Monthly Archives: جويلية 2019

Revising the Wording of Some Insurance Policies

حول إعادة صياغة نصوص بعض وثائق التأمين

 

 

منعم الخفاجي

 

من المعروف ان نصوص وثائق التأمين المعتمدة في سوق التأمين العراقية، ومنها شركة التأمين الوطنية الأعرق بين شركات التأمين العراقية، تم استخدامها منذ بدء مزاولة التأمين في العراق بشكله الحديث في النصف الأول من القرن العشرين.  وهذه النصوص مقتبسة من نماذج باللغة الإنكليزية، كانت معتمدة من سوق التأمين البريطانية.  ومنذ ذلك الحين ولحد الآن وبعد ترجمة عدد منها الى اللغة العربية لم يجري عليها أي تطوير أو تعديل لبعض شروطها لا بل أنها أبقت على أخطاء نشأت عند طباعتها وتكرار طباعتها.  وما تمَّ تعديله تضمن بعض الاجتهادات الخاطئة، كما هو الحال في تعريف السرقة واستخدام المفاتيح في تأمين النقد … الخ.

 

فيما يلي أمثلة لبعض من هذه الوثائق.

 

  • وثيقة التأمين من الحريق

 

إن نموذج وثيقة التأمين من الحريق المعتمد حالياً في شركات التأمين العراقية ومنها بشكل خاص شركة التأمين الوطنية وفي عدد من شركات التأمين العربية، مستنسخ من نموذج تم تنظيمه من قبل لجنة مكاتب التأمين من الحريق البريطانية خصيصاً لاعتماده من قبل فروع ووكالات شركات التأمين البريطانية العاملة في دول ما وراء البحار تحت أسم “وثيقة التأمين من الحريق لدول ما وراء البحار (Overseas Fire Policy)، حسب تسمية اللجنة لها، تمييزاً لها عن وثيقة الحريق النموذجية المعتمدة في بريطانيا المسماة بوثيقة الحريق النموذجية (Standard Fire Policy).

 

أما نموذج وثيقة الحريق العربية الموحدة (عممت بهذا الاسم من قبل الاتحاد العام العربي للتأمين سنة 1974 على شركات التأمين الأعضاء) فهو نسخة لنموذج وثيقة التأمين من الحريق لدول ما وراء البحار.  وهي تختلف عن الوثيقة النموذجية في كون الغطاء الذي تمنحها أضيق وشروطها أكثر[1]، إضافة الى ما تخللها من أخطاء من جراء تكرار الطبع.  ومن هذه الاخطاء في نص هذه الوثيقة، كما في غيرها من نماذج الوثائق المعتمدة في الشركة، على سبيل المثال لا الحصر، تم حذف النص الجزائي المهم من الشرط التالي: على أن تراعى الشروط والاستثناءات والأحكام الأخرى المذكورة … الخ” الذي يرد في مقدمة وثائق التأمين كافة.

 

والنص الكامل يجب أن يكون كالآتي:

 

“على أن تراعى الشروط والاستثناءات والأحكام الأخرى المذكورة ……الخ وأن التزام المؤمن له بها وتنفيذه لها يعتبران شرطاً مسبقاً لاستحقاقه مبلغ التعويض”.

 

إن غياب هذا النص أو أن يرد النص بدون الجزء الأخير منه أعلاه، كما هو الحال في وثائق التأمين الحالية، يعني أن لا جزاء على عدم التزام المؤمن له أو عدم تنفيذه للشروط المسقطة لحق المؤمن له بالتعويض، بالرغم من النص عليها في وثيقة التأمين.

 

كما ويوجد نقص جوهري في نص الشرط الأول من الشروط العامة لوثيقة التأمين وهو:

 

أما إذا كان هذا السهو أو الاغفال أو التصريح غير الحقيقي أساساً لقبول هذا التأمين أو قد تمَّ بسوء نية فللشركة أن تعتبر هذا العقد باطلاً اعتباراً من تأريخ وقوع أي من هذه الحالات.

 

  • وثيقة السرقة

 

إن ما جاء أعلاه ينطبق أيضاً على وثيقة التأمين من السرقة.  تضمن تعريف السرقة، الوارد في نص نموذج هذه الوثيقة، شمول السرقة في حالة استعمال مفاتيح مستنسخة وهذا الأمر يجب أن يكون محل استثناء لأنه يلغى شرط الدخول القسري لارتكاب السرقة.

 

  • وثائق تأمين النقد

 

وكذلك تم تطبيق هذا التعريف للسرقة على وثائق تأمين النقد، وهذا خطأ أكبر إذ أن المفاتيح في وثائق تأمين النقد لها شروط محددة تختلف عن وثيقة السرقة، تفتقر لها وثائقنا، يجب النص عليها تماشياً مع مختلف نماذج وثائق التأمين في الدول الأخرى.

 

إن ما جاء أعلاه وغيرها من أمور ينطبق على عدد كبير من نماذج الوثائق الحالية المستخدمة في الشركات العراقية عامة.

 

بناءً على هذا العرض السريع والقصير فإن نصوص الوثائق المعتمدة في سوق التأمين العراقية تحتاج الى تعديل وإعادة صياغة لمواكبة التطورات الاجتماعية والاقتصادية، وكذلك التقدم الحاصل في أسواق التأمين المتقدمة في صياغة نصوص الوثائق، إضافة إلى ضمان تطابقها مع القوانين السائدة التي تحكم عقد التأمين.  وبهذا الشأن يقول زميلنا مصباح كمال جواباً على سؤال: لماذا إعادة النظر في نصوص وثائق التأمين:

 

هناك اعتبارات عديدة، ومنها: التخلص من الأخطاء المطبعية، وسلامة التنقيط، وإبراز الشروط المُسقِطة لحق المؤمّنَ له، أو إبراز الشروط التي يفرضها القانون كشرط التحكيم الذي ينص القانون المدني العراقي على إبرازه بصيغة واضحة.  ومنها أيضاً التخلص من اللغة غير الواضحة والتي دخلت في النص من خلال الترجمة (فالعديد من وثائق التأمين المستعملة كانت أصلاً مترجمة من اللغة الإنكليزية في المشرق العربي، والفرنسية في المغرب العربي.[2]

 

هناك الكثير الذي ينتظرنا لتطوير قطاع التأمين العراقي، فلنعمل معاً لخدمته وتطويره.

 

تموز/يوليو 2019

 

[1]– منعم الخفاجي، مدخل لدراسة التأمين (بيروت: منتدى المعارف، 2018)، الفصل السادس عشر: وثيقة الحريق النموذجية ووثيقة الحريق العربية الموحدة: دراسة مقارنة، صفحة، 185-217.

[2] كتاب احتفاء بالقيمة، تيسير التريكي يحاور مصباح كمال (بيروت: منتدى المعارف، 2018)، صفحة 124.