Monthly Archives: مارس 2019

Economic & Insurantial Implications of the Mosul Ferry Disaster

نظرة على بعض الآثار الاقتصادية والتأمينية لـ”فاجعة” غرق العبّارة في الموصل

 

 

مصباح كمال

 

نشرت هذه المقالة أصلاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2019/03/Misbah-Kamal-Ferry-Disaster-Implications.pdf

 

 

هذه الورقة هي تتمة لما نشرناه مباشرة بعد وقوع “فاجعة”[1] غرق العبّارة في نهر دجلة[2] وقد استفدنا في كتابتها من كتابات أخرى لنا سنشير إلى بعضها.  نظراً لعدم توفر معلومات وبيانات دقيقة فإننا سنلجأ إلى عرض موضوع هذه الورقة من خلال مقتربات تصورية.

 

 

ماذا يحصل عندما تتعرض شركة لخسارة، وهل هناك حاجة للتأمين؟

 

أثرت مؤخراً في دراسة لي السؤال التالي: ماذا يحصل عندما تتعرض شركة لخسارة كبيرة؟  وجواباً على السؤال كتبت الآتي:

 

“عندما تتعرض شركة إلى حادث يسبب خسارة مادية أو ضرر، وتتوقف الأعمال نتيجة لمثل هذه الخسارة أو الضرر وتتعرض أيضاً للمسؤولية القانونية قبل الغير، يتوجب على الشركة تصليح أو استبدال الأصول موضوع الخسارة أو الضرر، ودفع فاتورة الأجور وغيرها من المصاريف الثابتة وتعويض الغير (الطرف الثالث) المتضرر نتيجة للحادث.  دعونا من باب الاختصار أن نطلق على هذه الخسائر والأضرار والمسؤوليات “خسارة.”

 

لكي تكون الشركة قادرة على مواصلة عملياتها يجب أن تملك الموارد اللازمة لتغطية الخسارة.  وللقيام بذلك، يمكن للشركة أن تعتمد على:

 

  • الدخل التشغيلي (ولكن إذا كانت الخسارة كبيرة فإن هذا الدخل لن يكون كافياً).

 

  • الاقتراض من البنوك (لكن هذا القرض قد لا يكون متاحاً بسهولة باعتبار أن الشركة التي تكبدت خسائر كبيرة لن يكون عميلاً جذاباً أو أن شروط اقراضها مرهقة، وتزيد من الأعباء المالية للشركة).

 

  • صندوق مالي لمواجهة الطوارئ أو أي صندوق خاص (لكن العديد من الشركات لا تخصص مثل هذه الصناديق لتمويل الخسائر).

 

للحماية ضد الخسارة سيكون أسهل وأكثر توفيراً على الشركة تخصيص ميزانية سنوية لشراء حماية التأمين ضد الخسارة.  وهكذا، يتم نقل عبء تمويل الخسارة من الشركة إلى شركة التأمين التي ستتولى توفير الحماية المالية.”[3]

 

أردت من هذا العرض المقتبس تأكيد ضرورة وجود برنامج تأميني للتعويض عن آثار الخسائر البشرية والمادية، فهو الأقل كلفة في التعامل معها.

 

 

الوسائل المتاحة للتعامل مع الحوادث

 

للاقتراب من موضوع الآثار الاقتصادية والتأمينية للحوادث الناتجة بفعل قوى الطبيعة أو الفعل البشري نسأل:

 

عندما تتسبب إحدى شركات القطاع الخاص بحوادث تمتد آثارها على الغير (أطراف ثالثة) من يتحمل الكلفة الاقتصادية لهذه الحوادث؟  فيما يلي نقدم بعض المقاربات.

 

لو كانت الشركة قد قامت بالتأمين على مسؤولياتها المدنية فإن شركة التأمين تتكفل بتعويض الأطراف الثالثة المتضررة (الأضرار البدنية بما فيها الوفاة والأضرار المادية لممتلكات هذه الأطراف).

 

في غياب التأمين يمكن إغاثة الأطراف المتضررة من خلال وسائل التضامن الاجتماعي كـ “الفزعة” أو “العونة” التي تتجسد على أرض الواقع كفعل جماعي آني بتأثير من القيم الاجتماعية المتوارثة غير المكتوبة الكامنة في المخيال الجمعي إذ تقوم الجماعة بالتكاتف والتعاضد في مواسم الحصاد مثلاً أو العمل المشترك أمام المصائب والرزايا الطبيعية والبشرية لتقديم الإغاثة للمصابين والمتضررين.  وهو تحرك، سلوك، غير رسمي، وتحرك تلقائي من قبل الناس نحو منطقة الكارثة لتقديم ما يستطيعونه أو المساعدة في تخفيف أعباء العمل (قطاف الزيتون مثلاً).  وقد نقلت الصحافة أخباراً عن المتطوعين في فريق الإنقاذ حال غرق العبّارة.  إن هذا السلوك الجماعي يمثل شكلاً بدائياً لفكرة التأمين: تعاون الجماعة لإغاثة من ألمت بهم مصيبة.  ويكتب أحد الاقتصاديين:

 

وكتعميم أكثر موثوقية فإن الأزمات تُطلق دائماً تقريباً تدفقاً للدعم من خارج المنطقة المنكوبة، وهي الظاهرة التي أصبحت تعرف بـ “السلوك التآزري “convergence behavior”.[4]

 

كما يمكن تقديم الإغاثة من خلال المؤسسات الخيرية والإحسانية.  بالنسبة للعراق فإن هذه المؤسسات لم تتطور أو قل لم يسمح لها بالتطور وخاصة في العهد الدكتاتوري (1968-2003)، ذلك لأن النظام كان ذو طابع شمولي يعمل على السيطرة على جميع مناحي الحياة وتوجيهها كما يشاء بحيث انه ضيَّق باستمرار فضاء العمل الجماعي الطوعي المستقل لأنه كان يخشى أن تتحول هذه الفضاءات إلى بؤر قد تؤثر على سيطرته.[5]

 

في أغلب الحالات، فإن شركات القطاع الخاص لا تتمتع بترف الانقاذ الحكومي عند تعرضها للخسارة.[6]  ومن دون تأمين ليس لها غير الاعتماد فقط على قوة ميزانياتها العمومية (دخلها التشغيلي) أو رصيد الطوارئ إن كان موجوداً، أو اللجوء إلى الاقتراض.  وإذا كانت النقدية والموجودات الأخرى في الميزانية العمومية للشركة ليست كافية لدفع كلفة الخسارة أو الضرر فإن انهيارها يصبح حقيقة واقعة.

 

ولكن في حالات معينة تبادر الحكومة إلى تمويل كلفة ما تسببت به الشركة الخاصة للأفراد والجماعات من خزينة الدولة بحدود معينة.  يعني هذا أن المصائب التي تأتي من الشركة الخاصة تتحول إلى عبء جديد غير متوقع على ميزانية الدولة، أي أنها تموّل من حصيلة الضرائب، التي كان بالإمكان الاستفادة منها في مشاريع أخرى للدولة.

 

لننظر، من باب المقارنة، إلى الشركات المملوكة للدولة فهذه عند تعرضها للخسارة يمكن أن تلجأ، كملاذ أخير، إلى الحكومة لإنقاذها رغم أن مئات الملايين من الدولارات التي قد تكون لازمة لجبر الخسارة قد تستقطع من تخصيصات أخرى في ميزانية الحكومة لتمويل الخسارة.  تسريب مثل هذه الموارد المالية سيؤثر على مجالات أخرى من مجالات الإنفاق الحكومي، على سبيل المثال تمويل مشاريع اجتماعية جديدة أو خدمات عامة.  إن تحويل الأموال هذه قد يؤدي إلى ضغوط سياسية على الحكومة خاصة إذا كانت هذه الأموال مخصصة لمشاريع تتمتع بالكثير من الدعم الشعبي.[7]

 

يمكن إجمال الآثار الاقتصادية المادية للحوادث من نمط حادث غرق العبّارة بالآتي:

 

أولاً، ضحايا الحادث.  عدا الآثار النفسية المختلفة فإن فقدان رب/ربة الأسرة يعني توقف مصدر الدخل للأسرة.  وفي غياب التعويض المناسب، من قبل شركة التأمين أو الحكومة، فإنه يعني إفقار الأسرة وما يحمله معه من مشكلات لأفراد الأسرة.

 

ثانياً، صاحب المنشأة.  وقد تتمثل الآثار بتضرر المعدات، وخسارة عدد من المستخدمين، وتوقف المنشأة عن العمل (خسارة الدخل) لحين استرداد النشاط، والتعرض للمساءلة القانونية.

 

ثالثاً، الاقتصاد الوطني.  إن الآثار السلبية المترتبة على غياب التأمين تحمل معها تكلفة للاقتصاد الوطني، وتأثيراً على النمو الاقتصادي، كما حاولت الكشف عن بعضها.[8]

 

 

من سيعوض ضحايا غرق العبّارة؟

 

في غياب أية معلومات عن تأمين المنشآت والمعدات في المجمع السياحي في جزيرة أم الربيعين بما فيها العبّارة نفترض أن هذا المجمع لم يكن موضوعاً للتأمين مثلما لم يكن موضوعاً للضوابط التنظيمية والرقابية من قبل الهيئات المعنية به بدءاً من إنشائه وانتهاءً بتشغيله.  يعني هذا أن الحكومة هي التي ستتولى تعويض ضحايا غرق العبّارة.  فقد ورد في الأمر الديواني الصادر من المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراق بتاريخ 22 آذار 2019 بند حول “إقرار التعويضات اللازمة.”  (لم يحدد الأمر من هم المنتفعين من التعويضات.  من المفترض أن تتكشف التفاصيل فيما بعد).

 

هل ستقوم الحكومة بممارسة حق الحلول[9] واسترداد قيمة التعويضات التي ستدفعها للمتضررين من مسببي غرق العبّارة؟  هذه مسألة قانونية هي خارج معرفتنا ولكننا نثيرها لنرى إن كانت الحكومة تمتلك الإرادة لممارسة هذا الحق، إن كان قائماً بقوة القانون، أو إي إجراء آخر، خارج نظام التأمين، ضد مسببي حادثة غرق العبّارة.  (سجل الحكومة في مجال مقاضاة الفاسدين في القطاعين العام والخاص ضعيف).

 

 

غرق العبّارة والامتثال للقواعد التنظيمية

 

يأتي وقوع حادثة غرق العبّارة تأكيداً على الخراب العام في البنى التحتية وفي إنشاء وتشغيل معظم منشآت الشركات الخاصة المشتركة في الفساد والمحاصصة والإبقاء عليهما.  لقد أطنب البعض في مدح دور القطاع الخاص دون التوقف عند الممارسات غير السليمة للشركات المنضوية في القطاع ودافع تعظيم الربح على حساب اعتبارات أخرى (حياة الناس ومصالحهم، التأثيرات الخارجية لنشاط هذه الشركات، المسؤولية الاجتماعية وغيرها)، وعدم الامتثال للقواعد الانضباطية regulatory compliance.  هناك حاجة لمراجعة وإعادة تقييم دور رأس المال الخاص من منظور فك ارتباطه بمنظومة الفساد والمحاصصة.  فالبعض من “الرأسماليين” يعكسون الوجه القبيح لرأسمالية المحاسيب[10] crony capitalism من خلال ارتباطهم ليس فقط مع وزراء ومسؤولين حكوميين وقادة طائفيين بل على المليشيات والجماعات المسلحة[11] مما يدفع موضوع الامتثال للضوابط إلى القاع وحتى غض النظر عنها بسبب قوتها.[12]

 

هناك ميل لدى معظم الشركات الخاصة، الكبيرة والصغيرة، إلى عدم الامتثال للضوابط الخاصة بالسلامة مثلاً (باعتبار أن الامتثال يمثل كلفة لا ترغب بتحملها ويؤثر على الأرباح)، أو محاولة تجنب دفع الضرائب، أو التحايل لتمرير غسيل الأموال … إلخ.  وهناك مدرسة فكرية تدعو إلى التقليل من الضوابط الرقابية باعتبارها تشل المنافسة بين الشركات وتضعف الابتكار.

 

إن رأسمالية المحاسيب في العراق قد وفّر لمعظم أصحابها فرصة إضعاف التنظيم/الانضباط لا بل أنها حققت سيطرة تنظيمية regulatory capture أي عكس قواعد الانضباط بحيث أن هيئات الرقابة والإشراف تخضع لتأثير أو هيمنة الشركات التي تخضع لرقابتها، من خلال غض النظر عن بعض المخالفات، أو إفساد القائمين بالرقابة بالمال ومغريات أخرى.  إن هذا الاستيلاء التنظيمي هو مؤشر على فشل الحكومة حيث تتماهى الهيئات المنظمة للنشاط الاقتصادي مع الشركات التي من المفترض أن تنظمها، وهو ما أسفر عنه غرق العبّارة.

 

ويجد البعض تفسيراً لتدخل الحكومة في الحياة الاقتصادية ووضع القواعد التنظيمية في “نظرية المصلحة العامة” public interest theory والتي تقول إن التنظيم الحكومي يمكن أن يؤثر على الشركات، وخاصة الشركات الاحتكارية، في التصرف بما يحقق المصلحة العامة.[13]  وبالنسبة للنشاط التأميني، حسب هذه النظرية، فإن التنظيم يستهدف حماية المؤمن لهم من فشل شركات التأمين في مقابلة التزاماتها.[14]

 

 

التأمين وسبب غرق العبّارة

 

عند دراسة مطالبة بالتعويض تلجأ شركة التأمين إلى تحديد سبب الخسارة أو الضرر الذي لحق بالمؤمن له، وفيما إذا كان السبب مستثنى من غطاء وثيقة التأمين، والسبب الذي تبحث عنه هو السبب المباشر وليس غيره لفاعليته في إحداث الخسارة أو الضرر.  مشاهد الفيديو المتداولة لغرق العبّارة تشير إلى أن سبب الحادث هو تحميل العبّارة فوق طاقتها الاستيعابية.  وقد يكشف التحقيق الرسمي ما يؤكد هذا السبب ويضيف إليه أسباباً أخرى مترابطة بها، إضافة إلى الأسباب البعيدة غير المباشرة.

 

وقد لخصت رابطة الأكاديميين العراقيين في المملكة المتحدة في “بيان تضامني مع أهلنا” في الموصل بتاريخ 26 آذار 2019 (واقتبس منها كمثال) سبب كارثة غرق العبّارة بالاستهانة بالأنظمة:

 

نود ان نؤكد على إن كارثة غرق العبارة، حصلت بسبب عدم احترام المواطنين والاستهانة بأرواحهم وعدم التزام القائمين على الجزيرة السياحية بنظم السلامة والصحة التي يجب ان تراعى في جميع المرافق العامة والسياحية. ونشخص في هذا المجال إن الجهات المسؤولة عن هذه الكارثة الوطنية، هي الجهات التي تدير هذا المرفأ السياحي، والحكومة المحلية لمدينة الموصل لتهاونها في مراقبة إجراءات السلامة والصحة والأمان، إضافة لمسؤولية الحكومة المركزية، وكل حسب مستوى مسؤوليته.

 

وهو موقف تشترك فيه منظمات أخرى وبعض الأحزاب السياسية وهي تتساءل عن أسباب وقوع حادث مأساوي في منشأة تستقبل المدنيين وتديرها شركة خاصة.  هناك اعتقاد يكاد أن يكون عاماً، ربما سيتأكد بعد انتهاء التحقيق ونشر نتائجه، أن المسؤولية المباشرة لحادث الغرق تقع على صاحب العبّارة، المسكون بدافع تحقيق الربح العالي، والذي سمح بتحميلها بأكثر من طاقتها التصميمية.  وتتحمل الجهات الخاصة المسؤولة عن الإشراف على جزيرة أم الربيعين وإدارتها قسطاً كبيراً من المسؤولية عن الحادث.  مثلما تتحمل الجهات الحكومية، الاتحادية والمحلية، المسؤولية بإهمالها للموصل، وفساد إدارة شؤونها، والتلاعب بتخصيصات إعادة الإعمار على قلتها، وضعف أجهزة الطوارئ لديها في التعامل مع الحادثة كافتقار الشرطة المحلية إلى الآليات والمعدات لإنقاذ الضحايا.

 

لقد كان واضحاً من مشاهدة فيديو غرق العبّارة مدى غياب إدارة الخطر (تشخيص مصادر الخطر، وتقييم ـاثيرها، وأتخاد الإجراءات للسيطرة عليها، والتفكير بشراء حماية التأمين).  وهو، كما يؤكد أحد الكتاب، مجرد مثال على ما هو عام إذ أن

 

الاهمال وافتقاد معايير السلامة والأمان يطال الطرقات العامة والجسور والسدود والمحرمات البيئية والأنهار ومؤسسات الخدمة العامة ووسائل النقل والترفيه واجهزة الانضغاط الخاصة بالتدفئة والتبريد ووسائل الأمان من الحرائق ومؤسسات الفحص الغذائي والدوائي ومشاريع مياه الإسالة والسقي وشبكات الكهرباء ومعايير السلامة المدنية في مشاريع الإنشاء ومنظومات المجاري واجهزة الاتصالات وأعمال الزراعة والتسميد العشوائي وآليات السيطرة على الأسلحة خارج إطار الدولة والاستخدام العشوائي لوسائل التكنلوجيا الحديثة وغياب الرقابة الاستيرادية على كافة متطلبات السوق وأعمال البيطرة والماكياج والتجميل والمتنزهات والفنادق وصولا الى المزابل العشوائية المتراكمة بين بيوت السكن.[15]

 

لم يكتف الكاتب بعرض هذا الواقع المزري لمجرد الانتقاد بل من أجل تجاوزه ولهذا فقد دعا في نهاية مقاله إلى

 

ضرورة اعادة الحياة الى المركز الوطني للسلامة المهنية واجهزة التقييس والسيطرة النوعية واجهزة الرقابة البيئية والاقتصادية ومراكز الدفاع المدني وتنشيطها ودعمها او دمجها جميعا في مركز او مجلس اعلى يسمى المجلس الأعلى للسلامة الوطنية يكون معنيا بالتفتيش والرقابة الاستباقية على كل ماله علاقة بسلامة الوطنين وفِي كافة مؤسسات الدولة دون استثناء مع منحه سلطة قاض بتشريعات قضائية تخص سلامة الأفراد وقوة ردع أمنية مناسبة.

 

حتى وقت كتابة هذه الورقة لم يصدر موقف من جمعية التأمين العراقية تجاه الحادث، وبيان دور التأمين في الحماية من آثار الحوادث، والمساهمة في تطوير إدارة خطر المجمعات السياحية.  فالمعروف أن شركة التأمين قبل أن تكتتب بخطر ما (كطلب التأمين على مجمع سياحي أو عباّرة … إلخ) فإنها تقوم بدراسة المعلومات التي يقدمها طالب التأمين، وربما تلجأ إلى الكشف الميداني على محل التأمين وعلى ضوء هذه الدراسة/الكشف تقدم عرضاً بأسعار التأمين وشروط/اشتراطات القبول بطلب التأمين.  والمعروف أيضاً، أن شركة التأمين التي تضم مكتتبين أكفاء قد تُلزم طالب التأمين الامتثال لجملة من الاشتراطات كأن يتمتع مشغّلو محل التأمين بالمؤهلات الخاصة بالمهنة، أو التقييد بقواعد السلامة الخاصة في تشغيل محل التأمين وتوفير المعدات المناسبة وغيرها.  وهي بذلك تساهم في تحسين محل التأمين وخاصة عند ربط القبول بالتأمين بقيام طالب التأمين/المؤمن له بتنفيذ توصيات تحسين الخطر خلال فترة التأمين التي تشترطها شركة التأمين.

 

 

تطوير التأمين من المسؤولية

 

لقد كان موضوع التأمين من المسؤولية يشغل حيزاً صغيراً في كتاباتي ومنها دراسة بعنوان “التأمين في المنهاج الحكومي: قراءة أولية”[16]  تناولت فيها البرنامج الحكومي الصادر سنة 2014، الذي تضمَّن الجانب التأميني منه على ثلاثة بنود، واحدة منها انصب على مشروع التأمين الإلزامي للمسؤولية عن المنتجات والمسؤولية المهنية:

 

  • اعتماد نظام التأمين الصحي للمواطنين كافة وتطبيق نظام طبيب الاسرة.
  • جعل التأمين على المُنْتَجْ والمسؤولية المهنية فيما يتعلق بالسلع والخدمات المنتجة اجبارياً وذلك لحماية حقوق المستهلك.
  • توفير مظلة فاعلة من التأمين الزراعي تحمي المزارعين من الخسائر الناجمة عن الكوارث الطبيعية.

 

وقد مرَّ أزيد من أربع سنوات على هذا البرنامج ولم يجد أياً من بنود التأمين طريقه إلى التنفيذ.

 

ثم كتبت دراسة أخرى بعنوان “التمهيد لغطاء إعادة تأمين المسؤولية المدنية” خصيصاً لجمعية التأمين العراقية (3 نيسان 2016)، وهي الأخرى لم تلقَ ما تستحقه من اهتمام دونكم ترجمة ما فيه من أفكار من قبل شركة إعادة التأمين العراقية أو أي من شركات التأمين العراقية العامة والخاصة.[17]

 

ربما لم يتطور التأمين من المسؤولية المدنية في العراق خارج المسؤولية التي يغطيها التأمين الإلزامي من حوادث السيارات بسبب فقر الثقافة الحقوقية لدى الناس ومنها حقوق الإنسان.  هذا موضوع بحاجة إلى استقصاء سوسيولوجي.  ويمكن وضع الموضوع في إطار أوسع يجمع ضعف انتشار التأمين في العراق بشكل عام مع فقر ثقافة التدبر للمستقبل.  وقد كتبت في مكان آخر[18] أن الربط بينهما يستدعي تطور الفردانية individuation بحيث يكون الإنسان مسؤولاً عن نفسه وأفعاله ومستقلاً في التفكير خارج الانماط القيمية التقليدية المتوارثة.  لكن مجتمعنا لا يزال محكوماً بقيم مصنوعة في السماء وأخرى متجذرة في البنية العشائرية.  وبهذا تكون جاذبية التأمين ضعيفة ما لم تتدخل الدولة لفرض شراء التأمين على الأفراد والشركات والمؤسسات الحكومية.  هذا ما يشهد عليه تطور فروع معينة للتأمين في العراق ودول أخرى كالتأمين على المسؤولية المدنية الناشئة عن السيارات، أو ضمان الموظفين، أو التأمين الهندسي على العقود الإنشائية والتي تشمل التأمين من المسؤولية عن الأضرار التي تلحق بالأطراف الثالثة.

 

لقد آن الأوان لبدء نقاش موسع تمهيداً لتشريع إلزامية التأمين من المسؤولية على كل شركة أو هيئة عامة أو خاصة تؤثر نشاطاتها على الناس.

 

27 آذار 2019

[1] لقد وضعت “الفاجعة” بين قويسين صغيرين لأنها لم تكن حتمية؛ لقد كانت من صنع البشر الفاسدين والغارقين في الجهل وغير المؤهلين في إدارة نشاط يحمل معه احتمال التأثير على حياة مستخدميه (المستهلكين).  لقد كانت هذه “الفاجعة” صورة مصغرة لما يعيشه العراق، هي “وقائع موت معلن” كما كتبت لإحدى الزميلات في المجال التأميني، وهي من نمط الحوادث الموقوتة التي تتهيأ للوقوع في أي وقت بسبب غياب الاهتمام بالإنسان ومتطلبات السلامة.

 

[2] مصباح كمال، “العيد الحزين وغياب إدارة الخطر والتأمين: تعليق على حادث غرق عبّرة في جزيرة أم الربيعين السياحية،” Misbah Kamal-Ferry Disaster

مصباح كمال:* العيد الحزين وغياب إدارة الخطر والتأمين تعليق على حادث غرق عبّارة في جزيرة أم الربيعين السياحية

 

[3] مصباح كمال، “تأمين مصافي النفط العراقية: دعوة للمناقشة،” نشرت في عدة مواقع ومنها مجلة التأمين العراقي: https://misbahkamal.blogspot.com/2019/03/insuring-iraqi-refineries.html

 

[4] جاك هيرشلايفر، “الكوارث والانتعاش الاقتصادي،” فصل مترجم في كتاب قيد الطبع بعنوان مقالات ومراجعات حول الخطر والتأمين، ترجمة وإعداد مصباح كمال.

 

[5] نظام العمل الشعبي في العهد الديكتاتوري لا يصنّف ضمن أشكال العمل الجماعي الطوعي فقد كان مفروضاً من فوق وليس نابعاً من قاع المجتمع المدني، كما حصل بعد 2003 إذ التأمت جهود شبابية طوعية في بعض النشاطات ذات النفع العام.

 

[6] شهدت اقتصادات العديد من البلدان الرأسمالية أثناء الأزمة المالية العالمية، 2007-2008، تدخل الدولة لإنقاذ مؤسسات مالية كبيرة خاصة كانت على شفا الانهيار التام ومن بينها شركات تأمين في الولايات المتحدة الأمريكية.

 

[7] وهذا يعني أن هناك تشابهاً بين الشركات الخاصة والشركات العامة عندما يكون التأمين غائباً لتمويل الخسائر التي قد تتعرض لها.

 

[8] مصباح كمال، “هل هناك تكلفة للاقتصاد عندما يكون التأمين غائباً؟  ملاحظات أولية،” فصل من كتاب قيد الإعداد بعنوان مقالات غير مألوفة حول التأمين.

 

[9] تضم بعض وثائق التأمين شرط الحلول الذي يرد بصيغ مختلفة ومنها ما ينص على حق المؤمِن (شركة التأمين) في مباشرة الدعوى باسم المؤمن له (الدائن حسب أحكام القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951) ضد الطرف المتسبب في الخسارة والتي يكون المؤمن مسؤولاً عن التعويض عنها.

 

يجد القارئ المهتم الكثير من التحليل والمقارنة في تطبيق هذا الشرط في وثائق التأمين الإلزامي ووثائق التأمين الاختياري في كتاب بهاء بهيج شكري، التأمين من المسؤولية في النظرية والتطبيق (عمّان: دار الثقافة، 2010)، ص 540 وما يليها.

 

[10] للتعريف برأسمالية المحاسيب راجع الموسوعة الحرة:

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B1%D8%A3%D8%B3%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A8

 

[11] أوردت بعض الصحف العراقية معلومات تحدثت عن انتماء مدير الجزيرة السياحية التي غرقت فيها العبّارة لجماعة مسلحة متنفذة تعمل في نينوى.

 

[12] إن ما يدل على الحضور القوي للمليشيات، ومنها فرق الحشد الشعبي في الموصل، دعوة رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة في أمره الديواني لجميع القوى السياسية والمراكز الإعلامية: “اللجوء الى منطق القانون والتهدئة وعدم الانجرار الى أجواء التصعيد وتبادل الاتهامات بما يضر بمصالح أهالي نينوى والعراق.”

 

ترجع خلفية هذا البند في الأمر الديواني إلى الاحتقان الطائفي في الموصل، ودور الميليشيات التي من المفترض أن تكون تحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة وهي ليست كذلك وإلا لما كان للاحتقان الطائفي من وجود، ولا التجاوز على الأملاك، ولا غض النظر عن القواعد التنظيمية في إدارة وتشغيل المنشأة السياحية.  لقد كان على المرجع الديني علي السيستاني أن يكمل دعوته للجهاد الكفائي الذي أصدره في 13 حزيران 2014 بالطلب ممن شارك فيه بالعودة إلى عمله وبيته وأهله بعد تقديمه للشكر لهم.

 

[13] Richard A. Posner, Theories of Economic Regulation, Working Paper No. 41, Center for Economic Analysis of Human Behavior and Social Institutions National Bureau of Economic Research. Inc, New York, 1974.  https://www.nber.org/papers/w0041.pdf

كانت الأطروحة التي تقدم بها البروفيسور بوسنر هي أن التنظيم الحكومي لا يتعلق بالمصلحة العامة على الإطلاق، بل هو عملية تسعى من خلالها مجموعات المصالح إلى تعزيز مصلحتها الخاصة وبمرور الوقت، تصبح الوكالات التنظيمية خاضعة لسيطرة الصناعات الخاضعة للتنظيم.

 

[14] Peter Zweifel and Roland Eisen, Insurance Economics (Heidelberg: Springer, 2012), p 323-324.

[15] مقتطف من مقال للمهندس إبراهيم البهرزي، منشور في موقعه في الفيسبوك بتاريخ 22 آذار 2019.

 

[16] مصباح كمال، التأمين في التفكير الحكومي وغير الحكومي، 2003-2015 (مكتبة التأمين العراقي، 2015)، فصل “التأمين في المنهاج الحكومي: قراءة أولية،” ص 136-152.  الكتاب متوفر في المكتبة الاقتصادية لشبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2015/09/29/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d9%83%d8%aa%d8%a7%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a3%d9%85%d9%8a%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%81%d9%83%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%ad/

 

[17] موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2016/04/Preface-to-Introducing-Public-Liability-Reinsurance-in-Iraq.pdf

 

[18] فاروق يونس، “حوار مع مصباح كمال حول بعض قضايا التأمين في العراق.”  شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2015/10/28/%d9%81%d8%a7%d8%b1%d9%88%d9%82-%d9%8a%d9%88%d9%86%d8%b3-%d8%ad%d9%88%d8%a7%d8%b1-%d9%85%d8%b9-%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d8%ad%d9%88%d9%84-%d8%a8%d8%b9%d8%b6-%d9%82/

The Mosul Ferry Disaster & the Need for Insurance

العيد الحزين وغياب إدارة الخطر والتأمين

تعليق على حادث غرق عبّارة في جزيرة أم الربيعين السياحية

 

 

نشرت هذه المقالة أصلاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

Misbah Kamal-Ferry Disaster

 

 

شهد العراق هذا اليوم الحادي والعشرين من آذار 2019، الذي يتوافق مع عيد نوروز وعيد الأم، فاجعة انقلاب وغرق عبّارة سياحية في الجزيرة السياحية بمنطقة غابات الموصل وعلى متنها عشرات المواطنين، أودت بحياة 71 شخصاً بين نسوة وأطفال ورجال، حسب تقديرات وزارة الداخلية.  وجاء في الأنباء أن العبّارة كانت تقلُّ نحو مئتي شخص إلى جزيرة أم الربيعين السياحية، وقد غرقت وسط النهر جراء الحمولة الزائدة للعبّارة التي تبلغ طاقتها الاستيعابية خمسين شخصاً فقط مما يؤشر على وجود خلل في إدارة وتشغيل العبّارة.

 

سمعنا وقرأنا الكثير من التعليقات الرسمية الحكومية والأمنية ومن صحفيين عن هذه الفاجعة الفريدة في تاريخ النقل النهري في العراق.  حتى الآن لم يطفو على السطح رأي أو موقف تأميني من شركة تأمين أو من جمعية التأمين العراقية.  ربما سيظهر شيئاً من ذلك إذا تبين في وقت لاحق أن بعض ضحايا هذا الحادث، الذي كان بالإمكان تجنبه، يخضعون لوثيقة تأمين من الحوادث الشخصية، الفردية أو الجماعية، وبالتالي يستحقون تعويضاً من الشركة التي قامت بالتأمين.

 

إذا كان ما حدث نتيجة للقضاء والقدر، كما يقول البعض، فهو قول غير مقبول لأنه يلغي العقلانية والعلم في دراسة وفهم الحادث المُريع.  ذلك أن أبسط قواعد إدارة الخطر تقضي، في هذه الحالة، عدم تحميل العبّارة بأكثر من قدرتها الاستيعابية، هذا إن لم تكن هناك ضوابط وتعليمات خاصة بسلامة تشغيل وسائل النقل كالعبّارات.[1]  أزعم أن هناك إهمال من قبل مسؤولي العبّارة، مدراء ومشغّلين، يكمن وراء الحادث، وأزعم أن هناك استخفاف بعملية النقل باعتبار أن المسافة التي تفصل بين شاطئي الجزيرة وحافة نهر دجلة لا تتعدى ثلاثمئة متر فقط، دون الأخذ بنظر الاعتبار ارتفاع منسوب مياه النهر جراء تساقط كميات كبيرة من الأمطار في الآونة الأخيرة وإطلاق المياه من سد الموصل مما أدى إلى ارتفاع منسوب مياه دجلة.

 

بعد إتمام التحقيقات ونشر الاستنتاجات، وهو ما نرجوه، أرى التفكير بالجانب التأميني للتخفيف بعض الشيء من آثار حوادث النقل النهري على الأشخاص من خلال تعويض الضحايا.  ومن المفيد هنا الاقتباس من كتاب المحامي بهاء بهيج شكري حول تغطية مسؤولية ناقل الأشخاص:

 

لا تختلف أحكام وشروط التأمين من مسؤولية ناقل الركاب عن تأمين ناقل البضائع فيما عدا ما يأتي:

 

أولاً: إن التزام المؤمِن يتحدد بتعويض المؤمن له عن المبالغ التي يكون مسؤولاً عن دفعها:

 

  • عن وفاة الراكب أو إصابته الجسدية الناجمة عن خطأ الناقل أو تابعيه أثناء عملية النقل البحري أو النهري.
  • عن كلفة أمتعة الراكب وحقائبه المسجلة خلال فترة عملية النقل.[2]

 

يمكن تجاوز تأسيس مسؤولية الناقل القائمة على الخطأ (القابل لإثبات العكس) وتبنّي المسؤولية دون توافر الخطأ (strict liability)، أي صياغة المسؤولية على أساس تحمّل التبعة، والاكتفاء بمجرد إثبات قيام الضرر بسبب استعمال واسطة النقل.  وهذا هو الأساس النظري لقانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات رقم 52 لسنة 1980 وتعديلاته الذي ما يزال نافذاً.  ويمكن الاستفادة منه ومن قوانين عراقية أخرى ذات علاقة بالنقل النهري والبري لصياغة مسودة مشروع قانون جديد بإلزامية التأمين من المسؤولية للناقل.

 

إن ما أرمي إليه من هذه الورقة الصغيرة هو التفكير بالدعوة لمتابعة موضوع جعل التأمين من المسؤولية المدنية إلزامياً على مالكي ومشغلي وسائط النقل المائي في الأنهار والبحيرات والقنوات.[3]  هذه الدعوة موجّهة لشركات التأمين وجمعية التأمين العراقية والأطراف التي يهمها سلامة المواطنين.

 

وبهذا الشأن، يمكن الاستفادة من التجارب العالمية في التأمين الإلزامي على مسؤولية الناقل تجاه الأشخاص، رغم أن البعض منها يتعلق بالنقل البحري.[4]

 

آمل أن تلقى هذه الدعوة اهتمام الأطراف المعنية بحماية المواطنين.

 

21 آذار 2019

 

[1] أرجو لمن له معرفة بهذا الشأن تنويرنا بما هو متوفر في القانون أو في تعليمات خاصة بالسلامة.

[2] لمتابعة بقية العرض راجع: بهاء بهيج شكري، التأمين من المسؤولية في النظرية والتطبيق (عمان: دار الثقافة، 2010)، ص 272-273.

 

[3] يمكن التوسع في تعميم إلزامية التأمين على أشكال أخرى من المسؤولية متأمين مسؤولية رب العمل (العام والخاص) وكل نشاط يحتمل أن يؤثر على أطراف ثالثة.  وبالطبع فإن الموضوع يحتاج إلى دراسة ومناقشات من عدة أطراف.

[4] أنظر على سبيل المثل موقع الوكالة الأوروبية للسلامة البحرية:

http://www.emsa.europa.eu/main/enforcement-eu-legislation/topics-a-instruments/item/599-liability-related-to-carriage-of-passengers.html

 

Stamp Duty on Insurance in Iraq

مقاربة أولية لدراسة رسم الطابع على التأمين في العراق

 

 

نشرت هذه الروقة أصلاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2019/03/%E2%80%99Misbah-Kamal-Stamp-Duty-on-Insurance.pdf

 

 

لم يخضع موضوع رسم الطابع والضريبة على النشاط التأميني في العراق إلى دراسات مستقلة، حسب علمي.  سأحاول في هذه الورقة القصيرة عرض بعض ملامح موضوع رسم الطابع على التأمين اعتماداً على الأحكام القانونية الخاصة به، وعلى إشارات مختلفة له متناثرة في كتاباتي المنشورة[1] إذ أن البيانات الكمية ليست متوفرة.  لا تتناول هذه الدراسة الأولية الضريبة المفروضة على إيرادات شركات التأمين العامة والخاصة وآثارها على النشاط التأميني.

 

 

  • موقع رسم الطابع/الضريبة على التأمين في السياسة المالية

 

يمكن اختصار “السياسة المالية” بما تفرضه الحكومة من ضرائب ووجوه الإنفاق الذي تقوم به.  ويعني هذا، عادة، دراسة تأثير مستوى الضرائب والإنفاق على الاقتصاد الكلي (مستوى الإنتاج، والدخل، والعمالة).

 

وتعتبر الضرائب بأشكالها المختلفة واحدة من أدوات السياسة المالية، ومن بينها ضريبة الدخل، وضرائب الشركات، والضرائب غير المباشرة، والرسوم الجمركية والمكوس التي تفرضها الحكومة على السلع والخدمات المحلية والمستوردة، ورسم الطابع على المستندات ووثائق التأمين.  ويندرج موضوع الضرائب ضمن المالية العامة أو اقتصاد القطاع العام.[2]

 

  • رسم الطابع/الضريبة على التأمين في بعض الدول

 

كجزء من سياستها المالية تفرض الحكومات ضريبة مباشرة على أقساط العديد من وثائق التأمين والتي يدفعها المؤمن لهم أو شركة التأمين بقوة القانون.  وقد تُستثنى وثائق التأمين على الحياة من هذه الضريبة لتشجيع الناس على اقتنائها لتحويل العبء المالي لبعض المسؤوليات الاجتماعية للدولة إلى المواطنين، وفي ذات الوقت تشجيع الادخار ومراكمة أقساط التأمين والاستفادة منها لأغراض استثمارية.

 

ففي دولة الإمارات العرية المتحدة بدأ تطبيق جباية ضريبة القيمة المضافة على أقساط التأمين بنسبة 5% باستثناء أقساط التأمين على الحياة.  ويمكن للمؤمن لهم، وخاصة الشركات، استرداد هذه الضريبة عند التحاسب على مسؤوليتهم الضريبية.  وحسب تقديرات أحد وكالات تصنيف شركات التأمين فإن إيراد هذه الضريبة سنة 2018 تراوح بين 700 مليون درهم (190,5 مليون دولار) و 800 مليون درهم.[3]

 

وفي إيطاليا تتراوح ضريبة أقساط التأمين بين 2,5% و 21,5% وبالنسبة للأخطار المؤمن عليها في الفاتيكان فإنها معفية من الضريبة.  كما أن بعض أقساط التأمين تخضع إلى رسوم شبه مالية parafiscal ومنها جباية 1% لأغراض ما يُعرف بصندوق التضامن Solidarity Fund لضحايا الابتزاز، من أقساط وثائق التأمين من الحريق، والسرقة، والمسؤولية العامة، والأضرار المادية والمسؤولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات.[4]

 

في المملكة المتحدة هناك ضريبة على أقساط التأمينات العامة بمعدل 12% وضريبة بمعدل 20% تطبق على وثائق محددة كتأمين السفر، وبعض أشكال التأمين المرتبط ببيع الأجهزة الميكانيكية/الكهربائية، وأشكال من التأمين المرتبط ببيع بعض السيارات.  تخضع هذه الضريبة لبعض الاستثناءات ومنها:

 

وثائق التأمين طويلة الأجل

إعادة التأمين

تأمين بعض البواخر التجارية والطائرات

تأمين البضائع التجارية أثناء النقل الدولي

تأمين الأخطار الموجودة خارج المملكة المتحدة؛ إن أقساط هذه الأخطار قد تكون عرضة لضرائب مماثلة تفرضها الدول الأخرى.[5]

 

وحسبما جاء في إحدى مجلات التأمين فإن وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية في المملكة المتحدة خصصت لها ما مقداره 446.6 مليون جنيه إسترليني من إيرادات ضريبة أقساط التأمين بينما تلقت وزارة النقل 150.5 مليون جنيه إسترليني من هذه الإيرادات.  وجاءت هذه التخصيصات من أجل تطوير أنظمة حماية الممتلكات من الفيضان.  ويتساءل معارضو هذه الضريبة عن الشفافية في توزيع التخصيصات من منظور الحجم الكلي لإيرادات الضريبة؛ مثلما يتساءلون عن العدالة في تطبيق الضريبة بين المُكلَّفين بها.

 

  • رسم الطابع على التأمين في العراق

 

لا تستوفي الحكومة في العراق “ضريبة” على وثائق التأمين لكنها تستوفي “رسم الطابع” على وثائق التأمين الصادرة بما فيها التظهيرات/التعديلات على هذه الوثائق، بموجب قانون رسم الطابع رقم 71 لسنة 2012.  ومن المناسب هنا اقتباس المادة المتعلقة بالتأمين:

 

المادة ـ 5 ـ اولاـ يستوفى من شركات التأمين رسم سنوي بنسبة (0.001) واحد من الالف من مجموع اقساط التأمين المنتجة ولا تخضع لهذا الرسم اقساط اعادة التأمين.

 

ثانياـ يتحمل المؤمن الرسم المقرر في البند (اولا) من هذه المادة وكل اتفاق على خلاف ذلك يكون باطلاً.

 

ثالثاـ يسدد الرسم المقرر في البند (اولا) من هذه المادة بقسطين يستحق القسط الاول في اليوم الاول من شهر تموز من كل سنة ويستحق القسط الثاني في اليوم الاول من شهر كانون الثاني من السنة التي تليها.

 

رابعاـ اضافة الى الرسم المنصوص عليه في البند (اولا) من هذه المادة يستوفى من شركات التأمين رسم على اقساط التأمين المنتجة كما يأتي:

 

أـ وثائق التأمين على الحياة والحوادث الشخصية الملحقة بها وأي تأمين اخر يتعلق في هذا النوع من التأمين والتعديلات الحادثة على تلك الوثائق ويكون الرسم بنسبة (005 .0) خمسة من الالف من مجموع اقساط التأمين بموجب الحسابات الختامية.

 

ب ـ وثائق التأمين ضد اخطار النقل البحري والنهري والبري والجوي وهياكل السفن والطائرات والتعديلات الحادثة على تلك الوثائق ويكون الرسم بنسبة (02 .0) اثنين من المائة من مجموع اقساط التأمين بموجب الحسابات الختامية.

 

جـ ـ وثائق انواع التأمين الاخرى والتعديلات الحادثة على تلك الوثائق ويكون الرسم بنسبة (03 .0) ثلاثة من المائة من مجموع اقساط التأمين بموجب الحسابات الختامية.

 

خامساـ يكون تسديد الرسم المقرر في هذه المادة بالطريقة التي يعينها الوزير وله ان يقرر فوائد تأخيرية في حالة التأخير عن التسديد يحددها بتعليمات وفقاً للقانون.[6]

 

تنطبق أحكام هذا القانون على شركات التأمين العامة والخاصة على حد سواء.  هناك أحكام أخرى، خارج هذا القانون، تفرض أعباءً مالية أخرى على شركات التأمين العامة، لن تكون موضوعاً للتعليق هنا.  سيقتصر التعليق على بعض أحكام المادة الخامسة.

 

المادة ـ 5 ـ اولاـ يستوفى من شركات التأمين رسم سنوي بنسبة (0.001) واحد من الالف من مجموع اقساط التأمين المنتجة ولا تخضع لهذا الرسم اقساط اعادة التأمين.

 

يلاحظ هنا أن نسبة الاستيفاء السنوية (0.001) واحد بالألف تنصبُّ على “أقساط التأمين المُنتجة،” أي أقساط جميع أنواع التأمين.  لكن هذه الأقساط غير مُعرّفة: هل هي أقساط تأمين إجمالية زائداً أقساط إضافية أو ناقصاً أقساط مُرجَّعة لقاء التعديلات في وثائق التأمين خلال السنة الاكتتابية؟  لعل الجواب يكمن في أحكام المادة ـ 5 ـ رابعاًـ عند الإشارة إلى “التعديلات الحادثة” على وثائق التأمين.  يعني هذا أن الأقساط المُنتَجة هي الأقساط الإجمالية زائداً الأقساط الإضافية ناقصاً الأقساط المرجعة؛ أي هي صافي إيرادات شركة التأمين من أقساط التأمين الخاضعة لرسم الطابع.

 

ويلاحظ أيضاً أن أقساط إعادة التأمين لا تخضع لهذا الرسم.  أقساط إعادة التأمين هي الأخرى غير مُعرَّفة: أهي أقساط إعادة التأمين الصادرة (لشراء حماية إعادة التأمين داخل العراق من شركة إعادة التأمين العراقية أو من خارج العراق، وبالتالي تستقطع هذه الأقساط من “أقساط التأمين المنتجة”) أم هي إعادة التأمين الوارد (أعمال إعادة التأمين التي تكتتب بها شركة التأمين أو إعادة التأمين العراقية).

 

السؤال الذي ينهض هو مدى انطباق استثناء أقساط إعادة التأمين من الرسم على شركات إعادة التأمين المرخصة والعاملة في العراق ومنها شركة إعادة التأمين العراقية.  هي قطعاً ليست شركة تأمين ولكنها تتعامل بأقساط إعادة التأمين.  ربما كان من المناسب التفريق بين شركات التأمين (المباشر) وشركات إعادة التأمين.

 

تحدد المادة ـ 5 ـ رابعاً ـ أ – ب – ج – نسبة استيفاء الرسم في فروع التأمين المختلفة.  ويلاحظ أنه بالنسبة لوثائق التأمين على الحياة والحوادث الشخصية أن نسبة الرسم هي (005 .0) خمسة من الألف من مجموع أقساط التأمين في حين أن نسبة الرسم في وثائق التأمين ضد اخطار النقل البحري والنهري والبري والجوي وهياكل السفن والطائرات مثبتة كنسبة مئوية: (02 .0) اثنين من المائة من مجموع اقساط التأمين، ووثائق أنواع التأمين الاخرى بنسبة (03 .0) ثلاثة من المائة.  لماذا النسبة مرة إلى الألف مرة ومرتين إلى المائة؟

 

إن القانون صريح في استيفاء هذه الرسوم من شركات التأمين، ولكن قيل لنا أن بعض شركات التأمين الخاصة تستوفي رسم الطابع من المؤمن له.  وإذا كان هذا صحيحاً، وهو ما يستوجب التحقيق من قبل ديوان التأمين باعتباره الجهاز المسؤول عن الإشراف والرقابة على شركات التأمين وحماية حقوق المؤمن لهم، وهو يتبع وزارة المالية، فإنه عمل مخالف للقانون.

 

لقد درجت شركات التأمين العراقية على التفاوض على استحصال كلفة رسم الطابع، التي تسددها لخزينة الدولة، من شركات إعادة التأمين باعتبارها ضريبة على أعمال التأمين.  من الممارسات المتعارف عليها في مجال إعادة التأمين الدولي أن الأجزاء المحددة specific من التكاليف الإدارية acquisition costs يُنظر إليها من قبل معيدي التأمين على أنها تكاليف تتعلق بإنتاج أعمال التأمين.  وضمن هذا المفهوم فإن معيدي التأمين يتفقون مع شركة التأمين المباشر (الشركة المسندة) على ما يُعرف بعمولة الإسناد ceding commission، ومن المفترض أن هذه العمولة تعكس مشاركة معيدي التأمين في التكاليف المحددة المرتبطة بالإنتاج.[7]

 

  • كيف تخسر الدولة رسم الطابع على التأمين

 

تخسر الدولة فرصة استيفاء رسم الطابع على وثائق التأمين الصادرة وكذلك ضريبة الدخل المفروضة على شركات التأمين بسبب بعض أحكام قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 المعروف، جرياً وراء بول بريمر الثالث، ممثل الاحتلال الأمريكي للعراق، باسم الأمر رقم 10.  وقد بيّنا ذلك في دراسة منشورة حول بعض الآثار الاقتصادية لهذا القانون، ومنها نزيف أقساط التأمين إلى خارج العراق وبالتالي ضياع فرصة جباية رسم الطابع على هذه الأقساط، نقتبس منها الآتي:

 

لكن الملاحظ، وبشهادة شركات التأمين العراقية ومستشاريها القانونيين، أن شركات التأمين غير العراقية وغير المسجلة لدى وزارة التجارة وغير المجازة من قبل ديوان التأمين العراقي تقوم بالاكتتاب بالأعمال العراقية في أوطانها وبذلك تحرم شركات التأمين العراقية، المسجلة والمجازة من قبل الديوان وتدفع الضرائب والرسوم عن نشاطها إلى خزينة الدولة، تحرم من حقها القانوني في الاكتتاب بأعمال التأمين.  وقد نشأ هذا الوضع، الذي خسرت شركات التأمين العراقية بسببه ملايين الدولارات من الأقساط مثلما خسرت الخزينة إيرادات رسم الطابع على وثائق التأمين وكذلك إيرادات الضريبة على شركات الـتأمين، وكل ذلك لأن قانون تنظيم أعمال التأمين لا يضم مواد إضافية لضبط الاكتتاب وحصره بشركات التأمين العراقية المرخصة وضمان الالتزام بهاتين المادتين.  لا بل أن القانون يؤكد على حرية شراء منتجات التأمين وخدماته من أي شركة للتأمين أو إعادة التأمين.  فقد جاء في الفقرة الأولى من المادة 81 في قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 ما يلي:

 

لأي شخص طبيعي أو معنوي عام أو خاص الحق في الاختيار بشراء منتجات التأمين وخدماته من أي مؤمِن أو معيد تأمين ما لم ينص القانون خلاف ذلك.

 

ولم ينص هذا القانون أو غيره خلاف ذلك.  إزاء هذا الوضع يصبح ضرورياً القيام بالمراجعة الفنية والقانونية لقانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 فهو يشكل العنصر الأساس في السياسة التأمينية الوطنية.[8]

 

 

رغم الدعوات والدراسات العديدة لتغيير أحكام هذا القانون فإن حكومات ما بعد 2003 لم تهتم بها.[9]

 

وتخسر الدولة أيضاً رسم الطابع بسبب قانون الاستثمار الاتحادي وقانون الاستثمار في إقليم كوردستان.

 

حسب أحكام المادة 11 من قانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2002 يتمتع المستثمر بجملة من المزايا ومنها:

 

التأمين على المشروع الاستثماري لدى أي شركة تأمين وطنية او اجنبية يعتبرها ملائمة.[10]

 

ويرد ما يماثل هذه المادة في قانون الاستثمار في إقليم كوردستان-العراق بموجب المادة السابعة-أولاً:

 

للمستثمر ان يؤمن على مشروعه الاستثماري من قبل اية شركة تأمين أجنبية أو وطنية يعتبرها ملائمة، ويتم بموجبه تأمين كافة جوانب العمليات التي يقوم بها.[11]

 

المراد بالمستثمر في هذين القانونين هو المستثمر الأجنبي.  إن هذا المستثمر ليس مضطراً أو ملزماً للتأمين مع شركات تأمين عراقية بفضل الحرية الممنوحة له في التأمين مع شركة تأمين أجنبية أو وطنية، حسب اختياره، بموجب قانون الاستثمار الاتحادي وقانون الاستثمار في إقليم كوردستان العراق.  ليست هناك بيانات حول ممارسة المستثمر لخيار إجراء التأمين داخل أو خارج العراق، لكن الانطباع العام هو أنه يبرم عقود التأمين الخاصة بالمشروع الاستثماري مع شركات تأمين خارج العراق.  وهذا يعني حرمان شركات التأمين العراقية من إصدار وثائق التأمين وفوات فرصة جباية رسم الطابع عليها.

 

من المعروف ان الانفاق الاستثماري من شأنه أن يزيد الطلب على الحماية التأمينية للمشاريع تحت الإنشاء والمشاريع قيد التشغيل الإنتاجي، ومن المفترض أن يترافق هذا الانفاق بإصدار وثائق التأمين المناسبة تكون أقساط تأمينها موضوعاً لرسوم وضرائب تصب في صالح خزينة الدولة الاتحادية أو حكومة الإقليم.  لكن الملاحظ أن بعض العقود الإنشائية للدولة لا تنص دائماً على إجراء التأمين مع شركات تأمين مسجلة في العراق ومرخصة لمزاولة العمل من قبل ديوان التأمين العراقي، مما يعني أن الرأسمالي الأجنبي حرٌ في التأمين في أي مكان.  وبالتالي، تخسر شركات التأمين العراقية فرصة التأمين على هذه العقود وتخسر خزينة الدولة فرصة جباية التأمين.

 

إن قانون الاستثمار الاتحادي وقانون الاستثمار في الإقليم ينطوي على استهانة بقطاع التأمين العراقي، ويسرق منه فرصة النهوض للتعامل مع متطلبات البرنامج التأميني للمستثمر الأجنبي، ويفتقر إلى رؤية تقوم على ضمان تكامل قطاعات الاقتصاد العراقي مع بعضها.

 

إن حجم إيرادات الدولة من الرسوم التي تسددها شركات التأمين على مجموع أقساط التأمين المنتجة والرسوم على الأنواع المختلفة لوثائق التأمين ليس معروفاً إذ ليس هناك إحصائيات بهذا الشأن.  إن نشر البيانات عن هذه الإيرادات ستبين مدى مساهمة قطاع التأمين في رفد إيرادات الدولة، وبالتالي التعرف على صورة أخرى لشركات التأمين غير الصورة المشوهة عنها: مجرد قنوات لجباية الأقساط.  أتمنى أن يبادر أحد الباحثين/الباحثات استخلاص البيانات من الدائرة المعنية في وزارة المالية.

 

 

19 آذار 2019

[1] من بين ما كتبت مقالة بعنوان “مشروع قانون تعديل قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 وأثره على النشاط التأميني،” شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2015/11/02/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d9%85%d8%b4%d8%b1%d9%88%d8%b9-%d9%82%d8%a7%d9%86%d9%88%d9%86-%d8%aa%d8%b9%d8%af%d9%8a%d9%84-%d9%82%d8%a7%d9%86%d9%88%d9%86-%d8%b6%d8%b1/

 

[2] C. V. Brown & P. M. Jackson, Public Sector Economics (Oxford: Basil Blackwell, 2nd edn 1982), Chapter 1, Introduction to the Scope of Public Sector Economics.

[3] http://www.meinsurancereview.com/News/View-NewsLetter-Article/id/45921/Type/MiddleEast/UAE-Insurers-continue-bid-to-resolve-VAT-issue/1/sid/255657?utm_source=News&utm_medium=Email&utm_campaign=MEIR_eDaily

[4] للمزيد من التفاصيل راجع المعلومات الصادرة من لويدز:

https://www.lloyds.com/market-resources/market-communications/regulatory-communications/regulatory-communications/regulatory-news-articles/2017/03/italy-premium-taxes-overview

 

https://crystal.lloyds.com/SearchResults?mc=097&c=01298012770127901278012800128101282012830128401285012870128801289012900129101286012920129301294&t=1&d=1

[5] للتعرف على مزيد من التفاصيل راجع:https://www.gov.uk/guidance/insurance-premium-tax

 

بدأ تطبيق نظام جباية ضريبة على أقساط التأمين في المملكة المتحدة سنة 1994، وتقوم هيئة الإيرادات والجمارك الملكية بإدارة هذا النظام.  كانت إيرادات هذه الضريبة للسنة المالية 2009/2010 2,3 مليار جنيه استرليني:

https://en.wikipedia.org/wiki/Insurance_Premium_Tax_(United_Kingdom)

وبلغت الضريبة 4,88 مليار جنيه استرليني سنة 2016 و 6 مليار جنية استرليني سنة 2017:

https://www.insuranceage.co.uk/broker/3896906/government-to-launch-operational-review-of-ipt?utm_medium=email&utm_campaign=IA.Daily_RL.EU.A.U&utm_source=IA.DCM.Editors_Updates

 

[6] راجع نص القانون في موقع مجلس النواب:

http://arb.parliament.iq/archive/2012/06/23/%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%B1%D8%B3%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D8%A8%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D8%B9/

[7] للتعرف على بعض جوانب موضوع عمولة الإسناد راجع:

Robert Kiln, Reinsurance in Practice (London: Witherby & Co Ltd, 2nd Edn 1986.  1st Edn 1981), p 10-11.

[8] مصباح كمال، قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: تقييم ودراسات نقدية (بغداد: منشورات شركة التأمين الوطنية، 2014)، ص 22.

[9] مصباح كمال، المصدر السابق.

[10] قانون الاستثمار، موقع مجلس النواب:

http://arb.parliament.iq/archive/2007/01/17/%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AB%D9%85%D9%80%D9%80%D8%A7%D8%B1/

[11] نص قانون الاستثمار المصادق عليه في إقليم كوردستان، موقع حكومة إقليم كردستان:

http://cabinet.gov.krd/a/d.aspx?l=14&a=12159

Insuring Iraqi Oil Refineries

تأمين مصافي النفط العراقية: دعوة للمناقشة

 

 

مصباح كمال

 

 

مقدمة

 

كانت لي وقفات مع جوانب من تأمين صناعة النفط في العراق، وقد جمعتُ بعض ما كتبت في كتاب إلكتروني.[1]  تناولت في المدخل العام للكتاب القضايا التالية:

 

الانشغال الشخصي بموضوع تأمين صناعة النفط العراقية

التحرك نحو تأمين صناعة النفط العراقية

وزارة النفط وتأمين قطاع النفط

شحة المعلومات

غياب برنامج تأميني موحد شامل

غياب قسم متخصص للتأمين وإدارة الخطر

تصورات شركات إعادة التأمين حول تأمين الأخطار النفطية

وزارة النفط وتأمين عقود التراخيص النفطية

شركات التأمين العراقية ومحنة تأمين قطاع النفط

 

أحاول في هذه الورقة الاستفادة من مدخل هذا الكتاب ومقالات وتعليقات أخرى نشرتها في الماضي لكنها ما زالت تحتفظ بقيمتها، وكذلك المعلومات التي استقيتها من خلال التحدث مع زملاء وزميلات في قطاع التأمين، لعرض بعض إشكاليات تأمين مصافي النفط العراقية أثناء الإنشاء والتشغيل بأمل تغطية جوانب أخرى في المستقبل وعند توفر المعلومات (كإدارة الخطر وسبل تمويله risk financing، تقييم أو إعادة تقييم الممتلكات لأغراض التأمين، مثلاً).  بعض هذه الإشكاليات يتعلق بالمصافي ذاتها، وبعضها الآخر يتعلق بشركات التأمين العراقية التي تقوم بالتأمين عليها.  وبسبب شحة المعلومات المتوفرة فإن العرض هنا سيكون تصورياً conceptual إلى حد ما ولكني أراه مفيداً من ناحية المساهمة في تعميق شرح بعض المفاهيم.

 

هناك عشرات المصافي موزعة في أنحاء مختلفة من العراق بضمنها إقليم كوردستان.  المعلومات المتعلقة بتأمين هذه المصافي ليست في التداول العام وخاصة المصافي في الإقليم.  وليس معروفاً إن كانت جميعها مؤمنة أو أن التأمين يقتصر على عدد قليل منها، كما كان الحال قبل بضع سنوات عندما قامت وزارة النفط بالتأمين على مصافي الدورة والبصرة وبيجي، دون غيرها، ثم توقَّفَ التأمين عليها لأسباب تستحق البحث.  أتمنى ممن يتوفرون على المعلومات الأساسية المشاركة في مناقشة مضمون هذه المقالة لتحقيق معالجة أفضل لواقع تأمين المصافي من قبل إداراتها، وكذلك للواقع الاكتتابي من قبل شركة/شركات التأمين العراقية ذات العلاقة بهذا التأمين.  وتقوم أهمية التأمين على المصافي من واقع ارتباطاتها الأمامية والخلفية في صناعة تكرير النفط العراقي، وأن ما يلحق بها من أضرار وخسائر، خاصة الكبيرة منها، يمكن أن تؤثر على هذه الارتباطات.

 

دعوى أن الخبرة المحلية كافية ومدى كفاءة الوظيفة التأمينية

 

لقد كان قطاع النفط هو الأكثر تقدماً في العراق، وكان يضم مجموعة متميزة من المهندسين وغيرهم من أصحاب الاختصاص في شتى المجالات، يمتد تاريخهم إلى العهد الملكي.  عندما أممت الشركات النفطية الأجنبية (1972-1975) كان هناك خوف مُفتعل أن صناعة النفط العراقية ستتوقف عن العمل أو تتأثر سلبياً لكن الواقع أثبت غير ذلك بفضل الكفاءات العراقية المحلية، لا بل أن إنتاج النفطي ازداد وتوسعت المنشآت النفطية مثلما تطورت الكوادر العاملة.

 

لكن هذا القطاع كغيره تعرّض إلى خسارة العديد من كوادره على مدى زمني طويل.  مع ذلك استمر القطاع بالعمل في ظل الظروف الصعبة للحصار الدولي وأثناء الاحتلال الأمريكي.  لا أحد ينكر القدرات المتوفرة للتشغيل والصيانة والتصليح في هذا القطاع إلا أن التقنيات والمعدات الجديدة ربما تحتاج إلى مقاولين متخصصين من خارج العراق.

 

ما يهمني من هذا العرض السريع هو الولوج إلى إثارة التساؤل عن كفاية الطاقم المتوفر في القطاع النفطي ومنه مصافي النفط لإدارة الوظيفة التأمينية.  إن المعرفة البسيطة التي تكونت عندي خلال السنوات الماضية تشير إلى ضعف هذه الوظيفة، وعدم كفاية المعرفة المناسبة بالأخطار التي تتعرض لها المصافي وأدوات التعامل معها، وهو ما يعرف بإدارة الخطر والتأمين.

 

هناك هشاشة في فهم مؤسسة التأمين.  نقل لي أحد الزملاء قولاً سمعه من أحد مسؤولي وزارة النفط: (1) أن الوزارة تدفع الأقساط لشركة التأمين منذ سنوات ولا تستلم شيئاً مقابل ذلك؛ و (2) أن المنشآت التابعة لها لم تختبر خسائر وأضرار مادية أو بشرية تستحق الذكر.

 

ونقل زميل آخر رأياً يقول إن تأمين المنشآت النفطية يجب أن لا يخضع لخسارة مهدرة دون أن يقدم حجة لهذه الأطروحة سوى أن قسط التأمين مرتفع.

 

فيما يلي سأتناول هذا الخطاب البائس بالنقد؛ أصفه بالبائس لأنه يعبر عن حالة انفصام عن مفاهيم التأمين المتداولة عالمياً وخاصة في مجال التأمين على الأخطار النفطية.

 

هل أن شراء التأمين توظيف خاسر للأموال؟

 

مدخل

تقوم الشركات والمؤسسات الصناعية والتجارية العامة والخاصة وغيرها (وفيما يلي سأكتفي بالإشارة إليها بكلمة “الشركة أو الشركات” حسب السياق) بشراء التأمين للحماية من:[2]

 

  • الخسارة أو الضرر المادي
  • فقدان الدخل المترتب على الخسارة المادية أو الضرر المادي (خسارة الأرباح)
  • المسؤولية القانونية تجاه الطرف الثالث

 

وذلك لضمان استمرار تشغيل المنشآت وتحقيق الإيرادات المستهدفة.

 

ماذا يحصل عندما تتعرض الشركة لخسارة كبيرة؟

 

عندما تتعرض شركة إلى حادث يسبب خسارة مادية أو ضرر، وتتوقف الأعمال نتيجة لمثل هذه الخسارة أو الضرر وتتعرض أيضاً للمسؤولية القانونية قبل الغير، يتوجب على الشركة تصليح أو استبدال الأصول موضوع الخسارة أو الضرر، ودفع فاتورة الأجور وغيرها من المصاريف الثابتة وتعويض الغير (الطرف الثالث) المتضرر نتيجة للحادث.  دعونا من باب الاختصار أن نطلق على هذه الخسائر والأضرار والمسؤوليات “خسارة.”

 

لكي تكون الشركة قادرة على مواصلة عملياتها يجب أن تملك الموارد اللازمة لتغطية الخسارة.  وللقيام بذلك، يمكن للشركة أن تعتمد على:

 

  • الدخل التشغيلي (ولكن إذا كانت الخسارة كبيرة فإن هذا الدخل لن يكون كافيا).

 

  • الاقتراض من البنوك (لكن هذا القرض قد لا يكون متاحاً بسهولة باعتبار أن الشركة التي تكبدت خسائر كبيرة لن يكون عميلاً جذاباً أو أن شروط اقراضها مرهقة، وتزيد من الأعباء المالية للشركة).

 

  • صندوق مالي لمواجهة الطوارئ أو أي صندوق خاص (لكن العديد من الشركات لا تخصص مثل هذه الصناديق لتمويل الخسائر).

 

للحماية ضد الخسارة سيكون أسهل وأكثر توفيراً على الشركة تخصيص ميزانية سنوية لشراء حماية التأمين ضد الخسارة.  وهكذا، يتم نقل عبء تمويل الخسارة من الشركة إلى شركة التأمين التي ستتولى توفير الحماية المالية.

 

الشركات غير المؤمن عليها أو غير المؤمن عليها بالقدر الكافي

الشركة غير المؤمن عليها (أي الشركة التي لا تشتري التأمين) أو الشركة التي يكون تأمينها ناقصاً (أي الشركة غير المؤمن عليها بالقدر الكافي) مُعرضة إلى خطر شديد من مسببات الخسارة القابلة للتأمين التي قد تشل قدرتها على تشغيل وإدارة أعمالها بشكل اعتيادي أو حتى تُوقِفُّ الشركة عن العمل تماماً.

 

لسوء الحظ، فإن التأمين غالباً ما يشغل المرتبة الثانية أو الثالثة من الاهتمام لدى العديد من الشركات.  والمشكلة لا تكمن في مجرد إغفال شراء التأمين ولكن إهمال شراء التأمين الصحيح المناسب والكافي إذ ان نتيجة هذا الإغفال يمكن أن تكون كارثية.

 

لننظر إلى الشركات المملوكة للدولة فهذه عند تعرضها للخسارة يمكن أن تلجأ، كملاذ أخير، إلى الحكومة لإنقاذها رغم أن مئات الملايين من الدولارات التي قد تكون لازمة لجبر الخسارة قد تستقطع من تخصيصات أخرى في ميزانية الحكومة لتمويل الخسارة.  تسريب مثل هذه الموارد المالية سيؤثر على مجالات أخرى من مجالات الإنفاق الحكومي، على سبيل المثال تمويل مشاريع اجتماعية جديدة أو خدمات عامة.  إن تحويل الأموال هذه قد يؤدي إلى ضغوط سياسية على الحكومة خاصة إذا كانت هذه الأموال مخصصة لمشاريع تتمتع بالكثير من الدعم الشعبي.

 

مقابل ذلك فإن شركات القطاع الخاص لا تتمتع بترف الانقاذ الحكومي عند تعرضها للخسارة.  ومن دون تأمين ليس لها غير الاعتماد فقط على قوة ميزانياتها العمومية.  وإذا كانت النقدية والموجودات في الميزانية العمومية للشركة ليست كافية لدفع كلفة الخسارة أو الضرر فإن انهيارها يصبح حقيقة واقعة.

 

ما الذي تدفعه وثيقة التأمين؟

يقوم التأمين بتمويل إصلاح أو استبدال الممتلكات والمباني والمعدات التابعة للشركة.

 

ويقوم التأمين أيضاً بتعويض الشركة عن خسارة الربح الإجمالي في حالة حدوث ضرر مادي يؤدي إلى توقف الشركة عن القيام بأنشطتها لفترة معينة.

 

كما يقوم التأمين أيضاً بتعويض الشركة إذا كانت مسؤولة قانوناً عن إصابة أو وفاة للأفراد.

 

ويقوم التأمين بتعويض الشركة إذا كانت مسؤولة قانوناً عن الخسائر أو الأضرار التي تلحق بممتلكات الآخرين.

 

إن التأمين، ومن خلال وظيفته التعويضية، هو آلية لحماية الشركات من الخسارة المالية التي تترتب على الخسارة المادية أو الضرر المادي.

 

إلزامية التأمين

معظم الشركات مُلزمة قانوناً بشراء تأمينات معينة مثل مسؤولية رب العمل، والمسؤولية تجاه الطرف الثالث المترتبة على استخدام المركبات، والتأمين ضد الحريق لممتلكاتها.  وهذه الإلزامية تختلف من بلد إلى آخر ولكن الشرط القانوني هو عادة شراء الحد الأدنى من التأمين بدلاً من المستويات المصممة خصيصا لتلبية حاجة كل شركة إلى مستوى من الحماية يتناسب مع نطاق تعرضها للخطر.

 

في هذه الحالة، تعتقد إدارة الشركة أن لديها حماية تأمينية وتشعر بفضلها بالأمان ولكن عادة ما يكون التأمين ناقصاً under-insurance – أي التأمين بأقل من القيمة الحقيقية (الاستبدالية) لممتلكاتها أو أنها لم تكن قد اشترت ما يكفي من أغطية تأمينية لحمايتها من جميع المخاطر التي تتعرض لها.

 

ومن جهة أخرى فإن شركات أخرى مُلزمة تعاقدياً من قبل المُقرضين لشراء التأمين حيث يضع هؤلاء شروطاً صارمة لحماية الأعمال وحماية الاستثمار وفي نهاية المطاف حماية قروضهم واستثماراتهم.  إن متطلبات التأمين بموجب هذه العقود تكون عادة أوسع من غيرها من حيث نطاق ومبالغ التأمين التي يُشترط شراؤها والمخاطر التي يتوجب التأمين عليها.  ولكن في كثير من الأحيان تخضع اشتراطات التأمين هذه لقرارات غير المتخصصين، وبالتالي فهي ليست دقيقة دائماً.

 

تحليل المخاطر

الطريقة الفضلى لشراء غطاء التأمين هو تحليل حالات التعرض للأخطار التي تواجهها كل شركة.

 

إن شراء التأمين يختلف وفقاً للمخاطر المعينة التي تتعرض لها الشركة، كما أن مبلغ التأمين يعتمد على مقدار الخطر التي تكون الشركة على استعداد لتحملها لحسابها الخاص.  وكذلك فإن نوع ومبلغ التأمين يختلف أيضاً تبعاً لحجم أقساط التأمين التي تكون كل شركة على استعداد لإنفاقه على شراء الحماية التأمينية.

 

يمكن لتحسين ممارسات إدارة المخاطر المساعدة في الحد من تعرض الشركة للخطر، الأمر الذي سيؤدي في نهاية المطاف الى خفض قسط التأمين الذي تطلبه شركات التأمين.  كما أن تحسين الخطر يساعد أيضاً الصناعات ككل، كما هو الحال في مجالات مثل تكرير النفط.  إن زيارات المهندسين الكيمائيين المؤهلين لمصافي النفط والصناعات الأخرى، على سبيل المثال، والكشف الميداني عليها يعتبر إسهاماً مهماً في تجميع وتقاسم الممارسات الجيدة على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم.  لقد ساعدت هذه الكشوف الهندسية الميدانية في خفض عدد الانفجارات والحرائق الكبرى في المصافي في انحاء العالم.

 

كيفية شراء وثيقة التأمين

هناك ثلاث خطوات رئيسية للشراء الصحيح للتغطية التأمينية المناسبة.

 

1)       اختيار وتعيين خبير فني في التأمين

 

بنفس الطريقة التي يتم بها اختيار مكتب محاماة أو محاسبين ومدققين، ينبغي أن يؤخذ تعيين استشاري متمرس في مجال التأمين أو وسيط تأمين متخصص على محمل الجد.[3]  ذلك لأن وسيط التأمين المناسب يستطيع تقديم المشورة للشركة عن أنواع التأمين التي ينبغي شراؤها ونطاق التغطية.  كما أن وسيط التأمين يعمل أيضاً نيابة عن المؤمن له على ترتيب شراء الحماية التأمينية بأسعار تنافسية من شركات التأمين التي تتمتع بملاءة مالية عالية.  (هذا الوضع لا ينطبق في الوقت الحاضر على العراق، ولكن يمكن تحقيق بعض منه من خلال وسيط إعادة التأمين العالمي الذي تعتمده شركة التأمين في العراق).

 

تميل العديد من الشركات إلى شراء التأمين بأقل الأسعار لكن هذا الميل لا يمثل دائماً أفضل الصفقات إذ أن الضمانة المالية لشركات التأمين، لا سيما في ظل المناخ المالي السائد، أمر ينبغي أن يستوقف النظر قبل الإقدام على شراء التأمين.  ففي حال قيام مطالبة بالتعويض، ترغب الشركة عند شراء التأمين أن تكون على يقين بأن شركات التأمين التي اشترت منها الحماية ستكون قائمة وقت الخسارة كي تسدد أي مطالبات وتتمتع بسيولة نقدية وقدرة كاملة على تعويض المؤمن له.

 

2)       تحليل أعمال الشركة

 

ينبغي على الشركة، في استخدامها لمهارات وسطاء التأمين وإدارة المخاطر لديهم، تحليل المخاطر التي تواجهها وحجم التعرض لها.  وبالطبع فإن لكل شركة احتياجاتها الفردية الخاصة، وانه فقط من خلال تحليل حالات التعرض للخطر يمكن للشركة تحديد التغطية التأمينية التي تحتاجها.

 

3)       التعرّف على أنواع التغطية المتاحة في أسواق التأمين

 

من خلال تعيين وسيط التأمين، فإن كل شركة تكون قادرة على مناقشة مختلف أنواع التأمين المتاحة لتغطية المخاطر التي تواجهها لكون الوسيط مهنياً محترفاً يمتلك المعرفة الخاصة بتخصصات المكتتبين والمهارات اللازمة لترتيب الأغطية المناسبة.  ولوسيط التأمين كذلك المعلومات عن أحدث المنتجات التأمينية الجديدة، والتطورات المهمة في سوق التأمين بشكل عام.

 

خلاصة

بمساعدة مهنية من الخبير الاستشاري أو وسيط التأمين[4] المتخصص، يمكن للشركات صياغة أغطية وثائق التأمين بما يتناسب مع جميع المخاطر المحتملة التي تتعرض لها.  وبالنسبة للشركات الصناعية الكبيرة فإن مدير الخطر والتأمين فيها يتعاون على نحو وثيق مع وسيط التأمين في وضع البرنامج.

 

من الملاحظ أن صناعة التأمين والأنشطة المرتبطة بها في تطور مستمر لتلبية المتطلبات المتغيرة للشركات في جميع أنحاء العالم، وحيثما يكون هناك خطر قيام خسارة مادية فإن صناعة التأمين تقوم بالاستجابة وتقديم الحلول. ويشهد تأريخ التأمين كيف أنه استجاب للأخطار التي ارتبطت بالثورة الصناعية الأولى وكيف تستجيب للأخطار المرتبطة بالعولمة والاعتماد والترابط المتبادل interdependency بين الشركات الموزعة جغرافياً في مراكز مختلفة من العالم، وما تفرضه التطورات التكنولوجية الحديثة من تحديات.

 

ويمكن القول إن معظم الحلول موجودة ولصناعة التأمين القدرة على إيجاد حلول جديدة، ولذلك يمكن لجميع الشركات النظر في الفوائد التي يمكن الحصول عليها من خلال الاستفادة من صناعة التأمين.

 

كثيراً ما ينظر إلى التأمين باعتباره جزءاً من نفقات إضافية لا لزوم لها، وهنا مكمن الخطورة لأن عدم شراء التأمين الصحيح يمكن أن يؤدي إلى وقوع الشركات في مأزق عدم القدرة على تمويل خسارة كبيرة من إيرادات التشغيل، واضطرارها إلى الاستدانة، وهو ليس سهلاً عندما تكون معسرة، أو اللجوء إلى خزانة الدولة بالنسبة للشركات العامة وهو ما يشكل عبئاً غير منظور على الخزانة.

 

إن الدولارات المستقطعة من الميزانية العمومية للشركات لتمويل الخسائر المادية العرضية يكون على حساب استخدام أموالها لتطوير وتنمية الأعمال والإنتاج.  مثل هذا الوضع يمكن أن يقلل بالتالي من هامش الربح والأرباح المدفوعة للمساهمين، أو لخزينة الدولة بالنسبة للشركات العامة، الذين يحتجون على الطريقة التي تتم بها إدارة الأعمال مثلما تجد الشركات نفسها ككل في حالة اضطراب.

 

ويمكن تجنب كل ذلك من خلال شراء وثيقة التأمين الصحيحة مقابل مبلغ معلوم (قسط سنوي) يمكن رصده مسبقاً في الموازنة المالية للشركة.

 

دعوى أن المصافي لم تتعرض إلى حوادث

 

تتخذ هذه الدعوى شكلين عند التفاوض مع شركة التأمين على الأسعار والشروط.  أحدهما يقول بأن تاريخ المصافي العراقية لم يشهد حوادث حريق وانفجار كبيرة إلا في حالات نادرة.  ربما ينطوي هذا الادعاء على بعض الصحة، نسبياً وبالمقارنة مع عدد وحجم خسائر الحوادث في الغرب.  لكن هذا الادعاء بحاجة إلى إثبات، وفي غياب ذلك فإنه يعكس نوعاً من التستر على الحقائق أو جهلاً بالتاريخ الحقيقي للحوادث، أو كلاماً يلقى على عواهنه.  فيما يلي أقدم بعض ما استطعت الوصول إليه، وربما يكشف البحث الموسع المزيد من الحوادث.[5]

 

في تصريح منسوب لبرهم صالح، نائب رئيس الوزراء (كانون الثاني 2007) فإن العراق يخسر سنوياً 1,5 مليار دولار بسبب الهجمات والسرقة في بيجي.[6]

 

وفي خبر نقلته رويترز (7 كانون الثاني 2008) أن انفجاراً في أحد خزانات الوقود في مصفى بيجي تسبب في حريق كبير وتدمير وحدة غاز البترول المسال (LPG) ووفاة أربعة من العاملين وجرح وإصابات لأكثر من عشرين عاملاً بدرجات مختلفة من الحروق.  وحسب أحد المهندسين في الموقع حصل الانفجار والحريق نتيجة لخطأ تقني.[7]

 

بعض الحوادث كانت نتيجة لأعمال إرهابية وعمليات حربية، كما ورد في إحدى الصحف الإلكترونية (27 شباط 2011) إذ وقع انفجار في مصفى بيجي يُشتبه أنه كان نتيجة هجوم إرهابي[8]  وقد ورد الخبر أيضاً في صحيفة نيويورك تايمز.[9]

 

وتعرّض مصفى بيجي سنة 2014 إلى هجوم إرهابي كما نقلت وكالات الأنباء (19 حزيران 2014) أدى إلى إشعال حريق في عدد من الخزانات.[10]

 

كما تعرّض مصفى القيارة إلى أضرار واسعة بسبب احتلال داعش ومعركة تحريره، شملت عشرين خزاناً من أصل 23 خزان، ووحدات المعالجة، وبنايات الإدارة، والأنابيب.[11]

 

ليست لدي معلومات عن قيمة هذه الخسائر إذ أن وزارة النفط أو الجهات الأخرى المعنية لم تعلن عنها، ولكن لا استبعد أن تقدر بعشرات الملايين من الدولارات.

 

بالنسبة لخطر الأعمال الإرهابية والأضرار الناتجة عنها فإنه يخضع لوثيقة تأمين مستقلة إذ أن وثيقة التأمين من الحريق أو وثيقة تأمين جميع الأخطار للممتلكات تستثني هذا الخطر.[12]

 

الشكل الثاني للدعوى يقول إن السنة أو السنتين أو الثلاث الماضية في الفترة مباشرة قبل التفاوض مع شركة التأمين على شروط وأسعار التأمين لم تشهد وقوع حوادث.

 

مثل هذا القول ينقل صورة إيجابية عن المصفى لمكتتب التأمين، وهو ما يأخذه بنظر الاعتبار، كأحد العناصر، في عملية الاكتتاب.  لكن هذه العملية لا تقصر تقييم الخطر المعروض للتأمين على هذا العنصر إذ أن المُكتتب ينظر إلى سجل حوادث المصافي، وأخطار الطاقة عموماً، على المستوى العالمي، فهو يكتتب محفظة من أعمال الطاقة موزعة في أنحاء مختلفة من العالم.

 

تقوم هذه الدعوى على نظرة قاصرة تحصر الحوادث بالحوادث المتحققة أو غير المتحققة ولا تأخذ بعين الاعتبار تلك الحوادث التي كانت على وشك الوقوع near miss accidents.  ويُعرّف مثل هذا “الحادث” على أنه حدث غير مخطط لم يؤدي إلى وقوع إصابة بشرية أو ضرر مادي ولكن احتمال وقوع الإصابة والضرر كامن في مثل هذا الحدث الذي كان على وشك التحقق.  إن الشركات الرصينة تنظم سجلاً لمثل هذه الحوادث لاستنباط الدروس منها والقيام بالإجراءات المناسبة للحيلولة دون وقوعها، وذلك هو جزء من عملية إدارة الخطر.

 

ثم أن هناك خبرة عالمية متجمعة حول الأخطاء التي تسببت بأضرار بشرية ومادية كان بالإمكان تجنبها.  وهناك دراسات عديدة حول هذا الموضوع.[13]

 

لماذا تفرض شركات التأمين خسارة مهدرة على المؤمن لهم

 

يحتل هذا الموضوع أهمية في عملية الاكتتاب من قبل شركات التأمين ويُعرف بفقرة التحمُّل excess أو الاستقطاع deductible أو الفرنشيزة franchise، وفي العراق جرت العادة على تسمية الاستقطاع بالخسارة المهدرة.  وهو يُمثّل مساهمة صاحب المنشأة أو المشروع الإنشائي (المؤمن له) في كلفة تصليح أو إعادة بناء المنشأة أو المشروع بعد تعرضه لضرر أو خسارة مادية، وقد يكون مبلغاً مقطوعاً أو نسبة من قيمة التصليح أو إعادة البناء (أي من قيمة المطالبة بالتعويض).[14]

 

وقد يُثار السؤال: لماذا تفرض شركات التأمين على المؤمن له تحمُّلَ مبلغٍ أو نسبةٍ من قيمة الضرر أو الخسارة التي تلحق بممتلكاته؟  (وثائق التأمين على الحوادث الشخصية وعلى الحياة لا تتضمن فقرة تحمُّل.  وفي وثائق التأمين الخاصة بتأمين خسارة الأرباح Loss of Profit or Business Interruption insurance تتخذ فقرة التحمل شكل فترة استقطاع عدد من الأيام من حساب التعويض يتحمل المؤمن له من خلالها جزءاً من خسارة الأرباح التي لحقت به).

 

إن الجواب على ذلك، باختصار، يتضمن شقين.

 

تقليص التكاليف الإدارية

الأول، يقوم على اعتبارات عملية لها علاقة بكلفة إدارة المطالبات بالتعويض.  فلكي توفر شركة التأمين على نفسها تحمل كلفة إدارة المطالبات الصغيرة فإنها تفرض مبلغاً مقطوعاً يتحمله المؤمن له لحسابه الشخصي.  وبذلك يكون المؤمن له مؤمِناً على نفسه فيما يخص هذا المبلغ.  ويُؤخذ مثل هذا المبلغ بعين الاعتبار في العملية الاكتتابية إذ أن سعر/قسط التأمين يُحدد بناءً على حجم هذا المبلغ.

 

ويلاحظ أن رفع حجم المبلغ الذي يتحمله المؤمن من كل تعويض يترتب عليه تخفيضاً في قسط التأمين.  وهو ما تلجأ إليه الشركات الصناعية الكبيرة، وخاصة النفطية والبتروكيمياوية، للتوفير في كلفة شراء الحماية التأمينية، ولأنها تمتلك موارد مالية داخلية تستطيع استخدامها لتمويل ما تتعرض له من خسائر بحدود مبلغ التحمل.  (هذا الجانب من الموضوع ينطوي على ترتيبات أخرى كبناء صندوق مخصص للطوارئ، والتأمين الذاتي، أي عدم شراء التأمين من شركات التأمين، وتأسيس شركات تأمين مقبوضة.  هذا إضافة إلى صيغ مختلفة للخسارة المهدرة ذاتها).

 

عدم تناظر المعلومات

الشق الثاني، يقوم على تحليل اقتصادي لما يُعرف بخطر عدم تناظر المعلومات asymmetric information أي عدم إلمام أحد طرفي عقد التأمين، وهو شركة التأمين، بالمعلومات الكافية المتوفرة عند الطرف الآخر، وهو المؤمن له المرتقب.  وينشأ عن هذا الوضع ما يعرف بمشكلة الاختيار السيئ (الانتقاء ضد شركة التأمين adverse selection problem) والخطر، أو المؤثر، المعنوي moral hazard.

 

مشكلة الاختيار السيئ

بالنسبة لمشكلة الاختيار السيئ، ومن باب التبسيط، يلاحظ أن المشاريع (الممتلكات) المعرّضة لخطر الفيضان أو الحريق أو الزلزال، على سبيل المثل، أكثر من غيرها، يلجأ أصحابها إلى شراء الحماية التأمينية لها ضد خطر الفيضان.  وإذا افترضنا أن شركة التأمين تطبق معدل السعر المعتمد للممتلكات، دون أي قيود أو شروط أخرى، على تأمين هذه الممتلكات فإن احتمال تعرض الشركة للخسارة سيكون عالياً.

 

الخطر أو المؤثر المعنوي

أما الخطر (أو المؤثر) المعنوي فإنه ينشأ عندما تقبل شركة التأمين توفير الحماية التأمينية للممتلكات بافتراض أن صاحبها سوف يعمل جهده لتجنب كل ما من شأنه أن يتسبب بإحداث ضرر أو خسارة لهذه الممتلكات.  ولكن بفضل وجود الحماية التأمينية فإن صاحب الممتلكات، المؤمن له، قد يكون أقل حرصاً على حماية الممتلكات المؤمنة لأن عبء الخسارة، إن تحققت، سيقع على عاتق شركة التأمين التي ستقوم بتعويضه.

 

الحوافز

وهنا ينهض مفهوم اقتصادي آخر يعرف بالحوافز incentives يستخدم كوسيلة للتغلب على نتائج الخطر المعنوي والاختيار السيئ.  وتتخذ الوسيلة شكل فرض قسط تأمين أعلى من معدل الأسعار التي تعتمدها شركة التأمين، أو فرض شروط معينة لقاء القبول بالتأمين، أو إدخال استثناءات معينة لتضييق نطاق الغطاء التأميني، وكذلك فرض مبلغ (خسارة مهدرة) يتحمله المؤمن له من كل مطالبة بالتعويض، وهو بيت القصيد بالنسبة لموضوعنا.  وبفضل ذلك، إي التحمل، فإن المؤمن له يكون مشاركاً في تحمل جزء من الخسارة التي يتعرض لها، يكون مسؤولاً عن تمويلها من حسابه الخاص.  وهو لذلك لا يتهاون في بذل الهمة المعقولة لحماية الممتلكات المؤمن عليها، ويتصرف كما لو أن هذه الممتلكات غير مؤمن عليها.

 

تأمين مشاريع إنشاء المصافي: نظرة سريعة

 

من المفترض أن يقوم من تُناط به مهمة التأمين على المشروع، أي مشروع، تقدير الكلفة التقديرية للتأمين على المشروع.  ويعتبر التأمين عنصراً داخلاً في احتساب تكاليف المشروع سواء كان رب العمل مسؤولاً عن التأمين أو المقاول المنفذ.  في عقود التراخيص، وبموجب مادة التأمين النموذجية، فإن كلفة التأمين تعتبر جزءاً من “تكاليف النفط.”  وهي التكاليف القابلة للاسترداد والنفقات المتكبدة والمبالغ المدفوعة من قبل المقاول و/أو المشغل (ومنها شراء أغطية التأمين) بكل ما يتعلق بسير العمليات النفطية.  ومن رأيي أن كلفة التأمين ليست هي العائق أمام الاستثمار لأنها كلفة محتسبة أو قابلة للتقدير، وهو ما يقوم به المقاولون الدوليون.[15]

 

ما يهمنا هنا هو التفريق بين أنواع التأمين التي يتطلبها المشروع لتقييم كلفة التأمين بشكل أفضل.  في العادة، تحتاج المشاريع الهندسية إلى التأمين البحري (على المكائن والمعدات والمواد الأخرى ذات العلاقة بإنشاء المشروع)، والتأمين الهندسي (على أعمال الإنشاء والنصب والاختبار والفترة التجريبية للتشغيل وفترة الصيانة المتعاقد عليها)، والتأمين على الطرف الثالث (ويمكن أن يكون شخصاً طبيعياً أو معنوياً يتأثر من جراء تنفيذ أعمال المشروع).[16]

 

القاعدة العامة هي أنه كلما كان المشروع معقداً وحجمه كبيراً، أي أن قيمته عالية، كلما تطلب ذلك سعراً للتأمين مناسباً له وشروطاً معينة من حيث تغطية الأخطار واستثناء بعضها من التغطية.  وهناك جملة عوامل تؤخذ بنظر الاعتبار لتحديد سعر التأمين بعضها، على سبيل المثال، يكمن في طبيعة المشروع (فبناء مستشفى غير بناء جسر أو سد أو محطة كهربائية أو مصفى للنفط)، والبعض الآخر يتعلق بموقع المشروع (مدى تأثره بالفيضانات والزلازل)، والمقاول المنفذ (تجربته وسمعته واختصاصه)، وطبيعة التصميم (تقليدي مُجرّب، أم هو تصميم جديد أو يضم مكائن جديدة لم يسبق استخدامها).  ويلعب التنافس بين مكتتبي التأمين دوراً في التأثير على مستوى السعر ونطاق غطاء التأمين.

 

إن أسعار هذه التأمينات في السوق الدولية للتأمين تتم على أساس المعايير الفنية للاكتتاب بالأخطار الطبيعية والبشرية للمشروع وليس مجرد أن العراق منطقة غير آمنة.

 

هناك أنواع أخرى للتأمين قد يطلبها رب العمل من المقاول ومنها التأمين على معدات ومكائن الإنشاء، والتأمين على الأعمال الإرهابية/العنف السياسي التي قد يتعرض لها المشروع أثناء التنفيذ، والتأمين على العمال ضد إصابات العمل.  ويظل هناك خيار التأمين ضد خطر الاختطاف والفدية من عدمه وهو يخضع لإرادة المقاول المنفذ.

 

في البيئة العراقية التي ما تزال تعتبر منطقة في طريقها البطيء إلى استقرار عام من نوع ما فإن كلفة التأمين على أعمال الإرهاب/العنف السياسي والاختطاف والفدية (وهذه تتعلق بالتأمين على الأشخاص خلاف التأمين البحري والهندسي والطرف الثالث) تكون عالية مقارنة بما يماثلها في بلدان أخرى لا توصف بأنها غير آمنة للاستثمار.  فهناك تحميل إضافي على “السعر الفني” يعكس عدم انتظام البيئة الأمنية في العراق بشكل عام يطبق على مثل هذه التأمينات.

 

نطاق غطاء التأمين

 

تاريخياً، اقتصر تأمين المصافي، ومنها مصفى الدورة ومنذ خمسينيات القرن الماضي، على شراء وثيقة التأمين من الحريق والانفجار من شركة التأمين الوطنية وربما أضيف لها تأمين أخطار أخرى فيما بعد.

 

لا أذكر أن المصافي كانت مؤمنة من خطر عطب المكائن أو من خسارة الأرباح نتيجة لتوقف العمل بعد حادث حريق أو غيره.  ولم تُعرف وثيقة تأمين الممتلكات من جميع الأخطار All Risks Property Insurance (ARPI) في سوق التأمين العراقي إلا في وقت متأخر (بدايات الألفية الثالثة).[17]  وليس معروفاً إن قامت الشركة بعرض وثيقة جميع الأخطار على إدارات المصافي.  كما أنه ليس معروفاً إن قامت بعرض برنامج تأميني متكامل على هذه الإدارات يجمع بين أغطية تأمينية مختلفة.

 

إدارة التأمين لدى المصافي

 

أزعم بأن إدارات المصافي تفتقر إلى قسم متخصص بإدارة الخطر والتأمين، وهذا ينطبق على كل كيانات قطاع النفطي كما كتبتُ قبل عدة سنوات:

 

غياب قسم متخصص للتأمين وإدارة الخطر insurance and risk management department يعكس خللاً في تصور الأخطار الاحتمالية، الطبيعية والبشرية، التي قد تتعرض لها المنشآت النفطية.   قطاع النفط العراقي الوطني متخلف، من هذه الناحية، مع ما يماثله في البلدان المتقدمة وبعض البلدان العربية المنتجة للنفط.  والبون شاسع، تأمينياً، بين العراق وهذه البلدان.  وحسب علمنا، ليس هناك حالياً خطط لتأسيس مثل هذا القسم المتخصص، ولم يطرح الموضوع للنقاش داخل الوزارة أو خارجها، ولم تتقدم شركة/شركات التأمين العراقية المؤمنة على بعض منشآت الوزارة باقتراح لتأسيس مثل هذا القسم المتخصص.[18]

 

لم يتغير الوضع منذ ذلك الوقت فما زالت وظيفة التأمين موزعة بين محاسب، ومدقق، ومهندس، أو حقوقي أو غيرهم.  ليس بينهم من يحمل مؤهلاً مناسباً في مجال التأمين.  وهكذا فإن عملية شراء الحماية التأمينية والتفاوض عليها تتسم بالعفوية وفي أحسن الحالات بالقليل من المعرفة الفنية بمؤسسة التأمين، وما يجري في تأمين أخطار النفط في العالم.

 

أعرف من التجربة أن مدراء التأمين والخطر في أوروبا، مثلاً، ومعهم وسطاء التأمين الذين يعملون في خدمتهم، يصيبهم الأرق من جراء عدم اكتمال تجديد التغطية التأمينية بعد انتهاء أجلها، وخاصة في الفترة التي تسبق قرب انتهاء السنة حيث تشتد أعمال التجديد وتبدأ فترة أعياد رأس السنة.  في حالة العراق، فإن أي مصفى يمكن أن يظل بدون غطاء تأميني لسنة أو سنتين دون أن يرف جفن المسؤول عن التأمين أو من يقف على رأس الإدارة المالية أو إدارة المصفى!  لن تنتهي حالة الرقود هذا إلا بوقوع خسارة كارثية، وهو ما لا أرجوه.  وفي ظني أن القائمين على هذه الأمور يعتمدون على ما يحمله الحظ، لا يقيمون وزناً حقيقياً لاحتمالات المستقبل وقراءتها برويّة وبعقلانية لتجنب الآثار غير المرغوبة (حوادث الحريق والانفجار وغيرها) وضمان سلامة البشر والأصول والموارد، كما تقضي بذلك إدارة الخطر التي لا تقيم وزناً للحظ أو الإيمان والاتكال على الغيب في رد المصائب إذ

 

“لو كان كل شيء موضوعاً للحظ لأصبحت إدارة الخطر أمراً عقيماً.  إن التعكز على الحظ يخفي الحقيقة لأنه يفصل الحادثة عن مسبباتها.”[19]

 

وفي ظني أيضاً أن هناك عدم اكتراث بالكلفة الاقتصادية للحوادث والتي يمكن أن تتخذ أشكالاً عديدة من بينها: خسارة/تلف الأصول المادية من مباني، وسيارات، ومكائن ومعدات؛ التأثير المباشر للحوادث على الإنتاج وعلى تقديم الخدمات والمتاجرة، أي البيع والشراء؛ خسارة الأرباح المترتبة على توقف الإنتاج؛ احتمال تعرّض العاملين للبطالة بعد توقف الأعمال؛ تكاليف مكافحة الحرائق؛ الإصابات البشرية وما تعنية للأُسر وللنظام الصحي العام؛ وإذا كانت الحوادث بفعل عمدي أو عمل إرهابي فهناك كلفة اقتفاء مقترفي الحوادث وكلفة تقديمهم للمحاكم.

 

يمكن للتأمين أن يعوض أو يخفف من آثار الحوادث من خلال توفير الأرصدة المالية المستحقة بموجب وثائق التأمين لاستبدال ما هو تالف أو تصليح ما هو متضرر وتعويض من ألمّت بهم إصابة بدنية، وحتى التعويض عن بعض تكاليف مكافحة الحريق.

 

الاكتتاب بأخطار المصافي في العراق

 

في حين أن بعض شركات التأمين العربية قد طورت القدرات الاكتتابية في مجال التأمين على الصناعات النفطية والبتروكيمياوية فإن شركات التأمين العراقية تفتقر إلى هذه القدرات، وما كان لديها منها كان محصوراً بشركة التأمين الوطنية العامة لكنها اختفت بسبب التقاعد أو الهجرة.  أما شركات التأمين الخاصة فهي الأخرى فقيرة بهذا الشأن.

 

مصافي النفط الحكومية تتعامل مع شركة التأمين الوطنية حصراً، وهو امتداد لما كان قائماً في الماضي، ويجد سنده في المادة 7 من قانون تأسيس شركة التأمين الوطنية رقم 56 لسنة 1950، الذي يُلزم “دوائر الحكومة والمؤسسات الرسمية وشبه الرسمية أن تعهد حصراً إلى الشركة بمعاملات التأمين التي تجريها.”

 

يفترض هذا الوضع القانوني أن تنهض شركة التأمين الوطنية بالوظيفة الموكولة إليها بمستوى معرفي ومهني عالٍ، كما حاولت أن تعمل في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.  لكن الملاحظ أن الوظيفة الاكتتابية في الشركة لا تقوم على أسس علمية وقواعد وممارسات متعارف عليها في التأمين على أخطار الصناعة النفطية.  فقد نما إلى علمي أن الشركة قد أصدرت قبل سنوات وثيقة تأمين من الحريق لأحد المصافي دون تحديد خسارة مهدرة.  هل جرى ذلك في غفلة، أم أن المكتتب نسي إدراج الخسارة المهدرة في جدول وثيقة التأمين، أو أنه لا يفقه أصلاً قواعد الاكتتاب بالأخطار النفطية؟  ومعروف أن وثائق تأمين المنشآت النفطية تشترط خسارة مهدرة عالية، وبحدود دنيا كأن تكون نصف مليون دولار مثلاً.

 

لقد تولّد عندي بعض الانطباعات أوجزها كما يلي.

 

إن المكتتبين بأخطار الصناعة النفطية لم يتطوروا فنياً وعلمياً، وربما لم توفر لهم إدارة الشركة فرص التدريب والتعلم.  هناك حقاً نقص فاضح في عدد المكتتبين (هم مجرد موظفين) الخبراء في التأمين على أخطار الطاقة ومنها أخطار التأمين على المصافي.  هم، في اعتقادي، ورثة نظام لم يوليهم اهتماماً ليتحولوا من موظفين إلى مكتتبين.

 

وهم يفتقرون إلى معرفة جيدة باللغة الإنجليزية بحيث يصعب عليهم متابعة التطور في مجال التأمين على الأخطار النفطية في العالم.  ربما لم يجربوا تصميم نموذج model لخسارة كارثية لإحدى المنشآت؛ ربما لم توفر لهم الفرصة لتعلم هذا النمط من تحليل الأخطار وتقدير مشاهد الخسارة القصوى estimated maximum loss (EML).  إن كان هذا صحيحاً فهو يؤشر على وضع غير سليم خاصة وأن هناك قسم للأخطار الكبيرة في الشركة.

 

هناك ضعف في القدرات الفنية في مجال الكشف الميداني على المصافي قبل التأمين عليها أو عند تجديد وثائقها، وضعف في كتابة تقارير الكشف عنها، وتضمينها التوصيات المناسبة لما يسمي تحسين الخطر risk improvement recommendations.  يمكن تغطية هذا الضعف بالاستعانة بالخبرة الخارجية في هذا المجال.  (من جملة القواعد الاكتتابية المعتمدة في تأمين وإعادة تأمين الأخطار النفطية هو إبراز تقرير معاينة ميدانية survey report وبتوصيات لتحسين الخطر مجزأة إلى توصيات تقتضي اعتمادها وتنفيذها من إدارة المصفى فوراً، وتوصيات تقتضي التنفيذ خلال فترة زمنية محددة، وتوصيات للمدى الطويل تستوجب رصد ميزانية خاصة بها، وذلك قبل أن يقوم معيد التأمين بالتعاقد مع شركة التأمين).

 

ليس معروفاً إن قامت الشركة أو القسم المختص فيها بعرض التأمين على المصافي وفق وثيقة تأمين جميع أخطار الممتلكات، مكتفية بعرض وثيقة التأمين من الحريق والأخطار الإضافية الملحقة بها.  والمعتاد في معظم البلدان التي تضم صناعات نفطية التأمين عليها بموجب وثيقة جميع أخطار الممتلكات (البعض يسميها كافة الأخطار).

 

من المحزن أن الشركة لا تستفيد كثيراً من الخدمات الفنية التي يمكن لوسطاء إعادة التأمين ومعيدي التأمين تقديمها لها ولإدارات المصافي أيضاً.

 

خاتمة

 

إن كان ما قدمته في هذه الورقة صحيحاً فإنه يدل على وضع تشترك فيه إدارات المصافي وشركة التأمين الوطنية (لست معنياً هنا بشركات التأمين الخاصة لأنها هي الأفقر ضمن إطار هذه الورقة).  إن طرفي العلاقة التأمينية يتساويان في هشاشة المعرفة التأمينية الفنية، فهما ورثة نظام قديم متكلس في التعامل مع تأمين الأخطار النفطية.

 

أرجو من كل من يعنيهم موضوع هذه الورقة تنبيهي إلى أية أخطاء في المعلومات وفي التوصيف والحكم، وإضافة ما فاتني، وحتى تقديم رؤية مغايرة.  كما أرجو ألّا أكون متطفلاً على موضوع لم يلقَ ما يستحقه من اهتمام وتصديت له بعد تردد طويل.  وحسب علمي فإن أحداً لم يكتب عن الموضوع.

 

إذا كان البعض يرى بأن الورقة سجاليه ومشاكسة فإني أود التأكيد أن الغرض منها ليس سوى إثارة النقاش، وأقف خاشعاً أمام النقد البنّاء.

 

8 آذار 2019

[1] مصباح كمال، وزارة النفط والتأمين: ملاحظات نقدية (مكتبة التأمين العراقي، 2014).

[2] وزعت هذا الجزء من الورقة قبل سنوات على عدد من زملائي في العراق، وقد اعتمدته هنا بعد إدخال بعض التعديلات عليه.

[3] قد يبدو تأكيدي على دور وسيط التأمين مستغرباً ومتحيزاً كوني كنت أعمل في شركة وساطة للتأمين.  لكن الغرابة والتحيز يزولان بتذكر الشركات النفطية العالمية التي اشتركت في جولات التراخيص النفطية.  بعض هذه الشركات تملك شركات تأمين مقبوضة ولكنها، مع ذلك، تعتمد على وسيط عالمي للمشاركة في ترتيب احتياجاتها التأمينية داخل وخارج العراق.

[4] قد يكون الخبير الاستشاري فرداً مستقلاً لكن الاستشارات، في الغرب، صارت وظيفة تقوم بها شركات استشارية بعضها كانت متخصصة بالتدقيق القانوني وأضافت تخصصات استشارية مختلفة لمحفظة أعمالها.  وفي مجال وساطة التأمين وإعادة التأمين فإن الكلام هنا هو عن شركات الوساطة.

[5] أظن أن سجلات التعويض في شركة التأمين الوطنية يمكن أن تكون مصدراً مناسباً للتعرف على جميع المطالبات بالتعويض.

[6] https://www.reuters.com/article/us-iraq-oil-cause/major-fire-damages-iraqs-biggest-oil-refinery-idUSL079641520080107

[7] https://www.reuters.com/article/us-iraq-oil-cause/major-fire-damages-iraqs-biggest-oil-refinery-idUSL079641520080107

[8] https://www.thejournal.ie/iraqs-largest-oil-refinery-damaged-in-explosion-92899-Feb2011/

[9] https://www.nytimes.com/2011/02/27/world/middleeast/27iraq.html

[10] https://www.bbc.co.uk/news/world-middle-east-27917824

[11] https://gulfnews.com/business/analysis/now-comes-the-hard-part-of-rebuilding-iraqs-refineries-1.1935854

[12] اعتباراً من 1 كانون الثاني 2002 تم استبعاد تأمين الأعمال الإرهابية في عقود التأمين وإعادة التأمين، وقد جاء ذلك بعد تفجير برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك في 11 أيلول 2011.  بعدها صارت هذه الأعمال موضوعاً لوثائق تأمين مستقلة.

[13] راجع على سبيل المثل:

Trevor Kletz, What Went Wrong? Case Histories of Process Plant Disasters (Houston: Gulf Publishing Company, 3rd Ed 1994.  First published in 1985).

[14] كان هذا موضوع تعليق مع د. سناء عبد القادر مصطفى في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين.

[15] أنقل هنا معظم ما كتبته كتعليق على مقالة خبير النفط العراقي حمزة الجواهري بعنوان “مصفى ميسان والضجة المفتعلة” المنشورة في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين، ركزت فيه على كلفة التأمين على مشروع مصفى ميسان التي ذكرها كأحد الأسباب في “عزوف الشركات العالمية بالاستثمار في المصافي العراقية” مدللاً على ذلك بالقول “إن العراق مازال يعتبر منطقة غير آمنة للاستثمار، وبالتالي سوف يكون التأمين على المنشأة كبيرا للغاية، وقد يكلف نسبة عالية جدا من رأس المال.”

http://iraqieconomists.net/ar/2013/12/30/%d8%ad%d9%85%d8%b2%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%88%d8%a7%d9%87%d8%b1%d9%8a-%d9%85%d8%b5%d9%81%d9%89-%d9%85%d9%8a%d8%b3%d8%a7%d9%86-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b6%d8%ac%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%81%d8%aa/

[16] راجع: شروط المقاولة لأعمال الهندسة الكهربائية والميكانيكية والكيمياوية (بغداد: وزارة التخطيط)، ص 261-264.

راجع أيضاً: بشرى رضا محمد، عقد تأمين المشاريع النفطية: دراسة مقارنة، أطروحة ماجستير، كلية القانون، جامعة بغداد 2017.  نشرت هذه الأطروحة ككتاب ورقي مطبوع لكنني لم أطلع عليه بعد.

[17] للتعرف على الجوانب القانونية لهذه الوثيقة راجع:

John Hanson & Christopher Henley, All Risks Property Insurance (London: Lloyd’s of London Press, 1995.

مصباح كمال، “وثيقة جميع الأخطار: بعض ملامح صياغة النص للأضرار والخسائر المادية،” فصل في كتاب جماعي، تأمينات الأخطار الصناعية والبتروكيمياوية (القاهرة: الاتحاد العام العربي للتأمين، 1994)، ص 27-52.

[18] مصباح كمال، وزارة النفط والتأمين: ملاحظات نقدية (مكتبة التأمين العراقية، 2014)، ص 15.

[19] بيتر بيرنشتاين، ضد الأرباب: القصة الرائعة للخطر.

Peter Bernstein, Against the Gods: The Remarkable Story of Risk (New York: John Wiley & Son, 1988), p 197.

Notes on Reinsurance Departments of Iraqi Insurance Companies

ملاحظات حول قسم إعادة التأمين في شركات التأمين العراقية

 

مصباح كمال

 

 

[1]

 

حسب الموقع الرسمي لديوان التأمين هناك 38 شركة تأمين مسجلة لديها[1] بعضها لا تعدو أن تكون غير دكاكين للتأمين، كما وصفها أحد زملائي.  أفترض أن معظم هذه الشركات لا تضم أقساماً متخصصة بأعمال إعادة التأمين إذ أن طاقم الموظفين فيها لا يتعدى ثلاثة أو أربعة، وفي أحسن الحالات فإن موظفاً “فنياً” يتولى جملة من الأعمال بضمنها إعادة التأمين.  ربما لا تتجاوز عملية إعادة التأمين عند هذه الشركات، وخاصة تلك الشركات (حوالي عشرين شركة) المنضوية تحت اتفاقيات إعادة التأمين التي تديرها شركة إعادة التأمين العراقية، إعداد كشوفات ربع سنوية أو نصف سنوية بأقساط التأمين المكتتبة والتعويضات المسددة، ربما تكون غير دقيقة ومشكوك في صحتها وخاصة في غياب الرقابة،[2] وتقديمها إلى شركة إعادة التأمين العراقية.

 

يُستثنى من هذا الوضع شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية وشركتان في إقليم كوردستان وربما بضع شركات خاصة تضم موظفاً متخصصاً بأعمال إعادة التأمين.  وجميع هذه الشركات تقوم بعملية إسناد ceding جزء من محافظها الاكتتابية إلى شركة إعادة التأمين العراقية، إن كانت مستفيدة من اتفاقياتها، أو إلى شركات إعادة التأمين خارج العراق، إما مباشرة أو من خلال وسطاء متخصصين بإعادة التأمين.  وهذه العملية تعرف باسم إعادة التأمين الصادر outward reinsurance تمييزاً لها عن عملية إعادة التأمين الوارد inward reinsurance، أي تلك الأعمال الواردة لها من شركات تأمين أخرى من داخل أو خارج العراق.

 

إن شركات التأمين العراقية لا تمارس في الوقت الحاضر الاكتتاب بأعمال إعادة التأمين الوارد.  كانت شركة التأمين الوطنية تكتتب بهذه الأعمال في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وفي معظم الحالات على سبيل تبادل الأعمال reciprocity مع شركات تأمين عربية.

 

سأقدم في هذه الورقة ملاحظاتي مستفيداً من قسم (فرع) إعادة التأمين في شركة التأمين الوطنية كنموذج.

 

[2]

 

إن قسم إعادة التأمين في شركة التأمين المباشر (الشركة المُسندة ceding company لأغراض إعادة التأمين الاتفاقي والاختياري) ليس مجرد مكان يضم مجموعة من الموظفات والموظفين ومديرة/مدير.  إنه فكرة مركزية وبنية أساسية مستقلة في الهيكل التنظيمي للشركة، يرتبط مباشرة بالمدير العام أو معاونه الفني.  وما يميزه عن غيره من الأقسام هو طبيعة عمله الذي يقتضي عملاً داخلياً ذو طابع تنسيقي يربطه مع أقسام الإصدار والتعويضات والحسابات؛ وعملاً خارجياً يركّز على التعامل مع وسطاء إعادة التأمين ومعيد التأمين القائد وربما معيدو التأمين التابعين.

 

هناك مطلبان أساسيان مترابطان في إنجاح العلاقة الخارجية.  مطلب المعارف والمهارات الفنية المرتبطة بالعمل؛ ومطلب إجادة اللغة الإنجليزية، وهي لغة التعامل بأعمال إعادة التأمين على المستوى الدولي.  كلما اقترب قسم إعادة التأمين من هذين المطلبين كلما تحسّن أداؤه.

 

لماذا ينظر إلى عمل قسم إعادة التأمين في شركة التأمين الوطنية على أنه دون مستوى الكفاءة المتوقعة.  أهو بسبب خلل في التنسيق مع أقسام الشركة الأخرى؟  أم هو ضعف في المؤهلات المعرفية الفنية، والمهارات المرتبطة بدورة العمل السنوية في إدارة إعادة التأمين الاتفاقي والاختياري؟  وهل يساهم تدني المهارات اللغوية وقلة الاهتمام بدقة التعبير بإضعاف الأداء الفني؟  إن هذه العوامل مجتمعة مع بعضها ربما تفسّر لنا ضعف الكفاءة الفنية.  وقد نضيف لها فقدان القدرة على اتخاذ القرار واللجوء الدائم إلى المدير العام بشأن كبائر وصغائر الأمور على حدٍ سواء، وهو ما يُدلُّ على غياب تفويض السلطة لمدراء الأقسام، خلافاً لما كان سائداً في العقود السابقة.[3]  وهذا ما يضرّ بأداء العمل (زيادة الروتين والوقت المستغرق في اتخاذ القرار والالتزام بالمواعيد المحددة لتسديد التزامات الشركة لمعيدي التأمين).

 

أجازف بالقول إن العاملين والعاملات في قسم إعادة التأمين ربما لم يطلعوا على الكتب المنهجية في إعادة التأمين،[4] وحتى أنهم لا يلجؤون إلى وسطاء إعادة التأمين أو معيد التأمين القائد لغرض الاستشارة والاستفادة من معرفتهم وتجاربهم.  إنه من البديهيات أن شركات إعادة التأمين الكبرى تقدم جُملة من المساعدات الفنية للشركات المُسندة ومنها:

 

  • تدريب الكوادر الفنية. ربما يتذكر الجيل القديم، أو من بقي منهم عاملاً في شركة التأمين الوطنية، التدريب الذي خضعوا له في المركز السويسري للتدريب التأميني SITC (تأسس سنة 1960 وصار الآن اسمه Swiss Re Academy) وغيره من مراكز التدريب في ميونيخ ولندن لدى معيدي التأمين أو وسطاء إعادة التأمين.

 

  • تقديم المساعدة في تسوية المطالبات الكبيرة والمعقدة. مراجعة ملفات التعويضات في قسم التأمين الهندسي يكشف القيمة الفنية وحجم هذه المساعدة.

 

  • تقديم المساعدة والنصح حول أسعار وشروط تأمين الأخطار الكبيرة والمعقدة، وخاصة في مجال إعادة التأمين الاختياري على مثل هذه الأخطار.

 

ما يعنني من هذا الكلام هو العزوف وربما النفور من الاستفادة من المعيدين ووسطاء التأمين رغم هزال الموارد المعرفية المتوفرة حالياً في الشركة.  لماذا؟  أهو استعلاء، أم هو خوف أو استحياء من الكشف عن قلة المعرفة أو قل غيابها في موضوع محدد؟  أهو عيبٌ أن نسأل عندما تنقصنا المعرفة؟  ألم نتعلم من خلال إثارة الأسئلة وتعلّم صياغتها؟  ألم تأتي مصادر معرفتنا التأمينية أصلاً من مراكزها في الغرب؟[5]

 

[3]

 

منذ تسعينيات القرن الماضي تدهور عمل قسم إعادة التأمين في شركة التأمين الوطنية ليس فقط بسبب العقوبات الدولية التي حرمت الشركة من الاتصال بالعالم الخارجي، والهبوط الحاد في الاكتتاب، وإنما الفقدان التدريجي للكوادر المدربة.  ورغم أن فترة ما بعد 2003 شهدت إحياءً لعمل القسم (صار اسمه السفن والطيران وإعادة التأمين)[6] بفضل أحد الكوادر الذي ظل وفياً للعمل في الشركة إلا أن الخراب العام الذي أدخله الاحتلال الأمريكي انعكس على واقع العمل في الشركة، وهو لم يعمل أو قل لم ينجح في إشراك العاملين والعاملات معه في إدارة العمل وظلت القرارات الأساسية محصورة لديه.  وليس أضرّ على الأداء من احتكار المعرفة أو العمل الذي ربما لم يكن مقصوداً وإنما فرضته ظروف تدني القدرات الفنية والمعرفية لدى معظم العاملين والعاملات في الشركة.

 

في دراسة لي بعنوان “مؤيد الصفار: مكتتب ومدير في شركة تأمين عامة” كتبت الآتي تحت العنوان الفرعي “قائد فريق العمل” ما يلي:

 

يجرّنا موضوع العملية الاكتتابية إلى ما أراه صفة مهنية وإدارية مهمة لدى مؤيد، وهي عدم احتكار العمل، وإيمانه بتفويض المهام وكأن همه هو تشكيل فريق لإنجاز مهام القسم الفنية.

 

لم يكن مؤيد يعمل لوحده.  صحيح أن كل القرارات تنتهي عنده، كونه مديراً للقسم، وكون التركيب الإداري هرمياً، إلا أن تصرفه كان ينطوي على عدم احتكار العمل.  كان يعمل وكأنه عضو في فريق وبألفة مع العاملين معه، ويفوض زملاءه العديد من المهام في الاكتتاب وتسوية التعويضات وإدارة ملف إعادة التأمين الخاص بقسم التأمين الهندسي.  خير شاهد على ذلك هو سفره إلى مراكز التأمين العالمية لأغراض العمل فقد كان زملاء آخرون يرافقونه: مهندس للاهتمام بالجوانب الهندسية والمسؤول عن إعادة التأمين للاهتمام بتفاصيل ومتطلبات إعادة التأمين.[7]

 

من المفارقات أن فريق مفاوضات تجديد اتفاقيات إعادة التأمين تضم المدراء العامون لشركات التأمين إضافة لمدراء أقسام إعادة التأمين وبعض الأقسام الفنية، وهو تقليد صار شائعاً في العراق بعد 2003 ولكنه غريب عليَّ عند مقارنته مع ما كان سائداً في الماضي، إذ أن الفريق كان يضم مدير قسم إعادة التأمين وواحد أو أثنين من مدراء الأقسام الفنية.  كان هذا الفريق يتفاوض ويأتي بالنتائج ويعرضها على إدارة الشركة لأغراض الموافقة أو إعادة التفاوض، بالتراسل، بشأن نقاط محددة قبل الموافقة النهائية على شروط وأسعار التجديد.  وأذكر أن قسم التأمين الهندسي في شركة التأمين الوطنية كان يقوم بأعمال إعادة التأمين الاختياري دون الرجوع إلى قسم إعادة التأمين.  اقتبس الآتي من كلمة لباقر المنشئ تؤيد ما ذهبتُ إليه، وكان وقتها مديراً لقسم/فرع إعادة التأمين:

 

في تشرين الثاني من عام 1982 رافقتني أم هالة [هدى الصفواني][8] في اول سفرة الى لندن لتجديد التغطية التأمينية للخطوط الجوية العراقية.  كانت المهمة صعبة جدا لان اسطول الخطوط يشمل طائرات نقل عسكرية وهذه الحقيقة كانت معروفة لسوق لويدز.  لكن المرحومة هدى تناولت الموضوع بمهنية عالية، وركزت على الامور الفنية والاحصائيات التي تؤكد جودة الخطر من الناحية التأمينية، وبالتالي حققنا شروط تجديد للتغطية كانت مدعاة للفخر بفضل الجهود الكبيرة للمرحومة هدى.[9]

 

لقد تمثَّل الانقطاع الذي فرضته العقوبات الدولية والتخريب الذي ارتبط بالغزو الأمريكي في إضعاف التراكم المعرفي والمهارات، وحتى بعد عودة معيدي التأمين إلى سوق التأمين العراقي فإن اتفاقيات إعادة التأمين اعتمدت صيغة الاتفاقيات النسبية proportional treaties حتى نهاية 2018 بحيث أن إدخال اتفاقية تجاوز الخسارة Excess of Loss Treaty في اتفاقيات شركة إعادة التأمين العراقية لسنة 2019 خلق ارتباكاً لدى شركات التأمين ومنها التأمين الوطنية.  ويعكس هذا الوضع ضعف المعرفة وضرورة التدريب المكثف للعاملين في هذا المجال للتعاطي مع متطلباتها.

 

يؤسفني أن أقول بأن القطاع، بضمنه شركة التأمين الوطنية، فشل في تخريج كفاءات جديدة يمكن الاقتداء بها.  ولم يندفع العاملون والعاملات إلى تطوير قدراتهم المعرفية والفنية إلا بالحدود الدنيا والضيقة ضمن متطلبات العمل اليومي، وهو ذو طابع روتيني يشكّل عبئاً على إدارة الأعمال بكفاءة.  أذكر أنني عملت لبعض الوقت في قسم إعادة التأمين في شركة التأمين الوطنية أيام كان مديرها المرحوم أنطوان سليم إيليا.[10]  هناك تعلمت بعض الأساسيات في إعادة التأمين من سيروب كيروب وسهاك جزفيان وأسامة الغرباوي.  أنطوان نفسه تتلمذ على يد الآنسة سعاد نايف برنوطي عندما كانت مديرة لقسم الشؤون الفنية قبل تأسيس قسم إعادة التأمين.  لنقرأ ما كتبه بهاء بهيج شكري عنها، وكان وقتها نائباً للمدير العام:

 

كانت إحدى الموظفات الثلاث في مكتب السكرتارية.[11]  وهي خريجة كلية الآداب في جامعة بغداد فرع الأدب الإنجليزي.  تجيد اللغة الإنجليزية إجادة تامة، وتتمتع بأخلاق عالية وشخصية قوية نافذة تفرض احترامها على كل من يتعامل معها.  وبعد انقلاب 8 شباط 1963 استقالت من الشركة وسافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية فحصلت على شهادة الدكتوراه، وهي الآن أستاذة في قسم الدراسات العليا في إحدى الجامعات الأردنية في عمان.[12]  وقد كانت الدكتورة ساعدي الأيمن، إذ أصبحت مديرة القسم الفني والقائمة بأعمال قسم إعادة التأمين بعد أن تم تجزئة مكتب السكرتارية إلى قسمين، وقد كنت أتشاور معها في كل أمر أريد القيام به قبل أن أقدم مذكرة به إلى المدير العام.[13]

 

[4]

 

قد يكون في استعادة هذا الماضي والتأمل في بعض مضامينه مفيداً للتطوير الشخصي عندما تفتقر إدارة الشركة إلى سياسة واضحة لتطوير الكوادر البشرية.  هل من سبيل للخروج من الوضع الحالي؟

 

إن قسم إعادة التأمين هو العمود الفقري للشركة، ولذلك فإن إدارته يتطلب مستوى عالياً من المهارات والأخلاق المهنية في التعامل مع العالم الخارجي (وسطاء إعادة التأمين ومعيدو التأمين).[14]  وكذلك دورات تدريبية مكثفة داخل وخارج العراق لرفع مستوى اللغة الإنجليزية والمعرفة المهنية؛ وتطبيق التعليم المهني المستمر؛ واعتماد نظام تعيين الموظف الخبير في مجال اختصاصه كمرشد وموجّه mentorship للموظف الأقل خبرة ودراية؛ وتشجيع فكرة فريق العمل الجماعي.

 

ويضاف إلى ذلك تحديث وتقوية التنسيق بين قسم إعادة التأمين والأقسام الأخرى، ذلك لأن قسم إعادة التأمين هو الذي يمتلك تفاصيل الاتفاقيات، ويتوجب على إدارة القسم إعداد الملخصات عنها للأقسام الأخرى.  ومن المفيد هنا أن اقتبس ما كتبه خبير في هذا المجال بشأن نموذج الملخص المقدم لقسم الحسابات، كمثال، والذي

 

يتضمن الشروط المحاسبية لكل اتفاقية أو تغطية، ففي حالة الاتفاقيات النسبية يجب إعداد ملخص يتضمن: فترات إعداد الحسابات – الفترة اللازمة للموافقة على كشف الحسابات من قبل المعيدين – الفترة اللازمة لتسديد الحسابات بواسطة الطرف المدين – عمولة إعادة التأمين – عمولة الأرباح وطريقة احتسابها – احتياطي الأقساط غير المكتسبة – الفائدة على الاحتياطي المحتجز.  وهذه البيانات ضرورية لتتمكن دائرة الحسابات من إعداد كشوف الحسابات الخاصة بالاتفاقيات النسبية.  أما فيما يتعلق بالتغطيات غير النسبية (تجاوز الخسارة) فإن الملخص يجب أن يتضمن: القسط الابتدائي الأدنى لكل شريحة – سعر التغطية لكل شريحة وطيفية احتسابه – مواعيد دفع القسط الابتدائي الأدنى.[15]

 

وبالطبع فإن ملخصات أخرى تقدم إلى الأقسام الفنية الأخرى (الحريق، البحري، التأمين الهندسي وغيرها)، وقسم التعويضات.  وهذه الملخصات لها قيمتها التعليمية والتثقيفية لمن يقوم بصياغتها ولمن يعتمد عليها في تنفيذ الإجراءات الواردة فيها، وبالتالي فإن حسن الالتزام بها سيقدم صورة مهنية عالية المستوى لمعيدي التأمين.

 

يمكن النظر إلى هذه الملخصات كجزء من نظام العلاقات والاتصالات داخل الشركة بين العاملين والعاملات في أقسام الشركة، يقوم على تقسيم العمل والتنسيق والسيطرة على مخرجات النشاط المرتبط بعمل كل قسم.

إن ما أردته من هذه الملاحظات النقدية هو التنبيه إلى ضرورة العمل لتغيير مستوى العمل في إدارة إعادة التأمين لدى شركات التأمين العراقية وخاصة لدى شركة التأمين الوطنية العامة، أعرق الشركات (تأسست سنة 1950) وأكبرها حتى الآن من حيث حجم أقساطها، احتياطياتها، وعدد العاملين فيها.  إن هذه الملاحظات قابلة للمناقشة، وسأكون مسروراً لتبيان الخطأ وقلة المعرفة في عرض واقع الحال.  وفي كل الأحوال، فإن المشاركة في النقاش يفتح كوة لتحسين ما هو قائم وليس تبريره والدفاع عنه.

 

4 آذار 2019

[1] http://www.insurancediwan.gov.iq/%D8%B4%D8%B1%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A3%D9%85%D9%8A%D9%86/

[2] ليس معروفاً أن ديوان التأمين يمارس الرقابة على وظيفة إعادة التأمين في الشركات المسجلة لديه.

[3] مصباح كمال، مقدمة لكتاب عبد الباقي رضا، رسائل في السيرة الذاتية والتأمين (مخطوط، 2013)، ص 6 تحت العنوان الثانوي “ملامح من منهج عبد الباقي رضا في الإدارة.”

[4] على سبيل المثل، بهاء بهيج شكري، إعادة التأمين بين النظرية والتطبيق (عمّان: دار الثقافة، 2008).

عادل داود، مقدمة في إعادة التأمين (دار ويذربي وشراؤه للنشر، 1991)

Keith Riley, The Nuts and Bolts of Reinsurance (London: LLP Limited, 1997)

Robert Kiln, Reinsurance in Practice (London: Witherby & Co Ltd, 1981)

لكني افترض أن مكتبة شركة التأمين الوطنية تضم الكتابين التاليين وأنهم اطلعوا عليهما ويرجعون إليهما كلما أشكل عليهم موضوع ما:

  1. Phillippe Bellerose, Reinsurance for the Beginner (London: Witherby & Co Ltd, 1978)

Robert L. Carter, Reinsurance (1979).

C E Golding, Law and Practice of Reinsurance (5th Ed 1987, 1st Ed 1937).

[5] راجع: تيسير التريكي يحاور مصباح كمال، احتفاء بالقيمة (بيروت: منتدى المعارف، 2018)، المحور الثالث، نقل المعرفة وصناعة رجل التأمين، ص 51-73.

[6] الموقع الرسمي لشركة التأمين الوطنية لا يضم هذا القسم في الهيكل التنظيمي للشركة. http://www.nic.gov.iq/index.php/en/

[7] مصباح كمال، “مؤيد الصفار: مكتتب ومدير في شركة تأمين عامة،” الثقافة الجديدة، العدد 380، كانون الثاني 2016، ص 57-66.  نشر أيضاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2016/04/21/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d9%85%d8%a4%d9%8a%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%81%d8%a7%d8%b1-%d9%85%d9%83%d8%aa%d8%aa%d8%a8-%d9%88%d9%85%d8%af%d9%8a%d8%b1-%d9%81%d9%8a/

 

[8] كانت مدير قسم الطيران.

[9] باقر المنشئ، “كلمة وفاء للمرحومة هدى الصفواني في ذكرى وفاتها الثالثة،” مرصد التأمين العراقي. https://iraqinsurance.wordpress.com/2012/12/07/a-tribute-to-huda-al-safwani/

[10] في بداية عام 1982 نقل انطوان سليم إيليا الى المؤسسة العامة للتأمين.  ظل يعمل فيها لفترة قصيرة ثم هاجر الى الولايات المتحدة الأمريكية.  وعندها تولى باقر المنشئ إدارة فرع إعادة التأمين.  في بدء التحاقه بالتأمين الوطنية عمل باقر المنشئ في قسم التأمين الهندسي بعد إكماله لدراسة الماجستير في الولايات المتحدة الأمريكية وعمله في إحدى شركات التأمين الأمريكية.

[11]  مكتب السكرتارية في شركة التأمين الوطنية آنذاك، أواخر خمسينيات وأوائل ستينيات القرن الماضي، كان بمثابة قسم الشؤون الفنية.

[12] تقيم الآن في الولايات المتحدة الأمريكية.

[13] بهاء بهيج شكري، بحوث في التأمين (عمان: دار الثقافة، 2012)، ص 37.

[14] أنظر: فصل “نحن والآخر” حيث ترد إشارات عديدة حول ثقافة التعامل مع الآخر في احتفاء بالقيمة، مصدر سابق، ص 83 وما بعده.

[15] عادل مراد، مصدر سابق، ص 197.  أوصي بقراءة الباب التاسع: تنظيم العمل في إدارة إعادة التأمين في هذا الكتاب، ص 193-206.