A Tribute to Huda Al-Safwani


كلمة وفاء للمرحومة هدى الصفواني في ذكرى وفاتها الثالثة

 

 

باقر المنشيء

 

 

لا زلت أذكر جيدا أول مرة وقعت عيني على خالدة الذكر أم هالة.  كان ذلك في تشرين الثاني من عام 1977 كنت وقتها قد نُقلت حديثا من قسم التأمين الهندسي الى قسم أعادة التأمين في شركة التأمين الوطنية.  أطلّتْ المرحومة هدى على القسم ببسمتها الساطعة ولونها البرونزي المتميز وحركتها النشيطة.  جاءت لتحية أخيها يحيى الصفواني وصديقتها الحميمة ثناء كنونه.  قدموني لها كموظف جديد في قسم إعادة التأمين حيث كانت تعمل في قسم التأمين البحري في بناية الشركة المطلة على ساحة حافظ القاضي في شارع الرشيد.

 

شاءت الظروف ان أعمل مع المرحومة هدى عن قُرب في شباط 1979 ولحين مغادرتي الوطن في أيلول 1991 للعمل في اليمن.

 

عندما قام الاستاذ موفق حسن رضا، مدير عام الشركة حينذاك، بإعادة تنظيم الشركة على اساس الفروع المتخصصة ترأست المرحومة هدى الصفواني قسم تأمين الطيران، وترأس الاستاذ وائل الطائي قسم تأمين السفن، وتوليتُ ادارة قسم اعادة التأمين بعد ترفيع المرحوم انطوان سليم (الذي شغل موقع قسم إعادة التأمين لسنوات طويلة) الى مدير فرع تأمين السفن والطيران واعادة التأمين.

 

في بداية عام 1982 تم نقل الاستاذ انطوان سليم الى المؤسسة العامة للتأمين وبعدها بفترة قصيرة هاجر الى امريكا.  عند ذاك اختارني الاستاذ موفق حسن رضا لتولي ادارة الفرع ولتصبح المرحومة هدى ذراعي اليمين بعد استدعاء الاستاذ وائل الطائي لخدمة الاحتياط.

 

في تشرين الثاني من عام 1982 رافقتني أم هالة في اول سفرة الى لندن لتجديد التغطية التأمينية للخطوط الجوية العراقية.  كانت المهمة صعبة جدا لان اسطول الخطوط يشمل طائرات نقل عسكرية وهذه الحقيقة كانت معروفة لسوق لويدز.  لكن المرحومة هدى تناولت الموضوع بمهنية عالية، وركزت على الامور الفنية والاحصائيات التي تؤكد جودة الخطر من الناحية التأمينية، وبالتالي حققنا شروط تجديد للتغطية كانت مدعاة للفخر بفضل الجهود الكبيرة للمرحومة هدى.

 

بعد الاجتماعات العاصفة مع وسطاء إعادة التأمين ومكتتبي أخطار الخطوط الجوية العراقية انبرت المرحومة أم هالة للجانب العائلي في حياتها إذ كانت حريصة على تصليح الة الابوا الموسيقية التي جلبتها معها من بغداد والخاصة بزوجها الاستاذ غازي بهجت.  وكانت فرحتها كبيرة عندما استلمت الالة الموسيقية بعد تصليحها.

 

موقف اخر كان في شارع اوكسفورد في قلب لندن وبالذات في متجر موذركير المتخصص ببيع ملابس الاطفال، اذ اسرعت في شراء اجمل الملابس لطفلتها هالة والابتسامة مرتسمة على وجهها.  وهذه احدى خصائصها المتميزة في الاهتمام أولاً بمهام عملها ومن ثم الالتفات للشؤون العائلية الصغيرة.

 

عقد الثمانينيات ربما كان من اصعب العقود التي مرت على العراق بسبب الحرب العراقية الايرانية (1980-1988).  وقد انعكست اثار الحرب على تأمين الطيران من خلال تشدد المعيدين في الأسعار والشروط.  وهذا الوضع المتشدد تطلب جهودا شخصية مضاعفة من المرحومة هدى لإنجاز العمل لاسيما بعد استدعاء موظفيها من الرجال لخدمة الاحتياط.  وكانت، كما عهدتها، صلبة ومثابرة، واثبتت كفاءة نادرة في انجاز عملها.

 

استمرت علاقتي بالعزيزة ام هالة بعد مغادرتي للعراق الى اليمن.  إذ كنت احرص على زيارتها في التأمين الوطنية للتحية خلال زياراتي السنوية الى بغداد.  وكنت الاحظ تأثير الحصار الاقتصادي السيء على محياها ونفسيتها.

 

في عام 2001 واثناء وجودي في عمّان علمت بوجود المرحومة ام هالة فيها وحاولت مهاتفتها الا اني لم افلح في التحدث اليها وهذا لايزال يحزّ في نفسي حتى الان.

 

في الذكرى الثالثة لوفاة المرحومة هدى الصفواني اسأل الغفّار العظيم ان ينعم عليها بالغفران وان يسكنها في جنات النعيم.  آمين يا رب العالمين.

 

 

الولايات المتحدة الامريكية

3 كانون الأول 2012

Post a comment or leave a trackback: Trackback URL.

أضف تعليق