المنظمات في العراق بين الإدارة البيروقراطية والإدارة الذكية:
أهمية إدخال تكنولوجيا المعلومات
مصطفى نوري
مدخل
تمثل الادارة جانبا مهما وفعالا في صلب تطور وبقاء اي منظمة ( منشأة ) عاملة في اي مجال من المجالات. صحيح ان فحوى المقال سيبتعد عن روحية ما يهدف اليه مرصد التأمين العراقي باعتنائه بكل ما يخص قطاع التأمين العراقي ولكني أطمح بالخروج الى حلقة اكبر. ان بقينا ندور في فلك التأمين دون الانتباه إلى التنظيم والإدارة نكون قد أهملنا جانباً مهماً للنشاط التأميني فمن غير الممكن ان توجد او تستمر اي منظمة تعمل في قطاع التأمين من دون ادارة ناجحة قادرة على فهم التحديات للسير بها الى الامام، بما تمثلها هذه الإدارة من توجيه لجهود الإفراد نحو تحقيق الأهداف المرسومة. ولذلك وددت أن أوليها مقالا منفردا لشرح مفهوم الإدارة والوقوف عند المدرسة البيروقراطية المتبعة في المنظمات ( المنشآت ) العاملة في العراق بشكل عام خصوصا في هذه المرحلة التي يكثر فيها الحديث عن سوء الإدارة والهدر في الموارد المالية والمادية التي يشهدها العراق في ظل موازنات تعد هائلة من حيث الموارد المادية وفقيرة من حيث اثرها الملموس على واقع الحياة والمواطن.
يتبادر هنا السؤال التالي: هل تمت تسمية الحكومة الأمريكية بالإدارة الأمريكية اعتباطا أم انها جاءت نتيجة وعي وأدراك لأهمية الإدارة، وان مهمة الرئيس الأمريكي وطاقمه مجرد الإدارة والإشراف على تنفيذ خطط وبرامج تم الإعداد لها مسبقا من خلال منظومة ذات رؤى استراتيجية يمتد تخطيطها لسنوات وان نجاح أو فشل الإدارة تحدده نسب الانجاز؟
لا تغطي هذه الورقة إشكاليات المنظمات العراقية بل تكتفي بعرض سريع لمفهوم المنظمة وتركز أساساً على أهمية إدخال التكنولوجيا في إدارة المنظمة.
ماذا نعني بالمنظمة
في البداية لا بد من تعريف القارئ بمعنى المنظمة. هي تجمع اجتماعي من الافراد، وبشكل منهجي ومنظم من أجل تلبية حاجة أو لتحقيق أهداف جماعية على أساس مستمر. والمنظمات لها هيكل إدارة هو الذي يحدد العلاقات بين المهام والوظائف، ويقسم الأدوار وتفويض صلاحيات هذه الأدوار، والمسؤوليات، والسلطة. المنظمات هي انظمة مفتوحة وذلك لأنها تؤثر وتتأثر بالبيئة خارج حدودها.
A social unit of people systematically structured and managed to meet a need or to pursue collective goals on a continuing basis. All organizations have a management structure that determines relationships between functions and positions, and subdivides and delegates roles, responsibilities, and authority to carry out defined tasks. Organizations are open systems in that they affect and are affected by the environment beyond their boundaries.[1]
كما تُعرف الإدارة بمفهومها الحديث على أنها علم وفن التعامل مع الموارد المتاحة في المنظمة، فمجتمع اليوم مجتمع منظمات تسعى لتوفير السلع والخدمات للمجتمع من خلال توفير الموارد المادية والمالية والبشرية والمعلوماتية المتاحة.[2]
تعنى الادارة بتحقيق هدفين أساسيين هما:
أولا:- الكفاءة Efficiency: وتمثل الاستخدام الامثل للموارد المتاحة في المنظمة والتي تتضمن الموارد البشرية والمادية والمعلوماتية والمالية بحيث يصار من خلالها الى تحقيق أعلى انجاز مستهدف بأقل الموارد المتاحة Do things rights.
ثانيا:- الفاعلية Effectiveness: ويشير هذا المفهوم الى تحقيق الانجاز المستهدف من خلال Do the right things .
وفقا لهذين المفهومين فهناك اربعة انواع من المنظمات:
1- منظمة كفوءة وفعالة :أي أنها تستطيع تحقيق الاهداف بأقل الموارد المتاحة وهي أفضل المنظمات في المجتمع.
2- منظمة كفوءة وغير فعالة: وتشير الى المنظمات التي تقوم بترشيد الموارد لديها ولكنها غير قادرة على انجاز الاهداف.
3- منظمة غير كفوءة وفعالة: وتشير الى المنظمات التي تستطيع تحقيق الاهداف ولكنها غير رشيدة باستخدام الموارد المتاحة لديها.
4- منظمة غير كفوءة وغير فعالة: وتشير الى المنظمات التي لا تستطيع تحقيق الاهداف ولا تقوم بترشيد الانفاق لديها وفق المتاح من الموارد المتوفرة لديها.
مفهوم الإدارة
لقد ظهرت الإدارة كممارسة فعلية منذ أن خلق الإنسان على وجه البسيطة وما الآثار التي خلفتها الحضارات البابلية والأشورية والفرعونية، في بنائها الحدائق المعلقة وأهرامات مصر وسور الصين العظيم وبرج إيفل وغيرها من المظاهر الحضارية للمجتمعات الإنسانية، إلا دلائل واضحة ومعالم بارزة في انتهاج سبل الإدارة وتوجيه جهود الإفراد نحو تحقيق انجاز هذه الفعاليات.
ان الفكر العلمي للإدارة لم يظهر إلا في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين من خلال الأعمال التي تجسدت معالمها من خلال الدراسات التي قام بها فريدريك تايلور (FrederickTaylor, 1856-1915) والذي لقب بأبي الإدارة العلمية.
أن ما أحاول الوصول إليه هو لفت الانتباه للأنظمة البيروقراطية المعمول بها وبيان سلبياتها والدعوة إلى تطويرها من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة والاستفادة القصوى من المدارس الكلاسيكية في الإدارة والتي تنادي بالرشد والعقلانية وتقسيم العمل والتخصص به من خلال دراسة جدية للوقت والحركة مرورا بالمدرسة السلوكية المنادية بضرورة خلق التوازن بين أولويات الإنتاج وبين الجوانب الإنسانية المختلقة ومن ثم المدارس الإدارية الحديثة وأبرزها المدرسة اليابانية والمدرسة الأمريكية والتي تعتبر أفضل المدارس الإدارية من حيث قدرتها على خلق منظمات قادرة على تحقيق أهدافها بكفاءة وفعالية عالية بأقل مقدار من الوقت والجهد والموارد المادية المستخدمة.
تواجه منظمات اليوم تحديات عديدة فرضت عليها أن يكون لديها أدارة متميزة قادرة على التنبوء بما ينطوي عليه المستقبل من خلال دراسة البيئة الداخلية والخارجية المحيطة بالمنظمة أو التحليل البيئي ( SWOT ) والذي يعرف على أنه التحليل الذي يهدف إلى مقارنة نقاط القوة والضعف في البيئة الداخلية للمنظمة والفرص والتهديدات التي قد تتعرض لها من البيئة الخارجية ثم الاندفاع باتجاه تحقيق أهدافها في البقاء والاستمرار.
فمرحلة التفكير البديهي أو الحسي intuitive thinking في مواجهة المشاكل بأسلوب عفوي مرن قد انتهت منذ فترة ليست بالقصيرة في ظل تنامي العولمة والاتصالات الحديثة والتي جعلت العالم كقرية صغيرة يستطيع فيها الفرد أو المنظمة التواصل من أقصى المعمورة إلى أقصاها بسرعة وفعالية كبيرة.
الفجوة الزمنية بين الإدارة البيروقراطية والإدارة الذكية، والتي تعتبر أحدث انماط الادارة، والتي تمارس في أغلب منظمات اليوم (الصغيرة والمتوسطة والكبيرة ) كبيرة جدا وطبيعية، ناجمة عن تطور الفكر الإنساني والإداري والتكنولوجي ذلك أن احد عيوب الإدارة البيروقراطية، وكما سيتم عرضه، هو عجزها عن استيعاب التكنولوجيا الحديثة. أما الإدارة الذكية فهي المعتمدة كليا على التكنولوجيا، فمنظمات اليوم على اختلافها تسعى جاهدة لتسخير التكنولوجيا الحديثة في صراعها للبقاء في بيئة الأعمال القائمة على التنافس.
المنظمة البيروقراطية ( المنظمة المثالية ) كمفهوم
تعد البيروقراطية من أقدم الظواهر التنظيمية والتي أثيرت بشأنها العديد من المواقف الداعمة والمتعارضة معها. وقد ارتبط مفهوم البيروقراطية بعالم الاجتماع الألماني ماكس ﭬيبر Weber, 1864-1920)(Maxحيث نشرت نظريته في ألمانيا العام 1921 وترجمت إلى الانجليزية عام 1947.[3] وقد عرفت البيروقراطية على أنها (حكم المكاتب) وهذا المفهوم يشير الى مظاهر الروتين والسلبية إلا أن البيروقراطية لها مفهوم علمي أوسع.
مميزات البيروقراطية
اعتبر ماكس ﭬيبر المنظمة البيروقراطية من أفضل أشكال التنظيم الإداري، وأكثرها قدرة على تحقيق الأهداف الأساسية للمنظمة. فالمنظمة البيروقراطية تمتع بصفة العقلانية أو الرشد في معالجة المشكلات الإدارية واعتمادها أساليب التخصص الإداري. كما افترض ﭬيبر في المنظمة البيروقراطية صفات متعددة هي السرعة والدقة والوضوح والإلمام الكامل بالمتطلبات وانصياع المرؤوسين بشكل تام إلى المسؤول الإداري الأعلى وتقليل الاحتكاك بالمستويات الإدارية المختلفة.
مساوئ البيروقراطية
ان من أهم المآخذ التي أخذت على البيروقراطية ما يأتي:
1- إهمال الفرد ومعاملته كآلة وإغفال الطبيعة الإنسانية للإفراد العاملين وخصوصا قيامها على مبدأ Do not do what you want to do, do what we want you to do because we pay for it .
2- تساهم بعض المبادئ التي تقوم عليها المنظمة البيروقراطية على الإهمال وانخفاض الكفاءة مثل مبدأ الاقدمية في الترقية والترفيع.
3- التركيز على مبدأ الرقابة والإشراف مما يؤدي ذلك إلى حصول بعض الانحرافات غير المتوقعة سيما وان طبيعة الجنس الإنساني لا يمكن إخضاعه للسيطرة.
4- التناقض بين خصائص المنظمة البيروقراطية التي جاء بها ماكس فيبر وبين التدرج الهرمي وسلطة الإدارة وبين الخبرات والتدريب كأساس لاختيار الإفراد.
5- عجز المنظمة البيروقراطية من استيعاب التكنولوجيا الحديثة وعدم قدرتها على امتلاك الوسائل الكفيلة بمعالجة الخلافات بين المستويات الإدارية المختلفة.
الإدارة الذكية
يشير مصطلح الإدارة الذكية للإعمال إلى التطبيقات والتكنولوجيات التي تستخدم لجمع البيانات والمعلومات عن عمليات الشركة وتوفير السبل للوصول إليها وتحليلها واتخاذ القرارات.
تقدم أنظمة الإدارة الذكية طرقا لمساعدة الشركات على معرفة العوائق التي من الممكن أن تواجه الشركة في ممارسة أعمالها وتأثير ذلك على الإنتاج والمبيعات والتسويق وبالتالي قدرة الإدارة على اتخاذ القرارات الصائبة.
ارتأيت ادراج التعاريف التالية لإعطاء فكرة مبسطة عن طريقة عمل الإدارة الذكية:
المعلومات: تشير إلى البيانات في شكل حقائق خام أو توضيحات ذات مغزى في عملية اتخاذ القرارات.
تكنولوجيا المعلومات: الأجهزة والبرمجيات وقواعد البيانات وتكنولوجيا الاتصالات والشبكات وغيرها من تكنولوجيات معالجة المعلومات التي تستخدم نظم المعلومات المعتمدة على الحاسوب.[4]
نظم المعلومات: الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات في جمع وتنظيم وتوزيع البيانات لاستخدامها في اتخاذ القر ار، وبمعنى أكثر دقة المقدرة على الاستفادة من الحواسيب وتكنولوجيا المعلومات في إيجاد واسترجاع وتقييم وتحليل المعلومات اللازمة لاتخاذ القرار.
أن نظام المعلومات هو نظام محوسب، يعمل على مختلف مستويات المنظمة الإدارية ويحدث تغييرات جوهرية في الأهداف، والعمليات، والإنتاج، والخدمات، أو في العلاقات البيئية للمنظمة ( البيئتين الداخلية والخارجية ). ومن جانب آخر فإن نظم المعلومات تشمل شرائح إدارية ومهنية أكبر وتعالج موضوعات أعمق ولها بعد أوسع، بحيث تُغيّر بشكل جذري المنظمة نفسها، كما تساعد الشركة على عرض منتجاتها وخدماتها بتكلفة أقل من المنافسين، أو أن هذا النوع من النظم يُمكّن الشركة من تأمين قيمة أكبر وأفضل وبنفس تكاليف المنافسين.
تأثير نظم المعلومات في المنظمات
يتم التأثير في المنظمات على مستويين اقتصادي وسلوكي.
1- النظريات الاقتصاديةEconomic theories : تلعب نظم المعلومات وتكنولوجياتها دورا مهما في العملية الإنتاجية حيث يمكن أن تحل محل رأس المال والعمالة فتكنولوجيا المعلومات تؤدي إلى تقليص عدد الإدارات الوسطى والعاملين في المجالات الكتابية، حيث أن تكنولوجيا المعلومات يمكن ان تعوض عن جهود مثل هذه الإدارات ناهيك عن التقليل أو لنقل انعدام الأخطاء مما يؤدي بالمنظمة إلى تحقيق أهدافها بكفاءة وفعالية.
2- النظريات السلوكية Behavioral theories : بالرغم من أن النظريات الاقتصادية المختلفة تحاول إيضاح كيف أن عددا كبيرا من الشركات تتصرف في مواقع الأسواق، إلا أن النظريات السلوكية من وجهة نظر علم الاجتماع، وعلم النفس، والعلوم السياسية، هي أكثر فائدة في وصف سلوكية الشركات، كل بمفردها. فالبحث السلوكي وجد أدلة قليلة على أن نظم المعلومات تجري تحولات تلقائية (أوتوماتيكية) في المنظمات. ولكن ربما يمكن لنظم المعلومات من أن تستخدم كأداة في إنجاز هذا الهدف، إذا ما قرر المديرون في الإدارة العليا أن يستثمروا ويتابعوا مثل ذلك. الباحثون السلوكيون تمكنوا من وضع نظريات تشير إلى أن تكنولوجيا المعلومات تستطيع تغيير هرمية وتسلسل صناعة القرار في المنظمة، عن طريق تخفيض كلف المعلومات التي يتم الحصول عليها، وتوسيع دائرة توزيع المعلومات. فتكنولوجيا المعلومات يمكن أن توصل وتجلب المعلومات مباشرة من وحدات التشغيل إلى المديرين في الإدارة العليا، ولذا فإنها تُحدُّ وتقلّص من الإدارات الوسطى، ومن الذين يقومن بمساعدتهم ودعمهم من العاملين في الوظائف الكتابية.
3- المنظمة الافتراضية Virtual organization: فيما بعد المجتمعات الصناعية بدأت السلطات والإدارات تعتمد بشكل أكثر على المعرفة والمنافسة، وليس فقط على المراكز الرسمية الشكلية. لذا فإن شكل المنظمة ينبغي أن يكون أكثر تسطحاً “flatten” لان العاملين المهنيين أصبح توجههم نحو إدارة أنفسهم بأنفسهم، لذا فإن صناعة القرار ينبغي أن يكون لا مركزيا بشكل أكبر، كلما أصبحت المعرفة والمعلومات أكثر انتشاراً وتوسعاً. تكنولوجيا المعلومات ربما تشجع قوى العمل من أن تتشابك منظماتها بحيث يستطيع مجموعة من المهنيين أن يتعاونوا وجهاً لوجه، أو بشكل إلكتروني، لمدة محددة من الوقت لغرض إنجاز وظيفة محددة ومتى ما أنجزت المهمة أو الوظيفة، فإن هؤلاء المهنيين يستطيعون الانضمام إلى قوة عمل أخرى ومن هنا أتت فكرة “المنظمة الافتراضية” وتنامت وتوسعت في عدد الشركات التي أصبحت تدار بمناهج المنظمة الافتراضية.
تأثيرات الإنترنت على المنظمة
هنالك عدد من الفوائد والتأثيرات الإيجابية للإنترنت على المنظمات، وعلى إجراءات العمل والإدارة فيها، يمكن أن نحددها بالآتي:
1- ضاعف الإنترنت من فرص الوصول والحصول على المعلومات والمعرفة وكذلك تخزينها وتوزيعها، لذلك فإن أية معلومة تقريباً، وفي أي مكان وموقع كانت يمكن أن تكون متاحة للمنظمات.
2- زاد الإنترنت من آفاق، وعمق، ومديات تخزين المعلومات والمعرفة.
3- قلل الإنترنت من التكاليف، وزاد من جودة النوعية للمعلومات والمعرفة.
4- باستخدام الإنترنت تستطيع المنظمة تقليص عدد من المستويات الإدارية، وتزيد من سرعة الاتصالات بين الإدارات العليا والإدارات في المستويات الأقل منها.
مقاومة إدخال نظم المعلومات إلى المنظمة
يطرح ميكافيلّي (1469-1527) في كتابة الأمير فكرة أن غالبية البشر لا تحب التغيير وهذا ما ظهر في فترة الثورة الصناعية عندما قامت المعامل في اوروبا بتسريح عشرات العمال والاستغناء عنهم مقابل الماكنة مما أدى إلى قيام حركات مضادة لإدخال المكننة.
سيصبح هناك بالتأكيد مقاومة عند إدخال نظم المعلومات المحوسبة وعدم رغبة البعض في التعامل معها في المنظمة. والسبب في ذلك أن نظم المعلومات تغير العديد من الأبعاد التنظيمية في المنظمات المعنية، والتي هي:
1. الثقافة culture ، أي ثقافة المنظمة
2. البنية التنظيمية structure
3. السياسات politics
4. العمل work
تقويم المنظمات في العراق
ان البداية الصحية والصحيحة لتقويم المنظمات في العراق يتلخص في الاتي:
1- اعتماد ادارة مالية ناجحة عن طريق الاستعانة بمتخصصين في مجال الادارة المالية، فوظيفة المدير المالي الأساسية هي التمويل أي تمويل المنظمة بأموال بفرعيه (المقترض والمملوك). فحصول المنظمة على التمويل اللازم لبدء عملها واستمرارها هو الجانب الاهم فلا يمكن لأي منظمة العمل بدون أموال أضافة الى وظائفه الاخرى وهي الاستثمار، سياسات وقسوم الارباح، الاندماج والافلاس. كما انه المسؤول الاول عن تحديد سياسة المنشأة الاستثمارية سواء كانت متحفظة او معتدلة او مغامرة.
2- تفعيل دور الاسواق المالية( البورصات ) والتركيز على الجانب التكنولوجي للوصول الى أسواق تلبي حاجات المستثمرين والشركات وتصبح على الاقل مقاربة من حيث الاداء لنظيراتها في المنطقة.
3- اعتماد سياسة نقدية ومالية تخدم القطاع الخاص والبدء بالتحول التدريجي الطويل الامد نحو القطاع الخاص وابعاد الدولة عن الانشطة الاقتصادية.
4- التركيز على النظام المصرفي ومحاولة تطويره ليقدم الخدمات الى الزبائن وخصوصا في مجالات الاقراض. فمع نظام مصرفي فعّال ومهني يخضع لضوابط وتعليمات مشددة من البنك المركزي فمن المؤكد ان تحدث تغييرات إيجابية على النشاط الاقتصادي ودخل الفرد عموما.
5- اعتماد مؤشرات التحليل المالي من خلال توفير بيانات دقيقة بالاعتماد على التكنولوجيا للحصول على مؤشرات سليمة ودقيقة لتشخيص الايجابيات والسلبيات في المنظمة لغرض تعزيز الايجابيات ومعالجة السلبيات من خلال: اما الاعتماد على المصادر الداخلية ( أي مصادر المنظمة نفسها ) او من خلال شركات عالمية متخصصة ومعروفة في مجال التحليل المالي .
ان التحليل المالي ( عملية تجميع وتبويب وتحليل وتفسير البيانات ) السليم سوف يؤدي الى استفادة كل من مدير المالية في المنظمة ليقوم بدوره في التشخيص السليم لحالة المنشأة أضافة الى المستثمرين. فالمستثمر يفضل أن يتخذ قرار الاستثمار استنادا الى دراسة تقوم جزئيا على مؤشرات التحليل المالي إذ أن الفرص الاقتصادية البديلة تتنافس أمام المستثمر في استقطاب مدخراته. أضافة الى اسواق المال ( البورصات ) لتقوم بإصدار النشرات المالية التي تبين حالة السوق والدولة في الرقابة على الاسعار وجباية الضرائب .
الخلاصة
ان الادارة في العصر الحديث تواجه تحديات جسيمة نتيجة للثورة العلمية والتكنولوجية في مختلف الميادين ويُعد التوجه نحو مجتمع المعرفة بمثابة حركة جارفة تتمثل بكمية المعلومات الهائلة التي تتدفق بفعل الاتصالات التي تعتمد تكنولوجيات متقدمة ومتعاظمة يصعب على الفكر الإنساني أن يستوعبها ويلم بها والتي يجب على الإدارات العليا التعامل معها خصوصا في أتخاذ قرارات مصيرية تؤثر في عمل المنظمة ربما لعقود.
فعملية أتخاذ القرار تعد جوهر العملية الادارية إذ ان عدم الشروع في اتخاذ القرار أو عدم اتخاذها بالشكل المناسب والصحيح من شأنه أن يخلق تكريسا للإخفاق والتنصل عن أداء المهام والانشطة المطلوبة لتحقيق الاهداف المبتغى انجازها. فلا يوجد قرار في الشركة مهما كان موقع اتخاذه في الادارات المختلفة الا وله نتائج أو أثار مالية، فالوسائل التقليدية في أتخاذ القرارات كالخبرة الشخصية والفراسة والحدس لم تعد قادرة على إسعاف المنظمة.
ومن هنا برزت أهمية اتخاذ القرار في تحقيق النمو والتحسين المستمر للمنظمة لا سيما وان التسابق المحموم الذي توليه المنظمات المختلفة على الصعيد العالمي والتكنولوجي يتطلب اعتماد الرؤيا والدقة والشفافية والموضوعية في اتخاذ القرارات ويمكن الاشارة بهذا الصدد الى شعار وزارة الدفاع الامريكية ( البنتاغون )
Do the right things at the first time. أي أعمل العمل الصحيح صحيحا من أول وهلة، إذ ان هذا من شأنه أن يساهم في تحقيق أهداف المنظمة دون ان يستنزف الجهود والتكاليف غير المثمرة ويحقق في ذات الوقت الاستثمار الفعال للموارد المتاحة بشكل سليم.
بغداد 17 حزيران 2012
[2]د.خضير كاظم حمود، مبادئ الإدارة، ص22
[3]Max Weber, The Theory of Social and Economic Organisation (Free Press, 1947)
H H Gerth and C W Mills(eds), From Max Weber: Essays in Sociology (Routledge & Kegan Paul, 1948)
[4] د. غسان عيسى العمري و د. سلوى أمين السامرائي، نظم المعلومات الاستراتيجية (عمان، 2008)، ص132