Monthly Archives: جانفي 2012

A Glance at Transport Law No 80 of 1983

نظرة على بعض أحكام قانون النقل رقم (80) لسنة 1983

  فؤاد شمقار

 

يثار بين الحين والآخر سؤال عن وجود عقد نموذجي في العراق للنقل البري بين مالك البضاعة والناقل وفيما إذا كانت العلاقة بين الطرفين تتحدد بقوانين النقل والتجارة البرية.  وهو سؤال ربما يفترض وجود نموذج عام صالح للاستعمال في كل الحالات وواقع الحال ليس كذلك إذ أن مؤسسات نقل البضائع والامتعة والأشخاص لها نماذج خاصة بها تعكس طبيعة واسطة النقل والمواد والأشخاص المنقولين ولكن على خلفية القوانين ذات العلاقة ومنها قانون النقل رقم 80 لسنة 1983 وكذلك الاتفاقيات والقواعد الدولية.  هذه الورقة ليست إلا نظرة أولية سريعة على قانون النقل ومكانته في عقد النقل ومسؤوليات الناقل.

 مدخل

 حينما صدر قانون اصلاح النظام القانوني في العراق  سنة 1977 أكد على اهمية عقد النقل ونص على وجوب وضع القواعد المنظمة لكل من النقل البحري والنهري والجوي والبري نظراً لأهمية هذه المرافق في عملية التطور الاقتصادي في القطر، ولما لقطاع النقل من دور فاعل في عملية التنمية، وما له من اهمية كبيره في الحياة الاقتصادية كونه الوسيلة التي تسهل الاتصال بين المجتمعات، ومن خلاله يتم تبادل السلع والخدمات.  لذلك فقد تم التأكيد على هذه الاهمية عندما تم وضع خطة التنمية في العراق للسنوات 76-1980 باعتباره واحداً من البنى الارتكازية للاقتصاد، وما جاء في قانون إصلاح النظام القانوني جاء متطابقاً مع ما جاء في خطة التنمية.

 تنفيذاً لما ورد في قانون اصلاح النظام القانوني وتأكيداً على اهمية النقل فقد تم تشريع قانون النقل العراقي رقم (80) لسنة 1983 واعتبر القانون نافذاً بعد ستة اشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية (جريدة الوقائع العراقية، العدد 2953 في 8/اب/1983).  وبذلك فقد اخذ هذا القانون موقع الفصل السادس من قانون التجارة العراقي رقم 149 لسنة 1970 والذي الغي بصدور قانون النقل.

  إن ما يتميز به قانون النقل هو الأخذ بالاتفاقيات الدولية لتنظيم أعمال النقل خاصة في مجال نقل البضائع بحراً إذ اخذ المُشرّع بنصوص اتفاقية هامبورغ لسنة 1978.  وفي النقل الدولي بالسكك للشخص والشيء والأمتعة بالسكك الحديد أخذ القانون بأحكام اتفاقية نقل البضائع واتفاقية نقل المسافرين والأمتعة بالسكك الحديد الدوليين والبروتوكول الملحق بهما والمصادق عليها من جانب العراق.  كما اخذ المشرع بتنظيم أحكام عقد النقل بجميع أنواعه[1] في قانون واحد بخلاف مبدأ تشريع خاص لكل نوع من أنواع النقل، او اسلوب دمج الاحكام التي تنظم  كل نوع من انواع النقل ضمن تشريعات مقاربة في طبيعتها لنوع النقل.  ولذلك فقد نصت احكام المادة /3 من القانون بسريانها على جميع انواع النقل، اذ ضم القانون القواعد التي تنظم نقل الاشخاص والاشياء براً وجواً وبحراً ونهراً في المجالين الداخلي والدولي، وضمن وحدة الاحكام عند اتحاد العلة واختلافها تبعاً لخصوصية كل نوع من انواع النقل[2].  وقد جاء ذلك في أحكام  ” المادة 3″ ( تسري احكام هذا القانون على جميع انواع النقل اياً كانت صفة الناقل مع مراعاة أحكام الاتفاقيات الدولية التي يكون العراق طرفاً فيها).

 من خلال وجود احكام عامة تطبق على جميع أنواع النقل وهي الاحكام الواردة في الباب الثاني من القانون فقد خص المشرع الباب الثالث من القانون بأحكام تطبق على كل نوع من انواع النقل.  بعد هذه المقدمة الموجزة لابد لنا ان نتعرف على ماهية عقد النقل.

 تعريف عقد النقل

 عرّف مشرع قانون النقل العراقي عقد النقل بأنه “اتفاق يلتزم الناقل بمقتضاه نقل شخص او شيء من مكان الى أخر لقاء أجر معين.”[3]  من خلال هذا التعريف لعقد النقل من الواضح بأن النقل كغيره من العقود هو (اتحاد الايجاب بالقبول على وجه يثبت أثره في المعقود عليه). ويلاحظ بأن عقد النقل عقد رضائي ينعقد بمجرد توافق الايجاب والقبول دون الحاجة الى اتباع شكلية معينة لانعقاده، ويكفي لانعقاده فقط تطابق ارادتي طرفي العقد كل من الناقل والراغب في نقل شيء او شخص.

 ان وضع هذا الاتفاق في صورة سند كتابي لا يخل بأمر رضائية العقد اذ أن الكتابة تأتي كوسيلة  للأثبات (أثبات وجود العقد) من جهة بالإضافة الى شروط النقل من جهة أخرى.  ولكن هنا لابد من إيضاح كيفية تحقق إتحاد الايجاب والقبول اذ تعتبر الأحكام ثانياً وثالثاً من المادة (6) من القانون، صعود الراكب الى واسطة النقل، قبولاً للإيجاب الصادر من الناقل.  كما أن تسلم الناقل للشيء محل النقل يعتبر قبولاً منه للإيجاب الصادر من جانب مرسل الشيء.

 انواع النقل

 لقد حددت أحكام المادة (5) من القانون الغاية من ابرام عقد النقل والتي هي نقل شيء او شخص من مكان الى أخر بواسطة النقل المعتمدة في العملية.  عليه فإن النقل يكون من ناحية المنقول إما شخص، ومعروف ما معنى الشخص، او شيء، والشيء هنا يعني أي منقول مادي كالبضائع بمختلف أنواعها والحيوانات وحتى الجنائز.

 اما من ناحية اتمام عملية النقل من مكان الى أخر فإن النقل إما أن يكون نقلاً داخلياً او نقلاً دولياً.  والنقل الداخلي هو النقل الذي يتم ضمن الحدود الجغرافية للبلد الذي يتم فيه تنفيذ عملية النقل، اي أن مكان القيام والوصول يقعان داخل البلد بخلاف النقل الدولي الذي يكون فيه مكان القيام في بلد ومكان الوصول في بلد أخر.  ومن حيث الواسطة التي تتم بواسطتها عملية النقل، سواءاً أكان ذلك لنقل شخص او شيء نقلاً داخلياً او نقلاً دولياً، فإن الواسطة إما أن تكون برية كوسائط النقل براً او القطار، او نهرية او بحرية كوسائط النقل نهراً او بحراً او الطائرة في النقل الجوي.

 أما من ناحية مراحل التنفيذ فإن النقل إما أن يكون بمرحلة واحده من جانب ناقل واحد او نقلاً متتابعاً من جانب اكثر من ناقل واحد وبمختلف وسائط النقل.  من الجدير بالذكر ان المشرع العراقي قد عالج هذه الانواع من النقل في الباب الثاني من القانون بأحكام عامة في نقل الشخص او الشيء.

 مستندات النقل: تذكرة النقل ووثيقة النقل

 تذكرة النقل

 لقد جاء القانون بالاختلاف في التسمية بين مستندات النقل إذ تم استخدام عبارة “تذكرة النقل” بالنسبة الى نقل الاشخاص و”وثيقة النقل” بالنسبة الى نقل الشيء، ولم يأتي المشرع الى تعريف لماهية تذكرة النقل وإنما جاء بأحكام المادة (70) اولاً بأنه “يجب إصدار تذكرة نقل وتسليمها الى الراكب الا اذا كانت طبيعة النقل لا تستلزم إصدار هذه التذكرة.”  كما جاء في البند ثانياً من أحكام نفس المادة برسم النموذج المقرر للتذكرة.  إن ما نفهمه من أحكام المادة (70) من القانون هو أن إصدار تذكرة النقل وتسليمها الى الراكب أمر وجوبي.  وعلق المشرع أمر إصدار التذكرة على طبيعة النقل إذ لا تستلزم إصدار التذكرة حينما لا تستلزم طبيعة النقل ذلك كالنقل داخل المدن وبين المدن والقصبات او بين مدينة واخرى.  وفيما عدا ذلك فإن أحكام البند (ثانياً) من المادة (70) قد جاءت بتحديد النموذج المقرر للتذكرة، اذ يجب أن تتضمن التذكرة البيانات التالية:

 اسم الراكب اذا كانت أسمية او روعي في اعطائها له امتيازات خاصة.

  • الدرجة المخصصة للركوب و مزاياها.
  • مقدار اجرة النقل.
  • التاريخ و الوقت المحدد لتنفيذ النقل ومدة نفاذ التذكرة.
  • مكان القيام ومكان الوصول.
  • واسطة النقل.
  • الامتعة الشخصية التي يسمح للراكب استصحابها معه مع ذكر كميتها ووزنها.
  • الحيوانات التي يرخص له بنقلها معه.
  • آية معلومات أخرى يمكن إضافتها الى التذكرة.

 ان التنفيذ الفعلي لأحكام المادة (70) من جانب ناقلي الاشخاص خاصة (شركات النقل الخاصة) هو عدم إصدار تذكرة النقل الا اذ كان النقل نقلاً دوليا،ً اي نقلاً بين العراق ودول الجوار.  اذ يقوم الناقل بإصدار تذكرة النقل للراكب بالإضافة الى تنظيم مانيفست يتضمن تفاصيل واسماء الاشخاص المنقولين على الواسطة.

 وثيقة النقل

 عرّف قانون النقل وثيقة النقل في المادة “72” بأنه (مستند يثبت عقد النقل ويعتبر قرينة على تسلم الناقل للشيء محل النقل بالحالة التي ذكرت فيه، ويعطي حامله المخول قانوناً الحق بتسلم الشيء).  يفهم من هذا التعريف لوثيقة النقل بأن هذه الوثيقة هي أداة لإثبات عقد النقل وليس العقد نفسه لان عقد النقل يكون قد تم انعقاده قبل اصدار الوثيقة كون عقد النقل عقد رضائي وانعقاده لا يتطلب إتباع شكلية معينة.  وسبق لنا وشرحنا هذا الجانب.  عليه فإن التعريف قد ركز على وظائف عقد النقل التي هي:

 1-          دليل على وجود عقد النقل

2-          قرينة على استلام الناقل للشيء محل النقل وبالحالة الموصوفة بها.

3-          إن حامله المخول قانوناً يحق له مطالبة الناقل بتسلم الشيء.

 إن ما نفهمه من أحكام المادة (72) من القانون أن المشرع لم يُلزم الناقل بإصدار وثيقة النقل ولم يجعل من اصدارها أمراً واجباً، ومما يؤيد ذلك احكام المادة (73) اولاً والتي تقول “اذا حُررت وثيقة نقل، فيجب أن تتضمن البيانات الاساسية الأتية” وسوف نأتي على ذكر البيانات لاحقاًً.  عليه فإن اصدار الناقل لوثيقة النقل ليس بالأمر الواجب إذ ينطوي النص على اختيار من خلال استخدام كلمة (إذا).  ومع ذلك، وحينما يتم تحرير وثيقة للنقل، فإن تلك الوثيقة يجب ان تتضمن البيانات الإلزامية وأخرى اختيارية وهي:

 البيانات الإلزامية (الاساسية)

 

  • مكان وتاريخ اصدار الوثيقة
  • اسم الناقل والمرسل والمرسل اليه والوكيل بالعمولة بالنقل، ان وجد، وعناوينهم.
  • مكان القيام ومكان الوصول.
  • وصف الشيء وحالته الظاهرة وطبيعته العامة وخطورته والعلامات وعدد الطرود او القطع و الكمية و الوزن.
  • آية بيانات أخرى يقتضيها النقل المتخصص “اولاً من المادة (73) ” علماً بأن عدم ذكر أحد البيانات أعلاه لا يفقد الوثيقة حجيتها في الاثبات ولا يخل ذلك بحقوق حاملها حَسَنُ النية في تعويض الضرر الذي لحق به بسببه.

 البيانات الاختيارية

 

لقد أجاز القانون وبأحكام البند ثانياً من المادة “73” تضمين الوثيقة البيانات الاختيارية التالية:

 عدد النسخ الاصلية للوثيقة.

  • واسطة النقل وعلاماتها المميزة.
  • الميعاد المعين لمباشرة النقل.
  • قيمة الشيء محل عقد النقل.
  • أجرة النقل وفما اذا كانت مدفوعة سلفاً او واجبة الدفع في مكان الوصول.
  • المصروفات الاضافية والجهة التي تتحملها.

 

إن ما ذكرناه أعلاه بشأن وثيقة النقل هو ما أورده المشرع في قانون النقل، أما من الناحية العملية فإن الناقلين لنقل الشيء بين المحافظات قلّما يقومون بتحرير وثيقة النقل وفق الصيغ او النماذج الواردة في القانون، وفي اغلب الاحيان وعند استلامهم للشيء محل النقل يسلمون المرسل وصلاً باستلام الشيء يتضمن بعضاً من المعلومات البسيطة عنه.  أما عن النسخ الاصلية لوثيقة نقل الشيء بالسيارات فإن القانون وبأحكام المادة (111) منه اوجب أن يكون تحرير وثيقة نقل الشيء بالسيارات بثلاث نسخ أصلية موقعة من قبل المرسل والناقل، تسلم النسخة الاولى الى المرسل وتصاحب النسخة الثانية الشيء وتبقى النسخة الثالثة مع الناقل.

 النقل بالسكك الحديد

 إن المؤسسة العامة لسكك الحديد في جمهورية العراق هي الجهة المسؤولة عن نقل الشخص والشيء بالسكك، وحينما يكون النقل بالسكك للشخص والشيء والامتعة فإنها تطبق أحكام اتفاقية نقل البضائع واتفاقية نقل المسافرين والامتعة بالسكك الحديد الدوليتين والبروتوكول الملحق بهما المصادق عليها بالقانون رقم (36) لسنة 1966 او أية اتفاقية تحل محلها ويصادق عليها بقانون[4].  ويتولى الناقل بالسكك عند نقل الشخص تحرير وثيقة نقل بأسمة تخوله تسلم أمتعته، التي لا يحق له استصحابها معه داخل العربة (عربة نقل المسافرين)، في محطة الوصول.  كما يقوم الناقل بتحرير وثيقة نقل الشيء بالسكك الحديد بثلاث نسخ أصلية موقعة من قبل المرسل والناقل، تسلم النسخة الاولى الى المرسل وتصاحب الثانية للشيء محل النقل وتبقى الثالثة في محطة القيام (محطة بدأ الرحلة) كسجل أساس للمراجعة والتدقيق.

 يتضح من ذلك بأن القانون قد حدد نموذج وشكلية معينة لكل من تذكرة النقل ووثيقة النقل والمعلومات الواجب ادراجها فيهما وعدد النسخ سواءاً اكانت تلك المعلومات إلزامية (أساسية) أم اختيارية، وأن الجهات التي تتولى تنفيذ ما فرضته احكام القانون هي الجهات الحكومية التي تتولى عملية النقل كسكك الحديد العراقية والشركة العامة لنقل المسافرين والوفود والشركة العامة للنقل البري بخلاف الجهات الخاصة التي لا تتولى إصدار التذكرة او الوثيقة.

 مسؤوليات الناقل

 في نقل الشخص

 لقد الزمت أحكام البند أولاً من المادة-9- من القانون الناقل بنقل الراكب وأمتعته بواسطة نقل صالحة لغرض النقل من جميع الوجوه الى مكان الوصول طبقاً للاتفاق وفي الموعد المعين للوصول، اذا كان هنالك تحديد للموعد وفي حالة عدم تعين موعد ففي الموعد الذي يستغرقه الناقل الاعتيادي اذا وجد في الظروف ذاتها.  كما أن البند ثانياً من أحكام المادة نفسها الزمت الناقل بإحاطة الراكب العلم بتعليمات النقل.  وأخضع البند ثالثاً من حكم المادة نقل أمتعة الراكب للأحكام الخاصة بنقل الشيء.

 ثم جاءت المادة-10- من القانون بمُساءلة الناقل عن الأضرار التي تصيب الراكب أثناء تنفيذه عقد النقل، واعتبرت كل أتفاق بإعفاء الناقل من المسؤولية كلياً او جزئيا اتفاق باطل لأن نص المادة -10- من القانون من النظام العام الذي لا يجوز الاتفاق بخلافه.  وتمتد مساءلة الناقل حتى في حالة النقل بدون أجرة “بالمجان”، متى ما كان الناقل محترفاً للنقل ولم تكن له فيه مصلحة مادية.  وفترة مساءلة الناقل عن التزاماته هي الفترة الواقعة بين شروع الراكب في الصعود الى الواسطة في محل قيام الرحلة ونزول الراكب من الواسطة في مكان الوصول.  وفي حالة وجود مواقع معدة لوقوف الواسطة ولا يسمح بالدخول لغير المسافرين فإن المسؤولية تشمل الفترة الواقعة بين دخول الراكب الى الموقع في مكان القيام وخروجه منها في مكان الوصول.

 أما اذا اقتضى الأمر تغير واسطة النقل في الطريق فإن ذلك لا يدخل ضمن مسؤولية الناقل عندما تكون فترة انتقال الراكب من واسطة نقل الى أخرى في غير حراسة الناقل او تابعيه وكذلك تجوال الراكب خارج المكان المعد للاستراحة الذي يعينه الناقل.  وقد وسّع المشرع تلك المسؤوليات لتشمل أيضاً أفعال تابعي الناقل المتعلقة بعمليات النقل متى ما كان ذلك في نطاق وظائفهم، واعتبر تابعاً للناقل كل شخص يستخدمه الناقل في تنفيذ التزاماته المترتبة على عقد النقل.

 في نقل الشيء

 إن ناقل الشيء ملزم بقبول طلبات النقل التي تقدم اليه اذا كانت تلك الطلبات التي تقدم اليه ضمن إمكانات النقل المقررة الا اذا تعذر عليه ذلك لأسباب لا دخل له فيها.  هكذا تقول أحكام المادة -26- من القانون.  اما البند ثانياً من حكم المادة فقد الزم الناقل بأن يراعي قبول الطلبات المقدمة اليه بحيث يكون للطلب الأسبق تأريخاً الاسبقية في النقل وذلك في حالة ما اذا تجاوزت طلبات النقل المقدمة الى الناقل  اكبر من طاقة وسائط النقل المتوفرة لدية.  أما ثالثاً من حكم المادة نفسها فقد الزم الناقل باستيفاء أجور النقل وفقاً للتعريفات المقررة من قبل الجهات المختصة وعدم مخالفة ذلك.

 وعن تاريخ بدأ مسؤوليات الناقل فأنها تبدأ اعتبارا من تسلمه الشيء وتنتهي بتسليمة الى المرسل الية فعلاً وفق القانون او حكماً في المحل المتفق عليه.  ويعتبر التسليم الى الجهات المختصة (سلطات الجمارك او الموانئ) او الى الحارس الذي عينته المحكمة تسليماً حُكمياً.  وأعتبر القانون احتفاظ الناقل بالشيء في مخازنه لأغراض النقل عملاً مكملاً (متمماً) لعقد النقل ويخضع لأحكام القانون.

 وعن حالة الشيء المطلوب نقله فأن تسلم الناقل له دون تحفظ دليل على تسلمه بحالة جيدة ومطابقة للبيانات المذكورة في وثيقة النقل، فاذا ادعى العكس عليه الاثبات.  كما ان اعداد واسطة نقل صالحة للنقل من جميع الوجوه من مسؤولياته وأن النقل يجب أن يتم بوسائط نقل معتادة ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك.  وعند وجود طلب من المرسل استعمال نوع معين من وسائط النقل او عربات خاصة فإن الناقل يعفى من المسؤولية عن الضرر الذي يصيب الشيء بسبب استعمال ذلك النوع من الواسطة او العربة.

 كما أن من التزامات الناقل شحن الشيء على الواسطة ودفع المصروفات المقتضاة ما لم يقم بذلك المرسل نفسه او شخص أخر بموجب اتفاق او قانون او تعليمات وعندئذ يكون هذا الاخير مسؤولاً عن الاضرار التي تصيب الشيء أثناء التحميل والرص.  وهكذا الحال بالنسبة الى عمليات التفريغ من الواسطة.  وعليه أن يخطر المرسل اليه بوصول الشيء وبالميعاد الذي يستطيع خلاله الحضور لتسلمه وذلك بإصدار (أمر التسليم) ما لم يكن هنالك اتفاق على التسلم في محل معين.

 وفي حالة قبول الناقل تنفيذ النقل دون أن يبدي اي تحفظ فيفترض بأن عمليات الشحن والرص قد تمت تحت مسؤوليته، ومن حقة إقامة الدليل على خلاف ذلك.  أما من حيث إكماله طريق الرحلة فأن على الناقل أن يسلك الطريق المتفق علية، وإلا فأنه من الواجب سلوك اقصر الطريق، وله الحق في تغيير الطريق الى طريق اطول مسافة إذا وجد بأن هنالك ضرورة لهذا التغير.  هذه المسؤوليات والمهام والواجبات جاءت في أحكام المواد 27 الى 29 من القانون.

 من خلال قراءتنا لمسؤوليات الناقل، أكان النقل نقل شخص أم شيء، فإن الاساس في تحديدها هو (العهده) والتي تعني وجود التوجيه والرقابة والسيطرة للناقل على الراكب وعلى الشيء المنقول.  ونجد أيضاً التشدد والصرامة من جانب المشرع تجاه الناقل وحتى في بعض الاحيان القسوة.  وفي اعتقادي لو علم الكثير من الجهات التي تتولى عمليات النقل بهذه المسؤوليات والواجبات لتركوا أعمال النقل وبحثوا عن عمل اخر للقيام به، الا إن من يجهل هذه المسؤوليات اكثر ممن له العلم بها!

 بعدما تطلع القارئة الكريمة والقارئ الكريم على هذه المهام والمسؤوليات الكبيرة للناقل لربما يأتي في باله السؤال: هل أن عدم قيام ناقل الشخص بإصدار تذكرة السفر وناقل الشيء بإصدار وثيقة النقل من أسباب إعفائهما من المسؤوليات وعدم مساءلته وإعفاءه من المسؤوليات والواجبات والمهام الملقاة علية طبقاً لأحكام القانون؟  إن الجواب هو أن عدم قيام الناقل بإصدار تذكرة السفر او وثيقة النقل لا يكون من أسباب عدم مساءلة الناقل او إعفاءه من المسؤولية وأن المسؤولية تبقى قائمة طبقاً لأحكام قانون النقل.

 من باب الختام

 وأخيراً فإن مرد الكتابة في هذا الموضوع وإعداد هذه الورقة هو السؤال الوارد في الفقرة الاستهلالية الذي يسأل (عن وجود عقد نموذجي في العراق للنقل البري بين مالك البضاعة (المُرسل) والناقل وفيما اذا كانت العلاقة بين الطرفين تتحدد بقوانين النقل والتجارة البرية) من جهة، ومن جهة أخرى ضعف الوعي والثقافة القانونية فيما يخص قانون النقل بين الكثيرين بعكس وجود ذلك الوعي بالنسبة الى بعض القوانين الاخرى.  وقد وجدت هذه الحالة عند مناقشتي الكثيرين من المحاميين والقانونيين والجهات التي تتولى عمليات النقل للشخص والشيء (أصحاب مكاتب النقل)، وفي بعض الحالات تصل الحالة الى عدم المعرفة بوجود قانون خاص للنقل في العراق.  كما أن وجود الصلة والرابطة والعلاقة القوية بين عمليات النقل والتأمين على البضائع المنقولة والمسافرين بمختلف وسائط النقل هي الأخرى من أسباب الكتابة، فضلاً عن كوننا جميعاً نكون في اليوم الواحد طرفاً في أكثر من عقد نقل واحد عندما نستخدم في تنقلاتنا اليومية سيارات الأجرة والباصات للتنقل دون ان نكون على علم بذلك.

 أرجو أن اكون قد أبرزت الملامح الأساسية للموضوع، وأتمنى من زملائي مناقشة الآراء والتقييمات التي عرضتها والتوسع في شرح هذه الملامح وغيرها.

 فؤاد شمقار

هه و لير 3 كانون الثاني 2012

 

shamkar1939@yahoo.com


[1] المقصود هنا بجميع انواع النقل نقل شيء او شخص عن طريق البر بالسيارة او القطار او نهراً بوسائط النقل النهرية او جواً بالطائرات او بحراً بواسطة السفن.

 

[2] الاسباب الموجبة للقانون.

 

[3] المادة 5 من القانون.

[4] المادة 113 من قانون النقل.