Monthly Archives: أوت 2020

COVID-19 Impact on Insurance

تأثير فيروس كورونا على التأمين

منعم الخفاجي

نشر هذا المقال أصلًا في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

لقد اجتاح وباء كورونا العالم بأسره وخلّف ويخلف آثاراً قوية على مختلف نواحي الحياة حيث حصد آلاف الأرواح وحجر الناس في منازلهم، وامتدت تداعياته لتشمل مختلف جوانب اقتصاديات العالم ومن بينها التأمين وبشكل غير مسبوق حيث فاقت أضراره حتى ما خلفه الكساد الاقتصادي الذي اجتاح العالم سنة 1928 – 1929.

إن ما يهمنا في هذه الورقة هو تداعيات هذا الوباء على قطاع التأمين وكيفية التعامل معها وفقا لشروط وأحكام مختلف عقود التأمين. ومن أهم هذه التداعيات – انخفاض إجمالي أقساط التأمين وأقساط إعادة التأمين، انخفاض عوائد الاستثمار وزيادة المطالبات غير المحسوبة.

أولاً– انخفاض أجمالي أقساط التأمين وأقساط إعادة التأمين

1- توقف العمل في كثير من الأنشطة الصناعية والتجارية بشكل عام، كليا أو جزئيا، بسبب الحجر الصحي ومنع التجول أدى إلى انخفاض عدد طلبات التأمين الجديدة إضافة إلى ما سيتحقق من أقساط تأمين مرجعة نتيجة لتعديل الأغطية الاعتيادية السارية لتتطابق مع حالة توقف الأنشطة المفروضة بسبب الحجر ومنع التجول، وبسبب هذا الوضع سيحصل انخفاض شديد في دخل أقساط التأمين عما هو مخطط له، مع بقاء المصاريف الإدارية دون انخفاض يذكر، وهذا ما يشكل حالة سلبية على نتائج العمل.

2- تماشيا مع توقف الأنشطة الذي أدى إلى انخفاض فرص تحقق الخطر/الأخطار المؤمَن منها، يتوجب على المؤمنين، إحقاقا للحق، الحرص على تغيير الأغطية السارية بأخرى تتلاءم مع حالة توقف النشاط وتطبيق الأسعار الملائمة وفقاً لشروط كل عقد من عقود التأمين.  إن طرق تغيير أغطية التأمين لتتلاءم مع حالة توقف الأنشطة معروفة وتتم مزاولتها من قبل المختصين (المكتتبين) بالظروف الاعتيادية بشكل طبيعي وكلما استجد ظرف يستدعي ذلك، ولكن نحن الآن أمام حالة عامة تتطلب الاهتمام والمرونة والشفافية التامة من قبل المؤمنين لما لها من تأثير مستقبلي على قطاع التأمين، يتجلى في تعزيز ثقة المؤمن لهم بشركات التأمين.

ومن الأسس العامة التي يجب الالتزام بها عند تنفيذ هذه المعالجات ما يلي:

أ– متى ما استحق قسط مرجّع عن عملية تغيير الغطاء أو إنهائه يتوجب أن يتم احتسابه بالطريقة النسبية (Pro-rata basis) بغض النظر عن شرط الإنهاء، وهو حق وعدل باعتبار أن إنهاء سريان التأمين أو تخفيض سعر أو مبلغ التأمين لم يكن بإرادة المؤمن له إنما جاء بسبب هذا الظرف القاهر(Force majeure).

ب- تأريخ إنهاء أو استبدال غطاء التأمين يتم من التأريخ الفعلي لتوقف وغلق محل العمل بغض النظر عن طلب المؤمن له باعتبار أن الحالة السائدة يفترض فيها العلم العام أولاً، وأن الخطورة قد انخفضت من التأريخ الفعلي لتغير هذا الظرف ثانياً.

جـ – في حالة وجود حادث واقع خلال فترة التأمين المعنية ترتب عليه تعويض مدفوع أو قابل للدفع، لا قسط مرجع يستحق للمؤمن له إذا زاد مبلغ التعويض/التعويضات المتحققة خلال مدة التأمين على نسبة محددة من قسط التأمين (70% مثلاً).

د- إعادة جدولة تسديد أقساط التأمين مستحقة الدفع وعدم التمسك بشرط دفع قسط التأمين.

فيما يلي بعض المعالجات لعدد من أنواع التأمين على سبيل المثال وليس الحصر:

1- التأمين من الحريق

تتضمن وثيقة التأمين من الحريق شرطاً يقضي بتوقف التأمين إذا تُرك البناء المؤمَن عليه و/أو محتوياته لمدة معينة (30 يوماً مثلاً) بشكل مستمر.  ولكن بقدر تعلق الأمر بتوقف العملية الإنتاجية في المصانع والأنشطة الأخرى فإن خطر الحريق وعدد من الأخطار الملحقة بوثيقة التأمين من الحريق تتراجع فرص تحققها أو يتلاشى تحقق البعض من الأخطار الملحقة، فبدلاً من إنهاء التأمين بشكل تام يمكن استبدال الغطاء الاعتيادي الساري بغطاء يتناسب مع حالة التوقف هذه يدعى بغطاء الخطر الساكن (Silent risk) ويطبق سعر تأمين مناسب حسب تقدير المكتتب يحتسب بموجبه قسط التأمين المرجع للمؤمن له بالطريقة النسبية. ونص هذا التعديل بسيط حيث يتم الاتفاق على أن العملية الإنتاجية في محل التأمين متوقفة تماماً ولا تجري فيه أي من عمليات الصيانة وعلى أن تتوفر حراسة مستمرة طيلة فترة التوقف.

2- التامين على السيارات

بقدر تعلق الأمر بالغطاء الشامل من كافة الأخطار (Comprehensive cover) عند توقف العجلة عن الاستخدام يمكن بدلاً من إنهاء التأمين بالكامل استبدال الغطاء ليشمل أضرار العجلة وهي في حالة توقف ( (Laid up coverحيث يترتب قسط مرجع يتناسب مع هذه الحالة يحتسب طيلة فترة التوقف. أما غطاء الشخص الثالث والحريق والسرقة فيُعدَّل ليقتصر على خطري الحريق والسرقة فقط دون أضرار الشخص الثالث ويعاد إلى المؤمن له القسط المرجع المستحق. وبالنسبة لوثائق التأمين الخاصة بغطاء المسؤولية تجاه الشخص الثالث يمكن إنهائها أو أن يتم تعليق التأمين خلال فترة عدم الاستخدام ومن ثم بعد بدء استخدام العجلة تمدد فترة التأمين بمقدار فترة التوقف دون قسط إضافي.

3- التأمين الهندسي

وثيقتي التأمين الهندسي، الإنشاءات من كافة الأخطار((CAR و النصب من كافة الأخطار(EAR) يتضمنان استثناءً يقضي بتوقف التأمين إذا توقف العمل ( (Cessation of worksفي الموقع لمدة معينة تزيد على (لنفرض 60) يوماً بشكل مستمر، إلاّ إذا تم إعلام المؤمِن ويتخذ هذا الأخير إجراءً، بموافقة المؤمن له، يقضي باستمرار سريان التأمين ولكن بعد استبدال الغطاء الشامل من كافة الأخطار بغطاء آخر يعرف باسم (Stand still cover) يشمل أُخطاراً مسماة أهمها أخطار الطبيعة (Act of God), الحريق …الخ ويعالج قسط التأمين وفقاً لطبيعة كل موقع.

4– تأمين خسارة الأرباح

عقد تأمين خسارة الأرباح يعامل كما تُعامل وثيقة الخسائر المادية الملحقة بها وثيقة تأمين خسارة الأرباح بقدر تعلق الأمر بسعة غطاء التأمين وسعر التأمين وكذا شمول التعويض من عدمه.

وعلى هذا المنوال تُعالج الأغطية الأخرى وتعديلها لتتطابق مع الخطورة المستجدة وفقاً لشروط كل عقد واستناداً لمبادئ التأمين. ففي تأمين الطيران مثلاً يمكن استبدال أغطيتها الاعتيادية بغطاء يشمل الحوادث والطائرة على الأرض في حظائرها.

ثانياً- انخفاض عوائد الاستثمار

انخفاض عوائد الاستثمار يتفاوت حجمه من شركة إلى أخرى حسب نوع وطبيعة هذا الاستثمار إذ من المعروف إن شركات التأمين وشركات إعادة التأمين تعتمد وبشكل كبير على عائد استثماراتها، وتراجع هذا العائد له تأثير سلبي يفوق في أحيان كثيرة تأثير انخفاض أقساط التأمين. فبالإضافة إلى انخفاض عوائد الاستثمارات غالبًا ما يحصل تدني في قيمة أسهم الشركة نفسها و/أواسهم الشركات المستثمَر فيها.

ثالثا- التعويضات

قد تتلقى بعض شركات التأمين طلبات تعويض عديدة غير محسوبة بسبب وباء كورونا يتوجب تسويتها بكل شفافية في ضوء أحكام وشروط عقد التأمين المبرم بين المؤمن والمؤمن له ولا يحق لأي جهة أخرى، رسمية كانت أو مدنية، التدخل وأي خلاف بين طرفي العقد، كما هو الحال في التعويضات الأخرى، يمكن حله باللجوء إلى تسوية رضائية أو التحكيم أو المحاكم المختصة، وكلٌ يجب أن يتحمل مسؤوليته وله الحق أن يتشبث بحقوقه العقدية والقانونية.

هذا وإن شمول تعويضات كورونا بموجب أغطية وثائق التأمين المختلفة من عدمه أمر في غاية الوضوح وذلك بتطبيق شروط وأحكام عقد التأمين المعني على كل حادث يكون سببه المباشر الفعّال (proximate cause The) الحالة أو الظرف اللذين أوجدهما هذا الفيروس في مراحله المختلفة من بينها غلق محال التأمين بسبب الحجر المنزلي الطوعي أو الإجباري ومنع التجول توخيًا من هذا الفيروس الخبيث وما ينتج عن حالة الغلق من أضرار مادية مباشرة أو حتى تبعية إذا كان محل التأمين مغطى بتأمين خسارة الأرباح (Loss of Profit Insurance).وإقرار شمول وتسوية التعويض يتم بتطبيق ظروف كل حالة مع شروط وأحكام عقد التأمين المعني انطلاقا من مبدأ “العقد شريعة المتعاقدين”.

فيما يلي بعض المعلومات التي يمكن أخذها بنظر الاعتبار عند تسوية التعويضات التي يكون سببها الوباء أو الناتجة عن هذا الوباء:

أولاً- وثائق التأمين على الحياة ووثائق التأمين الصحي:

1– وثائق التأمين على الحياة

في هذه الوثائق عادة تكون حالة الوفاة غير محددة بسبب أو مرض معين عدا ما مستثنى منها صراحة من أسباب. لذلك:

أ) إذا كانت وثيقة التأمين على الحياة لا تتضمن شرطاً صريحاً يقضي باستثناء الأوبئة تعتبر حادثة الوفاة بسبب وباء كورونا مشمولة بغطاء الوثيقة سواءً تحققت الوفاة أو أي منفعة إضافية أخرى تتميز بها وثيقة التأمين الخاصة بموضوع الحادث، قبل أو بعد إعلان منظمة الصحة العالمية (WHO) بأن مرض فيروس كورونا أصبح وباءً اعتبارا من 11/3/2020.

ب) إذا كانت وثيقة التأمين تخضع لاستثناء الأوبئة.

ب1) إذا كان الحادث قد تحقق قبل 11/3/2020 وهو تأريخ إعلان فيروس كورونا وباءً، فيعتبر مشمولاً بالتغطية باعتبار أن هذا الحادث لم يكن وباءً خلال الفترة قبل الإعلان، إنما اعتبرته منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ.

ب2) الحادث المتحقق بعد تأريخ إعلان كورونا وباءً لا يعتبر مشمولاً بالتغطية استناداً إلى نص استثناء الأوبئة.

2– وثائق التأمين الصحي

ما مذكور في الفقرتين ( أ و ب ) أعلاه ينطبق على وثائق التأمين الصحي التي تنص على أن الحادث لم يحدد بسبب أو بمرض معين إنما جاء النص مطلقًا عدا ما هو مستثني صراحة من أمراض أو حوادث.

أما إذا كان غطاء الوثيقة محدداً بأخطار مسماة ولم يكن من بينها وباء كورونا، الذي نحن بصدده فالتعويض يكون غير مشمول بشكل مطلق.

ثانياً- وثائق التأمينات العامة

1- وثائق الأخطار المسماة

إذا كانت الوثيقة تغطي أخطارا مسماة (named perils) ليس من بينها وباء كورونا، كما هو الحال بالنسبة لوثيقة التأمين من الحريق الاعتيادية التي تغطي أخطار الحريق، الصاعقة والانفجار بشكل محدود، حتى وإن تم توسيع غطاء هذه الوثيقة لتشمل بعض الأخطار المتعارف على إضافتها إليها كالانفجار، العواصف والزوابع، الفيضان والانغمار …الخ وطبعا ليس من بينها الأوبئة، يكون الحادث غير مغطى بالوثيقة بشكل مطلق وبغض النظر عن تأريخ تحققه.

2- وثائق التأمين من كافة الأخطار

إذا كانت الوثيقة من الوثائق التي يطلق عليها وصف “كافة الأخطار” أي إن غطائها لم يحدد بأخطار بعينها وإنما يشمل الأضرار المتحققة لأي سبب عدا ما يُنص على استثنائه صراحة في وثيقة التأمين أو ضمنًا بحكم القانون. ومن هذه الوثائق، على سبيل المثال لا الحصر، الوثيقة الصناعية من كافة الأخطار (Industrial All Risks Policy) ووثيقتا التأمين الهندسي، الإنشاءات من كافة الأخطار (CAR) والنصب من كافة الأخطار (EAR)، يكون حكم التعويض بموجبها كالآتي:

أ) إذا كانت الوثيقة تخضع لاستثناء الأوبئة:

أ-1 فالحادث الذي سببه هذا الوباء، المتحقق قبل تأريخ إعلان فيروس كورونا وباءً اعتباراً من 11/3/2020، يعتبر مشمولاً بالتغطية باعتباره لم يكن كذلك خلال الفترة قبل الإعلان عن تأريخ بدء الوباء، بل كما ذُكر سابقاً كان يعتبر حالة طوارئ حسب منظمة الصحة العالمية وليس وباءً.

أ-2) أما الحادث الذي سببه هذا الوباء، والذي يتحقق بعد تأريخ إعلان كورونا وباءً لا يعتبر مشمولاً بالتغطية استناداً إلى نص استثناء الأوبئة.

ب- أما إذا كانت الوثيقة لا تخضع لاستثناء الأوبئة فيعتبر الحادث الذي سببه وباء كورونا مغطى بموجب هذه الوثائق سواء وقع قبل أو بعد إعلان كورونا وباءً.

3- وثائق تأمين خسارة الأرباح

تُعامل تعويضات وثائق تأمين خسارة الأرباح كما يعامل التعويض بموجب وثيقة التأمين على الخسائر المادية التي ترتبط بها وتستند إليها وثيقة خسارة الأرباح، إذ أن هذه الأخيرة من شروطها المهمة شرط يدعى بشرط الأضرار المادية (material damage proviso) يقضي بوجوب وجود تأمين ساري المفعول يغطي مصلحة المؤمن له في الأضرار المادية للبناء أو للأموال الموجودة فيه وأن يكون تعويضها قدتم دفعه أو تم الاعتراف بالمسؤولية بموجب نفس وثيقة الأضرار المادية هذه.

وفي حالة توقف أو اضطراب العمل في البناء المؤمَن أو المؤمنة محتوياته بسبب وباء كورونا حتى دون تحقق أضرار مادية تعتبر الخسارة التبعية المتحققة بسبب هذا التوقف أو اضطراب العمل مغطاة بوثيقة تأمين خسارة الأرباح بشرط أن يكون الضرر المادي في حالة تحققه مشمولاً بوثيقة الأخطار المادية. مع الأخذ بنظر الاعتبار إن النص الوارد في شرط الأضرار المادية “أن يكون التعويض قد تم دفعه أو تم الاعتراف بالمسؤولية” ليس هدفًا بقدر تعلق الأمر بوثيقة تأمين خسارة الأرباح إنما هو وسيلة لإثبات أن أضرار خسارة الأرباح كانت نتيجة لحادث مشمول بغطاء هذه الوثيقة.  وبالنسبة لبعض نماذج وثيقة تأمين خسارة الأرباح المتقدمة (Advance Loss of Profit (ALOPأو تأخير الشروع في العمل Delay in Start-Up (DSU)الملحقة بوثيقتي الإنشاءات (CAR) والنصب (EAR)من كافة الأخطار يكون النص فيها كالآتي:

“يقوم المؤمن بتعويض خسارة الربح الإجمالي نتيجة لتأخر الشروع في بدء العمل بسبب حادث مغطى بوثيقتي الإنشاءات (CAR) أو النصب (EAR) من كافة الأخطار.” ويعتبر هذا دليلاً على أن الهدف من النص الوارد في وثيقة تأمين خسارة الأرباح الناتجة عن الحريق “أن يكون التعويض قد تم دفعه أو تم الاعتراف بالمسؤولية”إنما هو لإثبات شمول الحادث الذي أدى إلى الخسارة في الربح الإجمالي بغض النظر عن تحقق خسائر مادية من عدمه.  وثمة حالة أخرى، لو حدث حريق مغطى بوثيقة تأمين الأضرار المادية (الحريق مثلا) وكانت أضراره لا تذكر أو أنها طفيفة تقع ضمن الاستقطاع المنصوص عليه في وثيقة الخسائر المادية، في هذه الحالة لن يكون هناك تعويض تم دفعه أو اعتراف بالمسؤولية. هل هذا يعني أن الخسائر المتحققة في الربح الإجمالي عن هذا الحادث غير مغطاة في وثيقة خسارة الأرباح؟

ومن الضروري أيضًا ملاحظة ما يلي:

1- لغرض تطبيق الاستقطاع (deductible) وبقدر تعلق الأمر بوثيقتي التأمين الهندسيCAR) ) و EAR)) حيث يخضعان عادة إلى نوعين مختلفين من الاستقطاع أحدهما لحوادث أخطار الطبيعة (Act of God) والآخر لغيرها، وحيث لا فرق من حيث شمول أو عدم شمول أضرار هذا الوباء بالتأمين سواء كان يعتبر من أخطار الطبيعة أو من صنع البشر ولكن فقط لغرض تطبيق الاستقطاع، ولحد الآن يعتبر هذا الوباء من أخطار الطبيعة، عليه عند احتساب مبلغ التعويض يطبق الاستقطاع الخاص بهذه الأخطار، وإذا ثبت فيما بعد أنه كان من صنع البشر عندها يطبق الاستقطاع الخاص بالحوادث الأخرى.

2- على شركة التأمين أن لا تقر بدفع التعويض، إذا كان طبعًا مستثنى، إلّا إذا استنفدت كل مراحل التقاضي وصدر الحكم ضدها واكتسب الدرجة القطعية، في هذه الحالة فقط يحق للمؤمِن الرجوع على معيدي التأمين واسترجاع حصتهم من التعويض استنادا إلى شرط وحدة المصير بمختلف مسمياته follow the settlement  أوfollow the underwriter follow the fortune, جميع هذه التسميات تعني إن المعيد يتبع مصير المؤمن، وإلا فإن التسديد بغير هذه الطريقة يعني التسديد دون التزام (ُEx-gratia payment) وهذا يتطلب استحصال موافقة المعيد مسبقًا وبالتأكيد هي غير ممكنة في ظل الظروف الحالية.

3- مع هذا الانتشار لوباء كورونا وما قد سيترتب عليه من أحداث تترتب عليها تعويضات أو قد تثير جدلاً وخلافات بين المؤمنين والمؤمن لهم تكون نتائجها سلبية على قطاع التأمين، أرى أن تحتاط شركات التأمين وشركات إعادة التأمين العربية من الآن لمثل هذه الحالات وما قد يترتب عليها من نتائج سلبية غير محسوبة كما حصل في وقت غير بعيد مع ما سببته مادة الأسبستوس من تداعيات على صحة العاملين في هذا الحقل وما ترتب عليها من تعويضات غير محسوبة ولم يحتاط لها في الوقت المناسب، أدت إلى تداعي كبريات شركات التأمين وشركات إعادة التأمين من بينها مكتتبي لويدز. لذا يكون الآن مناسباً لاتخاذ الإجراء اللازم لاستثناء هذا الوباء وما شابهه من الأمراض المعدية بشكل واضح.  ويمكن الاستفادة من نموذج تظهيرة استثناء الأمراض المعدية الصادرة عن هيئة مكتتبي لويدز والتي تلحق بوثائق التأمين على الأموال (LMA 5393) أو أي نص مناسب، أو أن يُحتاط لها.

وفي حالة أي خلاف بين المؤمن والمؤمن له يجب الاستمرار بحلّه بالطرق الودية الاعتيادية أو بالتحكيم أو اللجوء إلى المحاكم إن أقتضى الأمر.

وكلٌ ينال ما يترتب عليه من الجائحة التي تعصف بالكل دون تفريق. أما الجهات الرسمية وغير الرسمية، التي ترغب بإبداء العون والمساعدة وهو من واجبات الحكومات والدول مساعدة الأنشطة المتضررة من احتياطياتها، فعليها أن لا تنقل هذا العبء على جهات ربما هي الأخرى تحتاج إلى مساندة كما هو الحال بالنسبة لشركات التأمين وشركات إعادة التأمين.

درس بليغ في إدارة المخاطر

قدم لنا وباء كورونا مثلا على أن أسوأ السيناريوهات ممكن أن تحدث.  ما حدث هو “الوزة السوداء” Black Swan الذي تحدث عنها الباحث والمفكر اللبناني نسيم طالبNassim Nicholas Taleb طويلا.  وباعتقادي فإن إدارة المخاطر ستتطلب بعد اليوم القبض على مفاصل التغيرات البينية والتكنولوجية والمناخية وما يمكن أن ينشأ منها من خسائر كارثية. هذا يعني ان صناعة التأمين ستحتاج إلى معلومات أكثر حول التعرضات الممكنة والمحتملة. وربما الأهم فإن الصناعة ستحتاج قدرة أكبر على التخيل والتصور من اجل صياغة أو وضع سيناريوهات الكوارث ممكنة الحدوث.[1]

منعم الخفاجي

4/ حزيران/ 2020


[1]أشكر الزميل تيسير التريكي على تقديم هذه الفكرة.