Note on Misbah Kamal’s article on not insuring armoured vehicles


رفض تأمين السيارات المصفحة

هامش على مقالة مصباح كمال

 

 

سعدون مشكل الربيعي

 

 

كان زميلنا مصباح كمال قد أرسل بتاريخ 5 آذار 2012 مسودة مقالة قصيرة لأعضاء هيئة تحرير مرصد التأمين العراقي بعنوان قائم على تساؤل مُتشكك: “رفض تأمين السيارات المصفحة لأعضاء البرلمان العراقي؟” عرض فيها وضعاً مُتخيلاً، رغب أن نطلع عليها ونعلق عليها قبل نشرها في المرصد.

 

أراد زميلنا في مقالته ليس مجرد إثارة الانتباه إلى موضوع السيارات المصفحة بحد ذاتها بل التنبيه إلى مكانة مؤسسات التأمين العراقية ودورها التي يمكن أن تلعبه في الحياة العامة، وهو ما دأب بالكتابة عنه دفاعاً عن تاريخ ومصالح شركات التأمين العراقية.

 

برأي ان ما أثاره زميلنا يشكل جانباً مهماً قد يكون الكثير من المسؤولين المتصدرين في ادارة الدولة غافلين عنه، ولا يدخل في تفكيرهم لا بل هم يتجاهلون دور قطاع التامين واهميته الكبيرة في المساهمة في عملية التنمية المستدامة.  وما ورد في المقالة حول شراء السيارات المصفحة لأعضاء البرلمان يجسد فعلاً عملية اهدار كبير للمال العام والذي يفترض ان يسخر لرخاء وخدمة الشعب العراقي، وتعويضه عما اصابه من مأسي وويلات وحرمان، وسوء في الخدمات وتردي في الاحوال المعيشية.  هذه المقالة وما تضمنته حريٌ بنشرها[1] وترويجها تعزيزاً لدور قطاع التامين وتضامنه العادل مع مطالب الشعب، وجرساً يحذر الاخوة والاخوات البرلمانيين ممن صوتوا على قرار شراء هذه السيارات بعدم الاستخفاف بمشاعر من انتخبهم واوصلهم لهذه المواقع المتقدمة في الدولة.

 

الدعوة المتخلية لرفض التأمين على السيارات المصفحة قابلة للنقاش في ظل بنية سوق التأمين القائمة.  واعتقد ان الشركات العامة للتامين، اذا ما صدر لها الايعاز من الوزارة المعنية (وزارة المالية) بتوفير الغطاء لتامين السيارات المصفحة، لا تتردد في ذلك كونها شركات تابعة للدولة وتنفذ ما يصدر من الوزارة من توجيهات.  اما شركات التامين الخاصة، وحسب تقديري الشخصي، فإنها تستطيع، منفردة او مجتمعة، اتخاذ موقف تضامني بعدم توفير غطاء تأميني للسيارات أثناء الشحن البحري من بلد المنشأ أو بعد وصولها إلى العراق واستعمالها.  لا بل أن هذه الشركات تستطيع الرفض على أساس فني سيما وان اتفاقية السيارات (بين شركات التأمين وشركة إعادة التأمين العراقية) لتأمين خطر الارهاب تضع الحد الاقصى للسيارة الواحدة بمبلغ 10 مليون دينار (لثلاثة سيارات) وان احتفاظ الشركات لحسابها الخاص هو 40% وحصة شركة الاعادة العراقية 60% وهي مبالغ زهيدة جداً قياساً بسعر السيارة المصفحة التي تقدر بحدود 200 مليون دينار للسيارة الواحدة.

 

أما موقف جمعية التأمين العراقية من مجالات النشاط في الحياة العامة فإنه يكاد ان يكون غائباً كلياً عدا الانشطة المجتمعية للبعض من النشطاء في جانب ما يكتبون في الصحافة وحضور المنتديات والمؤتمرات والمشاركة في الندوات الاقتصادية والسياسية.  كما لا اعتقد ان الجمعية، إذا ما استمرت على وضعها الحالي، سيكون لها دوراً فاعلاً في الحياة العامة عدا ما يقوم به البعض من الزملاء ومن ضمنهم انا في مجال إبراز موقع التأمين في الحياة العامة.

 

ان تعليمات وزارة التخطيط والتعاون الانمائي رقم 1 لسنة 2008 المادة 9 الفقرة ب حول الاعتمادات المصرفية سمحت للمجهز الاجنبي التامين على البضائع خارج العراق على أساس الكلفة والتأمين والشحن (CIF) وهذه، رغم ما يقال في تبريرها، نقمة وليس نعمة ولم تكن فضلاً للتاجر والمؤمن العراقي وانما شراً وسلباً لحقوق شركات التامين العراقية وتسريباً لمبالغ مالية كبيرة (اقساط التامين) وحرمان شركات التامين العراقية منها.  إن أحد أسباب ضعف قطاع التأمين العراقي وتطوره البطيء هو هذه التعليمات وبعض أحكام قانون التأمين لسنة 2005.

 

اعتقد ان هذه الصفقة لشراء السيارات ستمرر (وﭼن خالك لا يسمع ولا يقرأ)، ويا ليت لو لم تمرر، مع احتمال ان يُغيّر اسم المستفيد من هذه المصفحات من اعضاء مجلس النواب الى خدمات رؤساء الدول وممثليهم ممن يحضرون مؤتمر القمة العربية.  والايام القادمة ستكشف ما يطبخ خلف الكواليس.  والله في عون الفقراء والمعوزين وساكني بيوت الطين والصفيح والقصب والبردي.  وصح المثل (ناس تاكل دجاج وناس تتلگه العجاج).

 

بغداد 7-3-2012


[1] كتبنا هذا التعليق أصلاً كرسالة جوابية لزميلنا مصباح كمال قبل أن ينشر مقالته.

Post a comment or leave a trackback: Trackback URL.

أضف تعليق