين الخاصة من هذه الاتفاقيات.

 

[5] أنظر بهذا الشأن مقالتي “هل هناك مشروع لإعادة هيكلة شركات التأمين العامة؟”، في مجلة الثقافة الجديدة، العدد 346، 2011؛ وكذلك مجلة التأمين العراقي:

http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2012/01/restructuring-state-owned-insurance.html

 

[6] كتب الكثير عن محاولات الخصخصة وتصفية القطاع العام، وقد كتب مؤخراً صائب خليل مقالاً نقدياً حاداً يعرض ويحلل فيه بعض أفكار الفئة الحاكمة. أنظر: صائب خليل “فرص العبادي “السانحة” وتعليمات دافوس” باستخدام هذا الرابط:

http://almothaqaf.com/index.php/araa2016/903007.html

 

[7] أنظر مصباح كمال: “نقد مشروع إعادة هيكلة سوق التأمين العراقي”، MEES, Vol. 47, No. 19, 10 May 2004, pp D1-D5. نشر النص العربي المنقح والمزيد بعنوان “ملاحظات نقدية حول إعادة هيكلة سوق التأمين العراقي”، الثقافة الجديدة، العدد 314، 2005، ص 48-58.

 

[8] تاريخ التكتلات الاقتصادية والمالية يمتد لأكثر من قرن خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية. لمتابعة الجوانب المختلفة لموجات الاندماج والاستحواذ في قطاع التأمين راجع:

M&A in insurance: start of a new wave?, sigma No 3/2015, Zurich: Swiss Re.

[9] قد تكون هذه فرصة للتخلص من التخمة في الاستخدام نتيجة لسياسات المحاصصة وإعادة المفصولين إلى وظائفهم (البطالة المقنعة). أنظر: مصباح كمال،” آثار إعادة المفصول السياسي إلى وظيفته في شركات التأمين،” مجلة التأمين العراقي:

http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2013/03/reinstatement-of-politically-dismissed.html

Regulation and Intervention in the Insurance Industry – Fundamental Issues

إعلان عن كتاب

الرقابة على صناعة التأمين: قضايا أساسية

تأليف: إيرنست بالتنسبرجر، بيتر بومبيرجر، أليساندرو لوبا، بينو كيللر، ارنو فيكي
ترجمة: تيسير التريكي
مراجعة: مصباح كمال

عنوان الكتاب باللغة الانكليزية:
Regulation and Intervention in the Insurance Industry – Fundamental Issues (Geneva: The Geneva Association, 2008)
سعر الكتاب: 12 دولار أمريكي
الناشر:
منتدى المعارف
بناية طبارة – الطابق الرابع – شارع نجيب العرداتي
المنارة – رأس بيروت
ص. ب: 7494-113 حمرا – بيروت 2030 1103 – لبنان
هاتف: 749140-1-961+
فاكس: 749141-1-961+
خليوي: 586063-3-961+
بريد إلكتروني: rabih@almaarefforum.com.lb
rabihkisserwan@yahoo.com

[1]
عندما دعاني الزميل والصديق تيسير التريكي للعمل معه في مشروع ترجمة بعض المؤلفات المهمة في التأمين، وما يتعلق به من فروع معرفية أخرى، إلى اللغة العربية، لم أتردد بقبول الدعوة خاصة وأن جذور هذا المشروع يرجع إلى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي عندما تشاركنا في إعداد معجم مصطلحات التأمين وترجمة كتاب مدخل لإدارة الخطر. تبع ذلك مشاركتنا في إخراج كتابين آخرين هما: التأمين والشريعة الإسلامية والتأمين التكافلي العام. وكنا قبلها، أيام شبابنا في الحياة وفي الوظيفة، نتعاون في ترجمة نصوص بعض وثائق التأمين إلى العربية أيام ما كان التريكي يعمل في شركة المختار للتأمين في ليبيا (اندمجت مع شركة ليبيا للتأمين). والآن، وحسب مقتضيات الحال، نتناقش ونوزع المهام بيننا في اختيار الكتب والدراسات المناسبة، وفي الترجمة والمراجعة وإعداد المسارد.

ويأتي كتاب الرقابة على صناعة التأمين، الذي نشره منتدى المعارف مؤخراً، ضمن هذا المشروع. ومن المؤمل الاستمرار في عملنا لإنجاز كتب أخرى في المستقبل تشكل في مجموعها، حسب قناعتنا، إضافات مهمة لمكتبة التأمين العربية.

[2]
يُدخلنا كتاب الرقابة على صناعة التأمين إلى عالم جديد لم تألفه الكتابات التأمينية العربية. ولذلك فإن الكتاب إضافة أساسية لدراسة الرقابة على النشاط التأميني العربي من منظور اقتصادي غير مستخدم في العالم العربي . يقول المترجم والمراجع في مقدمتهما للكتاب

“إن الرقابة المقتدرة والمتفهمة لدورها تلعب دوراً مهماً في تطوير صناعة التأمين انطلاقاً من دورها الأساس في حماية مصالح جميع الأطراف المعنية بالتأمين وفى مقدمها حملة وثائق التأمين. والإشراف – كما توحى العبارة – يضع الرقابة في موقع ينبغي أن ترى منه بعين الطائر ما يجرى في سوق التأمين الوطني وما يجرى على صعيد تطور التشريعات الرقابية وعلى النقاشات المحتدمة حولها في العالم من حولنا. ونحن نعتقد أن قراءة هذا الكتاب يمكن ان تلقى ضوءاً كاشفاً على الفكرة التي تطرقنا إليها للتو.”

ما هي القضايا الأساسية في الكتاب؟ كما قلنا في مقدمة الكتاب فإنه يعالج “التقارب الحاصل بين دور صناعه التأمين والصناعة المصرفية في أسواق المال مع إشارة كاشفة الى اختلاف طبيعة الخطر في كل منهما. ويقدم الكتاب معالجة واضحة لموضوع خطر العدوى [عدوى انتشار انهيار بعض المؤسسات لتطال قطاعات أخرى وربما الاقتصاد الوطني] والخطر المتجذر في النظام contagion and systemic risk.”

ويعرض الكتاب أهم التطورات على صعيد انظمة الرقابة والنقاشات الدائرة حول الموضوع والاتجاه نحو تبنى الرقابة الكلية الساهرة على سلامة الوضع المالي للمؤسسات المالية والتأمينية وقاعدتها الأساسية المتمثلة بالملاءة المالية، وتجاوز المراقبة الجزئية التي تُشغل نفسها بالإشراف على المنتجات التأمينية الفردية.

ويتناول الكتاب النقاش الدائر حول التنظيم الإداري الأمثل للرقابة والإشراف على أسواق المال والمفاضلة بين رقابة منفصلة لكل من قطاع التأمين والقطاع المصرفي أو رقابة موحدة تتولى الإشراف على القطاعين معاً.

ويضمُّ الكتاب مواضيع أخرى تمدّ القارئ برؤى مختلفة لموضوع الرقابة ومنها الفصل المخصص لمقاربات الرقابة على القطاع المالي، وعرض نماذج الرقابة الاحتراسية (الوقائية) مقابل الرقابة الحمائية، والرقابة التقديرية (القائمة على المبادئ) مقابل الرقابة المؤسساتية الصارمة، وكلفة الرقابة وإمكانية سوء استغلالها. ومنها أيضاً المقارنة بين التأمين الذي يقوم به القطاع الخاص والقطاع العام والخطر الكارثي ومحدودية التأمين عليه.

يتفرّد الكتاب في الجمع بين المقتربات النظرية للنشاط الرقابي والتطبيقات العملية لقواعد الرقابة ضمن مفاهيم وسياقات اقتصادية ومالية لا نجد ما يماثلها في الكتابات العربية عن الرقابة على النشاط التأميني والمصرفي. ونرى أن هذا الكتاب ينبهنا إلى وجود فراغ في التفكير التأميني في العالم العربي. ونعتقد أن صدوره، متى ما تم الاهتمام بموضوعه من قبل الأطراف المعنية، التأمينية والمصرفية، سيساهم في الارتقاء بالقطاع المالي العربي عموماً والتأميني منه بشكل خاص.

من مزايا هذا الكتاب استخدام المصطلح الانكليزي في المتن مقابل ترجمته العربية تسهيلاً للفهم، وإدخال هوامش توضيحية، وإضافة مسرد ألفبائي انكليزي-عربي لبعض المصطلحات في آخر الكتاب لنفس غرض تسهيل الفهم. هذه الإضافات للنص الأصلي جاءت نتيجة لقناعة المترجم والمراجع “أن المصطلحات المصرفية والمالية الحديثة، وخاصة تلك المتعلقة بالمنتجات المالية الجديدة، باللغة الانكليزية لا تجد لها دائماً ما يناظرها باللغة العربية وذلك لأن هذه المنتجات لا تجد استخداماً واسعاً لها في العالم العربي.”

نترك الحكم للقراء بشأن الترجمة والمراجعة، لكننا نأمل إفادتنا بالرأي النقدي لتثبيت المصطلح، وتطوير مشروع الترجمة في المضمون والشكل.

[3]
إن مؤلفي هذا الكتاب هم مجموعة مرموقة من حملة الشهادات العليا في العلوم السياسية والاقتصادية وإدارة الأعمال، يتمتعون بخبرات عملية متقدمة في مجالات عملهم وظفوها في كتابة مساهماتهم في هذا الكتاب. أما جمعية جنيف، التي نشرت الكتاب باللغة الإنكليزية، فهي مؤسسة بحثية في شؤون التأمين وإعادة التأمين وإدارة الخطر، ولها إسهامات متميزة في دراسة قضايا الشيخوخة والتقاعد والحلول التأمينية والأزمة المالية التي طالت المصارف وامتد بعض تأثيرها على قطاع التأمين، ولها دراسات مهمة منشورة بهذا الشأن. تأسست جمعية جنيف عام 1973 كجمعية عالمية لدراسة اقتصاديات التأمين. وتنشر بحوث أساسية وأوراق دورية.

مصباح كمال
آب/أغسطس 2014

Receipt Voucher or Insurance Policy?

وصل القبض بديلاً عن التأمين

 

 مصباح كمال

  

ظاهرة غريبة في سوق التأمين العراقي

من الظواهر الغريبة في سوق التأمين العراقي، وتحديداً في تأمين عقود الإنشاء العائدة للدولة التي ظهرت بعد 2003 وبعد تزايد عدد شركات التأمين الخاصة، والتي يتحدث عنها بعض ممارسي التأمين، ظاهرة اكتفاء المؤمن له (المقاول) ورب العمل (الوزارة أو المحافظة أو الجهاز الحكومي المعني) بوصل القبض (لقاء قسط تأمين غير محتسب فنياً لمشروع إنشائي هندسي) بديلاً لوثيقة أصولية للتأمين الهندسي.  ويبدو أن استعمال كلمة الظاهرة صحيح بفضل الحالات العديدة التي تندرج تحت هذه الممارسة.

 

هذا الوضع يعكس تدني أصول ممارسة مهنة التأمين وتحول شركات التأمين العراقية التي تمارسها إلى دكاكين خردة للتأمين.  كما تعكس سيادة الجهل في إدارة وظيفة التأمين لدى الأطراف الحكومية.  ويمكن عَزو هذا الوضع، وبشكل عام، إلى “الأمية التأمينية” أي عدم معرفة الحاجة إلى التأمين، وضعف أو انعدام التثقيف بهذه الحاجة (عدم معرفة أي الأخطار قابلة للتأمين)، وعدم الاكتراث: الله غالب، القضاء والقدر، التواكل، وهناك في الأعالي من يحميها.  وما يشجع على قيام هذا الوضع هي الأوضاع العامة المكتسية بالفساد وغياب المراقبة الحقيقية.

 

وصل القبض وبعض نتائجه

حسب المعلومات التي ذُكرت لنا فإن وصل القبض في التأمينات الهندسية يُلجأ إليه في الحالات التالية عندما يطلب رب العمل إبراز ما يؤيد قيام المقاول بإجراء التأمين على أعمال المشروع:

 

–       رغبة المقاول في استلام سلفة للبدء بأعمال المشروع.

–       أو اقتراب انتهاء المشروع للحصول على سلفة (دفعة) أخيرة لإكمال المشروع.

–    أو بعد الانتهاء من أعمال المشروع ورغبة المقاول في تصفية حساباته مع رب العمل واستلام ما تبقى له من مبالغ بذمة رب العمل.

 

الغرابة في الموضوع أن رب العمل بدلاً من مطالبة المقاول بإبراز وثيقة تأمين أصولية صادرة من شركة تأمين مرخصة من قبل ديوان التأمين العراقي يقبل بوصل القبض الصادر من شركة التأمين كمستند ودليل على وجود غطاء التأمين.  هذا جهل ما بعده جهل فيما يخص التأمين.  فلا المقاول ولا رب العمل يعرف تفاصيل ما هو مؤمن عليه، ونطاق التغطية، ومدى توفر حماية إعادة التأمين لشركة التأمين التي تقوم بإصدار وصل القبض.

 

قد نفهم جهل المؤمن له (المقاول) فربما يكون أمياً بالمعنى الضيق للكلمة، ولنا معرفة بمثل هؤلاء المقاولين في سبعينيات القرن الماضي، وخاصة بالنسبة لعقود الانشاء المدنية الصغيرة التي كانت ترسى على مقاولين أميين لا لأهليتهم وإنما لارتباطهم بالحزب الحاكم أو لإرشائهم لبعض المسؤولين عن العقود.  أما أن يكون المسؤول الرسمي جاهلاً بالتأمين فهو مدعاة للقلق لأنه يلغي الكفاءة البيروقراطية (بالمعنى الجيد) في إدارة جانب من الشأن الام والحفاظ على مصالح الدولة.  بعبارة أخرى، فإن هذا الجهل، عل صغره، يؤشر على غياب بناء الدولة العصرية المحايدة.

 

النزوع نحو الاكتتاب غير الفني بدافع الحصول على الأعمال، من تداعياته عدم الاستفادة من اتفاقيات إعادة التأمين التي تديرها شركة إعادة التأمين العراقية (أي الإضرار بالمصالح الجماعية لسوق التأمين العراقي وعدم المساهمة في تطويره).  وكذلك غياب، وفي أحسن الحالات، تدني مستوى الخدمات: خدمة وثيقة التأمين أثناء سريانها، خدمة التعويض، تحسين نوعية الخطر من خلال الكشف الهندسي الميداني وتقديم التوصيات لتحسين الخطر.

 

إن لم يكن المقاول أمياً أبجدياً أو ثقافياً فإنه، وبدافع تحقيق أقصى الأرباح، يلجأ إلى الاستفادة من الوضع التنافسي المنفلت القائم في سوق التأمين ليحصل على أقل الأسعار لاستصدار وصل القبض ليهرول به للحصول على سلفة أو تسديد دفعة من قيمة المقاولة.  ولا تجد شركات التأمين المتنافسة حرجاً لقناعتها، القابلة للنقاش، أنها تُصدّر مجرد ورقة وليس وعداً بالتعويض عن احتمال وقوع ضرر مادي.[1]

 

هكذا يُساء استخدام المنافسة  لمؤسسة التأمين وتفقد احترام الناس لها (بعض شركات التأمين ترفض “الاكتتاب” من خلال وصل القبض).  من حسن حظ شركات التأمين التي “تكتتب” بالتأمين من خلال وصل القبض عدم حصول أضرار في المشاريع التي تكتتب بها إذ لو حصلت الأضرار فعلاً فعندها كان الكثير من الإشكاليات القانونية وغيرها ستظهر إلى العلن وتصبح موضوعاً للمساءلة وتبادل الاتهامات وإلقاء اللوم على شركة التأمين لعدم توجيه المقاول لشراء وثيقة تأمين أصولية .. الخ.

 

وصل القبض يقترن بعدم منح أي غطاء من خلال تعهد المقاول بعدم المطالبة بأي تعويض.  عدم المطالبة ينطوي على مقامرة من قبل المقاول، وكذلك إهمال صريح لمصالح الأطراف الأخرى في عقد المقاولة (رب العمل، المقاولون الثانويون وغيرهم الذين يندرجون تحت مسمى “المؤمن له” في وثائق التأمين الهندسي)، وتعريض مصالحهم للخطر.  وقد يتخذ هذا التعريض شكل عدم قدرة المقاول على إكمال أعمال المشروع أو قدرته على تمويل التصليحات بعد وقوع ضرر أو خسارة تتجاوز إمكانياته المالية.

 

تذكرنا ممارسة شركات التأمين لبيع التأمين من خلال وصل القبض بالباعة المتجولين غير الخاضعين للرقابة (الرقابة على نوعية السلعة أو تسديد الضرائب والرسوم عنها)، فهي تعمل في اقتصاد الظل.  وهي ليست معنية بالمعايير الفنية للاكتتاب أو بناء شركات متينة للتأمين، أو المساهمة في تثبيت أفضل الممارسات لمزاولة التأمين بقدر اهتمامها بتحقيق دخل لها وأرباح للمساهمين.

 

ديوان التأمين ودوره في منع “الاكتتاب” من خلال وصل القبض

قام الديوان مؤخراً بإصدار كتابين مُهمّين.  الأول برقم 316 مؤرخ في 9 كانون الأول 2012 يحرّم فيه التأمين خارج نظام الرقابة.  الثاني برقم 360 مؤرخ في 24 كانون الأول 2012 يلزم فيه شركات التأمين بعدم إصدار وثائق تأمين الواجهة.  ونتوقع من الديوان الكشف عن عدم قانونية وصل القبض كبديل عن وثيقة التأمين، وإصدار كتاب لمنع الاكتتاب من خلال وصل القبض.

 

دعوتنا للديوان تقوم على الصلاحيات التي يتمتع بها الديوان بموجب قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005.  ونقتبس هنا بعض الأحكام ذات العلاقة بموضوع هذه الورقة.

 

المادة-37-  أولا- يلتزم المؤمن بتقديم أي بيانات أو معلومات يطلبها الديوان عنه أو عن أي مؤمن آخر يمتلك جزء منه أو ينتسب إليه خلال المدة التي يحددها.

 

ثانيا- لرئيس الديوان تكليف موظف أو أكثر من موظفي الديوان للتثبت أو للتدقيق في أوقات مناسبة منتظمة أو غير منتظمة في أي من معاملات المؤمن أو سجلاته أو وثائقه، وعلى المؤمن أن يضع أيا منها تحت تصرف الموظف المكلف والتعاون معه لتمكينه من القيام بأعماله بشكل كامل، ولرئيس الديوان الاكتفاء بإجراءات وتقارير فاحصي مراقبي التأمين في بلد المؤمن الأجنبي إذا كانوا ملتزمين بمعايير ومبادئ التأمين الدولية.

 

المادة-39-  أولا- يزود المؤمن الديوان بنماذج وثائق التأمين وملاحقها المعتمدة في أعماله والتي يجب أن تتضمن شروط التأمين العامة والخاصة والأسس الفنية العامة لهذه الوثائق ومعدلات الأقساط الملحقة بها، كما يزود المؤمن الديوان بجدول استرداد أقيام وثائق التأمين على الحياة ومعدلات الأقساط الملحقة بها.

 

المادة- 47- أولا- لرئيس الديوان اتخاذ أي من الاجراءات المنصوص عليها في البند (ثانيا) من هذه المادة في الحالات الاتية:

أ‌-      تخلف المؤمن او عجزه عن الوفاء بالتزاماته أو احتمال تخلفه او عجزه عن ذلك او عدم قدرته على الاستمرار بأعماله.

ب‌-     ارتكاب المؤمن مخالفة لأحكام هذا القانون أو الانظمة أو التعليمات الصادرة بموجبه.

ج-     عدم اتخاذ المؤمن الاجراءات اللازمة لإعادة التأمين على المخاطر التي يتحملها او عدم كفايتها.

 

هذه المواد وغيرها توفر للديوان الأرضية الصلبة لمعالجة ظاهرة وصل القبض الغريبة على ممارسة التأمين في العراق والمسيئة لسمعة القطاع في الداخل والخارج.

 

 

 

أجور المِثلْ: مقارنة مع الماضي

كان هناك في الماضي الذي خبرناه ما كان يعرف باسم أجور المثل، وكانت تصدر بشكل رسالة إلى جهة حكومية أو إلى من يهمه الأمر.  كانت الرسالة الصادرة من شركة التأمين الوطنية (وقتها كانت الشركة الوحيدة التي تمارس التأمين العام) أشبه ما يكون بمذكرة تغطية صغيرة (دون منح غطاء) يذكر فيها اسم المقاول، واسم رب العمل، واسم المشروع ومبلغ التأمين، ونوع وثيقة التأمين، وأجر المثل (قسط التأمين التي كانت الشركة ستطلبه لو أن المقاول قدم طلباً للتأمين قبل بدء أعمال المشروع).  ولم تكن شركة التأمين تتقاضى قسطاً للتأمين أو رسماً لقاء إصدار رسالة أجر المثل.  كانت وظيفة الرسالة تسهيل التحاسب بين المقاول ورب العمل بعد إكمال المشروع وإبراء ذمة الطرفين، إذ كان رب العمل يستقطع أجر المثل (قسط التأمين) من استحقاقات المقاول.  وهذا الاستقطاع يقوم على مبدأ تضمن سعر المقاولة لكلفة إجراء التأمين على المشروع من قبل المقاول.[2]

 

ومن المفيد هنا، ومن باب المقارنة أن نذكر الضوابط التي كانت معتمدة في الماضي عندما كانت الهيئة التوجيهية لمجلس التخطيط توفر التعليمات الضرورية لإجراء التأمين الهندسي للمشاريع الحكومية بالشكل الصحيح.  “فقد أصدرت الهيئة التوجيهية لمجلس التخطيط قرارها المرقم 4 في بتاريخ 23/11/1971 حيث أوصت بما يلي:[3]

 

1- اعتماد النص الموحد لشروط التأمين في كافة عقود المقاولات الهندسية المدنية التي تنفذ لصالح القطاع العام.

 

2- عدم توقيع العقد مع المقاول (خاص أو عام) بعد الإحالة ما لم يقدم استشهاداً من شركة التأمين بأن معاملة التأمين هي قيد الإنجاز.

 

3- عدم صرف أية سلف أو مستحقات مالية إلى المقاول ما لم يقدم وثيقة التأمين المطلوبة.  ويكون المدير المالي أو المحاسب مسؤولاً خلاف ذلك.

 

ألا يدعو هذا إلى الحزن؟

 

ترى أليس بالإمكان أن تتضافر الجهود للحد من ظاهرة وصل القبض؟  هذا ما نرجوه من جمعية التأمين العراقية.  وقد يكون من المناسب أن تنسق الجمعية مع ديوان التأمين بهذا الشأن.  نأمل ذلك خاصة بعد انكشاف الموضوع.

 

نأمل من القراء تصحيح معلوماتنا خاصة وأننا لم نتوفر على إدلة وثائقية عن وصولات القبض، وليس لدينا إلا القليل من المعرفة بحجم مبالغها واسماء الشركات التي تمارسها.

 

لندن 27 كانون الثاني 2013


[1] الشركات التي تمارس “الاكتتاب” بوصل القبض ربما هي نفس الشركات التي تتنافس مع غيرها بأسعار للتأمين غير اقتصادية ولا تتناسب مع حجم وحدة الخطر المؤمن عليه.

[2] هذه القاعدة تنطبق على الحالات التي تناط فيها وظيفة التأمين على أعمال المشروع، بموجب عقد المقاولة، على المقاول.  وبالطبع، فإن قيام رب العمل بالتأمين (وله حضور واسع في العديد من بلدان العالم) يعني إعفاء المقاول من القيام بالتأمين، وبالتالي فإن مسألة أجر المثل ووصل القبض تصبح غير قائمة.

[3] كما أوردها بسام يوسف البنا في تقديم كتاب وثيقة تأمين كافة أخطار المقاولين، ترجمة محمد الكبيسي، (أربيل: نسخة إلكترونية، توزيع خاص من قبل المترجم، 2007)، ص 6-7.

Iraqi Insurance Diwan Prohibits Fronting Policies

سعدون الربيعي:

 

ديوان التأمين يمنع إصدار وثائق تأمين الواجهة

ويحرّم التأمين من قبل شركات تأمين أجنبية أو غير مرخصة على الممتلكات داخل العراق

 

 

كنت قد اوضحت لديوان التامين اخطار وثائق الواجهه لما تتضمنه من مسؤوليات مركبة قد تُعرّض المؤمن لهم لمخاطر كارثية في حال امتناع معيد التامين من تسديد اي ضرر قد يحصل وبالتالي الرجوع الى الشركة التي اصدرت الوثيقة.  اضافة الى عدم اتباع الطريق السليم لعرض هكذا اخطار على الاعادة العراقية.  ان تسرب اقساط التامين للمعيد الاجنبي لهذه الوثائق يشكل خطأ كبيراً.

 

وعلى اثر ما اوضحته للديوان، مع ارسالي نسخة من هذه الوثيقة اليه، فقد صدر اعمام عن ديوان التامين تحت رقم 360 في 24/12/2012 يمنع بموجبه اصدار مثل هذه الوثائق.

 

اعتقد بضرورة ان نعمل كشركات تامين على نشر الوعي التأميني من خلال ترويج الوثائق المحلية (الوطنية) المتعددة لما توفره من تغطيات متنوعة وعدم تعرض مصالح الشركات المحلية الى مخاطر تحتال من خلالها الشركات الاجنبية النفطية وغيرها لتسرب الاقساط للشركات المعيدة لقاء عمولات المستفيد منها المنتج بالدرجة الاولى والمتبقي منها يخضع الى ضرائب ورسوم محلية ومصاريف ادارية.  يشكل هذا المتبقي نسبة 9% من عمولة هذه الوثائق.

 

وأصدر ديوان التامين كتاباً معمماً الى جميع الشركات بعدم التعاون مع الشركات الاجنبية ما لم تكن مجازة قانوناً وحاصلة على موافقة ديوان التامين والجهات الرسمية الاخرى كوزارة التجارة (دائرة تسجيل الشركات).  وبهذا يخطو ديوان التامين خطوات ايجابية لدعم القطاع التأميني (العام والخاص) لما فيه مصلحة وتطور صناعة التامين في العراق.

 

ولنا الامل في تعديل قانون تنظيم اعمال التامين ومناقشته وتحديد المواد التي تشكل مثالب واضحة في هذا القانون ومنها المادة 13 و 14 و 81 اولاً وثالثاً ومواد اخرى في هذا القانون وتناقضاته مع قرار رقم 192 الصادر في 3/12/1998.  وبصفتي ممثلاً عن القطاع الخاص فأنني لا ادخر جهداً الا وبذلته من اجل تحقيق ما نصبوا اليه من تعديل هذا القانون من خلال حضوري المؤتمرات والندوات واللقاءات بغية الارتقاء بهذا القطاع الى مستوى شركات التامين العربية والاجنبية.

 

سعدون مشكل خميس الربيعي

المدير المفوض

الشركة الاهلية للتامين

 

 

بغداد 16 كانون الثاني 2013

Iraqi Insurance Diwan & Prohibition of Non-Admitted Insurance

تحريم التأمين خارج نظام الرقابة

قراءة لكتاب ديوان التأمين العراقي المؤرخ 9 كانون الأول 2012

 

 

مصباح كمال

 

 

عرض كتاب ديوان التأمين

أصدر ديوان التأمين العراقي كتاباً برقم 316 مؤرخ في 9 كانون الأول 2012 رداً على استفسار من شركة آسيا للتأمين، وزعّه على شركات التأمين العاملة في العراق كافة وجمعية التأمين العراقية.[1]  ورغم أن موضوع الكتاب هو رد على “استفسار” فإن توزيعه يجعل منه إعماماً يتناول قضية أساسية طالما دعونا لها في مناسبات مختلفة – وهي، تحريم التأمين على الممتلكات والمسؤوليات الموجودة والناشئة في العراق خارج نظام الرقابة والإشراف على النشاط التأميني (non-admitted insurance).

 

يضمُ الكتاب فقرتين أساسيتين إذ يؤكد أولاً على عدم أحقية أية شركة تأمين أجنبية أو شركة تأمين غير مرخصة [من قبل الديوان] ممارسة أعمال التأمين في العراق أو التأمين على الأموال والممتلكات [والمسؤوليات] الموجودة في العراق من قبل تلك الشركات.

 

يؤكد الكتاب ثانياً على عدم أحقية أي وكيل أو وسيط للتأمين تحويل وثائق التأمين [إجراء التأمين] على أموال وممتلكات [ومسؤوليات] موجودة داخل العراق إلى شركات تأمين خارج العراق أو شركات غير مجازة من قبل الديوان لممارسة أعمال التأمين.

 

 قراءة كتاب ديوان التأمين

القراءة الدقيقة لهذا الكتاب تبين أن نطاقه ينحصر بالتأمين المباشر وليس إعادة التأمين إذ أن مصطلح إعادة التأمين لا يرد له ذكر في الكتاب.  وإذا كانت النية منصبة على شمول إعادة التأمين بأحكام هذا الكتاب وجب الإشارة إليها تحديدا.

 

ويلاحظ على نص الكتاب انه لا يشير إلى أية مادة من مواد قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 ليضفي عليه قوة إلزامية إضافية إلى جانب العقوبات التي يحق للديوان فرضها بموجب هذا القانون، كما يرد في آخر الكتاب.

 

كان من المناسب ان يصدر كتاب الديوان بصيغة تعليمات مكيّفة قانونياً أو، على الأقل، يُصاغ متضمناً الإشارة إلى أحكام القانون المناسبة.  نقول هذا رغم أن قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 ليس مكتملاً وبحاجة إلى مراجعة كما ذكرنا في دراسة لنا نقتبس منها مطولاً بعض الفقرات ذات العلاقة بموضوع المقالة الحالية.[2]

 

ففيما يخص ممارسة أعمال التأمين في العراق نقتبس الفقرات التالية:

 

مزاولة نشاط التأمين

اعتقد بأن إعادة النظر يجب أن تتجاوز مجرد رصد الأخطاء والثغرات بل تمتد لتشمل الرؤية التي يقوم عليها هذا القانون.  وكما بينت في دراسة سابقة[3] فإن أحكام هذا القانون تنطوي على تناقض مستتر يتيح فرصة عدم الالتزام به.  فالمادتين 13 و 14 تنصان على ما يلي:

 

المادة-13-       لا يجوز مزاولة أعمال التأمين في العراق إلا من [قبل]:

أولا- الشركات العراقية العامة.

ثانيا- الشركات العراقية المساهمة الخاصة أو المختلطة.

ثالثا- فروع شركات التأمين الأجنبية المسجلة في العراق.

رابعا- كيانات تأمين التكافل أو إعادة التكافل.

خامسا- مؤمن أو معيد تأمين آخر يعتبره رئيس الديوان مؤهلا وذو [وذا] قدرة مالية شرط التزامه بأحكام هذا القانون.

المادة-14-       أولا- لا يجوز لأي من المنصوص عليهم في المادة (13) من هذا القانون أن يمارس أعمال التأمين إلا بعد حصوله على إجازة بذلك وفقا لأحكام هذا القانون.

 

لكن الملاحظ، وبشهادة شركات التأمين العراقية ومستشاريها القانونيين، أن شركات التأمين وإعادة التأمين غير العراقية وغير المسجلة لدى وزارة التجارة وغير المجازة من قبل الديوان تقوم بالاكتتاب بالأعمال العراقية في أوطانها وبذلك تحرم شركات التأمين العراقية، المسجلة والمجازة من قبل ديوان التأمين العراقي وتدفع الضرائب والرسوم عن نشاطها، من حقها القانوني في الاكتتاب بأعمال التأمين على الأصول العراقية بما فيها الأشخاص.  وقد نشأ هذا الوضع، الذي خسرت شركات التأمين العراقية بسببه ملايين الدولارات من الأقساط[4] مثلما خسرت الخزينة إيرادات رسم الطابع على وثائق التأمين الصادرة وكذلك إيرادات الضريبة على دخل شركات الـتأمين، لأن قانون تنظيم أعمال التأمين لا يضم مواد إضافية لضبط الاكتتاب وضمان الالتزام بهاتين المادتين.  فالمادة 13 تظلُّ غير فعّالة ما لم يحدد القانون، بوضوح، التزام طالبي التأمين، من العراقيين والأجانب، بإجراء التأمين على أصولهم ومسؤولياتهم القانونية لدى شركات تأمين مجازة بموجب قانون التأمين.  ولكن خلافاً لذلك فإن القانون يؤكد على حرية شراء منتجات التأمين وخدماته من أي شركة للتأمين أو إعادة التأمين، بما فيها ضمناً الشركات الأجنبية، كما جاء في المادة 81 من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005.”

 

المادة 81 وإطلاق حرية التأمين والتناقض القانوني

يرد نص المادة 81 تحت الباب السابع، أحكام متفرقة، الفصل الأول، أحكام عامة، وكما يلي:

 

 المادة-81-

 أولاً- لأي شخص طبيعي أو معنوي عام أو خاص الحق في الاختيار بشراء منتجات التأمين أو خدماته من أي مؤمن أو معيد تأمين ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.

 

ثانياً- لا يجوز اجبار شخص طبيعي أو معنوي عام أو خاص على شراء منتجات خدمات التأمين من مؤمن أو معيد تأمين أو وكيل أو وسيط أو مقدم خدمات تأمين محدد، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.

 

ثالثاً- يجري التأمين على الأموال العامة والاخطار التي ترغب الوزارات أو دوائر الدولة في التأمين ضدها بالمناقصة العلنية وفقاً لأحكام القانون، ولجميع المؤمنين المجازين في العراق حق الاشتراك فيها.

 

سنغض النظر في هذه المقالة عن الفقرة ثالثاً رغم أهميتها وشكوى البعض من وجودها، وربما نقوم بدراستها في ورقة مستقلة في المستقبل.  ويكفي أن نشير هنا إلى أن هذه الفقرة، خلافاً للفقرتين ثانياً وثالثاً، تذكر حق “جميع المؤمنين المجازين في العراق” الاشتراك في مناقصات التأمين على الأموال العامة.  انطلاقاً من هذه الملاحظة نجد أن الفقرة أولاً لا تشير إلى مؤمنين مجازين في العراق، وكذا الأمر بالنسبة للفقرة ثانياً.  لم تأتِ هذه الصيغة في إغفال ذكر العراق عفواً وفي لحظة غفلة بل من باب التصميم وضمن رؤية لتوجيه الاقتصاد العراقي….

 

المادة 81 ناقصة، كما يلاحظ القارئ، لأنه يخلو من إشارة إلى محل إقامة المؤمن أو معيد الـتأمين أو تسجيله في العراق أو ترخيصه من قبل الديوان ولا القانون الذي تشير إليه هذا المادة، حسب علمنا، نصًّ خلاف ذلك ولم ينشر حتى الآن تعديل للقانون بهذا الشأن.  ويلاحظ أيضاً أن هذه الفقرة تُقرُّ حق الشخص الطبيعي في الاختيار بشراء منتجات التأمين أو خدماته من أي مؤمن أو معيد تأمين دون النص على عراقية المؤمِن أو معيد التأمين (بمعنى تسجيله لدى مسجل الشركات وترخيصه من قبل الديوان).

 

وفّرت المادة 81 الأرضية القانونية لتسريب أقساط التأمين العراقية إلى الخارج من خلال القبول الضمني بالتأمين خارج النظام الرقابي non-admitted insurance وهو ما لا نجد نظيراً له في معظم الانظمة الرقابية على النشاط التأميني في العالم.

 

لقد وفرَّ قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 الغطاء القانوني للتأمين خارج العراق لدى شركات تأمين أجنبية غير مسجلة في العراق وغير مرخصة.  وعدا ذلك فإن القانون يتعارض مع أحكام الدستور الدائم، فقد أكدت المادة 126 من الدستور حول نفاذ القوانين القائمة على الآتي:

 

“تبقى التشريعات النافذة معمولاً بها، ما لم تُلغَ أو تُعدّلَ، وفقاً لأحكام هذا الدستور.”

 

من التشريعات النافذة ذات العلاقة قرار مجلس قيادة الثورة رقم 192 المؤرخ 3/12/1998 الذي نصَّ في الفقرة ثانياً على أنه

 

“لا يجوز التأمين خارج العراق مباشرة على أشخاص أو أموال موجودة في العراق أو مسؤوليات قد تتحقق فيه.”  (الوقائع العراقية، العدد 3757، ص 618)

 

ويعرف القارئ المُطّلع أن هذا القرار ألغى قانون شركات ووكلاء التامين رقم (49) لسنة 1960 الذي نصّ في المادة 57 على الآتي

 

“لا يجوز لأي شخص أن يُؤمن خارجَ العراق مباشرةً على أشخاصٍ أو عقاراتٍ أو أموالٍ موجودة في العراق.”

 

ومن النواقص التدوينية لقانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 عدم إيراد نص بإلغاء قوانين التأمين السابقة أو الاحتكام إليها في حالات معينة.  هناك إذاً تضاربٌ بين قانون سنة 2005 والقوانين السابقة التي لم تخضع للإلغاء.

 

إزاء هذا الوضع يصبح ضرورياً القيام بالمراجعة الفنية والقانونية لقانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 وإعادة تدوينه فهو صار يُشكّل عنصراً أساسياً في توجيه النشاط التأميني.  إن القانون، في صيغته الحالية، يحجّمُ دور شركات التأمين العراقية.  وقد عرضت موقفي من تغيير القانون في مقالتي “نحو مشروع لصياغة سياسة لقطاع التأمين في العراق” المنشور في مرصد التأمين العراقي وقد أشرت إليه سابقاً.”

 

تنظيم عمل وكلاء ووسطاء التأمين

وفيما يخص وكيل أو وسيط التأمين كان من المناسب أن يشار في الكتاب لمواد قانون 2005 والتعليمات الصادرة بشأنهما.  فالمادة 75 تقييد عمل وكيل التأمين كما يلي:

 

المادة-75-

أولاً- تنظم أعمال وكيل التأمين ومتطلبات اجازته والمؤهلات المطلوبة والمسؤوليات المترتبة عليه بمقتضى تعليمات يصدرها رئيس الديوان.

ثانياً- لا يجوز لأي شخص أن يقوم بأعمال وكيل التأمين إلا بعد إجازته من الديوان وبعد تزويده بالاتفاق المبرم بينه وبين المؤمن والذي ينص على اعتماده وكيلاً لها، ويجوز أن يعمل وكيل التأمين مع أكثر من مؤمن.

 

وقد أصدر الديوان التعليمات رقم (11) لسنة 2008 حول إجازة وكيل التأمين وتنظيم أعماله ومسؤولياته.

 

أما عمل وسيط التأمين المباشر ووسيط إعادة التأمين فإن القانون ينظم عمل الوسطاء في المادة التالية:

 

المادة-76-

لا يجوز لأي شخص أن يمارس أعمال وسيط تأمين أو وسيط إعادة التأمين إلا بعد حصوله على ترخيص من الديوان وفق الشروط التي يحددها رئيسه بتعليمات يصدرها لهذه الغاية تتضمن تنظيم أعماله وتحديد مسؤوليته وإجراءات ومتطلبات ترخيصه والمؤهلات المطلوبة.

 

وقد قام الديوان بإصدار التعليمات رقم (10) لسنة 2006 حول إجازة وسيط التأمين وتنظيم أعماله وتحديد مسؤولياته.

 

هدر حقوق شركات التأمين العراقية

لقد جاء كتاب الديوان مؤيداً لموقفنا ولكن من المؤسف أن يصدر هذا الكتاب متأخراً وبعد ما يزيد عن ست سنوات منذ نشر قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 في جريدة الوقائع العراقية.  فخلال هذه الفترة حُرمت شركات التأمين العراقية من حقها في تأمين الممتلكات والمسؤوليات الموجودة داخل العراق، وخسرت أقساطاً للتأمين تقدر بملايين الدولارات، مثلما خسرت خزينة الدولة إيرادات رسم الطابع على وثائق التأمين التي حُولت إلى خارج العراق، وكذلك ضريبة الدخل على الأرباح المحتملة لشركات التأمين بفضل هذه الوثائق التي تسربت إلى الخارج.

 

من باب الختام

طلب مني الزميل محمد الكبيسي في رسالة مؤرخة في 13/1/2013 رأي بالمادة 81 من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 وكتاب الديوان.  واقتبس بعض ما كتبت له.  “اتفق معك بأن المادة 81، كما هي عليها، يمكن أن تُقرأ على أنها تنصبُّ على التخيير بين شركات التأمين المحلية وليس التخيير بين الشركات الاجنبية والمحلية.  لا استطيع التكهن بالهدف من وراء إصدار الديوان للكتاب.  لو كان كتاب استفسار شركة آسيا للتأمين متوفراً فإنه كان سيساعدنا في قراءة ما يرمي إليه الديوان إذ أن الشركة ربما قامت بصياغة موضوع المشكلة وطلبت رأي الديوان.  ومع ذلك، واعتماداً على الشكوى المستمرة من تسرب أقساط التأمين خارج العراق، ودون المرور من خلال شركات التأمين العراقية المرخصة من قبل الديوان، أميل إلى أن الهدف من الكتاب هو تحريم التأمين خارج نظام الرقابة على التأمين non-admitted insurance وهو ما نرجوه وندعو إليه.  ومن المناسب لذلك أن يُترجم كتاب الديوان بصيغة تعليمات مكيّفة قانونياً أو على الأقل يصاغ مجدداً ليتضمن الإشارة إلى أحكام القانون المناسبة.

 

ربما تكون قراءتي غير صحيحة وهي على أي حال اجتهاد شخصي قابل للتعديل.  آمل أن تجد في قراءتي ما يُفيدك في تطوير موقف تجاه كتاب ديوان التأمين والعمل مع زملائك على مراجعة فنية وقانونية للأمر رقم 10 بما يحفظ حقوق شركات التأمين العراقية.”

 

لندن 14 كانون الثاني 2013


[1] أشكر الزميل محمد مصطفى الكبيسي على تزويدي بنسخة من كتاب الديوان.

[2] مصباح كمال، “المادة 81 من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 (الأمر رقم 10): المدخل لتغيير القانون” (الثقافة الجديدة، عدد مزدوج 353-354، كانون الثاني 2012).  نشرت المقالة أيضاً في مرصد التأمين العراقي

https://iraqinsurance.wordpress.com/2013/01/08/article-81-of-the-2005-insurance-law-and-its-amendment/

 [3] مصباح كمال، “السياسات الاقتصادية في العراق والخيارات البديلة: قطاع التأمين نموذجاً” الثقافة الجديدة، العدد 333-334، 2009.  يمكن قراءة الموضوع في مدونة مجلة التأمين العراقي

[4] قد يقول البعض ان القول بأن حجم الخسارة هو بملايين الدولارات فيه مبالغة وقد يكون الأمر كذلك في غياب رصد علمي وتقييم كمي لخسارة الأقساط.  لكن ملايين الدولارات غير المحددة هنا تبدو معقولة عند نسبتها إلى حجم ميزانية الدولة.