Notes on New Insurance Regulations in Kurdistan


التأمين في كردستان العراق

ملاحظات حول توجيهات اللجنة المشكلة في إقليم كردستان لتنظيم عمل شركات التأمين الجديدة

 

 

مصباح كمال

 

 

الخلفية

كنت قد كتبت دراسة بعنوان “ملامح من محنة قطاع التأمين العراقي” أرسلت مسودتها للزميل العزيز المحامي منذر الأسود للإطلاع عليها وإفادتي بملاحظاته قبل الإقدام على النشر.  وقد تفضل بالتعليق، المنشور في هذه الورقة، وأرفقَ ورقة مصورة من ثلاث صفحات تحمل عنوان “توصيات اللجنة الموقرة” والمعني بها لجنة مشكلة في إقليم كردستان العراق مختصة بالنشاط التأميني في الإقليم ويبدو أنها تمارس الوظيفة الرقابية على هذا النشاط.

 

ونظراً لأهمية توصيات هذه اللجنة فيما يخص العمل التأميني في الإقليم ومستقبل التوجهات لتعزيز سوق تأميني عراقي اتحادي أرتأيت أن أكتب ملاحظاتي لإثارة النقاش حول التوصيات والمساهمة في تكوين سياسة تأمينية من منظور النظام الاتحادي قيد التشكل.

 

الجواب على الرسالة

وأقدم هنا ملاحظاتي بصيغة جواب على رسالة الزميل الأسود.

 

عزيزي منذر

 

تحية طيبة

 

أشكرك على رسالتك ومرفقها: توصيات اللجنة المشكلة في إقليم كردستان لدراسة نظام الرقابة على النشاط التأميني في الإقليم.

 

لم أطلع على ملاحظات زميلنا العزيز فؤاد شمقار (تسع صفحات مؤرخة في 6/7/2011) التي قدمها لرئيس مجلس وزراء حكومة الإقليم.  ولا أعرف من هم أعضاء “اللجنة الموقرة” وهل تضم عضواً محنكاً في شؤون التأمين.  لعل زميلنا شمقار يستطيع تعريفنا بأعضاء اللجنة وبالدراسات التي قاموا بها قبل الإقدام على نشر توصياتهم.  ويبدو لي أن عمل الجنة اقتصر، لحد الآن على إصدار “توصيات” إلى طرف ما – ربما هو مجلس وزراء الإقليم أو وزير مالية الإقليم أو لجنة مختصة في برلمان الإقليم.  وبما أن ما خرجت به اللجنة هي توصيات يظل هناك بعض المجال لشمقار وصحبه في مناقشة هذه التوصيات خاصة وأنه قد كتب دراسة قيمة عن رغبة سلطات الإقليم في الإشراف على النشاط التأميني.[1]  وكنت قبل ذلك قد كتبت دراسة حول ضوابط تنظيم الرقابة على التأمين في الإقليم[2] وذكرت غير مرة مسألة تكوين السوق الوطني الاتحادي.

 

الملاحظات

لي بعض الملاحظات الأولية على هذه التوصيات أقدمها حسب تسلسها الوارد في التوصيات.

 

لا تحمل هذه التوصيات تاريخاً وهو ضروري من باب التوثيق.  ربما كانت التوصيات مُرفقة بمذكرة أو كتاب يحمل تاريخاً معيناً.

واجبات اللجنة

 

  1. ورد ضمن واجبات اللجنة في الفقرة رقم 4 إشارة إلى “المديرية العامة للتأمين” دون تحديد الجهة التابعة لها، وفي ظني أنها تابعة، أو ستكون تابعة، لوزارة مالية الإقليم.  وفي نفس الفقرة تتحدد الوظيفة الرقابية بفحص التقارير نصف السنوية لشركات التأمين، وهذا ليس كافياً ومن المناسب أن يقترن بالكشف الميداني والإطلاع على السجلات الحسابية، وتدقيق ملفات تنتقى عشوائياً للتأكد من سلامة الإجراءات ابتداءً من تقديم طلب التأمين ولحين إصدار وثيقة التأمين .. الخ.
  2. فتح معهد تدريبي (الفقرة 5 من واجبات اللجنة) مشروع طموح ربما ينقصه التفكير بالكلفة الاقتصادية والكادر التدريبي ولغة التدريب التي ستعتمد.  وليس من المعروف إن خطر على بال اللجنة التفكير بمشروع اتحادي للتدريب.  النظام الاتحادي لا يزال قيد التشكل إلا ان الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم لا تعملان على تعزيز هذا النظام.  وقد ذكرت بعضاً منه في “ملامح من محنة قطاع التأمين العراقي”
  3. تأخذ اللجنة على عاتقها في الفقرة 6 “إقتراح إلزامية الأنشطة المطلوبة للتأمين” مما يعني أن أنواع محددة من الحماية التأمينية ستكون إلزامية.  وليس معروفاً إن كان هذا الاقتراح ينصب على تأمين المسؤولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات.  وإذا كان هذا أحد أنواع التأمين الإلزامي أليس من المناسب التفكير باستعادة تطبيق قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات رقم 52 لسنة 1980 وتعديلاته (الذي توقف منذ تجميد النظام الدكتاتوري السابق لعمل المؤسسات الرسمية ومنها فروع شركات التأمين العاملة في الإقليم سنة 1991) أو ربط التطبيق بتعديلات جديدة تتناسب مع النظام الاتحادي.
  4. هناك مديرية عامة للتأمين ولجنة.  ترى أيهما صاحب القرار بشان إلزامية التأمين على سبيل المثال.  وأيهما يمارس الوظيفة الرقابية (الفقرة 4 تحيل الرقابة إلى المديرية والفقرة 6 تحيل إلزامية التأمين إلى اللجنة.  يبدو لي أن هناك تداخلاً بين الاثنين، وقد يكون هناك سبب سياسي وراء الدور المنوط باللجنة.

الشروط العامة لمنح ترخيص الشركات وفروع أنشطة التأمين

 

  1. نفهم من الفقرة 1 أن اللجنة هي الدائرة الرقابية المختصة بمنح التراخيص لكن الرقابة الدورية على الشركات المرخصة هي من اختصاص المديرية العامة للتأمين (الفقر 4 من واجبات اللجنة).  هذه ازدواجية غير مبررة وكان بالإمكان الاستفادة من نظام ديوان التأمين العراقي.
  2. الرسم المفروض على طالب الترخيص فيه مغالاة، وقد يعود السبب إلى الحد من عدد شركات التأمين، أو ضمان تقسيم “كعكة” سوق التأمين في الإقليم بين الشركات القائمة (وهو ما يُعرف بلغة الاقتصاد باحتكار القلة) وبعض هذه الشركات تجمع بين المال والسياسة.  أو أن السبب هو تعظيم الموارد المالية لحكومة الإقليم وعدم الاكتفاء بحصتها (17%) من ميزانية الدولة العراقية.
  3. اشتراط تسديد شركة التأمين المرخصة 20% من “مجموع الأرباح الكلية” المتحققة أتاوة عقابية إذ أن شركة التأمين مطالبة أيضاً، بقوة القانون، تسديد ضريبة الدخل.  وأرى السبب فيما ذكرته أعلاه: تعظيم الموارد المالية لحكومة الإقليم.  وليس واضحاً ما المقصود على وجه الدقة بمجموع الأرباح الكلية: أهي الأرباح الإجمالية أم الأرباح الصافية.
  4. تشغيل 50% من سكنة الإقليم شرط مهم ولنا أن نبرره لكنه لا ينسجم مع توجهات اقتصادية أخرى لحكومة الإقليم كما هو الحال مع قانون الاستثمار الذي يعطي للمستثمر حرية الاستخدام.
  5. اشتراط رأسمال خمسة وعشرون مليار دينار قد يراد منه الحد من عدد شركات التأمين وغيره مما ذكرناه أعلاه (الفقرة 2).
  6. مجالاات التأمين.  بموجب هذه الفقرة تمارس اللجنة وظيفة رقابية.  تكييف مجالات التأمين بالـ “الإمكانيات المادية والبشرية” للشركة أمر مفهوم، لكننا لم نفهم ما المقصود أن مجالات التأمين تحددها اللجنة “على ضوء مجالات العمل للشركة” إذ أنه ليس إلا حشواً.  أما تحديد مجالات العمل حسب “حاجة الإقليم لها” فهو أمر قابل للنقاش.  فالاقتصاد الذي تدعو له حكومة الإقليم يقوم على الليبرالية (ما يسمى بالاقتصاد الحر أو اقتصاد السوق).  لكن هذه الليبرالية، في الممارسة، خاضعة للقرار السياسي.  وبدلاً من ترك السوق لتقرير الحاجات تقرر الحكومة من خلال اللجنة ما هي حاجة الإقليم.

 

المعلومات والبيانات المطلوبة من الشركة طالبة الترخيص الأجنبية

 

يبدو لي أن الفقرات الإثنتي عشرة تنصب على معلومات عن الشركة الأجنبية الأم التي ترغب في تأسيس شركة، أو ربما فرع دون أن تذكر اللجنة ذلك، في الإقليم.  ويرد ذكر الفروع تالياً تحت عنوان “المعلومات والبيانات المطلوبة لمنح ترخيص الشركات وفروع أنشطة التأمين المحلية” لكنني لست متأكداً إن كانت عبارة “الفروع” تنصب على فروع الشركات أم فروع النشاط التأميني كالحريق، والبحري، والمسؤوليات .. الخ فالصياغة غير واضحة.

 

المعلومات والبيانات المطلوبة لمنح ترخيص الشركات وفروع أنشطة التأمين المحلية

 

تطلب الفقرة 8 من مقدم طلب الترخيص “بيان أوجه التعاون مع شركات التأمين المحلية العربية والأجنبية.”  هذا الطلب فيه تعميم: هل أن أوجه التعاون تنصب على ما هو آني، وهو غير موجود قبل الترخيص، أم هو تصوري ينصبُّ على المستقبل؟  وهل المقصود بشركات التأمين المحلية العربية تلك القائمة في الإقليم أم في العراق؟  ثم لِمَ لا يُنصُّ على أوجه التعاون مع شركات الـتأمين الكردية المرخّصة في الإقليم تمييزاً لها عن الشركات المرخصة من قبل ديوان التأمين العراقي.

 

ملاحظات أخرى

 

تخلو توصيات اللجنة من أي ذكر للأمر رقم 10 لسنة 2005 (قانون تنظيم أعمال التأمين)، وهو قانون اتحادي من المفترض أن يطبق في عموم العراق.  بعض شركات التأمين في الإقليم تعمل بموجب هذا القانون من خلال ترخيص ديوان التأمين لها.

 

إن كانت نية اللجنة الموقرة تنصب على إهمال الأمر رقم 10 فهل أن النية معقودة على صياغة قانون رقابي للتأمين خاص بالإقليم.  التوصيات لا تذكر هذا الموضوع وكأنه أمر غير مهم.

 

كما تخلو التوصيات من أحكام بشأن قيام شركات التأمين العاملة في الإقليم لإعادة ترتيب أوضاعها ضمن فترة معينة بما ينسجم مع تنظيم سوق التأمين في الإقليم.

 

أخذت علماً باسم شركة الحمراء للتأمين وذكرته في هامش مقالتي “ملامح من محنة قطاع التأمين العراقي” بالإشارة إلى رسالتك.  أشكرك على هذا التوضيح.

 

لندن 19 كانون الأول 2011

 

رسالة المحامي منذر الأسود

 

عزيزي الأخ مصباح المحترم

 

أنا الذي أشكركم على ثقتكم بنا.

 

والله، بعد اطلاعي وقراءتي لمقالتك (ملامح من محنة قطاع التامين العراقي)، قد كفيت ووفيت وأتمنى أن تكون هناك آذان صاغية من أصحاب القرار لما ورد في مقالتكم، بالرغم من وجود معوقات كثيرة ومفارقات ومحن ومن عدة جهات، والإهمال المتعمد في بعض الأحيان.  وكما تقول (هذا الوضع يعكس غياب الرؤية الاقتصادية والسياسات الموجهة، يضاف لها هشاشة الثقافة التأمينية على المستوى المؤسسي والشعبي).

 

برأي أن أساس المحنة هو الأمر رقم 10 لسنة 2005 (قانون تنظيم أعمال التامين).  وأرى أن وزارة المالية ومستشاري مجلس الوزراء والبرلمان هم بعيدين جدا جداً من إعادة النظر بهذا القانون.

 

لقد أشرتم في ص 2 من مقالتكم (محنة التامين في إقليم كردستان العراق)، وأود اطلاعكم على مضمون توجيهات اللجنة المشكلة في إقليم كردستان، وقد بلغ علمي انه أقرت فعلا وإنني اسميها (بالمصيبة والمأساة).  أرفق لكم صورة عن هذه التوصيات وهي توصيات غريبة جدا جداً وتضم مطالب تعجيزية.  اقترح عليكم الاتصال بالأخ  فؤاد شمقار حيث قدم ملاحظاته بتاريخ 6/7/2011 بـ (9)  صفحة إلى رئيس مجلس وزراء حكومة إقليم كردستان د. برهم احمد صالح قبل إقرار التوصيات والتي لم يؤخذ بكل أو بعض مما جاء برسالة الأخ فؤاد شمقار.

 

هذا وقد أشرتم في ص5 بان مجموع دخل أقساط إحدى شركات التامين الخاصة، النشطة، سنة 2010 ما يزيد عن مليار ونصف المليار دينار عراقي.  إن الشركة المقصودة هي (شركة الحمراء للتامين).

وتفضلوا بقبول فائق الشكر والاحترام.

 

المحامي / منذر عباس الأسود

 

بغداد 18/12/2011


[1] فؤاد شمقار: “دستور جمهورية العراق وقانون تنظيم أعمال التأمين ورغبة سلطات إقليم كوردستان في تنظيم القطاع والإشراف عليه” مرصد التأمين العراقي

https://iraqinsurance.wordpress.com/2011/05/10/the-constitution-insurance-law-federal-regional-regulation/

 

[2] أنظر مصباح كمال: “ضوابط تنظيم أعمال التأمين في إقليم كوردستان العراق: ملاحظات نقدية” مجلة التأمين العراقي

http://misbahkamal.blogspot.com/2008/02/blog-post_22.html#!/2008/02/blog-post_22.html

 

Post a comment or leave a trackback: Trackback URL.

أضف تعليق