Insurance Fraud


نطاق الاحتيال في التأمين

*إسراء صالح داؤد

 نشرت هذه المقالة أصلاً في موقع شبكة الاقتصاديين العراقيين

http://iraqieconomists.net/ar/2019/10/13/%d8%a5%d8%b3%d8%b1%d8%a7%d8%a1-%d8%b5%d8%a7%d9%84%d8%ad-%d8%af%d8%a7%d8%a4%d8%af-%d9%86%d8%b7%d8%a7%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%ad%d8%aa%d9%8a%d8%a7%d9%84-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a3%d9%85/

 

 

تمهيد

الاحتيال في التأمين ليس بجديد اذ رافق التأمين منذ ظهوره واعتُمدت التدابير الوقائية منذ ذلك الوقت، ومنها ان عدم الامتثال للقواعد الأخلاقية في التأمين يؤدي إلى فرض عقوبات صارمة للغاية مما ادى الى تزايد الاعتماد على تدابير الوقاية.  ففي عام 1380 فرض مرسوم “جنوه” رسوم إغراق لحماية السلع الناشئة عن عمليات الغش والاحتيال فيما يخص التأمين البحري، وقد جاء قانون برشلونة لعام 1435 بعد اعتراف الدول الاوربية بالتأمين التجاري البحري الذي نظم احكام التأمين التجاري البحري ومن ضمن احكامه تناول الغش والاحتيال الناشئ عن التأمين المتعدد على نفس المنتج او السلع، وقد مهدَّ هذا القانون لتكوين جماعة اللويدز بلندن عام 1688 التي اهتمت بأعمال التأمين البحري.  وكذا نصت قواعد أمستردام الصادرة عن قانوني براغ وأنتورب في عام 1598 على فرض عقوبات جسدية ومالية على القبطان والملاحين وحملة الوثائق في حالة الاحتيال في مجال التأمين البحري.  بيد انه تطورت اساليب الاحتيال وطرقه بتطور الحياة عبر العصور([1]).

الاحتيال في القانون العراقي

في البداية لابد من التعريف بالاحتيال في القانون العراقي قبل التطرق له في مجال التأمين، اذ يمكن تعريف الاحتيال على انه قيام الشخص بالاستيلاء على مال مملوك للغير بأساليب وطرق الغش والخداع والتدليس، فيقع الغير ضحية الاحتيال بسبب استعمال طرق احتيالية، حيث لا يكون للأخير أي سلطة للتصرف بالمال لولا اتباعه الحيلة والكذب وأساليب الخداع.

عالج القانون العراقي جريمة الاحتيال، اذ نصت المادة (456) من قانون العقوبات العراقي 111 لسنة 1969 على ان:

1- يعاقب بالحبس كل من توصل الى تسليم او نقل حيازة مال منقول مملوك للغير لنفسه او الى شخص اخر وذلك بإحدى الوسائل التالية:

  • باستعمــال طــرق احتيالية.
  • باتخاذ اسم كاذب او صفة غير صحيحة او تقرير امر كاذب عن واقـعــة معـينـة متــى كـــان مــن شـــــأن ذلـك خـــداع المجنــي عـــــليـه وحمــــلــه علـــــى التـــســــلــيــــم.

2- يعاقب بالعقوبة ذاتها كـــل مــن توصل بإحدى الطرق السابقة الى حمل آخر على تسليم او نقل حيازة سند موجب لدين وتصرف في مال او ابراء او على أي سند آخر يمكن استعماله لإثبات حقوق الملكية او أي حق عيني آخر او توصل بإحدى الطرق السابقة الى حمل آخر على توقيع مثل هذا السند او الغائه او اتلافه او تعديله.

وعلى هذا الاساس تكون جريمة الاحتيال قائمة على فكرة الخداع وليس الكذب المجرد، بل لابد من اقتران الكذب بمظهر خارجي لكي يخدع المجني عليه.  كما أشرنا سابقاً يعد فعل الاحتيال جريمة يعاقب عليها القانون العراقي، الا انه لم يعرفها.  ولهذا تختلف جريمة الاحتيال التي تستند على الفعل او التصرف الايجابي دون الفعل او التصرف السلبي، في حين يعتبر ان السكوت عمدا عن واقعة يعد تصرفا او فعلا سلبي منتج لأثره، فيكون تدليسا عندما يثبت ان الطرف الثاني لا يبرم العقد لو علم بتلك الواقعة او الملابسة.  وحدد المشرع العراقي اساليب الاحتيال حصراً وهي:

1ـ استعمال طرق احتيالية.

2- اتخاذ اسم كاذب.

3- الاتصاف بصفة غير صحيحة.

4- تقرير امر كاذب عن واقعة معينة متى كان من شأن ذلك خداع المجني عليه وحمله على التسليم.

وتقوم جريمة الاحتيال على ركنين هما ([2]):

اولاً ــ الركن المادي:

يتمثل بنشاط الجاني (المحتال) الذي يؤدي الى حصول الجرمية مع توفر العلاقة السببية التي تربط بين الفعل والنتيجة.

ثانياً ــ الركن المعنوي:

يتمثل بالقصد الجرميـ لان جريمة الاحتيال من الجرائم العمدية، اي انصراف ارادة الشخص الى ارتكاب الفعل الجرمي باستخدام الحيلة من اجل استيلاء مال مملوك للغير بنية تملكه([3]).

ومما تقدم نلاحظ ان الاحتيال يختلف عن الاختلاس والسرقة.  ففي الاختلاس الذي يقوم به شخص يعمل في وظيفة معينة ومؤتمن على المال فيها، فيقوم اخذ المال هناك.  اما في السرقة، فهي الحصول على المال بشكل مباشر واخذ المال خفية، حيث يقوم فقط بأخذه من دون علم مالكه، ولا يكون الشخص مسؤولاً عن ذلك المال أساساً وهذا ما يجعله يختلف عن الاختلاس مهما كان أسلوب السرقة.

ويختلف فعل الاحتيال عن التغرير مع الغبن (التدليس) الوارد في القانون المدني.  وقد أشارت إلى هذا الحكم المادة (121) الفقرة الأولى التي جاء فيها: (إذا غرر أحد المتعاقدين بالآخر وتحقق أن في العقد غبنا فاحشا كان العقد موقوفا على إجازة العاقد المغبون.  فإذا مات من غرر بغبن فاحش تنتقل دعوى التغرير لوارثه).  فالتدليس استعمال وسيلة غير مشروعة بقصد الخديعة والتغرير باستخدام وسيلة غير مشروعة بقصد إيقاع العاقد الآخر في غلط يدفعه إلى التعاقد، إلا أنه لا يعيب الإرادة في ذاته، وإنما الذي يعيبها هو الغلط الذي يقع فيه العاقد نتيجة للأعمال أو الأفعال التدلسية التي يمارسها العاقد الآخر أو غيره.  ويشترط في تحقق التدليس:

  1. استعمال طرق احتيالية بقصد التضليل: أن تكون الطرق الاحتيالية هي الدافع إلى التعاقد واتصال التدليس بالمتعاقد الآخر. ويعد هذا العنصر المادي لفعل التدليس، ويتمثل باستخدام الحيل أو الطرق المادية المستعملة، لجوء المتعاقد إلى أحد الأفعال أو التصرفات المادية بقصد تضليل المتعاقد الآخر وإخفاء وجه الحقيقة عنه.
  2. نية التضليل: وهو العنصر المعنوي الذي يجب توفره في العاقد واتجاه ارادته الى تضليل المتعاقد الاخر وعقد النية والاعتقاد لدى المجنى عليه بتصديق الكذب الذي يدفعه الى تسليم الاموال ([4]).

ويلاحظ مما تقدم ان فعل الاحتيال يكون عند تنفيذ العقد بينما التغرير مع الغبن (التدليس) يكون عند ابرام العقد.

ومما تقدم، يثور السؤال التالي: هل يمكن ان يقع الاحتيال في وثيقة التأمين التي تعد الاناء الذي ينصب به عقد التأمين؟

يعد المؤمن والمؤمن له والمستفيد أطراف وثيقة التأمين، فمن له مصلحة من هذه الاطراق القيام بالاحتيال؟  سنتناول ذلك تباعاً.

  1. المؤمن – شركات التأمين او اعادة التأمين

من الصعوبة بمكان ان تحتال شركات التأمين او شركات اعادة التأمين لأن غاية المؤمن او معيد التأمين تقديم الحماية والتعويض للمؤمن لهم، اذ تحكم العلاقة بين المؤمن والمؤمن له اسس فنية وقانونية من الصعب جداً تجاوزها.  كما يقوم التأمين على مبدأ حسن النية اللامتناهي، وهذا ما يجعل استحالة التلاعب من قبل المؤمن غير وارد حيث انه حريص في المحافظة سمعته التجارية في سوق التأمين، اذ ان نشاط التأمين يعد عملا تجارياً استناداً لأحكام المادة (5) من قانون التجارة العراقي رقم 30 لسنة 1984 المعدل التي نصت على ان: (تعتبر الاعمال التالية اعمالاً تجارية إذا كانت بقصد الربح، ويفترض فيها هذا القصد ما لم يثبت العكس: رابع عشر: التأمين).

وقد يكون تعرض شركات التأمين للاحتيال يعد السبب المباشر في تحقيق خسائر مالية نتيجة تسديد تعويضات لحوادث غير حقيقية مما قد يؤدي بشركة التأمين الى اتباع سياسة رفع اسعار التأمين ولتدعيم نسب الاحتياطيات المالية لديها، وربما يدفع الاحتيال شركات التأمين ايقاف نشاطها ايضاً، بل افلاسها وان كان من الصعب لشركة تأمين ان تفلس او تعلن افلاسها الا إذا كانت لا تتمتع بالملاءة المالية لتسديد تكاليف التعويضات.  ولتلافي الاحتيال لابد ان تستعين شركات التأمين في البحث والتحري وتقدير الخسائرالى الخبرات الفنية والقانونية والمحاكم والتحكيم في محاولة لرفع الضرر الناتج عن الاحتيال التأميني وللحد من الخسائر.  كما تلجأ بعض شركات التأمين ايضاً الى الخبراء المدققين في كشف المطالبات غير الصحيحة من جراء الاحتيال المالي.

ونتيجة ارتفاع تكلفة التعويضات دفع البعض من شركات التأمين الى توفير السيولة النقدية من خلال التصرف بأصولها واستثماراتها لتغطية تلك التعويضات في ظروف قد تكون غير مناسبة او ملائمة لتوفير السيولة النقدية من خلال التصرف بالاستثمارات محققه خسائر لتلك الاستثمارات، وفى البعض الاخر فإن تردى الارباح نتيجة لانخفاض السوق او محدودية الطلب قد يدفع الاحتيال بشركات التأمين الى خسائر لرؤوس اموالها واموال حملة وثائقها الناتجة عن الاحتيال، وربما الى ان تفقد شركات التأمين الكوادر المدربة ذات الخبرات المتميزة لاضطرارها لإعادة الهيكلة الإدارية، فضلا عن فقدانها لبعض العملاء الجيدين.

وقد يتعدى أثر الاحتيال المتكرر الحاق شركات التأمين بخسائر ناتجة من تكرار اتفاقيات اعادة التأمين في الخارج.  ولتلافي الاحتيال تلجأ شركات التأمين الى شركات حماية المعلومات للوقاية، كما تقوم بالتعديل على انظمة الحسابات بصفة دورية وهذا مما يؤدي الى ارتفاع تكلفتها ومن ثم زيادة مصروفاتها على حساب ارباحها.

ومما تقدم فإنه ليس هناك احتيال في شركات التأمين كما يتصور للبعض.  ويبقى الخطأ الكبير المتمثل بعدم فهم الزبون لعقد التأمين الخاص به مما يؤدي الى انصراف ذهنه الى الاعتقاد بتعرضه الى الاحتيال، فعلى الاخير الاطلاع على جميع بنود الوثيقة، وعلى الاستثناءات الواردة على الوثيقة وبالتالي تكون غير مشمولة بالتأمين، وبذلك يتفادى وقوعه بما يطلق من قبله بالاحتيال حسب ادعائه.

  1. المؤمن له

قيام المؤمن له بالاحتيال واتباع اسلوب الخداع والغش امر وارد جداً من اجل الحصول على مبلغ التأمين او التعويض.  وتختلف اساليب الاحتيال تباعا باختلاف وثيقة التأمين متى ما أصبح ذلك ممكناً على ان لا تتعدى الحالات التي نص عليها القانون والتي أشرنا اليها سابقا.  تجدر الاشارة الى ان الاحتيال يؤدي الى الاختلال بمبدأ حسن النية وانهاء التأمين.

تعتبر جريمة الاحتيال من جانب المؤمن له من الجرائم الوقتية، اذ تنتهي بانتهاء الحصول على التعويض من (الضحية) شركة التأمين.

وهنا لابد من توضيح أساليب الاحتيال في انواع التأمين.  ولتوخي القصد المنشود سنتناول ذلك وكما يلي:

اولاً ـــ اساليب الاحتيال في التأمين من الاضرار

يقوم التأمين من الاضرار على مبدأ التعويض ([5])، حيث تلتزم شركة التأمين بتسديد التعويض عن الاضرار الناشئة عن تحقق الخطر المؤمن ضده ولكن بحدود مبلغ التأمين.  وقد يقع الاحتيال بصوره مختلفة، وهذا ما سنوضحه في ادناه:

 

1 الاحتيال الناشئ عن خطأ المؤمن له العمدي:

لا يجوز التأمين ضد الخطر العمدي، فمتى ما تعمد المؤمن له باستخدام اساليب وبتدخل ارادته في نهوض الخطر من اجل الحصول على مبلغ التأمين او التعويض، كما لو تعمد بإحراق سيارته المؤمن عليها او اخفائها بداعي السرقة، وبالتالي بطلان وثيقة التأمين([6]).

ان مسألة اثبات الفعل العمدي يقع على عاتق شركة التأمين وبالإمكان الاثبات بكافة الطرق القانونية.  وبالمقابل فان المؤمن له بالإمكان دحض مزاعم الشركة.  وتبقى مسألة وقائع وقرائن فيما إذا كان الفعل عمدي او غير عمدي.

  1. الاحتيال الناشئ عن المبالغة في تقدير قيمة الضرر:

لا شك ان اثبات قيمة الضرر يقع على عاتق المؤمن له، وله ان يثبت ذلك بكافة طرق الاثبات المنصوص عليها في القانون، الا انه من الوارد جدا ان يبالغ المؤمن له في تقدير قيمة الضرر ويكون سيء النية بغية الحصول على تعويض أكثر، وفي هذه الحالة يقع على عاتق شركة التأمين اثبات سوء النية، كالتغيير في دفاتر الحسابات او المبالغ في تقدير قيمة النقد في وثيقة التأمين من النقد اثناء الحفظ او النقل.  وإذا ما ثبت لشركة التأمين سوء نية المؤمن له يجوز لشركة التأمين ابطال وثيقة التأمين والاحتفاظ بقسط التأمين المدفوع.

  1. الاحتيال الناتج عن تعدد عقود التأمين:

لا يجوز في التأمين من الاضرار ان يؤمن على الشيء لأكثر من مرة ولدى أكثر من شركة تأمين عن الخطر نفسه ولذات المصلحة وبمبلغ معين، كما لو أمَّن شخص على سيارته ضد خطر السرقة لدى شركة تأمين وبمبلغ (10,000,000) عشرة مليون دينار لدى عدة شركات تأمين خلال نفس المدة.  وهذا يختلف عن مبدأ المشاركة في التأمين الذي يقوم المؤمن له بالتأمين على نفس الشيء وفي نفس الوقت لدى أكثر من شركة تأمين وبنسب معينه، وبموجبه تلتزم جميع الشركات المؤمن لديها بدفع مبلغ التعويض (الخسارة الفعلية) وحسب النسبة المقررة لكل شركة([7]).

لذا يشترط على طالب التأمين التصريح وجوبياً وعدم الاخفاء فيما إذا كان قد امن على الشيء لدى شركة او شركات تأمين اخرى.  وبالرغم من ذلك فقد لا يصرح بذلك ويتعمد بنية الغش والاحتيال من اجل الحصول على مبالغ التأمين للشيء المؤمن عليه من هذه الوثائق التي تزيد على قيمة الشيء المؤمن عليه، وإذا ما ثبت غش واحتيال المؤمن له فإن لشركة التأمين الحق في ابطال وثيقة التأمين.

  1. الاحتيال الناتج عن الجمع بين مبلغ التأمين ومبلغ التعويض:

يتحقق الخطر المؤمن منه بفعل أجنبي بخطأ الغير دون تدخل ارادة المؤمن له، كما في حالة حدوث حريق في مصنع نتيجة اهمال بفعل أجنبي فعلى المؤمن له ان يرجع على مسبب الضرر او شركة التأمين للمطالبة بالتعويض.  واستنادا” لمبدأ التعويض في التأمين من الاضرار لا يجوز الجمع بين مبلغ التأمين ومبلغ التعويض والا يعد ذلك احتيالا لأنه سيتقاضى التعويض مرتين عن قيمة الضرر.  فأما الرجوع على شركة التأمين او على الغير المسؤول، فالرجوع على شركة التأمين بمبلغ التأمين يعني ان تحل شركة التأمين محل المؤمن له في حقوقه ودعواه ضد الغير المسؤول في حدود ما سددت من تعويض.

  1. الاحتيال الناشئ عن المبالغة في تقدير قيمة الشيء المؤمن عليه:

يستند التزام شركة التأمين بالتعويض على اساس المبلغ المتفق عليه بالوثيقة، ويتحدد بقيمة الضرر الذي لحق بالمؤمن دون اغفال قيمة الشيء المؤمن عليه.  وتعد قيمة الشيء المؤمن عليه الحد الاقصى لالتزام الشركة، فلا يمكن ان يتجاوز هذه القيمة، اي ان لا يتعداها مبلغ التعويض.  وقد يبالغ المؤمن له في تقدير قيمة الشيء المؤمن عليه وبسوء نية لقصد الحصول على تعويض أكثر من قيمة الضرر الحاصل، وهنا يكون مغالاة بالتأمين، فاذا اثبت لشركة التأمين سوء نية المؤمن له فلها الحق في ابطال وثيقة التأمين ليس بسب المغالاة في تقدير قيمة الشيء المؤمن عليه وانما بسبب سوء نية المؤمن له.

ثانياً ــ اساليب الاحتيال في التأمين على الاشخاص:

يعرف الخطر بانه حادثة محتملة الوقوع لا يتوقف تحققها على محض ارادة أحد المتعاقدين وخصوصاً ارادة المؤمن له([8]).  فالخطر الذي ينهض بإرادة المؤمن له او المستفيد فيحرم من استحقاق مبلغ التأمين، يمكن ان يكون احتيالاً في التأمين على الاشخاص، ومن صوره:

  1. الاحتيال الناشئ عن انتحار المؤمن له على حياته:

ان في الغالب يكون المؤمن له على حياته هو طالب التأمين في الوقت ذاته الذي يكون قد امن لمصلحته او لمصلحة زوجته واولاده او أحد اقاربه، فاذا أقدمَ على الانتحار التي تكون حياته محل التأمين بمعنى ان الخطر محقق الوقوع بفعل ارادة المؤمن له وبفعله العمدي وبمحض ارادته ومتمتعاً بقواه العقلية واختياره.  كما ان الاقدام على الانتحار يعد امراً غير مشروع ويفقد الخطر المؤمن عليه صفة الشرعية([9]).  وهنا يقع عبء الاثبات على عاتق شركة التأمين بأن الوفاة ناشئة عن فعل الانتحار، وبالتالي يسقط حق المستفيد، الا إذا اثبت المستفيد ان وفاة المؤمن على حياته كانت بسبب فقدان الوعي او سبب الانتحار مرضا عقليا وخارج عن ارادته.

  1. الاحتيال الناشئ عن اعتداء المستفيد على حياة المؤمن له:

قد يكون طالب التأمين هو المستفيد ذاته وان المؤمن على حياته شخصا اخر، كما في التأمين على الحياة لحالة الوفاة.  فلو امن زوج على حياة زوجته لمصلحته وهو المستفيد من التأمين، ثم قام بالاحتيال من اجل قتلها او التحريض على قتلها، فيكون حقة قد سقط في المطالبة بالتأمين ([10]).

وخلاصة مما تقدم ولمواجهة حالات الغش ووسائل الاحتيال من الضروري اجراء التعديلات على التشريعات وتطويرها بما يساعد على تقليل تلك الظاهرة المتزايدة من خلال تضمين قانون تنظيم اعمال التأمين رقم 10 لسنة 2005 احكاما خاصة تعالج حالات الاحتيال في نطاق التأمين وتؤثر على نشاط التأمين.

وعليه لابد من قيام شركات التأمين بإنشاء قاعدة بيانات حول الاحتيال خصوصا في مجال التأمين الصحي، وان يتولى ديوان التأمين بوضع ضوابط لجميع الشركات العاملة في العراق بعد دخول العديد من الشركات الأجنبية وتطبيق سياسة الاقتصاد الحر ومن اجل استقرار أوضاع قطاع التأمين ينبغي التدخل التشريعي والمنافسة المشروعة ومنع الاحتكار.

2 تشرين الأول 2019

المصادر:

  • القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 المعدل
  • الغش في التأمين وتأثيره على الصناعة، مقال منشور عن اتحاد مصر للتامين عبر شبكة الانترنيت على الموقع التالي:

www.ifegypt.org/NewsDetails.aspx?Page_ID=1244&PageDetailID=1267

  • د. محمد حسام محمود لطفي، الاحكام العامة لعقد التأمين، دراسة مقارنة بين القانونين المصري والفرنسي، دار الثقافة للطباعة والنشر، القاهرة , 1988
  • د. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد / عقود الغرر وعقد التأمين، المجلد الثاني، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، ط 3 , 1993
  • رؤوف عبيد، جرائم الاعتداء على الاشخاص والاموال، دار الفكر العربي، القاهرة، مصر
  • د. عبد الجبار ناجي الملا صالح، مبدأ حسن النية في تنفيذ العقود، دراسة مقارنة، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون والسياسة في جامعة بغداد، ط1، مطبعة اليرموك , 1974
  • د. حسام الدين كامل الأهواني، الاحكام العامة لعقد التأمين، دار الثقافة للطباعة والنشر، القاهرة، مصر، 1988
  • عبد الحميد المنشاوي، جرائم النصب والاحتيال في ضوء القضاء والفقه، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية
  • انظر فوزية عبد الستار، شرح قانون العقوبات / القسم الخاص، دار النهضة العربية، مصر، القاهرة، ط 2، 2002
  • د. رؤوف عبيد، جرائم الاعتداء على الاشخاص والاموال، دار الفكر العربي، القاهرة، مصر

* المستشار القانوني المساعد

شركة التأمين الوطنية/فرع نينوى

[1]) الغش في التأمين وتأثيره على الصناعة.  مقال منشور، عن الاتحاد المصري للتامين عبر شبكة الانترنيت على الموقع التالي:

www.ifegypt.org/NewsDetails.aspx?Page_ID=1244&PageDetailID=1267

[2]) للمزيد، انظر فوزية عبد الستار، شرح قانون العقوبات / القسم الخاص، دار النهضة العربية، مصر، القاهرة، ط 2، 2002

[3]) عبد الحميد المنشاوي، جرائم النصب والاحتيال في ضوء القضاء والفقه، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، مصر، 1993، ص 7

[4]) للمزيد، انظر رؤوف عبيد، جرائم الاعتداء على الاشخاص والاموال، دار الفكر العربي، القاهرة، مصر، ط8، ص 443 الى ص446

[5]) انظر د. حسام الدين كامل الاهواني، الاحكام العامة لعقد التأمين، دار الثقافة للطباعة والنشر، القاهرة، مصر، 1988 ص 105

[6]) للمزيد، انظر د. عبد الجبار ناجي الملا صالح، مبدأ حسن النية في تنفيذ العقود: دراسة مقارنة، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون والسياسة في جامعة بغداد، ط1، مطبعة اليرموك، 1974

[7]) للمزيد، عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد/عقود الغرر وعقد التأمين، المجلد الثاني، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان، ط 3، 1993، ص 1612 وما يليها.

[8]) د. محمد حسام محمود لطفي، الاحكام العامة لعقد التأمين، دراسة مقارنة بين القانونين المصري والفرنسي، دار الثقافة للطباعة والنشر، القاهرة، 1988 ص 184.

[9]) نصت المادة 993 من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 على ان: (1 ـ تبرأ ذمة المؤمن من التزامه إذا انتحر الشخص المؤمن على حياته.  ومع ذلك يلتزم المؤمن بأن يدفع لمن يؤول لهم الحق مبلغاً يساوي قيمة احتياطي التأمين) ويعود سبب هذا الاستثناء الى ان الانتحار يعد عملا ارادياً منفرداً.

[10] ) انظر المادة 994 من القانون اعلاه على ان: (اذا كان المستفيد من التأمين على الحياة غير الشخص المؤمن على حياته، فان المؤمن يبرأ من التزامه اذا تسبب المستفيد من التأمين عمداً في موت المؤمن على حياته او وقع الموت بناءاً على تحريض منه …)

Post a comment or leave a trackback: Trackback URL.

أضف تعليق