Tag Archives: Iraq’s Insurance Sector

Notes on Two Books by Munem Al-Khafaji

ملاحظات سريعة على كتابين حول التأمين في العراق

د. صباح قدوري*

نشرت المقالة أصلًا في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2021/11/Sabah-Kadduri-Review-of-Munem-Al-Khafajis-Book-1-IEN.pdf

منعم الخفاجي، نحو قطاع تأمين عراقي فعّال: تحديات وحلول، (مكتبة التأمين العراقي، 2021)، ويتضمن المحاور التالية: مقدمة المحرر، مقترحات حول تطوير قطاع التأمين، مراجعة نصوص وثائق التأمين، التأمين في العراق: الواقع والطموح، التحديات التي يواجهها قطاع التأمين في العراق، سبل النهوض بقطاع التأمين (عرض موجز)، نحو قطاع تأمين عراقي فعال ـ تحديات وحلول.

منعم الخفاجي، تحديث نماذج من نصوص وثائق التأمين: وثائق التأمين من الحريق وخسارة الأرباح والسرقة والسيارات وحياة المقترضين، (مكتبة التأمين العراقي، 2021)، ويتضمن المحاور التالية: إهداء، مقدمة، التأمين من الحريق، وِثائق التصريحات، تأمين الخسارة الأولى، تأمين الخسائر التبعية أو (خسارة الأرباح)، التأمين من السرقة، التأمين من كافة الأخطار، تأمين السيارات، التأمين على حياة المقترضين، وثيقة التأمين الجماعي على الحياة، المراجع.

استلمت مؤخرًا هذين الكتابين من الزميل مصباح كمال.  لست متخصصًا في موضوع التأمين لكنه ليس بعيدًا من اهتماماتي في مجال المحاسبة وخاصة محاسبة التكاليف.  وقد سبق أن ناقشت مقالة الزميل منعم الخفاجي “الربح الإجمالي بين المحاسبة والتأمين” مركزًا على الجانب المحاسبي.  بفضل هذه الخلفية بادرت إلى قراءة كتابي الخفاجي، وكتبت الملاحظات أدناه في رسالة للزميل مصباح كمال

[1]

اطلعت على الكتابين المرسلين ضمن رسالتكم الأخيرة، فوجدتهما بأنهما يحتويان على مواضيع مهمة بخصوص قطاع التأمين العراقي، منها: الخلفية التاريخية للتأمين في العراق، دور التأمين في النشاط الاقتصادي والاجتماعي في فترات زمنية مختلفة مع التركيز على فترة الاحتلال الانكلو/امريكي للعراق في عام 2003 وحتى الوقت الراهن.  وكذلك توصيف الوضع الحالي لقطاع التأمين، بشقيه الحكومي (شركات التأمين العامة) والخاص.  وقد نقدها المؤلف بإيجابياتها وسلبياتها، عبر مراحل تطورها، مع مساهمة جادة في تقديم حلول ومقترحات بناءة لتطوير وتفعيل دور هذا القطاع المهم ضمن الاقتصاد الوطني، ومساهمته النشطة في عملية التنمية الوطنية المستدامة، بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية.

[2]

تناول المؤلف المواضيع المذكورة في الفقرة [1] أعلاه، بشكل منهجي ومهني ومعرفي، واتبع أسلوبًا وصفيًا وتحليليًا للمحاور الواردة فيها، واستخلص النتائج المرجوة من ذلك، وقدم حلولًا ومقترحات بناءة وموضوعية لمعالجة الإخفاقات المتراكمة في قطاع التأمين عبر الزمن، ولاسيما بعد الاحتلال، وهي إخفاقات ظلّت من دون حلول لها من قبل المسؤولين وأصحاب القرار في مختلف المستويات (ديوان التأمين، وزارة المالية، شركات التأمين ذاتها)، مما أضاف إلى تراجع دور قطاع التأمين في أداء مهمته بشكل طموح، أي المساهمة بقسط في عملية التنشيط الاقتصادي، والتنمية من خلال الاستثمار.

[3]

لقد تم التركيز على المحاور الواردة في هذين الكتابين على الجوانب المهنية والمعرفية والتنظيمية والقانونية، على حساب الجانب الاجتماعي، وتأهيل القوى البشرية، وجودة الخدمات للعملاء، ودور ثقافة العاملين في أداء مهام عملهم والمجتمع بشكل عام، وتكنلوجيا المعلومات، وكذلك دور الجامعات والمعاهد ذات الاختصاصات والعلاقة بموضوع التأمين، ومدى مساهمتها في عملية التطوير، وإيجاد آليات فعالة وضرورية لتصحيح مسار القطاع، ليكون فعالا في أداء مهامه بالشكل المطلوب.  هذه الملاحظة لا تقلل من قيمة ما عرضه لنا المؤلف في ثنايا كتاب نحو قطاع تأمين عراقي فعّال.  على سبيل المثل، مناقشته لدور التدريب المهني في النهوض بقطاع التأمين.

لعلنا لا نبالغ إذا قلنا إن هناك شحّة في الدراسات والمقالات في المجالات التي أتينا على ذكرها.  أقول هذا رغم أن الزميل مصباح كمال هو من بين الأغزر في عرض قضايا التأمين العراقي والتعامل معها من منظور نقدي.  لذلك، نتمنى من المختصين والمهتمين بالشأن التأميني المساهمة في اغناء هذه المواضيع، التي أرى انها مكملة لتلك التي تم معالجتها في الكتابين، والاستفادة منها في تطوير مختلف جوانب مؤسسة التأمين، وصولًا إلى تعزيز مكانة هذه المؤسسة ومساهمتها في التنمية الاقتصادية.

[4]

لن يفوتني هنا أن أقيم واثمن وأقدر عاليا مساهمة الزميل كمال وانتاجه الفكري الغزير في مجال التأمين.  كلما قرأت له مقالًا أو كتابًا في التأمين ازددت قناعة أن قطاع التأمين العراقي، رغم بؤسه الحالي، فإن وعد إسهامه في الاقتصاد ما زال موقوفًا.  إن كتاباته وكتابات زملائه ومن بينهم منعم الخفاجي ما هي إلا لبنات في رسم معالم لتطوير قطاع التأمين العراقي.  فلهم كل الشكر، رغم تقدم العمر بهم، على المتابعة والتنوير واجتراح الحلول. وهنا لن يفوتني أيضا بأن أتقدم بجزيل الشكر والامتنان للزميل مصباح لقيامه بتحرير هذه المقالة المتواضعة.

5 تشرين الثاني 2021

* باحث أكاديمي وكاتب اقتصادي/علوم المحاسبة الدولية

Training and its Role in Developing Iraq’s Insurance Sector

دور التدريب في نهوض قطاع التأمين وتطويره

منعم الخفاجي

نشرت أصلًا في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين”

منعم الخفاجي* دور التدريب في نهوض قطاع التأمين وتطويره

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2021/10/Muneam-Al-Akhafaji-Training-Paper-submitted-to-the-insurance-conference-September-2021-Draft-3-IEN.pdf

ورقة مقدمة إلى مؤتمر إصلاح قطاع التأمين في العراق – تحديات الواقع وفرص المستقبل، 15-16 أيلول 2021 نيابة عن المنظمة الألمانية للتنمية والتعاون GIZ بعنوان “دور التدريب في نهوض قطاع التأمين وتطويره”

مقدمة

لضيق الوقت المخصص سأبدأ عرض الموضوع اعتبارا من بدء تراجع قطاع التأمين في العراق، هذا التراجع تلى الوضع المميز الذي وصل إليه هذا القطاع في سبعينيات القرن الماضي، خلال مسيرة امتدت من بداية الخمسينيات ولغاية بداية ثمانينيات القرن الماضي.

هذا التقدم وسيلته كانت التدريب المستمر الذي أعتمده القطاع بتنظيم الدورات التدريبية المُمَنهجة داخل العراق، واستقدام الخبراء الأجانب من دول أوربية متقدمة في العمل التأميني والاستفادة من خبراتهم، بالإضافة إلى ابتعاث عدد غير قليل من الموظفين للدراسة والتدريب في معاهد وشركات تأمين أوربية متقدمة.  أؤكد، ومن خلال خبرتي، أنه لا يمكن لقطاع التأمين النهوض والتقدم في غياب التدريب وتأهيل الكوادر.

من هنا تتضح اهمية التدريب المستمر في نهوض وتطور هذا المرفق الحيوي الذي يوفر:

– الحماية والإسناد للتنمية الاقتصادية بكل فروعها واستقرار الحياة الاجتماعية

– ويساهم إضافة إلى المساندة مساهمة مباشرة في التنمية الاقتصادية عن طريق استثمار الأموال المتوفرة لدى شركات التأمين وإعادة التأمين.

– ومهام أخرى عديدة ومهمة لا يتسع الوقت لذكرها.

محاور التدريب الرئيسية

مع ملاحظة أن التدريب والتأهيل يجب أن لا يقتصر على العمليات التأمينية (الاكتتاب، خدمة الوثائق، وتسوية التعويضات) بل يجب أن يشمل كل المحاور الرئيسية التي تستند اليها شركات التأمين وإعادة التأمين في تنفيذ نشاطها وبالأخص محوري التسويق والاستثمار إضافة إلى محور الاكتتاب (قبول الطلبات وإصدار وثائق التامين وخدمتها) وتسوية التعويضات.

بدء التراجع

بعد استمرار الحرب العراقية الإيرانية التي استنزفت موارد العراق المالية والبشرية بدأ قطاع التأمين كما بقية القطاعات بالتراجع بدءا من سنة 1983 وبلغ هذا التراجع ذروته بعد سنة 1990 بتأثير الحصار الظالم والمقاطعة اللئيمة المفروضين على شعب العراق.

هذه الحالة من تراجع قطاع التأمين استمرت بالرغم من تغيير النظام في سنة (2003) ولا زالت في الوقت الحاضر كما هي.  أما اسباب التراجع فهي تتوزع على أسباب عامة تشمل جميع القطاعات والأنشطة، وأخرى خاصة تتعلق بقطاع التأمين.  وفيما يلي نظرة مختصرة على بعض أهم اسباب هذا التراجع الخاصة بنشاط التأمين وعلى وضع القطاع حاليا وسبل النهوض به.

قطاع التأمين حاليا وسبل النهوض به وإصلاحه  

سوق التأمين العراقي حاليا في حالة من الركود والتراجع لأسباب عديدة منها:

1- تسجيل الشركات

إن دائرة تسجيل الشركات دأبت على تسجيل شركات التأمين دون توفر الحد الأدنى من متطلبات تأسيس شركة تأمين مساهمة.

الحل المقترح: إيقاف تسجيل شركات التأمين لحين وضع معايير سليمة تضمن ان شركة التأمين المطلوب تسجيلها تمتلك الكادر الرئيسي المؤهل لإدارة العملية التأمينية والكفاءة المالية للإيفاء بالتزاماتها تجاه حملة الوثائق (المؤمن لهم).

2- هيكلية القطاع

عدد شركات التأمين المجازة بالعمل في السوق العراقية، بالإضافة إلى الشركات الحكومية الثلاث، تجاوز الثلاثين أغلبيتها لا تمتلك الحد الأدنى من الخبرة اللازمة الضرورية لإدارة العملية التأمينية ولا الإمكانية المادية، وعدد كبير منها يدار من قبل شخص واحد لا علاقة له بالتأمين.  وبمجملها هي شركات صغيرة جدا لا تمتلك صفات شركة مساهمة، إذ لا وجود لمجالس الإدارة ولا الهيئات العامة لهذه الشركات إلا على الورق.

المقترح هو إعادة هيكلة قطاع التأمين كالآتي:

أ- الشركات الحكومية الثلاث تدمج مع بعضها لتكون شركة واحدة كبيرة علما أن هناك دراسة سابقة حول دمج الشركتين العراقية والوطنية تؤيد عملية دمجهما.

ب- اما بالنسبة لشركات القطاع الخاص فتعاد هيكلتها بحيث يقل عددها ويكبر حجمها عن طريق الدمج شبه القسري الذي يمكن أن يمارسه ديوان التأمين بفرض زيادة الحد الأدنى لرأسمال شركة التأمين، والشركة التي لا تلبي هذا الاجراء خلال فترة زمنية محددة تسحب اجازتها.

3- ديوان التأمين

ديوان التأمين حاليا لم ينفذ أغلب المهام الموكلة اليه بموجب المادة (6) من قانون تنظيم أعمال التأمين رقم 10 لسنة 2005 وهي باختصار تتعلق بـ:

أ- رفع كفاءة الأداء لمنتسبي الشركات بما في ذلك تأسيس معهد لهذه الغاية.

ب- الرقابة بشكل عام وعلى الملاءة المالية للشركات بشكل خاص.

ج- نشر الوعي التأميني.

د- توثيق روابط التعاون مع منظمات الاشراف والرقابة على شركات التأمين العربية والعالمية.

ه- وغيرها من المهام التي لا يتسع الوقت للتطرق اليها.

هذا الخلل سببه عدم تنفيذ المادة (7) أولا- من قانون تنظيم أعمال التأمين التي تنص على وجوب تعيين رئيس للديوان بدرجة خاصة خلال (30) يوما من تاريخ نفاذ هذا القانون الذي مر عليه (15) عاما تعاقب على إدارته خلال هذه الفترة أكثر من سبعة مدراء عامين وكالة إضافة إلى مهامهم الأصلية ولم يتوفر لأغلبهم لا الوقت ولا الخبرة.  

الحل المقترح هو أن يتم تفعيل عمل الديوان وتعيين رئيس له بدرجة خاصة تتوفر فيه مؤهلات تنفيذ واجباته ومهام الديوان التي نص عليها قانون التأمين.

4- قانون تنظيم أعمال التأمين رقم (10) لسنة 2005

صدر القانون على عجالة دون أي دراسة وتضمن موادًا مخيبة للآمال تم بموجبها فتح سوق التأمين العراقي على مصراعيه لشركات التأمين الأجنبية وحجب مادة أساسية لحماية السوق من تدخل شركات التأمين وهي وجوب إجراء التأمين على الأموال الموجودة في العراق والبضائع القادمة اليه والمسؤوليات التي قد تتحقق داخل العراق مع شركات تأمين مسجلة في العراق ومجازة لمزاولة الأعمال من قبل ديوان التأمين.

الحل المقترح أن يتم تعديل القانون رقم (10) لسنة 2005 بشكل سريع كما يلي:

أ- حذف الفقرة خامسا من المادة (13) نصها:

لا يجوز مزاولة أعمال التأمين في العراق إلا من قبل:

خامسا: مؤمن أو معيد تأمين آخر يعتبره رئيس الديوان مؤهلا وذو قدرة مالية بشرط أن يلتزم بأحكام هذا القانون.

ب- حذف الفقرة ثانيا من المادة (14) التي فتحت سوق العراق على مصراعيه.

ج- يضاف ما يلي إلى الفقرة ب- من ثانيا من المادة (7) “أو حاملا لشهادة متخصصة في التأمين صادرة من مؤسسة رصينة متخصصة في تعليم التأمين.

د- تضاف مادة جديدة إلى القانون تنص على عدم جواز إجراء التأمين على الأموال الموجودة في العراق والبضائع الواردة اليه أو المسؤوليات التي قد تتحقق في العراق إلا مع شركت التأمين المرخص لها العمل في العراق.

وفيما بعد يتم تعديل شامل للقانون أو تشريع قانون جديد بدلا منه.

التوصيات

1- يتوقف تسجيل شركات التأمين لحين اتمام إعادة هيكلة قطاع التأمين ووضع أسس ومعايير لشركات التأمين بحيث تكون مهيأة ماديا وعلميا لإدارة عملية التأمين بشكلها الصحيح.

2- الشروع بإعادة هيكلة قطاع التأمين.

3 – تعيين رئيس لديوان التأمين متفرغ، مؤهل للأشراف على تنفيذ كامل الواجبات التي نص عليها القانون.

4- تعديل قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 بما يضمن مصلحة قطاع التأمين.

مع ملاحظة ان موضوع التدريب هذا مع أهميته في النهوض وتقدم قطاع التأمين ومواكبة ما يستجد عليه من تطور، إلا إنه لم يحظ بالأهمية المطلوبة، ولم يكتب عنه إلا القليل.  وفي هذا الصدد أود أن أُشير إلى المقالة المهمة التي تناول فيها الأستاذ مصباح كمال جوانب مهمة حول موضوع التدريب تحت عنوان “التدريب المهني بين الجمعية والديوان- ملاحظات أولية – نشرت في مدونة مرصد التأمين العراقي يمكن الاطلاع عليها عن طريق الرابط التالي.

منعم الخفاجي

خبير في قضايا التأمين

بغداد 16/9/2021

Financial and Accounting Training Centre and the Conference on Reforming Iraq’s Insurance Sector

مركز التدريب المالي والمحاسبي ومؤتمر إصلاح قطاع التأمين في العراق

نشر أصلًا في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2021/05/Misbah-Kamal-Conference-Financial-Acounting-Training-Centre-IEN.pdf

مصباح كمال

وصلني من الزميل سعد جادر قبل أيام خبر منشور في موقع مركز التدريب المالي والمحاسبي (فيما يلي المركز) في الفيسبوك بتاريخ 29 نيسان 2021 بعنوان “مركز التدريب المالي والمحاسبي يعقد الاجتماع التنسيقي الأول استعدادا لإقامة مؤتمره العلمي الأول تحت شعار إصلاح قطاع التأمين في العراق” بتوقيع “شعبة العلاقات والإعلام & [كما في الأصل] لجنة النشر.”[1]

من المُسرّ أن يجري العمل على عقد مؤتمر لإصلاح قطاع التأمين في العراق لأن القطاع بحاجة إليه، لكن لي بعض الملاحظات والتساؤلات حول الموضوع أدرجها أدناه فربما ينهض بعض القراء، وخاصة من قطاع التأمين، لتخطئتها أو الإضافة إليها.

1      يفهم من تسمية هذا الاجتماع بأنه “الاجتماع التأسيسي الأول” أن هناك اجتماعات تنسيقية أخرى ستعقد لإقامة المؤتمر العلمي الأول.  ويبدو أن هذا المؤتمر سيكون حدثًا عظيمًا في تاريخ التأمين العراقي، ولذلك فإن الإعداد له يحتاج إلى عدد من الاجتماعات التنسيقية.  ويفهم من الخبر أيضًا أن المركز لم يسبق له أن عقد مؤتمرًا علميًا وهذا هو “مؤتمره العلمي الأول” واختار موضوع “إصلاح قطاع التأمين في العراق” عنوانًا له.  هل أن الإعداد للمؤتمر، مهما كانت أهميته، يحتاج إلى اجتماعات تنسيقية أخرى؟  أليس كافيًا تفويض لجنة نابعة من الاجتماع التنسيقي لتقوم بالإعداد للمؤتمر؟

2      نقرأ في الخبر أن المؤتمر العلمي الأول الذي سيقيمه المركز سيكون برعاية وزير المالية وبالتعاون مع ديوان التأمين وشركات التأمين الوطنية والعراقية وإعادة التأمين في وزارة المالية فضلا عن كلية الإدارة والاقتصاد/الجامعة المستنصرية، وكلية اقتصاديات الأعمال/جامعة النهرين، والمعهد العالي للدراسات المالية والمحاسبية/جامعة بغداد.  يرد هنا ذكر ثلاث شركات حكومية ولا يرد ذكر لجمعية التأمين العراقية (التي تضم في عضويتها شركات التأمين العامة والخاصة) التي يمكن أن يكون حضورها مفيدًا لتمثيل شركات التأمين الخاصة.

إن الجمع بين كيانات أكاديمية وشركات التأمين إجراء من شأنه توليد أفكار إصلاحية جديدة لعموم قطاع التأمين العراقي بافتراض أن الجمع بين ما تراكم من دراسات تأمينية لدى المؤسسات الأكاديمية مع الخبرة المتراكمة لدى شركات التأمين، العامة والخاصة، سيستفاد منها في رسم سياسة الإصلاح وتقديم إصلاحات ملموسة قابلة للتطبيق في سياق واقع قطاع التأمين الحالي.  وهو واقع يتميز بضعف الكوادر الفنية وتدني المستوى اللغوي والتدريب والأداء الضعيف، وفي بيئة غير مرحبة بمؤسسة التأمين التي تتعرض للنقد والاتهام بالفساد.

3      إن غياب شركات التأمين الخاصة أو من يمثلها يعني أن المؤتمر العلمي الأول خاص بشركات التأمين العامة وليس قطاع التأمين العراقي برمته.  وإذا كان المؤتمر سيعقد تحت شعار “إصلاح قطاع التأمين في العراق” فأين موقع شركات التأمين الخاصة في المؤتمر أو في قطاع التأمين؟  وإذا لم تكن شركات التأمين الخاصة ممثلة في هذا المؤتمر العتيد فالأولى بمنظمي المؤتمر تعديل شعاره لأنه يجتزئ قطاع التأمين بالشركات العامة الثلاث: شركة التأمين الوطنية، شركة التأمين العراقية وشركة إعادة التأمين العراقية.

لعل ورود كلمة “إصلاح” في عنوان المؤتمر المرتقب تكشف ما يريده المركز وراعيته، وزارة المالية، لاستكمال ما تمَّ عرضه في الورقة البيضاء.[2]

4      نقرأ في الخبر أيضًا أن الاجتماع التنسيقي الأول حضره “مدير عام مركز التدريب المالي والمحاسبي د. أحمد جواد مدير ورئيس ديوان التأمين ومدير عام شركة التأمين الوطنية اسراء صالح[3] ومدير عام شركة التأمين العراقية وسام محمد ومدير عام شركة إعادة التأمين [العراقية] ايمان برهان الدين[4] وعميد كلية الإدارة والاقتصاد/الجامعة المستنصرية د. بثينة راشد.”  وهنا نلاحظ غياب من يمثل شركات التأمين الخاصة ولو بصفة مراقب.  أقول هذا لأن إصلاح قطاع التأمين يمكن أن يكون له تأثيرًا وتبعات على شركات التأمين الخاصة.

5      ونقرأ أخيرًا في خبر المركز أنه “تم خلال الاجتماع تحديد محاور المؤتمر وأهدافه فضلا عن تسمية اللجان العلمية والتحضيرية والإعلامية وموعد ومكان إقامة المؤتمر.”  أما ما هي محاور المؤتمر، وما هو أهدافه فإن اللجنة التي قامت بصياغة الخبر سكتت عنهما.  أليس مُعيبًا أن يضم هذا الخبر أربع فقرات وفقرته الرابعة والأخيرة والمهمة تكتفي بالقول إن الاجتماع، التنسيقي الأول، حدد محاور المؤتمر وأهدافه دون ذكر التفاصيل.  تذكّرني هذه الصياغة بالبؤس الذي يسمُ الأخبار والتعليقات في الصحافة العراقية حول التأمين، وقد كتبت عنها غير مرة.[5]

6      هناك هوس لاقتناص موقع الأولوية في عقد مؤتمرات التأمين، فقد سبق لوزارة المالية عندما كانت تحت ولاية بيان جبر الزبيدي تنظيم ما أسمتها أول مؤتمر للتأمين بتاريخ 28 حزيران 2009 وقد وصفته بأنه مؤتمر إعلامي عابر لن يترك أثرًا ملموسًا على قطاع التأمين.[6]  وفي 3 آذار 2018 عقد مؤتمر التأمين العراقي بدعوة من مركز الإبداع لتنمية الشباب والمجتمع، وقد عرَّفه منظموه بأنه مؤتمر التأمين العراقي الأول.[7]  ترى هل أن القائمين على تنظيم مؤتمر “إصلاح قطاع التأمين في العراق” سيستفيدون من تجربة المؤتمرين السابقين أم يهنئون أنفسهم بعقد أول مؤتمر للتأمين؟

7      جوقة المعلقين على هذا الخبر لا يقدمون مادة مفيدة ويكتفون بتقديم التبريكات والتهنئة والمديح الفارغ.  ويبدو أن بعض التعليقات موجهة خصيصًا لبعض المشاركين في الاجتماع التنسيقي وكأن أصحابها يبغون رضا الممدوح أو منفعة ما من وراء التعليق.  وهنا نتعرف على ضحالة وبالأحرى غياب التفكير بالشأن التأميني.

8      قطاع التأمين العراقي قطاع معلول، بدأت مشاكله بالظهور مع فترة الحصار الاقتصادي للعراق (1990-2003)، وتفاقمت بعد الاحتلال الأمريكي الذي ساهمت سلطته المدنية بتدبيج الأمر رقم 10 قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 المعيوب.  وقد انتبه بعض ممارسو التأمين إلى هذه العيوب وكتبوا عنها،[8] وتقدمت بعض إدارات التأمين بأفكار لتعديل الأحكام الضارة لهذا الأمر إلا أنها لم تجد استجابة من وزارة المالية أو مجلس النواب.

10 أيار 2021


[1] رابط الخبر والتعليقات:

[2] مصباح كمال، “ملاحظات نقدية حول إصلاح الإطار التنظيمي لقطاع التأمين والخدمات التأمينية في الورقة البيضاء،” موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2021/02/Misbah-Kamal-Insurance-in-White-Paper-Part-2-IEN.pdf

[3] تكليف إسراء صالح لإدارة (أو تمشية أعمال) شركة التأمين الوطنية وديوان التأمين قرار سيء لوزارة المالية يكشف عن غياب معرفي بالقواعد الرقابية على النشاط التأميني.  لا يوجد في أنظمة التأمين في أسواق التأمين من يجمع بين إدارة الهيئة الرقابية على النشاط التأميني وإدارة شركة تأمين في ذات الوقت.  مثل هذا الوضع يخلق تضاربًا في المصالح مهما حاول الشخص المكلف أن يخلق جدارًا صينيًا بين إدارة الرقابة وإدارة شركة تأمين خاضعة لرقابتها.  سبق لوزارة المالية أن أقدمت على قرار مماثل في وقت سابق.

[4] تسمية عناوين المدراء العامون للشركات الثلاث وديوان التأمين تستدعي التدقيق لأن شاغلي موقع المسؤولية الأولى ليسوا جميعًا يتمتعون بعنوان مدير عام، فهم ما بين مدير عام بالوكالة أو مدير لتمشية الأعمال.

[5] أنظر: مصباح كمال:

أخبار العراق التأمينية في الصحافةمجلة التأمينالعراقي (14/7/2008) http://misbahkamal.blogspot.com/2008/07/1-5-2008.html

“جريدة العراق اليوم وشركة الحمراء للتأمين: مثال آخر على الكتابة الصحفية عن التأمين” مجلة التأمينالعراقي، تشرين الثاني 2009.

http://misbahkamal.blogspot.com/2009/11/blog-post_04.html

“قطاع التامين: صحفي يكتب ومدير مفوض شركة تأمين يعقب” مجلة التأمين العراقي، 7/12/2009.

http://misbahkamal.blogspot.com/2009/12/1829-22-2009.html

[6] راجع تقييمنا ونقدنا لهذا المؤتمر في مقالتنا المنشورة تحت عنوان “نقد “مؤتمر التأمين” وتصريحات وزير المالية” في موقع مجلة التأمين العراقي: http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2009/07/28-2009.html

[7] مصباح كمال، “هوامش نقدية على مؤتمر التأمين العراقي وتوصياته،” في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2018/03/19/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d9%87%d9%88%d8%a7%d9%85%d8%b4-%d9%86%d9%82%d8%af%d9%8a%d8%a9-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d9%85%d8%a4%d8%aa%d9%85%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a3%d9%85/

[8] مساهمة في نقد ومراجعة قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005، جبار الخزرجي، سعدون الربيعي، فؤاد شمقار، محمد الكبيسي، مصباح كمال، منعم الخفاجي، تحرير: مصباح كمال (مكتبة التأمين العراقي، 2013)

مصباح كمال، قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: تقييم ودراسات نقدية (بغداد: منشورات شركة التأمين الوطنية، 2014)

وغيرها من المقالات التي يصعب عليَّ الوصول إليها.

The Decline of Insurance Premium in Iraq

تدني جاذبية تأمين السيارات والتأمين الصحي في العراق:

ملاحظات حول بيان منظمة غير حكومية والتغطية الصحفية له

 

مصباح كمال

 

نشرت في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

http://iraqieconomists.net/ar/2020/06/05/مصباح-كمال-تدني-جاذبية-تأمين-السيارات/

 

مقدمة

 

الأخبار التي تتحدث عن ركود قطاع التأمين العراقي ليست جديدة؛ هي استمرار لتدهور بدأت بوادره في أواخر ثمانينيات القرن الماضي وتعزز مع غزو العراق للكويت (1990) والعقوبات الدولية (1990-2003).  استعاد القطاع بعض نشاطه مع إعادة تواصل القطاع مع أسواق إعادة التأمين الدولية (2005) وجولات التراخيص النفطية وتصاعد محفظة التأمين من الحريق لبعض الشركات الصناعية والمحلات التجارية، وكذلك تأمين الطيران وناقلات النفط.  لكن هذا النهوض البسيط تعثر مع بروز داعش وتفاقم الفساد المالي والإداري وتدهور الوضع الأمني.  وساهم قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 (الأمر رقم 10 الأمريكي الصنع) لتوفير غطاء قانوني لتسرب أقساط التأمين إلى الخارج.[1]

 

بيان المنظمة غير الحكومية حول التأمين في العراق

 

قرأنا أواخر شهر أيار 2020 خبراً في موقع بغداد اليوم بعنوان “بالأرقام.. التأمين في العراق هو الأقل بين الدول العربية” [2]يعكس صورة قاتمة لقطاع التأمين العراقي، ننقل نصه بالكامل.

 

بلغ حجم قطاع التأمين في العراق، للعام الماضي بحدود 200 مليون دولار فقط ليشكل واحداً من أضعف الدول الموجودة في المنطقة العربية وانخفضت عائدات التأمين لسنة 2019 مقارنة بسنة 2018 بحدود 18٪.

 

ووفقا لمؤسسة عراق المستقبل الاقتصادية،[3] فإن تأمين السيارات والتأمين الصحي يعتبران من أقل القطاعات جذبا للمستخدمين للعراق مقارنة مع باقي الدول اذ بلغت نسبة قطاع تأمين السيارات 9٪ فقط من مجمل قطاع التأمين بينما بلغت نسبته في باقي الدول بحدود 22٪ من مجمل التأمين. اما التأمين الصحي فبلغت نسبته في العراق اقل من 1% مقارنة بـ 35% من مجمل التأمين في باقي الدول العربية.

 

وحققت دول مثل قطر والامارات والسعودية عائدات مرتفعة من قطاع التأمين بلغت في الامارات 11,0 مليار دولار اما في السعودية فكانت 9,24 مليار دولار وفي قطر كانت 4,34 مليار دولار.

 

وعلى الرغم من وصول عدد السيارات في العراق الى أكثر من 6 مليون سيارة وبمعدل نمو سنوي يبلغ أكثر من 4٪ الا ان قطاع التأمين على السيارات مازال ضعيفا جدا لعدم وجود التشريعات التي تساهم في تشجيع التأمين وايضا لغياب الثقة والدراية بالتأمين المحلي.

 

ويذكر أن هناك أكثر من 39 شركة تأمين محلية عاملة في العراق مع وجود أكثر من 50 معيد للتأمين وتسيطر شركتا التأمين الوطنية والتأمين العراقية وهي شركتان مملوكتان للحكومة العراقية على معظم سوق التأمين في العراق

 

فيما يلي سنناقش بعض ما ورد في بيان مؤسسة مستقبل الاقتصاد العراقي للتنمية والتطوير كما نقلها موقع بغداد اليوم، ونقدم جملة ملاحظات من باب التعليق، والإشارة إلى ضعف التغطية الصحفية لقضايا التأمين.[4]  كما يظهر في الخبر فإن البيان ركَّز على تأمين السيارات الشامل والتأمين الصحي وهما مصدران أساسيان لأقساط التأمين في أسوق التأمين العربية (المغرب والسعودية والإمارات كمثال).  ونعرف أن فروع التأمين الأخرى، كالتأمين البحري-بضائع والتأمين الهندسي، كانت تشكل مصادر رئيسية لأقساط التأمين في العراق.

 

أرقام دخل أقساط التأمين

 

لا يذكر الخبر مصدر الأرقام التي اعتمدتها مؤسسة مستقبل الاقتصاد العراقي للتنمية والتطوير، وحسب علمي فإن جمعية التأمين العراقية لم تصدر حتى الآن احصائية نشاط شركات التأمين العاملة بالعراق لعام (2018-2019).  اعتماداً على أرقام الجمعية للسنتين 2017-2018 فإن أرقام مؤسسة مستقبل الاقتصاد العراقي تعكس واقع الحال.  فقد كان مجموع إيرادات العمليات التأمينية في السنتين 2017-2018، لجميع فروع التأمين، كما يلي:[5]

 

ألف دينار

2018 2017
263,640,975 241,967,237

 

 

 

دولار أمريكي

2018 2017
221,507,641 203,297,655

 

 

 

 

يمكن تقدير ضآلة حجم دخل أقساط التأمين في العراق بإلقاء نظرة سريعة على الجدول التالي حول أقساط التأمين في بعض الدول العربية إضافة إلى إيران وتركيا وفي سياق تباطؤ الأقساط عام 2018 (لا يرد ذكر للعراق).

 

Global ranking Country Premiums 2017/2018 evolution Market shares 2018
2018 2017 2018 2017
37 36 United Arab Emirates 12461 12204 2.10% 21.87%
41 39 Turkey 10452 12054 -15.30% 18.35%
39 41 Saudi Arabia 9463 9734 -2.90% 16.61%
44 42 Iran 7688 9054 -17.80% 13.50%
54 50 Morocco 4579 3997 12.70% 8.04%
51 Qatar 3038 2941 3.20% 5.33%
70 60 Lebanon 1604 1522 5.10% 2.82%
73 62 Egypt 1579 1618 -2.50% 2.77%
62 82 Kuwait 1307 1119 14.40% 2.29%
75 69 Algeria 1189 1223 -2.90% 2.09%
63 70 Oman 1116 1063 4.70% 1.96%
82 81 Jordan 895 836 6.60% 1.57%
83 83 Tunisia 870 856 1.60% 1.53%
88 86 Bahrain 724 715 1.20% 1.27%
    Total MENA 56965 58936 -3.50% 100.00%
    Total World 5193225 4957507 4.50%  

Source: Atlas Magazine 12/07/2019[6]

https://www.atlas-mag.net/en/article/mena-insurance-market-slowdown-in-2018

 

التأمين على السيارات

 

يرد في الخبر أن “تأمين السيارات والتأمين الصحي يعتبران من أقل القطاعات جذبا للمستخدمين للعراق.”  وفي فقرة أخرى نقرأ أن “قطاع التأمين على السيارات مازال ضعيفا جدا لعدم وجود التشريعات التي تساهم في تشجيع التأمين وايضا لغياب الثقة والدراية بالتأمين المحلي.”

 

دعوى عدم وجود تشريعات تشجع على التأمين على السيارات

 

نرى أن المقصود بقطاع التأمين على السيارات التأمين على الأضرار المادية التي تلحق السيارة من جراء حادث اصطدام أو انقلاب وغيره، وكذلك الأضرار المادية التي تتسبب بها السيارة لممتلكات الطرف الثالث، ذلك لأن تأمين المسؤولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات تجاه الإصابات التي تلحق بالأطراف الثالثة بما فيها الوفاة تلقائي بقوة القانون (قانون رقم 52 لسنة 1980 وتعديلاته).  فبفضل هذا القانون لا يحتاج صاحب السيارة إلى شراء وثيقة للتأمين إذ أنه مؤمَن عليه تلقائياً، فيما يخص المسؤولية المدنية عن الإصابات البدنية للغير، دون تسديد قسط للتأمين إذ أن جزءاً من سعر البنزين الذي يشتريه يُستقطع ويُوضع في صندوق خاص تديره شركة التأمين الوطنية لتسديد مطالبات التعويض.

 

القول بأن ضعف جاذبية تأمين السيارات في العراق يعود إلى عدم وجود التشريعات التي تساهم في تشجيع التأمين ليس صحيحاً فيما يخص تأمين المسؤولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات (الإصابات البدنية بما فيها الوفاة).  وحسب علمنا، فليس هناك تشريعات في أي بلد تشجع صاحب السيارة للتأمين على سيارته؛ التشريع الإلزامي ينصبُّ على تأمين المسؤولية المدنية الناشئة من استعمال السيارة في الطرقات العامة وذلك لحماية حقوق الغير في نفسه وممتلكاته.  لكن المألوف هو شراء التأمين الشامل (التكميلي) ليغطي السيارة والمسؤولية المدنية تجاه الغير معاً.

 

الجدول التالي يبين حجم أقساط تأمين السيارات المكتتبة في 2017 و 2018.

 

جدول أقساط تأمين سيارات (2017-2018)

ألف دينار

2018 2017 اسم الشركة/السنة
6,151,888 3,627,111 1-شركة التأمين الوطنية
3,003,039 3,129,125 2-شركة التأمين العراقية العامة
5,235 5,520 3-شركة دار السلام للتأمين
37,829 13,665 4-شركة الامين للتأمين
204,859 211,022 5-شركة الحمراء للتأمين
50,621 51,165 6-شركة شط العرب للتأمين
9,965 13,550 7-شركة التضامن للتأمين
1,551 3,988 8-شركة الاهلية للتأمين
21,693 20,430 9-شركة الخليج للتأمين
14,557 11,443 10-شركة العراق الدولية للتأمين
3,188 11,157 11-شركة الاتحاد الدولية للتأمين
1,612 2,000 12-شركة الشرق الاوسط للتأمين
6,918 7,916 13-شركة البادية للتأمين
271,964 (128,286) 14-شركة دار الثقة للتأمين
5,720 17,585 15- شركة المصير للتأمين
1,188,322 1,242,692 16-شركة اسيا للتأمين
37,975 45,774 17-شركة اليمامة للتأمين
************** ************* 18-شركه دار الامان للتأمين
27,785 76,770 19-شركه كوردستان للتأمين
170 195 20-شركة الشرق للتأمين
************** 5,436 21-شركة كار للتأمين
************** 2,535 22-شركة ارض الوطن للتأمين
************** 202,955 23-شركة ستار كار للتأمين
************** 256,250 24-شركة جيهان للتأمين
************** ************* 25-شركة دلنيا للتأمين
11,044,891 8,829,998 المجموع

المصدر: جمعية التأمين العراقية

 

تأمين السيارات: غياب الثقة والدراية بالتأمين المحلي

 

يثير الخبر مسألة مهمة وهي “غياب الثقة” التي تفترض أن طالبي التأمين على تأمين السيارات موجودين لكنهم لا يثقون بشركات التأمين، وتحصيل ذلك أنهم لا يقومون بالتأمين على سياراتهم.  في ذات الوقت يربط الخبر بين غياب الثقة وغياب الدراية بالتأمين المحلي.  وهو قول متناقض فغياب الثقة بالتأمين ينطوي على علم بوجود شركات للتأمين إلا أن أصحاب السيارات لا يثقون بها.  كيف يستقيم هذا مع غياب الدراية بالتأمين المحلي؟

 

في حال غياب الثقة، وهو ليس مستبعداً في ظل الإجراءات الدقيقة التي تلجأ إليها شركات التأمين لدراسة مطالبات التعويض والتلكؤ في تسويتها،[7] كيف السبيل لبناء الثقة؟  إنها مسألة تستحق البحث.

 

غياب الدراية بالتأمين المحلي هو الآخر يستحق البحث.  هل أن شركات التأمين مُلامة لفشلها في ترويج منتجاتها التأمينية أم هو تدني ثقافة التأمين، وعقلية القناعة أن الضرر لن يصيبني (بدلاً من قناعة أن غير المتوقع يمكن أن يحصل لي، وهو يحصل في الواقع ويمكن أن يصيب أي شخص)، وتركة التواكل الديني، والاعتماد على قيم عشائرية، وربما ميليشاوية، لتسوية تعويضات حوادث السيارات؟  وهل أن المسألة تكمن في محدودية قنوات توزيع المنتج التأميني التي تستخدمها شركات التأمين، وعدم تطوير قنوات جديدة كالتأمين عبر المصارف والمواقع الإلكترونية ونظام وكالات التأمين والوسطاء؟

 

التأمين الصحي: تدني الجاذبية

 

لم يرد في الخبر تعليقٌ على تدني جاذبية التأمين الصحي في العراق.  لنتذكر هنا بأن التأمين الصحي من فروع التأمين الحديثة في العراق، ولم يكن معروفاً قبل 2003 إلا قليلاً فقد مارسته شركة التأمين العراقية[8] التي كانت مختصة بالتأمين على الحياة حتى أواخر ثمانينيات القرن الماضي.  وكما كتبنا في مكان آخر فقد “جاء ظهوره بالتزامن مع برامج حكومات المحاصصة للسير وفق توجيهات المؤسسات المالية الدولية ومستشاريها لتقليص دور الدولة في الاقتصاد، وتقليص الانفاق على الخدمات العامة، وتحويل الخدمات إلى سلع قابلة للبيع والشراء وتحميل المستفيد منها كلفة تمويلها.”[9]

 

لم ينشغل بهذا التأمين في السنوات القليلة الماضية إلا عدد قليل من شركات التأمين.  والملاحظ أن إحصائية نشاط شركات التأمين العاملة بالعراق لعام 2017-2018 الصادرة من جمعية التأمين العراقية لا تضم جدولاً بأقساط وتعويضات التأمين الصحي.

 

قد نجد تفسيراً للتدني في فشل أو غياب التوعية لإشاعة هذا التأمين من قبل شركات التأمين أو جمعيتها.  وقد نجده في ضعف الثقة بشركات التأمين، وتعقيدات إجراء التأمين والحصول على التعويض، وعدم توفر القدرة المالية لشراء التأمين من لدن الطبقات الفقيرة، وضآلة حجم المنافع، الخ.[10]  هذه وغيرها من الأسباب تدور في مجال التكهن وهي بحاجة لأن تخضع لاستبيان واسع النطاق للكشف عن ضعف الطلب على التأمين في هذا الفرع وغيره من فروع التأمين.

 

من المفارقات أنه عندما تنهض الفرصة للاكتتاب بوثائق ضخمة للتأمين الصحي الجماعي، كما في وثيقة التأمين الصحي لوزارة التربية وهيئة التقاعد العامة، فإنها تقترن بغياب الشفافية وغياب الإجراءات الصحيحة والفساد.  إضافة إلى إجراء التأمين دون علم المستفيدين من منافعها: منتسبو وزارة التربية والمتقاعدين!

 

السؤال الكبير هو: هل نحن بحاجة إلى تحويل صحة الإنسان إلى سلعة للبيع وتحقيق الأرباح لشركات التأمين في الداخل والخارج؟  أليس مطلوباً من الدولة ضمان الرعاية الصحية من المهد إلى اللحد للمواطنين؟  أما آن الأوان لتأسيس نظام صحي وطني موحد يوفر الخدمات الصحية لطالبيها ويُموّل بطريقة مقبولة على غرار ما هو موجود في العديد من دول العالم؟  لقد أثبتت جائحة كورونا أن الرعاية الصحية الشاملة والبنية التحتية المرتبطة بها وغيرها من السلع العامة public goods ذات الصلة صارت من الضرورات مثلما صار ضرورياً النظر إلى الإنسان كقيمة عليا وليس مجرد مستهلك للسلع والخدمات.

 

عدد شركات التأمين وإعادة التأمين

 

جاء في الخبر “أن هناك أكثر من 39 شركة تأمين محلية عاملة في العراق مع وجود أكثر من 50 معيد للتأمين.”

 

حسب الموقع الرسمي لديوان التأمين، هيئة الإشراف والرقابة، فإن عدد شركات التأمين المسجلة والمرخصة بمزاولة العمل التأميني، بضمنها شركة إعادة التأمين العراقية، هو 39 شركة، اثنان منها أجنبية.[11]

 

لا يضم موقع الديوان أسماء شركات إعادة التأمين العاملة في العراق.  هناك شركة إعادة تأمين واحدة في العراق هي شركة إعادة التأمين العراقية العامة (تأسست سنة 1960).

 

قد يُثار سؤال حول الحاجة الحقيقية لسوق التأمين العراقي لتسعة وثلاثين شركة تأمين تتنافس فيما بينها على إجمالي أقساط التأمين الذي لا يزيد عن 200 مليون دولار.  سوق التأمين الهندي، مثلاً، تضم 33 شركة تأمين، عامة وخاصة، في قطاع التأمينات العامة، ولكنها تتنافس على إجمالي أقساط التأمين المباشر الذي بلغ في السنة المالية 2020 (لغاية شباط 2020) 24.82 بليون دولار.[12]  ألا يثير العدد الكبير لشركات التأمين في العراق الريبة حول مصادر تمويلها وقدراتها الفنية، وقصور ديوان التأمين في تحقيق هدفه كما جاء في المادة 6 من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005:

 

يهدف الديوان الى تنظيم قطاع التأمين والاشراف عليه بما يكفل تطويره وتامين سوق مفتوح وشفاف وامن ماليا، وتعزيز دور صناعة التأمين في ضمان الاشخاص والممتلكات ضد المخاطر لحماية الاقتصاد الوطني ولتجميع المدخرات الوطنية وتنميتها واستثمارها لدعم التنمية الاقتصادية

 

ليست هناك أرقام حول مساهمة قطاع التأمين في الناتج المحلي إذ جرت العادة على دمج هذه الأرقام مع أرقام مساهمة المصارف كما في إحصاءات وزارة التخطيط وبرامج الحكومة.  إن مساهمة التأمين والبنوك في الناتج المحلي قد لا تتجاوز 1%.[13]

 

ليس مهماً عدد شركات التأمين العاملة بل أداء هذه الشركات.  في الفترة 1964-1997، كان عدد الشركات ثلاثة تابعة للدولة هي شركة إعادة التأمين العراقية، وشركة التأمين الوطنية، وشركة التأمين العراقية لكن إنتاجها ومكانتها كان مثار إعجاب وتقدير خارج العراق.

 

لم يكن قطاع التأمين العراقي في الماضي بهذا السوء الذي بينته مؤسسة مستقبل الاقتصاد العراقي للتنمية والتطوير.  من المؤسف أن الإحصائيات التاريخية حول أداء القطاع ليست متوفرة ولم يعمل إي باحث على تصنيفها.  لكن هناك إشارات شخصية لمكانة القطاع في الماضي.  ففي حوار مع جان شويري، أحد العاملين في شركة ميونيخ لإعادة التأمين Munich Reinsurance Co لعدة عقود والمسؤول عن إدارة علاقة الشركة بشركات التأمين في العراق، نقتطف من جوابه على سؤال:

 

لننتقل الآن، وعلى وجه التخصيص، إلى العراق.  يُقال إن أعمال التأمين الهندسي لشركة التأمين الوطنية في العراق كان لها دوراً معتبراً في محفظة الهندسي لميونيخ ري في سبعينيات القرن الماضي، وكانت لك اليد الطولى في تحقيق ذلك.  ما مدى صحة هذا القول وهل لك أن تنورنا عن هذه الفترة من عملك حيث كانت ميونيخ ري المعيد القائد لاتفاقيات التأمين الهندسي لشركة التأمين الوطنية.[14]

 

ما يلي:

 

كان السوق العراقي يتميز بالنسبة لي بعدة صفات رئيسة هي: عمق المعلومات الفنية، العمل على أسس سليمة، الحفاظ على الكلمة وبعد النظر في التعاطي مع معيدي التأمين.

 

لقد اسلفت الحديث عن أهمية سوق العراقية بالنسبة لميونيخ ري وعن الدور القيادي للشركة في إطار التأمينات الهندسية.  إن تطوير علاقاتنا كان قائماً بالدرجة الأولى على الثقة المتبادلة بين القائمين على التأمين في العراق وبين المسؤولين عن هذه السوق في شركة ميونيخ ري ومن ضمنهم الأمير بورخارد وأنا.

 

من الجدير بالذكر ان رقم أعمال منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سنة 1980 كان في حدود 500 مليون مارك وكانت حصة السوق العراقي منه تعادل 180 مليون مارك.

 

برأيي إن العراق يأتي على رأس الأسواق العربية التي قدمت نماذج للنجاح لعل أسطعها هي شركة التأمين الوطنية.[15]

 

أورد د. مصطفى رجب في دراسة له (1967) حجم أقساط التأمينات العامة للفترة 1961-1966.  نرى في هذا الجدول نمو الأقساط بعد 1963

 

المصدر: د. مصطفى رجب، التأمين في العراق: تطوره ومستقبله (بغداد: المؤسسة العامة للتأمين، 1967)، ص 12.

 

وفيما يخص حجم أقساط التأمين على الحياة فقد أورد الأرقام التالية:

 

في سبعينيات القرن الماضي تضاعف حجم الأقساط، وخاصة في فرع التأمين البحري-بضائع والتأمين الهندسي، عدة مرات بفضل بناء العديد من المشاريع الصناعية.  لعل أحد العاملين في شركة التأمين الوطنية يستطيع الكشف عن تطور أقساط التأمين في هذه الفترة.

 

إن محتويات البيان الذي أصدرته مؤسسة مستقبل الاقتصاد العراقي للتنمية والتطوير يمكن أن يكون موضوعاً لأطروحة ماجستير، للكشف عن أسباب التراجع التاريخي لقطاع التأمين العراقي.

 

2 حزيران 2020

[1] راجع: مصباح كمال، قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005: تقييم ودراسات نقدية (بغداد: منشورات شركة التأمين الوطنية، 2014).  النسخة الإلكترونية متوفرة موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين.

 

[2] بغداد اليوم– بغداد 26 أيار/مايس 2020

https://baghdadtoday.news/ar/news/120873/%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D9%82%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A3%D9%85%D9%8A%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1

 

[3] مؤسسة مستقبل الاقتصاد العراقي للتنمية والتطوير، منظمة غير حكومية.  المعلومات المتوفرة عنها في الإنترنيت شحيحة وموقعها الإلكتروني لا يضم إلا القليل من المعلومات.  رئيس المؤسسة هو منهل عبد العزيز سعيد اللامي، كما يظهر في صورة لمكتب يحمل هذا الاسم في موقع المؤسسة.  لم نستطع الحصول على تقرير/بيان المؤسسة.

 

[4] كانت لنا وقفة نقدية مع تغطية الصحافة العراقية لبعض قضايا التأمين قبل عدة سنوات.  راجع: مصباح كمال، “التأمين في الصحافة العراقية وتضليل الفرد العادي: حالة التأمين الإلزامي من حوادث السيارات”، مدونة مجلة التأمين العراقي:

http://misbahkamal.blogspot.com/2013/02/press-misrepresentation-of-insurance.html

 

[5] جمعية التأمين العراقية، احصائية نشاط شركات التأمين العاملة بالعراق لعام (2017 – 2018)، ص 6-9.

قمنا بتحويل الأرقام إلى الدولار الأمريكي بسعر صرف 1,190.21.

 

[6] هناك جداول أخرى في هذه المجلة ومنها:

Middle East and North Africa insurance market in 2017

https://www.atlas-mag.net/en/article/the-insurance-market-in-the-middle-east-and-north-africa-in-2017

 

[7] عدم الثقة والتشكي من شركات التأمين، وخاصة على المستوى الشعبي، ليس جديداً في العراق أو في الخارج، وانتشاره يساهم في خلق سمعة reputation سيئة لمؤسسة التأمين تعمل شركات التأمين وجمعياتها إلى الاعتراض عليه لأنه غير عادل ويتناسى القيمة الحقيقية التي يوفرها التأمين للأفراد والشركات والاقتصاد.  وتعمد شركات التأمين في العادة، كجزء من هذا الاعتراض، إلى إبراز أرقام التعويضات المسددة سنوياً لبيان دور التأمين الحقيقي.

 

وقد استجد التشكي في الغرب من التأمين مؤخراً بسبب الموقف العام الذي أعلنته بعض شركات التأمين تجاه مطالبات تعويض خسارة الأرباح المترتبة على توقف الأعمال بسبب الإغلاق العام lockdown الذي فرضته الحكومات لاحتواء وباء كوفيد-19، وهي ما تعتبرها هذه الشركات غير مغطاة بوثيقة تأمين خسارة الأرباح لعدم وجود ضرر مادي non-damage business interruption إلا في حالات معينة تمَّ النص عليها في وثيقة التأمين.

 

وقد بلغ الخلاف بين مجموعة من الشركات وشركات التأمين إلى إقامة دعوى ضد عدد من شركات التأمين في بريطانيا، وقيام هيئة الرقابة على التأمين Financial Conduct Authority (FCA) بتقديم دعوى في المحكمة العليا لاختبار وثائق تأمين خسارة الأرباح وانطباقها على حالات توقف الأعمال دون وجود ضرر مادي للممتلكات non-damage business interruption وإزالة الشك في تفسير نصوص مجموعة من هذه الوثائق.

 

[8] أنظر” شكر محمد أحمد وكريم يونس كاظم، “التأمين الصحي في العراق بين الإلزام والاختيار،” مجلة كلية التراث الجامعة، العدد الحادي عشر، 2011، ص 239-261.  https://www.iasj.net/iasj?func=article&aId=38140

 

[9] مصباح كمال “إشكاليات فساد عقود التأمين الصحي: نموذج وزارة التربية وشركة أرض الوطن للتأمين،” موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

http://iraqieconomists.net/ar/2020/03/27/%d8%ad%d9%8a%d8%af%d8%b1-%d8%ac%d8%a7%d8%b3%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%ac%d9%8a%d9%84%d9%8a-%d9%85%d9%84%d8%a7%d8%ad%d8%b8%d8%a7%d8%aa-%d8%ad%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a3%d9%85%d9%8a%d9%86/

[10] نقرأ في تعليمات فروع انواع التامين الصادرة من ديوان التأمين تعريفاً للتأمين الصحي “ويشمل توفير منافع محددة عن عجز المؤمن عليه نتيجة اصابته بمرض معين او امراض محددة، او دفع المصاريف الطبية واجراء العمليات الجراحية الناتجة عن تلك الامراض او نتيجة حادث معين.”  الوقائع العراقية | رقم العدد: 4033 | تاريخ: 08/02/2007

http://wiki.dorar-aliraq.net/iraqilaws/law/20767.html

[11] موقع ديوان التأمين:

http://www.insurancediwan.gov.iq/%d8%b4%d8%b1%d9%83%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a3%d9%85%d9%8a%d9%86/

 

[12] https://www.ibef.org/industry/insurance-sector-india.aspx#:~:text=Overall%20insurance%20penetration%20(premiums%20as,2.71%20per%20cent%20in%202001.&text=In%20FY20%20(till%20February%202020,rate%20of%2014.03%20per%20cent.

 

[13] هذه النسبة عالقة في الذاكرة من قراءات سابقة ونأمل أن يساعدنا القراء لبيان النسبة الصحيحة.

[14] تيسير التريكي ومصباح كمال، ذاكرة التأمين العربي-حوارات، الجزء الأول، (بيروت: منتدى المعارف، 2019)، ص 81.

[15] التريكي وكمال، ص 82.

 

Iraq Insurance Co New Director-General and Old-New Tasks

شركة التأمين العراقية ومديرها العام الجديد وبعض المهمات الجديدة-القديمة

 

 

مصباح كمال

 

 

نشرت هذه المقالة أصلاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2020/03/Misbah-Kamal-IIC-New-DG-New-Old-Tasks.pdf

 

 

عرض سريع لتعيين مدير عام لشركة التأمين العراقية العامة

 

نقل لي أحد الزملاء في بغداد أن منتسبي شركة التأمين العراقية في بغداد استقبلوا يوم 16 آذار 2020 خبر تعيين د. أحمد جواد الدهلكي مديراً عاماً للشركة بدرجات متفاوتة من الارتياح والرضا والسرور خاصة وأن له معرفة بالتأمين وإدارة الخطر إذ أنه كان يُدرّس مادة إدارة الخطر والتأمين، المرحلة الثالثة، قسم إدارة الأعمال، جامعة المستنصرية (كان تدريسياً في الجامعة منذ 2014).[1]

 

إن مبعث هذا الرضا والسرور يأتي بعد رفض منتسبي الشركة لتعيين د. رشاد خضير وحيد الدايني مديراً عاماً للشركة إذ أنهم منعوه من دخول مقر الشركة لاستلام مهام عمله يوم 4 شباط 2020. [2]

 

منذ أن انتهت ولاية السيد صادق عبد الرحمن حسن الذي أدار الشركة من كانون الثاني 2007 لغاية آب 2015، تناوب على إدارتها وكالة:

 

  • عباس شهيد (آب 2015-حزيران 2016، أحيل على التقاعد. كان مديراً للإنتاج في شركة التأمين العراقية).
  • هيفاء شمعون عيسى (حزيران 2016-تشرين الأول 2019، كانت أيضاً المدير العام وكالة لشركة التأمين الوطنية، آذار 2017-تشرين الأول 2019. كانت لسنوات طويلة مديراً للحسابات في شركة التأمين الوطنية).
  • فائزة سلمان (تشرين الأول 2019-شباط 2020. كانت تشغل منصب مدير القسم المالي في شركة التأمين العراقية)
  • رشاد خضير وحيد الدايني (شباط 2020، رفضه منتسبو الشركة).
  • سحر هادي حميد (آذار 2020، قيل بأنها لم تشغل منصبها لأسباب غير معروفة. عند تعيينها في شركة التأمين العراقية الذي لم يتحقق كانت مديراً عاماً لدائرة الموازنة في وزارة المالية).

 

أردت من هذا العرض لأسماء المدراء تأكيد حقيقة أن من كان يشغل موقع المدير العام كان عاملاً في قطاع التأمين لحين إقحام تعيين رشاد الدايني.  ويأتي تعيين أحمد الدهلكي ليؤكد التوجه للتعيين من خارج القطاع أيضاً.  ولا ضير في ذلك إن كان من يشغل موقع القيادة في الشركة يحمل خبرة إدارية ومؤهلاً أكاديمياً يستطيع توظيفها للإدارة الكفؤة للشركة وتطويرها.  هذا ما ستثبته الأيام بالنسبة للدكتور الدهلكي.

 

حتى كتابة هذه الورقة لم أطلع على الأمر الرسمي لتعيين الدكتور الدهلكي، ولا خلفيته، وفي ما إذا كان هناك بعداً محاصصياً وراء التعيين.  لكنني أعلق إبداء رأي الآن منتظراً ما سيسفر من إدارته للشركة.  بودب هنا تقديم بعض المقترحات/المهمات التي تستحق التفكير بها وتقييمها والنظر في إمكانية تحقيقها.

 

بعض المهمات المطروحة على المدير العام الجديد للشركة

 

نفترض أن المدير العام الجديد وفريق الإدارة العامل معه سيقوم بوضع برنامج عمل للشركة للسنة القادمة أو مراجعة البرنامج القائم إن كان مثل هذا البرنامج موضوعاً، وهذا مطلوب للاستفادة من الخبرة الموجودة والتراكم المعرفي لدى منتسبي الشركة لرسم السياسات في مجالات الإنتاج، والعلاقات مع جمهور المؤمن لهم الحاليين والمرتقبين، والاستثمار، والتدريب المهني وغيرها.

 

لقد تزامن تعيين المدير العام الجديد مع التدهور غير المسبوق في أسعار النفط والانخفاض الشديد في العوائد، وتوقع التقشف في موازنة سنة 2020 وما يعنيه ذلك من هبوط متوقع في الطلب على الحماية التأمينية بسبب توقف وفي أحسن الحالات تقلص الانفاق على المشاريع وتوسيع الإنتاج والتأثيرات الناجمة من تفشي وباء/جائحة فيروس كورونا.

 

مع ذلك أتمنى عليه وفريقه الإداري الاهتمام ببعض المهام والعمل على تحقيقها في الأمد المنظور، أعرضها باختصار.

 

الموقف من فيروس كورونا المستجد

قامت شركات الوساطة والتأمين وإعادة التأمين والجمعيات التأمينية في مختلف أنحاء العالم ببيان مواقفها وسبل التعامل مع فيروس كورونا المستجد.  حتى كتابة هذه الورقة[3] لم تصدر أي من شركات التأمين العراقية أو جمعيتها بياناً بهذا الشأن (العمل داخل مقرات الشركات، العمل من البيت عن طريق وسائل الاتصال الإلكترونية الحديثة، التعامل مع جمهور المؤمن لهم، احتمال قيام مطالبات بالتعويض وكيفية التعامل معها وغيرها).

 

هذه فرصة لشركة التأمين العراقية لبيان موقفها، لطمأنة منتسبيها وحاملي وثائق التأمين الصادرة منها واتخاذ الإجراءات المناسبة.  وبذلك تكون الأول بين شركات التأمين العراقية في التعامل مع آثار هذا الفيروس.  عليها أن تطمئن المستفيدين من وثائق التأمين على الحياة الحاليين أن وفاة المؤمن عليه بسبب فيروس كورونا (الفيروس التاجي) سيحصلون على مبلغ التأمين كتعويض عن الوفاة.[4]

 

تطوير منتجات التأمين

منذ عقود طويلة تتعامل الشركة مع منتجات تأمين تقليدية وخاصة في مجال التأمين على الحياة، وتعتمد قنوات تقليدية أيضاً في مجال توزيع هذه المنتجات.  في العادة، يمكن للشركة التي تزاول أعمال التأمين على الحياة الاكتتاب بمختلف عقود التأمين على الحياة بضمنها الحوادث الشخصية، وعقود السناهيات (المعاشات التقاعدية)، والتأمينات الصحية.

 

لم تتغير عقود المنتجات التي تكتتب بها الشركة إلا قليلاً، ولم تعتمد صياغة حديثة لوثائق التأمين، ولم يجرِ التفكير باستحداث منتجات جديدة جاذبة لفئات اجتماعية معينة هي الآن خارج التغطية التأمينية.

 

التدريب المهني

لقد صار التدريب المهني المتواصل مطلباً تؤكد عليه الهيئات الرقابية على النشاط التأميني، ذلك لأن الكوادر المدربة هي التكنولوجيا الحقيقية في صناعة التأمين.  إن التدريب المهني المستمر ضروري لامتلاك المعارف والمهارات المستجدة عالمياً في مجال التأمين.  وهو ضروري أيضاً للمساهمة في تطوير منتجات تأمينية جديدة وضمان بيعها وإدارتها على قاعدة معرفية احترافية.[5]

 

الاكتواري

إن لم تكن معلوماتي خاطئة فإن شركة التأمين العراقية، وهي الأكبر من حيث حجم الاكتتاب بأعمال التأمين على الحياة، لا تضم بين منتسبيها خبيراً اكتوارياً متخصصاً في رياضيات التأمين على الحياة، يساهم في التقدير “العلمي” للاحتفاظات والاحتياطيات المختلفة والاستثمارات التي تقوم بها الشركة، وكذلك رفع مستوى الاكتتاب الفني.  إن وجود مثل هذا الخبير من أصحاب المعرفة العلمية والتدريب العالي يمكن أن يُشكّل نقلة نوعية في عمل الشركة.[6]

 

في ظني أن مثل هذا الخبير موجود بين خريجي الجامعات العراقية في فروع العلوم الرياضية، وإن لم يكن موجوداً يمكن ابتعاث من تراه إدارة الشركة للدراسة والتدريب خارج العراق (بعد انحسار جائحة فيروس كورونا).

 

من المناسب هنا التذكير بأن وجود الخبير الاكتواري هو مطلب رقابي، كما جاء في المادة 78 من قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005:

 

المادة-78-   ثانياً-

على المؤمن المجاز بممارسة أعمال التأمين على الحياة أو أعمال التأمينات العامة التي تمتد التزاماتها تجاه حملة وثائق التأمين لأكثر من سنة أن يعين أو يعتمد خبير برياضيات التأمين مرخص خلال ستين يوماً من تاريخ منحه الاجازة، على أن يشعر الديوان خلال شهر من تاريخ تعيينه أو اعتماده مع بيان اسمه وعنوان عمله ومؤهلاته المهنية.

 

حسب المعلومات المتوفرة فإن الشركة وديوان التأمين لم يلتزما بتطبيق أحكام هذه المادة.

 

وضع جداول الوفيات

يمكن للاكتواري المساهمة في وضع جداول الوفيات (جداول الحياة).  لقد آن الأوان أن تقوم إدارة الشركة بتجديد جداول الوفيات التي تعتمدها فهذه قديمة، وهي أصلاً لم تكن قائمة على واقع معدلات المواليد والوفيات في العراق.  لقد كانت هذه الجداول هبة من إحدى شركات إعادة التأمين الأوروبية في خمسينيات القرن الماضي.  قبل أكثر من نصف قرن، كتب د. مصطفى رجب، تحت باب “المشاكل الآنية لقطاع التأمين”، عن عدم وجود جداول حياة مستقاة من خبرة السوق العراقية:

 

إذ أن جداول الحياة المستخدمة في العراق مستندة إلى خبرة الشركات الإنكليزية والفرنسية التي تطبق جداول مستعملة في بلدان المنطقة مع بعض التغييرات لذلك فلابد من إعداد جداول عراقية بعد وضع الأسس الفنية التي تستخدم في حساب معدلات الوفاة.[7]

 

إن تنظيم جداول الوفيات العراقية يمكن أن يكون مشروعاً مشتركاً بين الشركة وأصحاب الاختصاص في بعض مؤسسات الدولة وكذلك الجامعات العراقية.

 

التصنيف الائتماني للشركة

إن موضوع التصنيف الائتماني للشركة لم يكن غائباً عن تفكير إدارة الشركة، إذ أنها، وكذلك شركة التأمين الوطنية وشركة إعادة التأمين العراقية، بادرت إلى الحصول على تصنيف ائتماني من إحدى وكالات التصنيف الدولية.  وقد كتبت وقتها عن أهمية التصنيف:

 

إن شروع شركات التأمين العامة الثلاث في الحصول على تصنيف لها من شركة/شركات متخصصة أمر محمود ومطلوب، ومتى ما حصلت على التصنيف، إن كانت درجة التصنيف جيدة، فإن ذلك سيعزز من مكانتها في سوق التأمين العراقي وفي ذات الوقت يقوي من قيمتها ومن مركزها التفاوضي مع شركات إعادة التأمين الدولية.  ومن الآثار الأخرى للتصنيف هو دفع شركات التأمين الخاصة نحو التفكير بالحصول على تصنيف لها، ذلك لأن التصنيف الجيد هو أحد أدوات التسويق، كما أن درجة التصنيف الجيدة تبعث على اطمئنان المؤمن لهم الحاليين على المكانة المالية لشركات التأمين وقدرتها على تسديد المطالبات بالتعويض وتشجع طالبي التأمين المرتقبين لإجراء تأميناتهم معها.[8]

 

لكن مشروع التصنيف لم يتحقق حتى الآن.  وأرى أنه من المناسب وضعه على جدول أعمال إدارة الشركة للعمل على تحقيقه بعد انفراج أزمة فيروس كورونا المستجد.

 

دمج شركة التأمين العراقية بشركة التأمين الوطنية

بتاريخ 22 آذار 2017 صدر قرار وزاري من وزارة المالية بدمج الشركتين، وقد انتقدت هذا القرار لتجاوزه الإجراءات السليمة ومتطلبات القانون.[9]  وقبل ذلك عرضت لموضوع هيكلة الشركات العامة للدولة الذي جاء ضمن إطلاق استراتيجية تطوير القطاع الخاص في العراق 2014-2030 تحت شعار (التحول نحو القطاع الخاص ركيزة أساسية لدعم الاقتصاد العراقي)، وناقشت مشروع الدمج ومآلاته بالنسبة لشركتي التأمين.[10]  ورجعت إلا مناقشة موضوع الدمج، بعد الإعلان عنه من قبل ديوان التأمين، مرة أخرى، وذكرت في ورقتي

 

أن لشركة التأمين العراقية موقفاً قانونياً رصيناً مناقضاً لما أعلنه ديوان التأمين بشأن البدء بإجراءات الدمج، وأن للتأمين العراقية مشروعها الخاص باستعادة تخصصها السابق في التأمين على الحياة (الذي توقف بقوة القانون عام 1988) و… أن مجلس إدارة التأمين العراقية قد تبنّى قراراً بشأن التخصص … وأنه وجَّه كتاباً إلى وزارة المالية يفند فيه إعلان الدمج.[11]

 

أدعو الإدارة الجديدة للعمل على وقف دمج الشركة بشركة التأمين الوطنية، والتركيز على استعادة التخصص في أعمال التأمين على الحياة الذي ألغي سنة 1988، والشروع بإجراء الدراسات التي تدفع باتجاه التخصص وتحقيقه خلال إطار زمني مناسب.

 

ضمان تمثيل المرأة في مجلس إدارة الشركة

لقد احتلت المرأة العراقية مواقع متقدمة في الشركة، ومن المهم الاستمرار بهذا النهج وضمان تمثيلها في مجلس إدارة الشركة خاصة بعد أن كان حضورها قائماً لبعض الوقت.  ويتماشى هذا النهج مع الاتجاه العالمي للتمكين والشمول.[12]

 

دور نافع للسوق التنافسية في العراق

عندما تستعيد الشركة تخصصها في أعمال التأمين على الحياة يمكن لها أن تلعب دوراً نافعاً لصالح السوق التنافسي للتأمين في العراق، إذ يمكن لها أن تكون المُحكّم أو المرجع الفني في أعمال التأمين على الحياة.[13]  ويتأسس هذا الدور المرتقب على حقيقة أن الشركة هي الأكبر في فرع التأمين على الحياة؛ والأهم من ذلك هو امتلاكها لمعرفة وخبرة اكتتابية متراكمة في هذا الفرع يفوق ما هو موجود لدى شركات التأمين الأخرى.  لنتذكر أنها، وهي التي كانت أصلاً متخصصة في التأمين على الحياة، ساهمت في بناء فرع التأمين على الحياة في شركة التأمين الوطنية عندما ألغي تخصصها في التأمينات العامة سنة 1988 وشرعت التأمين الوطنية بمزاولة التأمين على الحياة.

 

إن هذا الدور لا يعني أن أسعار التأمين المعتمدة لدى الشركة ستفرض على شركات التأمين الأخرى، أو أن شروط التأمين التي تعتمدها ستكون مُلزمة لهذه الشركات.

 

آمل أن لا تهمل هذه الورقة كما حصل بالنسبة لورقتي التي كتبتها إبان تعيين مدير عام جديد لشركة إعادة التأمين العراقية (آب 2015).[14]    كما آمل مناقشة ما ورد فيها من أهل الاختصاص في قطاع التأمين العراقي.

 

23 آذار 2020

 

[1] يرد في سيرته الذاتية أنه من مواليد 1988، وأن اختصاصه الدقيق هو الإدارة المالية والمصرفية.  راجع:

https://uomustansiriyah.edu.iq/e-learn/cv/1674_2017_12_17!01_17_22_AM.pdf

استطعنا التعرف على عنوان اطروحته للماجستير: “أثر التصنيف الائتماني للديون السيادية في أسعار الصرف: دراسة تحليلية مقارنة” (جامعة المستنصرية، 2012).  قبل تعيينه لإدارة شركة التأمين العراقية كان يشغل موقع مدير عام دائرة المحاسبة، وزارة المالية.

[2] راجع مصباح كمال، “هل أن شركة التأمين العراقية بحاجة إلى مدير عام من خارج قطاع التأمين؟”، موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2020/02/Misbah-Kamal-IIC-New-DG-final.pdf

 

[3] ربما صدرت بيانات لم نتطلع عليها لأنها لم تخضع للنشر والتداول العام.

[4] من بين وثائق التأمين الأخرى التي يمكن أن تكون موضوعاً للتعويض بسبب فيروس كورونا وثيقة تأمين خسارة الأرباح، لكن هذه الوثيقة ليست شائعة في العراق والمطالبة بالتعويض بموجبها قضية إشكالية.

[5] للتعرف على بعض جوانب موضوع التدريب راجع: مصباح كمال، “التدريب المهني بين الجمعية والديوان: ملاحظات أولية”، مرصد التأمين العراقي: https://iraqinsurance.wordpress.com/2011/12/03/training-professional-development/

[6] للتعرف على بعض الجوانب ذات العلاقة، راجع: مصباح كمال، “الدراسة التخصصية الأكاديمية للتأمين في العراق”، موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين: Actuarial and Insurance Studies in Iraq وكذلك في موقع:

https://www.academia.edu/34686636/Academic_Study_of_Insurance_in_Iraq

 

[7] الدكتور مصطفى رجب، التأمين في العراق: تطوره ومستقبله (بغداد: منشورات المؤسسة العامة للتأمين، 1967)، ص22.

[8] مصباح كمال، “هل هناك مشروع حقيقي لتصنيف شركات التأمين العامة في العراق؟”، موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2016/11/01/

أنظر أيضا: جريدة الصباح، 28 أيار 2018 تصنيف شركات التأمين يعزز مكانتها في السوق

[9] مصباح كمال، “قرار وزارة المالية بدمج شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية: تجاوز الإجراءات السليمة ومتطلبات القانون”، موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

مصباح كمال: قرار وزارة المالية بدمج شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية: تجاوز الإجراءات السليمة ومتطلبات القانون

 

[10] مصباح كمال، “مشروع دمج شركات التأمين العامة”، مجلة التأمين العراقي

http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2016/02/proposed-merger-of-state-owned.html

وكذلك موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

http://iraqieconomists.net/ar/2016/02/21/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d9%85%d8%b4%d8%b1%d9%88%d8%b9-%d8%af%d9%85%d8%ac-%d8%b4%d8%b1%d9%83%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a3%d9%85%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b9/

 

[11] مصباح كمال، “عودة إلى مشروع دمج شركات التأمين العامة“، موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين و مجلة التأمين العراقي

http://iraqieconomists.net/ar/2016/11/19/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d8%b9%d9%88%d8%af%d8%a9-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d9%85%d8%b4%d8%b1%d9%88%d8%b9-%d8%af%d9%85%d8%ac-%d8%b4%d8%b1%d9%83%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84/

 

http://misbahkamal.blogspot.co.uk/

 

[12] للتعرف على بعض التفاصيل أنظر: مصباح كمال، احتفاء بالقيمة: تيسير التريكي يحاور مصباح كمال (بيروت: منتدى المعارف، 2018)، ص 145-158.

[13] هذه الفكرة مقتبسة من سياق آخر لا علاقة له بالتأمين على الحياة ورد في كتاب:

Julius Neave, Speaking of Reinsurance (London: Kluwer Publishing, 1980), p 163.

إذ يقول ما ترجمته: “ومع ذلك، لا ينبغي إغفال أن بعض احتكارات إعادة التأمين يمكن أن تمارس سلطاتها لصالح السوق.  فبصفتها نوعًا من المحكم الفني، يجوز لها، من خلال مراقبة الشروط والأحكام الأصلية التي تقدمها شركات التأمين المباشرة ومن خلال الإصرار على التطبيق الصارم لتعرفات الأسعار، التحكم بشكل فعّال بالمنافسة المفرطة وذلك برفض تغطيتها.”

[14] مصباح كمال، “مهام جديدة-قديمة أمام شركة إعادة التأمين العراقية”، مجلة التأمين العراقي

http://misbahkamal.blogspot.co.uk/2015/12/new-tasks-before-iraq-reinsurance-co.html

 

Interrogating the Role of Central Bank of Iraq and Takaful Insurance Co

تساؤلات حول تأسيس البنك المركزي العراقي لشركة التأمين التكافلي

 

 

مصباح كمال

 

نشرت هذه الورقة أصلاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://new-site.iraqieconomists.net/ar/2019/08/14/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d8%aa%d8%b3%d8%a7%d8%a4%d9%84%d8%a7%d8%aa-%d8%ad%d9%88%d9%84-%d8%aa%d8%a3%d8%b3%d9%8a%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d9%86%d9%83-%d8%a7%d9%84%d9%85/#comments

 

http://new-site.iraqieconomists.net/ar/%d8%ad%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%a8%d9%83%d8%a9/

 

 

الإعلان عن شركة التأمين التكافلي

 

أعلن المكتب الإعلامي للبنك المركزي العراقي بتاريخ 23 حزيران 2019 “عن شروعه بتأسيس شركة التأمين التكافلي الخاصة بالمصارف الاسلامية بالتعاون مع ديوان التأمين وبرأس مال قدره (15) مليار دينار بمشاركة جميع المصارف الاسلامية.

 

ويؤكد البنك المركزي ان هذه الخطوة ستمهد لانتقاله اخيرة نحو اسواق رأس المال الاسلامية من خلال اصدار قانون صكوك الاستثمار استكمالا لحلقات الاقتصاد الاسلامي في العراق.

 

يذكر أن هذه الشركة خاضعة لقانون تنظيم أعمال التأمين رقم (10) لعام 2005 وقانون المصارف الاسلامية رقم (43) لسنة 2015.”[1]

 

قبل بضع سنوات كان هناك حديث بين بعض إدارات شركات التأمين حول الاستفادة من تأسيس نوافذ للتأمين الإسلامي فيها، لكن هذا الحديث لم يثمر عن نشر دراسة عن الموضوع، ولا قام ديوان التأمين بالبحث فيه.  ترى هل أن البنك المركزي عرض مشروع الشركة التكافلية للنقاش المفتوح العام، وهل تم الاستئناس برأي أركان التأمين في العراق؟

 

فيما يلي سأثير بعض التساؤلات والملاحظات وأرجو من العارفين ببواطن الأمور تعديل وتصحيح ما أخطأت فيه من معلومات ومن قراءة للقوانين، والمساهمة في إجلاء خلفيات تأسيس البنك المركزي لشركة تأمين تكافلي.

 

هل هناك أساس قانوني لقيام البنك المركزي بتأسيس شركة تأمين إسلامية؟

 

أول ما يلفت النظر في هذا الإعلان هو أن البنك المركزي العراقي أخذ على عاتقه تأسيس شركة التأمين التكافلي.  يعني هذا أن البنك، وليس الرأسماليون الإسلاميين كما جرت العادة في دول أخرى، هو الذي يقوم بتأسيس شركة تأمين تكافلية (أقرأ إسلامية).  لماذا؟

 

لا يرد في الأمــر رقـم (56)، قـانـون البنـك المـركـزي لسنة 2004 الصـادر عـن سلـطة الائتـلاف المـؤقتـة ذكر للتأمين أو التأمين التكافلي، فما هو الأساس القانوني لقيام البنك بتأسيس شركة للتأمين التكافلي؟

 

تجيز المادة (4) (مهام البنك)، البند 2، للبنك “أن يتخذ الإجراءات التي يراها ضرورية للقيام بالآتي: (أ) مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب (ب) وضع القواعد المنظمة لعمل شركات الإقراض وشركات تقديم القروض الصغيرة وأية مؤسسات مالية غير مصرفية لا تخضع للتنظيم بموجب القانون العراقي، والإشراف عليه.”

 

لاحظ أن التأمين ليس مذكوراً في هذه المادة.  أما “أية مؤسسات مالية غير مصرفية لا تخضع للتنظيم بموجب القانون العراقي” ومنها، كما نعتقد، شركات التأمين فإنها تخضع للتنظيم بموجب أحكام الأمر رقم (10)، قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005، وهي تغطي شركات التأمين التكافلي كما جاء في المادة 104 من هذا الأمر:

 

المادة-104- يصدر رئيس الديوان أنظمة داخلية لتنظيم مؤسسات التكافل وإعادة التكافل وترتيبات التأمين وإعادة التأمين الاسلاميين.

 

لذلك لا يمكن التعكز على “أية مؤسسات مالية غير مصرفية …” لتبرير ولوج البنك المركزي لمجال التأمين، ويظل التساؤل عن الأساس القانوني لقيام البنك المركزي بتأسيس شركة تأمين إسلامية قائماً.

 

ضوابط التكافل

 

لماذا لم يصدر رئيس ديوان التأمين ضوابط التكافل وهو الذي قام بإصدار العديد من التعليمات وفق أحكام الأمر رقم 10 قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005؟  ألا يمتلك رئيس الديوان وطاقمه من الموظفين المؤهلات الكافية لإصدار الأنظمة الخاصة بعمل مؤسسات التكافل وإعادة التكافل؟  ولماذا قام البنك المركزي بأداء هذه الوظيفة التي يجب أن تكون، بقوة القانون، من مسؤولية ديوان التأمين؟

 

لعل الجواب، أو بعضه، يكمن في خلق جهازين للإشراف على شركات التأمين التكافلي.  لنقرأ ما جاء في المادة 22 في ضوابط التكافل رقم (1) لسنة 2019 الصادرة من البنك المركزي العراقي، دائرة مراقبة الصيرفة، قسم مراقبة المصارف الإسلامية، شعبة التعليمات والضوابط:

 

المادة (22) البنك وديوان التأمين

للبنك ولديوان التأمين التعاون في مجال إصدار التعليمات والضوابط لتطبيق معايير هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية ومعايير مجلس الخدمات المالية الإسلامية حيث تعتبر هذه المعايير ملزمة لشركات التكافل، ويكون للبنك صلاحية متابعة التزام المصارف الإسلامية وشركات التكافل التابعة لها بالمعايير المذكورة.

 

فبدلاً من أن يكون ديوان التأمين مسؤولاً عن الإشراف والرقابة على التزام شركات التأمين التكافلي بالمعايير الخاصة بالتكافل تتحول هذه المسؤولية للبنك فله “صلاحية متابعة التزام المصارف الإسلامية وشركات التكافل التابعة لها بالمعايير المذكورة.”  ويفهم من هذا أن شركات التأمين التكافلي هي امتداد للمصارف الإسلامية وبالتالي فهي تخضع لرقابة البنك المركزي (الذي لا يقوم نظامه على أساس ديني، حتى الآن).  وهذا رغم الفرق الكبير بين آليات عمل المصارف وشركات التأمين وخاصة في مجال التعامل مع الأخطار التي تواجهها.  ويكفي هنا الإشارة إلى أن القواعد التنظيمية المطبقة عالمياً لا تجيز أن يجمع المنظم regulator بين وظيفة التنظيم والمؤسسة التي يشغلها أو يديرها أو ساهم في تأسيسها لأن في ذلك تضارباً في المصالح conflict of interest.

 

ونكرر السؤال لماذا أقحم البنك المركزي العراقية نفسه بمجال التأمين؟

 

ربما يعود السبب في ذهن من كان يقف وراء تأسيس شركة التأمين التكافلي إلى استقلالية البنك المركزي وصعوبة إثارة الشك حول دوافع انشغاله في تأسيس شركة تأمين إسلامية.  لكن هذه الاستقلالية لا تبرر له ولوج مجال التأمين، ولا تحميه من النقد، فالبنك لم يكن وليس معنياً بالتأمين، ومهمته الأساسية تنحصر في إدارة السياسة النقدية كما يرد في قانون تأسيسه.

 

هل هناك ضرورة لتأسيس شركات تأمين جديدة؟

 

ليس هناك ضرورة اقتصادية، في الوقت الحاضر، لقيام شركات تأمين تجارية أو تكافلية فسوق التأمين العراقي متخم بعدد كبير من الشركات (أكثر من ثلاثين شركة) تتنافس بشراسة وعلى حساب الأسس الفنية ونوعية الخدمات للاستحواذ على كعكة التأمين الصغيرة في العراق (بضع مئات الألاف من الدولارات).  فكيف تفتق ذهن القائمين على والمستفيدين من شركة التأمين التكاملي لحشر البنك المركزي بهذا النشاط؟

 

بعض الجواب نجده في الإعلان:

 

ويؤكد البنك المركزي ان هذه الخطوة ستمهد لانتقاله اخيرة نحو اسواق رأس المال الاسلامية من خلال اصدار قانون صكوك الاستثمار استكمالا لحلقات الاقتصاد الاسلامي في العراق.

 

إن الضرورة الاقتصادية ليست قائمة، وعرض حماية التأمين حالياً يفيض عن الطلب الفعلي على الحماية.  نحن إذاً إزاء تأسيس اقتصاد إسلامي في العراق، ربما سيشمل في وقت لاحق أسلمة البنك المركزي نفسه والركاز النفطي والغازي، وليس تطوير صناعة التأمين بل إضفاء طابع ديني عليها.  لقد فشلت حكومات ما بعد 2003، وهي حكومات إسلامية إثنية قائمة على المحاصصة والفساد، في حل معضلات الاقتصاد العراقي.  في البدء كان الحل السحري، وما يزال، متمثلاً في الدعوة إلى تقزيم دور الدولة والسير وراء إملاءات المؤسسات المالية الدولية؛ والآن لدينا حل سحري آخر هو الاقتصاد الإسلامي الذي يشكل تدخل البنك المركزي في تأسيس شركة تأمين تكافلي أحد حلقات هذا الاقتصاد – كما جاء في إعلان المكتب الإعلامي للبنك.  ألم يكن أحرى بالبنك المركزي ومستشاروه، وديوان التأمين كذلك، أن يساهم بإعادة النظر بالأمر رقم (10) قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 بدلاً من الإسراع لإصدار ضوابط التكافل رقم (1) لتأسيس شركة التأمين التكافلي؟

 

من يقف وراء تأسيس شركة التكافل؟

 

من حقنا أن نسأل من يقف وراء تأسيس شركة التكافل الإسلامي، خاصة وأن قواعد مكافحة غسيل الأموال يتطلب معرفة مصادر الأموال.  نقرأ في الإعلان عن مشاركة جميع المصارف الإسلامية في الشركة.  ونفهم من هذا مشاركة هذه المصارف في رأسمال الشركة.  لكن هذا لا يجيب على تساؤلنا المشروع.

 

لقد وجدت الطبقة السياسية الإسلامية في التكافل فرصة لاستثمار أموالها غير معروفة المصدر (نقرأ عن المليارات التي سرقت من ثروة العراق منذ 2003 أو تكونت من خلال اعمال مشبوهة كتلك التي كان يقوم بها الحاج حمزة الشمري الضليع في العديد من الأنشطة ومنها ما يسمى بالاستثمارات “السياحية”، حسب ما جاء في الأخبار[2]).  هل سيكون التكافل الآلية القانونية المناسبة لإعادة تدوير بعض هذه المليارات (وهو شكل من أشكال غسل الأموال).

 

التأمين الإسلامي والانعزال

 

من المآخذ على التأمين التكافلي انعزاله عن التأمين التجاري رغم أن مبدأ الربح ينتظم عملهما، وهما بهذا التوصيف يشتركان في كونهما نشاطاً رأسمالياً، رغم أن التأمين التكافلي يستخدم آليات التأمين التجاري تحت مسميات تبدو في ظاهرها جديدة كتسمية قسط التأمين بالتبرع، والأقساط المكتسبة بالاشتراكات المكتسبة.

 

إن فكرة عزل ما هو إسلامي من الاقتصاد والمجتمع هو من الإرث الفكري للباكستاني أبو الأعلى المودودي وتابعيه في العالم العربي (من أشهرهم سيد قطب مؤلف كتاب جاهلية القرن العشرين)، وقد تجلّى ذلك بتأسيس أول شركة تأمين إسلامية في السودان بتمويل سعودي سنة 1979، وكانت الشركة واضحة في توجهها الإيديولوجي بالتأكيد على أن تأسيس الشركة هو جزء من مشروع أسلمة المجتمع.  ويجد هذا العزل انعكاسه في المادة 20 من ضوابط التكافل رقم (1) لسنة 2019:

 

المادة (20) إعادة التكافل

يتعين على الشركة أن تجري أعمال إعادة التأمين لدى شركات إعادة التكافل وفي حال تعذر وجودها يتم اللجوء إلى أسلوب الشراكة بالمخاطر وذلك باشتراك شركات تكافل أخرى في التأمين على المخاطر التي تفوق القدرة الاستيعابية للشركة وفي حال تعذر ذلك يتم اللجوء إلى إعادة التأمين لدى شركات إعادة التامين التجاري وبموافقة هيئة الرقابة الشرعية.

 

وهكذا فإن إعادة التكافل هنا يظل محصوراً مع شركات إعادة التكافل، وفي غياب مثل هذه الشركة يجري تغطية الأخطار التي تكتتب بها شركة التكافل من خلال الشراكة co-insurance وبعدها فقط يتم اللجوء إلى إعادة التأمين التجاري، وهو ما يتساوق مع قاعدة الضرورات تبيح المحظورات.

 

بسبب هذه المادة سوف لن تستطيع شركة التكافل اللجوء إلى شركة إعادة التأمين العراقية.  أغلب الظن أن شركة التأمين التكافلي ستلجأ إلى إيران حيث أن جميع شركات التأمين وإعادة التأمين فيها قائمة، نظرياً، على أسس إسلامية؛ أو إلى شركات تكافلية في الخليج أو ماليزيا.

 

رجوعاً إلى فكرة الانعزال فإنه مطلب مهم للإسلاميين للتمهيد للتحول نحو الاقتصاد الإسلامي.  وبالنسبة للنشاط التأميني في العراق فإن إسلامية التأمين قد تتحول إلى وسيلة للترغيب بهذا التأمين وفي ذات الوقت وسيلة للترهيب من التأمين غير الإسلامي.  وإن تحقق ذلك فإنه يضيف شرخاً جديداً للتنافر في العراق.

 

ملاحظة حول ترخيص شركات التكافل والرقابة عليها

 

لكي تستطيع مزاولة أعمال التأمين يتعين على مؤسسي شركة التكافل الحصول على ترخيص من ديوان التأمين (المادة 2 من ضوابط التكافل) مع اشتراط مراعاة الشركة “في عقد تأسيسها ونظامها الأساسي الأحكام الواردة في هذه الضوابط ومتطلبات وصف المهن لأعضاء هيئة الرقابة الشرعية الخاصة بالشركة.”  لكن الشركة لا تخضع لإشراف الديوان حصراً ذلك لأن ضوابط التكافل تؤسس لنمطين للوظيفة الإشرافية والرقابية على النشاط التأميني: أحدهما لشركات التأمين غير الإسلامية (التي تخضع لإشراف لديوان التأمين)؛ والآخر لشركات التأمين الإسلامية (التي تخضع لإشراف مزدوج من الديوان والبنك المركزي باعتباره المشرف والرقيب على المصارف الإسلامية المشاركة في شركة التأمين التكافلي)[3].

 

هل كان البنك المركزي مهتماً بقطاع لتأمين؟

 

لم يعرف عن البنك المركزي العراقي اهتمامه بقطاع التأمين، وما رصدناه أحياناً من تصريحات منقولة عن محافظ البنك المركزي وكالة وجدناها لا ترقى إلى مستوى رفيع من الدراية بالنشاط التأميني وتاريخه في العراق.[4]  وهو لم يكن معنياً بخلق سوق وطني اتحادي للتأمين، ولم يقم بدراسة نقدية لقانون تنظيم أعمال التأمين رقم (10) لسنة 2005 بهدف تحسينه وتخليصه من المثالب.  والمستغرب أن ضوابط التكافل رقم (1) لسنة 2009 التي قام بإصداره تشير في التعريفات إلى هذا القانون الذي أضرَّ بقطاع التأمين العراقي، كم أجمع عليه العديد من ممارسي التأمين في العراق.

 

اعتماداً على ما جاء في هذا العرض أتمنى أن يقدم ديوان التأمين، وكذلك جمعية التأمين العراقية، موقفهما تجاه lوضوع تأسيس البنك المركزي لشركة التأمين التكافلي.  كما أتمنى أن أقرأ رأي العاملين والعاملات في شركات التأمين العراقية، العامة والخاصة، ذلك لأن آثار تأسيس هذه الشركة ستمتد لتشمل مكانة وعمل الشركات غير الإسلامية.

 

 

14 آب 2019

[1] لقراءة النص الكامل لهذا الإعلان راجع: https://cbi.iq/news/print_news/1160

أشكر الزميل د. عامر هرمز على إرسال رابط هذا الإعلان وكذلك رابط ضوابط التكافل رقم (1) لسنة 2019.

 

[2] على سبيل المثل، موقع الناس:

https://www.nasnews.com/%D8%A8%D8%B9%D8%AF-15-%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A7-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%8A%D9%82%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D8%AC-%D8%AD%D9%85%D8%B2%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%85%D8%B1%D9%8A-%D9%81%D9%88/ https://www.nasnews.com/%D8%A8%D8%B9%D8%AF-15-%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A7-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%8A%D9%82%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D8%AC-%D8%AD%D9%85%D8%B2%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%85%D8%B1%D9%8A-%D9%81%D9%88/

 

[3] ضوابط التكافل رقم (1) لسنة 2019، المادة (22) البنك وديوان التأمين:

للبنك ولديوان التأمين التعاون في مجال إصدار التعليمات والضوابط لتطبيق معايير هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية ومعايير مجلس الخدمات المالية الإسلامية حيث تعتبر هذه المعايير ملزمة لشركات التكافل، ويكون للبنك صلاحية متابعة التزام المصارف الإسلامية وشركات التكافل التابعة لها بالمعايير المذكورة.

 

(المادة) 24 متطلبات إضافية “فيما لم يرد بشأنه نص في هذه الضوابط تخضع شركات التكافل إلى قانون تنظيم أعمال التامين رقم (10) لسنة 2005 وقانون المصارف الإسلامية رقم (43) لسنة 2015 والتعليمات والضوابط الصادرة بموجبه وكذلك القوانين والمعايير الدولية ذات الصلة مالم تخالف مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية.”

[4] راجع: مصباح كمال، “محافظ البنك المركزي العراقي وقطاع التأمين،” موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2018/03/%E2%80%99Misbah-Kamal-CBI-Governor-and-Insurance-Sector-final.pdf

 

Notes on Reinsurance Departments of Iraqi Insurance Companies

ملاحظات حول قسم إعادة التأمين في شركات التأمين العراقية

 

مصباح كمال

 

 

[1]

 

حسب الموقع الرسمي لديوان التأمين هناك 38 شركة تأمين مسجلة لديها[1] بعضها لا تعدو أن تكون غير دكاكين للتأمين، كما وصفها أحد زملائي.  أفترض أن معظم هذه الشركات لا تضم أقساماً متخصصة بأعمال إعادة التأمين إذ أن طاقم الموظفين فيها لا يتعدى ثلاثة أو أربعة، وفي أحسن الحالات فإن موظفاً “فنياً” يتولى جملة من الأعمال بضمنها إعادة التأمين.  ربما لا تتجاوز عملية إعادة التأمين عند هذه الشركات، وخاصة تلك الشركات (حوالي عشرين شركة) المنضوية تحت اتفاقيات إعادة التأمين التي تديرها شركة إعادة التأمين العراقية، إعداد كشوفات ربع سنوية أو نصف سنوية بأقساط التأمين المكتتبة والتعويضات المسددة، ربما تكون غير دقيقة ومشكوك في صحتها وخاصة في غياب الرقابة،[2] وتقديمها إلى شركة إعادة التأمين العراقية.

 

يُستثنى من هذا الوضع شركة التأمين الوطنية وشركة التأمين العراقية وشركتان في إقليم كوردستان وربما بضع شركات خاصة تضم موظفاً متخصصاً بأعمال إعادة التأمين.  وجميع هذه الشركات تقوم بعملية إسناد ceding جزء من محافظها الاكتتابية إلى شركة إعادة التأمين العراقية، إن كانت مستفيدة من اتفاقياتها، أو إلى شركات إعادة التأمين خارج العراق، إما مباشرة أو من خلال وسطاء متخصصين بإعادة التأمين.  وهذه العملية تعرف باسم إعادة التأمين الصادر outward reinsurance تمييزاً لها عن عملية إعادة التأمين الوارد inward reinsurance، أي تلك الأعمال الواردة لها من شركات تأمين أخرى من داخل أو خارج العراق.

 

إن شركات التأمين العراقية لا تمارس في الوقت الحاضر الاكتتاب بأعمال إعادة التأمين الوارد.  كانت شركة التأمين الوطنية تكتتب بهذه الأعمال في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وفي معظم الحالات على سبيل تبادل الأعمال reciprocity مع شركات تأمين عربية.

 

سأقدم في هذه الورقة ملاحظاتي مستفيداً من قسم (فرع) إعادة التأمين في شركة التأمين الوطنية كنموذج.

 

[2]

 

إن قسم إعادة التأمين في شركة التأمين المباشر (الشركة المُسندة ceding company لأغراض إعادة التأمين الاتفاقي والاختياري) ليس مجرد مكان يضم مجموعة من الموظفات والموظفين ومديرة/مدير.  إنه فكرة مركزية وبنية أساسية مستقلة في الهيكل التنظيمي للشركة، يرتبط مباشرة بالمدير العام أو معاونه الفني.  وما يميزه عن غيره من الأقسام هو طبيعة عمله الذي يقتضي عملاً داخلياً ذو طابع تنسيقي يربطه مع أقسام الإصدار والتعويضات والحسابات؛ وعملاً خارجياً يركّز على التعامل مع وسطاء إعادة التأمين ومعيد التأمين القائد وربما معيدو التأمين التابعين.

 

هناك مطلبان أساسيان مترابطان في إنجاح العلاقة الخارجية.  مطلب المعارف والمهارات الفنية المرتبطة بالعمل؛ ومطلب إجادة اللغة الإنجليزية، وهي لغة التعامل بأعمال إعادة التأمين على المستوى الدولي.  كلما اقترب قسم إعادة التأمين من هذين المطلبين كلما تحسّن أداؤه.

 

لماذا ينظر إلى عمل قسم إعادة التأمين في شركة التأمين الوطنية على أنه دون مستوى الكفاءة المتوقعة.  أهو بسبب خلل في التنسيق مع أقسام الشركة الأخرى؟  أم هو ضعف في المؤهلات المعرفية الفنية، والمهارات المرتبطة بدورة العمل السنوية في إدارة إعادة التأمين الاتفاقي والاختياري؟  وهل يساهم تدني المهارات اللغوية وقلة الاهتمام بدقة التعبير بإضعاف الأداء الفني؟  إن هذه العوامل مجتمعة مع بعضها ربما تفسّر لنا ضعف الكفاءة الفنية.  وقد نضيف لها فقدان القدرة على اتخاذ القرار واللجوء الدائم إلى المدير العام بشأن كبائر وصغائر الأمور على حدٍ سواء، وهو ما يُدلُّ على غياب تفويض السلطة لمدراء الأقسام، خلافاً لما كان سائداً في العقود السابقة.[3]  وهذا ما يضرّ بأداء العمل (زيادة الروتين والوقت المستغرق في اتخاذ القرار والالتزام بالمواعيد المحددة لتسديد التزامات الشركة لمعيدي التأمين).

 

أجازف بالقول إن العاملين والعاملات في قسم إعادة التأمين ربما لم يطلعوا على الكتب المنهجية في إعادة التأمين،[4] وحتى أنهم لا يلجؤون إلى وسطاء إعادة التأمين أو معيد التأمين القائد لغرض الاستشارة والاستفادة من معرفتهم وتجاربهم.  إنه من البديهيات أن شركات إعادة التأمين الكبرى تقدم جُملة من المساعدات الفنية للشركات المُسندة ومنها:

 

  • تدريب الكوادر الفنية. ربما يتذكر الجيل القديم، أو من بقي منهم عاملاً في شركة التأمين الوطنية، التدريب الذي خضعوا له في المركز السويسري للتدريب التأميني SITC (تأسس سنة 1960 وصار الآن اسمه Swiss Re Academy) وغيره من مراكز التدريب في ميونيخ ولندن لدى معيدي التأمين أو وسطاء إعادة التأمين.

 

  • تقديم المساعدة في تسوية المطالبات الكبيرة والمعقدة. مراجعة ملفات التعويضات في قسم التأمين الهندسي يكشف القيمة الفنية وحجم هذه المساعدة.

 

  • تقديم المساعدة والنصح حول أسعار وشروط تأمين الأخطار الكبيرة والمعقدة، وخاصة في مجال إعادة التأمين الاختياري على مثل هذه الأخطار.

 

ما يعنني من هذا الكلام هو العزوف وربما النفور من الاستفادة من المعيدين ووسطاء التأمين رغم هزال الموارد المعرفية المتوفرة حالياً في الشركة.  لماذا؟  أهو استعلاء، أم هو خوف أو استحياء من الكشف عن قلة المعرفة أو قل غيابها في موضوع محدد؟  أهو عيبٌ أن نسأل عندما تنقصنا المعرفة؟  ألم نتعلم من خلال إثارة الأسئلة وتعلّم صياغتها؟  ألم تأتي مصادر معرفتنا التأمينية أصلاً من مراكزها في الغرب؟[5]

 

[3]

 

منذ تسعينيات القرن الماضي تدهور عمل قسم إعادة التأمين في شركة التأمين الوطنية ليس فقط بسبب العقوبات الدولية التي حرمت الشركة من الاتصال بالعالم الخارجي، والهبوط الحاد في الاكتتاب، وإنما الفقدان التدريجي للكوادر المدربة.  ورغم أن فترة ما بعد 2003 شهدت إحياءً لعمل القسم (صار اسمه السفن والطيران وإعادة التأمين)[6] بفضل أحد الكوادر الذي ظل وفياً للعمل في الشركة إلا أن الخراب العام الذي أدخله الاحتلال الأمريكي انعكس على واقع العمل في الشركة، وهو لم يعمل أو قل لم ينجح في إشراك العاملين والعاملات معه في إدارة العمل وظلت القرارات الأساسية محصورة لديه.  وليس أضرّ على الأداء من احتكار المعرفة أو العمل الذي ربما لم يكن مقصوداً وإنما فرضته ظروف تدني القدرات الفنية والمعرفية لدى معظم العاملين والعاملات في الشركة.

 

في دراسة لي بعنوان “مؤيد الصفار: مكتتب ومدير في شركة تأمين عامة” كتبت الآتي تحت العنوان الفرعي “قائد فريق العمل” ما يلي:

 

يجرّنا موضوع العملية الاكتتابية إلى ما أراه صفة مهنية وإدارية مهمة لدى مؤيد، وهي عدم احتكار العمل، وإيمانه بتفويض المهام وكأن همه هو تشكيل فريق لإنجاز مهام القسم الفنية.

 

لم يكن مؤيد يعمل لوحده.  صحيح أن كل القرارات تنتهي عنده، كونه مديراً للقسم، وكون التركيب الإداري هرمياً، إلا أن تصرفه كان ينطوي على عدم احتكار العمل.  كان يعمل وكأنه عضو في فريق وبألفة مع العاملين معه، ويفوض زملاءه العديد من المهام في الاكتتاب وتسوية التعويضات وإدارة ملف إعادة التأمين الخاص بقسم التأمين الهندسي.  خير شاهد على ذلك هو سفره إلى مراكز التأمين العالمية لأغراض العمل فقد كان زملاء آخرون يرافقونه: مهندس للاهتمام بالجوانب الهندسية والمسؤول عن إعادة التأمين للاهتمام بتفاصيل ومتطلبات إعادة التأمين.[7]

 

من المفارقات أن فريق مفاوضات تجديد اتفاقيات إعادة التأمين تضم المدراء العامون لشركات التأمين إضافة لمدراء أقسام إعادة التأمين وبعض الأقسام الفنية، وهو تقليد صار شائعاً في العراق بعد 2003 ولكنه غريب عليَّ عند مقارنته مع ما كان سائداً في الماضي، إذ أن الفريق كان يضم مدير قسم إعادة التأمين وواحد أو أثنين من مدراء الأقسام الفنية.  كان هذا الفريق يتفاوض ويأتي بالنتائج ويعرضها على إدارة الشركة لأغراض الموافقة أو إعادة التفاوض، بالتراسل، بشأن نقاط محددة قبل الموافقة النهائية على شروط وأسعار التجديد.  وأذكر أن قسم التأمين الهندسي في شركة التأمين الوطنية كان يقوم بأعمال إعادة التأمين الاختياري دون الرجوع إلى قسم إعادة التأمين.  اقتبس الآتي من كلمة لباقر المنشئ تؤيد ما ذهبتُ إليه، وكان وقتها مديراً لقسم/فرع إعادة التأمين:

 

في تشرين الثاني من عام 1982 رافقتني أم هالة [هدى الصفواني][8] في اول سفرة الى لندن لتجديد التغطية التأمينية للخطوط الجوية العراقية.  كانت المهمة صعبة جدا لان اسطول الخطوط يشمل طائرات نقل عسكرية وهذه الحقيقة كانت معروفة لسوق لويدز.  لكن المرحومة هدى تناولت الموضوع بمهنية عالية، وركزت على الامور الفنية والاحصائيات التي تؤكد جودة الخطر من الناحية التأمينية، وبالتالي حققنا شروط تجديد للتغطية كانت مدعاة للفخر بفضل الجهود الكبيرة للمرحومة هدى.[9]

 

لقد تمثَّل الانقطاع الذي فرضته العقوبات الدولية والتخريب الذي ارتبط بالغزو الأمريكي في إضعاف التراكم المعرفي والمهارات، وحتى بعد عودة معيدي التأمين إلى سوق التأمين العراقي فإن اتفاقيات إعادة التأمين اعتمدت صيغة الاتفاقيات النسبية proportional treaties حتى نهاية 2018 بحيث أن إدخال اتفاقية تجاوز الخسارة Excess of Loss Treaty في اتفاقيات شركة إعادة التأمين العراقية لسنة 2019 خلق ارتباكاً لدى شركات التأمين ومنها التأمين الوطنية.  ويعكس هذا الوضع ضعف المعرفة وضرورة التدريب المكثف للعاملين في هذا المجال للتعاطي مع متطلباتها.

 

يؤسفني أن أقول بأن القطاع، بضمنه شركة التأمين الوطنية، فشل في تخريج كفاءات جديدة يمكن الاقتداء بها.  ولم يندفع العاملون والعاملات إلى تطوير قدراتهم المعرفية والفنية إلا بالحدود الدنيا والضيقة ضمن متطلبات العمل اليومي، وهو ذو طابع روتيني يشكّل عبئاً على إدارة الأعمال بكفاءة.  أذكر أنني عملت لبعض الوقت في قسم إعادة التأمين في شركة التأمين الوطنية أيام كان مديرها المرحوم أنطوان سليم إيليا.[10]  هناك تعلمت بعض الأساسيات في إعادة التأمين من سيروب كيروب وسهاك جزفيان وأسامة الغرباوي.  أنطوان نفسه تتلمذ على يد الآنسة سعاد نايف برنوطي عندما كانت مديرة لقسم الشؤون الفنية قبل تأسيس قسم إعادة التأمين.  لنقرأ ما كتبه بهاء بهيج شكري عنها، وكان وقتها نائباً للمدير العام:

 

كانت إحدى الموظفات الثلاث في مكتب السكرتارية.[11]  وهي خريجة كلية الآداب في جامعة بغداد فرع الأدب الإنجليزي.  تجيد اللغة الإنجليزية إجادة تامة، وتتمتع بأخلاق عالية وشخصية قوية نافذة تفرض احترامها على كل من يتعامل معها.  وبعد انقلاب 8 شباط 1963 استقالت من الشركة وسافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية فحصلت على شهادة الدكتوراه، وهي الآن أستاذة في قسم الدراسات العليا في إحدى الجامعات الأردنية في عمان.[12]  وقد كانت الدكتورة ساعدي الأيمن، إذ أصبحت مديرة القسم الفني والقائمة بأعمال قسم إعادة التأمين بعد أن تم تجزئة مكتب السكرتارية إلى قسمين، وقد كنت أتشاور معها في كل أمر أريد القيام به قبل أن أقدم مذكرة به إلى المدير العام.[13]

 

[4]

 

قد يكون في استعادة هذا الماضي والتأمل في بعض مضامينه مفيداً للتطوير الشخصي عندما تفتقر إدارة الشركة إلى سياسة واضحة لتطوير الكوادر البشرية.  هل من سبيل للخروج من الوضع الحالي؟

 

إن قسم إعادة التأمين هو العمود الفقري للشركة، ولذلك فإن إدارته يتطلب مستوى عالياً من المهارات والأخلاق المهنية في التعامل مع العالم الخارجي (وسطاء إعادة التأمين ومعيدو التأمين).[14]  وكذلك دورات تدريبية مكثفة داخل وخارج العراق لرفع مستوى اللغة الإنجليزية والمعرفة المهنية؛ وتطبيق التعليم المهني المستمر؛ واعتماد نظام تعيين الموظف الخبير في مجال اختصاصه كمرشد وموجّه mentorship للموظف الأقل خبرة ودراية؛ وتشجيع فكرة فريق العمل الجماعي.

 

ويضاف إلى ذلك تحديث وتقوية التنسيق بين قسم إعادة التأمين والأقسام الأخرى، ذلك لأن قسم إعادة التأمين هو الذي يمتلك تفاصيل الاتفاقيات، ويتوجب على إدارة القسم إعداد الملخصات عنها للأقسام الأخرى.  ومن المفيد هنا أن اقتبس ما كتبه خبير في هذا المجال بشأن نموذج الملخص المقدم لقسم الحسابات، كمثال، والذي

 

يتضمن الشروط المحاسبية لكل اتفاقية أو تغطية، ففي حالة الاتفاقيات النسبية يجب إعداد ملخص يتضمن: فترات إعداد الحسابات – الفترة اللازمة للموافقة على كشف الحسابات من قبل المعيدين – الفترة اللازمة لتسديد الحسابات بواسطة الطرف المدين – عمولة إعادة التأمين – عمولة الأرباح وطريقة احتسابها – احتياطي الأقساط غير المكتسبة – الفائدة على الاحتياطي المحتجز.  وهذه البيانات ضرورية لتتمكن دائرة الحسابات من إعداد كشوف الحسابات الخاصة بالاتفاقيات النسبية.  أما فيما يتعلق بالتغطيات غير النسبية (تجاوز الخسارة) فإن الملخص يجب أن يتضمن: القسط الابتدائي الأدنى لكل شريحة – سعر التغطية لكل شريحة وطيفية احتسابه – مواعيد دفع القسط الابتدائي الأدنى.[15]

 

وبالطبع فإن ملخصات أخرى تقدم إلى الأقسام الفنية الأخرى (الحريق، البحري، التأمين الهندسي وغيرها)، وقسم التعويضات.  وهذه الملخصات لها قيمتها التعليمية والتثقيفية لمن يقوم بصياغتها ولمن يعتمد عليها في تنفيذ الإجراءات الواردة فيها، وبالتالي فإن حسن الالتزام بها سيقدم صورة مهنية عالية المستوى لمعيدي التأمين.

 

يمكن النظر إلى هذه الملخصات كجزء من نظام العلاقات والاتصالات داخل الشركة بين العاملين والعاملات في أقسام الشركة، يقوم على تقسيم العمل والتنسيق والسيطرة على مخرجات النشاط المرتبط بعمل كل قسم.

إن ما أردته من هذه الملاحظات النقدية هو التنبيه إلى ضرورة العمل لتغيير مستوى العمل في إدارة إعادة التأمين لدى شركات التأمين العراقية وخاصة لدى شركة التأمين الوطنية العامة، أعرق الشركات (تأسست سنة 1950) وأكبرها حتى الآن من حيث حجم أقساطها، احتياطياتها، وعدد العاملين فيها.  إن هذه الملاحظات قابلة للمناقشة، وسأكون مسروراً لتبيان الخطأ وقلة المعرفة في عرض واقع الحال.  وفي كل الأحوال، فإن المشاركة في النقاش يفتح كوة لتحسين ما هو قائم وليس تبريره والدفاع عنه.

 

4 آذار 2019

[1] http://www.insurancediwan.gov.iq/%D8%B4%D8%B1%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A3%D9%85%D9%8A%D9%86/

[2] ليس معروفاً أن ديوان التأمين يمارس الرقابة على وظيفة إعادة التأمين في الشركات المسجلة لديه.

[3] مصباح كمال، مقدمة لكتاب عبد الباقي رضا، رسائل في السيرة الذاتية والتأمين (مخطوط، 2013)، ص 6 تحت العنوان الثانوي “ملامح من منهج عبد الباقي رضا في الإدارة.”

[4] على سبيل المثل، بهاء بهيج شكري، إعادة التأمين بين النظرية والتطبيق (عمّان: دار الثقافة، 2008).

عادل داود، مقدمة في إعادة التأمين (دار ويذربي وشراؤه للنشر، 1991)

Keith Riley, The Nuts and Bolts of Reinsurance (London: LLP Limited, 1997)

Robert Kiln, Reinsurance in Practice (London: Witherby & Co Ltd, 1981)

لكني افترض أن مكتبة شركة التأمين الوطنية تضم الكتابين التاليين وأنهم اطلعوا عليهما ويرجعون إليهما كلما أشكل عليهم موضوع ما:

  1. Phillippe Bellerose, Reinsurance for the Beginner (London: Witherby & Co Ltd, 1978)

Robert L. Carter, Reinsurance (1979).

C E Golding, Law and Practice of Reinsurance (5th Ed 1987, 1st Ed 1937).

[5] راجع: تيسير التريكي يحاور مصباح كمال، احتفاء بالقيمة (بيروت: منتدى المعارف، 2018)، المحور الثالث، نقل المعرفة وصناعة رجل التأمين، ص 51-73.

[6] الموقع الرسمي لشركة التأمين الوطنية لا يضم هذا القسم في الهيكل التنظيمي للشركة. http://www.nic.gov.iq/index.php/en/

[7] مصباح كمال، “مؤيد الصفار: مكتتب ومدير في شركة تأمين عامة،” الثقافة الجديدة، العدد 380، كانون الثاني 2016، ص 57-66.  نشر أيضاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2016/04/21/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d9%85%d8%a4%d9%8a%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%81%d8%a7%d8%b1-%d9%85%d9%83%d8%aa%d8%aa%d8%a8-%d9%88%d9%85%d8%af%d9%8a%d8%b1-%d9%81%d9%8a/

 

[8] كانت مدير قسم الطيران.

[9] باقر المنشئ، “كلمة وفاء للمرحومة هدى الصفواني في ذكرى وفاتها الثالثة،” مرصد التأمين العراقي. https://iraqinsurance.wordpress.com/2012/12/07/a-tribute-to-huda-al-safwani/

[10] في بداية عام 1982 نقل انطوان سليم إيليا الى المؤسسة العامة للتأمين.  ظل يعمل فيها لفترة قصيرة ثم هاجر الى الولايات المتحدة الأمريكية.  وعندها تولى باقر المنشئ إدارة فرع إعادة التأمين.  في بدء التحاقه بالتأمين الوطنية عمل باقر المنشئ في قسم التأمين الهندسي بعد إكماله لدراسة الماجستير في الولايات المتحدة الأمريكية وعمله في إحدى شركات التأمين الأمريكية.

[11]  مكتب السكرتارية في شركة التأمين الوطنية آنذاك، أواخر خمسينيات وأوائل ستينيات القرن الماضي، كان بمثابة قسم الشؤون الفنية.

[12] تقيم الآن في الولايات المتحدة الأمريكية.

[13] بهاء بهيج شكري، بحوث في التأمين (عمان: دار الثقافة، 2012)، ص 37.

[14] أنظر: فصل “نحن والآخر” حيث ترد إشارات عديدة حول ثقافة التعامل مع الآخر في احتفاء بالقيمة، مصدر سابق، ص 83 وما بعده.

[15] عادل مراد، مصدر سابق، ص 197.  أوصي بقراءة الباب التاسع: تنظيم العمل في إدارة إعادة التأمين في هذا الكتاب، ص 193-206.

Natural Catastrophes & Iraq’s Insurance Sector

لماذا لا نسمع صوت قطاع التأمين حول كوارث الطبيعة؟

 

 

مصباح كمال

 

 

نشرت هذه المقالة أصلاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/wp-content/uploads/sites/2/2018/11/Natural-Disasters-and-the-Silence-of-the-Insurance-Sector.pdf

 

 

  • أخبار السيول

 

نشرت وكالات الأنباء والصحف العراقية أخبار السيول الشديدة والأمطار الغزيرة في قضاء الشرقاط التابع لمحافظة صلاح الدين (ارتفاع منسوب مياه السيول إلى مترين)، وبعض المناطق في نينوى، وفي محافظات البصرة والناصرية وميسان وواسط.  ونشرت أيضاً أعداد الضحايا (21 حالة وفاة) والمصابين (ما يقرب من 200)، وتدمير 3 آلاف منزل، وتشرد آلاف العوائل (3 آلاف عائلة في الشرقاط) وغرق قرى ومخيمات (1500 خيمة) للنازحين (مخيم حمام العليل في الموصل)، وتضرر العديد من المحال التجارية وشبكة الكهرباء، وانجراف عدد كبير من السيارات، وانهيار جسر في أيسر الموصل، وأضرار كبيرة بالحقول الزراعية ونفوق المواشي.

 

وقرأنا عن إجراءات الإغاثة المتأخرة، وعدم اتخاذ إجراءات استباقية ووقائية خاصة (غياب سياسة لإدارة الأخطار) وأن هيئة الإرصاد الجوية قد حذّرت من حدوث السيول؛ وأمور أخرى ذات علاقة كفشل الحكومة في حماية المدنيين وتوفير بدائل أفضل لمواقع المخيمات وإنهاء وجودها وغيرها كثير.

 

ليست السيول والفيضانات بالظاهرة الجديدة في العراق فقد اختبرناها سنة 2013 وكتبنا عنها من موقف تأميني.[1]

 

  • صمت قطاع التأمين

 

الغائب في هذه الأخبار هو قطاع التأمين العراقي.  لم نقرأ موقفاً لأي من شركات التأمين العامة والخاصة، أو من جمعية التأمين العراقية، وكأن المسألة ليس لها بعد تأميني.  اختبرنا في الماضي غياب الموقف من القطاع تجاه الزلازل التي ضربت العراق وبعضها كان بقوة 5 درجات على مقياس ريختر.  كان آخر هذه الزلازل يوم 25 تشرين الثاني 2018 كما نقلت وكالات الأنباء عن هيئة الإرصاد الجوية، إذ ذكرت بأنه ضرب بغداد وطال محافظات بابل والديوانية وواسط وذي قار والنجف وكربلاء، وخلق حالة رعب في قضاء خانقين.  لكن تقرير الهيئة لم يُشر إلى حصول أضرار أو إصابات سوى تكسر بزجاج النوافذ في خانقين.

 

  • بعض الآثار الاقتصادية للفيضانات

 

من المناسب هنا أن نقتطف ما كتبناه في مقالتنا “خطر الفيضان في العراق ودور الدولة والتأمين” حول الآثار الاقتصادية للفيضانات، من باب تذكير المعنيين في قطاع التأمين والمؤسسات الرسمية ذات العلاقة.

 

نقص دراسة آثار الفيضانات والسيول في العراق

المقتطفات الصحفية تذكر بعض الأضرار الاقتصادية للفيضانات ومنها: جرف الطرق والسيارات، نفوق الأغنام والمواشي، تدمير منازل، جرف مساحات من الأراضي الزراعية، إجلاء الأسر من مناطق سكناهم وغيرها.  ومما يؤسف له عدم وجود تقديرات عن حجم هذه الأضرار المادية المباشرة.  هناك أضرار أخرى، غير مباشرة، تتمثل بوقت العمل الضائع، وبخسارة الدخل (بسبب توقف الأعمال عقب الفيضان) لبعض الفئات المتضررة.  كل هذا يُشكّل هدراً اقتصادياً يستدعي دراسة كمية.

 

ليست هناك إحصائيات رسمية أو سجل للفيضانات في العراق تفصل فيها المساكن والمحلات التجارية والمعامل وغيرها المتضررة بالفيضان.  والانطباع العام هو ان الكوارث الطبيعية في العراق تبدو صغيرة في حجمها وآثارها مقارنة بمثيلاتها في دول أخرى.  فهي لا تُصنّف ككوارث كبيرة عند مقارنتها مع ما يحدث في دول أخرى (تايلندا، بعض الدول الأوروبية، الولايات المتحدة).

 

الآثار المباشرة وغير المباشرة

تجمع الدراسات على أن الفيضانات تترك آثاراً على البيئة والاقتصاد والناس.   فقد تؤدي الفيضانات إلى جرف مواد كيمياوية خطرة إلى الأنهار والمسطحات المائية مما يؤدي إلى تلويثها.  وقد تغير الفيضانات توازن النظام البيئي (الإيكولوجي) (ecosystem): نفوق الحيوانات وظهور الحشرات في المناطق المتضررة.

 

كما تؤدي الفيضانات في بعض الأحيان إلى وفاة الناس، وإصابة البعض الآخر، واضطرارهم إلى هجر مساكنهم.  وقد تؤدي إلى انقطاع الكهرباء ومياه الشفة.  وتخلق شروطاً مناسبة للأمراض وعدوى الانتقال.

 

ويمكن النظر إلى الفيضانات من حيث آثارها المباشرة المتمثلة بالوفيات، وتضرر السيارات والمساكن والمباني والمنشآت الأخرى كالجسور، انظمة الصرف الصحي، الطرق، القنوات (وعرقلة تعبئة الموارد لمكافحة آثار الفيضان)، تضرر خطوط نقل القدرة الكهربائية (سقوط الأبراج) وبالتالي خسارة الطاقة لمعالجة مياه الشرب، أو تلوث هذه المياه، والتسبب بالأمراض (الكوليرا والتيفوئيد وغيرها)، انغمار الأراضي الزراعية مما يتسبب بعدم القدرة على الحصاد والغرس، وتضرر السيارات.

 

ومن الآثار غير المباشرة كلفة إعادة البناء، والنقص في عرض المواد الغذائية نتيجة لتدمير المحاصيل، والآثار النفسية على المتضررين (الوفاة، الأضرار البدنية، فقدان الممتلكات)، زيادة الرطوبة في البيوت (قد تؤدي إلى مشاكل في التنفس).

 

يضاف إلى ذلك أن الفيضانات تستدعي تعبئة موارد مختلفة لإسعاف الناس والمناطق المنكوبة.  كما أن ما يدمر يحتاج إلى وقت للتصليح قد يمتد لفترة طويلة حسب نوع الضرر.

 

إن العديد من هذه الآثار الاقتصادية يمكن أن تكون موضوعاً للتأمين، وبالتالي مصدراً مهماً للطلب على الحماية التأمينية متى ما توفرت الشروط المناسبة لذلك.

 

  • ماذا يعني صمت قطاع التأمين

 

لم تقم أي من شركات التأمين أو جمعية التأمين العراقية برصد هذه الكوارث الطبيعية وبناء قاعدة بيانات للاستفادة منها في الاكتتاب الصحيح بأخطار هذه الكوارث وآثارها على الممتلكات والأفراد، وصياغة قواعد مناسبة، بالتعاون مع جهات أخرى، لمساعدة المؤمن لهم لإدارة أخطار ممتلكاتهم.  وقد كتبنا سابقاً أنه

 

“من المؤسف حقاً أن لا تتوفر إحصائيات عن الخسائر المادية المباشرة المترتبة على الكوارث الطبيعية (الجفاف، الفيضان، الحالوب، الزلازل) المؤمن عليها أو غير المؤمن عليها والخسائر المالية التبعية (خسارة الدخل نتيجة لتوقف الإنتاج).  وحتى قطاع التأمين لم يأخذ على عاتقه بعدُ رصد الكوارث الطبيعية المعلن عنها في أجهزة الإعلام وغيرها من المصادر الرسمية التي لم نتعرف عليها، أعني الهيئة العامة للأنواء الجوية والرصد الزلزالي.”[2]

 

نفترض إن بعض الممتلكات المتضررة ستكون موضوعاً للتعويض من قبل شركات التأمين (انجراف السيارات، مثلاً، أو تدمير المنازل، أو المحاصيل الزراعية أو نفوق المواشي – إن كانت مؤمناً عليها).  في غياب التأمين سيتم التعويض، بهذا القدر أو ذاك، من موازنة الحكومة، خاصة وأن الحكومة لم تعمل على تأسيس صندوق وطني للطوارئ أو صندوق مماثل تشترك فيها الحكومة وشركات التأمين.

 

إن صمت قطاع التأمين عن كوارث الطبيعة يعني أنه فوّتَ على نفسه فرصة الإعلان عن وجوده ودوره في توفير الحماية من خلال وثائق تأمين متخصصة أو ضمن وثائق تأمين أخرى.  وهو يعني أيضاً أنه أخلَّ بدوره في نشر الوعي التأميني بين الناس وبين الشركات والمؤسسات والدوائر الرسمية التي قد تتأثر ممتلكاتها بفعل كوارث الطبيعة.  وهو يعني كذلك أن ممثلي القطاع لا يمكن لهم أن يستمروا بدعوى غياب الوعي التأميني لتفسير ضعف الطلب على الحماية التأمينية.

 

26 تشرين الثاني 2018

 

[1] راجع: عبد القادر عبد الرزاق فاضل، 2013″ عام الفيضانات في العراق،” مرصد التأمين العراقي:

https://iraqinsurance.wordpress.com/2013/05/19/floods-in-iraq-in-2013/

وكذلك: مصباح كمال، “خطر الفيضان في العراق ودور الدولة والتأمين،” موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2014/10/09/

http://iraqieconomists.net/ar/2014/10/09/%d9%85%d8%b5%d8%a8%d8%a7%d8%ad-%d9%83%d9%85%d8%a7%d9%84-%d8%ae%d8%b7%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%8a%d8%b6%d8%a7%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a7%d9%82-%d9%88%d8%af%d9%88%d8%b1/

 

[2] مصباح كمال، “خطر الفيضان في العراق ودور الدولة والتأمين،” موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين:

http://iraqieconomists.net/ar/2014/10/09/