Monthly Archives: أفريل 2017

محمد حسين جعفر، شهيد النزاهة

محمد حسين جعفر … شهيد النزاهة

 

 

قرأت بتأثر كبير ما كتبه كل من السيدة سحر الحمداني والسيد أسعد سعد برهان الدين[1] الذين ربطتني بهما زمالة عمل وود واحترام خلال عملنا في شركة التأمين الوطنية.

 

لقد حرَّكت الكتابة عن واحد من أعز أصدقاء عمري المرحوم محمد حسين جعفر في داخلي مشاعر دفينة أختزنها باعتزاز وحزن عن رجل تفتخر الرجولة أن ينتمي لها هذا الرجل.

 

لغرض توثيق بعض ما عايشته معه سأحاول أن استرجع بعضاً من الذكريات على مدى ما يقارب الثلاثين سنة ما بين تعرفي عليه واغتياله بأيدي غادرة وآثمة.

 

تعرفت على محمد حسين بعد فترة قصيرة من انضمامي لشركة التامين الوطنية في نهاية عام 1975. أعترفُ نادماً أن الود لم ينبت بيننا سريعاً على الرغم من أنه كان في مكتبٍ يجاور المكتب الذي كنت أعمل فيه في الطابق الخامس من البناية القديمة للشركة قرب ساحة النافورة رغم اننا من عمر مقارب ومن نفس الطائفة (للذين يحلو لهم هذا الكلام) لأن ذلك لم يكن يلعب دوراً في الصداقات حينئذ.

 

لم تكن تعجني نبرة صوته العالية ونظراته الجانبية الحادة وضخامة جسمه. لهذا بقت صداقتنا على مستوى منخفض لعدة سنوات.

 

الانعطاف في مسار صداقتنا حصل في بداية عام 1987. ففي 25 كانون الأول/ديسمبر 1986 تم اختطاف إحدى طائرات الخطوط الجوية العراقية عندما كانت في رحلة من بغداد إلى عمان من قبل خاطفين لبنانيين اثنين متعاطفين مع إيران.

 

فجَّر أحد الخاطفين قنبلة كان يخفيها بين ساقيه في قمرة القيادة. أدى الانفجار إلى كسر يد الكابتن وتضرر نظام الهيدروليك في الطائرة.

 

رغم محاولات الكابتن الشجاع لإنزال الطائرة يدوياً في مطار عرعر في السعودية إلا أن المحاولات باءت بالفشل. وأخيراً هبطت الطائرة في أرض زراعية مجاورة لمدرج المطار مما أدى الى تحطم الطائرة إلى ثلاثة أجزاء.

 

حسبما أذكر فإن عدد الضحايا كان 123 شخصاً غالبيتهم من العمال السودانيين والمصريين العاملين في العراق. عددٌ قليلٌ جداً من الركاب خرجوا سالمين ومنهم كابتن الطائرة وراكب أردني في الدرجة الأولى يعمل كمحامي (ولذلك قصة) في حين تحوَّل الكثير من الركاب إلى أشلاء متناثرة.

 

الأستاذ موفق حسن رضا، مدير عام شركة التأمين الوطنية في حينها، أطال الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية، أمر بتشكيل لجنة للنظر في تسوية مطالبات الضحايا بدلاً من تركها لخبراء تسوية الخسائر في لندن كما هو معتاد لأن طائرات الخطوط الجوية العراقية كانت معادة تأمينيا مع سوق لويدز في لندن. الهدف من ذلك هو لضمان العدالة والحرفية في التسويات إضافة إلى تقليل كلفة تسوية المطالبات.

 

تسميتي كرئيس للجنة كانت بحكم وظيفتي كمدير فرع تأمين السفن والطيران وإعادة التأمين، وأيضاً تسمية السيدة المرحومة هدى الصفواني بصفتها مديرة قسم تأمين الطيران.

 

أما الثقل القانوني لعمل اللجنة فقد أُسند إلى السيد محمد حسين جعفر من بين العديد من القانونيين في الشركة لما يتمتع به من خبرة قانونية وحرفية عالية وحيادية ونزاهة يشهد لها الجميع. كما تمَّ ضم المرحوم السيد زهير العاني، مدير التأمين في الخطوط الجوية العراقية، إلى اللجنة كممثل للمؤمن لها.

 

بدأت اللجنة عملها بوتيرة متسارعة لإنهاء المطالبات بأسرع ما يمكن. أول عمل قامت به اللجنة تحت إشراف الأستاذ موفق حسن رضا، ذو الخلفية القانونية من بريطانيا، أن قمنا بإلغاء حد المسؤولية المثبت على تذكرة السفر والبالغ 20,000 دولار (حوالي 6,000 دينار بالسعر الرسمي) على أساس أن الخطوط الجوية العراقية كانت مُهملة بدرجة كبيرة في تفتيش وكشف الخاطفين قبل صعودهما للطائرة، وبالتالي تمَّ فتح حدود المسؤولية ليتم تسوية بعض المطالبات بمبالغ تجاوزت عشرات الآلاف من الدنانير.

 

نعود لقصة المسافر الأردني، المحامي الذي حاول استمالة المرحوم محمد حسين جعفر على أساس أنهما من نفس الخلفية المهنية، حيث طالب بتعويض بمئات الآلاف من الدولارات. وكان أساس مطالبته هو أنه نتيجة حادث الاختطاف حصل له عجز جنسي وهو في عز رجولته!

 

كما هو متوقع من أبو اسيل، لما يتمتع به من نزاهة وإنصاف وحزم، رفض المطالبة وبشدّة وهدده باختبار عملي (أتركه لخيالكم). وبالتالي حكمت اللجنة بتعويض المسافر الأردني المحامي بمبلغ منصف لأنه لم يصب نتيجة الحادث بأذى جسدي.

 

أما إنسانية محمد حسين جعفر فقد تجسَّدت في تسوية العشرات من مطالبات الضحايا من المصريين والسودانيين بنزاهة وعدالة رغم عدم وجود من يدافع عن حقوقهم.

 

إن عملي في اللجنة مع أبو أسيل واكتشافي لجوهره السامي سارع في أن تنتقل صداقتنا إلى مرتبة عالية، وبدأنا مرحلة صداقة حميمية ربما للتعويض عن سنوات الصداقة الباهتة. لذلك فإن صداقتنا المتجددة أصبحت مضرب مثل في الشركة.

خلال تسنمه لمنصب المدير العام لشركة التأمين الوطنية في منتصف التسعينيات كنت أعمل حينها في اليمن. وكان يستثمر زياراتي إلى بغداد للتداول معي في الأمور المعقدة والاستشارة ولاسيما في إعادة التأمين.

 

كان المرحوم قليل الالمام باللغة الإنكليزية لكنه كان يتغلب على هذه المعضلة من خلال الاستعانة بمن يجيدها من المقربين له مثل الزميل العزيز مكي رزوقي مصطفى وآخرين. وبالتالي تغلَّب على هذا النقص في المهارة. يُضاف إلى ذلك خبرته الإدارية الطويلة التي مكنته من استثمار الطاقات المتوفرة في الشركة وبالتالي إدارة الشركة على أحسن ما يرام في ظل الظروف الصعبة.

 

إن اختيار المرحوم أبو أسيل كمدير عام لعقارات الدولة كان بسبب نزاهته أولاً وحسن إدارته ثانياً في ظل الفوضى التي سادت العراق بعد عام 2003.

 

لقد أسرني المرحوم أبو أسيل لأكثر من مرة من أنه لم يكن سعيداً بنقله من التأمين الوطنية إلى عقارات الدولة ولكن ليس باليد حيلة.

 

إن قناعتي بخصوص اغتيال المرحوم محمد حسين جعفر كان لإسكاته عن فضح السياسيين المتنفذين الذين كانوا يمارسون ضغوطاً كبيرةً عليه لتمليكهم عقارات الدولة مجاناً أو بسعر بخس ولاسيما المصادرة منها والتي كان يرفضها بشدة.

 

تلقيت خبر فاجعة اغتياله من صديقنا المشترك سعد البيروتي وأنا احتفل مع عائلتي بذكرى ميلاد ابنتي نسمة في صنعاء. وعندما أبلغتها بخبر استشهاده بكت نسمة بحرقة لأنها كانت تحبه بشكل خاص لأنه كان يداعبها كثيراً عندما كانت طفلة.

 

رحمك الله يا أبو أسيل يا شهيد النزاهة والطيبة، واللعنة على كلِ يدٍ ساهمت في اغتيالك، واسكنك الرحمن في جنات الخلد والنعم.

 

باقر المنشئ

18 نيسان 2017

الولايات المتحدة الامريكية

[1] سحر الحمداني والسيد أسعد سعد برهان الدين “في ذكر المرحوم محمد حسين جعفر: مدير عام شركة التأمين الوطنية (20 تشرين الثاني 1946 – 30 كانون الثاني 2001،” مرصد التأمين العراقي

Remembering Muhammad Hussain Jafar (1946-2001)

 

Remembering Muhammad Hussain Jafar (1946-2001)

في ذكر المرحوم محمد حسين جعفر

مدير عام شركة التأمين الوطنية (20 تشرين الثاني 1946 – 30 كانون الثاني 2001)

 

 

أسعد سعد برهان الدين وسحر الحمداني

 

 

عرفت المرحوم الأستاذ محمد حسين جعفر الجشعمي (2006-1946)، خريج كلية الحقوق، جامعة بغداد، عندما عُينت في شركة التأمين الوطنية/قسم الشؤون القانونية في أيلول 1977 حيث كان مدير القسم آنذاك المرحوم السيد عبد المنعم النهر (توفي سنة 2011؟) ومعاونته المرحومة سهير حسين جميل (بغداد 8 أيار 1938 – عمّان 21 تشرين الأول 2012) ثم المرحوم محمد حسين جعفر. كنا عدداً كبيراً من الموظفين والموظفات نعمل بتوجيه هؤلاء الأساتذة حيث كانوا خبراء في مجال القانون وإخوة كبار لنا في مساعدتنا وتصحيح أخطاءنا ونحن نخطو أولى خطواتنا في التأمين.

 

وعندما أتكلم عن المرحوم محمد، وكما كنا نناديه (أبو أسيل)، أتذكر جديته وحزمه وتمكنه من أداء متطلبات عمله، إضافة الى روح النكتة والدعابة التي يمتلكها، وحسن الأخلاق، ولطف المعاشرة.

 

في اليوم التالي لمباشرتي العمل ذهبنا مع المرحوم محمد وزملاء آخرين لتناول وجبة غداء في مطعم شعبي قرب الشركة حيث كنا نشوي الكباب بأنفسنا. ومن ضمن أصدقاء المرحوم محمد كان المرحوم عماد تكليف الفرعون، ابن الفرات الأصيل وصاحب الاخلاق العالية، والسيد عبد الرحمن الكيلاني، موسوعة الأطباء كما كنا نسميه إضافة لطيبته الفائقة. وكانت الشركة آنذاك بقيادة حازمة ومتميزة من قبل الأستاذ عبد الباقي رضا (شباط 1966- آذار 1978) أطال الله عمره بالصحة والعافية.

 

لا أنسى دور المرحومين محمد وعماد الفرعون في تدريبي على المرافعات أمام المحاكم.

 

انتقلت من الشركة إلى مجلس البحث العلمي سنة 1980 ولكن علاقتي استمرت مع اصدقائي في الشركة ومنهم أبو أسيل إلى أن اغتيل في فترة الحرب الطائفية في منطقة سكنه في حي الخضراء ذات الغالبية السنية على ايدي آثمة. ربما كان اغتياله لسبب طائفي أو ربما كان تصفية حسابات حيث انه خلال فترة عمله القصيرة في دائرة عقارات الدولة تعرض إلى ضغوطات قوية من بعض أصحاب النفوذ بشأن عقارات الدولة وهو لا يقبل غير الحق والصحيح في أداء واجبات عمله. ولهذا أحال نفسه على التقاعد، وكان ذلك قبل اغتياله بفترة قصيرة. ربما أرادوا إسكاته كي لا يتكلم عمّا تعرض له. ومن المفارقات أن القتلة المأجورين لم يكتفوا باغتياله بل سرقوا سيارته. لقد اختلطت الأمور والأسباب في تلك الفترة ولم يعد من السهل الكشف عن الدوافع وفاعلي الجريمة. لقد قتل أناس أبرياء كثر كانوا بعيدين عن السياسة والحكومة. وهنا اتذكر أحد الذين كان يسكن في منطقتنا منذ سنوات عديدة. كان موظفاً في بنك وجلّ اهتمامه هو أناقته. وضعوا عبوّة ناسفة في سيارته، انفجرت وقتلته. لماذا؟ هو السؤال عينه وراء ما نراه اغتيالاً لأبو أسيل.[1]

 

كان المرحوم أبو أسيل في حياته الشخصية محباً لعائلته وأولاده، حريصاً على تقديم الأكثر لهم حيث كانوا ما زالوا أطفالاً. كنا لا ننقطع عن تبادل الزيارات.

 

لا يمكن للمرء ان ينسى المرحوم محمد حسين جعفر والمرحوم عماد الفرعون الذي اغتالته هو الآخر يد اثيمة في هذا الزمن الذي يغادره الشرفاء بصمت. ومن المؤسف أننا لا نملك معلومات عن اغتيال المرحوم عماد الفرعون، وهو من عشيرة معروفة. لقد عشنا زمناً طائفياً في تلك الفترة لا نعرف فيها لماذا يقتل إنسان.

 

أسعد سعد برهان الدين

 

أتمنى أن نكون قد وفينا جزءً من حق من عاشرناهم في شركة التامين الوطنية وكانوا خير الناس سواء على صعيد العمل وكرمهم في تقديم المعلومة والنصيحة لنا نحن كموظفين جدد آنذاك أو على صعيد العلاقة الشخصية التي استمرت حتى بعد مغادرتنا الشركة.

 

بالطبع فرحنا جداً عندما اختير المرحوم أبو أسيل مديراً عاماً لشركة التامين الوطنية سنة 1996 وهو الذي نشأ فيها، مهنياً، وعمل بجد وإخلاص، فكان هذا الاختيار تتويجاً لسنوات من المثابرة، إضافة الى رفعة خلقه وانسانيته.

 

فاتحني أبو اسيل بعد صدور الأمر الإداري بتعيينه مديراً عاماً للشركة للعودة إلى الشركة وفعلاً عدت إلى عائلة التأمين بعد غياب سبع سنوات. وكنت في فرع التأمين البحري/التعويضات، وكان نشاط الفرع قليلاً ليس كالسابق، بسبب الظروف التي كان يمر بها العراق، ولكن المرحوم حاول ضمي إلى اللجان المتنوعة بالشركة حيث كان يرغب بتطوير الشركة وخاصة من ناحية إدخال الحاسوب في كل نشاطاتها وحتى حثّ الموظفين على تعلم الحاسوب وتوفير الفرصة لهم لأجل ذلك. الانتقاد الوحيد الذي سمعته عنه في حينه هو تردده في اتخاذ القرار. وأنا اعتقد أن هذا ليس مثلبةً بقدر ما هو تعبير عن حرصه المفرط والدقيق لاتخاذ القرار الصحيح سيما، وهو جديدٌ في إدارة الشركة، وتجنب العواقب السلبية. لقد عمل بجد وإخلاص في الشركة سنوات طويلة وساهم بشكل كبير في الارتقاء بها استكمالاً لما قام به أسلافه من المدراء العامين.

 

انتقلت للعمل في قسم الرقابة الداخلية في الشركة مع الأخ المرحوم ضرغام الغظنفري الذي كان مديراً الرقابة للداخلية (استشهد في 10 كانون الثاني 2008 في حادثة تفجير في منطقة زيّونه في بغداد وهو يقدم العزاء لأحدى العوائل. أعجز عن وصف دماثة خلقه وبرّه بأمه الذي تفرغ للعناية بها حتى أنه لم يتزوج). وكذلك كان أبو أسيل باراً جداً بوالدته والتي توفَّت قبله ببضعة أشهر، وهذا لطف من الله أن لا تشهد فقدانه. ولكني، بعد المباشرة، اضطررت لترك العمل لمرض ابني. ولا يمكن ان أنسى وقفة أبو أسيل وزوجته الكريمة معي في محنتي، نعم الاخوة التي أشعروني بها.

 

التواضع هي الصفة المحببة التي تمتع بها أبو أسيل حيث وهو مدير عام للشركة زارنا بنفسه لتقديم بطاقة الدعوة لعرس ابنته.

 

أود أن اكتب أكثر وأكثر عن أبي أسيل ولكن الذاكرة تعجز عن تذكر التفاصيل التي عشناها معا حيث كنا نتناقش في أمورنا الحياتية، ونتبادل الأفكار دائماً مع اختلافنا في التقييم إذ انه كان يحب النظام الملكي ويتفق مع زوجي في ذلك. ولا أنسى مدى السعادة التي شعرنا بها نحن أصدقاء المرحوم ومن ضمنهم الدكتور سليم الوردي عندما دخل ابنه جامعة صدام، كلية الطب، وكأنه ابننا جميعاً. وكان الاثنان تربطهما صداقة قوية.

 

كانت فترة إدارته للشركة قصيرة قد لا تتعدى الأربع سنوات امتدت من 20 تشرين الثاني 1996 لغاية 30 كانون الثاني 2001. إلا أنه نُقل إلى دائرة عقارات الدولة، حسبما اتذكر، والتي عانى فيها واضطر الى التقاعد وهو في قمة عطاءه. واعتقد أن إصراره على الحق والانصاف في التعامل كانت سببا في اغتياله.

 

لم يكتب المرحوم مقالات تأمينية وحقوقية متخصصة للنشر وكل ما قدمه من دراسات ومطالعات كانت في سياق العمل. من انجازاته تفعيل المكاتب الحدودية وزيادة إيراداتها بتأمين الترانزيت الذي كان مهملاً. كما أنه أوجد وثيقة تأمين على الحياة جماعية وتم تسويقها لدوائر الدولة ومنها وزارة النفط. واهتم بحوافز الموظفين وكان يتابعها ويسعى إلى زيادتها.[2]

 

أنا أسأل نفسي كل يوم، بعد الذي حصل لنا نحن العراقيين، أين ذهب ذلك الحب الذي كان يجمعنا على الخير ونتمناه لأصدقائنا وفرحنا لفرحهم وحزننا لحزنهم دون النظر إلى الطائفة وغيرها من الانتماءات الضيقة. هل سنعود يوما كما كنا؟ مع الأسف، أشك في ذلك لأننا ببساطة جيل منقرض ومشتت في منافي الأرض.

 

رحم الله أبو أسيل وأبقى ذكراه الطيبة في نفوسنا دائماً.

 

سحر الحمداني

 

كندا 22 نيسان 2013 – 27 آذار 2017

[1] لاستحضار أجواء الاقتتال الطائفي الجديد في العراق وبعض أشكاله وضحاياه، ذلك الذي بدأ بعد الاحتلال الأمريكي للعراق سنة 2003 واستمر لغاية 2008 وما يزال بدرجات متفاوتة، يمكن قراءة روايات برهان شاوي ومنها مشرحة بغداد (بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون، 2012) ورواية متاهة قابيل (بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون، 2013). (المحرر)

[2] أشكر صديقتي السيدة عفيفة دارا على تزويدي بهذه المعلومات وغيرها.

ملاحظات حول مساهمة رئيس جمعية التأمين العراقية في

مناقشة ورقة الخبيرين النفطيين طارق شفيق واحمد موسى جياد: الدعوة لخارطة طريق جديدة

 

 

مصباح كمال

 

 

[1]

نشر مـعـهد التـقـدم للسياسات الإنمائية بتاريخ 2 نيسان 2017 تقريراً عن الندوة[1] التي عقدها لعرض ومناقشة الورقة التي قدمها الخبيران النفطيان طارق شفيق وأحمد موسى جياد[2] “والتي تضمنت مجموعة من الملاحظات والمعالجات الهادفة لوضع خطط وسياسات وحوكمة رشيدة للثروة النفطية في العراق.” وجاء في التقرير أن النائب الدكتور مهدي الحافظ ادار الندوة، وشارك في التعقيب على الورقة: النائب عدنان الجنابي، الرئيس السابق للجنة النفط البرلمانية، الخبير النفطي حمزة الجواهري، الخبير النفطي فؤاد الامير، وزير الموارد المائية الأسبق الدكتور عبداللطيف جمال رشيد، الدكتور محمد الحاج حمود الوكيل الأسبق لوزارة الخارجية، الخبير الاقتصادي عبدالله البندر، الخبير المصرفي سمير النصيري، الخبير المصرفي عبدالعزيز حسون، السيد هاشم الشماع، مدير ملتقى بغداد الفكري، المهندس ياسين عباس، الدكتور فلاح خلف الربيعي، الجامعة المستنصرية، السيد عبد الحسن الزيادي، رئيس جمعية التأمين.

 

[2]

من المسرّ أن نقرأ أن السيد عبد الحسن الزيادي قد ساهم في المناقشة بصفته رئيساً لجمعية التأمين العراقية وليس بصفته رئيساً لمجلس إدارة شركة الرهام للتأمين أو كونه مقاولاً مستقلاً. وقد قدَّم نفسه بصفته رئيساً للجمعية في مناسبة سابقة.[3]   وأرى في موقفه هذا فهماً أصيلاً لدوره كممثل لجميع شركات التأمين الأعضاء في الجمعية. مثل هذا الموقف يعزّز مكانة من يشغل موقع الرئاسة في الجمعية ويقصي أي تحيز لجهة أخرى يعمل فيها الرئيس بصفات أخرى.

 

[3]

كيف لخصَّ التقرير مساهمة السيد عبد الحسن الزيادي في الندوة؟ بعد التعريف به كرئيس لجمعية التأمين نقرأ التالي:

 

اشار إلى ان الحكومة تنتج النفط وتقوم بتصديره من دون ان تعطي للقطاع الخاص اي دور في هذه العملية .. داعيا إلى ان يسهم القطاع الخاص في عملية استثمار الغاز.

 

لقد تركّزت مساهمة رئيس الجمعية على غياب دور القطاع الخاص في إنتاج الحكومة للنفط وتصديره، ودعوته لمساهمة هذا القطاع في استثمار الغاز (وربما النفط الذي لم يذكره التقرير). وهو بهذا يلتقي مع الخبير المصرفي سمير النصيري الذي أكد، كما جاء في التقرير، على “رسم سياسة استراتيجية نفطية مثل باقي الدول، ورؤى اقتصادية تترافق مع السياسة النفطية لتقليل الاعتماد على النفط، مستبعدا تحقيق مثل هذه الاهداف في ظل عدم وجود مشاركة للقطاع الخاصة وعدم خصخصة وهيكلة للقطاعات الانتاجية وغياب هيكلية جديدة للاقتصاد.”

 

 

 

[4]

الكل يتحدث عن العصا السحرية المتمثلة بالقطاع الخاص والخصخصة لحل أزمة الاقتصاد العراقي. لكننا “نسمع جعجعة ولا نرى طحناً.” وهذا موضوع آخر يمكن أن يُدرس ضمن إطار المساهمة المحلية العراقية في صناعة النفط، في مختلف مراحلها، بشكل عام، وضمن عقود جولات التراخيص التي أهملت المحتوى المحلي local content.[4] أو، في أحسن الحالات، أضعفت من فاعليته في التطبيق العملي، كما هو الحال بالنسبة لشرط التأمين في العقد النموذجي لجولات التراخيص. لعله من المفيد هنا أن نقتبس ما كتبه الخبيران طارق شفيق وأحمد موسى جياد بشأن المحتوى المحلي. ففي معرض الحديث عن أخطاء رئيسية في عقود الخدمات طويلة الأجل كتبا أن

 

“اعتماد عقود طويلة الأجل، تخلو من نسبة محددة مسبقاً من “المحتوى المحلي،” (التعاقد من الباطن للشركات المحلية ومساعدتها على التنفيذ والعمل بكفاءة) يؤدي إلى تصدير جزء أكبر من الثروة الوطنية بينما يعيق نقل الدراية التكنولوجية للشركات الوطنية الخاصة. إن المحتوى المحلي مهم إلى درجة أن إيران وروسيا تطالبان بـمنح 51% للشركات المحلية وترتفع هذه النسبة إلى 70% في النرويج.”[5]

 

لا ندري إن كان السيد الزيادي يفكّر بهذا الجانب من الموضوع عندما قدَّم مساهمته. آمل أن يوضح موقفه لأن له علاقة أيضاً بجانب آخر ونعني به دور التأمين المحلي – وهو ما كان غائباً في مساهمته، اعتماداً على ما جاء في التقرير عن الندوة. لقد كان رئيس الجمعية أكثر تأثيراً في مساهمته في اللقاء الأول لمبادرة تأسيس المجلس الاقتصادي الأعلى عندما نُقل عنه الآتي:[6]

 

‌أ. بيّن ما تعرض له قطاع التامين في العراق من اجحاف بينما يشكل اولويات بناء اي استراتيجية اقتصادية.

‌ب. تأييده لتأسيس المجلس الاقتصادي الاعلى مع ضرورة ان يكون ممثلا بخبرات وكفاءات اقتصادية.

‌ج. تشريع القوانين الاقتصادية بما يمنح قطاع التامين دورا وطنيا بارزا لأهميته في كافة استراتيجيات البناء الاقتصادي.

 

وقد علقنا عليه في حينه، ولم نلقَ رداً منه أو من آخرين من المهتمين بالشأن التأميني.

 

[5]

رغم خصوصية الندوة فإن غياب أي ذكر للتأمين فيها يؤكد الإهمال الذي تعانيه مؤسسة التأمين في العراق من أصحابها ومن الغير. لقد كانت فرصة عقد هذه الندوة مناسبة جيدة لرئيس الجمعية لعرض موقف الجمعية من تأمين صناعة النفط في العراق خاصة وأن “المشاركون في الندوة [قرروا] رفع مذكرة تفصيلية إلى الرئاسات الثلاث ووزارة النفط لاطلاعهم بما تم التوصل اليه وماهي المقترحات المناسبة لوضع سياسية نفطية ناجحة في البلاد.” نقول هذا وفي بالنا أن السياسة النفطية يجب أن لا تخلو من اهتمامٍ بدور قطاع التأمين العراقي (ضمن إطار المحتوى المحلي) كجزء من الارتباطات الأمامية والخلفية forward & backward linkages رغم أن قانون الاستثمار والعديد من عقود الدولة لا تحدد دوراً مهماً لقطاع التأمين العراقي.

 

 

مصباح كمال

7 نيسان 2017

 

[1] أشكر الزميل الصديق جون ملكون على توفير نسخة من هذا التقرير.

[2] كتب النص أصلاً باللغة الإنجليزية ونشر في موقع Iraq Business News

http://www.iraq-businessnews.com/2017/03/21/towards-sound-oil-plans-policy-and-governance/

[3] راجع مصباح كمال “التأمين في اللقاء الأول لمبادرة تأسيس المجلس الاقتصادي الأعلى” في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2017/01/12/%d8%aa%d9%82%d8%b1%d9%8a%d8%b1-%d8%b9%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%82%d8%a7%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%88%d9%84-%d9%84%d9%85%d8%a8%d8%a7%d8%af%d8%b1%d8%a9-%d8%aa%d8%a3%d8%b3%d9%8a%d8%b3-%d8%a7%d9%84/

[4] كتبنا أكثر من مرة حول موضوع التأمين في عقود جولات التراخيص ولدى وزارة النفط والشركات التابعة لها. أنظر بهذا الشأن: مصباح كمال، وزارة النفط والتأمين: ملاحظات نقدية (مكتبة التأمين العراقي، 2014). ص 45-57. مقدمة الكتاب منشورة في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2014/03/19/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d9%83%d8%aa%d8%a7%d8%a8-%d9%88%d8%b2%d8%a7%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%81%d8%b7-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a3%d9%85%d9%8a%d9%86/

 

لقراءة النص الكامل للكتاب يمكن استخدام هذا الرابط:

https://www.academia.edu/6476765/Ministry_of_Oil_and_Insurance_Critical_Remarks

 

[5] ترجمة مصباح كمال.

[6] أنظر الرابط في الهامش رقم 3.

Merger of NIC & IIC-lack of proper procedure and adherence to law

قرار وزارة المالية بدمج شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية: تجاوز الإجراءات السليمة ومتطلبات القانون

 

 

مصباح كمال

 

 

نشر أيضاً في المواقع التالية:

 

https://www.academia.edu/32184847/Merger_of_NIC_IIC_-_lack_of_proper_procedures_and_adherence_to_law

http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2017/04/merger-of-national-insurance-co-iraq.html

 

 

مقدمة

 

ورد إلى علمنا مؤخراً أن قراراً وزارياً صدر بتاريخ 22 آذار 2017 من وزارة المالية (لم نستطع الحصول على نص القرار وهو ليس منشوراً في موقع الوزارة أو مواقع شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية) بدمج الشركتين، وتعيين الآنسة هيفاء شمعون عيسى، مدير عاماً وكالةً للشركتين (كانت تشغل موقع مدير عام وكالةً لشركة التأمين العراقية)، وتعيّين السيد صادق عبد الحمن الخالدي رئيساً وكالةً لديوان التأمين العراقي (وكان يشغل موقع مدير عام شركة التأمين الوطنية).

 

لم نتعرف حتى الآن على أسباب دمج هاتين الشركتين العامتين، وهما شركتان ناجحتان بالمقاييس العراقية السائدة إذ أنهما تحققان أرباحاً يوزع قسماً منها على الموظفين ويغذي القسم الآخر منها خزينة الدولة بالضرائب والرسوم التي تدفعها الشركتان. ربما يضمُّ القرار الوزاري الأسباب الموجبة للدمج، وهو ما سنتعرف عليه متى ما توفر نص القرار، وعندها يمكن إبداء الرأي بالقيمة الاقتصادية للدمج.

 

لا نهدف من هذه الورقة الموجزة مناقشة مبررات الدمج، وضرورتها من عدمها، فقد كان لنا موقف من موضوع الدمج كشفنا عنه في مقالتين سابقتين.[1] ما يعنينا هنا هو ما يبدو عدم الاهتمام بالإجراءات السليمة لإدارة عملية الدمج، وما يبدو أنه عدم التزام بالأحكام القانونية.

 

أهمية الإجراءات السليمة

 

قرار الدمج يذكّرنا بقرار تأمين شركات ووكالات التأمين سنة 1964 الذي لم يتأسس على دراسة موضوعية لواقع قطاع التأمين في العراق، واكتفى باستلهام أفكار عامة (“الاشتراكية الرشيدة”) لإدارة الاقتصاد من منظور ناقص وتقليد لتجربة مصر في هذا المجال. مثلما يذكرنا بالقرارات التي كان يتخذها مجلس قيادة الثورة وتلك التي كان يتخذها “المستبد بأمره” بول بريمر الثالث.

 

العقلية لم تتغير منذ ذلك الوقت فهي ذاتها التي استخدمت في قرار الدمج هذه السنة. وهي عقلية غير ديمقراطية لا تعتمد النقاش المفتوح وتكتفي بالعمل خلف الكواليس. ليس أصعب على الناس تجاهل أفكارهم بدعوى الاختصاص وامتلاك أصحاب القرار للحقيقة فهو استهانة بعقول الغير وما يمكن أن يقدموه من أجل الصالح العام.

 

حسب علمنا، لم تنشر أياً من الشركتين مقالات ودراسات عن موضوع دمج الشركات.

 

إن قراراً خطيراً كهذا، يمسُّ مصالح العاملات والعاملين في الشركتين ويؤثر على بنية سوق التأمين العراقي، كان يجب أن يُطرح للنقاش على الأقل داخل شركتي التأمين. وكان من المناسب تقديم ورقة موقف position paper تجاهه من قبل الداعين للدمج ليكون موضوعاً لتبادل الآراء قبل الإقدام على اتخاذ القرار، هذا إن كان متعذراً عليهم تقديم ورقة تشاور consultation paper كما هو معهود في الممارسات الديمقراطية. إن كانت الإجراءات الديمقراطية بعيدة عن تفكير أصحاب القرار كان الأولى، على الأقل، الالتزام بأحكام قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 (الأمر رقم 10). وهو ما اقتبسناه في مقالة سابقة ومن المفيد استعادتها لأغراض المقالة الحالية:

 

الضوابط القانونية لاندماج شركات التأمين

 

ترد القواعد الضابطة لاندماج شركات التأمين في قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 تحت الباب الخامس، تحويل الوثائق وتملك واندماج وتصفية المؤمنين، في الفصل الثالث: اندماج المؤمنين. تتناول المادة 50 اندماج المؤمنين كما يلي:

 

“أولا- يجوز اندماج مؤمن أو معيد تأمين في مؤمن أو معيد تأمين اخر بما في ذلك المؤمنين او معيدي التأمين المملوكين للدولة.

 

ثانيا-  على المؤمنين الراغبين بالاندماج تقديم طلب للديوان مرفق به كافة التقارير والبيانات اللازمة التي يحددها رئيس الديوان بتعليمات يصدرها لهذا الغرض.

 

ثالثا-  يدقق رئيس الديوان التقارير والبيانات والوثائق المقدمة، وله الموافقة على الاندماج أو رفضه بقرار مسبب.

 

رابعا- إذا وافق رئيس الديوان على طلب الاندماج فينشر أعلانا على نفقات طالبي الاندماج في صحيفة يومية واسعة الانتشار في العراق لمدة (5) خمسة أيام متتالية، ولكل ذي مصلحة التظلم من القرار خلال (30) ثلاثين يوما من تاريخ اخر نشر لإعلان الموافقة على الاندماج.

 

خامسا-       يبت رئيس الديوان في التظلمات المقدمة وفقا لأحكام البند (رابعا) من هذه المادة خلال (30) ثلاثين يوما من تاريخ انتهاء مدة تقديمها، ولكل ذي مصلحة الاعتراض على القرار الصادر نتيجة التظلم أمام محكمة البداءة المختصة خلال (7) سبعة أيام من تاريخ التبلغ به.”

 

البند الأول يُشرّع جواز اندماج مؤمن أو معيد تأمين في مؤمن أو معيد تأمين اخر بما في ذلك المؤمنين او معيدي التأمين المملوكين للدولة (التأكيد من عندي). أي أن الأساس القانوني لمشروع الوزارة جاهز، لكن هذا لا يعفي الوزارة من عرض الدافع أو الدوافع لمشروعها المستمدة، ربما، من مجلس أدارة شركتي التأمين الوطنية والتأمين العراقية.

 

ترى هل تمَّ الالتزام بهذه الأحكام؟ هل أن شركتي التأمين قامتا بـ “تقديم طلب للديوان مرفق به كافة التقارير والبيانات اللازمة التي يحددها رئيس الديوان بتعليمات يصدرها لهذا الغرض.” للسير بعملية الدمج؟

 

المصادرة على المطلوب

 

لقد كانت موافقة رئيس الديوان وكالةً على الدمج، قبل صدور قرار وزارة المالية بدمج الشركتين، مصادرة على المطلوب، فقد أعلن عن إجراءات الدمج في تشرين الأول 2016، كما جاء في مقال في الصفحة الاقتصادية لجريدة الصباح (العدد 3787 بتاريخ 4/10/2016)،[2] ذُكر فيه، اعتماداً على مصدرٍ في ديوان التأمين، البدء بالإجراءات القانونية للاندماج.

 

إضافة إلى ذلك فإن موقف شركة التأمين العراقية، عند صدور الإعلان في جريدة الصباح كان يقوم على تفنيد ورفض الدمج والتظلم لدى وزارة المالية بهذا الشأن، وتوصية مجلس إدارتها بتقديم مشروعها الخاص باستعادة تخصصها السابق في التأمين على الحياة (الذي توقف بقوة القانون عام 1988).

هناك كما يبدو عيب أساسي في القرار الوزاري لأنه يفتقر إلى مسوّغ قانوني واضح خاصة وأن مجلس إدارة الشركتين، حسب علمنا، لم يُقْدِما على اتخاذ قرار للبدء بالدمج – وهو ما ينصُّ عليه قانون تنظيم أعمال التأمين. وكما كتبتُ في مقالتي السابقة “مشروع دمج شركات التأمين العامة” فإن “تحقيق الاندماج يتطلب قراراً من مجلس إدارة كل شركة بحل الشركة للتمهيد لتأسيس الشركة الجديدة. وفي الوقت الحاضر ليس معروفاً إن كانت الوزارة [وزارة المالية] (أو الشركة الراغبة في الاندماج) ستقوم بتكليف جهة مهنية مستقلة للتقييم المالي للشركات موضوع الدمج، أو أن ديوان التأمين سيشترط على الشركات الراغبة بالاندماج تقديم مثل هذا التقييم المستقل.

 

كلمة أخيرة

 

من المعروف إن عدم الالتزام بالإجراءات القانونية الصحيحة يعتبر عيباً، ويوفر الفرصة للمحاكم لرد الدعاوى. ونحن هنا لسنا في مواجهة قضية قانونية صرفة معروضة على المحاكم بقدر ما نودُّ أن نشير إلى ما يبدو حتى الآن، في غياب المعلومات الدقيقة والكاملة والوثائق ذات العلاقة، أنه عدم التزامٍ بأحكام قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 دونكم الإجراءات السليمة المعهودة في أسواق التأمين المتقدمة.

 

1 آذار 2017

[1] مصباح كمال، “عودة إلى مشروع دمج شركات التأمين العامة،” موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2016/11/19/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d8%b9%d9%88%d8%af%d8%a9-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d9%85%d8%b4%d8%b1%d9%88%d8%b9-%d8%af%d9%85%d8%ac-%d8%b4%d8%b1%d9%83%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84/

مصباح كمال، “مشروع دمج شركات التأمين العامة،” مجلة التأمين العراقي:

http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2016/02/proposed-merger-of-state-owned.html

نشرت أيضاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2016/02/21/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d9%85%d8%b4%d8%b1%d9%88%d8%b9-%d8%af%d9%85%d8%ac-%d8%b4%d8%b1%d9%83%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a3%d9%85%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b9/

[2] وقبل ذلك وبتاريخ 18 أيلول 2016 نشرت جريدة الصباح الإعلان التالي: “وزارة المالية/ديوان التأمين، إعلان. استناداً إلى المادة (50) من قانون تنظيم أعمال التأمين رقم (10) لسنة 2005 وبناء على قرار السيد رئيس ديوان التأمين بالموافقة على طلب اندماج شركة التأمين العراقية العامة بشركة التأمين الوطنية ولكل ذي مصلحة التظلم من القرار خلال (30) يوماً من تاريخ آخر نشر في الصحيفة بالموافقة على الاندماج.” وقتها لم تكن الشركة العراقية للتأمين قد تقدمت بأي طلب للاندماج مع شركة التأمين الوطنية!