Monthly Archives: نوفمبر 2021

Covering Fund-investigating the origins of the concept

رصيد التغطية في التأمين ما بين بهاء بهيج شكري وبديع أحمد السيفي

رصيد التغطية في التأمين ما بين بهاء بهيج شكري وبديع أحمد السيفي

رصيد التغطية في التأمين ما بين بهاء بهيج شكري وبديع أحمد السيفي

مصباح كمال

نشرت أصلًا في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2021/11/Misbah-Kamal-Funding-Cover-IEN-final.pdf

http://iraqieconomists.net/ar/2021/11/29/%d8%b1%d8%b5%d9%8a%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ba%d8%b7%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a3%d9%85%d9%8a%d9%86-%d9%85%d8%a7-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%a8%d9%87%d8%a7%d8%a1-%d8%a8%d9%87%d9%8a/

رصيد التغطية Covering Fund

يشير هذا المصطلح إلى المبالغ المخصصة في المحفظة التأمينية لمواجهة طلبات التعويض وتتكون من صافي أقساط التأمين غير المكتسبة وناتج الاستثمار مع الاحتياطي الاختياري المرصود لتلك المحفظة.[1]

بهاء بهيج شكري، المعجم الوسيط في مصطلحات وشروط التأمين، 2016

1-     رصيد التغطية في فكر بهاء بهيج شكري

1-1      رصيد التغطية في رسالة لبهاء بهيج شكري

أثار بهاء بهيج شكري في رسالة له إلى مصباح كمال بتاريخ 15 تشرين الثاني 2015 مسألة الأمانة الفكرية ارتباطًا باستخدامه لمصطلح رصيد التغطية لأول مرة في تاريخ الكتابات التأمينية العربية والأجنبية في سياق تقييمه لبديع السيفي كرجل تأمين وكاتب في قضايا التأمين.  فبعد استعراضه لظروف تأليف بديع السيفي لكتابه التأمين علمًا وعملًا (بغداد، الطبعة الأولى 1972) وكيف تمكّن السيفي من تأليف الكتاب وأنه لا يريد التعليق على هذا الأمر، كتب شكري الآتي:

غير أن ذلك لا يمنعني من التطرق إلى واقعة أزعجتني كثيرا، كي ألقي الضوء على طريقة السيد بديع في تأليف كتابه المذكور.  فقد كنت أول من وضع مصطلح (رصيد التغطية) Covering Fund من بين الخبراء الأجانب والعرب.  وشرحت عناصره ووظيفته في تحقيق توازن المحفظة التأمينية.  فنقل السيد بديع ما كتبته حول ذلك بالنص من كتابي “النظرية العامة في التأمين” دون أن يشير إلى المصدر.  وحيث أن كتاب النظرية العامة قد نفذت طبعته الأول بعد شهر من تاريخ صدوره ولم أعيد طبعه، فإن بعض الكتاب العرب نقلوا فكرة رصيد التغطية عن كتاب السيد بديع وأشاروا إلى أن مصدرها كتاب “التأمين علمًا وعملًا“.  كما أن شرح بعض المصطلحات التي وردت في قاموس تيسير التريكي نقلا عن كتاب السيد بديع كان بديع قد نقلها نصا من كتاب النظرية العامة للتأمين دون إشارة إلى المصدر.

يقول شكري في رسالته:

كنت أول من وضع مصطلح (رصيد التغطية) Covering Fund من بين الخبراء الأجانب والعرب.  وشرحت عناصره ووظيفته في تحقيق توازن المحفظة التأمينية.

ليس بإمكاننا التحقق من صحة هذا القول نظرًا لأن كتب التأمين العربية المتوفرة لدينا، وهي قليلة، لا يرد فيها ذكر لرصيد التغطية، لكننا نثق به لأن شكري، ومن خلال معرفتنا بكتاباته، لا يلقي الكلام على عواهنه.  ولمقاربة الموضوع استعنّا بالشبكة العنكبوتية للتعرف على حضور مصطلح “رصيد التغطية” وزرنا عددًا من الصفحات للبحث عنه لكننا لم نعثر عليه باستثناء إشارة تقترب قليلًا من المصطلح في موقع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، تونس.  وقد وردت كما يلي:

كم يساوي مبلغ التعويض؟

يساوي مبلغ التعويض، مجموع الاشتراكات الأجرية المستحقة، بعد تحيينها حسب معدل نسبة الفوائد الصافية لرصيد التأمين المتعلق بالتعويضات الطويلة الأمد.[2]

في كتاب مترجم ورد ما يقترب قليلًا من مصطلح رصيد التغطية ولكن دون تسميته:

ويتوقف نجاح عملية التأمين على اختيار قدر كاف من الأخطار المتشابهة للتأمين عليها مما يسمح بالحصول على خبرة بشأن متوسط الخسائر، ومن ثم يمكن قياس درجة احتمال وقوع الخطر وتقدير المال المطلوب به في ذلك الصندوق الخاص Common Fund or Pool لمقابلة الخسائر التي تنجم عن وقوع هذا الخطر.[3]

راجعنا بعض الكتب التأمينية باللغة الإنجليزية إلا اننا لم نعثر على مصطلح رصيد التغطية Covering Fund الذي أورده بهاء بهيج شكري وأعلن أنه هو أول من وضع هذا المصطلح.  لكننا لا نعدم أن نجد مفردة الرصيد/الصندوق Fund في معاجم التأمين الإنجليزية.  فعلى سبيل المثل: نقرأ التالي في أحد المعاجم:

صندوق

مخصص أو احتياطي.  إن لكل فئة من أعمال التأمين صندوق يعتمد على رصيد الأقساط ناقصًا المطالبات والمصروفات بعد الأخذ في الاعتبار أي تحويل إلى أو من حساب الربح والخسارة.  في التأمين على الحياة، غالبًا ما يعني ذلك مجمع من الأصول يُدار بشكل منفصل لأغراض إدارة الأصول والخصوم.  قد يتم فصل الصناديق قانونًا أو تعاقديًا مما قد يحدُّ من حرية الشركة في تحويل الأصول بين الصناديق.[4]

ونقرأ في أحد المواقع المتخصصة وتحت عنوان Funding Cover ما يلي:

يمكن استخدام أغطية التمويل funding covers لتوليد دخل استثماري.  فعندما تكتتب شركة التأمين بوثيقة تأمين جديدة، فإنها توافق على تعويض حامل الوثيقة عن الخسائر المغطاة بهذه الوثيقة.  وفي مقابل تحمل الشركة لهذا الخطر، يدفع المؤمن له قسطًا لشركة التأمين.  تستخدم حصيلة الأقساط لدفع المطالبات، وكذلك لتوليد دخل استثماري.  ويتعين على شركات التأمين الموازنة بين الآليات التي تستخدمها لإدارة تمويل المطالبات المستقبلية ورغبتها في توليد الأرباح من خلال استثمار الأقساط.[5]

إذا اعتبرنا رصيد التغطية، تجاوزًا،[6] معادلًا لمصطلح الاحتياطيات Reserves الشائع الاستعمال في الكتابات التأمينية فإن ذلك قد يفسر غياب رصيد التغطية Covering Fund في الكتابات الإنجليزية عن التأمين.  إذا كان هذا التفسير صحيحًا فإن ما قام به شكري هو إضفاء لمسة مكثفة على مفهوم الاحتياطيات، ودور إعادة التأمين في تصحيح الانحراف في التوقعات الإحصائية للأضرار لشركة التأمين، المعروف في أدبيات التأمين العربية والأجنبية.[7]  ولنا أن نضيف إلى ذلك أن ما قام به شكري هو التنظير الأولي، في مرحلة مبكرة، لإشكالية تعامل شركات التأمين مع التزاماتها التعاقدية والأسس الفنية التي تقوم عليها.  وجعل من رصيد التأمين عنوانًا ينتظم العمل التأميني ويضمن مطابقة الأصول مع الخصوم.  وقد استفاد السيفي منه مباشرة، ولكن دون الاعتراف بالدين الفكري لشكري، للتوسع في عرض العناصر الداخلة في إدارة رصيد التغطية.

للفائدة نعرض هنا بسرعة بعض الاحتياطيات فهي من الأدوات التي تستخدمها شركة التأمين في دعم رصيد التغطية.

الاحتياطيات الفنية (Technical Reserves)

تنفرد شركات التأمين وشركات إعادة التأمين باحتجاز مثل هذه الاحتياطيات التي تعتبر في حقيقتها مخصصات تقابلها التزامات ترتبت على شركة التأمين تجاه حملة الوثائق وعلى شركات إعادة التأمين تجاه شركات التأمين المسندة (Ceding Companies) وتعتبر حسابياً من حقوق حملة الوثائق في حسابات شركات التأمين ومن حقوق المُسندين في حسابات إعادة التأمين.  وهي على نوعين:

  1. (Unearned Premiums Reserve تخصص لمواجهة المسؤوليات التي تتحقق خلال فترات وثائق التأمين الممتدة خلال السنة التالية لسنة اصدارها.

2-       احتياطي التعويضات الموقوفة (Outstanding Claims Reserve).  وهذا الاحتياطي هو واحد من الاحتياطيات الفنية التي يجب ان تتضمنها الحسابات الختامية لشركات التأمين وإعادة التأمين وهو مخصص لإيفاء الشركة بالتزاماتها المترتبة على تعويضات تحققت وبُلّغَ عنها ولكنها لم تسدد خلال السنة أو السنوات المالية التي تحققت فيها وتدعى Reported But Not Settled (RBNS) ويتم احتساب هذا الاحتياطي بكامل المبالغ التقديرية للأضرار المتحققة.

وهناك نوع آخر من هذا الاحتياطي عن حوادث وقعت خلال السنة المالية ولكن لم يُبلَّغ عنها وتحتسب وفق التجارب والخبرات السابقة، ويدعى احتياطي حوادث وقعت ولم يبلغ عنها Incurred But Not Reported (IBNR)

مع العرض بأن الاحتياطيات الفنية أعلاه بنوعيها الزامية على شركات التأمين وإعادة التأمين.  ويتعين عليها الالتزام بها وبالتفاصيل المنصوص عليها في القانون المعني وإن لم تُعتمد بشكلها الصحيح في الحسابات الختامية يُعرّض الشركة الى المساءلة القانونية.  وهناك احتياطيات أخرى من بينها احتياطي الكوارث Catastrophe reserve.

1-2     رصيد التغطية في كتاب بهاء بهيج شكري: النظرية العامة في التأمين

لقد كتب بهاء بهيج شكري عن رصيد التغطية في المبحث الثاني (توزيع عبء الأخطار) من الفصل الثالث من كتابه النظرية العامة في التأمين كما يلي:

ويقصد برصيد التغطية مجموع المبالغ التي تحصل عليها هيئات التأمين كأقساط تأمين من المؤمن لهم وتكرسها لتغطية الأخطار التي يتحملها البعض منهم نتيجة لتحقق الخطر المؤمن منه.  ويلعب رصيد التغطية الدور الرئيسي في عملية توزيع أعباء الخطر إذ يتوقف نجاح هذه العملية على كفاءة الرصيد وطريقة تكوينه، فكلما كان رصيد التغطية متوازنا ومتعادلا مع حصيلة الأضرار بحيث يمكن لهيئة التأمين تغطيتها منه دون أن تضطر إلى اللجوء إلى رأس مالها وموجوداتها الخاصة كلما كان ذلك دليلا على نجاح عملية التوزيع.

إن هيئة التأمين باعتبارها وسيطا بين المؤمن لهم المتعاونين، ينبغي عليها أن تبني تقديراتها على أسس دقيقة لتتجنب التورط بتحمل تبعة الأخطار على عاتقها وعليها أن تبذل ما لديها من طاقات فنية لتحقق التوازن المطلوب بين رصيد التغطية وحصيلة الأضرار.  ويتوقف تحقيق هذا التوازن بوجه عام على عوامل ثلاث هي (1) قسط التأمين و (2) انتقاء الأخطار و (3) الانحرافات.[8]

هذه الفقرة تلخص الآلية التي تقوم عليها مؤسسة التأمين: إن المبالغ التي تحصل عليها هيئات التأمين كأقساط تأمين من المؤمن لهم تكرّسها لتغطية كلفة الأخطار (الخسائر أو الأضرار التي تلحق بالبعض منهم) باستخدام الطاقات الفنية المتوفرة لها (سلامة سياسة تسعير الأخطار والاكتتاب، وحماية إعادة التأمين لموازنة المحفظة التأمينية).

إذا أضفنا إلى ذلك أن مؤسسة التأمين الحديثة والمعايير والأدوات التي تعتمدها، وبعضها اكتوارية، للقبول بتأمين أخطار دون غيرها قابلة للتأمين تقوم على استخدام جملة اعتبارات متداخلة لضمان عدم تعريضها للإعسار أو الانهيار المالي، فإننا بذلك نقترب من رصيد التغطية حسب مفهوم شكري لها.  ومن بين ما تضمه هذه الاعتبارات:

وقد أوردنا هذه المعايير في ترجمة بحث تاريخي حول تأمين الأخطار[9] وقد نقلنا بعضها من كتاب باللغة الإنجليزية.[10]

إن تسعير الخطر التأميني صار يعتمد على استخدام البيانات الضخمة في صنع النماذج/الموديلات models لأغراض الاكتتاب ورسم سيناريوهات المستقبل إضافة إلى التحليل الاكتواري والاعتماد على دليل التسعير الجاهز (التعريفة) بالنسبة للأخطار النمطية، وكل ذلك مقترنًا بخبرة مكتتب التأمين وتوفر حماية إعادة التأمين والموارد المالية لدى شركة التأمين.

تقوم آلية التأمين التجاري على تحصيل أقساط التأمين من المؤمن لهم لقاء سلعة غير منظورة (وَعدٌ مُثبت في وثيقة التأمين) لا تُسلّم آنيًا لهم بل في وقت ما في المستقبل لمن يتعرض منهم لخسارة.  وبسبب هذا الترتيب نشأت الحاجة القانونية إلى إقرار شركات التأمين بتخصيص مبالغ مناسبة مقابل الالتزامات الائتمانية fiduciary لشركات التأمين (كونها مؤتمنة على أموال/أقساط التأمين المحصلة من جمهور المؤمن لهم).  وتسجل هذه الالتزامات كمطلوبات في بياناتها المالية.

نستنتج من هذا أن شركات التأمين لا تستطيع تسجيل الأقساط كدخل متحقق لها إلا مع انقضاء الوقت الذي يتم خلاله توفير حماية التأمين، وعندها تصبح الأقساط مكتسبة earned.  ولهذا يُلزم المُشرّع شركات التأمين تنظيم حساب تحت عنوان احتياطي أقساط التأمين غير المكتسبة unearned premium reserve، وهو الاحتياطي الذي يستفاد منه لتسديد المطالبات في المستقبل.  وهناك احتياطيات أخرى كاحتياطي الأخطار السارية، واحتياطي الخسائر المتحققة غير المُبلّغة لشركة التأمين (التأخر في الإبلاغ)، واحتياطي التعويضات الموقوفة، كما ذكرنا سابقًا.  إن مبدأ الاستحقاق accrual principle الذي تستخدمه شركات التأمين في إعداد الحسابات الختامية، يقضي أن أقساط التأمين المكتتبة خلال السنة لا ينظر إليها باعتبارها إيرادًا مكتسبًا.

إن معرفتي المحاسبية محدودة لا تسمح لي بالتعليق على استخدام المصطلحات المحاسبية.  ما أستطيع قوله هو أن مصطلحي “الاحتياطي” و “المسؤولية” في محاسبة التأمين والاصطلاح التأميني مترادفتان.  وقل مثل ذلك بالنسبة لـ “المخصصات الفنية” و “الاحتياطيات الفنية” كما يرد في المادة 1 من تعليمات ديوان التأمين رقم (2) لسنة 2006، تعليمات أسس احتساب المخصصات الفنية، أي أن “المخصصات” و “الاحتياطيات” مترادفتان.[11]

مكونات رصيد التغطية

في الصفحات 71-78، توسع شكري في شرح مكونات رصيد التغطية لتحقيق التوازن بين هذا الرصيد وحصيلة الخسائر والأضرار، وهي:

قسط التأمين (الذي يخضع لثلاث اعتبارات هي الخطر ويفرد له مثالين، ومبلغ التأمين، وفترة التأمين)،

انتقاء الأخطار (الذي يقتضي من شركة التأمين انتقاء تلك الأخطار التي تتميز بتجانسها وكثرتها)،

الانحرافات (بمعنى “تجاوز الأخطار المتحققة فعلا الحدود التي أمكن التوصل لها عن طريق العمليات الإحصائية بأن تكون أكثر عددا وحدة مما توقعته هيئة التأميم.”  وهو ما “يؤدي إلى الإخلال بالتوازن بين رصيد التغطية وحصيلة الأضرار.  وتتوقف درجة شدة الانحرافات على عاملين، هما عامل الكثرة وعامل القيمة.  فكلما كانت المخاطر المتجمعة كثيرة وكلما كان التفاوت بين قيمة هذه المخاطر ضئيلا كلما خفت شدة الانحرافات.”[12]

وقد نقل السيفي هذه المكونات دون الإشارة إلى مصدرها.

1-3     موقف بهاء بهيج شكري من معجم مصطلحات التأمين لتيسير تريكي

قائمة مراجع معجم تيسير التريكي تضم كتاب السيفي التأمين علمًا وعملًا إلا أن المعجم لا يضم مدخلًا عن رصيد التغطية Covering Fund أو Funding Cover ولكن يرد مدخل Fund بمعنى “مخصص، رصيد، صندوق: مبلغ من النقود مخصص لغرض معين.”  ويرد أيضًا مدخل Funding بمعنى “تخصيص: تخصيص جزء من أصول الشركة لغرض الإيفاء بالتزامات معينة.”[13]

يعني هذا أن معجم التريكي لم ينقل من كتاب السيفي حرفيًا أو ضمنيًا.

2-     رصيد التغطية عند بديع أحمد السيفي

2-1     مقاربة لرصيد التغطية من منطلق القانون المدني العراقي في كتاب بديع أحمد السيفي التأمين علمًا وعملًا

بعد عرضه للمادتين 988 و 989 من القانون المدني (وجوب تسديد التعويض بمقتضى عقد التأمين)، والمادة 986 (التزام المؤمن له بدفع قسط التأمين)، يستنتج بديع السيفي في كتابه التأمين علمًا وعملًا:

ان أساس رصيد التعويض اذن هو أقساط التأمين أولًا وأخيرًا، ولولا رصيد التغطية وفي الحقيقة لولا أقساط التأمين لما استطاع المؤمنون تأدية التعويضات إلى مستحقيها من المتعرضين للأضرار بسبب وقوع الأخطار المؤمن ضدها …

وإن لرصيد التغطية دوره الهام في عملية توزيع أعباء الخطر وحيث يتوقف نجاح هذه العملية على وجود التوازن بين هذا الرصيد وحصيلة الأضرار بحيث لا تلجأ الى مد يدها الى رأسمالها أو موجوداتها الخاصة …

إن وجود التوازن وتحقيقه بين رصيد التغطية وحصيلة الأضرار يتوقف على ثلاثة أركان (1) قسط التأمين و (2) انتقاء الأخطار و (3) الانحرافات.[14]

في الصفحات 35-37 من الكتاب يقدم السيفي شرحًا للعناصر الثلاثة جريًا وراء العرض المُكثف والمُتقن الذي قدمه شكري.

2-2     رصيد التغطية في كتاب بديع أحمد السيفي: الوسيع في التأمين وإعادة التأمين

كرس بديع السيفي فصلًا لموضوع رصيد التغطية في كتابه الوسيع في التأمين وإعادة التأمين (ص 263-298).  في الفقرة الأولى من هذا الفصل كتب ما يلي:

ويقصد برصيد التغطية حصيلة أقساط التأمين التي تستوفيها شركة التأمين من المؤمن لهم قيمًا لسلعة التأمين لتؤدي منها مبالغ التعويض أو مبالغ التأمين المستحقة عليها بوقوع الخطر المؤمن منه.[15]

وتحت العنوان الثانوي “رصيد التغطية وكيفية تحديد أسعار واقساط التأمين ووضع تعريفات التأمين” في هذا الفصل كتب التالي:

ان تحديد واعتماد أسعار واقساط التأمين ووضع تعريفاته والسياسة السعرية بشكل شامل تشكل اهم جانب في العملية التأمينية والعملية التسويقية ورواج التأمين.

والحق ان شركات التأمين انما هي مؤسسات تجارية خدمية، ينهض عملها أساسا على دور جوهره الوساطة بين المؤمن لهم المستهدفين للخطر والمساهمين جميعًا في تحمل تكلفته بما يدفعون لها من أقساط تأمين يعوض منها من تصيبه الاضرار منهم او يدفع منها لمن يقع له الحادث المشمول بالتغطية عند حصوله او حلول اجل العقد (أي في نهاية مدة التأمين).  فمعروف أن حوادث الحريق مثلًا وخسائرها وكذلك سائر الخسائر الأخرى ومهما كبرت ومهما خطرت فإنها تصيب البعض فقط وبالتأمين يشترك كثيرون من المعرضين لنفس الخطر ويساهمون بتعويض من أصابتهم الخسائر عن خسائرهم، وتلك المساهمة التي يشترك فيها أولئك جميعًا ومن ضمنهم الذين اصابتهم الخسائر تتم بطريقة دفع أقساط التأمين وبوساطة شركات التأمين التي تدير عمليات التأمين.[16]

وكتب تحت العنوان الثانوي “توازن رصيد التغطية مع حصيلة الأضرار والمبالغ المستحقة” الآتي:

ان توازن رصيد التغطية مع حصيلة الأضرار والمبالغ المستحقة يتحقق إذا ما اعتمدت الشركة الأسعار المناسبة وجمعت الأقساط اللازمة الكافية لدفع التعويضات عن الخسائر التي تصيب المؤمن لهم ولدفع مبالغ التأمين المشمولة بالتغطية ولتغطية النفقات الخاصة بعمليات التأمين من عمولات انتاج ومصاريف إدارية عامة وغيرها ولتكوين الاحتياطيات الحسابية Mathematical Reserves والاحتياطيات الفنية Technical Reserves وكذلك الاحتياطيات الكوارثية Catastrophic Reserves …[17]

2-3     بديع أحمد السيفي وفقر الأمانة الفكرية

من قراءتنا لما كتبه السيفي عن رصيد التغطية نستطيع القول إنه استوعب المفهوم المرتبط برصيد التغطية بعد تعرّفه عليه في كتاب النظرية العامة للتأمين لبهاء بهيج شكري الصادر سنة 1960، وعبَّر عنه بطريقته متوسعًا في عرض جوانب مختلفة له.  فهو لم يستخدم لغة شكري:

ويتوقف تحقيق هذا التوازن بوجه عام على عوامل ثلاث هي (1) قسط التأمين و (2) انتقاء الأخطار و (3) الانحرافات.

إلا مرة واحدة:

إن وجود التوازن وتحقيقه بين رصيد التغطية وحصيلة الأضرار يتوقف على ثلاثة أركان (1) قسط التأمين و (2) انتقاء الأخطار و (3) الانحرافات.

2-4     هل يبرر شيوع الأفكار سلوك السيفي؟

قد نجد تفسيرًا لعدم ذكر السيفي لمصدر المفهوم كونه معروفًا في الأدبيات التأمينية بشكل أو آخر فيما كتبه الاقتصادي الأمريكي ألن إﭺ وُلِيتْ في كتابه النظرية الاقتصادية للخطر والتأمين (1901):

من الضروري أن أشرح هنا قصوري في تقديم الاعتراف في جميع الحالات بفضل الآخرين للأفكار التي سبق نشرها من قبل.  ويعود السبب في هذا القصور في بعض الأحيان إلى حقيقة أن هذه الأفكار قد أصبحت ملكاً مشتركاً أصبح معها من المستحيل إرجاعها لكاتب معين.  وفي حالات أخرى فإن إغفال ذكر الأسماء يجد تفسيره في واقع أنه خلال القراءات الكثيرة عن موضوع التأمين غض النظر عن أهمية العديد من الأفكار في وقت القراءة.  وبعد التعرف على أهميتها وتصبح موضع تقدير لم يعد من الممكن دائما تتبع مصادر هذه الأفكار.[18]

لكن مصطلح رصيد التأمين لم يكن شائعًا عندما كتب السيفي كتابه الأول سنة 1972 وكتابه الثاني سنة 2006، كما حاولنا تبيانه سابقًا.

إن ما يُعيب منهج السيفي في كتابيه التأمين علمًا وعملًا والوسيع في التأمين وإعادة التأمين علمًا وقانونًا وعملًا هو عدم ذكره لمصدر مفهوم رصيد التغطية الذي لم يكن “ملكًا مشتركًا” أي أنه لم يكن في التداول العام، فمراجع الكتابين لا تضم كتاب شكري النظرية العامة للتأمين، وهو ما أشرنا إليه في مكان آخر.[19]  لم يأتِ عدم ذكر كتاب شكري سهوًا إذا أخذنا بعين الاعتبار المراجع الكثيرة التي ضمها كتاب الوسيع، وهو ما يؤكد على اطلاعه الواسع على أدبيات التأمين.  إن إهمال ذكر كتاب شكري يؤشر على فقر في الأمانة الفكرية.  ما الذي يخسره أي كاتب لو كشف عن مصادر أفكاره؟

7 تشرين الثاني 2021


[1] بهاء بهيج شكري، المعجم الوسيط في مصطلحات وشروط التأمين: إنجليزي-عربي (عمان: دار الثقافة، 2016)، الجزء الأول، ص 388.

[2] https://www.cnss.ma/ar/content/%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%AC%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B4%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AC%D8%B1%D9%8A%D8%A9

[3] و. أ. دنسديل، مبادئ التأمين، ترجمة: دكتور أحمد عبد العزيز الانصاري، مراجعة: دكتور يحيى عويس (القاهرة: مؤسسة سجل العرب، 1965)، ص 15

[4] C. Bennet, Dictionary of Insurance (London: FT Prentice Hall, 2nd Ed 2004, first published in 1992), p 138.

[5] https://www.investopedia.com/terms/f/funding-cover.asp

February 07, 2021

[6] ما نحاوله هنا، وربما نكون على خطأ، هو الاقتراب من تفسير لأطروحة بهاء بهيج شكري لريادته في ابتكار مصطلح رصيد التغطية وسبب غياب هذا المصطلح في الأدبيات التأمينية العربية والأجنبية.  نأمل من الزملاء المختصين البحث في الموضوع للوصول إلى رأي صحيح وأكثر صلابة.

[7] راجع على سبيل المثل:

John H. Magee, General Insurance (Chicago: Richard D Irwin, 3rd revised printing 1945.  First published in 1936), p 60-61.

G. W. de Wit, “Sources of Funds and Estimation of Reserves,” Ch 15 in Stephen Diacon, editor, A Guide to Insurance Management, (London: Macmillan, 1990), pp 245-265

[8] بهاء بهيج شكري، النظرية العامة للتأمين (بغداد: مطبعة المعارف، 1960)، ص 70.

[9] جيفري كلارك، “وجهة نظر تاريخية عن التأمينية، “ترجمة: مصباح كمال، مجلة التأمين العراقي:

http://misbahkamal.blogspot.com/2010/06/historical-viewpoint-on-insurability.html

[10] Baruch Berliner, Limits of Insurability of Risks (Englewood Cliffs, N.J: Prentice-Hall, 1982).

[11] للمزيد من الشرح راجع: منعم الخفاجي، “الاحتياطيات في حسابات التأمين،” شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2017/11/منعم-الخفاجي-الاحتياطيات-في-حسابات-التأمين.pdf

[12] شكري، مصدر سابق، ص 78.

[13] Tayseer H. Treky, A Dictionary of Insurance Terms, English-Arabic: A Dictionary of Insurance Terms, English-Arabic معجم مصطلحات التأمين (London: Witherby & Co, 1985), p 130.

[14] بديع أحمد السيفي، التأمين علمًا وعملًا (بغداد: د. ن.، 1972)، ص 34-35.

[15] بديع أحمد السيفي، الوسيع في التأمين وإعادة التأمين علمًا وقانونًا وعملًا، الجزء الأول، (بغداد: د. ن.، 2006)، ص 263.

[16] السيفي، الوسيع، ص 268.

[17] السيفي، الوسيع، ص 271.

[18] Allan H. Willett, The Economic Theory of Risk and Insurance (Homewood, Illinois: Richard D Irwin, 1951), first published in 1901 by The Columbia University Press, page xi.

[19] في استذكار بديع أحمد السيفي (1926-2018)، إعداد وتحرير مصباح كمال، (مكتبة التأمين العراقي، 2019)، فصل “تمهيد ودعوة لبحث وتقييم نقدي،” ص 39.  فقد كتبنا الآتي: “من باب التقييم الأولي، يكفي أن نشير هنا إلى أن مراجع الوسيع، العربية والأجنبية غير مكتملة، فهي لا تذكر أول كتاب منهجي في مكتبة التأمين العراقية لبهاء بهيج شكري النظرية العامة للتأمين (بغداد: 1960) أو كتاب كاظم الشربتي التأمين: نظرية وتطبيق (بغداد: الطبعة الخامسة 1974)، أو كتاب جمال الحكيم التأمين البحري (القاهرة: 1955) وغيرها من المراجع.”

Value Proposition, Service Quality and Accounting Cost of Quality in Insurance

مصباح كمال

عرض القيمة، جودة الخدمة، ومحاسبة تكاليف الجودة في قطاع التأمين

عرض القيمة، جودة الخدمة، ومحاسبة تكاليف الجودة في قطاع التأمين

http://iraqieconomists.net/ar/2021/11/18/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d8%b9%d8%b1%d8%b6-%d8%a7%d9%84%d9%82%d9%8a%d9%85%d8%a9%d8%8c-%d8%ac%d9%88%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d8%af%d9%85%d8%a9%d8%8c-%d9%88%d9%85/

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2021/11/Misbah-Kamal-Cost-Accounting-Services-of-Insurers-quality-IEN.pdf

مقدمة

نشر الدكتور صباح قدوري سابقًا دراسات عن محاسبة تكاليف الموارد البشرية،[1] ونظام محاسبة التكاليف ووظائف الإدارة،[2] ومحاسبة تكاليف البيئة.[3]  ويأتي نشر دراسته الأخيرة “محاسبة تكاليف (المعضلية): محاسبة تكاليف النوعية/الجودة، مثالًا”[4] في مجلة الثقافة الجديدة، العدد 424-425، أيلول 2021 استكمالًا للدراسات السابقة.  وجميعها دراسات محاسبية صرفة.  وقد توقفت بعد قراءة دراسته الأخيرة عند موضوع أهمية الجودة/النوعية في الأسواق القائمة على المنافسة، وافترضت أن هذا الموضوع يمتد خارج القطاع الصناعي، الذي ركَّز عليه الدكتور قدوري، ليشمل قطاع الخدمات ومنه قطاع التأمين.  ولأن للدكتور قدوري اهتمام عام بقطاع التأمين وكانت لنا مناقشات في السابق حول السياسة الاستثمارية في شركات التأمين العراقية،[5] فقد تبادلت معه في شهر تشرين الثاني بعض الرسائل حول محاسبة تكاليف الجودة ومدى حضورها في شركات التأمين، استفدت منها في كتابة هذه الورقة.

لا يرد مصطلح محاسبة تكاليف الجودة/النوعية quality cost accounting في كتب التأمين التدريسية.  إلا أن هناك مصطلح آخر: عرض القيمة value proposition يجد له حضورًا في الكتابات التأمينية باللغة الإنجليزية وخاصة عند الحديث عن التسويق سأحاول الاستفادة منه للتقرب من موضوع الجودة، وسألجأ إلى اقتباسات طويلة لعرض بعض جوانب الموضوع كتعليق على دراسة الدكتور قدوري خول محاسبة تكاليف النوعية/الجودة.

عرض القيمة

التعريف بعرض القيمة value proposition

نقرأ في بعض الأدبيات ما يفيد أن

مسألة/عرض القيمة للنشاط التجاري للشركة هو أهم عنصر في الرسالة التسويقية الشاملة.  فعرض القيمة يخبر العملاء المرتقبين عن سبب وجوب التعامل مع الشركة بدلاً من شركات منافسة، ويجعل فوائد المنتجات أو الخدمات واضحة تمامًا للعملاء منذ البداية.[6]

ونقرأ أيضًا أن

العديد من الأنشطة التجارية إما تدفن مسألة القيمة في عبارات رنانة أو مبتذلة، وشعارات لا معنى لها، أو لا تكلّف نفسها عناء إبرازها على مواقعها وفي حملاتها التسويقية – أو أنها لا تعرف على الإطلاق ما هو عرض القيمة.[7]

ويرد في الموسوعة الحرة أن

عرض القيمة هو بيان يحدد الفوائد الواضحة والقابلة للقياس والتي يمكن إثباتها للمستهلكين عند شراء منتج أو خدمة معينة.  إن هذا البيان يجب أن يُقنع المستهلكين أن المنتج أو الخدمة أفضل من غيره في السوق.  يمكن أن يؤدي هذا العرض إلى ميزة تنافسية عندما يختار المستهلكون هذا المنتج أو الخدمة المعينة بدلًا من المنتج أو الخدمة المقدمة من منافسين آخرين لأنهم يدركون أين تكمن القيمة الأكبر.[8]

ونقرأ التعريف التالي في أحد المواقع المتخصصة:

يشير عرض القيمة إلى القيمة التي تَعِدُ الشركة بتقديمها للعملاء إذا اختاروا شراء منتجاتها.  عرض القيمة هو جزء من استراتيجية التسويق الشاملة للشركة.  يوفر عرض القيمة إعلانًا عن النوايا أو بيانًا يقدم العلامة التجارية للشركة للمستهلكين من خلال إخبارهم بما تمثله الشركة وكيف تعمل ولماذا تستحق أن تحصل عليهم كعملاء لها.[9]

أصل مصطلح عرض القيمة

ونقرأ التالي في الموسوعة الحرة أيضًا عن أصل مصطلح عرض القيمة:

تُنسب عبارة “عرض القيمة” (VP) إلى Michael Lanning و Edward Michaels، اللذان استخدما المصطلح لأول مرة في ورقة عام 1988 للموظفين لشركة الاستشارات McKinsey and co.  فقد عرَّف المؤلفان في الورقة، التي حملت عنوان “العمل التجاري هو نظام توصيل القيمة”، عرض القيمة على أنه “بيان واضح وبسيط للفوائد، الملموسة وغير الملموسة، التي ستقدمها الشركة، إلى جانب السعر التقريبي الذي تفرضه على كل شريحة من العملاء مقابل تلك الفوائد”.

إن الكتابات التأمينية التقليدية لا تذكر مصطلح القيمة، وبالتالي عرض القيمة، وأزعم أنه أدخل في هذه الكتابات في العقود القليلة الماضية بعد انتحالها من نظرية القيمة في الفكر الاقتصادي وتكييفها لتطوير مقترب لجوانب من النشاط التأميني لم تكن موضوعًا للبحث في الماضي.[10]  يكفي للتدليل على هذا الزعم تصفح فهرس أي كتاب تأميني باللغة الإنجليزية إذ لا تعثر فيه على مصطلح عرض القيمة.

إزاء حداثة مصطلح عرض القيمة فإن تاريخ محاسبة التكاليف يرجع إلى أزيد من قرنين، إذ يعتقد الباحثون:

أن محاسبة التكاليف قد تم تطويرها لأول مرة خلال الثورة الصناعية [في منتصف القرن الثامن عشر في بريطانيا وبعض الدول الأوروبية] عندما أجبرت اقتصاديات العرض والطلب في قطاع الصناعة الشركات المُصنّعة على البدء بتتبع نفقاتهم الثابتة والمتغيرة من أجل تحسين عمليات الإنتاج الخاصة بهم.  فقد وفَّرَت محاسبة التكاليف لشركات السكك الحديدية والصلب التحكُّم في التكاليف لتصبح أكثر كفاءة.  بحلول بداية القرن العشرين، أصبحت محاسبة التكاليف موضوعًا للدراسة على نطاق واسع في أدبيات إدارة الأعمال.[11]

المشترك في تعريف عرض القيمة

تجمع تعاريف مصطلح عرض القيمة على أنه وعد بالقيمة المحتملة التي تقدمها الشركة لعملائها، وهو ما ينطبق على شركات التأمين (التي تنفذ الوعد بتعويض المؤمن له عند تحقق الخطر المؤمن منه بعد إبرام عقد التأمين)، وهو الأساس، في الأسواق القائمة على التنافس، وراء اختيار العميل للشركة ومنتجاتها بفضل مزايا هذه المنتجات.

جودة الخدمة

تعريف جودة الخدمة

تُعرَّف جودة الخدمة على أنها:

أداة بحث متعددة الأبعاد مصممة لالتقاط توقعات المستهلكين وتصوراتهم للخدمة عبر خمسة أبعاد يُعتقد أنها تمثل جودة الخدمة.  إن جودة الخدمة مبنية على نموذج التوقعات-عدم التأكيد، والذي يعني، بعبارات بسيطة، أن جودة الخدمة تُفهم على أنها مدى تأكيد توقعات المستهلكين للجودة قبل الاستهلاك أو عدم تأكيدها من خلال تصوراتهم الفعلية لتجربة الخدمة.[12]

نموذج جودة الخدمة

في أواسط ثمانينيات القرن الماضي قام فريق من الباحثين في الولايات المتحدة بتطوير نموذج لقياس جودة الخدمة يضم خمسة أبعاد هي:

الموثوقية/المصداقية/الثبات Reliability – القدرة على أداء الخدمة الموعودة بشكل موثوق ودقيق.

التوكيد/الطمأنة Assurance – المعرفة المتوفرة لدى الموظفين وسلوكهم المجامل وقدرتهم على توصيل الثقة والاطمئنان للمستهلك.

الملموسية Tangibles – مظهر المرافق المادية والمعدات والأفراد ومواد الاتصال

التعاطف Empathy – توفير الرعاية والاهتمام الفردي بالعملاء.

الاستجابة Responsiveness – الاستعداد لمساعدة العملاء وتقديم خدمة سريعة.[13]

لم يسلم هذا النموذج من النقد إلا أنه يوفر مقتربًا جديدًا لقياس جودة الخدمة في قطاع الخدمات.  وهناك بعض الدراسات التطبيقية لهذا النموذج في مجال التأمين متوفرة في الشبكة العنقودية.

محاسبة تكاليف الجودة في شركات التأمين

في رسالة إلى الدكتور صباح قدوري ذكرتُ أن موضوع الجودة وتكاليفها ربما يمتد خارج القطاع الصناعي ليشمل قطاع الخدمات بضمنه قطاع الخدمات ومنه قطاع التأمين، وخاصة في أسواق التأمين المفتوحة (أي أن النشاط التأميني فيها ليس حكرًا على شركة واحدة). ذلك لأن شركات التأمين تتنافس مع بعضها لكسب العملاء بالاعتماد على أسعار التأمين (تخفيض أسعار/أقساط التأمين) إلى الحدود الدنيا المقبولة فنيًا (إي الأسعار التي لا تُعرّض الشركة إلى الإعسار المالي أو الانهيار).  كما أن شركات التأمين تتنافس مع بعضها لكسب العملاء بالاعتماد على جودة الخدمات التي تقدمها لجمهور المؤمن لهم.

هناك بعض العناصر التي تساهم في تشكيل جودة الخدمات التأمينية ومنها: الوضوح في صياغة نصوص التأمين، سرعة إصدار وثيقة التأمين، سرعة البت بالتعديلات التي قد يطلبها المؤمن له لوثيقة التأمين، سرعة البت في دراسة طلب التعويض وسرعة تسديد مبلغ التعويض.  وقد تضم الجودة أيضًا في مجالات محددة كالتأمين على الأخطار السيبرانية المراجعة الأمنية security review لأنظمة المعلومات الإلكترونية ووسائل حمايتها قبل او بعد الاكتتاب بهذه الأخطار.  وكالتأمين الهندسي، تقديم التوصيات، بعد الكشف الموقعي على مواقع المنشآت تحت الإنشاء أو قيد التشغيل، لتحسين الخطر/الأخطار المؤمنة منها risk improvement recommendations، أو تقديم المشورة مباشرة بعد وقوع ضرر أو خسارة بشأن اتخاذ المؤمن له إجراءات معينة للحد من تفاقم الضرر.[14]

إن معرفتي ناقصة فيما يخص لجوء شركات التأمين، شرقًا وغربًا، لمحاسبة تكاليف النوعية.  لذلك، طلبت من الدكتور صباح قدوري معالجة محاسبة تكاليف النوعية في قطاع الخدمات.  وقد كتب التعليق التالي في رسالة له بتاريخ 7 تشرين الثاني 2021:

ان معالجتي لموضوع محاسبة [الـ]تكاليف (المعضلية)، في المواضيع الثلاثة المذكورة، تنصب في كيفية تطبيق هذا النظام في الوحدات الاقتصادية الانتاجية والخدمية.  من حيث تبويب وتسجيل هذه التكاليف وفق المستندات من المنبع بشكل مستقل عن المحاسبة المالية، بهدف قياسها والرقابة عليها وانتاج البيانات لأغراض اتخاذ القرارات الداخلية والافصاح عنها للأغراض الخارجية.  [التأكيد من عندي، م ك]

يمكن تطبيق ذلك في كل فروع نشاط الاقتصاد الانتاجي او الخدمي.  وعادة يتم ذلك من قبل الباحثين وطلاب الماجستير وحتى الدكتوراه، لاختيار اية وحدة انتاجية او خدمية لهذا الغرض.  وتتطلب المسألة حصول الباحث على البيانات الضرورية للقيام بذلك من الوحدة المختارة.  ومن الوحدات الخدمية على سبيل المثال وليس الحصر: شركات التأمين، الطيران، المستشفيات، الجامعات، المكاتب الاستشارية او التدقيق وغيرها.

يشير الدكتور قدوري ضمنًا إلى الاختلاف بين محاسبة التكاليف والمحاسبة المالية.

فالمحاسبة المالية هي ما يُفصح عنها للأغراض الخارجية لبيان الوضع المالي والأداء للمستثمرين والدائنين، وتضم بنودها الإيرادات والنفقات والأصول والخصوم)، وهي تُصنّف التكلفة اعتمادًا على نوع المعاملة.

في محاسبة التكاليف تصنف التكاليف وفقًا لاحتياجات إدارة الشركة للمعلومات (لأغراض اتخاذ القرارات الداخلية، كما يقول الدكتور قدوري).  أي أن محاسبة التكاليف هي أداة داخلية توفر المعلومات للإدارة لأغراض “التخطيط والتنفيذ والرقابة،” ولا تخضع لمبادئ المحاسبة المقبولة عمومًا (Generally Accepted Accounting Principles-GAAP)، ومن ثمَّ فإن استخدام محاسبة التكاليف يختلف من شركة إلى أخرى.  ومع هذا فإن هناك فئات معينة من التكاليف تكاد أن تكون مشتركة بين الشركات كالتكاليف المباشرة، والتكاليف غير المباشرة، التكاليف الثابتة، والتكاليف التشغيلية.[15]

وكتب لاحقًا شارحًا ما يعنيه تطبيق محاسبة تكاليف النوعية/الجودة، أن معالجته

لموضوعات محاسبة [الـ]تكاليف (المعضلية)، تنصب على الجانب المحاسبي وتطبيقاتها في المنشأة الانتاجية والخدمية.  ان تطبيقها يستدعي تكلفة مرتفعة في إنشائها وتشغيلها، وجهدا كبيرا لتقديم خدمات أمثل للعملاء ولها أثرها على أرباح الشركة في المدى الطويل، مع توفير الكوادر المؤهلة، والامكانيات الفنية والادارية والمالية، واستخدام البرامج والموديلات الالكترونية في تطبيق نظام محاسبة التكاليف.

أن المقترحات الواردة في مداخلتكم بخصوص تحسين الجودة لعملاء شركات التأمين، كلها صحيحة وتنصب في عملية تطوير اداء هذه الشركات، والتكاليف الناتجة عن ذلك تتحملها هذه الشركات، (كنفقات) تظهر في سجلات حسابات الشركة، ممكن بفقرة خاصة (الجودة)، وإظهارها في التقارير المالية والإفصاح عنها بشكل احصائي، من دون حاجة الى قسم خاص بمحاسبة التكاليف.  لربما يطرح السؤال عن مدى إدراك هذه الشركات لأهمية تكاليف الجودة!؟

في ختام تعليقه كتب بأنه لا يرى “جدوى في تطبيق مثل هذا النظام في وحدات التأمين في العراق اليوم.”  وفي ظني أنه توصّل لهذا الاستنتاج بفضل معرفته بالوضع المتدني لقطاع التأمين العراقي.

تعد محاسبة التكاليف مفيدة لأنها يمكن أن تحدد أين تنفق الشركة أموالها، وكم تكسب من إيرادات، وما هي مصادر الهدر في موارد الشركة.  تهدف محاسبة التكاليف إلى إعداد التقارير والتحليل الذي يؤدي إلى تحسين ضوابط التكلفة الداخلية والكفاءة.  وعلى الرغم من أن الشركات لا تستطيع استخدام أرقام محاسبة التكاليف في بياناتها المالية أو للأغراض الضريبية، إلا أنها ضرورية للرقابة الداخلية.

معايير القيمة في التأمينات العامة: الموقف الرقابي

لا يضم قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 والتعليمات الصادرة من ديوان التأمين أية أحكام بشأن جودة المنتج التأميني، أو عرض قيمة المنتج، أو المعايير الخاصة بالخدمات المرتبطة بالمنتج، على سبيل المثل خدمات التعويض.

مثل هذه الأحكام جديدة على وظيفة الرقابة على النشاط التأميني.  مع تعاظم الاهتمام بحماية المستهلكين من سلوك الشركات نشأت الحاجة إلى ترجمة هذا الاهتمام في مجال التأمين إلى قواعد ملزمة.  فقد أقدمت هيئة الرقابة على التأمين في بريطانيا Financial Conduct Authority (FCA) على وضع أسس لضمان امتثال مجهزي خدمات التأمين [كشركات التأمين وشركات وساطة التأمين] لمعايير القيمة في مجال التأمينات العامة، وهي تنصب أساسًا على تلك التأمينات ذات الطابع الشخصي كالتأمين على السيارات والتأمين على المساكن.  فقد جاء في نشرة لها بتاريخ 10 تشرين الثاني 2021 حول معايير القيمة في التأمينات العامة:

لقد شخصنا القيمة الرديئة للمنتج في التأمينات العامة على أنها مجال للإضرار [بمصالح المؤمن لهم].  ولذلك أدخلنا قواعد للإبلاغ لمعالجة ذلك.  ويرجع سبب هذا الإضرار إلى عدم وجود منافسة فعّالة بين مجهزي منتجات التأمين والافتقار إلى معايير مشتركة للقيمة.

وعليه يتوجب على مجهزي هذه المنتجات:

  • الإبلاغ ببيانات عن معايير القيمة value measures بما في ذلك تكرار المطالبات بالتعويض [معدل التكرار خلال الفترة التي يغطيها الإبلاغ]، ومعدلات قبول المطالبات، ومتوسط مبالغ التعويضات المدفوعة، وشكاوى المطالبات كنسبة مئوية من المطالبات. و
  • التأكد من أن المنتجات تقدم قيمة عادلة للعملاء في السوق المستهدفة.[16]

تتطلب قواعد معايير القيمة من الشركات إبلاغ هيئة الرقابة بالبيانات الخاصة بالتأمينات العامة بغية نشرها.  ويذكر بيان الهيئة أنها تعمل على تقديم معايير إضافية للقيمة لحوكمة المنتجات لضمان أن منتجات الشركات تقدم قيمة عادلة للعملاء.

وتتوقع أن تؤدي معايير القيمة إلى تحسين شفافية السوق والمنافسة، فضلاً عن المساعدة في معالجة ضعف قيمة المنتج وتقليل مخاطر شراء أو بيع منتجات التأمينات العامة غير المناسبة.

وتوضح هيئة الرقابة أن القيمة تكمن في العلاقة بين السعر الذي يدفعه العميل وجودة المنتج.  غالبًا ما يكون تحديد سعر المنتج أمرًا سهلاً، ولكن في بعض الأحيان يكون تحديد الجودة أقل سهولة وهذا [عدم القدرة على تحديد الجودة] من شأنه أن يسهم في مخرجات هي لغير صالح العميل.[17]

من المعروف أن الامتثال للقواعد الرقابية ينطوي على تكلفة ويتطلب تثقيف العاملين لتجنيب الشركة من الوقوع في فخ خرق القواعد بسبب الجهل أو عدم المعرفة الكافية بها.  ولهذا فإن الشركات، ومنها شركات الوساطة والتأمين، تستخدم موظفًا وربما تؤسس قسمًا مختصًا لضمان الامتثال لقواعد الرقابة الداخلية ولقواعد الهيئات الرقابية على نشاطاتها.

لا نتوقع من ديوان التأمين ولوج هذا المجال قبل أن يقوم بإصلاح بيت التأمين العراقي وتخليصه من العوائق الفنية والقانونية المكبلة لتطوره.

الحاجة إلى البحث

حاولنا في هذه الورقة الاقتراب من موضوع محاسبة تكاليف الجودة كما عرضها الدكتور صباح قدوري، وعرض قيمة المنتج التأميني من قبل شركات التأمين التي يمكن أن تندرج تحت موديل جودة/نوعية الخدمة service quality model in insurance التي تقدمها الشركات.

إن عرض القيمة من قبل شركة التأمين لتسويق منتجاتها ليس كافيًا لوحده للنجاح في سوق قائم على التنافس ما لم يقترن بجودة الخدمة التي تقدمها، والتي يختبرها المؤمن له وقت إبرام عقد التأمين وإصدار وثيقة التأمين، وخدمة الوثيقة أثناء سريانها (كإدخال التعديلات على نص الوثيقة)، وتسوية المطالبة بالتعويض بسرعة (لإرجاع المؤمن له إلى الوضع الذي كان عليه قبل وقوع الحادث موضوع التعويض).  ولذلك، فإن عرض القيمة وجودة الخدمة ليسا مجرد مصطلحين على الورق بل تلخيصًا مكثفًا لعلة وجود الشركة وخاصة في سوق تنافسي.

يتضمن عرض القيمة وجودة الخدمة تكاليف في البحث عن العناصر المكونة لهما ومن ثم صياغتها ورسم الإجراءات/المعايير لتطبيقها.  وفي ظني أن محاسبة تكاليف الجودة تتولى الكشف عن مفردات التكاليف لتحقيق الكفاءة/الإنتاجية في عمل الشركة، أي الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة للشركة (موازنة المدخلات مع المخرجات).  ومن هذا المنظور (الكفاءة) فإن عرض القيمة وجودة الخدمة ومحاسبة تكاليف الجودة ليست مفاهيم مقصورة على أنظمة قائمة على التنافس، ويمكن استخدامها في غير هذه الأنظمة.

لكن الموضوع برمته، وهو جديد على قطاع التأمين العراقي، يحتاج إلى بحوث تجمع بين رسم استراتيجية التسويق، ومحاسبة تكاليف الجودة، وبناء موديل الخدمات، وتطوير الموقف الرقابي من جودة الخدمات ومعايير عرض القيمة على العملاء.

16 تشرين الثاني 2021


[1] صباح قدوري، “محاسبة التكاليف (المعضلية): محاسبة عوامل الإنتاج/الموارد البشرية، كمثال على ذلك،” شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2019/06/Sabah-Kadduri-The-issue-of-accounting-of-problematic-costs-1.pdf

[2] صباح قدوري، “نظام محاسبة التكاليف ووظائف الإدارة في وحدات إدارة الأعمال،” شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2015/10/17/%d8%af-%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%82%d8%af%d9%88%d8%b1%d9%8a-%d9%86%d8%b8%d8%a7%d9%85-%d9%85%d8%ad%d8%a7%d8%b3%d8%a8%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%83%d8%a7%d9%84%d9%8a%d9%81-%d9%88%d9%88%d8%b8/

[3] صباح قدوري، “محاسبة تكاليف (المعضلية): محاسبة حماية البيئة أنموذجًا،” الثقافة الجديدة، العدد 419-420، آذار 2021:

https://tareeqashaab-archives.com/index.php/2013-03-09-11-11-54/2615-419-420-2021

[4] جريدة طريق الشعب:

استخدم الدكتور صباح قدوري صفة (المعضلية) في دراسته “محاسبة تكاليف (المعضلية): محاسبة تكاليف النوعية/الجودة.”  لا أدري إن كان استخدام هذا الوصف شائعًا في الأدبيات المحاسبية.  ربما أراد منها الإشارة إلى كون محاسبة التكاليف ذات طابع إشكالي عَصيّ مستغلق على الحل أو الحل السريع.

[5] أنظر خانة التعليقات على مقال صباح قدوري، “ملاحظات حول السياسة الاستثمارية في القطاعات الاقتصادية في العراق بعد 2003،” شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2017/01/30/%d8%af-%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%82%d8%af%d9%88%d8%b1%d9%8a-%d9%85%d9%84%d8%a7%d8%ad%d8%b8%d8%a7%d8%aa-%d8%ad%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b3/

[6] مترجم بتصرف:

https://www.wordstream.com/blog/ws/2016/04/27/value-proposition-examples

[7] مترجم بتصرف:

https://www.cuttles.io/startup-definitions/how-to-define-your-unique-value-proposition

[8] https://en.wikipedia.org/wiki/Value_proposition

[9] مترجم بتصرف من مقال في انسيكلوبيديا الاستثمار: https://www.investopedia.com/terms/v/valueproposition.asp

[10] في بعض الأدبيات يستخدم مفهوم القيمة كمعادل للربح، كما في كتاب جون هانكوك، بول هوبر، بابلو كوخ، اقتصاديات التأمين: تخليق القيمة للمساهمين في شركات التأمين (بيروت: منتدى المعارف، 2015).

[11] https://www.investopedia.com/terms/v/valueproposition.asp

[12] مصدر سابق.

[13] https://en.wikipedia.org/wiki/SERVQUAL

[14] نقرأ في كتاب تأمين تدريسي إشارة إلى التنافس بين شركات التأمين على أساس الجودة Quality Competition

تجري منافسة الجودة على مستويين إذ تتنافس شركات التأمين من خلال تقديم أشكال موسعة من التغطية وخدمة السرعة في تسوية المطالبة بالتعويض.  في بعض أنواع التأمين، تشتمل مكونات الخدمة لمنتج التأمين على خدمات الفحص ومنع الخسائر التي تقدمها شركات التأمين.

Emmet J. Vaughan and Therese Vaughan, Fundamentals of Risk and Insurance (New York: John Wiley & Sons, eight ed., 1999), p 86.

[15] لمزيد من التفاصيل راجع: موقع جريدة المحاسبين:

https://almohasben.com/%D8%AA%D9%88%D8%B6%D9%8A%D8%AD-%D9%85%D8%AD%D8%A7%D8%B3%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%83%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%81.html

ويضم نقلًا مسهبًا بعنوان “توضيح محاسبة التكاليف،” من كتاب منير سالم، محاسبة التكاليف، دار النهضة العربية، 1999.

[16] https://www.fca.org.uk/firms/general-insurance-value-measures

[17] https://www.fca.org.uk/publication/policy/ps20-9.pdf

Notes on Two Books by Munem Al-Khafaji

ملاحظات سريعة على كتابين حول التأمين في العراق

د. صباح قدوري*

نشرت المقالة أصلًا في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2021/11/Sabah-Kadduri-Review-of-Munem-Al-Khafajis-Book-1-IEN.pdf

منعم الخفاجي، نحو قطاع تأمين عراقي فعّال: تحديات وحلول، (مكتبة التأمين العراقي، 2021)، ويتضمن المحاور التالية: مقدمة المحرر، مقترحات حول تطوير قطاع التأمين، مراجعة نصوص وثائق التأمين، التأمين في العراق: الواقع والطموح، التحديات التي يواجهها قطاع التأمين في العراق، سبل النهوض بقطاع التأمين (عرض موجز)، نحو قطاع تأمين عراقي فعال ـ تحديات وحلول.

منعم الخفاجي، تحديث نماذج من نصوص وثائق التأمين: وثائق التأمين من الحريق وخسارة الأرباح والسرقة والسيارات وحياة المقترضين، (مكتبة التأمين العراقي، 2021)، ويتضمن المحاور التالية: إهداء، مقدمة، التأمين من الحريق، وِثائق التصريحات، تأمين الخسارة الأولى، تأمين الخسائر التبعية أو (خسارة الأرباح)، التأمين من السرقة، التأمين من كافة الأخطار، تأمين السيارات، التأمين على حياة المقترضين، وثيقة التأمين الجماعي على الحياة، المراجع.

استلمت مؤخرًا هذين الكتابين من الزميل مصباح كمال.  لست متخصصًا في موضوع التأمين لكنه ليس بعيدًا من اهتماماتي في مجال المحاسبة وخاصة محاسبة التكاليف.  وقد سبق أن ناقشت مقالة الزميل منعم الخفاجي “الربح الإجمالي بين المحاسبة والتأمين” مركزًا على الجانب المحاسبي.  بفضل هذه الخلفية بادرت إلى قراءة كتابي الخفاجي، وكتبت الملاحظات أدناه في رسالة للزميل مصباح كمال

[1]

اطلعت على الكتابين المرسلين ضمن رسالتكم الأخيرة، فوجدتهما بأنهما يحتويان على مواضيع مهمة بخصوص قطاع التأمين العراقي، منها: الخلفية التاريخية للتأمين في العراق، دور التأمين في النشاط الاقتصادي والاجتماعي في فترات زمنية مختلفة مع التركيز على فترة الاحتلال الانكلو/امريكي للعراق في عام 2003 وحتى الوقت الراهن.  وكذلك توصيف الوضع الحالي لقطاع التأمين، بشقيه الحكومي (شركات التأمين العامة) والخاص.  وقد نقدها المؤلف بإيجابياتها وسلبياتها، عبر مراحل تطورها، مع مساهمة جادة في تقديم حلول ومقترحات بناءة لتطوير وتفعيل دور هذا القطاع المهم ضمن الاقتصاد الوطني، ومساهمته النشطة في عملية التنمية الوطنية المستدامة، بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية.

[2]

تناول المؤلف المواضيع المذكورة في الفقرة [1] أعلاه، بشكل منهجي ومهني ومعرفي، واتبع أسلوبًا وصفيًا وتحليليًا للمحاور الواردة فيها، واستخلص النتائج المرجوة من ذلك، وقدم حلولًا ومقترحات بناءة وموضوعية لمعالجة الإخفاقات المتراكمة في قطاع التأمين عبر الزمن، ولاسيما بعد الاحتلال، وهي إخفاقات ظلّت من دون حلول لها من قبل المسؤولين وأصحاب القرار في مختلف المستويات (ديوان التأمين، وزارة المالية، شركات التأمين ذاتها)، مما أضاف إلى تراجع دور قطاع التأمين في أداء مهمته بشكل طموح، أي المساهمة بقسط في عملية التنشيط الاقتصادي، والتنمية من خلال الاستثمار.

[3]

لقد تم التركيز على المحاور الواردة في هذين الكتابين على الجوانب المهنية والمعرفية والتنظيمية والقانونية، على حساب الجانب الاجتماعي، وتأهيل القوى البشرية، وجودة الخدمات للعملاء، ودور ثقافة العاملين في أداء مهام عملهم والمجتمع بشكل عام، وتكنلوجيا المعلومات، وكذلك دور الجامعات والمعاهد ذات الاختصاصات والعلاقة بموضوع التأمين، ومدى مساهمتها في عملية التطوير، وإيجاد آليات فعالة وضرورية لتصحيح مسار القطاع، ليكون فعالا في أداء مهامه بالشكل المطلوب.  هذه الملاحظة لا تقلل من قيمة ما عرضه لنا المؤلف في ثنايا كتاب نحو قطاع تأمين عراقي فعّال.  على سبيل المثل، مناقشته لدور التدريب المهني في النهوض بقطاع التأمين.

لعلنا لا نبالغ إذا قلنا إن هناك شحّة في الدراسات والمقالات في المجالات التي أتينا على ذكرها.  أقول هذا رغم أن الزميل مصباح كمال هو من بين الأغزر في عرض قضايا التأمين العراقي والتعامل معها من منظور نقدي.  لذلك، نتمنى من المختصين والمهتمين بالشأن التأميني المساهمة في اغناء هذه المواضيع، التي أرى انها مكملة لتلك التي تم معالجتها في الكتابين، والاستفادة منها في تطوير مختلف جوانب مؤسسة التأمين، وصولًا إلى تعزيز مكانة هذه المؤسسة ومساهمتها في التنمية الاقتصادية.

[4]

لن يفوتني هنا أن أقيم واثمن وأقدر عاليا مساهمة الزميل كمال وانتاجه الفكري الغزير في مجال التأمين.  كلما قرأت له مقالًا أو كتابًا في التأمين ازددت قناعة أن قطاع التأمين العراقي، رغم بؤسه الحالي، فإن وعد إسهامه في الاقتصاد ما زال موقوفًا.  إن كتاباته وكتابات زملائه ومن بينهم منعم الخفاجي ما هي إلا لبنات في رسم معالم لتطوير قطاع التأمين العراقي.  فلهم كل الشكر، رغم تقدم العمر بهم، على المتابعة والتنوير واجتراح الحلول. وهنا لن يفوتني أيضا بأن أتقدم بجزيل الشكر والامتنان للزميل مصباح لقيامه بتحرير هذه المقالة المتواضعة.

5 تشرين الثاني 2021

* باحث أكاديمي وكاتب اقتصادي/علوم المحاسبة الدولية