Monthly Archives: جوان 2013

Swiss Re 150

 

الذكرى 150 للشركة السويسرية لإعادة التأمين

 

 

جاك ﮔروكوت

 ترجمة مصباح كمال

 نشرت مجلة Global Reinsurance في موقعها الإلكتروني مقالة في ثلاث حلقات بمناسبة الذكرى السنوية 150 للشركة السويسرية لإعادة التأمين (فيما يلي سنشير إليها اختصاراً باسم سويس ري، وهو الاسم المتداول بين العاملين في حقل التأمين في العراق والعالم العربي والعالم.  وقد آثرنا ترجمة المقالة لفائدتها التاريخية ونظراً للعلاقة التاريخية القوية التي كانت تربط سوق التأمين العراقي في الماضي مع سويس ري.

تصرفنا قليلاً في ترجمة النص لإبراز المعنى المراد في بعض الفقرات.

  

الحلقة الأولى

سويس ري 150: تطور الأخطار العالمية

 

Swiss Re 150: The evolution of global risk

21 May 2013 |By Jack Grocott

http://www.globalreinsurance.com/story.aspx؟source=grbreakingnews&storycode=1402635

تروي الحلقة الأولى، المنشورة بتاريخ 21 أيار/مايو، 2013 كيف بدأت الشركة، وكيف أنها ساعدت في تشكيل العصر الحديث لإعادة التأمين.

 

أدى التصنيع السريع والتحضر في القرن التاسع عشر إلى تركيز في الأخطار، صار يتطلب من شركات التأمين تنويع سبل مجابهة وتمويل مثل هذه الأخطار.  وضمن هذه الخلفية بدأ يظهر دور واضح لمعيدي التأمين المستقلين، قادرين على تحمُّل وتوزيع أعباء الأخطار التي تكتتب بها شركات التأمين، وتطوير الخبرات، وتوفير رأس المال وبالتالي المساهمة في توليد قيمة اقتصادية ما زالت مستمرة ليومنا هذا.

 

تأسست أول شركة متخصصة في إعادة التأمين في العالم، وهي شركة كولون ري Cologne Re، في أعقاب حريق هامبورغ عام 1842.  وكانت سويس ري شركة إعادة التأمين المتخصصة هي الثانية على مستوى العالم.  وترجع بدايات سويس ري إلى الحريق المدمر لمدينة غلاروس Glarus السويسرية المزدهرة في شهر أيار/مايو عام 1861.  هذا الحريق، الذي نشأت عنه مطالبات بالتعويض من بعض شركات التأمين المحلية فاقت أقيامها خمس مرات على احتياطها، سلَّط الضوء على ما تشكله الكوارث الكبرى من تهديد لصناعة التأمين السويسرية، وبرهنت على الحاجة إلى حماية إعادة التأمين لتوفير الحماية للأحداث ذات التردد المنخفض، ولكن حدة خطورة نتائجها غير معروفة.  وجاء الضغط الآخر نحو اللجوء لإعادة التأمين مع ضرورة وقف تدفق رؤوس الأموال من سويسرا حيث كانت الحاجة إلى رأس المال قوية لتمويل الصناعات الكبيرة ومشاريع البنية التحتية مثل شبكة السكك الحديدية.

 

استجابت صناعة التأمين في البلاد لهذه التطورات بسرعة، واقترح مورتز غروسمان Moritz Grossmann رئيس قسم الحريق والنقل في شركة هيلفتيا Helvetia السويسرية للتأمين تأسيس أول شركة متخصصة في إعادة التأمين.

 

فتحت الشركة السويسرية لإعادة التأمين أبوابها للعمل في زوريخ يوم 19 كانون الأول/ديسمبر 1863 برأسمال قدره 6 مليون فرنك سويسري (ما يعادل 6 مليون دولار أمريكي) ساهم فيه مجموعة متنوعة من المستثمرين، من بينهم اثنان من البنوك السويسرية.

 

أساسيات نجاح

أنشأ القادة الأوائل لسويس ري في وقت مبكر المبادئ المتينة لإعادة التأمين التي اتبعت من قبل أجيال متعاقبة من مدراء سويس ري منذ ذلك الحين.  ومنذ البداية، كانت سويس ري شركة إعادة تأمين عالمية، امتدت الأخطار التي تكتتب بها جغرافيا، وبنت علاقات قوية مع العملاء، وطورت وسائل الوصول إلى قاعدة رأسمالية متنوعة.

 

كانت السنوات الأولى صعبة لسويس ري – إذ كان مفهوم إعادة التأمين جديداً وكان يفتقر إلى الأدوات المتطورة لإدارة الأخطار التي صارت معروفة في الآونة الأخيرة.  وكان سوق تأمين الأعمال المباشر primary insurance market بعيداً كل البعد عن الشفافية.  ونتيجة لذلك، فإن العلاقات مع العملاء ترسخت في مفاهيم الثقة trust و”منتهى حسن النية” “upmost good faith” بدلا من المعرفة والحقائق.

 

في هذه السنوات الأولى الصعبة من عمر الشركة، لجأ غروسمان إلى جوزيبي بيسّو Giuseppe Besso ، أحد أفراد عائلة بيسو الشهيرة المرتبطة مع شركة التأمين الايطالية جنرالي Asscuriazoni Generali.  وساهم بيسو بتسريع التنويع الدولي لسويس ري، واستمر في بناء الشركة كشركة إعادة تأمين قوية ماليا ومستقلة.

 

التنوع منذ البداية

منذ البداية، كانت سويس ري صاحبة نظرة دولية؛ فقط اثنين فقط من عقودها الـ 18 المبكرة كانت مع شركات تأمين سويسرية.  وبحلول مطلع القرن العشرين، كانت سويس ري تعيد تأمين الأخطار في أوروبا والولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية وروسيا وآسيا.  وكانت قد بدأت أيضا إنشاء شبكة عالمية، وفتح مكاتب في الخارج وتبحث عن الاكتتاب مباشرة في الأسواق الدولية الرئيسية.

 

بدأت الشركة أيضا توزيع الأخطار عبر عدد متزايد من أنواع أعمال التأمين إذ كتبت أول عقد للحوادث والتأمين الصحي في عام 1881، وإعادة التأمين البحري في عام 1864، وأول وثائق إعادة التأمين على الحياة في عام 1865، وإعادة تأمين السيارات في عام 1901.

 

خلال هذه الفترة تطور شكل عقود إعادة التأمين أيضا.  ففي عام 1890، قامت سويس ري بالاكتتاب بأول عقد لإعادة التأمين على أساس فائض الخسارة excess of loss contract، وهو نوع من إعادة التأمين تدفع بموجبه المطالبات التي تزيد على مستوى متفق عليه من الخسائر، بدلا من دفع نسبة من جميع خسائر شركة التأمين المباشر [الشركة المسندة].

 

وهذا التغيير في النهج مكّن معيدي التأمين التركيز على المخاطر الكارثية الأقل تواتراً.  وبهذا المعنى بدأ العصر الحديث لإعادة التأمين.

 

الحلقة الثانية من هذه المقالة ستنشر في الأسبوع المقبل، وستركز على عمل سويس ري في القرن 20 ودورها في أحداث مثل حادث غرق السفينة تايتانيك Titanic، وانهيار سوق الأسهم عام 1929، وكيف ساعدت الشركة في إعادة بناء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.

 

 

الحلقة الثانية

سويس ري 150: صيحة الاستيقاظ تجاه الكوارث

 

Swiss Re 150: The catastrophic wake-up call

28 May 2013 |By Jack Grocott

http://www.globalreinsurance.com/story.aspx?source=grbreakingnews&storycode=1402713

في الحلقة الثانية، المنشورة بتاريخ 28 أيار/مايو 2013، من المقالة تروي سويس ري كيف أن سلسلة من الكوارث في القرن العشرين سلطت الضوء على أهمية سعي شركات التأمين للحصول على حماية من أطراف مقابلة [شركات إعادة التأمين] ذات رؤوس أموال كبيرة well-capitalised counterparties.

 

تميزت العقود الأولى من القرن العشرين بتوسع التعرض للأخطار على مستوى العالم international exposures وكذلك نمو الأخطار الفردية الكبيرة single large risks – وقد بانَ ذلك في تفشي وباء الانفلونزا الاسبانية في عام 1918، الذي أدى إلى تحمُّل سويس ري لخسارة بمقدار مليون فرنك سويسري (مليون دولار أمريكي)، وغرق الباخرة تيتانيك في عام 1912، وكانت أيضاً مضمونة من خلال سويس ري.

 

ومع ذلك، كانت كارثة زلزال سان فرانسيسكو عام 1906 دعوة لاستيقاظ صناعة التأمين وإعادة التأمين.  لقد كان الزلزال والحريق الذي اعقبه الذي اجتاح سان فرانسيسكو حدثاً أدى إلى تغيير سوق التأمين.  فقد دفع اتساع الضرر شركات التأمين لإعادة النظر في حجم الخسائر المحتملة، فضلا عن أهمية السعي للحصول على حماية [إعادية] مقابلة من أطراف ذات رؤوس أموال كبيرة.

 

في غضون ثلاث سنوات من وقوع الزلزال، تم إعادة بناء سان فرانسيسكو إلى حد كبير بفضل التعويضات التي دفعتها صناعة التأمين وإعادة التأمين.  وقد دُفعت الغالبية العظمى من المطالبات من قبل الشركات الأجنبية، مما يدل على مدى العولمة التي وصلتها هذه الصناعة.

 

وبالنسبة لسويس ري، أدى الزلزال إلى أكبر خسارة واحدة، كنسبة مئوية من صافي الأقساط، في تاريخ الشركة، ولكنه عزز سمعة سويس ري باعتبارها طرفاً مقابلاً آمناً مالياً وموثوقا بها في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة حيث التزمت سويس ري كمعيد للتأمين بعقودها مع الشركات المسندة cedants.

 

الوصول إلى الأسواق العالمية

قبل أي شيء آخر، سلَّط الزلزال الضوء على الحاجة إلى التنويع الجغرافي وتنويع المنتجات، وهو ما دفع سويس ري للاستحواذ على عدد من الشركات.

 

وأصبحت عمليات الاستحواذ ميزة وفي وقت مبكر من تاريخ سويس ري، وما زالت مستمرة في العصر الحديث.  فبالإضافة إلى مساهمة الاستحواذ في توزيع المخاطر على الصعيد الدولي، فإن الاستحواذ وفرَّ فرصة الوصول إلى الأعمال الجديدة، وبخاصة حينما تُصّعب العلاقات القوية بين شركات التأمين المحلية وشركات إعادة التأمين نمو هذه الأعمال.

 

وشهدت عمليات الاستحواذ في وقت مبكر كسب سويس ري موطئ قدم لها في أسواق المملكة المتحدة وألمانيا المهمة من خلال حصص في شركة ميركنتايل أند جنرال Mercantile and General Insurance Company في عام 1915 وشركة بافاريا لإعادة التأمين Bayerische Rückversicherung في ميونيخ عام 1924.

 

الأزمة المالية

بيّن انهيار سوق الأسهم في الولايات المتحدة عام 1929 والكساد العظيم Great Depression اللاحق لشركات التأمين وإعادة التأمين للمرة الأولى بأنها عُرْضَه لمخاطر كبيرة في جانب الأصول من الميزانية العمومية.

 

أدى الانهيار إلى هبوط في قيمة الأصول لدى سويس ري بلغت 26 مليون فرنك سويسري تقريبا، على الرغم من أن تراكم الاحتياطيات الخفية هي التي انقذت الشركة – فقد تم سحب ما يقرب من 30 مليون فرنك من هذه الاحتياطيات في عام 1931 لتغطية خسائر قياسية.  ومع ذلك، فإن سويس ري تعلمت الكثير من الدروس القيّمة، وأشَّرَتْ الأزمة على ولادة إدارة الأصول والخصوم في سويس ري، وهي من أدوات إدارة المخاطر الهامة التي لا تزال تستخدم اليوم من قبل شركات التأمين.

 

إعادة رسم الخريطة

في حين تم طرد شركات إعادة التأمين الألمانية والروسية من المشاركة في الأعمال التجارية الدولية خلال الحربين العالميتين، فإن سويس ري استطاعت أن تحقق لنفسها موقعاً رائداً في سوق الولايات المتحدة.  ومع ذلك، فإن العالم المختلف جذريا والذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية قيدَّ من قدرة معيدي التأمين على توزيع المخاطر.  فقد أصبحت بعض أسواق التأمين الآن مغلقة – مع تلك الأسواق الموجودة في أوروبا الوسطى والشرقية بعد أن انزوت وراء الستار الحديدي – في حين أن أسواقاً أخرى، مثل البرازيل والهند، أصبحت مملوكة للدولة.  وفي الوقت نفسه، كانت أسواق أخرى تتمتع بطفرة في الانفاق الاستهلاكي، كأسواق الولايات المتحدة وأوروبا، أدت إلى تركيز أكبر للأخطار.

 

 

 

ازدهار ما بعد الحرب

أدت طفرة التكنولوجيا والتركيز المتزايد للأخطار في الأسواق المتقدمة بعد الحرب العالمية الثانية إلى تزايد الطلب على إدارة المخاطر، فضلا عن خبرة أكبر لدى شركات التأمين المباشر والشركات التي تقوم بإعادة تأمينها.  في مقابل ذلك، بدأت سويس ري بتبادل ونقل خبراتها في التعامل مع الأخطار التأمينية من خلال التدريب والاتصالات، وقد أصبح هذا جزءا رئيسياً من ثقافة الأعمال والعلامة التجارية المُميزة لسويس ري منذ ذلك الوقت.

 

فقد افتتحت مركز التدريب التأميني السويسري [1](SITC) Swiss Insurance Training Centre في عام 1960 لتوفير التدريب التقني (الفني)، وبخاصة لشركات التأمين في الأسواق الناشئة.  كما بدأت وحدة سيجما Sigma في سويس ري في نشر أبحاثها الاقتصادية المتميزة في عام 1968.  وتواصل هذه الوحدة إنتاج بيانات وتحليلات هي الأكبر قيمة ضمن ما هو متاح في سوق التأمين.

 

الحلقة الثالثة ستنشر في موقع GR الأسبوع المقبل، وستركز على عمل سويس ري في العصر الحديث لإعادة التأمين، والاندماج والتوسع في السوق، والدور الذي قامت به صناعة التأمين في أعقاب هجمات 11 سبتمبر الارهابية.

 

 

الحلقة الثالثة

سويس ري 150: الإبحار في تخوم الأخطار الجديدة

 

Swiss Re 150: Navigating new risk frontiers

3 June 2013|By Jack Grocott

http://www.globalreinsurance.com/swiss-re-150-navigating-new-risk-frontiers/1402818.article

في الحلقة الختامية، المنشورة بتاريخ 3 حزيران 2013، تروي سويس ري عملها في العصر الحديث لإعادة التأمين، وكيف تعاملت الشركة مع هجمات 11/9 الإرهابية والأزمة المالية العالمية.

 

استجابة للنمو في مجال إدارة الأخطار والتوجه نحو قدر أكبر من الاحتفاظ الذاتي للأخطار self-retention في ثمانينيات القرن الماضي، بدأت سويس ري توسيع خدماتها من خلال توفير شركات لخدمات التأمين والاستحواذ على مثل هذه الشركات، فضلا عن زيادة مشاركتها في سوق التأمين المباشر.

ومع ذلك، اكتشفت سويس ري أنه، على الرغم من أن شركات التأمين وشركات إعادة التأمين كانت تعتمد على بعضها البعض، فإن هناك القليل فقط من القواسم المشتركة في الإدارة الفعلية بين شركة التأمين المباشر وشركة إعادة التأمين.  ولذلك، وفي العام 1994، أعاد فريق الإدارة الجديدة عمليات الشركة نحو التركيز مرة أخرى على إعادة التأمين، وإعادة استثمار العائدات من بيع شركات التأمين المباشر لتحقيق الهدف الاستراتيجي المتمثل في أن تصبح سويس ري شركة إعادة التأمين الكبرى في العالم.

 

لقد أدى تزايد التعرض للكوارث ومشاهد الأخطار العولمية والمعقدة إلى بداية ظهور الطلب على إدارات ذات خبرة تتمتع بتقييم جيد لإدارة رأس المال والأخطار.

 

سعت سويس ري لتوسيع حجم أعمالها من إعادة التأمين على الحياة، ومقرها في لندن، وتطوير عروض ضماناتها المالية المرتبطة بالتأمين insurance-linked securities كما أنها طورت أيضا وحدة التأمين المباشر، فضلا عن عولمة المزيد من عملياتها لإعادة التأمين على غير الحياة.

 

في سبعينيات القرن الماضي كانت سويس ري واحدة من أولى شركات إعادة التأمين لتدرك أهمية الأسواق الناشئة.  وبدأت في السنوات الأخيرة افتتاح مكاتب في الأسواق الرئيسية، والسعي لبناء علاقات قوية وخبرات من خلال الوجود المحلي.  وهكذا حصَّلت سويس ري على تراخيص لمزاولة العمل في كوريا في عام 2002، والصين في عام 2003 واليابان وتايوان في عام 2004.

 

خلال هذه الفترة، تشكَّلت الملامح الرئيسية لصورة سويس ري كشركة لإعادة تأمين في شكلها الحالي، إذ اعتمدت علامة تجارية واحدة تعمل من قاعدة رأسمال عالمية واحدة، توفر أعلى مستويات القوة المالية والخبرة والأدوات للعملاء، وبقيت شركة جذابة لمجموعة واسعة من مقدمي رؤوس الأموال.

 

على تخوم الأخطار الجديدة

بعد وقوع إعصار أندرو في عام 1992 وهو الذي تسبب في أكبر خسارة لصناعة التأمين في ذلك الوقت، شاركت سويس ري في تأسيس شركة پارتنر ري Partner Re وبدأت في تطوير الحلول المالية البديلة لتحويل الخطر.

 

قادت التطورات في مجال تصميم النماذج الاكتوارية actuarial modelling والاهتمام المتزايد بالتحوط من الأخطار hedging risk في ثمانينيات القرن الماضي، قادت سويس ري لاستكشاف التطورات في أسواق رأس المال وتقديم منتجات مالية جديدة للعملاء الحاليين والجدد.  وساعد نمو المنتجات المالية لسويس ري في إقامة علاقات دائمة بين معيدي التأمين وأسواق رأس المال التي لم تكن موجودة حقا قبل ذلك.  وهكذا بدأت حقبة جديدة، وبدأ فتح أسواق رأس المال كمصدر إضافي ومكمل لإعادة التأمين.  وجرى في نفس الوقت أيضا تطوير منتجات مبتكرة، بما في ذلك بعض الضمانات المالية الأُولى المرتبطة بالتأمين، والشراكة بين القطاعين العام والخاص وتلك التي تضم الُمشتقات derivatives والمحركات [العوامل] الپارامترية[2] parametric triggers

 

توحيد السوق والتوسع

مع استراتيجية ثابتة مرتكزة بقوة على عملياتها الأساسية في إعادة التأمين، قامت سويس ري بتعزيز موقعها عن طريق شراء المنافسين في عدد من الأسواق خلال تسعينيات القرن الماضي وبدايات الألفية الثالثة.  فقد أنجزت الشركة سلسلة من عمليات الاستحواذ في سوق إعادة التأمين على الحياة بين عامي 1995 و 2001، ومعظمها في الولايات المتحدة ولكن أيضا مع إعادة الاستحواذ على شركة ميركنتايل أند جنرال M & G [البريطانية].

 

شكلت مسلسل الاستحواذ الأساس الذي قامت عليه شركة سويس ري لتأمين الحياة والصحة Swiss Re Life & Health، وهي المختصة بأعمال إعادة التأمين على الحياة في العالم ومقرها في لندن، وتضم شركة AdminRe، المتخصصة في شراء وإدارة أعمال الشركات المتوقفة عن العمل run-off.  وكان أكبر عملية استحواذ لسويس ري صفقة بمبلغ 7.6 بليون دولار في عام 2006 لشراء شركة جي إي إنشورنس سوليوشِنز GE Insurance Solutions، خامس أكبر شركات إعادة التأمين في العالم في ذلك الوقت.  عززت هذه الصفقة مكانة سويس ري الرائدة في سوق إعادة التأمين في الولايات المتحدة، وكذلك في أسواق أخرى مثل المملكة المتحدة أو ألمانيا.

 

أزمنة التحدي

لقد كان العقد الأول من القرن 21 تحدياً بالنسبة لشركات التأمين وشركات إعادة التأمين العالمية، بما فيها سويس ري.  فقد أدى الهجوم الإرهابي على مركز التجارة العالمي World Trade Center (WTC) في عام 2001 إلى قتل ثلاثة آلاف من البشر ومليارات الدولارات من الأضرار للممتلكات، كما أنه غيّر تفكير شركات التأمين حول الحجم الممكن للخسائر والترابط أو تراكم الأخطار التي تبدو في الظاهر أن لا علاقة لها مع بعضها.

 

اكتتبت سويس ري في لندن نصف المبلغ الكلي للتغطية البالغة 3.5 بليون دولار لمركز التجارة العالمي، وساهمت المطالبات، للتعويض من آثار الهجوم، في خسارة صافية لسويس ري لأول مرة منذ 1868.  وقد استغرق النظر في دعوى صاحب مركز التجارة العالمي أن الهجوم يشكل حادثتين منفصلتين خمس سنوات قبل أن تحكم هيئة المحلفين في أحد محاكم نيويورك لصالح سويس ري وشركات التأمين الأخرى في أكبر قضية تأمينية في التاريخ، مؤكدة أن الهجوم كان حادثاَ واحد وليس اثنين، كما أدعى صاحب مركز التجارة العالمي.

 

أثار العقد الأول من القرن 21 مسألة إمكانية التأمين على بعض الأخطار الكبيرة.  إعصار كاترينا Hurricane Katrina، الذي أدى إلى أكبر الأضرار من أية كارثة طبيعية أخرى في التاريخ، كلَّفَت سويس ري 1.2 بليون دولار.  وعلى الرغم من أن هذا الإعصار أثبت قدرة صناعة التأمين على استيعاب النتائج المالية للخسائر المدمرة، ففي غضون ست سنوات كان حصيلة موسم الأعاصير في عام 2005 قد قوبل بسلسلة من الأحداث الكارثية الطبيعية في منطقة المحيط الهادئ، وابتداء الفيضانات في أستراليا، وسلسلة من الزلازل في نيوزيلندا أولاً وفيما بعد في اليابان، لتليها تسونامي في اليابان لتنتهي السنة بفيضانات أخرى في تايلاند.

 

كانت الأزمة المالية في عام 2008 صعبة على سويس ري أيضا.  فقد خسرت الشركة 864 مليون فرنك سويسري (903 مليون دولار) في عام 2008، وذلك أساسا نتيجة للخسائر في الاستثمارات و[ضعف] أداء اثنين من [عقود] مقايضة الإعسار الائتماني credit default swaps

 

بعد اجتثاث المخاطر من محفظة الأصول والتركيز على أعمالها الأساسية في إعادة التأمين، خرجت الشركة من الأزمة كمشاركة رائدة في سوق إعادة التأمين – ورفعت وكالة التصنيف ستاندرد أند بورز Standard & Poor’s تصنيفها لسويس ري إلى  AA-في تشرين الثاني/أكتوبر 2011، تقديراً لدور الشركة في التعامل مع الأزمة.

 

التحضير للمستقبل

في عام 2011، أخذت سويس ري بتنفيذ هيكل قانوني جديد لدعم الأولويات الاستراتيجية للشركة وصقل نموذج أعمالها من خلال إنشاء ثلاث وحدات أعمال منفصلة – وحدة لأعمال إعادة التأمين القائمة، جنبا إلى جنب مع اثنين من الكيانات الجديدة للحلول الخاصة بالشركات وشركة آدمن ري Corporate Solutions and Admin Re.

تواصل الشركة أيضا للاستثمار في المستقبل.  ففي عام 2003 افتتحت سويس بنايتها في لندن (St Mary Axe building) التي حازت على جائزة، والتي صارت تعرف بمودة باسم الخيارة Gherkin، في حين بدأ العمل في المبنى الجديد في مقر سويس ري في زيوريخ في عام 2012.

 

من خلال البقاء وفية لثوابت إعادة التأمين والتي دافع عنها قادة الشركة في وقت مبكر – أهمية التنويع وتأسيس علاقات طويلة الأمد مع العملاء – نجحت سويس ري في تخطي العديد من العواصف في تاريخها الممتد على 150 عاما، والاستمرار في كونها  شريكاً آمناً في الخطر مع عملائها.

 

ويبين تاريخ الشركة الدور المحوري لإعادة التأمين في إدارة الأخطار.  ومع بقاء سويس ري في الصدارة، فإنها لا تزال في وضع جيد لتواصل القيام بذلك.

 

 

 

لندن 11 حزيران 2013


[1] تمَّ تغيير الاسم إلى Swiss Re Academy (مصباح كمال)

[2]  مصطلح رياضي وإحصائي.  في الاستعمال العام تشير الكلمة إلى العامل الذي يحدد مجموعة من المتغيرات وخصوصا متغير أساس يحدد ما يمكن أن ينجم عن عملية أو سياسة/خطة.  ويرد تعريف الـ parameter الپاراميتر في أحد المعاجم بأنه “مَعْلَمْ: مقدارٌ متغير القيمة (تتعين بإحدى قيمه نقطةٌ أو منحنى أو دالّه).”  أحمد شفيق الخطيب، معجم المصطلحات العلمية والفنية والهندسية، إنكليزي-عربي (بيروت: مكتبة لبنان، ط 5، 1981، ط 1، 1971)

 

Arbitration in Law and Insurance

التحكيم في القانون والتأمين

 

منذر عباس الأسود

  

نشر السيد وليد جاسم القيسي مقالة في مرصد التأمين العراقي[1] بعنوان (التحكيم في التامين واعادة التأمين)، عرض فيها العديد من جوانب التحكيم بصورة عامة وما له علاقة بالتحكيم في عقود التأمين وإعادة التأمين.  ونود هنا تقديم بعض الاضافات والتوضيحات المختصرة على مقالته، كتبناها على وجه السرعة، لفائدة القراء وإغناء الموضوع.  ونأمل أن يساهم الآخرون بالتعليق وبالكتابة التفصيلية عن الموضوع وعرض بعض الحالات العملية للتحكيم في منازعات التأمين وإعادة التأمين في العراق.

 

تعريفات

التحكيم: هو ان يُحَكِّمَ متخاصمون شخصا او اخر للحُكم فيما بينهم من نزاع، بمعنى ان يَمنَحَ المتخاصمون المُحكِّم او المُحكِّمين ولايةً للحُكم او القضاء في ما هم متنازعون عليه.

 

التحكيم في فقه القانون بمثابة تنازل كامل من حق المواطن في اللجوء الى المحاكم او اختيار برضاء تام وارادة حرة .

 

التحكيم لغةً: مصدر حَكَّمَ يَحْكِّمُ – بتشديد الكاف – اي جعله حَكَماً.  والحُكْم – بضم الحاء وتسكين الكاف – هو القضاء.  والحَكَم – بفتح الحاء والكاف – من اسماء الله الحسنى.  جاء في القراّن: ( أفغير الله ابتغي حكما ).  ويطلقُ الاسم، المُحكِّم، على من يختار للفصل بين المتنازعين.

 

التحكيم: هو مَسارٌ خاص استثناءً عن المسار العام لحل المنازعات ( القضاء ).

 

ومن المعروف ان التحكيم يطلقُ عليه بعض الفقهاء القانونيين بـ ( القضاء الخاص ) حيث أن مفهوم التحكيم هو ضربٌ من القضاء الخاص يقوم على مبدأ سلطان الارادة.

 

والتحكيم قديم في نشوئه.  ولعل اقدم صورة له في الأسطورة الدينية كانت حين قام نزاع بين قابيل وهابيل حول الزواج من الاخت التوأم، وكان الحل المقبول منهما هو الاحتكام الى السماء.

 

وازدهر التحكيم قبل الاسلام عند العرب، وبرز بينهم عدد من المحكمين.  وبالرجوع الى معركة صفين (37 هـ/657 م) التي حكم فيها عمر بن العاص وابو موسى الاشعري بين الامام علي ومعاوية بن ابي سفيان، والتي لا يزال كثير من المسلمين يخشون عند اللجوء الى التحكيم ان يصلوا الى ما وصلت اليه نتائج التحكيم في تلك الواقعة.  وقد ازدادت أهمية التحكيم حتى اصبح على شكل منظمات وهيئات دولية لها مراكز.

 

ان ضرورة التحكيم لا يكاد يختلف حولها فهو بجانب انه مجال لالتماس الحقوق واستصدار حكم بشأنها فإنه يدور، وجوداً وعدماً، مع المقاضاة فلقد قيل انه حيثما لا يكون التحكيم ممكنا فان المقاضاة امام المحاكم لا تكون كذلك ممكنة.

 

التحكيم والصلح والقضاء

التحكيم لا يعني الصلح لان الصلح، كعقد او اتفاق، هو تراضي شخصين.  كما انه إذا تصالح اثنان على شيء جاز لهما فسخ ذلك الصلح برضاهما.  والصلح في اللغة: هو قطع المنازعة، وفي الشرع: عقد ينهي الخصومة بين المتخاصمين.  ويختلف التحكيم عن الصلح حيث ان الصلح يتم بين الخصوم انفسهم او من ينوب عنهم.  اما التحكيم فان المحكم يقوم فيه بمهمة القاضي ويصدر قراره سواء رضي به الطرفان ام لم يرضوا.

 

اما الفرق بين التحكيم والقضاء فهو ان ولاية القاضي عامة إذ ينظر في جميع القضايا التي تُعرَضُ عليه بينما ولاية المحكم مقصورة على قضية المتخاصمين الذين رضوا بان يُحكِّمَ في تلك القضية المعروضة حصراً ولا تتعدى سلطاته الى قضية اخرى.  ولذلك فإن قرارات المحكمين تحتاج الى قوة نفاذ كالتي تتمتع بها احكام المحاكم.

 

ميزات التحكيم

1- انه يتيح لأطراف التحكيم حق اختيار مكان التحكيم، ولهذا نجد ان شرط التحكيم الدولي لا يخلو من تحديد مكان التحكيم.  ويكون الاختيار برضا تام من الفرقاء المتنازعين بحيث يشعر كل منهم بكامل الاطمئنان لانهم اختاروا بإرادتهم من يحكم بينهم.

2- السرعة في فض المنازعات لان المحكمين عادة ما يكونون متفرغين للفصل في خصومة واحدة وعموما لا تتعدى اكثر من 6 اشهر.

3- الاقتصاد في المصروفات لان نفقات التحكيم اقلّ بكثير من نفقات رسوم المحاكم واتعاب المحاماة واجراءات التنفيذ.

4- السريّة: تناول الخلاف بشكل يكفل السرية مما يحفظ الطرفان من نتائج اعلان الخلاف حيث لا يُشترط العلانية في الجلسات.  ولا ننسى ان المحمكين يقسمون اليمين في كل قضية يتولون التحكيم فيها للمحافظة على الحياد والسرية.

5- يمتاز ببساطة إجراءاته، والحرية المتاحة لهيئة التحكيم بحسم الخلاف غير مقيدة الا بما ينفع حسم الموضوع.

6- صدور الحكم عن خبراء بمجالات معينة، وبعض الخلافات تتطلب خبراء بمجالات معينة للفصل بها.  وهذه احدى ميزات المرونة التي يتصف بها التحكيم.

7- تلافي الحقد بين المتخاصمين.  اغلب الاحيان يأتي القرار اقرب ما يكون للتراضي لأنه تم من محكمين حائزين على ثقة الجميع.

8- تخفيف اعباء القضاء من حيث عدم العودة اليه في كل النزاعات التي قد تنشأ.

9- عدم التقيد بتطبيق قانون معين او اجراءات معينة.

 

مآخذ على التحكيم

1- قد تصدر احكام مخالفة للقانون.

2- قد تستخدم لإطالة فترة النزاع من قبل احد الاطراف اذا لم تكن فيه نية حقيقية في فض النزاع.

 

الاجراءات والجلسات

يُتَّبُع في التحكيم، في الغالب تقريباً، نفس ما هو المتبع في المحاكم من حيث المُهل وحجز القضية للتدقيق.  ويُشترطُ في ضبط جلسات التحكيم ان تكون مكتوبة ومؤرخة وموقعة بشكل يشبه الى حد كبير ضبط الجلسات لدى المحاكم.

 

العلاقة بين المحاكم واطراف النزاع

هي عبارة عن عقد، وهو ايجابٌ من قبل اطراف التحكيم وقبولٌ من قبل المحكم، وهذا ما يطلق عليه اتفاق التحكيم.  ويعتبر حكم المحكمين له من القوة والالزام ما للأحكام التي تصدر عن المحاكم.  ويتطلبُ حكم المحكمين في القضايا المدنية إكساء حكم المحكمين الصيغة التنفيذية من قبل المحكمة المختصة لإمكان تنفيذه جبراً.

 

انواع التحكيم

1- تحكيم حر.

وهو ان يختار الاطراف محكم او محكمين مباشرة دون اناطة امر تنظيم التحكيم بهيئة معينة، ويتم التحكيم من قبل هؤلاء المحكمين.

2- تحكيم مؤسسي.

وهو اخضاع المتخاصمين في النزاع الى مركز من مراكز التحكيم.

 

ويُقسَّمُ التحكيم من حيث إلزاميته الى تحكيم اختياري، وهو التحكيم الذي يلجأ اليه الأفراد بإرادتهم.

 

اركان التحكيم

يستوجب التحكيم امور مهمة ثلاثة وهي:

1- ايجاب من المتخاصمين في تولية الخلاف بينهم الى محكمين يحكمون بينهم.

2- قبول من المحكمين بذلك.

3- المحل المقصود فيه التحكيم.

 

خصوصية شرط التحكيم في عقود التأمين

أوجبَ المُشرّع العراقي في القانون المدني رقم 40 لسنة 1951 وتعديلاته ان يكون اتفاق التحكيم مكتوباً وإلا كان باطلاً.  ونصَّت احكام الفقرة 4 من المادة 958 على الآتي: (يقعُ باطلاً كل ما يردُ في وثيقة التأمين من الشروط الاتية: “شرطُ التحكيمِ اذا وَرَدَ في الوثيقة بين شروطها العامة المطبوعة، لا في صورة اتفاق خاص منفصل عن الشروط العامة”.

 

وهذا يعني ان الاتفاق على التحكيم في عقود التأمين يجب ان يكون بوثيقة مستقلة تتضمن اتفاق الطرفين على التحكيم.  ومن المُسلّم به ان اشتراط المُشرّع لهذا الشكل الخاص في الاتفاق على التحكيم المتعلق بعقد التامين قد قَصَدَ به توفير حماية خاصة لاحد طرفي هذا العقد، وهو المؤمن له – في مواجهة الطرف الآخر – وهو المُؤَمِن – باعتبار ان عقد التأمين من عقود الاذعان التي يقتصر قبول المؤمن له فيها على التسليم بشروط موحدة يضعها المؤمن ولا يقبل مناقشة فيها.  ولا شك ان التعرف على عِلَّة التشدد في اشتراط الشكلية في اتفاق التحكيم المتعلق بعقد التأمين سببها ان المشرع قد وضع تنظيما عاما محددا لعقود الاذعان.  وقد اقتصر في هذا التنظيم على عنصرين هما: تفسيرُ الشكِ بما لا يضرُّ بمصلحة الطرف المُذعن، والسماح للقاضي بإبطال الشروط التعسفية او بإعفاء الطرف المذعن فيها.

 

من خلال ذلك يتضح ان قاعدة تفسير الشك بما لا يضر بالطرف المذعن تؤدي الى القطع بعدم حصول الاتفاق على التحكيم كلما ثار الشك حول الطرف المذعن بتضمن الشروط العامة لعقد الاذعان شرط التحكيم.  وانطلاقا من تلك الاسباب فقد نص المشرع العراقي في المادة 985 من القانون المدني على بطلان شرط التحكيم اذا ورد بين الشروط العامة المطبوعة لوثيقة التأمين.

 

كما افرد قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969 فصلا كاملا عن التحكيم واكد بالمادة (252) انه لا يثبت الاتفاق على التحكيم الا بالكتابة، كما يجوز الاتفاق عليه اثناء المرافعة، فاذا ثبت للمحكمة وجود اتفاق على التحكيم او اذ اقرت اتفاق الطرفين عليه اثناء المرافعة، فتقرر اعتبار الدعوى متأخرة الى ان يصدر قرار التحكيم.

 

واجاز القانون في المادة (273) انه للمحكمة ومن تلقاء نفسها ان تبطل قرار المحكمين في الاحوال التالية:

1- اذا كان قد صدر بغير بيّنة تحريرية، او بناء على اتفاق باطل، او اذا كان القرار قد خرج عن حدود الاتفاق.

2- اذا خالف القرار قاعدة من قواعد النظام العام، او الآداب، او قاعدة من قواعد التحكيم المبينة في هذا القانون.

3-  اذا تحقق سبب من الاسباب التي يجوز من اجلها اعادة المحاكمة.

4-  اذا وقع خطأ جوهري في القرار او في الاجراءات التي تؤثر في صحة القرار.

كما ان المادة (274) اجازت للمحكمة ان تُصَدقَّ قرار التحكيم او تبطله كلا او بعضا، وعند ذلك ان تعيد القضية الى المحكمين لإصلاح ما شاب قرار التحكيم من عيب، او تُفصّلُ في النزاع بنفسها اذا كانت القضية صالحة للفصل فيها.

 

هذا وان قانون التأمين رقم 10 لسنة 2005 اشار في الفصل الثاني من الباب السادس وبمادته رقم 79 بوضع قواعد تنظيمية تطبق كحل بديل لمنازعات حملة وثائق التأمين والمنازعات التأمينية الاخرى بضمنها التوسط والتحكيم بما لا تتعارض مع احكام القانون.  وتنص على الآتي: “اولا: يضع رئيس الديوان قواعد تنظيمية تطبق كحل بديل لمنازعات حملة وثائق التامين والمنازعات التأمينية الاخرى، بضمنها التوسط والتحكيم بما لا تتعارض مع احكام القانون”.

 

 

المصادر

  • المحامي فاضل حاضري، “خصوصية شرط التحكيم في عقود التامين”، دار العدالة والقانون العربية، منبر اهل الحق (إنترنت)، 4/12/2011
  • الدكتور المحامي علي خليل الحديثي، “التحكيم واهميته”، غرفة تجارة وصناعة عجمان، (انترنت).
  • المحامي عثمان محمد الشريف، “شرط التحكيم البحري في سياق التحكيم الدولي”، الموسوعة السودانية للأحكام والسوابق القضائية، (انترنت)، 2001
  • قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969
  • القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 وتعديلاته.
  • قانون تنظيم أعمال التأمين لسنة 2005 (المعروف أيضاً بالأمر رقم 10).

 

 

منذر عباس الأسود

بغداد 10-6-2013

Arbitration in Insurance & and Reinsurance

 

التحكيـــــم في التأميــــــن وإعـــــــادة التأميــــن

 

 

إعداد

وليد جاسم القيسي

المدير المفوض لشركة الاقتصاد للتامين العام الدولي

بغداد

 

 

مقدمــــــــــة

حرص رجال القانون وفقهاء الشريعة على إقامة العدل وفض النزاع، وشرعت قوانين وطرق عديدة لحسم الخلافات منها (الصلح – القضاء- التحكيم).  وردت في القران الكريم عدة آيات منها (واحكُم بينهم بما انزل الله).[1]  كما جاءت السنة النبوية عن الرسول (ص) (إذا حَكَمَ الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم فأخطأ فله اجر واحد).

 

التحكيم، موضوع موجز مقالتنا، معروف في كل الدول ومنها العراق فقد عالجه قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 وغالبية المتنازعين يفضلونه لسرعة الحسم دون اللجوء إلى إجراءات المحاكم الروتينية.

 

في العهد المعاصر كثر اللجوء إلى التحكيم بواسطة حَكَمْ أو لجنة أو محكمة تحكيم أو هيئة تحكيم.  وقد اخذ به مؤتمر لاهاي الأول عام 1899 وسنة 1907 (لفض النزاعات الدولية بدلاً من اللجوء إلى الحرب) وأخذت به عصبة الأمم المتحدة ووضعت ميثاق التحكيم في 26/9/1928.

 

وهناك مؤسسات دولية للتحكيم منها:

محكمة التحكيم الدولية – باريس

جمعية التحكيم الأمريكية

هيئة التحكيم – روسيا

محكمة التحكيم/لندن

المؤسسة الهولندية للتحكيم.

 

تعريـــــــــف التحكيـــــــــم

1- التحكيم في اللغة / الحَكَمْ، اسمٌ من أسماء الله.

2- التحكيم في المصطلح / تولية الخصمين حاكما يَحكمُ بينهما.

3- التحكيم في القانون / عرفته مجلة الإحكام العدلية في المادة 1790 (عبارة عن اتخاذ الخصمين حاكما برضاهما لفصل خصومتهما ودعواهما).

 

ويسمى الاتفاق على التحكيم في نزاع معين بعد نشوئه (مشارطه التحكيم)، اتفاقٌ على فض جميع النزاعات بينهما مسبقاً.  ويسمى الاتفاق مُقدماً على التحكيم وقبل النزاع (شرط التحكيم).

 

وقد ورد في اتفاقية لاهاي الأولى عـ1907ـام تعريف للتحكيم الدولي في المادة 37 منها هو(تسوية المنازعات فيما بين الدول بواسطة القضاة الذين تختارهم وعلى أساس احترام القانون الدولي).

 

أجاز قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنـ1969ـة التحكيم أثناء نظر النزاع بالمحكمة بطريق إثباته في محضر الجلسة.  فإذا أقرت المحكمة اتفاق الخصوم تعيين المُحكّمين تقرر المحكمة جعل الدعوى مستأخرة حتى يصدر قرار التحكيم.

 

في التحكيم، يستمد المحكم ولايته من إرادة الخصوم على خلاف ولايته القضاء التي تفرض عليهم ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون المذكور.

 

جاء قانون المرافعات رقم 83 لسنـ1969ـة  بستة وعشرين مادة قانونية تسرى إحكامها على التحكيم القضائي والتحكيم الفردي.

 

إن قرار التحكيم الاتفاقي للمحكم الفرد أو المحكمين ينفذ رضاء فحسب وهو يختلف عن القرار القضائي المكتسب الدرجة القطعية إذ ينفذ لدى دوائر التنفيذ استناداً لحكم المادة 272 فقرة (1) من قانون المرافعات.

 

عناصــــــر التحكيـــــــم

عناصر التحكيم هي كمـــا يلي:

1- الاتفاق أو الإرادة بين خصمين في حسم النزاع بطريق التحكيم لا القضاء.

2- طرفي التحكيم – الطرف الأول – خصمان أو أكثر.  الطرف الثاني – الحكم أو هيئة التحكيم – يتم تعيينهم بالاتفاق ويشترط فيهم العقل (أهلية الأداء) وان يكون المحكم مستقلاً للتحكيم وإذا كان أكثر من واحد يجب إن يكون العدد وترا (مادة 257 مرافعات مدنية).

 

أنواع التحكيم

إن التسوية القضائية تتخذ إحدى الصورتين:

1- قضاء عن طريق المحاكم / ولاية القضاء مفروضة على أطراف الدعوى- لا يحق لهم اختيار القاضي.

2- تحكيم بواسطة محكمين/ تحكيم قضائي/الاختيار من خلال المحكمة.

3- التحكيم الاتفاقي/تفضله شركات التامين لأنه يضع تسوية النزاع لدى المختصين في التامين ويوفر الحسم السريع.  وقد اخذ به القانون المدني العراقي في المادة 985/فقرة رابعة منه.

 

والتحكيم الاختياري الذي يعتمد على أرادة الخصوم تشمل:

1- تحكيم العمل/حسم المنازعات بين العمال وأصحاب العمل (قانون العمل) رقم 1 لسنـ1958ـة.

2- التحكيم التجاري الدولي/فض المنازعات التجارية الدولية بين أشخاص طبيعية أو معنوية تابعة لدول مختلفة.

3- التحكيم في المنازعات البحرية التي تنشأ عن النقل البحري.

4- التحكيم في القانون الدولي/يحصل غالبا بعد وقوع النزاع.

5- تحكيم إداري/فض النزاعات الإدارية.

 

أركـــــــــان عقـــــــد التحكيـــــم

يعتمد عقد التحكيم على ركني الإيجاب والقبول وهنالك شروط ينبغي توافرها:

1- توافق الإيجاب والقبول على محل العقد.

2- أن يكون محل العقد قابلاً للتعاقد شرعاً.

3- أن يكون العاقدُ مؤهلاً للتعاقد.

4- وجود خصومة.

5- أن يقرّ القانون بجواز التحكيم.

6- عدم تعارض موضوع التحكيم مع النظام العام.

 

وسائـــــــل الإثبــــات في التحكيـــــم

يعتمد المحكم في إصدار قراره على وسائل لإثبات الحق ومنها:

1- الإقرار والاعتراف – أي اعتراف من قبل احد الأطراف بما له وما على خصمه.

2- الشهادة والأدلة المقدمة من قبلهم.

3- اليمين (البيّنةُ على من ادعى واليمينُ على من أنكر).[2]

 

مزايـــا التحكيــــــــم

1- انه استثناء من قاعدة الاحتكام إلى القضاء وبذلك يسهل تبسيط الإجراءات ويُسرع في إصدار القرار بعيداً عن إجراءات روتين المحاكم.

2- التحكيم لا يخلو من عيب عدم التزام الأشخاص الذين التجأوا إليه وتعرض نتائج التحكيم على المحاكم للبت فيه.

3- التحكيم، كأي عقد، يخضع لسلطة القانون المدني وقانون المرافعات من حيث الآثار والتنفيذ رغم انه استثناء على القانون.

4- التحكيم في الأصل اختياري.

5- التحكيم يختلف عن الخبرة حيث أن المحكم يقوم بوظيفة القضاء ويحسم النزاع ويفرض رأيه عليهم بينما يبدي الخبير رأيه فقط.

6- التحكيم يختلف عن الصلح، فالصلح عقد يتم بين أطراف الخصومة عن طريق تنازل كل طرف لأخر وغير قابل للتنفيذ ما لم يتم في صورة عقد رسمي بينما التحكيم يقوم بمهمة القضاء والمحكم يصدر حكماً يقبل التنفيذ بأتباع القواعد العامة.  ومن ناحية أخرى، حُكْمُ المحكمة قابل للطعن بطرق الطعن في حين أن الصلح يلزم أطرافه وغير قابل للطعن.

7- التحكيم يختلف عن الوكالة – إن المحكم يتصف بالاستقلالية عن الخصوم بينما الوكيل يستمد سلطاته من الموكل ولا يعمل إلا بما يوكل فيه وتنعدم صفة الاستقلالية بعمله.

 

إجراءات التحكيم في قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 والقانـــــون المدني وقانون 10 لسنــ2005ــة

وضع القانون ضوابط قانونية وشكلية للتحكيم بموجب المواد 251 لغاية 276 والقانون المدني وقانون رقم 10 لســ2005ــنة.

 

وفي المادة 985 وفقراته الخمسة من قانون المدني وردت إحكام عامة في عقد التامين والتحكيم.  كما تطرق القانون رقم 10 لسنة 2005 المادة 79 فقرة 3,2,1 إلى أعمال التامين والخبراء والوسطاء وأحكام خاصة في الحلول البديلة لمنازعات حملة وثائق التامين بضمنها التوسط والتحكيم.

 

التحكيم في عقود التامين وإعادة التامين

ذكرنا بأن التحكيم معروف في قوانين العديد من الدول ومنها العراق ولا يوجد إشكال في التطبيق في العقود والتي تكون عناصرها وطنية.  إلا أن التحكيم في العقود التي يتغلغل العنصر الأجنبي إليها، مثل عقود إعادة التامين، فالتحكيم في إعادة التامين له أهمية والسبب انه يوفر تسهيلات تتمثل:

 

1- تفادي بطء إجراءات المحاكم.

2- الاقتصاد في النفقات.

3- سهولة اختيار الوقت والمكان المناسبين لطرفي النزاع.

4- الاعتماد على ذوي الخبرة في هذه المجال وهم معروفين دولياً.

 

وللتحكيم في عقود إعادة التامين أهمية أخرى تتمثل بالأمور التالية:

1- الصفة الدولية لعقد إعادة التامين فهو يمارس على نطاق دولي لوجود عناصر دولية أجنبية (محل انعقاد العقد في موقع وتنفيذه في موقع آخر، وان تطبيق القوانين المحلية للدول يؤدي إلى تنازع الاختصاص بنظر النزاع في أكثر من محكمة وهذا يؤدي إلى تنازع القوانين والاختصاص القضائي).

2- عدم وجود نصوص في القوانين المحلية تغطي هذه النزاعات الدولية.

3- طبيعة عقد إعادة التامين التجارية لا تتلاءم في إخضاعها لإحكام القوانين الوضعية للدول ولا تستجيب لطبيعة العلاقات الدولية في مجال أعادة التامين.

 

لهذه الأسباب فقد جرى العمل على تفضيل وسيلة التحكيم في فض النزاعات في تلك العقود.  وبموجب التحكيم يتحرر المحكم من قوانين بلده.  ولهذا السبب نؤكد على شركات إعادة التامين التمسك بالتحكيم بدلاً من إجراء التسوية الودية التي تستدعي نفقات الإيفاد والمفاوضات في الخارج.

 

ولغرض تفعيل شرط التحكيم في عقود إعادة التأمين يجب أن يتضمن هذا الشرط على اختيار عدداً وتراً من المحكمين وكل اتفاق خلاف ذلك يجعل الشرط باطلاً.  وقد أصدرت محكمة التمييز قراراً بهذا الشأن في 14/11/1973 واعتبرت هذا الحكم وجوباً وعاماً ومطلقاً في جميع القضايا المدنية والتجارية.  واشترطت المادة 252 من قانون المرافعات أن يكون شرط التحكيم مكتوباً وبشكل اتفاق خاص منفصل عن تنفيذ الشروط، وهذا ما نصت عليه المادة (985) فقرة 4/مدني.

 

قد يختلف البعض في هذا الرأي ويدعي بان المادتين وضعتا لحماية الطرف الضعيف، وان الطرف في عقد التحكيم في إعادة التامين هي الشركة المسندة وهي متكافئة مع المعيد ولا ينطبق عليها هاتين الحالتين.  نقول أننا إزاء نصوص قانونية والأمر متروك لما يتخذه القضاء من قرار فيما لو عرض نزاع بهذا الموضوع.  وهذه الحالتين اخذ بهما القضاء الأجنبي إلى جانب القضاء العراقي.

 

وهنالك مسألة مهمة ينبغي أن تأخذ بها شركة إعادة التامين العراقية في اتفاقياتها مع المعيد الأجنبي.  وهي أن تضع شرطاً في الاتفاقية تلزم بها المعيد الأجنبي بالتعويض في كل الأحوال عند صدور قرار حكم قضائي عراقي قطعي مستند على رأي خبراء متضمن من ثلاثة إلى سبعة خبراء يلزم فيها شركة الإعادة العراقية بالتعويض للشركة المسندة (شركة التامين) وبالتالي يلزم المعيد الأجنبي بالتعويض في مثل هذا القرار دون المماطلة والتحجج بأي ذريعة، حفاظاً على حقوق شركات التامين المحلية والزبائن المؤمن لهم من العراقيين وضماناً للمال الوطني العام.

 

تنفيــــــذ قرارات التحكيـــــم المحليــــــة

لا يوجد إشكال في تنفيذ قرارات التحكيم المحلية لأنها حددت – كما ذكرنا- إجراءاته بالمواد 251 إلى 276 من قانون المرافعات المدنية 83 لسنـ1969ـة لان أطرافه وطنية.  وهناك أمثله عديدة من تعويضات حسمت بالتحكيم دون إشكال.

 

 

تنفيــذ قرارات التحكيـــم الأجنبيـــة (حول عقـود إعــادة التامين)

هنا تثار جوانب عديدة تعرقل التنفيذ لها علاقة بتعدد جنسيات أطراف العلاقة وتعدد القوانين الوضعية وتنوعها في الدول وما يلحق بها من تنازع الاختصاص القانوني والقضائي.  لذا لا يمكن أن تكون قيمة قانونية لشرط التحكيم في إي اتفاقية أو عقد ما لم تكن هنالك الوسائل الفعالة لتنفيذ القرار الذي يصدر من هيئة التحكيم.  ومنها ضرورة وجود اتفاقيات وبروتوكولات دولية تنظم أحكام التحكيم التجاري والدولي.

 

لابد للمتعاملين في مجال العقود الدولية من التأكد أو حث حكوماتهم على انتماء دولهم إلى تلك الاتفاقيات التي تسهل تنفيذ قرارات هيئات التحكيم الأجنبية مثل تثبيت هذه الشروط في اتفاقياتهم.  للأسف فإن المتخصصين ذوي العلاقة في هذا المجال ينتظرون حكوماتهم إن تبادر للانضمام.  كيف يحصل ذلك ما لم يبادر ذوي الاختصاص والمستشارين على حث الحكومات.

 

المعاهــــدات والاتفاقيـــــات والبروتوكولات التي تنظــــم التحكيم التجـاري الدولي

1- بروتوكول جنيف عام 1923 صادق عليه العراق بالقانون رقم 34 لسنـ1928ـة في المواد 3, 2, 1.  بالنسبة للعراق فانه لا يجعل من الممكن تنفيذ القرارات التحكيمية إلا إذ كانت صادرة في الأراضي العراقية.  ويتبع ذلك أن يكون متخذاً حسب القانون العراقي وان يجري تصديقه من محكمة عراقية.

2- اتفاقية نيويورك في 10 حزيران 1958 لم ينضم العراق إلى هذه الاتفاقية لحد الآن.  وبمقتضى هذه الاتفاقية فإنه يمكن الاعتراف بحكم التحكيم الأجنبي وينفذ عند طلب تنفيذه في غير الدولة التي صدر الحكم في أراضيها، أي تلتزم الدول المنضمة إلى هذه المعاهدة بتنفيذ قرارات التحكيم الصادرة في خارج أراضيها وفي دولة أخرى وتلغي هذه المعاهدة في مادتها 7 فقرة 2 بروتوكول جنيف حول التحكيم لسنــ1923ــة.

3- اتفاقية تنفيذ الأحكام بين محاكم جامعة الدول العربية.  صادق عليها العراق بالقانون رقم 25 لسنــ1956ــة وبموجب هذه الاتفاقية فانه يمكن تنفيذ قرارات الهيئات التحكيمية في دعاوي المال الصادرة في إحدى دول الجامعة العربية على أن تصدر المحكمة العراقية قراراً ينفذ حكم الهيئة التحكيمية العربية في حالة تثبتها من توفر شروط معينة في قرار هيئة التحكيم التي تنص عليه الاتفاقية.

 

أما من ناحية تطبيق التحكيم الدولي في إعادة التامين فلم نطلع على إي حالة بهذا الشأن، ولم تتضمن عقود إعادة التأمين على التحكيم.  وقد جرت العادة على إجراء التسوية الودية مع المعيد في حالة نشوء خلاف أو نزاع حول تسوية التعويض.  وفي رأينا ان اتباع التحكيم في تلك العقود هي أفضل من أجراء التسوية الودية، والتحكيم يعزز موقفنا خاصة وان التحكيم له ميزة الاستقلالية في العمل والمحكم الأجنبي غير مقيد بأي قانون محلي أو أجنبي، وهذا ما أقرته قوانين جميع الدول وبضمنها القانون العراقي.  إضافة إلى ذلك يؤدي اللجوء إلى التحكيم إلى تقليل النفقات.  والمعروف عن المعيد الأجنبي انه يتحكم بشركات التامين المسندة في حالة إصدار الوثائق ووضع شروط تعسفية.  ترى كيف الحال عند التعويض؟

 

الخـــــــاتمـــــــــة

إن المعرفة النظرية والقانونية بأمور التامين وإعادة التامين مهمة في حد ذاتها ولكنها ليست كافية لوحدها إذ يجب أن تقترن بالممارسة.  وهذا التقييم يسري على عقد التحكيم وتطبيقاته في الحياة العملية ضمن البيئة العامة للعلاقات القانونية بين المؤمن لهم وشركات التأمين وإعادة التأمين.  إن الكتابة عن التحكيم تستدعي الغور في التشريعات ومحيط القانون المدني والمرافعات.  فالتحكيم لفض المنازعات هو استثناء من القاعدة الأصلية، وهي اللجوء إلى القضاء.  أتمنى لذلك، أن يساهم زملائي الفنيين والقانونيين في موضوع هذه المقالة لاستكمال الصورة والإضافة إليها.

 

المصـــــــــادر

د. قحطان الدوري، عقد التحكيم في الفقه الإسلامي (وزارة الأوقاف والشؤون الدينية/إحياء التراث الإسلامي)، 1985، ص 50، 60.

 

بديع السيفي، الوسيع في التامين وإعادة التأمين، ج 1 (بغداد: د. ن.، 2006)، ص 400-409.

 

بديع السيفي، “نافذة على قرارات التحكيم”، رسالة التأمين، العدد 38، 1969.

 

هاني النقشلي، “التحكيم في عقود إعادة التأمين”، رسالة التأمين، العدد 83، 1979، ص 12.

 

خالد عيسى طه، “فقه التحكيم وآثاره القانونية”، مجلة القضاء، ص 10.  المقالة المتوفرة لدينا مستنسخة من مجلة القضاء، ولا يرد فيها عدد المجلة وسنة النشر.  والمجلة مسحوبة من المكتبة ولم تعاد، لذلك لم يتسنَ لنا توفير بيانات النشر.  وهي نقلاً عن المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنـ 1969ـــــــة وفيها مقتبسات من مصدر LaBelle في التحكيم، ص 76 ألفريد برنارد رقم 153.

 

القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951.

 

قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 وتعديلاته.

 

 

 

 

 

وليد جاسم القيسي

بغداد 6 حزيران 2013


[1]سورة المائدة، الآية 49.

[2]وهي من الأقوال المنسوبة إلى قس بن ساعدة الإيادي (توفي نحو 600 للميلاد).  ويرد أيضاً في حديث عن النبي محمد أنه قال: “لو يُعطى الناس بدعواهم لأدعى ناسٌ دماءَ رجالٍ وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه.”  وفي شرح هذا الحديث يقول العسقلاني: “الحكمة في ذلك لأن جانب المدعي ضعيف لأنه يقول خلاف الظاهر فكُلِّف الحجة القوية وهي البيّنة لأنها لا تجلب لنفسها نفعاً ولا تدفع عنها ضرراً فيقوى بها ضُعف المدعي، وجانب المُدعى عليه قوي لأن الأصل فراغ ذمته فاكتفي منه باليمين وهي حجة ضعيفة لأن الحالف يجلب لنفسه النفع ويدفع الضرر فكان ذلك في غاية الحكمة.”

أنظر: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، فتح الباري شرح صحيح البخاري (القاهرة: دار الريان للتراث، 1986)

http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=52&ID=4856

(المحرر)