Insurance & Development of Banking Services


التأمين واهميته في تطوير الخدمات المصرفية

 

 

سعدون مشكل خميس الربيعي

 

 

المصارف وشركات التأمين مؤسسات مالية تلعب دوراً مهماً في تطوير القطاع المالي، وذلك من خلال توفير قنوات لتجميع وتدوير الأرصدة النقدية المتجمعة لديها (كودائع وأقساط تأمين) لأغراض استثمارية والمساهمة في رأسمال شركات تجارية وصناعية وكذلك العقارات.

 

ويلعب التأمين دورا ايجابيا فاعلا في تنشيط القطاع المصرفي وسوق الأوراق المالية.  وفي أسواق التأمين المتقدمة تلعب شركات التأمين دوراً مهماً في توفير المرتبات التقاعدية.  وفيما يخص موضوع هذه الورقة فإن الإمكانية متوفرة لدى شركات التأمين العراقية للعمل مع القطاع المصرفي لتوفير حماية تأمينية لأخطار الائتمان للقروض الممنوحة، على سبيل المثال، وتوفير الاغطية التأمينية الأخرى حسب الحاجة على ضوء المتغيرات الاقتصادية وتطور الأدوات المالية.  ويمكن للقطاعين المصرفي والتأميني التعاون على تطوير اساليب العمل المشترك وفق منهجية واضحة وشفافة تعود بالنفع الاكبر للمصارف والزبائن معاً.

 

شهدت السنوات الماضية تعرض العديد من المصارف في الدول المتقدمة إلى أزمة سيولة  تبعتها أزمة العجز المالي السيادي لبعض الدول.  مثل هذه الأزمات لها انعكاساتها الخطيرة على المصارف العربية وخاصة الخليجية منها.  فلأزمة المالية الكبيرة الني بدأت في 2008 حفزت المصارف الاجنبية والعربية لعقد مؤتمرات دولية لتدارك آثارها ومنها مؤتمر القمة المصرفية الدولية في لندن يوم 25/6/2009 الذي انعقد تحت شعار “استراتيجيات ما بعد الازمة.”  وقد حضرها د. سنان الشبيبي، محافظ البنك المركزي العراقي، وكبار المسؤولين الماليين من الدول الاوروبية والعربية.  وصرح في حينه لمجلة “البيان الاقتصادية” بعددها 452 في شهر تموز 2009 “ان تأثر القطاع المصرفي العراقي (المحلي) من جراء الازمة العالمية كان بسيطا وغير مباشر وذلك لعدم امتلاكه المنتجات الحديثة وعدم انخراطه في العلاقات المصرفية الدولية المؤثرة.”  ولفت الانتباه الى ان المصارف العراقية تحتاج الى امرين: الوضع الامني من جهة وظروف السوق من جهة ثانية، مؤكدا على ان المصارف العراقية مندرجة تحت سلطة البنك المركزي العراقي وشروط التوسع خارج بغداد تتمثل بدراسة الجدوى الاقتصادية ورأس المال وخطة عمل واضحة لفترة محددة اضافة الى المعاملات الروتينية.

 

وللأسف غاب عن ذهن المحافظ او نسي او تناسى دور التأمين وما يوفره لهذه المصارف من ضمان وخدمات تأمينية تسهم في تقليل مخاطرها وتوفير الحماية لها ومنها اخطار الائتمان ومخاطر التعثر في تسديد القروض وعدم قدرة المقترض على الايفاء بالتزاماته المالية.  وكما هو معروف فإن المصارف تتعرض لجملة من المخاطر ومنها:

 

* مخاطر سعر الصرف الناتجة عن التعامل بالعملات الاجنبية.

* مخاطر سعر الفائدة واحتمال ارتفاع وانخفاض معدلاتها لأنها متغيرة.

* مخاطر التسعير الناتجة عن المتغيرات في اسعار الاصول ومنها محفظة الاستثمار.

* مخاطر قانونية متمثلة بعدم التزام بعض المصارف بالقوانين والتعليمات ومخالفتها.

* مخاطر تشغيلية كالاخطار البشرية والفنية الناتجة عن الغش والاحتيال والتزوير والسطو، ومخاطر فنية كإدخال معلومات غير صحيحة في الحاسوب والسجلات[1]

 

ليست كل هذه المخاطر قابلة للتأمين لكن التعاون والتنسيق المشترك بين المصارف وشركات التأمين يساعد في التوصل إلى توفير الحماية التأمينية اللازمة.  وهذه الحماية تساعد في التخفيف وطأة المخاطر وتحقيق الاستقرار المالي للمصارف مع مراعاة تنشيط آليات العمل الرقابي والاداري وتطوير عملها لحماية القروض وتأمين استردادها (وهو ما يندرج تحت مفهوم إدارة الخطر).

 

ولهذا وفرت شركات التأمين العامة والخاصة منتجات تأمينية تناسب عمل المصارف ومنها الوثيقة المصرفية الشاملة ووثيقة التأمين على الاعتمادات المستندية لتأمين البضائع المستوردة او المصدرة  (التأمين البحري – البري – النهري – الجوي).

 

وما يؤسف له ان الكثير من زبائن المصارف من المستوردين يؤمنون لدى شركات تأمين اجنبية وحرمان شركات التأمين العراقية من موارد مالية كبيرة متمثلة بأقساط التأمين.  وهذا ما يتطلب من وزارة المالية – ديوان التأمين – اصدار تعليمات الى كافة الوزارات والمؤسسات ودوائر الدولة والمحافظات والجهات الرسمية الاخرى بأن يكون التأمين حصراً لدى شركات التأمين العراقية العامة والخاصة على حد سواء.  مع تأكيدنا على ضرورة تعديل قانون تنظيم اعمال التأمين رقم 10/2005 وما تضمنه من مثالب لا تخدم اهداف شركات التأمين.

 

كما ندعو البنك المركزي العراقي الى حث المصارف لتوفير الحماية التأمينية لأموالها وموجوداتها وموظفيها وزبائنها بالتعاون والتنسيق مع شركات التأمين العراقية، وكذلك تشجيعها للمساهمة في رؤوس اموالها، وبالمقابل مساهمة شركات التأمين في رؤوس اموال المصارف الاهلية.  مثل هذا الاستثمار سيساعد المصارف وشركات التأمين في تحقيق تعليمات زيادة رؤوس الاموال.

 

وخلاصة الموضوع ان قطاع المصارف وقطاع التأمين يسهمان في عملية التنمية الاقتصادية من خلال الأرصدة المتجمعة لديهما.  كما يبرز دور التأمين في تراكم رأس المال وتوظيفه في معالجة الآثار الاقتصادية الناجمة عن الاخطار التي تتمثل في التعويض عن الخسائر المادية غير المتوقعة التي تلحق بمؤسسات الدولة ومنشآتها والشركات والافراد.

 

سعدون مشكل خميس الربيعي

المدير المفوض، الشركة الاهلية للتأمين

ممثل القطاع الخاص لشركات التامين في لجنة القطاع الخاص في مجلس الوزراء

عضو مجلس إدارة جمعية التأمين العراقية

 

بغداد 4 تشرين الأول 2012


[1] هيام تكليف الربيعي، التامين من مخاطر القروض المصرفية، دراسة استطلاعية لشركة التامين الوطنية ومصرف الرافدين، أطروحة ماجستير مقدمة لنيل شهادة الدبلوم العالي، (المعهد العالي للدراسات المحاسبية والمالية، جامعة بغداد، 2010).

 

Post a comment or leave a trackback: Trackback URL.

أضف تعليق