Monthly Archives: جويلية 2017

Insurance in Iraq’s Free Zones

التأمين في المناطق الحرة

 

مصباح كمال

 

نشر هذا التعليق أصلاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2017/07/01/%d9%81%d8%a7%d8%b1%d9%88%d9%82-%d9%8a%d9%88%d9%86%d8%b3-%d8%ad%d9%88%d8%a7%d8%b1-%d8%a7%d9%81%d8%aa%d8%b1%d8%a7%d8%b6%d9%8a-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d9%86%d8%a7%d8%b4%d8%b7-%d9%85%d8%af%d9%86%d9%8a/

 

نشر الأستاذ فاروق يونس حواراً افتراضياً شيّقاً ومفيداً بين ناشط مدني وخبير اقتصادي حول المناطق الحرة (موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين)[1] وقد ضمَّ الحوار فقرة ذكر فيها التأمين على لسان الخبير جواباً على سؤال عن فوائد المناطق الحرة منها: تنشيط “المؤسسات المالية والمصرفية وخاصة شركات التأمين والنقل.”

 

وذكر التأمين أيضاً في ختام الحوار جواباً على أطروحة أن اقامة المناطق الحرة في العراق يساعد على تكيف الشركات التجارية مع اقتصاد السوق:

 

الخبير – نعم؛ إن نشوء ونمو وتطور المناطق الحرة يتوقف على مدى توفر الخدمات المساندة كخدمات المطارات والسكك الحديد وخدمات النقل البحري ومكاتب الشحن والتخليص الكمركي وليس بإمكان المستثمرين العاملين في المناطق الحرة ممارسة عملهم في الاستيراد والتخزين والتصنيع واعادة التصدير دون وجود خدمات تأمين وخدمات مصرفية وخدمات اتصالات حديثة.

 

حسب المعلومات المتوفرة فإن المناطق الحرة الثلاث في خور الزبير والقائم ونينوى لا تضم شركات تأمين عراقية أو فروع لشركات تأمين أجنبية، إذ أن الموقع الرسمي للهيئة العامة للمناطق الحرة[2] يخلو من إشارة لوجود شركات تأمين في هذه المناطق. وقبل سنوات (كانون الثاني 2012) أكد الخبير الاقتصادي باسم أنطوان لجريدة الحياة بمناسبة قيام الهيئة العامة للمناطق الحرة وضع خطة لاستحداث مناطق حرة جديدة وإحياء المناطق القائمة[3]:

 

عدم إمكانية تسمية المناطق التي استحدثها النظام السابق بالمناطق الحرة بالمعنى الحقيقي، فالعراق لا يملك البيئة المناسبة لقيام تلك المناطق من حيث القوانين التي تحمي نشاطها والقوانين المشجعة على الاستثمار ودخول الأموال من الخارج. وقال: «لا يملك العراق الخبرات الكافية لإدارة تلك المناطق ولا البنية التحتية مثل المصارف التي تعمل بأنظمة حديثة، كما أن البلاد تخلو من شركات التأمين الرصينة». وسأل: «كيف ستعمل المناطق الحرة والأجهزة الأمنية حتى الآن غير قادرة على وضع حد لنشاط عصابات ومافيات السلب؟ من سيحمي الأموال التي سيستثمرها رجل الأعمال المحلي أو العربي أو الأجنبي؟”

 

بعد وزن الأمور خلال الفترة من 2102، عندما قيَّم الأستاذ باسم أنطوان أوضاع المناطق الحرة، وخالفته في مسألة وجود شركات تأمين رصينة، وحتى الوقت الحاضر فإننا لم نشهد تطوراً حقيقياً في هذه الأوضاع. لذلك فإن ما أكَّد عليه يظل صحيحاً.

 

كما أن مجلس إدارة الهيئة العامة للمناطق الحرة لم يحدد “الاجراءات الخاصة بأمور التأمين في المناطق الحرة” كما تقضي بذلك الفقرة 6 من المادة 4 من القانون رقم (3) لسنة 1998، قانون الهيئة العامة للمناطق الحرة.

 

يعني هذا، إن صحَّت المعلومات المتوفرة، بأن الهيئة لم تنجز الكثير لما هو مطلوب منها بموجب القانون سواء في مجال التأمين أو غيره. يعني ذلك أنها متخلفة مقارنة بما هو موجود في الأردن والإمارات العربية المتحدة (المنطقة الحرة في جبل علي تضم شركتين للتأمين) وغيرها من البلدان العربية. ولكي نكون منصفين علينا أن نذكر بأن موقع الهيئة يذكر توقيع عقدين مع شركتين محلتين (لا تضم الكثير من التفاصيل) تعملان في التجارة العامة في خور الزبير– أي أن الشركات المصنعة غائبة في الوقت الحاضر. كما أن الخراب الذي صنعه داعش في غرب العراق ونينوى قد أوقف عمل هاتين المنطقتين، وقد يمضي وقت طويل قبل أن تستطيعا تحقيق شيء من الجاذبية للاستثمار. والأمل معقود على تعزيز دور الدولة الاتحادية في “وضع حد لنشاط عصابات ومافيات السلب” التي ذكرها الأستاذ باسم أنطوان، وكذلك الفساد المالي والإداري، لجذب الاستثمار الصناعي والتجاري للمناطق الحرة بفضل مزايا هذه المناطق.

 

أتمنى أن يقوم أصحاب الاختصاص بتقديم مشروع لإدماج دور المناطق الحرة ضمن مشروع إعادة بناء المناطق المنكوبة بعد دحر داعش منها، مثلما أتمنى على شركات التأمين العراقية التفكير جدياً بسبل التواجد في المناطق الحرة.

 

مصباح كمال

14 تموز 2017

 

[1] فاروق يونس*: حوار افتراضي بين ناشط مدني رئيس جمعية مجتمع مدني وخبير اقتصادي

[2] http://freezones.mof.gov.iq/

[3] مصباح كمال، “البلاد تخلو من شركات التأمين الرصينة: مناقشة لرأي اقتصادي،” مجلة التأمين العراقي: http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2012/03/belittling-iraqi-insurance-companies.html

 

Baha Baheej Shukri: Letters on Islamic Sharia & the Contract of Insurance

رسائل بهاء بهيج شكري في الشريعة الإسلامية وعقد التأمين

 

 

نشرت هذه الرسائل لأول مرة في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2017/07/الشريعة-الإسلامية-والتأمين-منقحة-2.pdf

 

 

الرسالة الأولى

عقد الضمان وعقد التأمين

 

تموز في ٢٨ حزيران ٢٠١٧

 

الاخ العزيز مصباح المحترم

 

بعد التحية

 

في التعقيب على بحثكم المتعلق بموقف الشريعة الإسلامية من عقد التأمين،[1] أرى من الضروري قبل أن أخوض في صلب البحث أن أناقش مسألتين وردت في البحث. الأولى، تتعلق بما درج عليه بعض المشرعين وبعض الباحثين من الخلط بين نظام الضمان ونظام التأمين، والثانية تتعلق بموقف الإمامين محمد بن عابدين الحنفي ومحمد عبده من عقد التأمين.

 

الخلط بين نظام الضمان ونظام التأمين

 

ففيما يتعلق بالمسألة الأولى، فإننا لو رجعنا إلى قانون التجارة البحرية اللبناني الصادر سنة ١٩٤٧ وقانون التجارة البحرية السوري الصادر سنة ١٩٥٠ لتبين لنا ان كلا المشرعين المذكورين قد وصفا عقد التأمين البحري بعقد الضمان البحري والمؤمن بالضامن والمؤمن له بالمضمون، وهذا خلطٌ غير مقبول بين عقد التأمين وعقد الضمان، غير ان المشرع الاردني الذي اقتبس نصوص القانون السوري وضمَّنها في قانون التجارة البحرية الاردني الصادر سنة ١٩٧٢، قد انتبه إلى هذا الخطأ فاستبدل عبارة عقد الضمان بعبارة عقد التأمين وكلمة الضامن بكلمة المؤمِن وكلمة المضمون بكلمة المؤمَن له، وحسناً فعل.

 

ولم يقتصر الأمر على بعض المشرعين بل تورط بعض الباحثين بهذا الخلط بين عقد الضمان وعقد التأمين كالدكتور إنطاكي والدكتور نهاد السباعي إذ اعتبرا قول شخص لآخر أسلك هذا الطريق فهو آمن فإذا سُلِبَ مالُكَ فأنا ضامن.

 

أقول: إنهما اعتبرا ضمان خطر الطريق مؤشراً على قبول الشريعة الإسلامية لعقد التأمين. والفرق بين نظام الضمان ونظام التأمين هو أن الأول ينقل عبء الخسارة من عاتق شخص إلى عاتق شخص آخر. فعقد الكفالة عقد ضمان ينقل عبء الدين من عاتق المدين إلى عاتق الكفيل إذا عجز المدين عن سداد الدين لأي سبب كان، كما يتحقق الضمان في حالة التعدّي على الغير فيلتزم المتعدّي بتعويض المعتدى عليه، أي أن ينقل الخسارة التي لحقت بالمضرور إلى عاتقه، وهذا النظام عُرف في صدر الدولة الإسلامية وتمَّ التعامل به بين المسلمين منذ فجر الإسلام وتضمنته القواعد الكلية للشريعة الإسلامية.

 

أما نظام التأمين فهو لا ينقل الخسارة من عاتق المؤمن له إلى عاتق المؤمن، بل يتمُّ بموجبه توزيع الخسارة التي تصيب القلَّة من الناس على الكثرة منهم فيخف بل ينعدم أثرها، والمؤمن هو مهندس عملية التوزيع يقوم بها على ضوء ما يعرف بقانون الأعداد الكبيرة.

 

ولم يعرف هذا النظام في صدر الدولة الإسلامية، بل هو نظام طارئ ودخيل عليها، لذلك قوبل بالرفض من فقهاء الشريعة الإسلامية.

 

موقف محمد بن عابدين ومحمد عبده من عقد التأمين

 

أما المسالة الثانية، فإن الإمام محمد بن عابدين الحنفي المتوفى سنة ١٢٥٢ هجرية، وهو أول من تصدّى للإفتاء ببطلان عقد التأمين البحري في كتابه (رد المحتار على الدر المختار) وسبب بطلانه لكونه يتضمن التزاماً بما لا يلزم.

 

أما ما نُسب للأمام محمد عبده من انه أجاز التأمين على الحياة فهو غير دقيق لأن السؤال الذي وُجّه له يتعلق بعقد المضاربة وليس بعقد التأمين، بل هو من القائلين بتحريم عقود التأمين (أنظر الدكتور احمد سعيد شرف الدين “عقود التأمين وضمان الاستثمار” – ص ١٨٦).

 

اكتفي بهذا القدر من المبحث على أن أعود في رسالة قادمة لشرح موقف المذاهب الإسلامية المختلفة من نظام التأمين وعقوده.

 

مع التقدير.

 

بهاء بهيج شكري

 

 

الرسالة الثانية

موقف المذاهب الإسلامية من عقد التأمين

 

عمان في ٢٩ حزيران ٢٠١٧

 

الاخ العزيز مصباح المحترم

 

بعد التحية

 

إكمالاً لبحث التأمين في الشريعة الإسلامية، وحسب وعدي لك بأن أبحث موقف المذاهب الإسلامية المختلفة من نظام وعقد التأمين، أرى من الضروري أن أوضح في البداية بأن العديد من رجال الدين من المذاهب السنية الأربعة سارع بتتبع خطى الإمام محمد بن عابدين الحنفي بإصدار الفتوى بتحريم عقود التأمين على اختلاف أنواعها، ولا اريد اطالة البحث بذكر أسماءهم ودولهم. كما أرى من الضروري أيضاً، وقبل أن أبين فتاوى المذاهب السنية الأربعة، ان أتناول بالبحث موقف المذهب الظاهري، وهو مذهب سني متشدد نشأ في الأندلس، ومن ابرز أئمته الإمام بن حزم الأندلسي، وهو قد أفتى بتحريم ليس عقد التأمين فقط، بل كل عقد لم يكن موضع تعامل عند هبوط الوحي، حيث قال في فتواه (لا يجوز إحداث عقد لم يرد به شرع، لأننا إن أحدثناه ولم نجعله ملزماً لم يكن ذَا اثر مفيد، وإن ألزمنا به أنفسنا فأوجبنا على أنفسنا المضي فيه، فقد أحدثنا ما لم يوجّبه الله عليها …… لذلك فإن الأصل في العقود التحريم والخروج من التحريم إلى الإباحة لابد أن يكون بنص، فإذا كان العقد لم يرد به نص فلا يترتب أثره الشرعي ولا يعمل به). والمقصود بالنص هنا هو نص قرآني أو حديث نبوي صحيح. وعلى رأي الظاهرية هذا فإن جميع العقود التي استحدثت بعد انقطاع الوحي ووفاة الرسول عليه الصلاة والسلام هي عقود باطلة لا يترتب عليها أثر ملزم، وأنهم وان كانوا لم يذكروا عقد التأمين بالتسمية إلا أنه، حسب فتواهم، مشمول بالتحريم لأنه عقد مستحدث لم يرد على إباحته نص في القرآن ولا في السنة النبوية الصحيحة.

 

غير أن الحنابلة والمالكية على الرغم من عدم إقرارهم بشرعية عقد التأمين، لم يتفقوا مع الظاهرية في أسباب البطلان فذهب كلٌ من الإمام احمد بن حَنْبَل والإمام بن تيمية بأن الآية الكريمة “يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود” من سورة المائدة لم تحصر وجوب الوفاء بعقود محدودة بل شملت كل اتفاق اساسه التراضي بين الطرفين لقوله تعالى “إلا ان تكون تجارة عن تراضٍ منكم”. كما ان السنة الشريفة قد قصرت التحريم على الشروط التي تحرم الحلال وتحل الحرام لقوله عليه الصلاة والسلام (المسلمون على شروطهم الا شرطا أحلَّ حراماً أو حرَّمَ حلالاً) لذلك ينحصر التحريم، حسب رأي الحنبلية والمالكية، بعقود الغرر والعقود التي تنطوي على الربا وهذا ما هو متوفر في عقد التأمين حسب رأيهم.

 

أما الحنفية والشافعية فقد قسموا الشروط إلى شروط صحيحة وباطلة وفاسدة، فالشرط الصحيح هو ما كان موافقاً لمقتضى العقد أو أقره الشارع أو جرى به العرف إذ الثابت بالعُرف عندهم كالثابت بالنص “فما يراه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن” وواجب الوفاء به، والشرط الباطل هو ما لا تقتضيه طبيعة العقد وليس فيه منفعة للطرفين، والشرط الفاسد هو ما لا تقتصيه طبيعة العقد وفيه منفعة لأحد العائدين، فإذا وجد الشرط الفاسد في عقود المعاوضات بطل العقد، ويخلصون من ذلك إلى بطلان عقد التأمين لفساد شروطه بحيث يكسب المؤمن إذا تخلف الحادث المؤمن منه ويكسب المؤمن له إذا تحقق الحادث.

 

ولغرض توحيد رأي المذاهب الأربعة في المسائل المختلف عليها عقد مجمع الفقه الإسلامي اجتماعاً في مكة المكرمة في شعبان سنة ١٣٩٨ هجرية المصادف تموز ١٩٧٨ ميلادية حيث افتى بأكثرية ساحقة بتحريم التأمين التجاري لأنه:

 

١: من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية المشتملة على الغرر الفاحش، لأن المستأمن (المؤمن له) لا يستطيع ان يعرف وقت العقد مقدار ما يعطي أو يأخذ فقد يدفع قسط التأمين ثم تقع الكارثة فيستحق ما التزم به المؤمن، وقد لا تقع الكارثة مطلقاً فلا يأخذ شيئاً.

٢: انه ضرب من ضروب المقامرة لما فيه من الغرم بلا جناية ومن الغُنم بلا مقابل.

٣: انه يشتمل على ربا الفضل والنساء.

٤: انه من الرهان المحرَّم، فلم يبح الشرع الرهان الا ما فيه نصرة للإسلام.

٥: فيه أخذ مال الغير بلا مقابل.

٦: انه إلزام بما لا يلزم شرعاً.

 

أما الجعفرية فقد ذهبوا إلى القول بشرعية عقد التأمين فاعتمد أكثريتهم على تفسير الآية الكريمة (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) في سورة المائدة، فميزوا بين ما إذا كانت “اللام” في كلمة العقود الواردة في الآية الكريمة هي لام عهدية أي تخص العقود المعهودة والمتعارف عليها عند نزول الآية الكريمة، أم انها لام جنسية تشمل كل ما يصدق عليه وصف العقد، فذهب أكثريتهم إلى القول بأنها لام جنسية موضحين ذلك بأن النصوص الشرعية في الكتاب والسنة لم تحصر أنواع العقود بل أمرت المؤمنين بالوفاء بها وأحلت لهم التجارة عن تراض ولم تحدد نوعها والالتزام بجميع شروط العقد الا ما احلَّ حراماً أو حرَّم حلالا،ً و يخرج هذا الفريق إلى القول بأن عقد التأمين هو من العقود المستحدثة التي ينصرف إليها قوله تعالى أوفوا بالعقود.

 

كما ذهب فريق اخر من الجعفرية بتحليل عقد التأمين بإنزاله منزلة عقود أخرى فأنزله بعضهم منزلة عقد الضمان وآخرون منزلة الهبة المشروطة بعوض وفريق ثالث بمنزلة عقد الصلح.

 

ونتيجة لفتوى المذاهب السنية بتحريم عقد التأمين أحجم رأس المال الخاص السني، عدا العلماني، عن الاستثمار في تأسيس شركات تجارية للتأمين. ولسد هذا الفراغ ظهر ما يُعرف بشركات التأمين الإسلامي، والتي ستكون موضوع رسالة قادمة.

 

وتقبل فائق التقدير.

 

بهاء بهيج شكري

 

الرسالة الثالثة

شركة التأمين الإسلامي

 

عمان في الأول من تموز ٢٠١٧

 

الاخ العزيز مصباح المحترم

 

تحية طيبة

 

ذكرتُ في رسالتي المؤرخة ٢٨ حزيران ٢٠١٧ انه نتيجة لفتاوي تحريم عقد التأمين التجاري أحجم البعض من أصحاب رؤوس الأموال في القطاع الخاص عن استثمار أموالهم في تأسيس شركات تأمين تجارية، وقد فكَّرَ البعض من هؤلاء بعد التشاور مع بعض رجال الدين من المذاهب الأربعة في إيجاد شركات بديلة عن شركات التأمين التجارية تُصاغ عقودها بطريقة تحجب عنها فتاوى التحريم، فكان هذا البديل هو ما عُرفَ بشركة التأمين الإسلامي أو التأمين التكافلي، فتأسست أولى هذه الشركات في السودان سنة ١٩٧٩ وبعد ذلك تأسست شركات أخرى في بعض الدول العربية الأخرى ومنها المملكة الاردنية الهاشمية، ولكن لم تؤسس، حسب علمي، حتى الآن شركة مماثلة في العراق على الرغم من ان الفقرة الرابعة من المادة (١٣) من قانون تنظيم أعمال التأمين العراقي الصادر بموجب الامر رقم ١٠ لسنة ٢٠٠٥ قد أجازت لما أطلَقت عليها “كيانات التأمين التكافلي” العمل في العراق بعد حصولها على ترخيص من ديوان التأمين. وفي التطبيق العملي يشترط ان يكون لكل شركة إسلامية هيئة للرقابة الشرعية، تلتزم إدارة الشركة بما تقدمه الهيئة من مشورة سواء في عمليات التأمين المباشر أو عمليات اعادة التأمين.

 

وعلى ضوء. شروط عقد التأمين الإسلامي والبحوث التي سطرها الباحثون الإسلاميون، فإن هذا التأمين يقوم على ركنين أساسيين: الأول، إن شركة التأمين لا تُمارس التأمين أصالةً بل وكالةً عن المؤمن لهم، حيث يعتبر كل واحد منهم مؤمنا للآخرين ومؤمنا له من قبلهم. والركن الثاني، هو ركن التبرع، فالمؤمن له مُلزَمٌ بأن يتبرع بمبلغ من المال كي يساهم بتعويض الضرر الذي يصيب الآخرين، وفي حالة عدم كفاية المبالغ المتبرع بها فإن الشركة تغطي الفرق، وتعتبره قرضاً حسناً يحق لها أن ترجع به على المؤمن لهم لتسترده منهم، وبالنتيجة لا تتحمل الشركة أية خسارة.  وفيما يلي سنحاول مناقشة الأسس التي يقوم عليها هذا التأمين.

 

أولا – الوكالة

 

في تكييف العلاقة بين المؤمن لهم وشركة التأمين، وصفت بأنها علاقة وكالة بأجر وان عقود التأمين الإسلامي لا تبرم بين طالبي التأمين والشركة، بل تبرم بين طالبي التأمين أنفسهم مع بعضهم البعض، فيكون كل منهم مؤمِناً له من قبل الآخرين ومؤمَناً للآخرين، وينحصر دور شركة التأمين بكونها وكيلة عنهم في إبرام العقود بينهم، فقد نصّتْ شروط وثيقة التأمين الإسلامي على ان الشركة (تدير العمليات التأمينية بوصفها وكيلا عن حملة الوثائق بأجر معلوم، فهي ليست طرفا أصيلا في عقد التأمين).  وجاء فيها أيضاً (يعتبر قبول حامل هذه الوثيقة التعامل مع الشركة موافقة صريحة منه على اعتبار الشركة وكيلاً عنه بأجر معلوم لإدارة عمليات التأمين).

 

وفي مناقشتنا ذلك سنجزئ المناقشة إلى فقرتين، الأولى تتعلق بالناحية القانونية والثانية تتعلق بالناحية الشرعية.

 

فمن الناحية القانونية

 

١- على الرغم من ان عقد الوكالة هو من العقود الرضائية التي تنعقد بارتباط الإيجاب بالقبول، الا انه نظرا لما يتضمنه من تخويل للغير بإدارة شؤون الموكل فقد اشترط القانون ان يكون الإيجاب صريحا ومحددا لصلاحيات الوكيل، وان القوانين الإجرائية قد اشترطت لنفاذ عقد الوكالة ان يكون مُصدقاً من قبل الكاتب العدل، لذلك لا يجوز قانونا ان يكون الإيجاب بإبرام عقد الوكالة مفترضا ومفروضا من قبل الوكيل، فالشرط الذي تضمنته وثيقة التأمين الإسلامي بهذا الخصوص هو شرط إذعان باطل لا اثر له في التعامل بين الطرفين بل ويترتب على وجوده في العقد بطلان العقد أصلا.

 

٢- نصت القوانين المدنية ومنها الفقرة الأولى من المادة (٩٣٠) من القانون المدني العراقي والفقرة الأولى من المادة (٨٣٤) من القانون المدني الاردني على (ان يكون الموكل ممن يملك التصرف بنفسه فيما وُكّلَ به) وهذا الشرط غير متوفر في الوكالة المشار اليها في شروط التأمين الإسلامي لان قوانين تنظيم أعمال التأمين قد حصرت ممارسة أعمال التأمين بالشركات المساهمة دون الأفراد، لذلك فالشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يتعاقد مع شركة التأمين الإسلامي لا يملك الحق بممارسة أعمال التأمين وغير مجاز بممارستها وفقا للقانون كي يوكّل الشركة الإسلامية بممارستها نيابة عنه، (لا اريد ان أخوض هنا في موضوع إجازة الشركات الإسلامية، والاخطاء التي ارتكبتها اجهزة تنظيم أعمال التأمين في بعض الدول التي توجد فيها شركة تأمين إسلامي، لان ذلك قد يخرجنا عن موضوع موقف الشريعة الإسلامية من عقد التأمين)، ولعدم توفر هذان الشرطان في الوكالة محل البحث، فإنها تعتبر باطلةً ولا حُكمَ لها من الناحية القانونية.

 

أما من الناحية الشرعية

 

قد سبق أن أوضحتُ بأن الحنفية والشافعية يقسمون الشروط إلى شرط صحيح وشرط باطل وشرط فاسد والشرط الفاسد هو ما لا تقتضيه طبيعة العقد وفيه منفعة لأحد العاقدين، وإذا وجد في عقد معاوضة بَطُلَ العقد، فشرط الوكالة المنصوص عليه في وثيقة التأمين الإسلامي لا تقتضيه طبيعة عقد التأمين وفيه منفعة لشركة التأمين تتمثل في الأجر الذي تتقاضاه مقابل وكالتها عن المؤمن لهم، فهو شرط فاسد يترتب على وجوده في عقد التأمين بُطلان العقد.

 

أما الحنبلية فقد اعتبروا الشرط الذي يجعل العقد عقدين في عقد واحد شرطا فاسدا يترتب عليه بطلان العقد (انظر الشيخ منصور بن ادريس الحنبلي – كشاف القناع على متن الاقتناع – ج ٣ ص ١٩٥)، وهو ما ينطبق على شرط الوكالة في وثيقة التأمين الإسلامي الذي يجعل من عقد التأمين عقد وكالة وعقد تأمين في عقد واحد.

 

يتضح مما تقدم ان شرط الوكالة المفترضة هو شرط باطل شرعا وقانونا، وبذلك ينهار أهم ركن من أركان التأمين الإسلامي.

 

ثانيا – فكرة التبرع الإلزامي

 

يقول الباحثون الإسلاميون في وصفهم العلاقة القائمة بين أطراف التأمين الإسلامي ان ما يدفعه المؤمن له من قسط التأمين إنما يدفعه على سبيل التبرع لترميم الخسارة التي تلحق ببقية المؤمن لهم بسبب وقوع الحوادث المؤمن منها ويصفون هذا التبرع بأنه (تبرع إلزامي تتطلبه طبيعة عقود التأمين الإسلامي)، ويستندون في تبرير إلزامية التبرع إلى المذهب المالكي.

 

وفي مناقشة ذلك نقول، ان القول بإلزامية التبرع يجمع بين نقيضين لا رابط بينهما، هما الإلزام والتبرع. كما ان المذاهب الإسلامية جميعا بما في ذلك المذهب الظاهري والمذهب الجعفري لم تبحث في إلزامية التبرع بل بحثت في إلزامية الوعد، وهناك فرق ظاهر بين الوعد والتبرع. فالتبرع فعلٌ نافذ يتم طواعية والوعد قولٌ بفعل مؤجل. وقد اجمعت المذاهب مع اكثرية المالكية على عدم إلزامية الوعد، وقد خرجت أقلية من المالكية على هذا الاجماع بالقول بإلزامية الوعد، لذلك لا يصلح رأي هذه الأقلية من المالكية الذي ليس له علاقة بالتبرع ان يكون سندا شرعيا للادعاء بإلزامية التبرع.

 

فضلا عن ذلك فإن المؤمن له عندما يدفع قسط التأمين إنما يقوم بالوفاء بالتزام مترتب بذمته نتيجة تعاقده مع المؤمِن فإن قصده لم ينصرف إلى التبرع بل إلى الوفاء بالتزام بذمته والقاعدة الكلية في الشريعة الإسلامية تقول “الأمور بمقاصدها”، وبهذا ينهار الركن الثاني من أركان التأمين الإسلامي.

 

ومن المقارنة بين شركة التأمين التجارية والشركة الإسلامية نجد ان كُلاً من الشركتين تهدف إلى الربح وان مصادر ربح الشركة الإسلامية أكثر من مصادر ربح الشركة التجارية، كما ان الشركة التجارية هي التي تتحمل الخسارة إذا قصر رصيد التغطية عن تغطية كافة الخسائر، اما الشركة الإسلامية فلا تتحمل ذلك بل ان المؤمن لهم هم الذين يتحملون هذه الخسارة.

 

وبنتيجة دراسة معمقة لطبيعة عمل الشركات الإسلامية نبين لي انها لا يمكن ان تعتبر كيان تأمين تبادلي لان كيانات التأمين التبادلي لا تهدف إلى الربح، كما انها لا تعتبر وكيلة عن أعضاءها، بل مُنَظِمَة لعلاقتهم التعاونية. وكذلك لا يمكن اعتبارها جمعية تأمين تعاوني، لان جمعيات التأمين التعاوني هي الأخرى لا تهدف إلى الربح. وأنها تؤمن لحملة أسهمها فقط بشروط ملاءمة، كما أن الشركات الإسلامية لم تلتزم بالضوابط التي رسمها المجمع الفقهي في اجتماعه الأخير في مكة المكرمة لنوع التأمين التعاوني الذي لا تشوبه المحرمات.

 

هذا ما وددت ان اختصر به البحث في موضوع عقد التأمين في الشريعة الإسلامية، علما بأن هناك الكثير مما يجب قوله ولكن المجال لا يتسع له في هذه الرسائل.

 

وتقبل فائق تقديري.

 

بهاء بهيج شكري

 

الرسالة الرابعة

مناقشة شبهات تحريم التأمين

 

عمان ٧ تموز ٢٠١٧

 

الاخ العزيز مصباح المحترم

 

قبل ان أنهي موضوع التأمين في الشريعة الإسلامية، ارى ان أوضح بأني شخصياً أميز بين موقف الشريعة الإسلامية بنصوص أحكامها المبينة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة والقواعد الكلية، وبين الفتاوى التي تصدر عن بعض رجال الدين على اختلاف مذاهبهم والتي تتحكم في صدورها عنهم اهواء عاطفية أكثر من كونها مبنية على قناعة موضوعية. مثال ذلك، ما قاله الإمام محمد بن عابدين الحنفي من ان عقد التامين البحري مُحَرَّم لأنه يتضمن التزاما بما لا يلزم، فهو اكتفى بأن وصف هذا العقد بهذا الوصف دون ان يشرح لماذا يرى انه التزام بما لا يلزم، ولو كان الإمام الحنفي قد ربط بين حاجة رؤوس الأموال المستثمرة من قبل المسلمين في التجارة البحرية الى الحماية من الكوارث البحرية كي تستمر في انتاج ثمارها وبين ما يوفره لها عقد التامين البحري من الحماية الضرورية لما اصدر فتواه المذكورة، ولا يبرر تلك الفتوى كون عقد التامين البحري مبرما مع شخص حربي، أي غير مسلم، لان الشريعة الإسلامية لم تمنع المسلم من التعامل مع غير المسلم إذا كان في ذلك مصلحة للمسلم.

 

وقد حاول مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في مكة المكرمة إعطاء تفسير لهذه الفتوى بالقول بأن المؤمن يأخذ قسط التامين ولا يعمل شيئاً في مقابله، فالمجمع في هذا التفسير لم يأخذ باعتباره كون المؤمن هو مهندس عملية نشر الخسارة التي تلحق بالقلة على الكثرة ليخف أو ينعدم أثرها وهو عمل فني لا يستطيع القيام به إلا من كان من ذوي الخبرة به، كما ان المؤمن لا يأخذ قِسط التامين لنفسه بل لتكوين رصيد تغطية الخسائر المُحتملة.

 

ومن أمثلة هذه الفتاوى أيضاً، الفتوى الصادرة عن الهيئة الشرعية في احدى الدول العربية بحرمة استلام شركة التأمين المباشر عمولة وعمولة أرباح من شركة إعادة التأمين، دون ان تتبين تلك الهيئة الشرعية ان وصف المبلغ الذي تدفعه شركة إعادة التامين لشركة التأمين المباشر بالعمولة هو وصف مجازي لان ذلك المبلغ هو جزء من أقساط التأمين المستحقة لشركة إعادة التأمين من شركة التأمين المباشر، وان شركة اعادة التأمين بوصفها دائناً لتلك الاقساط قد تنازلت للمدين عن جزء منها، وان الشريعة الإسلامية لم تحرم على المدين قبول تنازل الدائن عن جزء من دينه له. اما عن عمولة الأرباح، فإن الأرباح المذكورة ليست ثمرة استثمار غير شرعي، بل هي نتيجة مقاصَّة بين اقساط التامين المستحقة لمعيد التأمين ومبالغ التعويضات المستحقة عليه، فإن زاد مجموع الاقساط على التعويضات كان هناك ربح لاتفاقية اعادة التأمين، وان الشريعة الإسلامية لم تُحرّم على طرفي العقد الاتفاق على تقاسم الربح الناجم عن العقد المبرم بينهما.

 

وباستثناء بيع الغرر الذي حرّمته السنة الشريفة بتسميته فإن السور القرآنية الكريمة والسنة الشريفة لم تسم العقود المحرمة، بل يستفاد تحريم بعض العقود من تعلقها بأمور حرمها القرآن الكريم كعقد الاتجار بالخمور وبالخنازير والعقود المرتبطة بممارسة الفحش.

 

أما ما يتعلق ببيع الغرر الذي حرمته السنة الشرفية كبيع السمك في الماء والطير في الهواء ذلك لان كلا من صياد السمك وصياد الطيور لا يملك السمك أو الطير إلا بعد نجاحه في صيده فبيعه قبل ذلك هو ما يوصف ببيع الغرر، أي بيع الشخص لما لا يملك، وحيث ان السنة الشريفة قد خصَّت بيع الغرر بالتحريم، فإن ذلك لا ينسحب على العقود الأخرى حتى لو شابها بعض الغرر.  اما وصف عقد التأمين بكونه من عقود الغرر لأنه حسب وصف بعض الفقهاء يتعلق بمجهول يحتمل الوجود والعدم، فهو وصف غير دقيق، لان احتمال الحوادث المؤمن منها لا يعتمد على المصادفة وإنما هو مبنيٌ على حسابات احصائية دقيقة تُمكّن المؤمن من تقدير احتمال وقوع حادث معين خلال فترة زمنية معينة، وهو لم يُبْنَ على المصادفة والجَهالة الفاحشة، فالحادث المؤمن منه يوصف بأنه ممكن الحدوث ولكنه غير مؤكد، وهذا ما ينفي صفة الغرر المطلق عن عقد التأمين.

 

وقبل ان نناقش شبهة الربا التي ألصقت بعقد التامين، يجب ان نحدد المقصود بالربا، فقد عرَّفه الفقهاء بأنه “زيادة أحد البدلين المتجانسين من غير ان يقابل هذه الزيادة عِوَض”. وقد نُقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله (الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد). والربا نوعان، وفقا لقواعد الفقه الإسلامي، هما:

 

ربا الفضل وربا النساء، ويتحقق ربا الفضل في معاوضة مال بمال إذا تضمنت فضل مال لا يقابله عِوَض، اما ربا النساء فهو فضل مال في مقابلة الاجل اي تأخير الوفاء، وقد ذهب مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في مكة المكرمة الى الافتاء بحرمة عقد التامين التجاري لأنه (يشتمل على ربا الفضل والنساء، فإن الشركة إذا دفعت للمستأمن أو لورثته أو للمستفيد أكثر مما دفعه من النقود فهو ربا الفضل والمؤمن يدفع ذلك للمستفيدين بعد مدة فيكون ربا نساء وكلاهما محرم بالنص والإجماع). وقد كان هذا الموضوع محل نقاش طويل بين الفقهاء، وانا لا اريد الاطالة بالرد، فأقول إن الربا بنوعيه إنما يكون في عقود المعاوضة إذ يجب ان تتطابق قيمة البدلين وتتم المعاوضة في وقت واحد، اما التأمين فهو ليس عقد معاوضة (Commutative Contract) بل هو عقد تعويض (Contract of Indemnity) لذلك لا يشترط فيه تساوي البَدَلين وتزامن المبادلة.

 

هده هي اهم الشبهات التي تمسَّك بها الفقهاء للإفتاء بتحريم عقد التامين، وأكرر القول هنا بأن الله عز وجل لم يسم العقود المحرمة والمحللة في كتابة الكريم، بل أشار للمسائل المحرمة فتكون العقود التي ترتبط بها محرمة شرعا بدلالة النص. كما ان السنة الشريفة قد حرمت بيع الغرر، وفي ما عدا ذلك فإن جميع العقود تعتبر مباحة لقوله عليه الصلاة والسلام (المسلمون عند شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا). وإذا تفحصنا شروط عقد التأمين لم نجد فيها ما يحلل الحرام أو يحرم الحلال، وان فتاوى الفقهاء بتحريم عقد التامين هي مجرد اجتهاد والاجتهاد لا يرقى الى منزلة النص الشرعي.

 

ونخلص من ذلك الى ان الشريعة الإسلامية وان لم تذكر عقد التامين بالتسمية إلا انها لم تتضمن أية دلائل ضمنية على تحريمه، لذلك يعتبر مشمولا بعبارة التجارة عن تراض في الآية الكريمة “إلا ان تكون تجارة عن تراض بينكم”.

 

هذا ما وددتُ ان أضيفه الى رسائلي الثلاثة السابقة إكمالاً للبحث.

 

وتقبل فائق تقديري.

 

بهاء بهيج شكري

[1] ترجع خلفية هذه الرسائل إلى تعليق كتبه الأستاذ فاروق يونس نشر في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين بتاريخ 9 آذار 2015 حول كتابي أوراق في تاريخ التأمين في العراق-نظرات انتقائية، وقمت بدوري بالتعليق عليه في نفس الموقع تحت عنوان “هل هناك عقد للتأمين في الفقه الإسلامي؟”:

http://iraqieconomists.net/ar/2015/03/08/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d9%83%d8%aa%d8%a7%d8%a8-%d8%a3%d9%88%d8%b1%d8%a7%d9%82-%d9%81%d9%8a-%d8%aa%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%ae-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a3%d9%85%d9%8a/

وقد أرسلت في وقت لاحق نسخة من تعليقي إلى الأستاذ بهاء بهيج شكري، فكتب هذ الرسائل التي اتفقنا على نشرها كي لا تظل حبيسة بيننا.

 

ولمن يرغب الاطلاع على تحليل وتقييم واسعين لموضوع التأمين في الشريعة الإسلامية عليه أن يرجع إلى كتاب الأستاذ بهاء بهيج شكري بحوث في التأمين (عمّان: دار الثقافة، 2012)، ص 83-255.

[مصباح كمال]